رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم نورهان ال عشري


رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الثالث والخمسون بقلم نورهان ال عشري 


تذوقت الكثير من الخيبات التي كنت دائما ما اقتنع نفسي بأنها مجرد خسائر لا اكثر .. إلي أن اتت تلك الأخيرة لتصنع ثقب كبير في منتصف قلبي عاجز للآن علي إصلاحه ...


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


الفصل الثالث و الخمسون 


جحظت عيناه عندما نظر إلي تلك النائمه علي سريره بغرفته و التي لم تكن سوي معذبة قلبه التي فارقته دون أي وداع و جعلته يجن من آلام فقدها فاقترب منها بخطا سلحفيه الي أن وصل إلي مخدعه ينظر إلي صفحه وجهها البريئه و الشاحبه أيضا و كأنها تروي بصمت عن مدي المعاناة التي تذوقتها منذ أن فارقته فامتدت يداه تلمس ملامحها برفق شديد و لسانه يردد بثقل نابع من ذلك الثقل الماثل علي قلبه 

" هند !"

كانت تبدو و كأنها في عالم آخر غير شاعره بشئ مما يدور حولها مما جعل قلبه يرتعب من عدم تجاوبها لمحاولاته في ايقاظها فقام علي الفور بمهاتفه طبيب الفندق و الذي قام بفحصها ليخبره بأنها نائمه بفعل منوم قوي قد تناولته و أنها قد تستيقظ في غضون يومين ..


لم يستطع عقله إستيعاب كل تلك الصدمات التي حدثت بدأً من ضياع الصفقه من بين يديه الي حديث يوسف لهروب فايز و أخيرا وجودها هنا شعر و كأن عقله سوف ينفجر فكل تلك المؤشرات تؤدي إلي نتيجه مريعه و هو أنه كان بيدق في لعبه يوسف الحسيني الذي يبدو و كأنه هو من كان يخطط للإيقاع به و عند تلك الخاطرة قام بضرب الطاوله أمامه بكل ما يمتلك من غضب لتنقلب و تتناثر تلك الأغراض الموضوعه فوقها و أخذ يدور حول نفسه في الغرفه و هو يزمجر بغضب ليأتيه اتصال من آخر شخص يريد محادثته في هذا العالم و لكنه الوحيد القادر علي مساعدته في تلك الظروف فقام بالإجابه علي الهاتف ليأتيه صوت راغب الغاضب و الذي قال بصراخ 


" أخيرا البيه أتنازل و رد عليا .."

رائد بإنفعال 

" عايز ايه ؟"

راغب صارخا

" عايز ايه ؟ ضيعت كل حاجه بغباوتك و كمان بتبجح .."


حاول رائد أن يجعل صوته ثابتا فقال بإستفهام 

" تقصد ايه ؟'

راغب بإستنكار 

" انت هتستهبل فاكرني معرفش الي حصل ؟ الكلب الي اسمه فايز طلع موالس مع يوسف الحسيني ..و مسلمك ليه و بدل ما تخطط عشان تنتقم منه كان بيخطط هو عشان يوقعك .. شفت غبائك وصلنا لأيه كل حاجه ضاعت و انكشفت عنده و بقيت كارت محروق .. ضيعت كل التخطيط الي بقالي سنين بخططله عشان اوقعهم .. انت غبي و فاشل .." 


لم يتحمل رائد ذلك للتأنيب الاكثر من مؤلم بالنسبه اليه فقال بإنفعال

" اخرس .. انا عارف هعمل ايه و تخطيطاتك دي اتحرق بيها "

راغب بغضب جحيمي

" يا ناكر الجميل بعد كل الي عملتهولك بتقولي كدا .. هقول ايه مانت غبي قعدت تقولي هنتقم بطريقتي و سبت البت تفلت من ايدك و دلوقتي كمان بتقاوح و مكمل في غبائك ماشي يا رائد انا هوريك .. "


قام راغب بإغلاق الهاتف و قال بصراخ موجها حديثه لفاتح

" تعمل الي هقولك عليه بالحرف الواحد .. "

فاتح بإحترام 

" تحت امرك يا باشا .."


*"**************


اغلق يوسف الخط و التفت ليتفاجئ بها تقف أمامه تناظره بصدمه و قد كانت ملامحها جامدة كما يدل علي أنها قد سمعت محادثته مع رائد لينظر إليها بخيبه امل وصلتها علي الفور لترتعب من أن يكون اسوء مخاوفها قد تحقق بالفعل و في تلك اللحظه نبض قلبها بعنف ناتج عن خوفها و قد كانت نظراته الغامضه غير مطمئنه علي الأطلاق فحاولت رسم قناع من الجمود و هيا تقول 

" كنت بتكلم مين ؟"

رقع يوسف إحدي حاجبيه قبل أن يقول بسخريه

" ايه انتي مسمعتيش المكالمه ؟؟"

كاميليا بحذر 

" مش كلها !"

ابتسم يوسف بسخريه قبل أن يقول 

" عشان ميبقاش فايتك حاجه الخاين الي وسطنا هو رائد !"


كانت نبرتة و نظراته توحيان بأن هناك أمرا جلل و لكن خوفها جعلها تتجاهل ذلك الغضب الدفين و الخيبه في صوته و تقول بتوتر

" طب كويس انكوا عرفتوه .."

يوسف بسخريه

" متفاجئتيش يعني !"

زاد ارتباكها من سؤاله المباغت فاحتارت بماذا تجيب فهل تفصح عن مكنوناتها أم تؤجل الأمر لوقت آخر يكن له من الهدوء ما يجعله يستمع لها لذا قالت بخفوت -

" يمكن عشان مكنتش برتاحله . انت ناوي تعمل معاه ايه ؟"


قالت الأخيرة بترقب فأظلمت عيناه من الغضب قبل أن يقول بشراسه

" همحيه من على وش الأرض ."

نبرته و نظرات ارعبتها أكثر فجعلت جسدها يرتعش و اقتربت منه خطوة قائله بزعر واضح لم تستطع إخفاؤه

" اهدي يا يوسف دا ميستحقش تضيع نفسك عشانه .."


يوسف بصرامه

الخاين لازم ياخد جزائه.. و من هنا ورايح كل الي يغلط لازم يتعاقب .."

شعرت بأن في كلماته تهديد مبطن جعلها تقول بتوتر

" تقصد ايه ؟"

يوسف بغضب

" اقصد أن كل الي ساعد الكلب دا هيتعاقب و هعتبره خاين زيه و خصوصا الي كان عارف حاجه و مخبيها .."


لم يعد هناك مجال للشك في أنه يعلم و إن كانت سابقا تموت خوفا عليه فهيا الآن تموت خوفا منه فلأول مرة تري الجمود في عيناه التي لم تكن بها لمحه عشق واحده تشفع لها عنده فقط قسوة لم تعهدها به سابقا مما جعل الألم ينهش قلبها الذي أخذ يعنفها علي غبائها الذي جعلها تقف علي حافه الهاويه معه ..

