رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل الثامن
في السينما كانت ندى تجلس فوق مقعد الطاوله مع الأطفال ومصعب ذهب لشراء التذاكر، ثم انتبهت بانه يقف ويشتري عدد كبير من الحلويات، أخبرت اطفالها بان لا يتحركوا من هنا وذهبت الى زوجها متسائلة
=مصعب هو انت بتعمل ايه؟ إيه كل الحلويات دي مش قلت هتقطع التذاكر بتاعه السيما
أجاب مصعب بابتسامة واسعه
= ايوه ما انا قطعت التذاكر خلاص بس قلت اجيب حلويات للولاد عادي يعني، اكيد هيطلبوها وهم جوه وهيعوزوا حاجه زي كده يتسلوا فيها .
بادلته الابتسامة بأخرى باهته وتحدثت بهمس حتي لا يستمع لها الأطفال الملازمة لهم
= ما هم مش بياكلوها على طول عشان غلط بالذات مروان انا عامله ليهم جدول مسموح ياكلوها يومين بس في الاسبوع و حاجات بسيطه عشان كثر المواد الحافظه بتتعبهم.. هم لسه واكلينها امبارح.. وبعدين يحيى عنده حساسيه من الشيكولاته اصلا ولو كل باقي الحاجات مروان هيشبت ذيه وهو ممنوع على المواد الحافظه كترها عشان قلبه والعلاج اللي بياخده..
أجاب بصوت بطيء، مصدوماً من عدم معرفته السابقة بذلك
= يحيى عنده حساسيه اول مره اعرف.. كل الحاجات دي انا فكرت هيتبسطوا منهم وده اللي فكرت فيه وبس.
تنحنحت ندى واجابته بهدوء قائله
= ما انت يا ريتك سالتني قبل ما تشتريها، خلاص حصل خير يا مصعب مش مهم الحاجات اللي تنفع هناخدها ونخبيها واديها لهم اليوم اللي مسموح ياكلوا فيه وهقول انها هديه منك ساعتها، وباقي الحاجات عندك ولاد كتير حواليك اديها ليهم هيفرحوا بيها.
غمغم بأسف وهو يخفض رأسه بحرج كونه يعلم تلك المعلومات كلها عن أطفاله بالصدفه
وذلك الشيء يزعجه بشده
= تمام هعمل كده حاضر.. شوفي هتشيلي منهم ايه وممكن ياكلوا.. ودي التذاكر اللي قطعتها جبتلهم فيلم اكشن هيعجبهم أوي حلو
أسرعت بتحريك رأسها بالنفي وقد زاد توترها، ونظرت لزوجها وهي تتحدث باعتراض
= مصعب انت جايب فيلم في اكشن دموي و ضرب كتير لاطفال في السن ده، ما ينفعش طبعا يا حبيبي ولادك اي حاجه بيشوفوها على التلفزيون بيعملوها في بعض وانا أصلا بعداهم عن الحاجات دي تماما عشان ما يقلدوش اللي شافوه بالذات يحيى ممكن يضرب مروان في قلبه بالغلط.. لازم نفكر في الحاجات دي كلها وناخد احتياطاتنا مش كده .
نفخ بضيق وابتلع غصه مريره بجوفه وهو يردف بعصبية
= شوفي انتٍ عاوزه ايه يا ندى وانا اللي هروح اقعد جنب الولاد، طالما مش عارف حاجه عن عيالي وانتٍ إللي ما شاء الله خبيره
والام المثاليه اللي بتاخد كل احتياطاتها وانا الاب اللي مش عارف اي حاجه لاني ما كنتش مسؤوله عنهم أصلا
رمقته ندى بنظرة حذر وهي تقول بهدوء
= ممكن تهدى الناس بتتفرج علينا وطي صوتك هو انا لما احذرك ما نعملش حاجه غلط لعيالنا ابقى كده بحاول اقول لك انك اب مش كويس، انا بتكلم عادي انت ليه خدتها بالمعنى ده.. مصعب أهدي طبيعي انا ممشياهم على نظام وانت ما كنتش موجود فمش عارف واديك بتعرف اهو !!. فين الغلط بقى في كده ومتعصب أوي.
