رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الرابع والخمسون 54 بقلم منال سالم


 رواية ذئاب لا تغفر الجزء الثاني من (سلسلة الذئاب) الفصل الرابع والخمسون

ولجــــت تقى إلى الغرفــة وهي تعيد وضــع المنشفة القطنية على شعرها المبتل .. وفجـــأة تسمرت في مكانها مصعوقـــة ، وإتسعت حدقتيها في رعـــب حينما رفعت رأسها للأعلى لتجد أوس واقفاً أمامها وممسكاً بتلك المنامة ..
إرتجفت شفتيها بشــدة ، ودبت قشعريرة قوية في جسدها ، وشحب لون بشرتها بطريقة ملفتة ، وخفق صدرها صعوداً وهبوطاً بإضطراب ملحوظ ..

إستنشق أوس تلك الرائحة المنعشة للصابون التي ملأت أنفه ، ففتح عينيه على الفور ليراهـــا تقف مشدوهة أمـــامه ..
أخفض عينيه تدريجياً – وعفوياً – على جسدها المبتل ، ودقق النظر في بشرتها البيضاء المغرية ، ورأى جسدها الملفوف بحرفية مثيرة في المنشفة ، فسيطرت عليه رغبة معانقتها عناقاً طويلاً ، ومـــزج جسديهما معاً ليصيرا كياناً واحداً .....

ضمت تقى يديها بصورة لا إرادية إلى صدرها محاولة إخفاء مفاتنها من نظرات عينيه القوية والمسلطة عليها بطريقة أرعبتها وذكرتها بفعلته النكــــراء ..
وتراجعت بخطوات حذرة - ومرتبكة للغاية - إلى الخلف ..

مـــد أوس يده أمام وجهها قائلاً بجدية بعد أن لاحظ خوفها البائن في نظراتها المحدقة به : 
-ماتخفيش .. أنا مش هاعملك حاجة !

هـــزت رأسها مستنكرة ، وأجابته بصوت مرتجف :
-إنت.. إنت ..لألألأ !

هتف قائلاً بصوت صــــارم :
-تقى ، اهـــدي أنا مش جايلك !

ثم أدار رأســـه للجانب ، وتابع قائلاً بجدية أقل :
-أنا بس نسيت موبايلي وآآ..

قاطعته بصـــراخ حـــاد وقد أدمعت عينيها رعباً :
-إنت كداب .. آآ.. إنت استغفلتني ، و.. وآآ.. وعملت الهيلمان ده كله عشان تكرر إنتقامك مني

فغر فمه مندهشاً بعد ظنها السيء به ، وإحتقن وجهه نوعاً ماً ، وصــاح قائلاً بإعتراض :
-مش حقيقي ، أنا قولتلك آآ....

قاطعته وهي تصرخ بجنون :
-لييييه ؟ حـــرام عليك !

خفق قلب أوس بقلق بـــالغ عليها بعد رأى تلك الحالة المذعـــورة المسيطرة عليها ، 
فاقترب منها بخطوات حذرة وهو يقول بإستعطاف :
-اسمعيني يا تقى ، أنا مكونتش جايلك ، أنا آآ...

هتفت مقاطعة إياها بصوت متشنج ومختنق وهي تحدجه بنظراتها الإحتقارية :
-أنا بأكرهك ، وهافضل أكرهك لحد ما أمــــوت !

ثم أولته ظهرها ، وركضت عـــائدة إلى داخل المرحـــاض ، وصفقت الباب دون تردد ، وأوصدته من خلفها ، وإستندت عليه بظهرها .. وفردت ذراعيها عليه وظلت تشهق بصوت مرتفع ..

إبتلع أوس غصـــة أشد مرارة عن ذي قبل في حلقه ، وهتف بصوت محتد :
-استني يا تقى ! 

أجهشت هي بالبكــــاء الحارق ، وتنهدت بصراخ ، فزاد حزنه وآلمه عليها ..
إختنق صـــدره من صوت بكائها ، ووضع يديه على رأســـه ، وضغط عليها بعصبية وهو يدور حول نفسه حائراً في كيفية التصرف معها لتهدئتها ..
كم يبغض أن تصير الظروف كلها ضده ، ويصبح دائماً في نظرها الجلاد القاسي الذي نفذ فيها حكم الإعدام .. ويعجز عن إثبات صدق نواياه معها ..
صــــر على أسنانه غاضباً ، وإتجه إلى باب المرحاض ، وأمسك بمقبضه بيد ، وظل يديره محاولاً فتحه ، وكــور قبضة يده الأخــرى ليطرق بها على الباب بقوة وهو يقول بإنفعـــال :
-افتحي يا تقى 

صرخت قائلة بنشيج جلي وعينيها مغرورقتان بالدموع :
-سيبني أمشي من هنا ! 

