رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل السادس والخمسون 56 بقلم نورهان ال عشري


رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل السادس والخمسون بقلم نورهان ال عشري 


نظر رائد بزهول الي نيفين التي كانت ترتجف من البرد و هيا تنظر إليه من بين دموعها و الرجاء يرتسم علي محياها و يتجلي في نبرتها و هيا تقول 

" رائد الله يخليك دخلني هتجمد من البرد .."


رائد بفظاظه

" انتي ايه الي جابك هنا و عرفتي مكاني منين ؟؟"

نيفين بإرتجاف

" كنت عند قصر الحسيني و انت خارج من هناك و جيت وراك علي هنا .. دخلني بقي .."


لم يصدقها رائد و لكنه لا يملك من أمره شيئا سوي ان يسمح لها بالدخول فتنحي جانبا و هو يزفر بغضب لتتجاهل هيا غضبه و تهرول الي الداخل لتتوقف أمام المدفئه تستمد بعضا من الدفء لجسدها الذي كاد أن يتجمد من شدة البرد غافله عن نظرات قاتمه تناظرها بغضب وهيا تعطيه ظهرها ليذهب و يملئ كأس من النبيذ يتجرعه دفعه واحده و هو ينظر أمامه بغضب زاد أضعاف عندما سمع صوتها و هيا تقول 

" انت قتلت يوسف ؟"

لم يلتفت إليها بل أخذ كأس آخر فتقدمت هيا إليه قائله بخفوت 

" صبلي كاس معاك ."


تجاهل طلبها و قال بفظاظه

" جيتي ورايا ليه ؟"

تجاهلت نيفين سؤاله و أخذت الزجاجه من يده لتملئ كأسها و قبل أن تتناوله وجدته يطير في الهواء و فجأة شعرت بشئ يمنع الهواء من الوصول إلي رئتيها و هيا يداه التي أطاحت بالكأس من يدها و امسكتها من عنقها الصقتها بالبار خلفها و قال بعينان يغلفهما الغضب و الشراسه 

" لما اسألك تجاوبي عليا… جيتي ورايا ليه و مين باعتك !"


كانت ترتجف بين يديه من الرعب و كانت يداه تعتصران عنقها فظنت لوهله بأنها ستقع صريعه بين يديه و لكنها قاومت قائله بإختناق

" ايدك .. هموت "

رائد بحدة

" جاوبي الأول ."


نيفين بأنفاس مقطوعه 

"مبقاليش حد ..و قولت انت ليك طار مع عيله الحسيني زيي عشان كدا جتلك .."

رائد بسخريه

" يعني مش حبيب القلب الي باعتك !"


نيفين بإختناق

" حبيب القلب مين ؟"

رائد بحنق

" يوسف !"

 قائله بإرتباك

" هو مش انت سايبه غرقان في دمه هيبعتني ازاي !!"


نظر إليها رائد بغموض قبل أن يتركها بغته لتدخل في نوبه سعال شديدة فلم يكترث لها بل التفت إلي أحد الأدراج و قام بالعبث قليلا بينما هيا قامت بإرتشاف بعض قطرات من الماء و أخذت تحاول تنظيم أنفاسها لتتفاجئ بهذا الصوت خلفها و هو يشد أجزاء سلاحه ليتوقف الماء في حلقها و تقوم بالإلتفات ببطئ لتجده يصوب فوهه سلاحه نحوها مباشرة فأخذ جسدها يرتجف رعبا و قالت بذعر

" انت هتعمل ايه ؟"


رائد بفظاظه

" اكتر حاجه بكرهها في حياتي الكذب ! و مبتهاونش فيه و خصوصا لو من ألد اعدائي.."

نيفين برعب

" بس انا عمري ما كنت عدوتك . انا مأذتكش أبدا والله دي سميرة الي .."


قاطعها بغضب

" اخرسي و انطقي مين الي باعتك .."

نيفين بإنفعال

" محدش ! انا مبقاليش حد بعد ما سميرة اتخلت عني و اترميت في الشارع و لما حاولت اوصلها اتهربت مني و راحت لعشيقها و أنا حياتي اتدمرت فقلت ادور عليك عشان تساعدني ناخد تارنا من عيله الحسيني ..محدش بعتني ليك والله "

رائد بغضب

" و انتي تعرفي عني ايه عشان تجيلي ؟ "


نيفين بأقناع 

" اعرف الي يهمني و هو انك بتكره العيله دي قد مانا بكرهها .. و أنهم خدوا منك كل حاجه حلوة في حياتك زي ما عملوا معايا !"


نظر إليها للحظات قبل أن يقول 

" مبرراتك مش مقنعه بالنسبالي .."

كلماته ارعبتها فقالت بصراخ

" ارجوك .. ارجوك نزل سلاحك دا و أنا هعمل كل الي انت عايزه .."


نظر إليها بغموض قبل ان يبتسم بمكر و يرمي بسلاحه جانبا و هو يفك أزرار قميصه قائلا بسخريه 

" تصدقي انتي جيتي في وقتك ! .."


تراجعت خطوتان الي الخلف و هيا ترتجف من فرط الرعب الذي جعلها تقول بفزع

" انت هتعمل ايه ؟؟"


رائد بتخابث

" انا مبستناش حد يديلي الي انا عاوزه . انا باخده بإيدي .."

انهي كلماته و هو يقترب منها و يقوم بشق فستانها الي نصفين فأخذت تقاومه و تصرخ قائله من بين قطراتها 

" لاااا .. ابعد عني ابوس ايدك .."


كتف رائد يدها فوق رأسها و قال بعنف 

" آخر مرة هسألك مين الي باعتك ..؟

صرخت قائله برعب 


" يوسف الحسيني!"


****************


بعد يومان كانت كاميليا تجلس في السيارة بجانب يوسف الذي أصر كثيرا بأن يخرج و الا يمكث بالمشفي أكثر من ذلك فوافق الطبيب علي مضض و أعطاهم التعليمات المشددة بجعله يرتاح و أخذ ادويته بمواعيدها حتي يلتئم جرحه و لكن الحقيقه ان جراحه كلها لا تلتئم سوي بوجودها لذا امتدت يده لتحاوط خصرها تقربها منه فوضعت رأسها بارتياح فوق موضع قلبه الذي كان يدق بقوة و كأن كل دقه تخبرها عن عمق عشقه لها فوضع قبله طويله فوق رأسها جعلت مراد الذي كان يجلس بجانب السائق ينفث النيران من أنفه غيظا من أفعاله مع ابنته التي قالت باهتمام 

" مش غلط كدا علي جرحك ؟"


نظر إلي داخل عيناها بحب و قال بخفوت

" جرحي انتي دواه .. خليكي جمبه كدا عشان يخف بسرعه ."

كاميليا بحب

" هفضل جمبك العمر كله .."

يوسف و هو يقرب رأسه منها ليسند جبهته علي جبهتها قائلا بحب

" مش هسمحلك تبعدي اصلا .."


ابتسمت قبل أن تقول بدلال

" قد كدا بتحبني !"

يوسف مصححا

" بعشقك .."

أنتشلهم من عالمهم الخاص صوت إصطدام باب السيارة الذي اغلقه مراد بعنف و هو يقول بحده

" وصلنا .."


انتفضت كاميليا في مقعدها و التفتت إلي مراد الذي كان الغضب يأكله فشعرت بالخجل يغمرها كليا من نظراته علي عكس يوسف الذي ترجل بهدوء من السيارة و امتدت يداه تمسك يدها فوجد الجميع بإنتظاره بدأً من والدته التي كانت تنظر إليهم بحنق لم تحاول إخفاءه و شاطرها مراد الشعور فكان ينفث اللهب من أنفه و بجانبه كان يقف كلا من أدهم و مازن ينظران إليهما بنصف عين و قال الأخير بنبرة منخفضه

" شايف ياخويا لازق فيها ازاي طبعا ماهي مراته مش احنا الي متشحتفين علي نظرة حتي ! جتنا نيله في حظنا الهباب.."


اجابه أدهم متحسرا

" اه ياخويا شايف .. طول عمره محظوظ الولا يوسف دا .. و البت مسلماه دماغها و ماشيه معاه حلاوة مش التانيه الي مطلعه عين اهلي .. يالا اللهم لا حسد .."


تدخلت روفان التي كانت تنظر إليهم بغضب و هيا تقول بتأنيب

" يا ساتر عليكوا بعد كل الي شافوه دا بتحسدوهم .. انا عرفت العذاب الي هما فيه دا بسبب ايه .. عنيكوا الي تفلق الحجر ."


نظر إليهم أدهم بغيظ قبل ان يقول بتوعد

" اخرسي يا اوزعه الكلب انتي مسمعش صوتك بقي انا تسلميني تسليم أهالي و تحكي للبت عن قاذوراتي ماشي أما وريتك .."


نهره مازن قائلا بلهفه

" اسكت الله يخربيتك لو جيت جمبها هتقول لعلى و هيبوظلنا الجوازة اكتر ماهي بايظه ..'


أدهم بتذكر

" اه صحيح . ماشي يا روفان اكتب كتابي بس و هدفنك في الجنينه الي ورا اصبري عليا .."


طالعتهم روفان بإشمئزاز قبل أن تنظر أمامها الي يوسف إلي كان يطالعهم بإندهاش و قرب رأسه من كاميليا قائلا بخفوت

" ايه الاشكال الغلط دي ؟ هيا الناس دي عامله كدا ليه ؟؟"

كاميليا بإستغراب

" معرفش يا يوسف هما متغاظين كدا ليه ؟؟"


يوسف بمكر

" ما تيجي نغيظهم اكتر .."

