رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل السابع
داخل منزل مصعب، كان يجلس على رأس الطاولة ويظهر على وجهه الغضب الشديد وهو يعبث بهاتفه بملل فبدأ يشعر بالفتور من الوضع حوله، لذا عاد ليشغل نفسه بأي شيء وكأنها لم تأتي معه هي وأولاده من الأساس. اقتربت منه في تلك الأثناء وهي تردد بصوت خافت
= بتشتغل هعطلك عن حاجه؟ انا عملت لك كاكاو معايا تشرب
ابتسم لها ابتسامة حزينه مرادفاً بمرار
= هاه لا ده مش شغل بدردش عادي مع واحد صاحبي على الواتساب، انا خلاص خدت ورديه واحده زي ما قلتلك وطول الوقت اهو قاعد في البيت معاكم .
هزت رأسها بهدوء زائف وجلست جانبه بصمت
بينما اغلق الهاتف مرددًا
= عاجبك الجو هنا؟ ملاحظ من ساعه ما جيتي ما بتخرجيش حتى طلبات البيت قلتلي مش عارفه المنطقه هنا فاشتري انت و خلاص، هتزهقي كده انزلي احسن وبكره تعرفي الاماكن و تتعودي.. ايه رايك يوم الجمعه ننزل كلنا ونجيب الطلبات مع بعض؟
هزت كتفها بعدم مبالاة وهي تقول بعقل مشتت
= مش عارفه انا ما اعرفش حد هنا وابتديت ازهق فعلا بس تمام بكره هتعود اكيد يبقى نروح مع بعض يوم الجمعه.. بس بلاش ناخد الولاد معانا نسيبهم في اي مكان يلعبوا فيه انا كنت بعمل كده لما اروح السوبر ماركت هناك في مصر بيشبطوا في كذا حاجه ومش هيريحوا.
أخذت نفساً حاداً قبل أن يقول بصوت أجش
= تمام ما فيش مشكله في اماكن كتير هنا كويسه ليهم وحتى عشان هم كمان ما يزهقوش.. انتم بس ادوا لنفسكم فرصه وخدوا على الاجواء هتتعودوا انا كنت ذيكم كده في الاول.. حتى لو بتفكري تشتغلي ممكن اشوفلك شغل هنا
اعترضت على اقتراحه وهي تردد بصوت محتنق
= مش حاسه نفسي قادره للموضوع ده، و الاولاد طلباتهم مش بتخلص وبنشغل معاهم ما تقلقش انا مش بشتكي وعلى رايك هنتعود مع الايام، هو انت لسه بتشوف اللي اسمها نرمين دي في الشغل .
اختلج شيء فيه بعدم رضا إلا أنه قال بضيق
=إيه اللي جاب سيرتها دلوقتي بقى، اه يا ندى بشوفها اكيد و ما تقلقيش ما ليش علاقه بيها من ساعه اخر مره وهي اصلا نفسها متجاهلاني واحسن كده.. صدقيني لو ينفع اتنقل كنت عملت كده زي ما قلت لك
ابتلعت غصة مؤلمة بحلقها بينما إنتفاضة قلبها تزيد و تتدافع وهي تتذكر الماضي
= حتى لو ينفع يا مصعب ما هو مش حل ما انت ممكن تروح هناك وتشوف غيرها زي ما قلنا، انت اللي بيديك الحلول دي كلها.. انت اللي بايديك تقربها وتبعدها؟ زي اول مره لو ما كنتش حطيت حدود من البدايه كانت من الاول بعدت عنك لكن هي كانت مستمره رغم كل محاولاتك عشان كانت واثقه انك في يوم هتستسلم ليها .
حدقـها بقوة وضيق عينـاه ثم زمجر فيها بحدة
=لا هي كان عندها امل عشان ما كنتيش موجوده جنبي علي العموم تمام يا ندى وانا بعيد عنها أهو، بس نفسي زي ما بتعاتبيني كل مره تعترفي انك كمان غلطانه عشان هي كل مره كانت بتحاول تقرب مني ببعدها و كنت بنزل جري عليكي واحاول أصلح اي حاجه بينا و اخليكي تيجي هنا لكن انتٍ كان عندك رد واحد بتاع كل مره مش هسيب والدتي لوحدها ولا البلد هنا.. يعني اهو كنت بحاول ادخلك في الموضوع من غير ما تحسي و اخليكي تساعديني من بعيد لكن انتٍ حتى ما كنتيش بتسيبي لي الفرصه دي وتقلبيها خناق، فالمفروض انا كنت اعمل ايه وسط كل ده .