إزداد ضيقه وهو يستمع إلى شهقاتها الموجعة ، فهدر قائلاً بنبرة شبه مهددة :
-تقـــى ، لو مافتحتيش الباب ده هاكسره ! 

شهقت بفـــزع وهي تكتم فمها بكفيها ، وإنتفض جسدها بذعـــر .. ونظرت حولها بنظرات زائغة ..
شعرت تقى أنها محاصرة منه ، لا مفـــر لها من قبضته التي لا تغفر من أســاء له .. 
تكررت مشاهد إغتصابها أمــــام عينيها .. وزادت رجفتها أكثر ..

تســـارعت دقـــات قلبها بصورة مقلقة ، وإمتزجت مع صوت طرقات قبضه العنيفة على الباب ..
إبتعدت برعب عن الباب ، ونظرت له بهلع .. وظلت تنتفض بخوف في مكانها ..

تشبثت بالمنشفة بقوة ، ولامت حالها لأنها غفلت عن أخــذ ما تستر به جسدها من عينيه القاسيتين التي تخترق جسدها وتعريها أكثر وأكثر ..
وقعت عينيها على المناشف المرصوصة بالجانب ، فجذبت واحدة أخــرى ، ولفتها حـــول كتفيها، وضمتها بقبضة يدها المرتعشة .. وحدثت نفسها قائلة بإرتعاد :
-لازم اهرب من هنا ، مش هايدبحني تاني ، مش هاخليه يموتني تاني !
ثم جابت بعينيها المرحــاض محاولة البحث عن وسيلة للفرار .. 
فلم تجد ســـوى نافذة علوية أعلى المغطس ، متوسطة العرض و مغلقة من الداخــل ،  وموضوع عليها ستارة بلاستيكية زرقـــاء ..
هتفت لنفسها قائلة بإصــرار :
-ماقدميش إلا أنط ، الموت أرحم من إنه يحط ايده عليا ! 

هـــرعت تقــى ناحية المغطس ، وصعدت على حافته بحــذر ، ثم مدت ساقها الأخـــرى لتقف على الحافة الموازية فتحافظ على توازنها ولا تسقط ..
كما أســرعت برفع ذراعها للأعلى لتتمكن من فتح مقبض النافذة .. وظلت ضامة بيدها الأخــرى لطرفي المنشفة المغطية لكتفيها ... ولكن كان المقبض مرتفع ، فشبت بنفسها للأعلى محاولة الإمســـاك به 

......................

إنقبض قلب أوس بقلق بـــالغ حينما لم يجد أي رد من تقــى عليه ، فخشي أن يكون أصابها مكروه مــا ، وفقدت وعيها ، فهتف صائحاً بذعر وهو يحاول فتح الباب عنوة :
-تقـــى ، ردي عليا ، تقـــــــى ! 

لم يمهل نفسه وقت للتفكير ، فقد توقع الأســـوأ لها ، لذا تراجع مسرعاً عدة خطوات للخلف ، وإندفع بقوة رهيبة نحو الباب ليرتطم به بجسده محاولاً تحطيمه ..
..........................

فزعت تقـــى في مكانها وهي تستمع إلى صـــوت الإرتطـــام القوي .. وشهقت مذعورة ، وتلاحقت أنفاسها بخوف أشـــد ، وكــادت أن تفقد توازنها ..
ولكنها تماسكت ، وظلت " تعافــــر " من أجل فتح المقبض ، فقد كانت ترتجف بشــدة ، فعجزت عن فتحها بسهولة ..
..................
تراجع أوس مجدداً للخلف ، وإنطلق بإندفـــاع عجيب نحو الباب ليصطدم به ويتمكن من فتحه ............

..................................