راقت لها الفكرة كثيرا فاقتربت منه تحاوط خصره بذراعها و هيا تقول بتخابث

" يالا "

قربها يوسف كثيرا إليه محاوطا كتفها بذراعه و تحرك بها متخطيهم جميعا و توجه إلي جده الذي كان يناظره بفرحه كبيرة لم يرها علي وجهه مسبقا و ما أن اقترب منه حتي احتضنه رحيم بشدة و سقطت دموعه و لكن تلك المرة كانت بفرح و سرور شديد من نجاته فقام يوسف بتجاهل انين جرحه و شدد من احتضانه كثيرا فقد شعر بعمق ألمه و تلك الكلمات التي لا يستطع نطقها فهو أكثر من يفهمه 

 نظر رحيم إلي عيناه بحب و فرحه كبيرة و قال بنبرة متحشرجه 

" متتصوروش فرحتي برجوعك لينا النهاردة عامله ازاي .."


يوسف بحنان

" عارف يا جدي .. ربنا يخليك لينا "


قال جملته الأخيرة بنبرة ذات مغزي و يده تلتف فوق كتفها ليبتسم رحيم و قد فهم معني حديثه فقال بنبرة حانيه قلما تظهر في صوته

" و يخليكوا ليا يا ابني و افرح بيكوا و اشيل ولادكوا قبل ما اموت .."


نطق الإثنان في صوت واحد 

" بعد الشر عنك .. "

ابتسم رحيم و قام بوضع قبله حانيه فوق رأس كاميليا و قال بنبرة معتذره

" ربنا يخليكي ليا يا مرات الغالي .. "


لم تتفوه بحرف انما اهدته نظرة حانيه و ابتسامه جميله فقد راقها كثيرا هذا اللقب اخترق أدهم صفوفهم و قال بنفاذ صبر

" بقولكوا ايه ما نعمل الفيلم الهندي دا جوا عشان البرد وجع ركبنا و فقرات ضهرنا شخشخت و كدا يعني "


طالعه يوسف باحتقار قبل أن يقول ساخرا 

" فقرات ضهرك شخشخت ..! انا كدا اطمنت علي مستقبلك .."


وصل إلي أدهم المغزي وراء حديثه فقال بحنق

" لا ياخويا مستقبلي مضمون متقلقش انت .."


دخل الجميع و كان آخرهم مازن الذي نظر إلي أدهم و قال بمزاح 

" الكلام دا يا معلم لو وصل لغرام تبقي خلصت مش هتبص في وشك تاني.. دا ضرب مفك في سمعتك هيخليك تعنس طول حياتك .."


أدهم بتهكم

" بس يا ظريف انت كمان .. بس هيا تلاحق عليا ياخويا .."


قهقه مازن و توجه إلي الداخل فوجد الجميع جالسا بغرفه الصالون يتبادلون أطراف الحديث لكن يوسف كان الألم قد زاد عليه فإستئذن منهم ليصعد الي غرفته فهبت صفيه قائله بلهفه

" هاجي معاك يا حبيبي عشان لو احتجت حاجه ؟"


شعر يوسف بأنه وضع في مأزق فهو أراد أن يختلي بها لبعض الوقت و لكنه لا يستطيع أن يحزن والدته لينقذه جده الذي شعر بما يدور بخلده و قال لصفيه 

" خليكي انتي يا صفيه انا عايزك في موضوع مهم .."


لم يكد يتنفس بإرتياح حتي تفاجئ عندما تدخل مراد الذي فهم ما يحدث و قال 

" روحي انتي يا صفيه شوفي بابا و أنا هطلع معاه اشوفه لو محتاج حاجه .."


و لكن جاء إنقاذ جده للمرة الثانيه عندما قال بنفاذ صبر

" و لا انت و لا هيا كاميليا هتطلع مع جوزها تديله ادويته و تأكله و تروح ترتاح هيا كمان عشان بقالها يومين قاعده معاه .. روح انت عالشركه شوف الشغل المتعطل هناك يا مراد مفيش وقت للدلع .."


زفر مراد حانقا و خاصتا عندما وافق يوسف و أخذ كاميليا و خرج سريعا قبل أن يتدخل اي احد آخر و يعرض مساعدته فقد ضاق ذرعا بما يحدث ليترك خلفه صفيه التي كان الغضب يأكلها و خاصتا عندما اقترب منهم رحيم قائلا بهدوء

" الي في دماغك دا غلط يا صفيه .. بلاش نعيد الزمن مرة تانيه الي فات خلاص مات و كل حاجه انكشفت مالوش لزوم نبدأ حروب جديده كفايه الي خسرناه .."


نظرت إليه صفيه بزهول و ما أوشكت علي الحديث حتي طالعها رحيم بتحذير و قال بقوة 

" اشتري سعادة ابنك يا صفيه و كفايانا بقي عذاب فيه ."


انهي رحيم كلماته و توجه إلي غرفته و فعلت روفان بالمثل بعدما نظرت إلي صفيه و قالت 

" جدو عنده حق يا ماما .. كفاياكوا مرمطه في الغلبانه دي .."


نهرتها صفيه قائله بغضب

" امشي يا بت انتي من وشي مش نقصاكي .."


 أدهم و مازن كانا منشغلان بحديث سري بينهم و الذي ما كان الا تخطيط آخر ليستعيد كلا منهما حبيبته فقال مازن بخفوت

" اسمع مني امك هيا الي هتجيب الناهيه يا ابني .. مشفتش البنات كانوا بيحضنوها ازاي في المستشفي و هما ماشيين"


ادهم بتذمر

" و لا هتجيب و لا هتعمل دي بق عالفاضي عشمتني و لا عملت حاجه و بعدين هيا مش طايقه سيرة اي حد من العيله دي اصلا .."

مازن بنفي

" لا هيا مش طايقه كاميليا و ناهد دي انما البنات لا و خصوصا بعد ما اتلموا حواليها قصاد الي اسمها ناهد دي كدا بقوا من حزبها افهم يا غبي .."


أدهم بتفكير

" طب و هنفاتحها ازاي دي شويه و هتطلع نار من بقها زي التنانين .."


مازن بخبث

" بص يا معلم احنا نمشي معاها علي طول الخط هيا قالبه علي يوسف و كاميليا نقلب احنا كمان عليهم تشتم نشتم معاها .. تتخانق نتخانق معاها كدا تعرف أننا حبايبها و في صفها قوم بقي عشان تغيظهم تجوزنا كارما و غرام ها قولت ايه ؟"


أدهم بإقتناع 

" هيا نظريه تحترم و كل حاجه بس احنا كدا مش هنبقي واطيين مع يوسف .."


مازن بإستنكار

" وحياة امك و هو لما ضرب الإسفين بيني و بين كارما و بينك و بين غرام مكنش واطي !"

أدهم بغيظ

" كان واطي و ستين واطي طبعا ."


مازن بأقناع

" بااس هو كان واطي معانا مرة نبقي احنا كمان واطيين معاه مرة و كدا نتساوي في نسبه الوطينه مع العلم أننا حاولنا نساعده و هو لبسنا في حيط انت نسيت و لا ايه ؟؟"


أدهم بحنق

" نسيت و دي حاجه تتنسي دانا كرامتي فقدت الذاكرة اليوم دا لما الخدامه جت قالتلنا يالا من غير مطرود عشان هيناموا .."

مازن بحنق

" و مين سمعك و أنا كرامتي لحد دلوقتي مش لاقيها بس مش مشكله كله هيطلع علي بنت الجزمه دي بس اتجوزها .. المهم معايا و لا ايه ؟"


أدهم بقوة

" معاك يا معلم .."

كانت صفيه تنظر أمامها بغضب و هيا تقوم بوضع الاطباق بعنف فوق الطاوله و هيا تشعر بالإهانه و الهزيمه للمرة الثانيه لا تعلم ماذا دهاها و لكن شيطانها كان يصورلها كاميليا بأنها ناهد هل يا تري يرجع هذا لقوة الشبه بينهم ام لأنها شعرت بان كاميليا أيضا قد أخذت كل اهتمام و حب يوسف لا تعلم و لكنها للأسف وقعت ضحيه لغيرتها و جرحها الذي انفتح مرة ثانيه بظهور غريمتها و إنكشاف المستور امامهم جميعا و بذلك قد تعري كبريائها أمامهم و قد جعل ذلك الغضب و الألم يعمي عيناها عن حقائق كثيرة أولهم أن زوجها بالفعل وقع بحبها و حاول جاهدا طوال السنوات التي قضاها بجانبها أن يثبت لها ذلك ..


وضعت آخر طبق بمكانه قبل أن يصل الي مسامعها صوت مازن الذي يقول لأدهم بتأثر مصطنع

" معقول يا ابني يوسف اخوك ازاي كدا ياخد كاميليا و يطلع و يسيب أمه تحت .. ينفع الكلام دا ؟؟"


ادهم بغضب مفتعل

" لا طبعا مينفعش .. دا واد عاق . ميعرفش قيمة أمه الي شالته في بطنها تسع شهور و كبرته لحد ما بقي بغل .. و فجاأة تيجي حته عيله صغيرة تاخد عقله كدا و تنسيه أمه . امه هو في زي ماما دي في الدنيا كلها .."