نظرت له بأعين تترقرق بها العبرات متمتمه
بحزن
= فتخوني وتشوف غيري مش كده هو ده كان الحل بالنسبه لك؟ هو انت بجد بتعاتبني على حاجه انا ما كنتش عارفاها ولا فاهماها ولا عارفه اللي بيحصل معاك وانا هناك شايله مسؤوليه عيالك.. ما انت زي ما كنت تشتكي و بتعاني هناك انا كمان اشتكيت وقلت لك اللي كنت بعاني منه هناك.
تشنجـت قسمـات وجهـه قبل أن يجيبها بوجوم
= ما عشان كده كان الحل لينا نكون مع بعض
يا ندى، يا ريتك سمعتيني مره واحده حتى وجيتي هنا! على العموم خلاص قفلي على الموضوع ده احنا كل ما نفتحه كل واحد هيفضل يقول مبرراته ووجهه نظره ومش هنخلص تمام يا ستي انتٍ صح وانا كمان صح
احتقن وجه ندى وهي تقول بنبرة حادة
= انت بتاخدني على قد عقلي مثلا وبعدين ما انا جيت أهو معاك اعمل لك ايه اكثر من كده؟ فا اظن بقى لو عملتها تاني حتى وانا جنبك فالعيب بقى كده هيكون فيك انت وانك ما بتقدرش تتحكم في اي واحده قدامك ولا برغبتك .
إحمر وجه مصعب قهراً وقلبه يغور بين أضلعه بنزيف قاتل لم يعرف سببه أو ربما لم يرد الاعتراف به عندما قال مشيحة بوجهه بعيداً
= أولا انا مش باخدك على قد عقلك لو حسبناها فعلا هنلاقي كل واحد صح في وجهه نظره انتٍ كنتي عاوزه تراعي والدتك المريضة و تكوني جنبها وترديلها اللي عملته معاكي زمان وما حدش هيلومك، وانا نفس الحكايه لقيت شغل مناسب وتعبت عقبال ما وصلت للمنصب ده ومش عاوز ابعد واضيع كل شقي السنين و مستخسر الفلوس اللي بتطلعي منه.. عشان كده بقول لك الموضوع كل ما هنفتحه كل مره هنفضل على نفس الموال ده .
ليرمقـها بنظرات غضب بعينيه الحمراوتيـن مثل وجهه من كثرة الإنفعـال، و أضاف بأنفاس لاهثـة
= و آه انتٍ هنا قدامي ايوه بس برده بعيده عني لدرجه حاسس ان احنا ما فرقناش حاجه عن هناك؟ بس راضي وبقول احسن من ما فيش واكيد مع الوقت هنقرب اكتر... ومش معنى كده لو عملتها تاني هلومك لا ما تقلقيش.. من اللحظه دي هعرف اتحكم في حاجات كثير عشان ما اعملش حاجه تغضب ربنا مني تاني ولو اتحطيت قدام نقطه ضعف زي كده هحاول اقلبها بالحلال.. بس اتمنى انتٍ كمان تعملي كل اللي في ايدك عشان نصلح أخطأنا ومنكررش تاني ولا ندي الفرصه لاي حد يدخل يوقع ما بينا.. عشان احنا الاتنين ملزمين نصلح أخطاء بعض عشان البيت ما يتخربش.. مش واحد يفضل يبني والثاني يقف يتفرج عليه.
هزت رأسها بعدم بسخرية ثم تابعت بنبرة متهكمه
= تحاول تقلبها بالحلال ازاي تتجوز عليا مثلا؟ فانت مفكر كده خلاص لو رحت اتجوزت اللي غلطت معاها، لو هو ده تفكيرك فربنا هيغفر لك غلطتك بتاعه زمان لا يا مصعب الاسم واحد انت زنيت وعملت خطيئه هتتحاسب عليها.. ومش بعيد كمان اصلا تتردلك في اهل بيتك ؟!.