كان يناظرها بجمود أتقن رسمه كثيرا خاصتا و هو يقول 

" اطلعي غيري هدومك و اجهزي عشان ساعتين و هنسافر "


اتخلع قلبها من حديثه لتمسك بمعصمه قائله برجاء

" يوسف .."

قاطعها عندما تحدث و هو ينظر خلفها  

" طلعها فوق و تعالي ورانا حاجات مهمه لازم نخلصها قبل ما نسافر ."


التفتت كاميليا فوجدت والدها الذي اماء برأسه و حدثها قائلا 

" يالا يا كاميليا.."

لم تجبه بل التفتت إليه ناظرة داخل عيناه بتوسل قبل أن تقول بلهفه

" عايزة اتكلم معاك ضروري يا يوسف .."

التفت اليها يناظرها قسوة قبل أن يقول بصرامه

" وقت الكلام خلص خلاص !"


انهي كلماته و ذهب تاركها في صدمه كبيرة من معني جملته و حاله من الإستنكار لكونها قد تكون خسرته بالفعل لا فقلبها لا يستطيع بدونه أبدا فخسارتها له تعني نهاية حياتها التي ليس لها معني في غيابه .

كانت تنظر في آثره بألم و حزن لم يخفي علي مراد الذي آلمه قلبه كثيرا علي مظهرها فاقترب منها قائلا بلهجة تحمل العتب في طياتها 

" يالا يا كاميليا عشان تجهزي مقدمناش وقت كتير .."


*******************


مساءا اجتمعت الفتيات في أحدي المقاهي و كان ذلك بناءا علي طلب فاطمه التي طلبت من ابنتيها التواصل مع روفان و التقرب منها كونها ستصبح زوجه أخاهم و بالفعل هاتفتها غرام و قررا الإلتقاء سويا فكان أول من وصل روفان و التي كانت تشعر بالغضب الشديد مع على فبعد لقاءهم آخر مرة سافر لأجل أمر طارئ خاص بالعمل و لم يهتم حتي بمهاتفتها للإطمئنان عليها و لو لمرة واحده و ايضا جاء تأجيل كتب الكتاب ليجعلها تشعر بالغضب و الإحباط أيضا..

كانت قد وصلت لتوها حين أتاها النادل يسألها عما تريد فلم تكد تجيبه لتجد الفتيات قد وصلوا فتعانقا و تبادلا السلام و كانت أول من تحدثت غرام التي قالت بمزاح

" و اخيرا شفت ذوق على اخويا الي مكنش عاجبه حد ."


روفان بقلق

" طب و أيه رأيك ذوقه حلو و لا أقوم امشي ؟"

نظرت إليها غرام بتقييم و قالت متظاهرة بالإمتعاض 

" مش بطال ."

قهقهت كارما علي مظهر روفان المصدوم و قالت تطمئنها 

" متتخضيش كدا ذوقه قمر اوي . بس غرام بتحب تقفش الي قدامها .. هتتعودي عليها متقلقيش .."


تنفست روفان الصعداء قبل أن تقول بصدق

" اهو انا بصراحه مش قلقانه غير من غرام دي .."

صُدِمت غرام من حديث روفان الذي يبدو عليه الصدق و قالت

" ليه كدا دانا طيبه اوي والله وبعدين انا بهزر معاكي دانتي قمر ."


" بصراحه الي تعمل في أدهم اخويا كل العمايل دي و تخليه بلف حوالين نفسه كدا تبقي مش طيبه أبدا . بس اقولك احسن انا فرحانه فيه .."

قالت الأخيرة بضحكه واسعه جعلت الفتاتان تنظران إليها بصدمه قبل أن تقول غرام التي دق قلبها بشدة عند سماع اسمه فقالت بإستفهام

" هو انتي تعرفي عني انا و أدهم ؟"


روفان بعفويه 

" بصي مادام ماما تعرف يبقي انا كمان اعرف بس علي فكرة كل البيت عندنا عارف أساسا هو و ماما مش بيبطلوا كلام في الموضوع دا و يقعدوا يرسموا في خطط و مؤامرات علشان ترجعيله .."


جحظت عين كارما من حديث روفان و ظلت تطالعها بنظرات تحذيرية و لكنها كانت في عالم آخر و لم تفهم شئ أبدا و كانت الصدمه من نصيب غرام هيا الآخري لحديث روفان العفوي و الذي يحمل الكثير من الصدق فقالت بذهول

" بت يا روفان بتتكلمي جد ؟"

كانت روفان ترتشف من كوب العصير الخاص بها قبل ان تقول ببراءة

" اه والله يا بنتي و ساعات بيكلموا ممتك في التليفون و يشركوها معاهم و كدا .. اه و اعتقد أن كارما و مازن عارفين .."


اخفضت كارما رأسها و هيا تسب روفان بصوت خفيض لتنظر إليها غرام بإندفاع قائله بتأنيب

" بقي كدا يا ست كارما انت و الست ماما بتعملوا مؤامرات و خطط من ورايا دانتوا لو لاقيني قدام باب جامع مش هتعملوا كدا .."


تحمحمت كارما و رسمت ابتسامه بلهاء فوق شفتيها قبل أن تقول بكذب

" يا ميمو أبدا دي روفان بتهزر مش صح يا روفي ؟؟"

قالت كلمتها الأخيرة و هيا تنظر بغيظ الي روفان التي قالت ببراءة

" لا وحياة ربنا بتكلم بجد .. اصلك مش فاهمه اصل أدهم اخويا دا طول عمره صايع و بتاع بنات و مطلع عين ماما فهيا يا عيني ما صدقت لقتله واحده تكون قمر زيك كدا تجوزهاله .."


غرام بسخريه

" قصدك واحده هطله زيي تلبسهولها .."

قامت كارما بقرص روفان في ذراعها و أخذت تطالعها بغضب و هيا تقول 

" الله يخربيتك بوظتي الدنيا اكتر ماهي بايظه ؟"

غرام بغضب 

" قصدك عرفتني ايه بيحصل من ورا ضهري يا ست كارما .."


شعرت روفان بأن هناك شئ غريب يحدث و بأنها قالت أشياء خطأ فوضعت كوب العصير علي الطاوله و رفرفت برموشها ببراءة قبل أن تقول بنبرة توشك علي البكاء

" انا شكلي لخبطت الدنيا صح ؟"

كارما بسخريه 

" لخبطيها بس دانتي طينتيها.. عليا النعمه انتي هتشلي على .."


على ذكر على جعدت روفان جبهتها و زمت شفتيها كالأطفال و هيا تقول 

" متجبيش سيرته انا اصلا مخصماه .."