اكمل مازن تمثيله و هو يقول 

" انا عارف يا ابني . دانا بقول لكارما خالتو صفيه دي حماتك تشيليها فوق دماغك لما نجوز و تقوليلها يا ماما كلنا لازم نقولها يا ماما .. دي امنا كلها يا أدهم .."


أدهم بتأكيد

" ام المؤمنين كلهم يا ابني .. كل اصحابي بيحبوها …اه والله حتي البت غرام القادرة دي مابتحبش في الدنيا غيرها . "


" اه والله عندك حق .. هو في في حنيتها و لا طيبة قلبها. الواد يوسف دا لازم يتشد و أنا الي هقفله .."

عارضه أدهم قائلا 

" لا عندي انا الطلعه دي يا معلم انا الي هقفله .. "

مازن بحدة مصطنعه

" والله أبدا أنا الكبير و أنا الي لازم اقفله .. "


كانت صفيه تشتعل غيظا و جاء حديثهم ليصب الوقود فوق نيران غضبها فقالت بإنفعال 

" هو فعلا لازم حد يقفله .."


***************


في الأعلي دخل يوسف إلي الغرفه و معه كاميليا الممسكه بيده السليمه و اجلسته علي الأريكه و جلست معه لتبادره القول 

" حمد لله عالسلامه."

امسك يوسف بيدها و قال بتنهيدة 

" الله يسلمك يا حبيبتي.."

قطبت كاميليا حاجبيها و قالت بإستفسار

" ليه التنهيدة دي كلها ؟"


يوسف بتعب

" مخدتيش بالك من الحرب الي ديرة في البيت دي ؟"

كاميليا بنبرة ذات مغزي 

" خدت بالي بس مش شغلاني الحرب الي دايرة في البيت قد ما شغلاني الحرب الي بره البيت !"


وصل إليه المعني المبطن في كلماتها فقال 

" عايزة توصلي لأيه يا كاميليا ؟"

كاميليا برجاء

" عايزة اعرف حصل ايه بينك و بين الزفت دا و ناوي علي ايه ؟"


" هتستفادي ايه لما تعرفي ؟"

كاميليا بلهفه

" هطمن عليك يا يوسف ."

يوسف بحنان 

" اطمني يا كاميليا.."


كاميليا بإستنكار

" اطمن ازاي بعد الي حصلك دا .. يوسف حرام انا كنت هموت لما شفتك غرقان في دمك . المنظر مش قادر يروح من بالي و مش هقدر اتحمل يتكرر تاني ."


كانت الكلمات تخرج من بين شفتيها بصعوبه بالغه فقد كانت تشعر بالألم كلما تذكرت مشهده و هو غارق بدمائه و لحظات انتظارها له و هو بالعمليات كل هذا كل صعب للغايه و اكثر من مؤلم بالنسبه لها ليشعر هو بعذابها و يقترب منها ليحاوطها بيده السليمه و هو يقول بحنان 

" اهدي يا حبيبتي مفيش حاجه من دي هتتكرر تاني .. اطمني "


رفعت رأسها و قالت بإستنكار

" اطمن ازاي و.."

قاطع استرسالها في الحديث حينما وضع شفتيه فوق شفتيها واضعا فوقها قبله سطحيه و لكنها كانت قويه فاربكتها لتغمض عيناها و تسند راسها علي ذقنه ليضع هو قبله حانيه علي مقدمه رأسها و يقول بمداعبه

" مش هقدر اقاوم الإغراء دا اكتر من كدا .."

رفعت رأسها بخجل و قالت بتوتر بعد أن ابتعدت عنه قليلا 

" إغراء ايه هو انا عملت حاجه ؟"


يوسف بمزاح 

" مش لازم تعملي كفايه عنيكي الي بتعمل عمايل سودا في قلبي دي .."


ابتسمت بخجل و اخفضت رأسها فامتدت أصابعه تحت ذقنها لترفع رأسها إليه فنظر إلي عيناها بإبتسامه ماكرة قبل أن يقول

" بس انا مكنتش اعرف انك بتحبيني اوي كدا ."

كاميليا بخجل

" بحبك اكتر من كدا بكتير .."

نظر إليها بعشق كبير لم تبخل به عيناه التي كانت و كأنها تلتهمها من فرط شوقه إليها الذي جعلته يقول بأنفاس مقطوعه 

" مش المفروض نتجوز بقي .."


فطالعته كاميليا بحزن قبل أن تقول بدلال 

" اه عشان تطلقني بعدها و كدا صح ..( أخذت تقلد نبرته قائله ) هنتجوز و هنقعد فترة و بعد كدا هطلقك و نقولهم أننا مرتحناش مع بعض .. قدرت تقولي هطلقك يا يوسف ؟"

قالت جملتها الأخيرة بعتب كبير فضحك علي مظهرها الطفولي و هيا تقلده و قال بإستنكار


" بقي انا وحش عشان قولتلك هطلقك و أن افي عز غضبي منك و انتي كنتي ايه لما قولتيهالي خمسين مرة ؟"

كاميليا بعتب

  - " بس انا لما قولتلك كدا كان عشان خايفه عليك و كمان انت عارف اني هبله و بلخبط و آخري هاجي اترمي تاني في حضنك لكن انت لما قولت كدا كنت قاسي اوي و أنا عمري ما عرفتك قاسي كدا يا يوسف .. !"


زفر يوسف بتعب و أخذ يتذكر حالتة المذريه وقتها و قال بصدق

" كنت مجروح يا كاميليا.. كان جوايا جرح كبير منك بينزف و يا اما اترمي في حضنك عشان تداويه و ادوس علي كرامتي و دي وجعها هيبقي اكبر بكتير. يا اما ادوس علي جرحي و اتجاهله و اتجاهلك انتي كمان معاه.. عشان عشمي فيكي كان بيزود جرحي و وجعي منك اكتر في كل مرة كنتي بتخذليني فيها فاخترت احطك في مكان قلبي فيه ميستناش منك حاجه عشان اقدر اعيش و اكمل.."


نظرت إليه بعينان تحملان بداخلها جميع اعتذارات العالم و خرج صوتها متحشرجا و هيا تقول برجاء


" نفسي الاقي طريقه اقدر بيها امحي كل الوجع الي وجعتهولك دا . نفسي اعتذرلك بكل لغات العالم . نفسي ارجع طعم حضنك زي الاول .."


نظر إلي داخل عيناها بحب ثم احتوي وجنتيها بحنان و هو يقول بقوة

- " خليكي جمبي يا كاميليا... و اعرفي ان الحياة الي هعيشها و أنا مش معاكي هتبقي زيها زي الموت بالظبط لا دا الموت اهون عليا منها . مش عايز اكون انا الإيد الي بتوجعك و بيمسكوكي منها .. بالعكس أنا عايز اكون السلاح الي بتحاربيهم بيه . لما تخافي تجري عليا عشان امانك في حضني مش تجري مني و تضيعي و تضيعيني معاكي.."


لم تجبه انما ارتمت بين أحضانه و التفت يدها حول خصره تعانقه بقوة و بادلها هو العناق بيقول بعد لحظات


" عارفه اكتر حاجه زعلتني انك خبيتي عليا موضوع رائد دا ايه ؟"


" ايه ؟"


" اني حسيت اننا رجعنا لنقطه الصفر من اول و جديد و كإن كل الي فات و عشناه دا مهزش حاجه فيكي. بردو اختارتي تهربي مني و تخبي عليا .. انا مكنتش عايز منك اعتذارات بالبق انا كنت عايز منك تثبتيلي انك فعلا اتعلمتي الدرس عذرتك مرة و اتنين و قولت خايفه و بعد ما كل حاجه انكشفت قولت هتيجي تقول و بردو مجتيش قولت يمكن ناسيه يمكن مش عارفه تبتدي منين حاولت اقصر عليكي الطرق علي قد ما اقدر بس انتي في كل مرة كنتي بتهربي و دي اكتر حاجه بتعصبني منك .. اقفي و واجهي خدي حقك لو ليكي حق اعتذري لو غلطانه دا اهون الف مرة من هروبك .. يوم ما سمعتي كلامي مع أدهم في المكتب لو كنتي دخلتي و سألتيني كنت وضحتلك كل حاجه و إن دي تمثيليه عشان اعرف نيفين عارفه هيا مش بنت عمو مراد و لا لا و كنتي وفرتي علي نفسك وعليا كل العذاب دا ؟"


كاميليا بإندهاش 

" كنت هتحكيلي !! "

يوسف بتأكيد 

" طبعا كنت هحكيلك .. ليه مستغربه اوي كدا ؟"

كاميليا بتبرير

" يعني عشان انت مبتحكيش حاجه اصلا و دايما كدا غامض و ساكت .."


 ابتسم يوسف قبل أن يقول بتعجب 

" انا دايما ساكت ! دانا بتكلم معاكي انتي قد الي بتكلمه مع الناس الي في حياتي كلها عشر مرات انتي غير يا كاميليا.. انتي مراتي و حبيبتي نصي التاني و كل حاجه ليا .. دانتي ليكي صلاحيات مش عند حد ابدا هنستغليها امتا ..! "


 قال الأخيرة بمزاح و هو يضرب جبهته بجبهتها برفق لتبتسم هيا و هيا تقول بصدق

" انت عندك حق في كل حاجه و في زعلك مني بس والله حبي ليك و خوفي عليك هما الي خلوني اخبي عليك موضوع رائد و الي عملت حسابه طلع صح كنت هتروح مني.."


