رواية شط بحر الهوى الفصل الثاني والخمسون
كانت تنظر له بأعين متسعه ، لا تعرف ماذا يقصد بحديثه و لا ما يتوجب عليها فهمه ، كلماته ليست واضحة كشخصيته بالنسبة لها على أي حال.
رفرفت بأهدابها تسأل : أفضل جنبك إزاي مش فاهمه ؟
تنهد بتعب ثم قال : جنبي ، يعني ما تغبيش عن عيني ، فيها ايه دي !
قرب وجهه منها أكثر يسأل: إنتي لسه زعلانة مني ؟
ارتبك قلب زينب المسكينه ، على ما يبدو انه مخضرم و يعرف ما يحدث و كيق يتحدث مع الفتيات ليسرق قلوبهن ببراعه ، و هي على النقيض تماماً لأول مرة تستمع لكلمة لطيفه رجل و يوسف ليس كأي رجل
فتاه الحديث على لسانها و ردت بتوتر : لأ ، بس أصل ..
قاطعها هو مردداً: يا ستي حقك عليا كمان مره ، أنا أصلاً حيوان و متخلف ، بقا في حد عاقل يزعل القمر ده .
تاهت أكثر و أكثر و هو أبتسم بزهو، شعور أنه الشخص الأكثر خبرة و تحكم في تلك العلاقه يعزز لديه الشعور بالنشوة و الفخر ، يراها فتاه لطيفه و جميله تعجبه جداً.
ذلك هو النوع المفضل لديه و ما كان يبحث عنه ، علاقة هو المتحكم الأول و الأخير بها .
مد يده بكياسة يتلمس يدها و هي ذائبه تبتلع رمقها بصعوبه تراه و هو يقرب يدها من شفتيه كي يقبلها .
لتسحب يدها و هي تشهق بفزع، لقد فاجئها ، كل ما تعيشه الآن جديد بل و غريب عليها تماماً.
إبتسم لها قائلاً : هنرجع البيت دلوقتي.
نظرت ببعض الضيق ، يبدو و كأنه يقرر عنها ، أتسعت إبتسامته و هو يردد : في بنوته حلوه زيك كده تسيب بيتها ؟
تذكرت على الفور فعلته و كلامه فتجلى الضيق على ملامحها و قالت : ده مش بيتي أنا ده بيتك أنت.
عض على شفته السفلى و ردد : بيتي هو بيتك يا زينب .
نظرته كانت مريبه ، حتى أنها باتت تخشاه ، فأشاحت بعيناها عنه متهربة تسأل : إزاي بيتك بيتي مش فاهمه؟
كأنها تراوغ؟ تطمع في توضيح أكثر عن موقفه تجاهها .
أبتسم يوسف بكياسة و قال : أممممم ، مستعجلة أنتي أوي ، سبيني أقولك كل حاجة في وقتها عشان كل حاجه في وقتها أحلى.
انهى حديثه بغمزة عابثه جعلتها ترتبك أكثر و تحاول الإنكماش في مقعدها مبتعده عنه مما جعله يضحك مقهقهاً يردد: مش هاكلك على فكره.
صمت و قد ألتمعت عيناه ثم أكمل: على الأقل مش دلوقتي.
أتسعت عيناها بصدمه و قد فزت دقات قلبها و ملامح وجهها تسأل سؤال واحد لا ثاني له.
و لم تستطع السكوت فسألت : يعني إيه ؟
سحب نفس عميق و تنهد بتعب ثم دار عجلة القيادة يقول : ماتسأليش تاني عشان ما تسمعيش رد يصدمك ، خليني أروحك أضمن .
نظرت للأمام تحاول عدم النظر له ، لكنه لم يكن ليتركها و شأنها و إنما جذب ذراعها له يحتضن أصابعها القصيره بأصابعه الغليظه ليزيد قلبها من خفقاته التي ارتفعت حد الجنون و هو يبتسم.