نظرت كلا من كارما وغرام الي بعضهم البعض بنظرات ماكرة قبل أن تترك كل واحده مقعدها و تقترب جالسه بجانب روفان واحده من جهة اليمين و الآخري من جهة اليسار و تحدثت غرام قائله بتأثر مصطنع

" ليه كدا يا روفي هو على مزعلك و لا ايه ؟"

روفان بتأثر

" يعني ! "


أدارت كارما وجهها إليها قائله بحزن مصطنع

" و حد يبقي معاه قمر زيك كدا و يزعلها بردو !"


روفان علي وشك البكاء

" شوفتي !"

أدارت غرام وجه روفان إليها و قالت بأشفاق زائف

" دا قلبه قاسي اوي !"

روفان بحزن

" اوي اوي ."


كارما بتأثر زائف

" قاسي ايه دا معندوش قلب اصلا !"

اجابتها غرام قائله بمكر

" طب ياتري يا روفي الي معندوش قلب دا عمل ايه لواحده بسكوتايه و قمرايه كدا زيك ؟؟"

نظرت إليها روفان بتفكير قبل أن تقول بتردد 

" مش عارفه اذا كان ينفع اقولك أو لا ؟"


كارما بسخريه 

" لا يا شيخه دلوقتي مش عارفه تقولي و لا لا بالنسبه لأخوكي الي لسه ملبساه من شويه دا ايه نظامه ؟"

لكزتها غرام في كتفها قبل أن توجه حديثها الي روفان قائله بتأثر زائف

" سيبك منها يا روفي و قوليلي مالك على الوحش دا مزعلك ليه فضفضيلي متكتميش في نفسك .."


انفجرت روفان في البكاء قبل أن تقول

" من آخر مرة كنا فيها مع بعض مشوفتوش و سافر من غير ما يقولي و من ساعتها مكلمنيش .."


أخذت الفتاتان تنظران الي بعضهما البعض بذهول من تلك الفتاة البريئه التي يبكها أمر تافه كهذا فأخذوا يواسوها كاظمين ضحكاتهم بصعوبه و بعد ذلك تبادلوا أطراف الحديث لينتهي اللقاء و في طريق عودتهم تحدثت كارما قائله بمزاح  

" ايه البت الكيوت دي هتعمل ايه معانا .."

غرام بطمن وسط ضحكاتها 

" قولي هتعمل ايه مع على .. تخيلي على اخوكي بحجمه دا قاعد جمبها بيراضيها و بيطبطب عليها .."


تعالت قهقهاتهم قبل أن تقول كارما 

" لا بس انا حبيتها اوي .. و الواد على دا واطي ازاي كل دا ميكلمهاش ؟"


نظرت إليها غرام بغضب قبل أن تقول بتأنيب

" على بردو الي واطي يا ست زفته .. على الي بيسلم اخواته لمعسكر الأعداء عادي كدا لا و بيعمل خطط و مؤامرات كمان من وراهم .."


كارما بخجل 

" ميمو والله ما كنت اقصد حقك عليا .. انا عملت كدا عشان مصلحتك .."

غرام بإستنكار 

" مصلحتي بردو و لا انتي دايسه مع حبيب القلب في أي حاجه ."


كارما بإندفاع

" لا وحياة ربنا أبدا انا سمعت كلامهم لما لاقيت أنه فعلا بيحبك و كمان بقي عارفه انك بتحبيه و متنكريش دا عشان مش هصدقك انا شوفت كل صوره الي علي اللاب توب بتاعك ."

تململت غرام في مجلسها أمام عجله القيادة و توترت قليلا قائله بتلعثم 

" اا. انتي .. بتقولي ايه ..؟ صور ايه دي .. دي صور من زمان .."


كارما بمكر

" يا بت ! و لما هيا من زمان ممسحتيهاش ليه .. يا غرام يا حبيبتي انتي بتحبيه و هو كمان بيحبك و انتي ربتيه بما فيه الكفايه .. دا كفايه أنه يتحالف مع ماما و طنط صفيه عشان يخليكي تسامحيه .. حني عليه و علي نفسك بقي شويه حرام كدا .."

لك اجيبها غرام و لكنها ظلت تفكر كثيرا قبل أن تقول 

" يعني انتي شايفه اني المفروض اسامحه!!"

كارما بتأكيد 

" ايوا يا بنتي حرام كدا .."


غرام بإحتقار

"حرمت عليكي عيشتك مانتي واحده معدومه الكرامه اصلا .."

كارما بزهول 

"الاه طب و أنا عملت ايه طيب الحق عليا اني بنصحك .."


غرام بغضب

" ايوا الحق عليكي و زعلانه منك و مش هكلمك تاني ابدا .."

كارما بتوسل 

" لا والنبي يا ميمو مقدرش تزعلي مني ابدا.."

غرام بمكر

" يعني عيزاني اسامحك ؟"


كارما بلهفه

" ايوا طبعا "

غرام بتخابث

" يبقي تعملي الي هقولك عليه ….."


*******************


عِندما يُصبح الكبرياء الضلع الثالث للعلاقه فالهلاك حتما بإنتظارها….


صباحا استيقظت كاميليا بعد أن قضت ليله مضطربه جافاها النوم تنتظره و لكنه لم يأت و لم تستطع التواصل معه بأي شكل فجلست بإحباط علي الأريكه يأكل الحزن كل خليه من جسدها الذي انهكه التعب فسقطت نائمه علي الأريكه لتستيقظ بعدها و تجد نفسها بداخل سيارة و بجانبها مراد الذي كان يعمل علي اللاب توب الخاص به لتعتدل بفزع بعد اأن أخذت تنظر حولها فاكتشفت أن الصباح جاء و هم في طريقهم الي المنزل فنظرت الي مراد بغضب وقالت بإستنكار

" احنا جينا هنا ازاي ؟؟"


مراد بهدوء

" أبدا ركبنا الطيارة و جينا !"

كاميليا بصدمه 

 " و دا حصل ازاي .. يعني أنا كنت نايمه عالكنبه ازاي صحيت لقيت نفسي هنا ؟ "

مراد بهدوء 

" لما رجعنا لقيناكي نايمه و يوسف محبش يصحيكي فشالك و ركبنا الطيارة و جينا علي هنا بس شكلك كنتي تعبانه اوي عشان لما وصلنا كنتي لسه نايمه فاضطر يشيلك يركبك العربيه و بس .."


لم تستوعب حديثه او لنقل أنها ركزت علي أهم شئ فيه و هو اسمه فقالت بلهفه

" طب و يوسف فين دلوقتي ؟"

أعاد مراد نظره الي اللاب توب أمامه و قال بلامبالاه

" في الشركه .."


كاميليا بإندفاع

" طب وديني عنده انا عايز اروحله."

التفت مراد إليها و قال بحنان 

" كاميليا يوسف مشغول جدا و الدنيا مولعه من غير حاجه سبيه يركز في الي بيعمله ."