صمت لعدة دقائق قبل أن يقول مصعب مستنكراً بغضب
= هو ده كل اللي ركزتي فيه بكل كلامي؟ متهيا لي بقي انتٍ لو فضلتي بنفس اسلوبك ده حتى واحنا هنا؟ يبقى العيب كان فيكي من البداية اصلا.. وما تخافيش يا ندى عشان انا فعلا لو نويت اتجوز هعرفك وانتٍ حره بقى تكملي ولا ماتكمليش .
نهض يقف بكل هدوء جعلها تشعر و كأنها علي حافة هاوية جبل شاهق، تفرقت شفتيه قائلاً
ببؤس
= عارفه انتٍ ايه مشاكلك مش قادره تنسي الغلطه دي وانا مش بلومك بس ما ينفعش دلوقتي تقعدي تفكريني بيها خصوصا ان انا ندمان ومش عارفه احساسي ايه كل يوم.. و مشكلتك الثانيه انك شايفه كل اللي حصل و خراب البيت ده كله انا السبب فيه وبس .
هزت رأسها بغضب هاتفه بقهر وهي تنظر
داخل عينيه بقوه تتحداه
= وانت ما شاء الله عليك شاطر أوي في قلب الترابيزه، يعني خاين وشفتك بعيني وما رضيتش تعترف في البدايه بغلطك الا لما اعترف انا كمان أني غلطانه، انت ازاي كده؟ قادر تقلب الحقايق وتطلع نفسك الضحيه مع ان انت الجاني صحيح يعملوها و يخيلوا وفي الاخر بتقولي ما تجيبيش سيره الموضوع ده عشان ضميري بيعذبني، هو انا لو كنت مكانك تقدر تقولي كنت هتعمل كل ده و.. آآ تكمل معايا
توترت عند آخر كلمات، وكأنها تذكر حالها وحاله بألم وفعل الخيانة من الطرفين! همست بهذا السؤال وفي نفس الوقت سمعت صوتًا في ذهنها بسخرية مؤلمة يقول: ألم تكتفي بعد من دور الزوجة العفيفة؟
لكن رغم ذلك، أحيانًا تفكر: هل لو انفصلت عنه وذهبت إلى شريف وتزوجته ربما كانت ستعيش أسعد أيام حياتها الآن؟
❈-❈-❈
فتحت ندى شرفة غرفة المعيشة، وأخذت نفسًا عميقًا وكان الجو بارداً قليلاً لكنه يبعث على الانتعاش. كانت نسمات الصباح تداعب الأشجار، فيمتزج حفيفها مع تغريد الطيور.
ابتعدت تجلس قرب الطاوله وهي تضغط على إزرار هاتفها تتحدث مع صديقتها رحمه مكالمه فيديو، هتفت الأخري باهتمام
= عامله ايه طمنيني عنك انتٍ وجوزك والعيال مبسوطين هناك مش كده، والعلاقه بينكم اتحسنت ولا لسه .
بصعوبه بالغه حاولت تتحدث بضعف واعين تهبط منها العبرات دون أرادتها
= زفت مش عارفين نتفاهم خالص ونفس الخناق اللي كنا بنتخانقوا كل ما بينزل كل سنه بنتخانق كل يوم هنا؟ انا قلت من الاول احنا ما ينفعش نكمل مع بعض بس الله يسامح امه اللي مصممه.. مش عارفه شايفه ايه عشان تصر أوي كده نكمل رغم كل اللي حصل .
أخذت الأخري نفس عميق، وتحدثت بتعقل قائله
= معلش يا ندى معاكي حق تزعلي واي واحده مكانك هتعمل كده واكتر، بس برده يا حبيبتي ساعات بنكون مضطرين نعدي ونفوت غلطات كبيره عشان نمشي المركب اعتبريها نزوه و مش هتتكرر تاني ان شاء الله، بس لازم برده تمايلي دماغك شويه وهو كمان و الأمور هتمشي
أجابت ندى بصوت مخنوق بشدة وهي تمسح دموعها
= رحمه انا زهقت من كتر النصايح والكلام في الموضوع ده خلينا نغير الموضوع احسن، قوليلي اخبار الشغل عندكم هناك إيه في جديد.