يعشق وضع السيطرة و هو بهذه العلاقة المسيطر ، أو... على الاقل حتى الآن لا يدري ما يخبئه له الزمن .
صباح يوم جديد.
استيقظت نور من نومها تنظر في هاتفها اولاً گ العادة تتصفح مواقع التواصل الإجتماعي
تنهدت و هي ترى أصدقائها ينشرون صور عن رحلتهم الاخيره التي لم يتثنى لها المشاركه فيها بسبب رفض يوسف القاطع لسفر أي من شقيقاته .
لفت انتباهها أجتماع الفتيات حول شاب معين ، يحاولون الإحتكاك به أو جذب إنتباهه لكنه يتفاعل مع الجميع و لا يلتفت لأي منهن .
تنهدت شاردة ثم أغلقت الهاتف و أستعدت كي تدلف للمرحاض تؤدي روتينها لتذهب للجامعة.
ليدق الباب و تدخل زينب التي قالت : صباح النداله .
تهلل وجه نور تردد : زوزو ، جيتي أمتى .
أبعدتها زينب عنها تقول: إلي يشوفك يقول البت قاتله روحها عليا ، بقا انا أبعت لك لوكيشن عشان تعرفي تجيلي تقومي مسلماني لاخوكي ، هي دي الصحوبيه .
لكزتها نور في كتفها تردد بغمزة عابثه: و أنا أعمل ايه ما هو إلي فضل يزن و أنا ما قدرش على زعل جو ، أصل زعله وحش اوي ، بس يعني... واضح إنه طب و لا حدش سمى عليه.
إرتبكت زينب و قالت بتوتر: قص.. قصدك إيه.
نور : و لا حاجة ، حسرة عليا ، إلي ما لاقيه حمار حتى يعبرني ، أمتى الرجاله تبقى أكوام كده عليا و تقتل بعضها عشاني يا رب .
زينب : خلي بالك ، لإبن آدم ثلثي ما قال ، بلاش تتمني حاجه أنتي مش حملها .
للحظة توقف الزمن بنور و شردت ، لكنها عادت تهز رأسها بلا مبالاة و قالت : بقيتي أوڤر أوي يا زوزو ، ما كنتش كلمه يعني ، خلاص كل الي بنقولو بيتحقق ، أوعي كده خليني ألبس .
خرجت زينب من عند نور تغلق الباب متنهده لتقابل نرمين الشقيقة الاخرى ليوسف كانت تخرج من غرفتها تنظر لها بلا سلام أو كلام كل منهما تنظر للاخرى بصمت إلى أن قالت نرمين : إنتي إيه الى رجعك، مش كنتي مشيتي .
نظرت لها زينب بحرج ثم قالت : يوسف إلي جه و رجعني و أنا رجعت عشان خاطره .
نرمين: كمان ، ايه ،هتخطفي أخونا الوحيد كمان.
هزت زينب كتفيها و ردت بلا حيله : أنا ما خطفتش حد .
نرمين : أصلها كانت ناقصه بجد .
صمتت كل منهما على صوت يوسف الذي خرج من غرفته يقول : صباح الخير يا بنات ، وافقين كده ليه ؟
همت لتجيب عليه نرمين تسأله بغضب لما أعادها ليصدمها بصوته العالي و هو يدقق النظر لزينب مردداً من بين أسنانه: إيه إلى أنتي لابساه ده ؟
اشتعل الغيظ بأعين نرمين بينما زينب بدأت تنظر على ملابسها تسأل: ماله ؟!
فرد بغضب : هو إيه اللي ماله ؟ إيه متعوده تلبسي قصير كده يعني ؟
زينب : دي مش ...
قاطعها بصرامة : أنتي لسه هتمشمشي ، روحي غيري يالا .
خرج في نفس الوقت يحيى من جناحه الكبير يسأل بضحكة يجاهد في كبتها : في حاجه يا جو يا حبيبي ؟
يوسف : و لا أي حاجه يا والدي .