تساقطت دمعاتها و هيا تقول بألم 

" انا مش هعطله والله بس لازم اشوفه و نتكلم .. ارجوك .."


رق قلب مراد لحالها للحد الذي جعله ينكث وعده مع يوسف بألا يخبرها شيئا عنه و قام بإيصالها الي الشركه و عندما وصلوا الي الباب الرئيسي نظر لها مراد و أمسك بمعصمها قبل أن تنزل من السيارة و قال بتحذير

" انتي غلطتي في حق يوسف و في حق نفسك كتير و دي آخر فرصه ليكي معاه .. حاولي تستغليها صح و تصلحي غلطك الي غلطتيه و لو احتاجتيني في أي وقت انا جمبك و معاكي .."

ترقرقت العبرات في مقلتيها و قامت بعناقه بشدة و هيا تقول بإمتنان

" ربنا يخليك ليا .."


بعد وقت بقليل كانت تقف أمام غرفة مكتبه تحاول السيطرة علي نفسها قبل أن تواجهه فقد جاءت اللحظه الحاسمه و التي جاهدت كثيرا بأن تتجنبها و لكن قدرها كالعادة يعاندها و يضعها في اسوء المواقف ..

سحبت نفسا عميقا قبل أن تدق علي باب الغرفه لتسمع صوته الهادئ يسمح لها بالدخول ففتحت الباب بهدوء ينافي ضجيج قلبها الذي انتفض داخلها لدي رؤيتها له و أيضا لمحه الغضب التي كانت في نظراته اربكتها و قد تجلي ذلك علي ملامح وجهها و هيا تقترب منه حتي وصلت أمام المكتب مباشرة و توقفت أمام إحدي المقاعد تضع يدها فوقه و كأنها تستند عليه و قد كانت عيناه ترصد كل حركه تقوم بها في هدوء تمام ازعجها كثيرا و لكنها حاولت تجاهل ذلك و قالت بصوت مرتعش 

" ممكن نتكلم ؟"


نظر يوسف إليها بغموض زاد من ارتباكها و صمت قليلا قبل أن يقول بهدوء

" عندك ايه عايزة تقوليه يا كاميليا ؟؟"


لا تعرف كيف تبدأ حديثها معه فهيا تشعر بنفور غريب يطل من عيناه و هذا لم يساعدها قط بل صعب عليها مهمتها فظلت تطالعه بتوسل يطل من عينيها بأن يساعدها و لكنه يقف بعيدا بقلبه الذي احتجزته قضبان كبرياؤه الذي كان يتولي زمام الأمور و هذا ما جعلها تلوم نفسها كثيرا بأنها لم تستغل تلك الفرص التي كانت عيناه تتوسل إليها بالحديث و لكن غبائها جعلها تصمت فاليوم انقلبت الأدوار و هيا من تتوسل له كي يتفهمها و لكنه لأول مرة بحياته يكن خصمها و هذا ليس بالهين أبدا 


" و بعدين يا كاميليا ؟ هنفضل اليوم كله ساكتين كدا ؟ من امبارح بتقولي عايزة تتكلمي اتفضلي سامعك ! "


حاولت التحلي بالشجاعه و تمهيد الموضوع اولا فخرجت الكلمات من بين شفتيها مرتعشه و هيا تقول

" هو انت عرفت أن رائد هو الخاين ازاي ؟؟"


يوسف بأختصار

" يخصك في ايه ؟"


كلماته المختصرة اغضبتها منه بقدر غضبها من نفسها فالتفت لتجلس بقله حيله علي المقعد أمامها قائله بتعب

" هو انت ليه بتصعب كل حاجه كدا ؟"


رفع يوسف إحدي حاجبيه قبل أن يقول ساخرا

" انا الي بصعب كل حاجه !! طب يا ستي حقك عليا هجاوبك علي سؤالك.. عارف أنه خاين من زمان اوي حتي من قبل ما تفكري تهربي .. "


جحظت عيناها من الذهول عند سماعها ما تفوه به فقالت بصدمه

" انت بتقول ايه ؟؟"


يوسف ساخرا

" الي سمعتيه.. امال انتي مفكرة أن الجواب بتاعك دا هو اللي عرفني !!"

هبت من مكانها لدي تفوهه بهذه الكلمات فهيا أن كانت واثقه من معرفته بفعلتها بنسبه كبيرة و لكن كان هناك أمل و لو بسيط يتعلق به قلبها في أن يكون لا يعلم اي شئ و لكن أن يصدمها بحقيقة فعلتها بتلك النبرة الهادئة و كأن الأمر عادي و لكن مهلا أنها ليست نبرة هادئه بل إنها ساخرة .

آلمها قلبها كثيرا و تساقطت دمعاتها تحكي مدي عذابها و ألمها الي تشعر بأنه لأول مرة لا يؤثر به خاصتا عندما قال بجمود

" بتعيطي ليه يا كاميليا ؟؟ بتعيطي عشان اتفاجأتي اني عارف انك انتي الي بعتي الجواب ؟ و لا عشان بعتيه اصلا ؟ اه صحيح شكرا اوي عشان حاولتي تعرفيني مين الخاين "


كلماته عمقت جرحها أكثر فهل يقولها بهدف تعذيبها ام ماذا ؟ ماذا يعني بأن يوجه لها كلمات الشكر فهل يسخر منها شوشت كلماته عقلها كثيرا فقالت بإستنكار

" انت بتشكرني يا يوسف ؟"


يوسف بسخريه

" طبعا كتير خيرك .. يعني تعبتي نفسك و بعتي جواب تعرفيني فيه أن في خاين في شركتي و مش اي خاين دا صاحبي الي آمنتله و وثقت فيه و هو بالمقابل كان بيخطط عشان يدمرني و يقضي عليا لازم طبعا اشكرك علي تعبك .."


كاميليا بإستنكار 

يوسف انت بتتريق عليا صح ..؟ هو انت ازاي بتتكلم كدا .. يعني بالبساطه دي ؟"


يوسف بحزن دفين 

" أسألي نفسك يا كاميليا السؤال دا ! كان الموضوع بالنسبالك بالبساطة دي أنك تعرفي أن في حد بيهد فيا و بيطعني في ضهري و انتي تكتفي بحته ورقه تنبهيني بيها !! اهو نا قليل عندك للدرجادي !!!! ردي عليا .."


قال جملته الأخيرة صارخا مما جعلها تنتفض فزعه من حديثه و مظهره الذي يوحي بالدمار الذي بداخله فقط تغلفه قشرة من الجمود لحفظ ما تبقي من كبرياؤه الذي من وجهه نظره قد دهسته أفعالها .. 