تخلل شعره بيديه وحربه الإنسانية تطفو إلى السطح، وجاهد للتحكم بعبراته وبتنهيده حزينه عندما قال شارحاً
= عشان كل ما اعمل حاجه وانا نيتي افرحهم وافرحك تقلبيها عليا او تمام انا فعلا ما اعرفش حاجه عن ولادي! لكن تقريبا من ساعه ما جيتوا وانا مش عارف اي حاجه وكل حاجه بعملها بتطلع العكس غير ان في حاجات كثير بعرفها عن عيالي بالصدفه انتم ليه ما كنتوش بتقولوا ليا الحاجات دي اصلا .. بدل المواقف المستفزه دي اللي كل شويه احط نفسي فيها
إلتفـتت تبتلـع ريقها بإزدراء، ثم هتفت بصوت جاد
= اكيد مش هتصل بيك مخصوص اقول لك ابنك عنده حساسيه من الشيكولاته اكيد هترد عليا وتقولي طب اعمل لك ايه ابعدي عنه الشيكولاته.. ولا ايه رايك ما فرجش عيالك على افلام اكشن عشان بيقلدوا اي حاجه يشوفوها في بعض وابنك عنده القلب، وقتها برده هترد عليا وتقولي ما انتٍ اللي قاعده معاهم ما تعملي ده.. ومش لازم تعرفيني فكنت بوفر على نفسي اسمع كلمه ملهاش لازمه.. ولانك حتى وقت اتصالاتك كنت عاوز بس تقعد تفضفض وتشتكي من التعب وبس وغيرك لا.
أطـرق رأسـه أسفًا وهو يـردد بخشونة متأسفـة
=لا مش كده يا ندى بس دي كانت غلطه مننا فعلا ولازم الحاجات البسيطه دي نشارك بعض بيها عشان يكون عندي علم، لكن دي اول غلطه بينا اكتشفتها انتٍ ما كنتيش مدخلاني في الصوره ولا بتشيليني حتى المسؤوليه وانا هناك.. تمام عشان ما نعملش خناقه وبالراحه كده قوليلي كل حاجه بعد كده من قبل ما اعرفها بالصدفه ممكن.
هزت رأسها بالايجاب دون تفكير وهي تردد
= حاضر لو افتكرت او جي وقتها هقول لك، هنروح ولا هنكمل السهره ونختار فيلم اطفال ليهم ينفعنا كلنا يكون عائلي .
بنظرة هادئة مخلوطة بالأسى تحدث وهو يقول مدعي الجمود
= لا خلاص يلا نكمل شوفي انتٍ الافلام!. وانا هروح اشتري فشار ده في حاجه
أومأت بنعم دون تردد وهي تتجول بنظراتها في وجهه، ثم قالت مجدداً مبتسمه
= ساده وملح قليل ممكن! عشان اي مكون إضافي في اضرار عليهم و لو فكرت تجيب لنفسك حاجه غيرهم هيشبطوا برده في اللي معاك وهيعوزا يجربوا.. عشان هم عندهم فضول ناحيه اي حاجه ودي اكبر مشكله بحاول اتعامل معاها.
شعر مصعب في تلك اللحظة بأنها كانت تعاني بالفعل مع الأطفال وتحمل المسؤولية الصعبة بمفردها، بينما الأخرى لم تحزن لنسيانه تلك الأمور كما ينسى معظم الأمور المتعلقة بها، بل ابتسمت لقابليته للحوار معها الآن وعدم إظهاره أي صد. أما هو كم كان ممتناً لفكرة أن تكسر ندى إحدى قواعد الصمت من أجله وكأنها تعتاد عليه أكثر مما سبق. تنهد بشيء من السرور ثم قال لها بعزم
= تمام فشار سادة خلاص، وبعدين بعد كده مش هتواجهي مشاكلهم لوحدك انا موجود هروح اجيب الفشار عقبال ما تختاري الفيلم .