قالت الأخيرة بنبرة مبحوحه تزامنا مع نزول دموعها لتمتد يداه لتمسحها برفق و هو يقبلها من بين عيناها و يأخذها بين أحضانه لتريح رأسها فوق جزعه القوي و من ثم قال بحنان

- " كاميليا يا حبيبتي مش عايز كلامي يضايقك بس كل واحد فينا له عمر و ساعة موته متحدده من قبل ما يتولد حتي .. يعني مهما عملتي مش هتقدري تزودي في عمري ثانيه."


" يوسف! "

قالتها برجاء ليتوقف عن الحديث و تفهم خوفها علي حياته فزاد من إحتضانها و هو يقول بحنان


" ربنا يخلينا لبعض يا قلب يوسف .. عايزك تعرفي انك اغلي حاجه عني في الدنيا و الحاجه الصغيرة منك بتكون كبيرة عندي اوي سواء فرحتني أو زعلتني .. و انك الوحيدة في الدنيا دي الي ممكن اتكسر بيها.."


كاميليا بلهفه

" بعد الشر عنك .. ما عاش و لا كان الي يكسرك يا يوسف .. حقك عليا عمري ما هخبي عنك حاجه أبدا و لا هزعلك... انا مش عايزة من الدنيا دي غيرك اصلا .."


يوسف بمزاح

" يعني من النهاردة مفيش اسرار و لا وجع قلب و لا خصام و زعل."

كاميليا بدلال

" لا مفيش اي حاجه من دي بس في شويه زعل صغنانين قد كدا يعني لو عايز تصالحني اوك مش عايز تصالحني بردو براحتك.."


نظر إليها بمكر قبل أن يقول بلهفه

" إلا عايز اصالحك دانا اصالحك و نص كمان .."


أوشك علي إلتقاط شفتيها فجاء الطرق علي الباب ليزفر بحدة وهو يقول من بين اسنانه 

" اهرب بيكي اروح علي فين عشان محدش يقاطعنا.."


كانت تكتم ضحكتها بصعوبه علي مظهره خاصتا عندما ظهر رأس روفان من خلف الباب و التي قالت بمزاح 

" اجي و لا امشي ؟"


يوسف بفظاظه 

" امشي !"

نظرت إليه كاميليا بغضب فبادلها النظرات بلامبالاه فالتفتت الي لروفان التي قطبت جبينها و دخلت مغلقه الباب خلفها و قالت بحزن

" ايه يا أبيه امشي دي .. دانا حتي جايه اسليكوا .."


فأجابها يوسف بخفوت 

" علي اساس أننا كنا اشتكينالك .."

لكمته كاميليا برفق في ذراعه قبل أن تنظر إلي روفان و تقول بإحراج 

" روفي يا حبيبتي جيتي في وقتك انا اصلا كنت هناديلك .."


اتسعت ابتسامه روفان و اقتربت منا واضعه قبله فوق خدها و هيا تقول بمزاح 

" اصيله يا كامي و أنا حسيت بيكي و جيتلك جري . ياريت بقي تروحي تغيري هدومك و ترتاحي شويه و تيجي عشان نسهر سوي جيبالكوا حته فيلم فظيع.."


نظرت إليها كاميليا بزهول بينما استنكر يوسف حديثها و قال 

" نعم و الفيلم دا هيتسمع فين أن شاء الله اكيد مش في اوضتي .."


روفان بتأكيد 

" طبعا في اوضتك انا هفهمك اصبر بس .."

و قامت بإرسال غمزة إليه فناظرها بإستفهام فنظرت هيا الي كاميليا و قالت 

" ما تيالا يا كامي تروحي تغيري هدومك و تجبيلنا شويه حاجات كدا نتسلي بيهم .."


تحدث يوسف بغضب 

" حاجات ايه يا بت و تتسلي ايه اجري شوفي انتي راحه فين انا مش ناقص وش .."


احتضنت روفان كاميليا بطريقه مضحكه و هيا تنظر إليه من الخلف و تقول بشفتيها دون حديث 

" عيزاك في موضوع سر .."


يوسف بنفاذ صبر 

"ما تتكلمي يا بت انتي مش فاهم بتقولي ايه ؟؟"

التفتت كاميليا إليه بعد أن نفضت ذراع روفان من حولها و قالت بغضب

" بتقولك عيزاك في موضوع سر .. ( التفتت إلي روفان قائله بغضب ) ماشي يا ست روفان بقي في اسرار بتتخبي عليا .. عموما خليكي مع اخوكي انا خارجه اشبعوا ببعض. "


توجهت الي باب الغرفه و لم تلتفت لنداءات روفان ليوقفه ندائه فالتفتت ليرسل لها قبله علي الهواء فألقت عليه نظرة غاضبه و خرجت فوجد روفان تهرول جالسه بجانبه فقال بصدمه 

" ايه يا بت انتي في ايه ؟"  

روفان بصوت خافت 

" عيزاك في موضوع سر .."


يوسف بملل 

" جايه تفتني علي مين المرادي ؟"

روفان متصنعه الحزن 

" انا بردو يا أبيه فتانه .. الحق عليا اني خايفه علي مصلحتك و جايه انبهك .."

يوسف بمزاح 

" يا بت. صدقتك انا و انتي زعلانه .. انجزي في ايه ؟"

روفان بترفع 

" قبل اي حاجه اوعي تقول عليا فتانه دي تاني انا عمري ما كنت فتانه "

يوسف بسخريه

" طبعا انتي هتقوليلي.. انجزي .."


روفان بحماس 

" هقولك !!"


******************


كان راغب يدخل الي باب مكتبه و هو يرغي و يزبد و تلاه فاتح الذي شهد علي حالة الغضب الجنونيه التي انتابته فأخذ يكسر في المكتب حوله و هو يقول بصراخ 

" الغبي ضيع كل حاجه .. "

فاتح بهدوء

" اهدي يا باشا حصل ايه مع الجماعه ؟"

راغب بغضب

" الجماعه ! هه . انا فلت من تحت ايدهم بأعجوبه المرادي خصوصا لما قولتلهم أن الحاجه البوليس قبض عليها .. و لولا أن ليا سنين معاهم مكنوش عدوهالي و كان زماني في خبر كان و كل دا من ابن الكلب الي اسمه رائد .. أما وريته .."


فاتح بهدوء

" الجرايد كتبت كلها عن خبر نجاة يوسف الحسيني ..و قالت إن دي محاوله سرقه و الغريب بقي أنه متهمش حد في التحقيق و قال إنه مشفش الي عمل كدا .. تفتكر ليه ؟"


راغب بحنق

" طبعا عشان يتعامل معاه بمعرفته .. و الغبي التاني مفكر نفسه هيقدر عليه . بس انا مش هسكت .. انا لازم اخليه يخلص عليه قبل ما يعرف الحقيقه .."


فاتح بإستفهام 

" تقصد يوسف ؟"

" ايوا امال مين يعني "

فاتح بإندهاش

 " و لما يوسف يخلص علي رائد هتاخد تارك من ولاد الحسيني ازاي ؟"


راغب بشر

" ليهم عندي تخطيط ميخرش الميه بس اخلص من الغبي دا .. طمني في اخبار جديدة وصلتك ؟؟"

فاتح بنفي

" لحد الآن لا .. "

" خليك ماشي زي مانتا و لو فضل كدا يبقي لازم ادخل و اخليه يتحرك .. و وقتها هو الي جابه لنفسه .."


*****************


كانت صفيه بغرفتها تنظر إلي صندوق الصور الخاص بها و هيا تتذكر تلك الأيام عندما كانوا عائله سعيدة و كان اولادها مازالوا صغار و كيف كانت الضحكه تملئ وجهها في الصور و كيف انقلب الحال بلحظات لتنطفئ فرحتها للأبد و شعرت بأن آلامها و جراحها و كأنها حدثت البارحه فسقطت دموعها دون إرادتها و هيا تمسك بيدها صورة لصغيرها و هي تمسك بيده عندما كان يخطو اول خطواته في المشي و كيف كان يستند عليها و الآن أصبح يستند علي آخري و لا يحتاجها فانفطر قلبها ألما و خرجت تنهيدة حارقه من جوفها تحكي مقدار وجعها فاسندت رأسها للخلف بتعب انهك روحها كثيرا و صارت علي تلك الحاله لدقائق قبل أن تسمع طرق علي الباب جعلها تمسح دموعها بسرعه قبل أن تسمح للطارق بالدخول و الذي لم يكن سوي يوسف الذي تقدم الي الداخل و اغلق الباب خلفه و أخذ يوزع نظراته بينها و بين ألبوم الصور خاصتها فاقترب حتي جلس بجانبها علي السرير و قام بإلتقاط صورته التي بين يديها و ابتسم قبل أن يقول بهدوء


" كنت لسه بتعلم المشي .. بس كنت صغير اوي"

بادلته الإبتسام و هيا تقول بحنان

" كنت صغير بس كنت شقي .. و كنت مستعجل علي كل حاجه زحفت بدري و مشيت بدري و اتكلمت بدري .."


يوسف بمزاح 

" كنت مجننكوا بشقاوتي طبعا .."

صفيه بإبتسامه يشوبها الحزن 

" كان علي قلبي احلي من العسل .. ياريت الأيام دي ترجع تاني .."


تابع يوسف مزاحه قائلا

" يا ماما دا زمانك بتقولي الحمد لله أنه كبر عشان ترتاحي .."


نظرت إليه صفيه بألم و هيا تقول بتحسر

" لا مبقولش كدا يا يوسف و نفسي الأيام دي ترجع تاني عشان كنتوا كلكوا حواليا و في حضني .. انما دلوقتي كل واحد شاف حياته و مبقاش وجودي له لازمه في حياتكوا .."