هزت رأسها بيأس وقد أدركت أن صديقتها لن تستمع لحديثها قبل أن تنفذ ما يدور بعقلها.. بعدها هزت رحمه كتفها بعدم مبالاة وهي تقول
=ولا في جديد ولا حاجه زي ما سبتيني زي ما احنا، شغل ليل ونهار وتعب بتاع كل يوم و الخناق والخلق الضيق والله ده انتٍ اترحمتي اعتبري نفسك بقى راحه تستجمي ولا حاجه .
لوت شفتاها باستخفاف وهي تقول بمرار
= استجم وماله، هو انتٍ مين اللي عمال يرن عليكي وانا بكلمك ده لو حد مهم اقفلي خلاص واكلمك بعدين!.
نفخت مستاءًه وهي تردد بحنق
= ولا حد مهم ولا حاجه دي تدبيسه دبست نفسي فيها وحياتك، مش شريف زميلنا طلع متجوز وما كانش قايل لحد؟ ولا حتي كان بيلبس دبله.. قابلت مراته دي بالصدفه وهي جايه الشركه تزوره ولولا وقفت اسلم ما كانش عرفني عليها
عقدت حاجيبها بانتباه وأسرعت تتسائل بحذر
=شريف مين اللي طلع متجوز تقصدي مين؟
أجابت رحمه علي الفور بغير مبالاة تدب الذعر بأوصالها مرادفة بهدوء مريب
= هو في غيره يا حبيبتي شريف اللي شغال معانا في المكتب؟ هو احنا عندنا غيره! ده طلع مش سهل اول ما شاف مراته وشه اتقلب وسالته فين الدبله ومش بترد على تليفوناتي ليه؟ وهو كان بيرد عليها زي الالف مسيطره بنت الايه؟ بس انا كمان ما سكتش وقلتلها تصدقي اول مره اعرف ان استاذ شريف اللي شغال معانا في نفس المكتب متجوز اصل ولا شفنا له دبله ولا عمره اتكلم عليكي قبل كده، وهي اول ما قلتلها الكلمتين دول قعدت تغلي في نفسها وقالتلي معلش ما جتش فرصه واحنا متجوزين من خمس سنين و عندنا طفلين كمان؟ وصممت تاخد النمره مني
بهتت ملامحها وهي تنظر حولها بنظرات منذهله غير مصدقة وهتفت بصوت مرتجف
= رحمه هو انتٍ متاكده من كلامك ده شريف اللي شغال معانا في المكتب متجوز وكمان مخلف؟ وبعدين مش فاهمه هي صمتت تاخد منك النمره ليه
هزت رأسها بالايجاب بكل تأكيد وهي ترد بثقه
=هو انا هاتوه عنه ايوه هو؟و صممت تاخد النمره عشان كل شويه تقعد تتصل بيا باي حجه و تعرف جوزها في الشغل ولا لاء وبيكلم مين؟ أصل شكله عينه زيغة و بتقفشه على طول.. وهي بقى عينتني حراسه لي عشان لو قفشته بيكلم واحده كده ولا كده اقول لها على طول.. تحبي ابعتلك صور فرحهم وصوره مع عياله ما اصل مراته اتصاحبت عليا .
❈-❈-❈
ما أن أغلقت الهاتف فأنفجرت من البكاء ساقطة ارضاً وكأن روحها ستموت اليوم بعد معرفتها بتلك الحقائق وبالوجه الحقيقي إلي شريف، لتبدأ تفكر بصوت عالي وهي تمسح دموعها بحرقة
= ابن الكلب يعني كان بيتسلى بيا تاني كل ده؟ انا ازاي كنت هقع الوقعه دي مع واحد زباله زيه و واطي؟ ازاي قدر يخدعني تاني من غير ما احس ولا اشك فيه..
صمتت لبرهه واجهشت بالبكاء مجدداً مكمله بكلمات جعلت قلبها يعتصر ألماً وكأنها تتلقي طعنه قوية بسكين بارد حين قالت بتقطع
= يعني ايه؟ طنط مديحه كان كلامها صح و هو كان هياخد اللي هو عاوزه ويرميني بعد كده ومش هيتجوزني! ويرجع لمراته وعياله عادي كده..ده رسم عليا أنه ما اتجوزش ولحد دلوقتي عايش على ذكرياتي؟ وانه عمره ما حب غيري ولسه بيحبني وشاريني ومستعد يتجوزني ويربي عيالي معايا ويشيل المسؤوليه؟ كل ده كان كذب وخداع انا ازاي صدقت وما شكتش في لحظه .