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين، فتح مصعب باب المنزل ليدخل عاد من العمل بينما ركض الطفل مروان بحماس وهو يصيح بفرحه
= بابي جي.. هييييه
أغلق مصعب باب المنزل وهبط يحمله وهو يبتسم قائلاً بحنان
= حبيب بابي اخوك يحيي وماما فين
بدأ يتحدث مرددًا بتقرير مرح بطفوليه
= يحيى في الحمام بيستحمى عشان بهدل نفسه بالدقيق من غير ما مامي تاخد بالها و زعقتله وهيتعاقب كمان لسه... ومامي جوه بتتكلم في التليفون مع تيته انا لسه مسلم عليها وقلتلها انها وحشتني أوي وقالت انها قريب هتيجي هنا عشان احنا كمان وحشناها .
عقد حاجيبة باهتمام وهو يستمع له وفي ذلك الأثناء خرجت ندى لتتفاجا بعودته وهي تقول
= انت جيت امتى حمد لله على سلامتك ما حسيتش بيك .
كـز على أسنانـه والغيظ يمتلكه لأسباب يعرفهـا جيد بسبب خصام والدته المستمر ثم تسائل ببعضًا من الحدة
= هو انتٍ كنتي بتكلمي ماما يعني بترد اهي امال مطنشاني لحد دلوقتي ليه؟ هي هتيجي فعلا هنا ولا بتقول كده وخلاص .
صوته الخشن وصلها متحشرجاً خالياً من الروح فحاولت أن تخفي توترها وهي ترد مدعية الإبتسامة من فضول واهتمام حماتها بأدق التفاصيل عن حياتهم هنا
= مش عارفه بس مروان وهو بيكلمها فضل يزن عليها عشان متعود يشوفها كتير هناك فمتهيا لي انها قالتله كده وخلاص يعني عشان ما يشبطش ويقول عاوز اروحلها، انت عارف والدتك ما بتحبش تتنقل من مكانها خالص
هـز رأسـه نفيًا وتابـع بنفس النبـرة التي دبت اليأس في قلبه
= بس متهيالي بعد ما نقلتوا كلكم هنا اكيد هتحاول تيجي، و ربنا يهديها كمان و ممكن تصالحني.. هو انتٍ قلتلها ان احنا اتصالحنا و الأمور مشيت معانا كويس ممكن يعني تحن عليا شويه وتعبرني بدل الوش اللي هي قلبي عليا ده.
تقـوس فاههـا بسخرية مريرة، قبل أن يصدح صوتها وهي تتجه اتجاه المطبخ
= مامتك تقريبا بتتصل بيا يوميا عشان تعرف كل تفصيله بتحصل ما بينا لانها حتى وهي هناك خايفه ان احنا نرجع زي زمان فاكيد عرفت، وهتصالحك أمتي للاسف ما عنديش علم بس اكيد انت أبنها الوحيد بعد ما اخوك التاني اتوفي الله يرحمه فهتصالحك.. سيبها بظروفها .
تحركت بالمطبخ بذلك الوقت تجاه البوتاجاز وهو خلفها ليجدها اخرجت صينيه السمك امامه، تشنج وجهه علي الفور مرددًا
= ماشي، هو انتٍ عامله النهارده سمك على الغداء
عقدت حاجيبها للاعلي ثم سألته بغرابة
= ما قدامك اهو بحطه هو انت ما لكش فيه ولا ايه؟
أومأ برأسه بتلقائية وهو يردد بنفور
= مش بحبه فعلا.. او ما ليش فيه خالص مع اني حاولت كتير اعود نفسي اكله بس مش بقدر.. غير كمان لما باكله تاني يوم لازم يجي ليا دور برد.. تقريبا يعني عندي حساسيه منه بس بسيطه .