ثم إلتف ليرى زينب ما زالت واقفها فهتف بحده : إنتي لسه واقفه ؟أنا قولت إيه ؟ أتفضلي غيري .
همت لتتحرك ليوقفها صوا يحيى : و تغيرها ليه ، دي حتى لايقه عليها أوي.
ضغط يوسف على شفتيه من الغيظ و قال من بين أسنانه : يالا يا زينب .
انتفضت بفزغ و همت لتتحرك ليوقفها مجدداً صوت يحيى : استني بس ، أستني .
وقفت بتوتر ليقترب منها متسائلا : هو مش أنا عمك صاحب أبوكي و مسؤل عنك حالياً ؟ يبقى تسمعي كلامي أنا بس يا حبيبة عمك ، أنا شايف إن لبسك عادي و ما فيش داعي تغيري ، يالا عشان ننزل كلنا على الفطار.
هم ليتحرك و هو يبتسم بإستفزاز ينظر بجانب عينه على إبنه الذى يحترق من الغضب و سأل : فيك حاجه يا جو يا حبيبي.
لم يستطع چو الصمت و قال : ايوه في .
نظر لزينب و قال بأمر: روحي غيري زي ما قولت .
حملق فيه يحيى بإبتسامة سمجه ثم قال : لأ حمش ياض ، خلاص يا زينب روحي .
هرولت زينب سريعاً تختفي داخل غرفتها و دقات قلبها عاليه.
بينما تتقدم يحيى من إبنه مردداً: ما قولت لك أتدخل و أخلص بالأصول .
حاول يوسف مدارت ضحكته و قال : أحممم، مش دلوقتي ، أاا.. يالا بينا عشان نفطر .
أشار لشقيقته التي كانت تتابع كل ما يحدث بعدم رضا لأن تتقدم معهم .
و إلتف ينظر لآخر الرواق حيث غرفة زينب فيقول يحيى : بص قدامك لا تتكفي على بوزك .
حمحم يوسف بخشونه يستدعي ثباته ثم هبط الدرج معهم لكنه مازال ينتظرها و عينه على السلم حتى ظهرت أمامه و قد بدلت تنورتها بالفعل لاخري واسعه و لجوارها نور التي انتهت من تبديل ثيابها هي الأخرى و أصبحت كل منهما مستعده للذهاب إلى الجامعه.
نظر يحيى على أسرته و التي ستكبر بانضمام زينب لهم فعلياً و ليس سورياً بعدما تصبح زوجة إبنه و أبتسم ، أنها الزوجة الصالحة التي لطالما تمناها لوحيده ، ستكن أماً لأحفاد رائعين .
سحب نفس عميق سعيد ثم قال : أنا مبسوط بيكم أوي يا ولاد ، يارب يكمل عددنا كده إن شاء الله بولاد يوسف .
نظر يوسف على زينب التي ارتبكت من نظرات هو و يحيى الذي على ما يبدو يقصدها هي بحديثه عن إنجاب أحفاد .
وقفت سريعاً و قالت بتوتر : الحمدلله ، أنا لازم أخرج دلوقتي.
يوسف : كملي أكلك الأول.
زينب: خلصت و عايزه أخرج.
يوسف : ما أنا لسه ما خلصتش .
كان الكل ينظر عليهم يتابع ما يحدث مما يزيدها إرتباك و توتر فقالت : بالهنا والشفا ، كل براحتك ده انا إلي هروح كليتي.
رفع يوسف حاحبه يقول لها: ما هو أنا إلي هوصلك .
قال ما قاله و كأنه أقر و انتهى الأمر هو يخبرها للمعرفة لا أكثر.
حمحم مكملاً تحت نظرات والده الساخره : أنتي و نور .
نظرت له نرمين و قالت بغيظ مكظوم : طب و أنا ، مش كنت بتوصلني للشغل في طريقك؟
يوسف : أنتي بتعرفي تسوقى خدي أي عربيه من الجراج ، لكن دول بنتين صغيرين مش هينفع.