قرصت عينيها بقوة بمجرد أن تذكرت قسوة هذه الحقيقة المرة، لتهتف بجنون معنفة نفسها
علي ثقتها به من جديد
= يا نهار اسود لو كنت فعلا استسلمت لي و خليته يلمسني وبعد كده رماني كان موقفي ايه ساعتها وعيالي؟ كان هيقولي نفس كلمه حماتي ما حدش بيتجوز واحد غلط معاها او مشيت معاه وسلمتله نفسها يعني هي نقذتني منه قبل ما يعمل عملته ويهرب ويختفي بعد ما عشمني ورسم احلام وامالي وخلاني أصدق ان حياتي فعلا هتكون معاه جنه وهو اللي هيعوضني ولسه بيحبني.. بيحبني إيه ده كان بيلعب بيا ومستحيل يكون حبني خالص.
دارت حول نفسها بجنون، وتحدثت بذهول
=انا كده فهمت هو قرب مني تاني عشان ياخذ اللي ما عرفش ياخده مني زمان لما كشفته؟؟ منك لله يا شريف! حسبي الله ونعم الوكيل فيك واللي في زيك كان هيخلينا آخرب بيتي من ولا حاجه! طب على الأقل مصعب جوزي كان ارحم منك على الأقل كان واضح واعترف انه غلط .
صمتت تلهث وتابعت بمراره وهي تحتضن
نفسها بذراعيها وذكري تلك الليله تلوح
في ذاكرتها بإحساس الذنب والعار
= الحمد لله الف حمد وشكرا ليك يا رب إن ما حصلش اللي كان بيخططله ..بس اعمل ايه دلوقتي؟!.
كانت بحالة يرثي لها بعدما أدركت حجم الكارثة التي أوقعت نفسها بها بسبب تهورها الذي جعلها ترتكب خطأ فادح من الممكن أن تخسر نفسها واولادها بسببه.. وقد أدركت أيضاً واعترفت أخيراً أنها من الآن أصبحت خائنه مثل زوجها بالضبط وارتكبت خطاء شنيع بحقه.. حتي وإن كان بينهما مشاكل أو خائن!.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع وقفت ندى أمام المرآة تنظر الي جسدها الظاهر من تحت غلاله النوم التي ترتديها بخجل وحزن بنفس الوقت، بينما بدت مترددة قليلاً عما تنوي فعله لكنها حاولت تشجيع نفسها للخروج للخارج بعد أن سمعت صوته..
انفتح الباب وخرجت من غرفة النوم فوجدته
امامها يطالعها بقوة، لحظات مرت كالدهر عليهما وهي متجمدة مكانها وهو يمعن النظر إليها عن كثب.. مشيده بينها وبين نفسها بقدرتها على الجلد والتحمل دون أن تثور أو تنفعل أو تتمرد! فما إن أجبرت نفسها تباشر ما خططت له بالأخص بعد معرفتها بحقيقه شريف وأنه لم يكن شخص صالح بل كان يخطط ليجعلها زوجه خائنه وسيئة وهي مع الأسف كانت تثق به وكادت أن تضيع بسببه...
لذلك وجدت اذا كان زوجها مصعب او شريف الاثنين وأحد في التلاعب والخيانة فلا يوجد مشكله او مانع للتقارب مصعب على الاقل في النهايه هو زوجها و الافضل تستغل الفرصه الاخيره لأجل أطفالها حتي... ففي الحالتين لا تستطيع الانسحاب من هذه العلاقه أيضاً .
لحظات مرت لتردف أخيرا بنبرة خافته
= اتاخرت النهارده في الشغل يعني انت رجعت تاني تشتغل لحد بالليل ولا ايه ؟
صمت قليلاً ثم أجاب بصوت مخنوق وهو لا يعرف ولا يفهم نواياها وراء تلك الثياب التي ترتديها
= مش بالظبط بس كان في شغل مستعجل بتاع زميل ليا وكان مستعجل يرجع لولاده فانا قلتله ممكن اخده مكانه وما عنديش حاجه مهمه ارجع عشانها و روح انت لعيالك ومراتك..