كان يعلم بأنها تخصه وحده بالحديث و قد تألم لرؤيتها بهذا الحال و أن تشعر بكل هذا الألم فاقترب منها و هو يقول بلهفه حانيه

" ايه الكلام دا يا ست الكل .. احنا نقدر نستغني عنك بردو دانتي اغلي حاجه في حياتنا و لو مهما كبرنا عمرنا ما نستغني عنك ابدا .."


طالعته صفيه بعتاب و قالت من بين دموعها التي صدمته 

" كذب ! انا مبقاليش وجود في حياتك .. بقيت مركونه عالرف خلاص و جه الي خد مكاني و خد قلبك كله .."


صُدِم يوسف من مظهرها الباكي و حديثها فهو لم يكن يتوقع أبدا أن تحمل والدته بقلبها هذا الألم و خاصتا و هيا أكثر من كان يرحب بعلاقته بكاميليا بل و يدعمها لذا شعر بأن الأمر اكبر من ذلك بكثير فقال بإحتضانها بقوة فأخذت تبكي و ترتجف كطفل صغير و كانت شهقاتها تعلو و يزداد تمسكها به أكثر و هو لا يفعل شئ سوي احتضانها و تهدئتها و أخذ يمسح فوق رأسها بحنان الي أن هدأت تماما و رفعت رأسها تناظره و هيا تقول بخجل من إنهيارها أمامه بهذا الشكل 

" شكرا يا ابني .. تعبتك معايا ؟"


تعجب كثيرا من كلماتها و نظر إليها قائلا بإستنكار

" ماما انتي بتشكريني علي ايه ؟؟ عشان خدتك في حضني و انتي متضايقه شويه .. و بعدين انتي مصدقه الكلام الي انتي لسه قيلاه من شويه دا ؟؟"

صفيه بحزن 

" الكلام دا حقيقه يا يوسف بس انا عرفتها متأخر .."

يوسف بنفي قاطع

" مش حقيقي انتي اغلي حد عندي في الدنيا .. معقول يا ماما تشكي في غلاوتك عندي ! 

يا ام يوسف دانتي لو طلبتي روحي مأخرهاش عنك .."

نظرت إليه صفيه بألم قبل أن تقول بنبرة جامدة كانت جديدة كليا عليها 

" لو طلبت منك تطلق كاميليا عشان خاطري يا يوسف هيكون ردك ايه ؟؟"


نظر إليها يوسف بصدمه من نبرتها الجامدة و نظراتها القاسيه التي لم يعتدها منها أبدا فأين والدته الحنون التي لا تبالي لشئ بهذا العالم سوي سعادتهم ماذا دهاها لتصبح هكذا ؟ لما يشعر بأنها بهذا السؤال تخيره بينها و بين حبيبته ؟ عند تلك النقطه نبض قلبه بشدة من هذا الاختبار الصعب الذي وضعته به و شعر في تلك اللحظه بأن جميع حواسه توقفت عن العمل و لكن تبدل نظراتها بتلك الطريقه آلمه كثيرا فنظرت الخذلان تلك التي طالعته بها صدمته و جعلت الحديث يخرج من بين شفتيه خاصتا عندما كانت علي وشك الإلتقاف لتغادر فقال بقوة 

" هنفذلك طلبك يا أمي!"


كانت كلمته كالرصاصه التي اخترقت قلب تلك التي كانت يدها تمسك بمقبض الباب من الخارج لتشعر بيد قويه تعتصر قلبها الذي كان ينزف ألما فتساقطت عبراتها بقوة ظلت علي حالتها لثوان قبل أن تترك مقبض الباب و ترتد خطوة للخلف تريد أن تذهب الي ابعد مكان تستطيع فيه الصراخ حتي تتقطع احبالها الصوتيه فلعل هذا يخفف قليلا من ذلك الثقل العظيم الذي لا يقدر قلبها علي تحمله فما أن التفتت للمغادرة لكنها توقفت بأمر من قلبها الذي الي أن يصدق أذنها و شعر بأنه هناك خطأ ما لا يمكن له أن يتخلى عنها ابدا حتي ولو اجتمع العالم بأسره هو أخبرها و هيا تصدقه .

نظرت إلي الباب بألم و ترقب لما هو آت و لكن طال الصمت فصفيه التي لم تصدق اذناها التفتت إليه ناظره بصدمه حاولت تجاوزها حين قالت بتأنيب

" متعودتش عليك بتكذب يا يوسف !"


اقترب يوسف منها و نظراته تحمل الكثير من العتاب و الألم و قال بجمود 

" مبكذبش يا ماما لو عيزاني أطلق كاميليا أنا موافق بس هكون أتعس الإنسان في الدنيا .. هبقي اتنازلت عن روحي بإيدي هتبقي كإنك رمتيني في الجحيم بالظبط .. لو دا يرضيكي هعمله!"


كانت كلماته تخرج من أعماق قلبه تصل مباشرة الي قلبها الذي كان يعرف تلك الحقيقه تمام المعرفه و لكن حديثه آلمها كثيرا لأجلها و لأجله و لأجل ذلك القدر الذي وضعها في اقسي المواقف التي يمكن أن تتحملها أي امرأة ..


تابع يوسف حديثه قائلا بمرارة 

" و علي فكرة مش لوحدي الي هكون كدا .. كاميليا كمان هتبقي زيي و اكتر .. السؤال هنا بقي .. هتقدري تشوفيها كدا يا ماما ؟؟ هتقدري تشوفي كاميليا بنتك الي ربتيها من و هيا تلت سنين و كانت بتنام في حضنك زيها زي روفان هتقدري تشوفيها مكسورة كدا ؟؟ ردي عليا "


كانت كل كلمه تخرج من بين شفتيه كخنجر يستقر بقلبها الذي صرخ رغما عنها قائلا 

" اسكت يا يوسف ؟؟ "

هز يوسف رأسه و قال بإذعان 

" حاضر يا ماما هسكت .. "


التفت يوسف يود المغادره فصرخت هيا قائله بإنهيار

" استني يا يوسف . انا مش هقدر اكسرك و لا اكسرها انا بحبها زيها زيكوا بالظبط .. انا مش وحشه كدا .. بس انا ملقتش حد يحس بيا و بوجعي .. انا اتحملت وجع مفيش حد في الدنيا اتحمله.."

ناظرها يوسف بشفقه و ألم لحالها و قال بصدق

" غلط الي انتي حاسه بيه دا غلط .. الي حصل بينك و بين بابا زمان دا مش معناه أنه ماحبكيش ..

 بابا لو مكنش بيحبك مكنش هيكمل معاكي .. علي طول كنت بشوف في عنيه نظرات حب و اعتذار و احترام ليكي ازاي انتي مشوفتيهاش .. ازاي محستيش بحبه ليكي و أن ناهد دي كانت ماضي بالنسباله و عاش الباقي من عمره يحبك انتي .. "


لامست كلماته عمق جرحها فصرخت قائله 

" امال ليه جري عليها اول ما عرف انها مخانتهوش .. ضحي بنفسه عشان خاطرها .. ابوك لو وجعني في أول حياتنا عشانها فهو قتلني يوم ما قالي قبل ما يموت أنه هيروحلها .."


قاطعها يوسف مصححا

" هيا و ابنها يا ماما .. اي واحد في مكانه كان هيعمل كدا .. عارفه يعني ايه يتضح أنه كان ضحيه للعبه قذرة زي دي و له ابن اتنسب لواحد غيره .. الموضوع مبقاش حب دا بقي كرامه و كبرياء .. ازاي مش فاهمه دا ؟"


لم تجيبه بل اكتفت بالبكاء فاقترب هو منها قائلا بحنان 

" عليطي زي مانتي عايزة و خرجي كل الي جواكي بس عشان خاطري فكري بعقلك و اعرفي قيمه نفسك عنده و عندنا .. انتي احن و اعظم ام و زوجه في الدنيا .. اقعدي كدا مع نفسك و افتكري مواقفه معاكي و غيرته عليكي و خوفه و قلقه لما كنتي بتولدي أدهم و لا لما تعبتي و جتلك الحمي بعد ولادة روفان .. مين فضل سهران جمبك طول الليل و مسمحش لحد فينا يعملك اي حاجه و مسابكيش غير لما خفيتي .. مفيش راجل مابيحبش هيعمل كل دا .. افهمي و اقبلي الحقيقه دي بابا ماحبش في الدنيا دي حد قدك .."


أخذها حديثه الي لقطات من الماضي كانت فيها معه و بجواره يغدقها من حبه و حنانه و اهتمامه فقد قضت معه اجمل الاوقات و لم تشعر قط بأن هناك مجال لآخري في قلبه . فقد محي حنانه و احتواءه جرحا قد تسبب به سابقا فلما تتعذب هكذا الآن لما سمحت لتلك الترهات أن تستوطن عقلها ؟ لما قللت من قدرها بهذا الشكل ؟ بل و كانت علي شفير خسارة اثمن أشياءها في هذه الحياة و هو ولدها الذي كان يراقب تغيير تعبيرات وجهها و قد أيقن بأن حديثه أصابها في الصميم و لكن هناك دائما مجال للشيطان الذي أخذ يوسوس لها و ترجمة هذا بحديثها عندما قالت 

" انا خايفه عليك يا يوسف .. الناس دول مجابوش لينا غير العذاب و الموت .."