زاد ضيق نرمين فأضافت : بجد ، على أساس أن نور أول سنه ليها ف الجامعه يعني و لا أنت إلي جد جديد معاك .
نظر لها يوسف بغضب ،شقيقته و يعرفها حق المعرفه ، فإن كانت تريد الفظاظه فهي لها ، حيث نظر داخل عيناها و قال بقوه : أيوه جد جديد معايا ... يالا يا زينب .
شهقت نرمين بصدمه ، كلامه واضح خصوصاً جملته الاخيره ، تلك الحرباء ، لا تطيقها ، قدمت لتسرق شقيقهم الوحيد منهم كلهم .
بينما زينب خرجت خلفه سريعاً تلبية لطلبه و هربا من نظرات نرمين الحارقه .
_______________________
وصلا لمقر شركة لمى التي تطل من نافذة مكتبها تراهما متماغمان كزوجي الكناريا لا تسمع ما يقولانه لكنها ترى هارون يرفع كفها بكفه يتحسسه ثم يقبله.
ابتسمت له غنوة و م تحسست وجهه بكفها تردد بحنان: هتوحشني أوي.
غمز لها هارون قائلا : مش هتأخر عليكي ، هخلص شوية شغل عندي و أرجع لك يا جميل .
ابتسمت غنوة بخفه ثم قالت بقليل من الحزن : هارون ، مش بتفكر تصالح ماجد.
تغضن وجه هارون بالحزن و تنهد تنهيدة حاره ثم قال : نفسي ، بس ماليش عين بصراحه ، مش عارف أوريه وشي بعد اللي عملته .
هزت غنوة رأسها بضيق و قالت: كله بسببي .
زم هارون شفتيه و قال : بصراحه أه ، أنتي أساس كل مصايب حياتي ، من أول القتل لحد أشجان.
ضربته فى معدته بغيظ و قالت: ألا يكون مش عاجبك !
تأوه بعبث و هو يردد : و أنا أقدر ، ده انا حتى ابقى كداب .
رفعت رأسها بفخر ثم قالت : أيوه كده جيب ورا ، و لو على ماجد أنا هتصرف .
هارون : هتعملي ايه يعني ؟
غمزت له مردده : فيروز ، أنت ناسي و لا ايه ؟ شكله بيموت فيها و ليها تأثير خاص عليه .
هارون: يعني أنا البنات هي إلي هتتوسط ما بيني و بين صاحبي ، اطلعي يا غنوة على شغلك .
هزت كتفها و قالت : براحتك ، الحق عليا ، اوعى كده.
أزاحت عنها ذراعه الذي يحتضنها و ابتعدت كي تدلف للداخل ، لكنها ألتفت له و عادت مهروله لعنده تحتضنه مردده : هات حضن ياولا .
ضحك بسعادة و أغمض عيناه يستمتع بغمرتها و قال : بحبك يا بنت الذينا أنتي .
خرجت من أحضانه تردد بشقاوه : أنا إلي بحبك يا إبن الصواف .
سرعان ما احتد صوتها و قالت بأمر : أتحرك يالا من هنا ، أم أربعه و اربعين دي واقفه تبحلق فيك ، يالا .
عض على شفته السفلى يردد بسعادة : بتغيري عليا يا غنوتي .
نظرت له بشر و قالت : عندك إعتراض مثلاً ، يالا اتحرك و لا واقف لها تبص عليك ، إخلص .
زم شفتيه يقول بحزن مصطنع : و أنا اللي كنت عايز أطلع عشان أتكلم معاها في الشرط الجزائي.
غنوة: ما أنت كده كده هتكلمها ، أمال يعني هتسيبني مطمرمطه كده كتير ، بس و أنا معاك ، قاعده على قلبكم ، و هي لازم تعرف إنك بتاعي أنا لوحدي فاهم .