" أبدا والله .. انت اغلي حاجه عندي "


قالتها بصدق لم يصل الي قلبه المعذب فابتسم ساخرا قبل أن يقول بمرارة

" كل مرة بتقولي كدا بس افعالك بيبقي ليها رأي تاني .. كل مرة بكون اسهل حاجه عندك تضحي بيها .. عارفه انا كام مرة أجلت الي حصل امبارح دا عشان مستنيكي تيجي تحكيلي .. فاكرة كام مرة سألتك مخبيه عني حاجه و لا لا ؟؟ كنتي بتحضنيني ازاي يا كاميليا و انتي بتطعنيني في ضهري !!"


اندفعت قائله بكل ما أوتيت من عشق 

" لا يا يوسف متقولش كدا انا عمري ما اعمل فيك كدا ابدا .."

يوسف بإنفعال

" و لما تبقي عارفه حاجه زي كدا و مخبيه تبقي ايه ؟؟ افرضي انا مكنتش عارف حاجه و مكنتش قريت جوابك دا كان هيبقي الوضع ايه ؟ ؟؟

كان زمانا بنشحت دلوقتي و الناس كلها بتدوس علينا… ياتري وقتها كنتي هتعملي ايه ؟ كنتي هتقدري تكملي معايا و تبصي في وشي اصلا !!"


ازدات شهقاتها و هيا تناظره بندم و عذاب . ندم علي فعلتها و عذاب لما تحمله بقلبها من اعذار لن تستطع البوح بها و كالعادة اختارت أن تصبح المذنبه علي أن تراه يتأذي و كأن كل ما مرت بها لم يغير بها شئ فإختارت الصمت الذي أضاف إلي عذابه عذاب آخر ليقول بخيبه أمل 

" جيتي هنا و قعدتي تعتذري عن حاجات انا اصلا سامحتك عليها من قبل ما اعرف حتي أسبابها .. قلبي كان مسامحك و مديكي عذرك و أنا مشيت وراه و دوست علي كل حاجه لحد ما عرفت أسبابك الي مغيرتش من جوايا حاجه ناحيتك بس يا تري دلوقتي عندك اسباب مقنعه و لا هتفضلي ساكته بردو !"


" عندي !"


اندفعت الكلمات من فمها دون أن تقدر علي منعها لتندم كثيرا لدي رؤيتها بريق الامل الذي لمع بعيناه لظنه بأنها تمتلك شيئا قد يرأف بحال قلبه المسكين الذي لا يريد من هذه الحياة سواها .. فقال بنبرة يشوبها بعض الضعف 

" و ايه هيا أسبابك ؟؟"


نظرت إليه بعذاب و ألم يكفي أهل الأرض جميعا فهل يمكن أن تخبره بما قد يؤذيه لتنقذ صورتها بعينه ام تختار أن تبقي خائنه بنظره و ليبقي هو بأمان ؟؟ 


" أنا خوفت اقولك .."


نظرت إليها بذهول من كلماتها الخاويه و التي لم يرها هو سوي اعذار واهيه لجُبن قلبها الذي لم يحارب أبدا لأجله و لأول مرة يشعر بهذا الألم في حياته و تمني قلبه بأنها لم تتحدث أبدا . فإن كان حديثها سيزهق روحه بتلك الطريقه فياليتها لم تتحدث . نظر إليها بكل ما يعتمل بداخله من خيبات و قهر تجلت في نبرة صوته عندما قال 

" خوفتي مني انا يا كاميليا ! طب ليه دانا عمري ما أذيتك أبدا علي الرغم أن محدش أذاني في الدنيا قدك !! "


كاميليا بعذاب و ألم 

" انا عمري ما قصدت أأذيك صدقني انا .."


قاطعها قائلا بصرامه توازي صرامه نظراته

" انتي تسكتي يا كاميليا .. كلامك معدش له معني بالنسبالي و لا له لزوم . "


ارتعبت من نظراته و من ذلك المعني المبطن في كلماته فقالت بإستفهام 

" تقصد ايه ؟؟"


يوسف بجمود

" جهزي نفسك فرحنا الأسبوع الجاي .. و فستان الفرح هيوصلك بكرة .. "


هالها مظهره و نبرتة في الحديث مما جعلها تدرك بأنه لم ينهي حديثه بعد فقالت بترقب

" و بعدين ؟"

يوسف بفظاظه

" هنتجوز و هنقعد فترة و بعدها هطلقك و هنقولهم أننا مرتحناش مع بعض .. "


كانت تدرك بأن هناك ما سيؤلمها خلف كلماته عن فرحهم المزعوم و لكنها لم تكن تتوقع بأنه سيدمرها كليا فعقلها علق بكلمه الطلاق التي خرجت من بين شفتين و صدح سؤال من قلبها آلمها كثيرا و هو أنه سيستطيع الإنفصال عنها بتلك السهولة ليجهز عليه عقلها مذكرا إياها كم مرة نطقت بها لتشعر بألمه حينها فيزداد عذابها أضعافا و كأن قلبها كشاه ذبيحه تجاهد لكي تبقي علي قيد الحياة لذا قالت بألم تجلي في ارتعاشه صوتها 

" و هتقدر .."


قاطعها حديثه الذي تكون من كلمه واحده قاطعه و هيا 

" هقدر !"


لا تنكر أنها شعرت بإرتجافه صوته و هو ينطقها و لكن قلبها لم يعد يتحمل أي عذاب آخر فآخذت تتراجع للخلف و العبرات تتساقط من عيناها التي لم تستطع أن ترفعها من عليه لتصطدم بالباب خلفها فالتفتت للخلف تفتحه مهروله للخارج لتوقفها صرخته التي خرجت من عمق جرحه فوصلتها لتشق قلبها المعذب الي نصفين فتابعت الركض لتوقفها يد أدهم الذي هاتفه مراد يخبره بأنه اوصل كاميليا الي الشركه و بأنه قلق كثيرا عليها من مواجهتها من يوسف ليخبر مازن و يهرول الأثنان الي الشركه حتي يكونوا بالقرب أن استدعي الأمر التدخل لتهدئه الأوضاع و قد صح ظنهم فمظهر كاميليا المتدمر جعلهم يتأكدوا من ظنونهم فكان أول المتحدثين هو أدهم الذي قال بلهفه 

" كاميليا .. مالك في ايه ؟"


كانت تبكي بهستيريا و لم تستطع الحديث ليهزها ادهم قائلا بنفاذ صبر 

" حصل ايه اتكلمي ؟"


لم تستطع أن تقول سوي 

" انا خسرت يوسف للأبد .."