أردفت به ندى بنبرة عاتبة وهي تنظر له
= يعني انت ما عندكش حاجه مهمه تروحلها زيه ما انت عندك برده مراتك وعيالك! مش قلت خلاص قعدت البيت وحشتك من ساعه ما جينا هنا معاك بتهرب منها ليه تاني .
تنهد بضيق مكتوم وهو يهتف بإحباط ويأس
= عشان نفس اللي هناك نفس إللي هنا يا ندى خناق وقرف ونكد! فقلت احسن ارجع لموال زمان ونحاول نقلل احتكاك ببعض يمكن نهدى شويه لاما نشوفلنا حل وكل واحد يروح لحاله بقى من ام العلاقه دي اللي محدش عارفلها اول من اخر.. بس انا خلاص زهقت وتعبت كنت حاسبها غلط كنت فاكر لما تيجي هنا انتٍ والأولاد حاجات كتير هتتغير .
اجابته بنبرة مرتجفه تدل على شدة توترها
= انا كمان في حاجات كنت حاسباها زيك و اتفاجئت بالواقع! بس هي الحياه كده مش سهله ولا اللي احنا بنتمناه بيحصل.. حتى اوقات بيكون قدامنا الحلول واحنا فاكرينها انها الإختيار الغلط، احنا علاقتنا فعلا صعبه واحنا اللي بنوصلها لسد بنفسنا على رأي مامتك احنا اللي بنصعب الأمور علينا وبنعند.. انا اسفه يا مصعب على الكلام اللي قلتهلك المره اللي فاتت .
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بعدم فهم
= نعم مش فاهم بالظبط كل كلامك بس ايه الجمله الاخيره عاديها تاني كده .
ابتعدت عن عينيه التي ترمقها بنظرات متأملة تزيد من توترها وخجلها، وتحدثت بقوة زائفه
=بقول لك انا اسفه انت كنت صح طالما خدت القرار اني ارجع واكمل فالمفروض اساعدك و اساعد نفسي مش احط بينا حواجز وافضل اتكلم في القديم.. انا تقريبا كنت عامله زي اللي نفسها ترجع الزمن لورا وما تخليكش تاخد الخطوه دي! بس مش هعرف.. مصعب انا حتى لو بكرهك طبيعي الست هتضايق من حاجه زي دي ودي اسمها خيانه ولمست واحده غيري برده، وانا مش بعايرك تاني والله بس بحاول اوصل لك ان الموضوع كله صعب عليا بس انا في نيتي والله اتجاوز واتخطى كل ده.
نظر نحوها يتفحص شيئًا ما، ثم تنهـد تنهيدة عميقة وطويلـة وقال بهدوء حذر
=وانا سبق قلتلك فاهم كل ده! والله وبحاول احط نفسي مكانك ان لو اتفاجئت بحاجه زي كده هتضايق جدآ رغم كل المشاكل اللي بينا وهزعل على نفسي واتصدم فيكي.. عشان كده بقول لك نساعد بعض
أبتعدت بعينيها عن عينيه مجدداً التي تحرقها من شعور الذنب متمتمه بابتسامة باهته
= لما اتخانقنا هناك قلتلي إيه يضمنلي ان انتٍ مش بتعملي زيي ومقضياها من ورايا وانا ما اعرفش عنك حاجه وانا بره مسافر!.
هـز رأسه نافي بسرعه ثم تحدث بجدية
= لا لا اكيد ما اقصدش كده، انتٍ عشان كنتي صح ساعتها ومعاكي كل الحق فانا حاولت اضايقك.. انتٍ غيري يا ندى وانا متاكد من كل ده والله وواثق فيكي جدآ لا الا ما كنتش لسه مكمل معاكي و اخترتك بالأول تشيلي اسمي، وانا عارف ان انتٍ بتقابلي حاجات مقرفه زي كده في الشغل بس فعلا البني ادم النضيف والمتربي هو اللي هيفضل يصد لحد الاخر.. انما اللي زيي هو اللي بيضعف للاشكال دي.. انا اسف على الكلام ده ما تصدقنيش طبعا انتٍ اشرف مني بكثير انا متاكد من كده .