عقـدت ما بين حاجبيهـا في تعجب وسألته مرة اخرى
= بس انا عمري ما سمعت حاجه زي كده ولا اعرف انك عندك حساسيه من السمك، ما قلتليش حاجه زي كده ليه عشان اعمل حسابي باكل تاني ليك
أغمـض عينيه وراح يقـول في خفوت
= ما انتٍ اول خمس شهور جوازنا تقريبا ما طبختيش سمك قبل كده عشان تعرفي وبعد كده اتلخمت في السفر فما جتش مناسبة اقول لك.. خلاص مش مهم حصل خير .
رمقـت مصعب بنظرة ذات مغزى، قبل أن تـردف بصوتًا جـاد
= الظاهر مش لوحدك بس ما تعرفش حاجه عن ولادك انا كمان ما اعرفش حاجه عنك؟
إلتفـت لها يطالعها بنظـرات لم تعهدهـا منه يومًا ولم تُصـوب نحوهـا ابدًا، قبل أن يستطرد
بتأكيد
= انا كمان بقيت الاحظ كده حتى عنك في حاجات بعرفها بالصدفه مش ولادك بس! هو احنا كنا بعاد عن بعض أوي للدرجه دي حتى ابسط الحاجات مش عارفينها عن بعض .
ضيقـت عيناهـا وهي تسـأله بفضـول متـرددة
= طب اعمل لك اي حاجه بسرعه من هنا تاكلها حتى لو سندوتشات معلش قضيها النهارده كده، وبعد كده لما اعمله هعمل حسابك في اكل تاني عشان تقريبا بعمله كتير والأولاد بيحبوه .
نالت منه أبتسامـة مؤيـدة على ما قالتـه، ثم تحرك للخارج مغمغمًا بتأكيد
= ماشي ما فيش مشكله.
❈-❈-❈
كان يجلس مصعب يتابع التلفاز واقتربت منه بذلك الأثناء ندى وهي تعطي له الطبق هاتفه
=عملتلك فروت سلاط عندك حساسيه منه ولا حاجه هو كمان ولا بقيت مش بتحبه مثلاً..
اصل دي الحاجه الوحيده اللي فاكراها من ايام الخطوبه قد ايه كنت بتحبها و تعزمني عليها لما كنا نخرج مع بعض.
أبتسم مصعب وهو يأخذ منها الطبق ليردد
= مين قال كده دي وجبتي المفضله هاتي، بس والله كويس انك فاكره لسه حاجه من ايام الخطوبه ولا حاجه بحبها.. بقول لك صحيح في واحد صديقي هنا هو سعودي بس مراته مصريه ذينا، عمال يزن عليا نخرج كلنا سوا عزومه يعني انا قلت فرصه كويسه بصراحه وبالمره تتعرفي هنا على ناس
ضايقت عينيها بفضول وهي ترد باستفسار
= قصدك يعني عزومه في بيته؟!.
رد بصوته الأجـش شارحًا وهو ينظر لزوجته
= بيته ايه لا طبعا لو في بيته هنضطر نردها عندنا هنا برده، وانا ما بحبش ولا اصدقاء ولا زمايل رجاله يدخلوا البيت عندي، ده بره على الأقل هنعرف نردها بره احنا كمان لو وقتنا سمح.. انا بقول يعني فرصه كويسه ليكي تتصاحبي على مراته بدل ما انتٍ مش عارفه حد هنا
ترددت ندى واجابته بتواضع قائله
= تمام نروح ما فيش مشكله بس هناخد الاولاد معانا على كده .
هز رأسه بالايجاب ليرد وهو يضع الطبق فوق الطاوله ويقترب منها
= آه ما هم كمان هيجيبوا اولادهم، فا ان شاء الله يتبسطوا الاولاد كمان معاهم هم فين صحيح هم ناموا؟ مش المفروض بكره الجمعه واجازه ليهم.