علي ذكره فقد سمع الثلاثي صوت شئ ما يحطم في مكتبه مما جعل مازن يهرول تجاهه فوجده يقف أمام المكتب يلهث من شده التعب و صدره يعلو و يهبط من الغضب الذي كان يمسك عليه النفس فقد كان هناك شئ عالق في منتصف حلقه يشعره بأن نهايته أوشكت لينظر الي ذلك الذي دخل من الباب فوجد اللاب توب الخاص به محطم علي الأرض و صديقه يقف مستندا بحافة المكتب بهيئته المبعثرة تلك فشعر بالألم تجاهه لذا تقدم منه ليمسك بيده قائلا بإهتمام

" يوسف . انت كويس ؟"


لأول مرة بحياته ينطقها بدون اي اعتبار لاي شئ فقال بعذاب و لوعه

" لا .. انا مش كويس أبدا يا مازن .. انا حاسس اني بموت من الألم .. "


مازن بإشفاق علي حال صديقه 

" اهدي يا يوسف مفيش حاجه تستاهل كل الي انت فيه دا .. كل حاجه و ليها حل أن شاء الله "


يوسف بألم 

" مبقاش ليها حل خلاص .. تخيل مبرراتها أنها خافت تقولي ! طب هو انا وحش اوي كدا عشان تخاف مني !! انا حتي لو وحش مع الناس كلها عمري ما كنت وحش معاها !! لا اكيد دي حجج انا مفرقتلهاش اصلا .. حبي دا كله مفرقلهاش .. كل العذاب الي شفته بسببها مفرقلهاش .. قد كدا انا كنت غبي .. قد كدا أدتها حب هيا مكنتش قده .. بس ازاي انا كنت بشوف حبها ليا في عينيها معقول كنت غبي كدا !! "


لأول مرة يراه مازن بتلك الحاله التي أدق وصف بها هو الدمار الكلي النابع من قلب تلقي صفعه خزلان قاسيه من الشخص الوحيد الذي كان يظنه ملاذه في تلك الحياة .. لأول مرة يشعر بأنه يكرهها لأنها آلمت صديقه بتلك الطريقه لذا اندفعت الكلامات الغاضبه من فمه دفعه واحده 

" متعملش في نفسك كدا يا يوسف .. ايه يعني مقدرتش حبك في الف غيرها يتمنوك .. حكايه و خلصت مش قضيه . فوق لنفسك و اعرف انت مين انت يوسف الحسيني الي مفيش بنت في مصر كلها متتمناش ترتبط بيه أو حتي يبصلها .. كاميليا مش آخر الدنيا .."


كانت الكلمات تمر فوق قلبه كمرور شاحنه ضخمه و لكنه تجاهل آلمه الكبير و عذابه الواضح و نصب عوده رافعا رأسه بشموخ يليق به و حاول رسم القوة التي لاول مرة يشعر بأنه لا يمتلكها و قال بصوت حاول جعله ثابتا.

" عندك حق كاميليا مش آخر الدنيا !! "


علي الجانب الآخر نجد تلك التي كانت ترتجف من شدة البكاء و الحزن الذي يعتصر قلبها فصار الدمع يتقاذف من مقلتيها دون أن تكن لديها القدرة علي إيقافه فاقترب منها أدهم يقدم لها كوب من الماء تناولته منه بيد مرتعشه لترتشف منه قطرات بسيطه و تريق منه الكثير علي ثيابها و لكنها لم تهتم و ظلت علي حالها حتي تحدث أدهم الذي أشفق علي حالها كثيرا فقال بعتب

" طبعا أنا مش محتاج اسألك حصل ايه عشان واضح اوي الي حصل بس عايز اسألك سؤال يا كاميليا ازاي قدرتي تعملي فيه كدا؟ ازاي جالك قلب تسبيه علي عماه كدا افرضي مكنش قرأ جوابك كان ايه حصل دلوقتي ؟؟"


اندفعت الكلمات من عمق الوجع الكامن بقلبها إذ قالت بقهر 

" خوفت عليه والله "


نظر إليها أدهم بعدم فهم و قد شعر بأن هناك شئ خلف حديثها لذا قال بإستفهام 

" كاميليا معلش ممكن تفهميني يعني ايه خوفتي عليه دي ؟؟"


أخيرا قررت الإفصاح عما تحمله بقلبها و جعل من حياتها جحيما فقصت علي أدهم ما حدث بينها و بين رائد في ذلك اليوم في المشفي فما أن اختتمت حديثها حتي هب أدهم من مكانه فزعا قائلا بغضب

" انتي بتقولي ايه ؟ ابن الكلب دا ازاي يعمل كدا ؟؟ و انتي ازاي متقوليش حاجه زي دي ؟؟"


انتفضت كاميليا برعب من مظهره أدهم و قالت برجاء

" أدهم وطي صوتك ارجوك انا خوفت عليه لو عرف ممكن يقتله و يضيع نفسه و أنا ممكن اموت لو جراله حاجه … "


انفتح الباب من خلفهم لتشعر بالذعر من أن يكون هو من دخل الي الغرفه و لكن الحظ حالفها فكان القادم مازن الذي كاد أن يفتح الباب فتفاجئ من حديثها عن رائد فوقف ليستمع الي كل شئ و لكنه لم يستطع الصمود أكثر من ذلك ففتح الباب يطالعها بصدمه عندما التفتت إليه لتتنفس الصعداء عندما وجدته هو فتقدم منها قائلا بغضب

" انتي اتجننتي يا كاميليا ازاي تخبي عننا حاجه زي دي ؟؟"


كاميليا بانهيار

" خوفت عليه . والله خوفت . اقوهالكم بأي لغه .. خوفت لا يعمل حاجه فيه أو الحيوان التاني دا ليأذيه .. دا قالي كدا بعضمه لسانه .. "


هدأ غضب ادهم تدريجيا و قد تفهم دوافعها و أعطاها الكثير من الحق في خوفها من إخباره فهو يعلم أخيه و مقدار غيرته و جنونه بها فإن علم بشئ من هذا قد يعلن الحرب التي سيكون هو أول ضحاياها حتما لذا نظر إلي مازن و أشار إليه إشارة فهمها مازن و تقدم ليخرج من الباب و لكن أوقفته كلماتها عندما اندفعت تجاهه تقول بذعر

" انت رايح فين اوعي تكون رايح تقوله يا مازن ارجوك اوعي تعملها و حياه اغلي حاجه عندك بلاش تقوله . "


طمأنها مازن قائلا بإشفاق

" اهدي يا كاميليا انا عمري ما هقوله حاجه زي دي أبدا .. انا بخاف عليه زيك بالظبط .."


لمست الصدق في كلماته و جاءت كلمات أدهم لتهدأها أكثر حين قال بحنان 

" اهدي يا كاميليا و اطمني و اتأكدي اني انا و مازن مش هنقوله حاجه خالص .. بس انا عايزك تقعدي ترتاحي شويه لحد ما ارجعلك .. شكلك تعبان اوي .."


كاميليا بألم 

" مهما كنت تعبانه مش هكون تعبانه قد ما هو تعبان يا أدهم .. انا وجعته اوي .. وجعته لدرجه اني خليته يقدر يوجعني و يضحي بيا .. "


آلمهم مظهرها كثيرا فلم يجد أحدهما شئ يمكن أن يتفوها به قد يخفف عنها عذابها لذا قال أدهم بغضب 

" استنيني هنا يا كاميليا لحد ما اجيلك .."