قالت كلمتها الاخيره و هي تصرخ فيه بحده ليهز رأسه مرددا بسعاده و هو يجذبها بإحدى ذراعيه لأحضانه : فاهم ، أنا بتاعك يا ريس .
ضحكت و هي ترفع رقبتها بكبر و حانت منها نظره على لمى التي اغلقت النافذه بعنف و أختفت لتضحك غنوة مردده : هيجرى لها حاجه مني .
هارون : شريره أنتي أوي.
غنوة : و هي غبية و غاوية تبص تحت رجليها .
هارون: مش فاهم قصدك!
غنوة : عندها اكتر من فرصه و باينه للأعمى ، هي إلي الغل ملى قلبها و عماها عن الي بيتمنوا لها الرضا ترضا ، خليها بقا كده لحد ما تخسر كل حاجه.
زفر هارون بضيق و قال : أنا ليه كل ما أقول إني فهمتك ارجع أحس إني مش فاهمك و إنك لغز كبير بالنسبة لي .
ابتسمت له تقول : و لا لغز و لا حاجة ، أحنا بس كبنات بناخد بالنا مش حاجات الرجاله مش بتاخد بالها منها بسهولة ، عشان كده انت مش واخد بالك ، يالا أنت على شغلك عشان تخلص و تروح لماجد .
مال على جبينها يقبله ثم قال مبتسماً: اوكي يا حبيبتي ، مش هتأخر عليكي و هاجي لك عشان أخلص موضوعك مع لمى .
قرصته فى خصره مردده بغل : ما تنطقش إسمها.
تأوه بينما يضحك و قال: حاضر ، متوحشه بس عسل.
ضحكت بأعين تشع انوثه و قالت: طب أمشي بقا بريحة برفانك إلي مسيبه أعصابي دي يالا.
أبتعد عنها يقول : لأ همشي أحسن أنا بقيت أخاف على نفسي منك .
ابتعدت ترفع حاجبها منه بغيظ ثم قالت : بقا كده ، خلاص نرجع للسيستم القديم.
فقال بخوف و لهفه : لا و النبي ده انا ما صدقت ، أنا غلطان ،معقول هتاخدي على كلامي.
هزت كتفها بدلال و هي تغادر مردده : أيوه كده اتظبط ، سلام .
تابعها هارون بأنظاره يردد : سلام يا مهلبيه قلبي .
ألقت له قبله في الهواء فقال : ما أنت كمان ما بحبش البوس على الهوى.
قالت قبلما تختفي : امشي يا هارون .
سحب نفس عميق مليئ بالسعادة التي تضيفها غنوة على حياته بقوه ثم تحرك يعود لسيارته يحركها ليغادر .
_____________________
ترجل من سيارته يغلق أزرار معطفه و يدلف للداخل في ثقة و ثبات يتقدم من مكتب ماجد
وقف ماجد يحاول كظم غيظه يمد يده بالسلام مرددا بابتسامة مجاملة: أهلا مستر فلاديمير .
فلاديمير : أهلاً ماجد .
ماجد : تحب تشرب إيه ؟ قهوة.
فلاديمير : شربات ماجد ، شربات .
ماجد : وات
أبتسم فلاديمير بسماحة و قال : إيه ؟ مش عندكم هنا في الأفراح بتشربوا شربات .
صك ماجد أسنانه خفية و شال: هو في فرح دلوقتي و لا حاجة ؟
فلاديمير: هممم، واضح اني عشان سيبتك تاخد وقتك نسيت ، ايوه في حبيبي ، جوازي من فيروزتي .
سحب ماجد نفس عميق يتحكم في أعصابه قدر المستطاع و هو لا يتحمل إضافة ياء الملكية الخاصة بفيروز تعود على رجل آخر غيره ثم قال: لأ ما نستش ، بس ... هتعمل ايه في الأوراق و انت مش من ديانتها ، بالأساس عيلة الدهبي مش هتوافق تتمم الجوازه من غير دين كده .