يوسف بإستنكار 

" ناس مين يا ماما !! طنط زهرة الي عاشت مقهورة طول عمرها من اول عملت عمي مراد الي ضيعت مستقبلها لأنانيه عمي احمد لظلم جدي و عذابه ليها !! و لا ناهد دي الي حتي لو كلامي هيزعلك بس دي الحقيقه أنها كانت ضحيه بابا و كبرياءه و غروره الي منعوه يسمعها و رماها هيا و ابنها الي بقي ألد اعدائنا دلوقتي .. 

و لا كاميليا الي عاشت حياتها كلها يتيمه و ابوها عايش عاشت في بيت اغلب الي فيه كارهينها و بيتمنوا موتها و بيعذبوها بالرغم من كل محاولاتي في حمايتها..

 في رأيي ان احنا الي لعنه و حطت عليهم يا ماما مش هما."


اخفضت صفيه رأسها بخجل فكل ما أخبرها به صحيح و هيا أكثر من يعرف ذلك فقد شهدت علي معاناتهم جميعا و كأن قلبها ينفطر ألما علي هذا الظلم الواقع أمامها و لم تقدر علي فعل شئ 

جاءت كلماته التاليه لتكون كالصوط الذي جلدها به عندما قال 

" فاكرة لما كنا في المستشفي و كاميليا تعبانه قوليلي ايه ؟ قوليلي اوعي تكون ظالم يا يوسف ! انتوا يا ولاد الحسيني عدوكوا تأذوه و حبيبكوا بردو تأذوه .. كلامك فوقني في الوقت المناسب و خلاني عرفت اتصرف صح و مكررش مع كاميليا غلطه بابا و عمو مراد.. جايه دلوقتي انتي تكرري غلط جدي مع كاميليا ؟؟"


انفعلت صفيه فقد آلمها حديثه و جعلها تشعر بمدي خطأها في حقه و حق كاميليا فقالت بإنفعال و قلب متألم 

" خلاص يا يوسف ارجوك اسكت .."


يوسف بمرارة

" حاضر هسكت .. عن اذنك .."

غادر يوسف و تركها و هو واثق بنسبه مائه بالمائه من أن حديثه قد وضعها على الطريق الصحيح و لكنه شعر بالإشتياق لحبيبته الجميله التي يأبي القدر تركها تحيا بسلام و دائما يحدث ما يعكر صفوها و لكنه اقسم بداخله علي الا يدع اي شئ في هذه الحياة يؤلمها فيكفي هذا العذاب التي تعرضت له .


ذهب إلي غرفتها و قام بطرق باب الغرفه مرة و اثنان و الثالثه قام بفتح الباب فلم يجد لها آثر ذهب إلي روفان يري أن كانت معها فلم يجدها ايضا بحث بجميع أرجاء المنزل و لكنها لم تكن موجودة أخذ ينادي عليها بصوت لهيف فلم يجد إجابه ليصطدم بأدهم الذي كان يتحدث بالهاتف فسأله بلهفه

" أدهم مشفتش كاميليا ؟"


أدهم بلامبالاة

" شفتها من شويه نازله من فوق و ناديت عليها بس تقريبا مسمعتنيش و طلعت علي بره .."


تسارعت أنفاسه و شعر بيد قويه تعتصر قلبه من أن تكون قد سمعت حديثه مع والدته و غادرته مرة آخري .. لأول مرة يشعر بأن قدماه لا تستطع حمله فكرة فقدانها مرة آخري مؤلمه بل مميته بالنسبه اليه فأخذ يدور حول نفسه و عيناه تبحث في كل مكان و قد اجتمع جميع من في المنزل علي صوت صراخه عندما قال بصوت هز أرجاء القصر 

" كاميليااااااااا" 


صُدِم الجميع من مظهره فلأول مرة يروه بهذا الضياع و الخوف فقد كان كطفل صغير تائه من والدته و كانت الدموع متحجرة بعينه التي تلونت بكم كبير من العتاب و اللوم و هو يناظر صفيه التي لم تحتمل نظراته و صرخت بالجميع قائله 

" انتوا واقفين متنحين كدا ليه .. يالا ندور عليها كلنا .. انا واثقه أن كاميليا هنا ممشيتش .."


قالت جملتها الأخيرة بتأكيد و هيا تنظر إليه تود طمأنته و انطلق الجميع للبحث عنها إلا هيا توجهت الي مكان متأكدة من أنها به جالسه تبكي وحدها كما كانت تفعل منذ أن كانت طفله ما أن يحدث شئ تذهب الي هناك و تبدأ بالبكاء و بالفعل وجدتها في تلك الحديقه الصغيرة التي تقبع خلف القصر و التي تزينها الورود بجميع انواعها فقد كان ذلك المكان المفضل لوالدتها و لها من بعدها و قد صدق حدثها بأنها ذهبت هناك لتبكي حتي لا يراها احد لذا اقتربت منها بخجل و اصوات شهقاتها يعلو ليزيد من عذاب ضميرها أكثر فترددت لثوان قبل أن تمتد يدها لتضعها فوق كتفها بلطف فرفعت كاميليا رأسها تطالعها بصدمه تحولت إلى عتاب كبير أصاب اعماق قلبها فسقطت دموعها و هيا تلتف تجلس بجوارها و تمسك بيدها قائله بمداعبه 

" بقينا بنات كبار و قمر كدا و لسه بنعيط زي الاطفال .."

علي العكس لم تهدأ شهقات كاميليا بل زادت كثيرا فشاطرتها صفيه البكاء بصمت و هيا تقول بحب 

" والله ما كنت اقصد .. حقك عليا .."


نظرت إليها كاميليا بحزن و قالت من بين شهقاتها

" هو انتي خلاص بقيتي تكرهيني ..!"

نفت صفيه بشدة و هيا تقول بلهفه 

" والله أبدا أنا عمري ما اقدر اكرهك .. انا عارفه اني غلطت في حقك بس انتي متعرفيش انا جوايا ايه ."


طالعتها كاميليا بألم و لوعه تجلت في نبرتها


" متكذبيش عليا .. انا سمعت كلامك مع يوسف.. بس عارفه انا موجعنيش طلبك له أنه يطلقني قد ما وجعني اني حسيت اني أتيتمت للمرة التانيه .. المرادي وجعها كان صعب اوي .."


قالت كلمتها الأخيرة بإنهيار لتندفع صفيه تأخذها بين أحضانها و هيا تبكي بشدة علي ما اقترفته يداها رغما عنها فهي تحبها كما تحب ابنتها و لم تفرق بينهم أبدا طوال حياتها آلمها كثيرا أن تكون هيا السبب في عذابها هذا و أن تعيش هذا الألم الكبير مرة آخري فصارت تقول بندم صادق 

" حقك عليا .. انتي بنتي . بنت قلبي يا كاميليا .والله مكنتش اقصد أبدا الي انتي حستيه دا بس الوجع كان كبير اوي عليا خلاني مش شايفه قدامي حقك عليا الف مرة .. انا متمنتش غيرك ليوسف و لا عمري هتمني . و لا كنت هقدر اقف لجوازكوا أبدا انتي حته مني زيك زيهم سامحيني ارجوكي .."


كانت كاميليا هيا الآخري تحتضنها بشدة و هيا تبكي ألما علي كل ما حدث معهم و بداخلها يلتمس قلبها لصفيه العذر فما مرت به ليس بالقليل و هيا تعلم كل العلم بأنها تحبها و تعتبرها ابنتها و لطالما كانت تدافع عنها و تحميها بقدر إستطاعتها لذا رفعت رأسها و هيا تناظرها بحب قائله 


" عارفه و مسمحاكي من قبل ما تطلبي مني دا بس غصب عني الكلام وجعني اوي .. مقدرتش اتخيل اني هتحرم من كلمه ماما تاني و لما اتعب مش هتكوني جمبي و اني مش هترمي في حضنك تاني ."

صفيه بنفي قاطع 

" متقوليش كدا ابدا . حضني دا هيفضل مفتوحلك طول مانا عايشه قبلهم كلهم .. "


ألقت كاميليا بنفسها بين أحضان صفيه تستمد منها الدفء و الحنان الذي تعودت عليه منها و لم تبخل عليها بل اغدقتها به و ظلوا علي هذا الوضع الي أن رأت صفيه يوسف يقف خلفهم و كان الغضب و الألم باد علي محياه فتراجعت صفيه و هيا تنظر إليه لتلتفت كاميليا فتجده يقف بشموخ و قد نفرت عروق رقبته دلاله علي غضبه الكبير فاندهشت كثيرا لما يطالعها هكذا و لكن صفيه كانت تعلم مدي غضبه عندما ظن بأنها قد غادرته مرة ثانيه اذا اقتربت منه و قالت بصوت خفيض لم تسمعه كاميليا

" عشان خاطري متزعلهاش . هيا مكنتش تقصد الي وصلك دا .."


لم يجبها انما اكتفي بهز رأسه و لم تحيد عيناه عنها في عتب غاضب و ما أن غادرتهم صفيه حتي امتدت يداه تقربها إليه بعنف لتلتصق بصدره و هو يقول بغضب 

" ليه عملتي كدا ؟؟"

كاميليا بعدم فهم 

"عملت ايه يا يوسف ؟؟"


يوسف من بين اسنانه 

" ازاي قدرتي تعيشيني الألم دا مرة تانيه . اختفيتي من البيت ليه من غير ما اعرف .."