خرج أدهم تلاه مازن الذي قال بغضب جحيمي 

" ابن الكلب ازاي جتله الجرأة يعمل حاجه زي دي ؟؟"

ليجيبه أدهم بنفس غضبه قائلا

" الكلب طالع واطي زي ابوه و عمه ماهو مش هيجيبه من بره بس ورحمه ابويا لهدفعه التمن غالي اوي .."


مازن بإنفعال

" الأهم منه دلوقتي يوسف .. حالته وحشه اوي انا اول مرة في حياتي اشوفه بالمنظر دا . و لا التانيه الي هتموت نفسها جوا دي .. هنفضل نتفرج عليهم كدا من غير ما نعمل حاجه ؟؟"


أدهم بنفي

" لا طبعا.. بص انا في دماغي خطه كدا هيا مجازفه بس مقدمناش حل غيرها دلوقتي.."


قال أدهم جملته الأخيرة بعد تفكير لينظر إليه مازن بخوف قبل أن يقول بقلق

" انا مش بقلق غير من خططك دي .. "


أدهم بنفاذ صبر

" مقدمناش حل غير خططي دي عشان ننقذ اللتنين الي هيموتوا من الحب دول .."


مازن بعدم راحه

" طب اتفضل اشجيني .."


قام أدهم بقص خطته علي مازن الذي جحظت عيناه من شدة الزهول و الصدمه لما تفوه به أدهم الذي قال اخيرا.

" فهمت هتعمل ايه ؟؟"


لم يجبه مازن و قد ظل علي حاله من الصدمه و الزهول ليلكمه أدهم في كتفه قائلا بغيظ 

" انت يا بني آدم متنح كدا ليه مش بكلمك .." 


تجاوز مازن صدمته قائلا بإستنكار

" انت عبيط يا أدهم و لا عندك سلك ضارب . بقي عشان تنقذ بنت عمك تمحينا من علي وش الدنيا !!"


أدهم بنفاذ صبر

" عندك خطه بديله يا ابو لسانين ؟"


زفر مازن قائلا بحنق 

" للأسف لا .."


أدهم بتصميم

" يبقي يالا بينا .."


كان يوسف يجري اتصال هاتفي قبل أن تدخل سمر الي غرفته بوجه لا يبشر بالخير أبدا فنظر إليها يوسف بقلق و قام بإنهاء الإتصال الخاص به و سألها 

" في ايه يا سمر ؟ "


سمر برعب

" يوسف بيه كاميليا هانم .."

هب يوسف من مكانه و سألها بذعر

" كاميليا مالها انطقي !!"

" كاميليا هانم كانت راكبه الأسانيير و عطل بيها و .."

لم يدعها تكمل حديثها فقد اندفع الي حيث أخذه قلبه الذي هلع عندما سمع بأن مكروه قد أصابها و اخترق صفوف الحشود التي تقف أمام الأسانسير الذي حدث به عطل ما لينزل بسرعه افزعت تلك التي كانت تنوي العودة الي المنزل فاستقلته لتتفاجئ به ينزل بسرعه شديده افزعتها ثم توقف فجأة ما بين الطابقين الخامس و السادس ليجعل ذلك من المستحيل فتحه فصار صدرها يعلو و يهبط من فرط الصدمه الممزوجة برعب حقيقي فهيا تخاف الأماكن المغلقه كثيرا و لكن ما جعلها تشعر برعب حقيقي هو أنها شعرت بأن نهايتها وشيكه و صار قلبها ينزف من احتمالية أن تموت و هو غاضب منها الي هذا الحد فصار الدمع يتقاذف من مقلتيها ألما و حزنا و اشتياقا إليه و أخذت ترتجف من شدة بكائها و لم تكن تدري بأنه هناك من يرتجف رعبا من فكرة فقدها فصار ينزل الدرج بسرعه البرق حتي وصل إلي الدور السادس ليجد أدهم الذي كان يقف مع بعض عمال التصليح فتحدث بغضب قائلا 

" حصل ايه يا أدهم و ايه الي عطل الزفت دا ؟؟"

أدهم بأسف

" منعرفش انا فجأة لقيت الدنيا مقلوبه هنا و الموظفين بيقولوا أن الاسانسير وقع بكاميليا و طلعت اجري اشوف في ايه لقيت أن الأسانسير عطلان بيها هنا "


ارتعب قلبه كثيرا من كلمات أدهم فنظر الي عامل التصليح و قال بغضب 

" و ايه الي عطله هو مش بيتعمله صيانه كل شهر ؟؟"

العامل بإرتباك 

" ايوا يا يوسف بيه طبعا بيتعمله صيانه .. معرفش دا حصل ازاي ؟؟"


كان يشعر بالرعب عليها و الذي ترجمه في لهجته الحادة قائلا 

" انا عايز اعرف ايه الي حصل بالظبط ؟؟ "


العامل بإرتباك 

" في حبل اتقطع فخلي الأسانسير ينزل بسرعه و اول ما نزل بسرعه الباراشوت فتح تلقائي و وقفه .."

كانت الكلمات تسقط عليه كالرصاص فشعر بألم حاد في منتصف قلبه المرتعب من فكرة فقدانها فقال 

"طب احنا متعرفش نشوف حل نفتح بيه الباب دا و نطلعها ؟؟" 


" نعرف بس للاسف الأسانسير واقف بين الدورين عيني حتي لو فتحناه مش هنعرف نطلعها …"

زمجر يوسف بغضب و قال بصراخ

" يعني ايه مفيش حل ؟؟"


العامل بخوف

" والله يا يوسف بيه احنا بنحاول نشوف اي حل نخرجها بيه "

يوسف بنفاذ صبر 

" يعني بتفكر في أي فهمني ؟"


نظر العامل لأدهم بخوف ثم نظر إلي يوسف قائلا بإرتباك

" احنا ممكن نخرجها من فتحه الإنقاذ الي في الاسانسير من فوق بس .."

يوسف بغضب

" بس ايه انطق .."

" خايف لو نزلنا حد يبقي تقل عالأسانسير و ممكن يقع و…."

نهره يوسف قائلا بغضب

" اسكت ! متكملش.. "

قالها و هو يشعر بألم يطحن عظامه فهو قد ظن سابقا بأن جرحها له اقسي ألم قد يشعر به إلي أن جرب ألم احتمالية فقدها عندها شعر بالمعني الحقيقي للألم الذي لا يعادله اي شئ في هذه الحياة .. نظر إلي أدهم و قال بلوعه

" هيا بقالها قد ايه جوا ؟؟"


أدهم بتأثر

" حوالي ربع ساعه .."