في المقر الرئيسي لشركــــات الجندي للصلب ،،،

دلفت السكرتيرة إلى داخل مكتب عــدي وهي تتهادى في مشيتها إلى أن وقفت قبالة مكتبه ، وقالت بصوت خافت:
-عدي باشا ، في واحدة برا منتظرة حضرتك إسمها عفاف !

هــب واقفاً من مقعده ، وصــاح بتلهف وهو يشير بيده :
-عفــــاف ! دخليها بســرعة ! 

إبتسمت له وهي تجيبه :
-حاضر يا فندم 

ثم ســـارت عائدة نحو الباب لتهتف قائلة بهدوء :
-اتفضلي يا مدام ، الباشا منتظرك
-شكراً 
قالتها عفاف وهي تبتسم إبتسامة مجاملة للسكرتيرة أثناء دخولها المكتب ..

مــــد عدي يده ليصافحها قائلاً بنبرة مرحبة :
-ازيك يا مدام عفاف ، اتفضلي 
-أنا بخير يا عدي باشا ، أؤمري 

أشـــار لها بيده لتجلس على الأريكة الجلدية العريضة قائلاً بجدية :
-اقعدي بس الأول 

أومــــأت برأسها موافقة وهي ترد بصوت خافت :
-حاضر 

-مدام عفاف ، أنا كلمتك وطلبت أشوفك عشــان خاطر ليان !

هـــزت رأسها بخفة وهي تجيبه بنبرتها الهادئة :
-أيوه ، ماحضرتك قولتي ده في التليفون !

مط فمه ليجيبها بصوت جـــاد وهو محدق بها :
-تمام ، بس الحقيقة أنا كنت عاوز أســألك عن حاجة تانية تخص ليان ومهمة بالنسبالها جداً 

قطبت جبينها في حيرة ، وهتفت قائلة بإهتمام :
-اتفضل !

تنحنح بخفوت ، ثم أردف قائلاً بحذر :
-تهاني ! 

ردت عليه بنبرة جــــادة وهي جامدة الملامح :
-مين ؟

حدق بها عدي وهو يتأمل ردة فعلها ، وتابع قائلاً بصوت رخيم :
-تعرفي ايه عن تهاني دي يا عفاف 

إرتكبت قليلاً ، وزمــت ثغرها .. وأجفلت عينيها متحاشية النظر نحوه ، فأعـــاد سؤالها بإصــرار :
-مدام عفاف ، أنا مش فارق معايا تهاني دي، بس لأن ليان تهمني ، وعلاجها ممكن يكون متوقف على وجــود الإنسانة دي في حياتها فأنا عاوز أعرف تقربلها إيه !

ابتلعت ريقها بتوتر .. ونظرت له بقلق وهي تجيبه متوجسة :
-أنا .. معنديش أوامــر أتكلم عنها أو عن أي حـــد !

سألها بإستغراب شديد وهو يتفرس في تعابير وجهها الغامضة :
-أوامر من مين ؟

ردت عليه بنبرة دبلوماسية وهي تفرك أصابع يديها بتوتر :
-مش من حــد معين ، بس إتعودت إن أي أســرار أعرفها ماتطلعش برا 

إبتسم لها بإعجاب من أخلاقها النبيلة ، وهتف قائلاً بإمتنان 
-ده شيء عظيم !

ثم إنحنى بجسده نحوها ، وتابع قائلاً بنبرة شبه راجية :
-بس .. بس لو السر اللي هاتقوليه ده يعتمد على حياة إنسانة غالية عندي وزي بنتك ، هتتأخري عنها ؟!
-هــــاه 

أضـــاف عدي قائلاً بإهتمام واضح في نبرته وقسمات وجهه ، وحتى نظراته :
-مدام عفاف ، إنتي شوفتي حالة ليان بقت عاملة إزاي ، وأنا نفسي ترجع زي زمــان ، ونعيش حياتنا أنا وهي بطريقة طبيعية 

صمت للحظة منتظراً ردها عليه ، فأدرك أنه قاب قوسين أو أدنى من إقناعها ، فأكمل قائلاً بجدية وهو مسلط أنظاره العميقة عليها :
-وأوعدك اللي هاتقوليه محدش هايعرف حاجة عنه حتى أوس !

همست قائلة بتلعثم ناظرة إليه بقلق :
-بس ..آآ...

