رواية لا تترك يدي الفصل السابع 7 بقلم هند رفاعي


 رواية لا تترك يدي الفصل السابع 

دخلت سعاد غرفتها ووجدت إبراهيم مستيقظ وجالس على السرير.
"يعني ما نمتش يا حاج."
"أنام أزاي بس يا أم صالح؟ عرفت أيه اللي حصل بين الأولاد؟"
"أيوة يا حاج عرفت كل حاجة."
"طيب ما تفهميني. خالد عمره ما مد ايده على حد. أنا مش مستوعب انه يضرب ابن عمه ويسيحه دم."
جلست سعاد بجواره وقالت.
"أنا مش هاقول لك أي حاجة. أنت مش بتصدق حديتي. أنا هاجيب لك ابنك هنا يحكي لك اللي حصل بنفسه."
"خلاص ناديه يجي يقول لي اللي حصل ايه."
خرجت سعاد من الغرفة وعادت بعد دقيقتين ومعها هشام. وقف هشام مطأطأ الرأس أمام والده.
"قول لي يا هشام. أيه اللي خلاك تمد أيدك على ابن عمك وهو كمان يمد ايده عليك؟"
أجابه هشام دون أن يرفع رأسه بصوت منخفض.
"مش عارف أقول لك ايه يا أبا الحاج. أنا خجلان قوي."
وقف إبراهيم وأقترب من أبنه وقال له.
"ما تنطق يا ولا. أيه اللي حصل خلاكم تضربوا بعض كدة."
"أنا زهقت من قاعدة المستشفى. فخرجت أشم شوية هوا بالعربية. بعد شوية كدة قولت أكيد زمانكم روحتوا البيت. فرجعت على هنا على طول. دخلت لاقيت البيت ساكت خالص. أستغربت لأن المفروض أن مريم وبكر هنا حتى لو أنتم لسة في المستشفى. قربت من غرفة الضيوف أشوفها موجودة ولا لأ. سمعت صوتها زي ما يكون بتستنجد بحد. عمالة تقول سيبني. عمك الحاج هيجي دلوقت. وكلام زي كدة. أنا قلقت عليها. خبطت على الباب الصوت اتكتم خالص. فضلت اخبط علي الباب وأنادي عليها مفيش أي رد منها. كسرت الباب لاقيت خالد."
صمت هشام للحظة وشاح بوجهه بعيد عن عيون والده. أقترب منه والده ومسكه من ياقته وسأله بحدة:
"لاقيت أيه أنطق أتكلم."
"لاقيت خالد حاضنها بالعافية وكاتم بقها بايده علشان ما تطلعش صوت. دمي غلي ضربته وضربني وبعدين انتم جيتوا."
"مش ممكن. خالد ابن اخوي ما يعملش كدة واصل. الكلام ده مش ممكن."
"قولت لك ما صدقتنيش. شوف بقى اللي بيحصل في بيتك. إبن أخوك كان هينجس بيتك يا حاج."
جلس إبراهيم على السرير عينيه زائغتين ويقلب كفا بكف.
"أنا مش مصدق وداني. خالد متربي كويس. مش ممكن يعمل كدة."
جلست سعاد بجواره وأشارت لهشام ليخرج من الغرفة ويتركهم واقتربت من إبراهيم وقالت له.
"وفيها ايه يتصدق ولا لأ. ده شاب صغير في عز صحته وفورة الشباب. ولا له اب ولا ام يصدوه. مستني منه ايه. وكمان هيسافر مصر ويعيش هناك لوحده في الشقة. شوف بقى هيعمل ايه هناك. إذا كان في بيت عمه ووسطنا وعمل كدة. أمال هناك لوحده بعيد عننا وعن عيوننا هيعمل ايه بقى. مش بعيد أنه يشغل الشقة في الحرام."
فز إبراهيم في جلسته وثار عليها.
"أخرصي يا ولية. مش ناقص كلامك السم ده. أنا اللي في مكفيني."
"خلاص هأخرص أهه. على رأي المثل. يا داخل بين البصلة وقشرتها. أنا ايه اللي دخلني بينك وبين ابن اخوك."
رقدت سعاد على السرير وضعت الغطاء فوق رأسها ونامت وتركت زوجها طول الليل تنهشه الظنون والأفكار.
* * *
في الفجر، أرتدى إبراهيم عباءته وتوجه للخروج ليصلي الفجر جماعة مثل كل يوم. توقف عند الباب عندما سمع صوت ابن أخيه يناديه.
"أستناني يا عمي. أنا جي معك أصلي."