ضحك فلاديمير و قال : انت بتنسى ليه حبيبي ماجد ، أوعى تكون بتحب جديد ، أوعى .
صمت كل منهما ينظران لبعض ليضحك ماجد مردداً : شكلي كده فعلاً.
أبتسم فلاديمير ، كان يعلم أن ماجد رجل لا يستهان به و قال: كنت عارف إنك شخص غير عادي ، مش بقولك اصطفيتك ، أنت هتكون زعيم كبير ماجد و مش بعيد ييجي يوم تكون فيه مكاني .
ضحك ماجد ساخراً و هو يهز كرسيه و ردد : معقول ، بتقول إن إلي يمسك شغلكم ده ماينفعش يبطل او يعتزل .
عاد فلاديمير يفرد ظهره للخلف و يضع قدماً فوق الأخرى ثم قال : طالما أنت هتترقى يبقى أنا كمان هترقى حبيبي ، الحياه و الشغل درجات ، و يوم ما انت تاخد مكاني هكون أنا زعيم العالم كله فهمت .
همهم ماجد بصمت فيبتسم فلاديمير مردداً : ساعتها هكون أنا واخد أجازة طويله و أروح جزيرتي إلي مافيهاش أي حد ، اشتريتها عشان تبقى ليا أنا و فيروزه و بس .
ضم ماجد قبضة يده و هو لا يستطيع تحمل الحديث و تخيلات هذا الوغد عن حبيته فيروز ، أبتسم فلاديمير و هو يلاحظ كل ذلك و يمثل التغافل ثم قال : و لو موضوع الديانه هو إلي شاغلك أوي كده ف ماتقلقش أنا عرفت نفسي لمصطفى جد فيروز على أني مسلم ، و عندي أوراق كتير بجنسيات دول كتير و فيها كذا ديانه يعنى no problem .
صمت ماجد لدقيقة كامله ثم قال : عظيم جداً، تحب الفرح يكون اخر الأسبوع؟
انتبه فلاديمير لنبرة ماجد الثابته و نظر له بتوجس و بقى صامت دقيقه يحاول قراؤة افكاره لكن ماجد كان متخذ لوضع الجوكر كي لا تقرأ أفكاره من أعظم خبير للغة الجسد فلم يتمكن فلاديمير من قراؤة أي شيء لكن القاعدة الأساسية في لغة الجسد أن من يتخذ تلك الوضعية فهو يخبئ خلفه كارثه .
لذا وقف فلاديمير بجسد متأهب و قال: آخر الأسبوع ، موافق .
مد يده يصافح ماجد الذي قال : و أنا كمان ، نورت .
خرج فلاديمير من عنده و عقله يعمل في كل الاتجاهات لكن إصطدم كتفه بكتف صلب ، رفع رأسه يرى من يواجهه ليبتسم مردداً : هارون الصواف ، اهلاً و سهلاً.
جعد هارون ما بين حاجبيه ينظر لهذا المجهول ثم ينظر داخل المكتب المفتوح على ماجد و سأله: الباشا يعرفني.
أبتسم فلاديمير إبتسامة مخيفه ثم قال : عز المعرفه ، ده أنت كنت هتبقى مكان ماجد ، لولا عيار النار إلي أخدته قدام المطعم .
أستغرب هارون كثيراً ، من هذا و من أين يعلم بتفاصيل ذلك اليوم ، هل يعرف غنوة و مخططاتها .
و ما أن إلتف حتى يستفير عن كل ما يريد لم يجده بل لم يكن له أي أثر.
دلف لعند ماجد يسأل : مين ده ؟ و عايز منك إيه و لا يعرفني منين ؟ ويعرف غنوة منين ؟
لم ينظر له ماجد و إنما عينه على نقطة وهمية يسأل : ايه إلي جابك.
هارون : جاي لصاحبي .