هـــز رأســـه قائلاً بصوت هــاديء وجـــاد :
-صدقيني يا مدام عفاف ، ليـــان بالنسبالي بقت أهم حاجة في حياتي ، وهاعمل اللي أقدر عليه عشان تخف ، و نكمل حياتنا !

ظلت عفــــاف صامتة لبرهة تفكر بعقلانية فيما قـــاله ، ثم حسمت أمرها قائلة بهدوء :
-خلاص يا باشا ، أنا هاقولك !
..........................................

في الفيلا القابعة بالمنتجع السياحي ،،،،

اقتحم أوس المرحــاض بعد أن تمكن من تحطيم بابه ، وبحث بعينيه سريعاً عن تقى ، فوجدها تحاول تسلق النــافذة والفرار منها .. فإتسعت حدقتيه في صدمة ، وهتف قائلاً بصوت جهوري :
-تقــــــــــى !

لم تنظر هي نحوه ، بل أكملت محاولتها البائسة في الهروب والذود بنفسها منه حتى لو كان مصيرها الموت ....

ودون لحظة تردد واحدة ، إندفــــع أوس نحو المغطس ، ومــد ذراعيه ليحاوطها من خصرها ، ثم أنزلها عنوة من الأعلى ..

صرخت تقى بإهتياج عنيف ، وركلت بساقيها في الهواء ، قائلة :
-لألألألأ.. !

أنزلها أوس على ساقيها ، ولكنه لم يفلتها ، بل أدارها لتواجهه ، وحــــاول إحتواء إهتياجها العصبي بضمها بقوة إلى صدره ، ومعانقتها بشـــدة ..
إزدادت قـــوة صرخاتها ، وضرباتها بيدها العاجزيتين لصدره وهي تهتف بجنون :
-ابعد عني ، لألألألأ ! 

لم ينبس أوس بكلمة واحدة ، بل إستمر في تطويقها بذراعيها ، وثبت رأسها في صدره بطرف ذقنه .. وتحامل على نفسه خدشها له بقســـوة ، وعض على شفتيه بقوة محاولاً تهدئة نفسه ، والسيطرة على نوبة هياجها ..

مع كل لحظة كانت هي فيها في أحضـــانه ، زادت حدة أنفاسها وذعـــرها بسبب خوفها من تكرار مأســــاة إنتهاك إنسانيتها ..

أُعتصـــر قلبه آلماً من هلعها المبرر منه .. وحبس أنفاسه المحسورة على حالها ..
فقد إفترسها بشراسة ذئاب لا تغفر لمن تخطى المحظور وتجرأ على مواجهتهم  ..
 لذا ليس من الغريب أن تقـــاومه حتى أخـــر أنفاسها ..

شعرت تقى بعظامها تعتصر من قــوة ضمه إليها ، وبأنفاسها تختنق في صدره ، ويئست من تحرير نفسها منه ...
لم تردْ أن تعيش تلك التجربة الموحشة من جديد وهي واعية .. فيكفيها عـــذاب أول مرة .. وويلاتها ..
لذا لم يعد أمــامها أي خيـــار سوى الإستسلام لقرار عقلها بالإنسحاب عن الواقع الملموس ، وفقدان الوعي ..

شعر أوس أنها إستكانت فجــــأة في أحضانه بعد دقائق من المقاومة الشرسة له .. 
فنظر لها بتوجس ، فرأهـــا قد غابت عن الوعـــي ، فخفق قلبه رعباً عليها ، وهتف قائلاً بذعر :
-تقى .. تقــــى ! 

ضربها بخفة على وجنتها لعلها تستجيب له ، لكن بشرتها كانت باردة كالثلج ، وشفتيها تميل للزرقة .. فتملكه الهلع عليها .. وإنحنى ليحملها من أسفل ركبتيها ، ثم ســــار بها مسرعاً إلى خـــارج المرحاض ...

أسندها أوس على الفراش ، وأسرع بتدفئة جسدها بالأغطية الموضوعة .. 

ثم ركـــض كالمجنون نحو حقيبة السفر ليبحث فيها عن أدوية العلاج الخاصة بها والتي أوصـــاه الطبيب مختار بإستخدامها في حالة حدوث طـــاريء لها ..
وبالفعل وجـــد غايته ، وأســـرع بإخراج إبرة طبية نظيفة ، وإنتزع غطائها بفمه ، وحقنها بالكمية المطلوبة من العقــــار الطبي .. 
ثم هرول عــائداً إلى الفراش ، وجثى على ركبته ، وسحب ذراعها ، ثم قـــام بغرز الإبرة فيه بحذر ..
وما إن إنتهى حتى أسند الإبرة على الكومود ، ونظر إليها بندم شديد ، ومســـد بيده على جبينها قائلاً بأسف :
-صدقيني يا تقى ، أنا مقصدش أخوفك بالشكل ده !