ابتسمت بحرج عندما شعرت بيديه تطوقها بحميمية فحاولت الإبتعاد عنه وهي تجيب
= عشان متعودين على النوم بدري ما قدروش يسهروا اكتر من كده وكده أحسن
اعتلت ملامحه ابتسامة خبيثه وهب واقفاً أمامها خلع معطفه والقاه على المقعد بأهمال
وسألها بابتسامة لعــوب
= يعني ناموا! طب مش هنام بقى احنا كمان تعالي وابقي كملي الفيلم بكره او هاتي على النت أسهل..
حركت رأسها باعتراض وهمست بستحياء
= طب مش هتكمل الفروت سلاط بتاعك مش قلت دي وجبتك المفضله
عضت على شفتيها بخجل حين رأته بدأ يفك أزرار قميصه واحد تلو الأخر وهو يقول بمكر
= طب ما انا هكمله جوه لما ندخل! ما انا في الحالتين هحلي... تعالي بس وانا هفهمك كل حاجه في الاوضه جوه.
❈-❈-❈
في السيارة على الطريق كان الاطفال نائمون بالسياره من الخلف بينما كانوا عائدون إلي المنزل، بعدما انتهوا من تلك العزومه.. تسائل مصعب راسم إبتسامة هادئ
= شايفك اندمجتي أوي مع مدام حنان! مش قلت لك لما تكوني صداقات هنا هتستريحي ومش هتحسي بالزهق وبعدين هي كمان مصريه زيك يعني مش هتحسسك بالغربه
اخذت نفس عميق، ونظرت لزوجها وتحدثت بود قائله
= لطيفه أوي بصراحه فعلا وخدنا نمر بعض كمان هي قالتلي انها بقيلها هنا مده طويله ونفسها تشوف ناس مصريه وتتصاحب عليهم عشان مصر وحشتها و ما بقتش تنزل.. عشان كده خلت جوزها يزن عليك لما عرفت ان انا اتنقلت هنا.. هي جميله وكمان عشريه وبتعرف تاخد وتدي في الكلام مع اللي قدامهم
تنهد براحه بأنه بدأ يجعلها تندمج وينتشلهـا من بين طيات تلك الهموم التي لم تتركهم، ليردد
= طب كويس واهو بالمره تخرجوا تتسوقوا مع بعض بدل ما بتضطري تستنيني لما افضى ونخرج وبعدين خلاص احنا ان شاء الله مكملين كمان هنا مدى الحياه فالاحسن نحاول نتاقلم بقى ونتعرف على ناس حوالينا .
حركت كتفيها بالترافق مع تمايل رأسها ناحية اليمين وإرتفاع حاجبيها ثم قالت باهتمام
= هو احنا مش هننزل خالص زيارات يعني ولا ايه لوالدتك وانا كمان قرايبي في البلد واصحابي
هز رأسه برفض يجيبها بجدية مناسبة
= لا طبعا اكيد يا حبيبتي هننزل بس زي ما كنت بنزل زمان اجازات يعني فين وفين.. بس انا قصدي سكنا الاصلي هيكون هنا هو انتٍ رجعتي في كلامك ولا ايه مالك اتضايقتي كده ليه ما انتٍ عارفه ان احنا خلاص مقيمين هنا
إبتلعت ريقها بازدراء، لتردف بصوت خافت
= ما رجعتش في كلامي ولا حاجه بس يمكن عشان مش متعوده على الغربه الطويله دي او كنت محسسه نفسي انها مجرد مده و هنرجع تاني مصر.. بس خلاص الولاد لقوا اصحاب ليهم والمدرسه عجبتهم واحنا خلاص بنحاول اهو نمشي حياتنا هنا ونتعود .