وقف إبراهيم مكانه دون أن يلتفت لخالد. أسرع خالد خطاه ووصل لعمه. وذهبا معا لصلاة الفجر. بعد الصلاة تردد خالد قبل أن يصارح عمه بنيته لأخذ مريم معه للقاهرة.
"أنت زعلان مني يا حاج؟"
أشاح إبراهيم وجهه للطرف الآخر ولم يجيبه.
"في ايه بس يا عمي؟ زعلان مني ليه؟"
"أنت عارف يا خالد اللي حصل إمبارح."
"هي مرات عمي حكت لك؟"
"قالت لي كل حاجة هي وهشام. أنا مش مصدق اللي قالوه."
"ما تزعلش نفسك يا حاج. وزة شيطان. الواحد فينا ضعيف قدام شيطانه"
"أنا مش عاوز اللي حصل منك ده يحصل تاني أبدا."
ظن خالد أن عمه يتحدث عن ضربه لهشام.
"حاضر يا عمي. أوعدك مش هيحصل تاني. زي ما قولت لك هي وزة شيطان. وأنا ما قدرتش أمسك نفسي. أنا أسف."
"خلاص مش عاوز نتحدت في الموضوع ده تاني. قفل على السيرة العفشة ده."
"حاضر يا عمي."
أكملا طريقهما في صمت. عندما وصلا للمنزل كانت سعاد ومريم يجهزان الفطار. نادت سعاد على خالد للمطبخ.
"خالد تعالى شيل معي شوال الطحين ده."
"حاضر يا مرات عمي."
دخل خالد المطبخ وسألها.
"فين شوال الدقيق يا مرات عمي."
"سيبك بس من الدقيق وقول لي. هتاخد البلوة ده معك وأنت مسافر."
"بلوة أيه يا مرات عمي؟"
"البلوة اللي أنت بليتنا بها. مريم."
نظر خالد لمريم الواقفة أمام الموقد ودموعها تنهمر من عيونها مستمعة لحديثهم. تنهد خالد وقال لزوجة عمه.
"أيوة يا مرات عمي. هأخد مريم معي إن شاء الله. هقول لعمي دلوقت."
"كويس. علشان أنا مش هسمح لها تبات ليلة واحدة تاني هنا. كفاية قوي اللي حصل بسببها."
"عاوزة حاجة مني ولا اروح أنا يا مرات عمي."
"لا لكن ما تنساش تفاتح عمك في الموضوع."
"حاضر."
ألقى خالد نظرة ليطمئن مريم قبل أن يخرج من المطبخ. بعد دقائق قليلة جلس الجميع على طاولة الطعام وبدأوا في تناول إفطارهم. قرر خالد أن يخبر عمه بقراره الخاص بمريم.
"عمي كنت عاوز أستأذنك في حاجة."
"خير يا خالد؟"
"أنا هأخد مريم معي مصر."
ترك إبراهيم الخبز من يديه ونظر لخالد بصدمة.
"نعم؟ أنت بتقول أيه؟"
"بقول يا عمي أني هأخد مريم معي مصر. أنا هأشوف لها مكان تقعد فيه هناك في مصر."
"وليه بقى إن شاء الله؟"
"أنا هأرتاح أكتر لما تبقى هناك تحت عيني."
"ترتاح أزاي يعني؟ أنت مش كنت هتسافر لحالك النهاردة؟ ولسة امبارح الصبح موصيني عليها. ليه بقى دلوقت عاوز تأخدها معك؟"
"أيوة يا عمي لكن ده كان قبل اللي حصل إمبارح."
"ما علشان اللي حصل إمبارح ما ينفعش تاخدها معك."
"يا عمي."
"بلا عمي بلا هباب. أنا قولت كلمة ومش هتنيها. أنت ما ينفعش تأخد مريم معك."
قام إبراهيم وتركهم جميعا مذهولين من ثورته. قامت سعاد وتبعته لغرفته. دخلت الغرفة وجدت إبراهيم جالس على الأريكة ورأسه بين يديه.
"أستغفر الله العظيم. أستغفر الله العظيم."
"مالك يا حاج. معصب نفسك ليه بس؟"
"أكتمي خالص. مش عاوز أسمع حسك."
"أستهدى بالله بس كدة. وحد الله وفكر بهداوة."
زفر إبراهيم زفرة طويلة ثم مسح على وجهه بيده وقال.
"لا إله إلا الله محمد رسول الله."
"بس أهدى كدة وقول لي. أنت رفضت ليه أنه ياخد البنت معه؟"
"أنت لسة بتسألي يا حرمة. بعد اللي حصل إمبارح وبتسألي."
"ما علشان اللي حصل إمبارح بقولك وافق أنه ياخدها معه. لكن أشرط عليه الأول أنه يعقد عليها."