ثم نهض عن الأرضية ، وجلس على طرف الفراش ، وتابع قائلاً بصوت مختنق وهو يمسح على وجنتها براحته :
-سامحيني يا تقى لو فكرتك باللي حصل .. سامحيني !

.......................................

لاحقاً ، تململت تقــــى في الفراش ، وتمطعت بذراعيها ، ثم تثاءبت بخفوت وهي تفتح جفنيها ..
ثم رمشت بعينيها لعدة مــرات محاولة تذكر ما حدث ، فقد شعرت أن هنــاك أمـــراً ما غريباً قد حدث  ..
نظرت إلى ذراعها المغطى بأكمـــام زرقاء بإستغراب .. 
وجاهدت لتعرف كيف إرتدتها .. 
ثم هبت من نومتها بقلق بالغ ، وأزاحت الغطاء عنها لتنظر إلى هيئتها بذعــــر ، فقد تذكرت ما حدث لها تواً ..
إبتلعت ريقها بخوف ، وجابت بعينيها المكان متوجسة وتلمست جسدها بيدين مرتعشتين لتتأكد من عدم إصابتها بمكروه ..

ثم إنتفضت في مكانها حينما رأت أوس يدلف إلى الغرفة وهو متأنق بشكل مريب ويرتدي حلته الرمــادية الداكنة ، ومن أسفلها قميصه الأســـود ..

إنكمشت على نفسها ،وضمت ساقيها إلى صدرها بقلق بالغ .. 
وسلطت أنظارها المذعورة عليه ..
بدى أوس غريباً وهو ينظر لها ببرود ، ثم أردف قائلاً بنبرة ساخرة :
-كل ده نوم ، ما صدقتي تنامي هنا بالساعات ! 

رمشت بعينيها في عـــدم فهم ، وتابعته وهو يتحرك نحو التسريحة العريضة بتوجس شديد ..
حــدق أوس إلى إنعكـــاس صورته في المرآة ، وأمسك بالمشط ، وأعــاد تمشيط شعره ، ثم ألقاه دون إكتراث على التسريحة ، وإلتفت إليها قليلاً لينظر لها من طرف عينه قائلاً بصوت رخيم :
-عاوزك تلبسي حاجة مناسبة عشان عندنا عشاء عمل ، وماتقوليش لأ ! 

فغرت شفتيها المرتجفتين بصدمة ، ونظرت له بحيرة وهي تهمس :
-هـــاه ، عـ.. عشا !

اقترب منها بعد أن دس يديه في جيبي بنطــــاله ، ثم أضــاف قائلاً بصوت جـــاد :
-ايوه ، ده شغلي ، وأنا مفهمك قبل ما نيجي ، إنك معايا هنا في شغل ، فيا ريت تجهزي بسرعة !

ثم أخـــرج يده اليسرى من جيبه ليرفعها أمام وجهه ونظر إلى ساعة يده قائلاً بجدية :
-معاكي 10 دقايق تلبسي فيهم ، وأنا مستنيكي تحت 

شعرت تقى بالريبة مما يحدث ، فأخـــر ما تتذكره هو إقتحام أوس للمرحـــاض ، ثم تمكنه منها ، وغيابها عن الوعـــي ..

نظر لها أوس بجمـــود عجيب وكأن شيئاً لم يحدث ، ثم تركها وإنصــرف دون أن يضيف كلمة أخــــرى ومزيداً من حالة الغموض لديها ...

إنتفضت هي من على الفراش بعد رحيله ، وأسرعت ناحية المرحــاض لتتأكد من عدم توهمها لتلك الذكريات القريبة ..
وتسمرت في مكانها مصدومة ، وإنفرجت شفتيها للأسفل في عدم تصديق حينما دققت النظر في باب المرحــاض ، وتفاجئت بأنه كما هو ، لم يصيبه ســـوء ...
................................