فطنت كاميليا لما يقصد فقامت برفع كفيها لتحتضن وجهه فجفل هو من فرط الغضب فابتسمت بحنان قبل أن تقول بإعتذار

" حقك عليا والله انا مقصدش اني اقلقك كدا .. انا بس حسيت اني مخنوقه فجيت قعدت هنا شويه لوحدي لحد ما اهدي و كنت هرجع تاني علي طول .. و انت عارف من زمان اني لما يتضايق باجي هنا"

يوسف بحدة 

" طبعا سمعتي كلامي مع ماما و اني هطلقك و كالعادة جريتي قبل.."


وضعت اصبعها فوق شفتيه تمنعه من الحديث و هيا تقول بحب 

" مجرتش استنيت لما سمعت ردك الي قلبي قالهولي قبل مانتا تقوله .. بس كلام ماما صفيه وجعني اوي .."


" فقررتي توجعيني انا صح ..؟" 

كاميليا بلهفه

" أبدا والله انا قولت انت هتنام شويه .. و علي ما تصحي هكون انا رجعت .."


قاطعها بغضب 

" متعمليش كدا تاني و مهما سمعتي متمشيش حتي لو اتوجعتي الف مرة .. اقولك انا هضمن انك تسمعي كلامي و متبعديش عني تاني .."


اختتم جملته و قال صارخا 

" ناااصر .."

هرول ناصر قائد الحرس الخاص به فأمره يوسف بإعطاؤه مفاتيح السيارة وقام بجرها خلفه و هيا تقول بعدم فهم لما يفعله

" يوسف انت بتعمل ايه ..؟ احنا رايحين علي فين ؟ "


نهرها قائلا 

" و لا كلمه .. تسكتي خالص لحد ما نوصل .."


و قام بقيادة السيارة و كان الغضب يغلف ملامح وجهه الي أن وصل إلي الي مبتغاه فقام بإيقاف السيارة و توجه إلي أحد الشواطئ و هو يمسك بيدها و قام بمساعدتها للصعود الي أحد اليخوت و الذي لصدمتها كان يحمل اسمها و لكنها لم تعير الموضوع انتباه فقد ظنتها مصادفه و عندما صعدوا الي سطح اليخت قام يوسف بتشغيل المحرك و انطلق اليخت يشق طريقه في المياه وسط نظرت كاميليا المندهشه خاصتا عندما قال بأمر

" تحت في اوضتين تختاري واحده منهم تقعدي فيها و مسمعش صوتك ."


كاميليا بإستنكار

" افهم من كدا انك خاطفني ؟؟"


يوسف بغضب

" حاجه زي كدا .. و سواء دا عجبك أو لا انتي معايا هنا وريني هتهربي ازاي بقي ! "

اقتربت كاميليا منه في دلال و لفت ذراعيها حول عنقه و هيا تنظر الي داخل عيناه قائله بنبرة مثيرة

" و مين قالك أنه مش عاجبني ! و لا اني هفكر اهرب حتي ! انا اصلا مش عايزة غير اني اكون جمبك و معاك و بس ."


كان إغرائها قويا للغايه فهدرت الدماء بعروقه و زادت ضربات قلبه لأضعافها و تسارعت أنفاسه و هو يقاوم وجودها بين أحضانه و قام بصعوبه بالغه بتخليص نفسه من بين أحضانها قائلا بنبرة جاهد ان تكون ثابته

" هنقعد هنا كام يوم كل الي هتحتاجيه هتلاقيه في الغُرف تحت .. "


صُدِمت من حديثه فقالت بزهول 

" انت بتقول ايه ؟؟ طب و بابا و جدي و الناس الي في البيت هنقولهم ايه ؟؟"


يوسف بحنق

" والله حضرتك مراتي لو كنتي ناسيه يعني و محدش له حاجه عندي .. "

لم تتفوه بحرف للحظات فقد كان الأمر اكبر من قدرتها علي الإستيعاب و لكن ما أن و?

 


يوسف بحنق

" والله حضرتك مراتي لو كنتي ناسيه يعني و محدش له حاجه عندي .. "

لم تتفوه بحرف للحظات فقد كان الأمر اكبر من قدرتها علي الإستيعاب و لكن ما أن وجدته يلتف ينوي النزول الي المقصورة حتي أوقفته قائله بقصد إستفزازه

" علي اساس اننا هتفضل عايشين هنا عمرنا كله! ما اكيد هنرجع تاني و وقتها لو عايزة اهرب ههرب !"


توقف يوسف إثر حديثها الذي علم أنها تقوله لتستفزه لا اكثر لذا ابتسم بمكر تجلي في نبرته حين قال بتخابث

" ابقي وريني هتعمليها ازاي لما تشوفي المفاجأة الي انا محضرهالك لما نرجع !!"


شعرت به يقول شئ ما و لكنها لم تسمعه و لم يعطيها الفرصه للحديث بل دخل الي مقصورته و اغلق الباب خلفه و ظل علي هذا الحال لمدة اربعه ايام لا يحادثها سوي بكلمات مقتضبه عند الطعام الذي ما أن ينهيه حتي يتوجه الي مقصورته يمكث بها الي أن تذهب هيا الي النوم أو يجلس علي السطح يعمل علي جهاز الحاسوب الخاص به و لا يحادثها و لم يضعف أمام كل محاولاتها المستميتة لمراضاته و قد طفح بها الكيل في اليوم الرابع و قد أقسمت علي أن تحدثه اليوم أما لإنهاء الخصام بينهم أو الذهاب من هذا المكان اللعين و بالفعل توجهت الي غرفته فلم تجده فتوجهت الي سطح المركب لتجده ينهي محادثه هاتفيه فما أن همت بالحديث حتي بادرها قائلا بصرامه


" يالا عشان هنروح دلوقتي .."

جن جنونها عند نطقه لتلك الكلمات البسيطه فقال بغضب

" نعم ! نروح هو انت شايفني عيله صغيرة و بتعاقبني انك تجبني تحبسني هنا يا يوسف ؟"


لم يجبها يوسف انما ابتسم بسخرية و هو يقول 

" جهزي نفسك قدامنا عشر دقايق و نوصل الشط ."


ابتلعت غصه مريرة داخل حلقها من حديثه و تجاهله لغضبها و حزنها و لم تتفوه بحرف حتي عندما ترجلوا من السيارة أما بوابه القصر فاندفعت غاضبه للداخل و لم تلحظ وجود هؤلاء العمال المنتشرين بالحديقه فقد كان الغضب يعمي عيناها حتي عندما قابلتها روفان التي كانت تنظر إلي غضبها بفرح فوقفت أمامها قائلا 

" كامي .. "


تجاهلتها كاميليا قالت بإنفعال

" روفان اوعي .."


تخطتها كاميليا كما تخطت الجميع ممن كانوا ينظرون اليها بتسليه و هم يكتمون ضحكاتهم بإعجوبه من مظهرها الغاضب و عندما وصلت إلي باب غرفتها ففتحته بغضب لتتجمد بأرضها عندما وقعت عيناها علي فستان الزفاف الرائع الذي كان أمامها فشهقت بصدمه و حبست أنفاسها عندما تعرفت عليه نعم هو ذلك التصميم الذي كانت ترسمه في اوراق التدريب في ذلك اليوم الذي عنفتها به أميرة لتتفاجئ به متجسد أمامها فقد كان هذا فستان أحلامها و قد تم تنفيذه بحرفيه شديدة و هذا ما ازهلها لتتفاجئ بذراعان يطوقان خصرها من الخلف و إصطدامها بجزعه القوي و رائحته العذبه غزت أنفها و قد دفن رأسه في تجويف عنقها قائلا بنبرة جذابه 

" مبروك يا احلي عروسه في الدنيا.."


لم تصدق أذنيها ما تسمعه فالتفتت تنظر إليه و لم تترك يديه خصرها فأخذت تطالعه بعتاب كبير و هيا تقول  

" مش فاهمه تقصد ايه ؟؟"


ابتسم علي مظهرها الذي لا يزال غاضبا و قال بتسليه

" بقولك (ثم قام بوضع قبله رقيقه فوق ارنبه أنفها و تابع ) مبروك ( قام بوضع قبله فوق خدها الأيمن و تابع) يا ( و فعل المثل مع خدها الأيسر ثم تابع ) احلي ( و وضع قبله آخري فوق جبهتها و تابع ) عروسه (و وضع قبله فوق شفتها العلويه و تابع ) في ( و وضع قبله فوق شفتيها السفلي و تابع ) الدنيا ( عند نطقه الكلمه الأخيرة التهم شفتيها بين شفتيه بقوة نابعه من إشتياقه لها طوال الأيام الاربعه المنصرمه فلقد كان يمنع نفسه عنها بصعوبه شديده و هو يحضر لتلك المفاجأة و هيا حفل زفافهم الذي كان يعد الدقائق و الثواني ليأتي هذا اليوم و يعلن عشقه لها أمام العالم أجمع وبأنها أصبحت له و علي اسمه . أخذ يعمق من قبلته و يمتص رحيقها العذب حتي شعر بها تدور بين يديه ليتركها علي مضض و هو ينظر إليها بحب تحول الي تسليه عندما شاهدها و هيا مغمضه العينان و قد داهمها الدوار فقال بمداعبه

" كل دا من بوسه امال هتعملي ايه في الي جاي .. لا اجمدي كدا دانا هطلع عليكي القديم و الجديد .."