كلماته كانت جارحة دون أن يعي لذلك ولكنها لم تستطيع التغاضي عنها ولم تفرق ذهنها...
ابتلعت ريقها بتأثر فكانت كلماته بمنتهي القسوة لها، تصلب جسدها للحظات قبل أن تردد بنبرة مترددة
= آآ مـ.. مصعب أنا.. عاوزه اقول لك على حاجه مهمه.
أرتبـكت من التحدث ونظرت للأرض تبلل شفتاها الكرزية، تفكر هل تقص عليه كل شيئ وتتلقي بالمقابل سهم حاد يخترقها؟! وتتحمل العواقب فقلبها يدق بصخب تعجز عن تهدأته، وكأنه يخشي ما سيحدث بعد قليل !!
نظر عليها بطرف عينيه يسألها بشك
= سمعك قولي؟!.
وضعت يدها على قلبها تحاول تهدئة دقاته المتسارعة من القلق والتوتر، لا تعرف لما شعرت بالحقارة من نفسها بالاخص عندما كشفت حقيقه ذلك الخسيس وشعورها بالخيانه مثله، وأنه يجب ان يعلم شيء كذلك؟ رغم انها لا تعرف رده فعله الغامضه! الا انها شعرت يجب ان تخبره ويكن له علم مثلما هي تعلم حقيقته...
لكن هل سيتعامل معها بنفس الطريقة عندما يعلم بخيانتها ويمنحها فرصة ثانية كما فعلت هي معه؟ هل سيتجاهل جرح كرامته كونه رجل شرقي ويمر خيانتها وكأنها شيء عادي؟ عقد حاجبيه باستغراب وهو يقول بقلق.
= ندى مالك؟ ما تقولي اللي انتٍ عاوزاه من غير توتر ولا قلق في ايه .
نظرت إليه بأعين مرتبكه مترددة وجاهدت على أخباره بالحقيقه إلا أن لسانها انعقد تماماً وكأنها فقدت القدرة على الحديث، وتناست الحروف ولم تشعر بنفسها الا وهي تقول بتقطع
= هو الـ.. آآ.. حاجاتك اللي على الكنبه اللي بره انا شلتها و نقلتها جوه في الاوضه بتاعتك او بتاعتنا احنا الاثنين! عشان تنام جوه أو جنبي.. وإني آآ يعني خلاص ما لوش لازمه تنام بره بعد كده و...
عادت تصمت من جديد وهي تاخذ انفاسها بصعوبة فبكل تأكيد لم يمنحها الفرصه التي تستجديها بعينيها أن يعطيها فرصه واحدة ويستمع لها أولا قبل ان يطولها غضبه وعقابه المريب.. فاذا كان ذلك عقاب والدته فماذا سيكون عقاب زوجها. لذا هتفت هذه المره بجرأة وبدون مقدمات بسرعه
= مصعب انا هستناك جوه، خلص اللي انت بتعمله.. ولو لسه عاوزني أنا موجوده وجاهزة عشان نكسر الحواجز اللي ما بينا ونساعد بعض
وفي تلك اللحظه خلعت الروب من أعلي جسدها لتصل إليه بطريقه مباشره اكثر ما تريدة، لتترك الروب فوق يده وقد أشتعلت وجنتيها بحمرة قاتمة.. بينما هو التمعت عينيه ببريق متوهج من شدة إشتياقه ورغبته بها وهو غير مصدق حديثها.
ضغطت على شفتيها بخجل عندما رأته صامد أمامها بصمت تام يحاول استيعاب الأمر.... حاولت تشجع نفسها أكثر و وضعت يدها الصغيرة على وجنته وتابعت بابتسامتها الخلابة هامسة بصوت رقيق من توترها
= لو مش جاهز و رجعت في كلامك خلاص براحتك، وانسى إللي ان انا قلته وتصبح على خير.
تحركت من امامه على استحياء بينما تشنج جسده بقوة أثارها وطار اللُب من عقله، وزاد جنونه أضعاف مضاعفه قبل أن يترك الروب يسقط أرضا وتحرك بلهفه يسرع نحوها قبل ان تغلق الباب خطي بها داخل الغرفة وأغلق الباب خلفه مستند عليه بظهره وبدأ يغمرها بقبلاته الساخنه التي تذيب عظامها وتدفعها للأستسلام الكامل له..