نزل أوس على الدرج وعلى وجهه إبتســـامة عابثة لم يستطع إخفائها أكثر من هذا .. فقد نجحت خطته بدرجة كبيرة ، وإنطلت الخدعــــة على تقى .. وإلتوى فمه وهو يحدث نفسه بثقة وتفاخر :
-مش أي حد ينفع يكون أوس الجندي !

............................ 
◘◘◘ بعد فقدان تقى لوعيها وحقنها بمـــادة طبية مهدئة ، أســــرع أوس بالتفكير في حـــل سريع لمــا حدث ..
هو لا يريد تكرار تلك المأســاة معها ، والوصــول إلى مرحلة خطيرة في حالتها النفسية .. لذا هــداه تفكيره إلى التصرف بحنكة معها ، وإصلاح ما حدث .. 
قـــام أوس بإحضـــار منامة حريرية أخــرى من الحقيبة ، من اللون الأزرق ، وذات أكمـــام طويلة ، وعــاد إلى الفراش ، وبحذر شديد قـــام بنزع المنشفة الأولى التي تغطي كتفيها ، فأغراه جسدها العــاري ، وتلمس بشرتها بتوتر فزادت رغبته فيها ..
ولكنه قـــاوم هذا الشعور بشدة وأغمض عينيه محاولة إبعـــاد أي فكرة مثيرةعن عقله .. وأخـــذ أنفاساً عميقة ، وحبسها في صدره ، وزفرها على مهل شديد ليضبط حاله .. 

فـــرد الكنزة الخاصة بالمنامة ، وحلها من أزراها، ثم لفها حول كتفي تقى ، وقــام بإلباسها إياها من ذراعيها .. وأحكم غلقها عليها ، ثم بتوتر رهيب إنتزع عنها المنشفة الأخـــرى التي تغطي بقية جسدها .. وأكمل تلبيسها باقي المنامة .. 

ركــــز أوس كل تفكيره أثناء فعل هذا على عدم الإنجراف وراء أي أفكـــار مهلكة ..
وبعد أن إنتهى ، قـــام بتغطيتها جيداً حتى يضمن تدفئتها .. 
ثم أســـرع بإبعاد المنامة الحمراء وتخلص منها ، وأمسك بهاتفه المحمول ، هاتف إدارة المنتجع قائلاً بجدية وهو مسلط أنظاره على زوجته :
-عاوز حد من الصيانة يجي فوراً ..!

كذلك إعتذر عن حضـــوره لمأدبة الغذاء مع الوفـــد الأسباني ليشــرف بنفسه على إتمـــام كل شيء وفق رغبته ..... 
كما قـــام بإحضـــار المجفف ، وتجفيف شعرها المبتل حتى لا يتجعد ويفضح أمـــره ... 
...................
وبالفعل قـــامت إدارة المنتجع بإرســـــال عمــال الصيانة حيث قاموا بإصلاح باب المرحــاض ، وتبديل التالف من المقابض..
ثم طلب أوس منهم تغيير ستائر المرحـاض إلى لـون وشكل أخـــر  .. 
وتم ما أمـــر به في أقـــل من ساعة حيث تم إرســال عاملة أخــرى ومعها ستائر بديلة من اللون البيج والمنقوشة بخيوط بنية ..

كما تخلص من جميع المناشف الموجودة بالمرحــاض وإستبدالها بأخــرى نظيفة وجديدة ومختلفة الشكل ، وأيضا تم تبديل الشـــامبو وسائل الإستحمام إلى أنواع أخــرى مختلفة في الرائحة وتصميم الزجاجة .....

تنهد أوس في إرتيــــاح بعد تأكده من تغيير كل شيء ، وعـــاد إلى الجلوس إلى جوار زوجته على الفراش ، وأمسك بكفها بين راحتيه ، ثم رفعه إلى فمه وقبله بحنو شديد وهو يضيف بهمس :
-مش هاتفتكري معايا أي حاجة تضايقك تاني مني ......!!  ◘◘◘
 
.................................
عودة للوقت الحالي ،،
غرست تقى أصابعها في فروة رأسها ، وحكت رأسها بحيرة ، وعقدت ما بين حاجبيها في إندهـــاش واضح وهي تتأمل المرحاض بنظرات فاحصة ..
ثم حدثت نفسها قائلة بإستغراب  :
-استحالة أكون حلمت بكل ده ............................................... !!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1