ماجد: مابقيناش صحاب خلاص ، أنت ناسي إلي عملته فيا .
نظر هارون أرضاً و قال بخزي : عندك حق ، كنت غلطان ، بس بردو دي أول غلطة ليا معاك ، لو إلي بينا كبير يبقى لازم تعديها.
ماجد بجمود : مش كل الغلط بيتعدى .
تنهد هارون بحزن ثم قال : حتى لو أعتذرت لك و قولت لك حقك عليا يا صاحبي .
نظر له ماجد لثواني و لم يتحمل المزيد ، وقف عن مكتبه سريعاً يلقي نفسه في أحضان صديقه مردداً : زعلان منك أوي يا صاحبي ، ليه سبتني للدنيا تلطش فيا و تستفرد بيا ، كنت محتاج لك.
ارتعب هارون من طريقة ماجد في الحديث و ذلك الضعف البادي عليه ، لم يكن هكذا يوماً.
هتف فيه بحده : مالك يالا ، ايه الى حصل ، فيك إيه ، من امتى و انت ضعيف كده .
إلتف ماجد يحاول الوصول لكرسيه ليلقي بجسده المنهك عليه ثم قال : هتحمل أي حاجة في الدنيا يا هارون إلا فيروز ، إلا فيروز يا هارون دي روحي إلي ما صدقت لاقيتها ، مش هقدر أتحمل و مش عارف هقدر أنفذ إلي بخطط له و لا لأ.
زاد قلق هارون و سأله : هو في أيه ، ايه الى حصل في الفتره إلي فاتت و أنا مش عارفه و ايه عرف الراجل ده بموضوع ضرب النار إلي كان في المطعم.
أسبل ماجد جفناه بتعب ثم بدأ يسرد على صديقه تفاصيل الشهران الماضيان و ما سبقهم من أحداث تتعلق به و بمختار .
______________________
لثاني يوم على التوالي و هي أمامه كالفاكهه المحرمه لا يتسطيع الإقتراب منها أو محادثتها ، رغبه بربرية همجية تجتاحه و هي أمامه قريبه بعيده هكذا يوم لو يضمها لأحضانه حتى تتكسر عظامها داخل أضلعه ، لكنه قد سبق و حاول و هي سبق و ابتعدت مختفيه تماماً.
لم يكن أمامه سوى أسوء الحلول و هو أن تبقى أمام عيناه يشبعهم منها حتى لو لن يستطع الإقتراب.
ظل يراقبها من بعيد و هو مسحور تماماً بجمالها الخلاب عيناه ترتكز في كثير من الأحيان على شفتيها و كوب العصير الذي ترتشف منه على مهل بينما تنظر للأمواج بشرود .
هو يظنها شارده و هي بعيده عن ذلك تمام هي فقط تحاول تلاشي النظر لعيناه ، فكلما نظرت له تهاجمها كل ذكرياتها القديمه من زمن بعيد و اوقاتهما معا في الأيام القليلة الأخيرة و كل منهما على النقيض تماماً فيصنع داخلها صراع مرير .
كل ذلك تراقبه كلارا عن كسب ، تقترب منه حتى جلست بجواره ملتصقه به تتمسح فيه بدلال مردده : كنت عارفه إنها مجرد علاقة مؤقته زيها زي كتير غيرها و هترجع لي تاني يا ضياء ، و ساعتها تتأكد أن مافيش حد بيفهك غيري .
نظر لها ضياء بصمت و لم يعلق ثواني و أبتسم و هو يشعر بتغير ملامح چيچي تنظر لهم بغضب صم تبعد عيناها عنهم.
تزداد سعادته أضعاف و هو يستشعر غيرتها عليه لكن لم يدم ذلك و انقلب عليه و هو يرى رائف صديقه يقترب منها و يجلس لجوارها و هو يبتسم لتشتعل النيران داخله .
ظل يهز في قدميه و هو يراها تبتسم له تستمع له بإهتمام شديد .