"نعم؟ أنت بتقولي أيه؟ بقى خالد يتجوز ده؟"
"القلب وما يهوى يا حاج. هو عجبته البنت. خلاص جوزها له. بدل ما يعمل حاجة في الحرام. يعني أنت لو منعته من البنت ده. هتمنعه أزاي من اللي هيشوفه في مصر؟ على الأقل لو أتجوزها تصونه من الحرام وتساعده على شيطانه."
"لكن مش ده يا أم صالح. البنت لا نعرف لها أصل من فصل. أنا كان نفسي أجوزه أحسن واحدة في الدنيا ده كلها. ده الغالي ابن الغالي. كنت عاوزه يكمل علامه وبعدين يقعد ويختار ويتشرط. ما كنتش اعرف أنه مستعجل قوي كدة."
"بصراحة البنت عاشت معنا ثلاث شهور دلوقت وما شوفناش منها العيبة. عارف لو يوم ما جابها هنا وقال اتجوزها كنت أنا اللي أقول لك ترفض. لكن البنت فعلا كويسة وغلبانة. وانت بنفسك يا حاج قولت كذا مرة الله اعلم بظروفها. والواد عشقها. خلاص يبقى يتجوزوا."
"جواز أيه بس يا حاجة. هو الواد جاب سيرة جواز. هو قال لي هاخدها معي. ما جابش سيرة الجواز أبدا ولا يفكر فيه."
"هو لسة صغير. مش بيفكر في جواز ولا مسئولية. عاوز يبقى حر يعمل كل اللي هو عاوزه. أنت عمه. أنت اللي توعيه وتفهمه. هو مش عاوز يتجوز. عاوز يعيش حياته بالطول والعرض. وده غلط. لازم تقف له وتفهمه."
"فكرك كدة يا حاجة؟"
"طبعا يا حاج."
"اللي فيه الخير يعمله ربنا."
* * *
سمعت مريم ما دار بين خالد وعمه وعلمت برفض عمه لسفرها معه للقاهرة. وقفت تبكي في المطبخ وهي تغسل الأطباق وتقوم بأعمال المنزل. دخل خالد المطبخ ووجدها تبكي.
"مريم بتعيطي ليه؟"
مسحت مريم دموعها وواجهته.
"عاوز حاجة يا خالد؟"
"كنت عاوز كوباية شاي. لكن قولي لي بتعيطي ليه؟"
"هأعمل لك الشاي حالا."
استدارت مريم ملأت أبريق الشاي بالماء ووضعته على الموقد.
"ماشي لكن ما جاوبتنيش."
أجابته مريم دون أن تلتفت إليه.
"مفيش يا خالد."
"لا في. قولي حصل حاجة تاني النهاردة. هشام ضايقك تاني."
شعرت مريم بقلقه عليها وغضبه لذكر ما حدث في الليلة السابقة فألتفتت إليه تطمئنه على الفور.
"لا خالص أنا ما شوفتوش من إمبارح."
سألها خالد بهدوء وحنان.
"أمال أيه اللي مزعلك؟"
"أنا سمعت اللي حصل بينك وبين سيدي الحاج."
"آه"
صمت خالد قليلا وهرب بعينيه من نظراتها. بعد عدة ثواني نظر لها وقال بثقة.
"أنت ما تقلقيش خالص. أنا هاتصرف. مهما حصل مش هسيبك هنا لوحدك. حتى لو حصلت أني أتخانق مع عمي."
فزعت مريم مما سمعت وقالت له.
"لا أرجوك. أنا مش قلقانة على نفسي ولا اللي ممكن يحصل لي. أنا مضايقة أني كنت السبب في خلاف بينك وبين عمك. أنا شوفت قد أيه عمك بيحبك وأنت بتحبه. وأضايقت جدا النهاردة لما شوفته زعل منك وقام."
"ما تقلقيش. سيبها على ربنا وإن شاء الله هتتحل بدون أي مشاكل. أرمي حمولك على الله وكله هيبقى خير إن شاء الله."
"ونعم بالله."
"هو الشاي ده جملي ولا أيه. ده ما كانتش كوباية شاي ده اللي هنفضل ساعة مستنينها."
أبتسمت مريم والتفتت للموقد وأخذت أبريق الشاي وصبت له كوب.
"خلاص خلاص. الشاي اهه جاهز. وأسفة على التأخير."
أخذ منها خالد كوب الشاي ونظر لها بغضب مصطنع وقال لها.
"ناس ما تجيش إلا بالعين الحمرا."
وأستدار وخرج من المطبخ تاركا مريم ضاحكة.
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1