لكمته في كتفه فقد غمرها الخجل من حديثه فقهقه علي مظهرها الشهي فقد غزي الإحمرار خديها فاقترب منها و وضع قبله سطحيه فوق خديها و قال بخفوت 

" قدامك ساعه بالظبط تجهزي فيها اكتر من كدا مش هقدر اصبر و هتلاقيني جاي شايلك هيلا بيلا و لاغي الفرح دا و واخدك علي مكان محدش يعرف يوصلنا فيه و اصفي حسابي بقي براحتي .."


قال جملته تزامنا من غمزة وقحه من عيناه اربكتها و زادت من خجلها فقالت بغضب مصطنع 

" يوسف بطل بقي و بعدين انا مخصماك اصلا .."

يوسف بحب 

" تؤ . اجلي الخصام دا لبعد الفرح و أنا اوعدك هصالحك كما يجب أن يكون سبيلي نفسك بس .."


" يووه بطل بقي و اتفضل روح من هنا عشان اجهز انا مقداميش وقت كتير ."


يوسف بحب 

" انتي يا حبيبتي قمر مش محتاجه حاجه خالص لو اطول اخبيكي عن كل العيون هخبيكي و مش هخلي حد يشوفك اصلا .. " 


" بحبك اووووي .."

يوسف بقهر

" طب أخرج و اسيبك ازاي بعد الي قولتيه دا ؟"


كاميليا بدلال 

" لا أخرج و أنا مش هتأخر عليك "

وضع قبله فوق ارنبه أنفها و قام بالخروج من باب الغرفه لتضع يدها فوق قلبها الذي كان يدق بجنون غير مصدقه لما يحدث معها فهل فعلا اليوم هو يوم زفافها علي حبيبها الذي لم تتمني من هذا العالم سواه ؟؟ 

أخرجها من أحلامها انفتاح الباب علي مصراعيه لتجد ثلاث من العيون يناظرناها بحب و هما غرام و كارما و روفان و فجأه نطق الثلاثه في صوت واحد

" كاااااامي .. مبروووووك .."


و هنا خرجت الامور عن السيطرة فقد قام الثلاثه بالقفز فوقها و احتضانها بشدة و فجأة صدح صوت أحدي الاغاني الشعبيه لتقوم الفتيات بالرقص حولها في مرح و سعادة و بعدها جاءت خبيرة التجميل لتضع لها بعض من مساحيق التجميل البسيطه التي زادت من جمالها الذي كان مشع بفعل فرحتها النابعه من قلبها و التي لم تشعر بمثلها في حياتها و بعد بعض الوقت كان الجميع قد استعد و تعالت الدقات علي باب الغرفه فالتفت الجميع ليروا مراد الذي جاء لياخذها ليسلم العروس الي عريسها الذي ينتظرها بالأسفل علي احر من الجمر و قد كانت عيناه تترقرق بالدموع لرؤيتها بهذا الجمال فاقترب منها قائلا بحنان 

" بسم الله ما شاء الله يا حبيبتي زي القمر .."


كانت فرحتها عظيمه للحد الذي مسح علي جميع اوجاعها فطابت و شعرت في تلك اللحظه أنها قادرة علي مسامحه الجميع فقامت بعناقه بحب كبير و هيا تقول بحنان

" ربنا يخليك ليا يا بابا .."


كانت الكلمه لها مذاق رائع من شفتيها فجعلت الدموع تفر هاربه من عيناه لتمسحها هيا برفق و يقوم هو بتقبيل يدها قائلا بتأثر

" كلمه بابا منك حلوة اوي يا كاميليا.. كان نفسي اسمعها منك قبل ما اموت .."


" اشش متقولش كدا تاني ربنا يخليك ليا و يطولي في عمرك ."


ابتسم مراد بحنان و انطلق صوت غرام من خلفهم 

" لا والنبي يا عمو بلاش دموع الميكب لو باظ هيتعمل مننا بطاطس محمرة احنا واخدين إذن ساعه واحده و مفاضلش فيها غير يدوب خمس دقائق .. "


ابتسم مراد علي مزاح غرام و قام بإمساك يد كاميليا التي شبكت يدها بذراعه و خرج الي خارج الغرفه فإنطلقت الزغاريد خلفهم ليلتف بلهفه ناظرا الي الاعلي و دقات قلبه تدق بعنف فهاهي حبيبته و معذبة قلبه ستصبح له و زوجته امام الجميع و لن يستطيع احد في الكون تفريقهما .


كان مشهدها و هيا تنزل الدرج بجانب مراد مهيب لدرجه دمعت لها الأعين و تحركت لها القلوب كانت كالاميرات في هذا الفستان الرائع الذي كان يجسد تفاصيل جسدها البض دون إبتذال بل كان آيه في الجمال و الفخامه و الرقي و كانت طرحتها البيضاء تتدلي فوق وجهها تحجب جمالها المشع عن الجميع و قد راق له هذا كثيرا فهذه هيا أمنيته و لكن لم تكتمل فعندما وصلت إليه و قام مراد بتسليمها إليه بعد أن أوصاه كثيرا عليها طالبه الجميع برفع الطرحه عن وجه العروس كما العادات ففعل ذلك علي مضض لتتعلق عيناه بتلك الحوريه الجميله بل الرائعه الجمال التي هبطت من السماء لتكون ملكه هو فقط فقد كانت جميله بطريقه خاطفه للأنفاس فضلا عن قلبه الذي كان يقع بعشقها في كل مرة يراها فيها . اقترب منها و وضع قبله حانيه فوق جبهتها و رفع رأسه ينظر إلي بحور العسل الذائب في عيناها و قال بلهجة مبحوحه من فرط التأثر

" و أخيرا يا عشقي الاول و الاخير .."


ناظرته بعينان تحويان من الحب اطنانا و قالت بخفوت 

" أخيرا يا يوسف .."


شبك يدها في ذراعه و توجه إلي الحديقه لتكون المفاجأة الكبري و هيا منظر الحديقه الخلاب فقد زينت و كأنها افخم القاعات و قد كان كل شئ مزين بالورود التي تعشقها و حتي ذلك الممر الذي كانوا يمشون فوقه تزينه الورود من كلا الجانبين و قد كان المنظر مبهج كثيرا و اشعرها بالفرح الذي لم تذق مثله في حياتها و اخيرا وصلوا الي المكان المخصص للعروسين ليوقفها يوسف و يأخذ اتجاه آخر فقطبت حاجبيها لتتفاجئ من تلك الطاوله الذي يجلس عليها شيخ فقالت بعدم فهم 

" هو مش دا مأذون ؟"

" ايوا مأذون ."


" و بيعمل ايه هنا هو احنا مش كاتبين كتابنا قبل كدا ! 

يوسف بحب

" ايوا كاتبين كتابنا قبل كدا بس معملناش حفله و مكنش حد يعرف .. عشان كدا قولت نعيده تاني قدام الناس كلها عايزك تعيشي كل اللحظات الحلوة الي في الدنيا .."


تساقطت الدموع رغما عنها من روعه و حلاوة كلماته و إصراره علي جعلها تعيش تلك اللحظات الرائعه فخرجت الكلمات من بين شفتيها غير مرتبه 

" انا بحبك اوي .. انا مش عارفه اقولك ايه .. بحبك دي كلمه قليله اوي عالي انا حساه ناحيتك .. انا .."


قاطعها يوسف و قال بمداعبه

" نكتب الكتاب بس. نخلص الفرح دا و أنا هخليكي تقولي الي متخيلتيش انك تقوليه في حياتك اصبري عليا بس .."

شعرت بالتلميحات المخجله في حديثه فناظرته بتأنيب و لم تتفوه بحرف فابتسم هو و قام بإجلاسها حول طاوله الزفاف بجانبه و أمامه جلس مراد و علي يمينه كلا من أدهم و مازن الشاهدان علي كتب الكتاب و امتدت يد مراد لتمسك بيد يوسف و هما يرددان كلمات الشيخ في فرح و سعادة الي أن تم عقد القران و تعالت الزغاريد و أصوات الفرح حولهم ليقوم يوسف بحملها و الدوران بها كالاميرات وسط التصفيق الحار حولهم و أصوات الصفير الذي أطلقها كلا من مازن و أدهم فقد كان الجميع فرح بصورة كبيرة جدا لم يشهدها هذا القصر مسبقا و قد كانت نصف تلك سعادة تقبع في قلوب ابطالنا يوسف و كاميليا فعندما انطلقت الموسيقي اخذها يوسف بين أحضانه ليرقصا علي انغام تلك الاغنيه الرائعه التي شعرت كاميليا و كأن كلماتها كتبت خصيصا له 


((( ياما عشت اتمني اقابلك يالي زيك مش كتير .. مش مجامله عشان بحبك دانتا ليا حاجات كتير .. هيا كام مرة هقابل حد بيحب بضمير حد عاش عمره عشاني و قلبه ليا بيت كبير .. عمري ما انسي انا قبلك كنت في ايه و معاك بقيت انا ايه انا باقي ليك و لحد ما عمري . ينتهي هفضل يا حبيبي معاك و هعيش و اموت بهواك انا ليا مين غيرك حبيب عمري ..)


كانوا يتمايلون علي انغام الاغنيه و كانت العيون تنطق بما لا تستطع الشفاه قوله فعشقهم الكبير كان يزداد كل دقيقه بل كل ثانيه و لم يستطع أي شئ في هذا العالم الوقوف بوجهه و اخيرا تكلل هذا العشق بزواجهم و ارتباطهم الروحي للابد و لكن فجأة توقف العالم حولهم و تبدلت أصوات الفرح الي شهقات وصرخات اثر إندلاع صوت الرصاص حولهم و ……

الفصل السابع والخمسون من هنا


 

تعليقات



×