❈-❈-❈
في الصباح، غاص الاثنان في نوم عميق بسبب السهر، لكن النور الذي اقتحم الغرفة جعلها تتململ في نومها بعدما شعرت بدفء يجتاحها، فتحت ندى عينيها لتجد نفسها محاصرة بين المفرش وجسد زوجها النائم. رمشت بعينيها ببطء وبدأت تعيد أحداث الأمس في ذهنها عندما قررت إعطاءه فرصة ثانية فركت عينيها ببطء وجلست بتكاسل، وعندما نظرت إلى الساعة بجانبها، انتفضت في مكانها بذعر مما جعله يستيقظ هو الآخر بقلق وسرعة يتسائل
= في ايه مالك خضتيني ايه اللي حصل نطيتي كده ليه فجاه .
تنهدت بإحباط وهي تردد بأسف
= المنبه! الساعه ١٠ الاولاد فاتهم الباص؟ مش عارفه راحت عليا نومه ولا نسيت اظبطه امبارح اصلا اول مره تحصل معايا ويغيبوا انا مش معودههم على كده.
تنهد مصعب براحة وأجاب قائلاً بعبث
= خلاص يا ندى حصل خير ما جتش على يوم هم مش في امتحانات يعني احنا لسه في بدايه الدراسه اصلا، هقول لك على حاجه انا كمان مش ناوي اروح الشغل تعالي ننام كمان ساعتين وبعد كده نصحى ونخرج كلنا ايه رايك .
أطلقت أنفاسها الحبيسة أثر قلقها ثم هتفت متلعثمة
= مـ آآ ما خلاص كده كده الساعه عدت مش هينفع حتى اوديهم بعربيه مش مهم بقى يغيبوا النهارده وخلاص.. مش عارفه ازاي ما سمعتوش ولا نسيته اول مره تحصل.
حدق في عينيها بقوة وقال ببطء وهو يتجول بنظراته في وجهها بشغف
= هي فعلا اول مره تحصل عشان بقيلها كتير أوي ما حصلتش؟ عارفه احنا بقيلنا قد ايه بعاد عن بعض كده.. انا ممكن اصل اقول لك اخر مره حصل بينا الموضوع ده امتى.. مع أني كل مره برجع من السفر مخطط بلقينا بنتخانق، اقول لك كمان اعتراف في بدايه جوازنا كنت برجع مشتاق ليكي كمان أوي و ما بكونش عاوز منك حاجه غير أنك تاخديني في حضنك وبس .
انتبهت على حالها فرسمت الجدية على ملامحها التي توردت بحمرة قاتمة وتنحنحت بخجل قائله
=احنا مش قلنا مش هنفتح في القديم أنت تقريبا بتعاتبني دلوقتي على زمان صح.
تنهد مصعب بعمق قبل أن يقول بهدوء حازم
= لا والله خالص، انا بوصفلك اشتياقي واني مش مصدق لحد دلوقتي انه حصل وكسرنا الحاجز.
عضت ندى على شفتيها وهمست بخجل
= ما تفرحش أوي كده اكيد مش الموضوع ده اللي هيرتب كل حاجه ويخليها كويسه
اقترب منها حد الألتصاق واضعاً جبهته على جبهتها وهمس أمام شفتيها
=هشش انا مش عاوز افكر في اي حاجه جايه عاوز اسيبها تيجي زي ما تيجي انا تعبت من كتر شيل الهم والتفكير.. عاوز قربك وبس يا ندى...
❈-❈-❈
في السينما كانت ندى تجلس فوق مقعد الطاوله مع الأطفال ومصعب ذهب لشراء التذاكر، ثم انتبهت بانه يقف ويشتري عدد كبير من الحلويات، أخبرت اطفالها بان لا يتحركوا من هنا وذهبت الى زوجها متسائلة
=مصعب هو انت بتعمل ايه؟ إيه كل الحلويات دي مش قلت هتقطع التذاكر بتاعه السيما
أجاب مصعب بابتسامة واسعه
= ايوه ما انا قطعت التذاكر خلاص بس قلت اجيب حلويات للولاد عادي يعني، اكيد هيطلبوها وهم جوه وهيعوزوا حاجه زي كده يتسلوا فيها .