و هي تبتسم بخبث تعلم أنه يتابعها لكن جذبها حديث رائف الذي سأل مباشرة: إيه إلي بينك و بين ضياء ، أنتو مع بعض ؟
جعدت ما بين حاجبيها و كأن جملته كانت سبة نابيه و سألت : مع بعض إزاي يعني.
غمز لها بوقاحة ثم قال : يعني زي كلارا كده.
وقفت عن مقعدها تقول: أنا مش زي حد و ما حدش زيي .
انتبه ضياء على وقوقفها و تحدثها بحده مع رائف ، أبعد كلارا عنه ليركز فيما يحدث لكنه هم عن مقعده بسرعه و غضب و هو يرى رائف يقترب منها محاولا مسك يدها ثم قال : أهدي بس انا بسأل سؤال عادي و...
كاد ضياء أن يتحرك كي يكسر عظام صديقه لكن توقف و هو يرى چيجي تدفعه بعيدا عنها حتى كاد أن يسقط لولا سطح الطاولة من خلفه.
هرولت مبتعدة تتجه للمصعد و منه للطابق الخامس حيث غرفتها ، تفاجئت بضياء من خلفها يناديها : چيچي .
أسرعت في خطواتها كي تختفي داخل غرفتها لكنه تمكن من اللحاق بها و قبض على ذراعها حتى التفت له فقال : بتهربي مني ليه .
جاوبته بحده من بين أسنانها : أنا مش بهرب من حد ، أنت الي جاي ورايا ليه ؟ روح لكلارا بدل ما تبرد .
أقترب منها حتى أنعدمت المسافات و سأل : بتغيري عليا يا روحي .
أتسعت عيناها بصدمه و هي تبحث بداخلها عن الإجابة التي لو أنكرتها أمامه فلن تستطيع نكرانها أمام نفسها.
تركته بهدوء و لم تجيبه و أنسحبت لغرفتها تغلق الباب تستند عليه و هي صامته تماماً لتتواجه مع صديقتها التي سألت : بقيتي تغيري يا تقى ؟ حبتيه ؟
_______________________
وصل للبيت و هو مثقل بالهموم يرغب فى إلقاء من نفسه داخل أحضان غنوته ، وقف ليخرج مفتاح الباب من سرواله و هو يهاتفها إلى أن جاوبت أخيراً : ألو ، أنتي فين يا غنوة ، موبايلك مقفول كمان مش المفروض شغلك عند لمى خلص .
جاوبته غنوة بحده : و مش كان المفروض تيجي النهاردة تتكلم معاها .
تنهد هارون قائلاً : ماعلش يا حبيبتي ، حصل حاجات شقلبت يومي و تفكيري لازم تيجي عشان أحكي لك ، أنا محتاجك أوي.
غنوة : أنا في الشغل بتاعي دلوقتي ، خلاص بخلص كام حاجه و جايه في بكره إيڤنت مهم .
تنهد مجددا بتعب و هو يغلق باب البيت خلفه و يدلف للداخل مرددا : ماشي يا حبيبي ، بس ما تتأخريش عليا.
أغلق معها الهاتف و تقدم للداخل كي يصعد الدرج لكنه إستمع لصوت تأوه قادم من إحدى الارائك خلفه
عاد للخلف خطوتين ليرى عمه متمدد على الأريكة ، أتسعت عيناه أولا ثم حاول كبت ضحكته و هو يرى وجه عمه الممتلئ بالكدمات علاوه على يده المجبره .
و سأل : إيه يا كظ كظ ، ايه الى حصللك.
وضع يده على إحدى الكدمات فى وجه كاظم ليتأوه كاظم: أاااه.. هااح.
ضحك هارون مجددا و سأل: مين عمل فيك كده.
كاظم: كل ده عشان قولت لها اديني حبة حنان .
ضحك هارون بقوه و قال: ههههههههه قامت مدياك .