شعر باليأس من قله حيلته و الألم و العذاب لكونها في هذا الموقف العصيب فقط يود لو يطمئن عليها و يطمئنها فهو اكيد من أنها ترتعب من الخوف و عند هذا الحد قال بصوت جهوري 

" كاميليا.. سمعاني ؟"


اتاها صوته من بعيد ليعيد إليها الروح مرة آخري فهيا قبل دقائق كانت تشعر بأنها علي وشك مفارقة الحياة في هذا المكان المغلق الخانق و لكن صوته اتي لينقذها من جحيمها ها لتجيبه بصوت مرتعش بالكاد سمعه 

" يوسف .. انا سمعاك .. انت سامعني ؟'


أتاه صوتها المرتعش و المتألم ليذيقه الويلات و كأن ما كان يشعر به من عذاب لم يكن كافيا . كاد أن يتحدث. ليأتيه صوت العامل الذي قال بتوتر 

" علي فكرة الأسانسير في جهاز زي التليفون كدا متوصل بغرفه المراقبه و دا معمول للحالات الي زي دي .."

امسكه يوسف من تلابيبه قائلا بغضب

" و لسه فاكر تقول الكلام دا دلوقتي يا بني آدم .."


امتدت يد أدهم لتخليص الحارس المرتعب من بين يديه و هو يقول محاولة منه لتهدئتة 

" اهدي يا يوسف .. و سيب الراجل هو مالوش ذنب في حاجه .. روح انت شوف كاميليا و اطمن عليها .."


تركه يوسف بعنف و توجه إلي غرفة المراقبه و قام بالتواصل مع الهاتف الموجود بالمصعد لتسمع هيا صوت كصوت الهاتف قادم من مكان ما حولها في البدايه ظنت أنها تتوهم من فرط خوفها و لكن بعد ذلك تأكدت و بالفعل امتدت يداها علي مصدر الصوت لتتفاجئ بسماعه ما أن انتزعتها حتي أتاها صوت يوسف المرتعب و هو يقول بلهفه 

" كاميليا سمعاني ؟"


ما أن استمعت الي صوته حتي انفجرت في بكاء مرير و خرجت الكلمات من بين شهقاتها متقطعه 

" يوسف .. انا بموت .. حاسه .. اني .. هتخنق .. هنا .."

جعل صوت بكائها و الخوف الذي يقطر من بين كلماتها قلبه ينزف ألما و لكنه تجاهل كل هذا و قال بحنان يطمئنها

" اهدي يا حبيبتي متخافيش .. انا جمبك و عمري ما هسيبك أبدا و هخرجك من هنا في اسرع وقت. .. بس عايزك تبطلي عياط عشان خاطري و حاولي تاخدي نفسك بهدوء.."


هدأتها كلماته كثيرا فقد كان لها مفعول السحر و فعلا بدأت بتنظيم أنفاسها شيئا فشيئا و هو معها يبثها كلماته المطمئنه الي أن هدأت نسبيا فقال متلهفا

" حبيبتي هسيبك دقيقه بس اشوفهم عملوا ايه و ارجعلك علي طول .."


نادته بلهفه

" يوسف !"

اجابها قلبه الذي نسي كل شئ في العالم عداها

" قلب يوسف "

كاميليا بألم

" لو جرالي حاجه ارجوك تسامحني .."


لم يستطع قلبه سماع حديثها فقال غاضبا

" اسكتي و اوعي تقولي كدا تاني .."

قاطعته برجاء

" ارجوك تسمعني .. خليك فاكر اني بحبك اوي و اني عمري ما قصدت اجرحك أبدا .. انت اغلي حاجه عندي في الدنيا والله انا متمنتش في حياتي كلها غيرك .. "


أجابها بألم اعتصر فؤاده 

" ارجوكي انتي تبطلي تموتيني بكلامك دا انا مقدرش اعيش لحظة واحده من غيرك .. و مش هسمح بحاجه وحشه تحصلك و لا هسمحلك أبدا تفارقيني .. "


عاندته قائله برجاء

" قولي انك مسامحني .. وحياة اغلي حاجه عندك.."

يوسف بعشق

" انتي . انتي اغلي حاجه عندي و مسامحك و عمري ما اقدر غير اني اسامحك غصب عني قسيت عليكي و حقك عليا و اوعدك اني هجبلك حقك مني اول ما اخرجك من هنا .. "


كاميليا بعشق 

" بحبك اووي .. "

اجابها بلهفه

" و انا بعشقك .. انتي الحب قليل عليكي يا كاميليا .. خليكي واثقه فيا و استنيني مش هتأخر عليكي "

كاميليا بحنان

" واثقه فيك و مستنياك .. طول ما عمري فيه باقي هفضل مستنياك .."


اغلق يوسف الهاتف و قلبه ينزف ألما و لوعه علي روحه المعلقه في هذا المصعد اللعين و هو عاجز هنا لا يستطع أن يفعل شئ قد يعيدها إليه مرة آخري يشعر و كان الحياة تعاقبه علي قسوتة معها و يلعن نفسه للمرة التي لا يعرف عددها علي كل لحظة مرت عليه دون أن يأخذها بين أحضانه كل لحظه جعل من كبرياؤه عائق يقف بينهم .. 


علي جانب آخر نجد أدهم و مازن الذان كانا يتابعا كل شئ عن طريق الكاميرا التي وضعها مازن في الغرفه فنظر أدهم إليه و قال للعامل 

" كدا استووا عالآخر يالا بقي يا هندسه عشان نشغل الاسانسير و نطلع البت الي هتموت من الخوف دي "


نظر إليهم الحارث بخوف قبل أن يقول بإرتباك 

" ما مانتا سمعتني يا أدهم بيه و أنا بشرح ليوسف بيه الوضع .."


اقترب منه أدهم قائلا بإستنكار

" نعم ياخويا وضع ايه أن شاء الله ! يالا عشان تصلح الأسانسير تاني .."

العالم بتوتر

" ماهو للأسف مش هعرف .."

تحدث مازن بصدمه 

" يعني ايه مش هتعرف دي مش انت الي اتنيلت عطلته ؟؟"


" ايوا مش كنت مفكر اني هيقف قدام اي دور و نجيب مفتاح الطوارئ نفتح بيه الباب و خلصنا بس هو للأسف وقف بين الدورين و دا موضوع صعب و هيعرض حياة الست هانم للخطر .."

" احيه .. هو ايه الي هيعرض حياتها للخطر امال هيا هتفضل متعلقه كدا العمر كله .. دا يوسف كان يفرمنا .. انت لازم تتصرف .."


هكذا تحدث مازن بذعر ليتفاجئ بالباب يفتح خلفهم و يصدمهم ذلك الصوت الذي قال بغضب 

" اه يا كلاب دانتوا موتكوا النهاردة هيكون علي ايدي .."

الفصل الرابع والخمسون من هنا 

 

تعليقات



×