أومأ برأسه وهو يقول بابتسامه متفهمة
= معلش انا فاهم قصدك لما تكون متعودين على مكان و فجاه نغير كل حاجه الموضوع بيكون صعب وانا مريت بده هنا بالاول واهو شوفيني دلوقتي بقيت حابب وجودي هنا اكتر من هناك وانتم كمان مع الوقت هتكونوا زيي.
❈-❈-❈
انتهت ندى من تغيير ملابسها واقتربت جانبه على الأريكة لتشعر بيديه ترتخيان عن جسدها بينما يقلص المسافة بينهما، محاولاً السيطرة على نفسه من الإثارة التي اجتاحت مشاعره بسبب اشتياقه لقربها.
حاوطها في احضانه واقترب بشفتيه منها فلم يعد قادراً على تحمل المزيد من هذه اللمسات، فدفعها برفق عن صدره حتى ابتعدت عن حضنه الذي كان يرهق روحها قبل جسدها. اتسعت عينا ندى من المفاجأة، لكنها تفاجأت أكثر عندما استقر جسدها على الفراش، ثم اقتنص شفتيها في قبلة ملتهبة ومشتاقة محمومه متطلبه مما جعل عقلها يتلاشى !!!
بعد فترة، أغلق عينيه مستمتعاً بقربها وتنهد براحة وهو يضمها إلى صدره بقوة مغمغاً
= كنتي جميله أوي النهارده على فكره.. او انتٍ جميله على طول بس لما بتكوني في حضني بتكوني غير... عشان بتكوني قريبه مني أوي وبحس بكل لمسه منك..
نظرت إليه بأعين مبتسمة بخجل وهي تمسد بكف يدها على صدره ثم رددت بغرابة
=تعرف بحس ان انا بكتشفك من جديد وانك حد غريب عليا؟
وضع أصابعه أسفل ذقنها جعلها تنظر له، يسألها بتعجب ظاهر على محياه
= ليه يعني اشمعنا مش فاهم ؟!.
اشتعلت وجنتيها بحمرة قاتمة، ثم حمحمت كمحاوله منها لإيجاد صوتها و تحدثت بتوتر قائله
= كلامك معايا وهزارك مستغربه يعني حتى لما كنا النهارده معزومين اتفاجئت بشخصيتك الثانيه وانت عمال تضحك مع صاحبك وتقول نكت وتهزر وتلعب مع الاولاد يعني متهيالي كده زي اللي كنت حاسك مش بتعرف تضحك اصلا
أجاب مبتسماً وهو يدفن وجهه في شعرها
= هو في حد ما بيعرفش يضحك خالص برده يا ندى؟ بس يمكن عشان اكيد مش طول الوقت بضحك على اي حاجه من غير سبب فانا ما كنتش لاقي الاسباب معاكي او بدون دخول في تفاصيل عشان ما تقوليش عليا بفتح في القديم الوقت اللي كنا بنقضيه مع بعض كنا بنتخانق فهضحك واهزر فين بس ؟!.
علقت أنفاسها بصدرها و هي تستشعر يديه التي تطوقها بقوة تسير على كامل ظهرها يربت عليه بحنان بالغ.. ثم غمغمت ندى قائله
= انا فاهمه بس مستغربه شويه كمان او اكتر حاجه جديدة عليا قربك مني بالطريقه دي وانك بتغازلني كمان .
داعب خدها بأصابعه بعدما ضمها إليه باعتدال وهو يجيب بمزاج
= ما انتٍ لو كنتي بتديني فرصتي بس كنتي هتعرفي ان انا ما فيش زيي وانك مش عارفه قيمتي..
ضيقت زوجته عينيها في بعضًا من الضيق
= هنبتدي بقى الاستظراف و إيه اللي يمنعك ان شاء الله انك تتغزل في مراتك ولا تقولها كلمه حلوه؟ اللي عاوز يقرب هيقرب مهما يشوف حجوزات قدامه .
هـز رأسه نافيًا مسرعة وراح يبرر لها
= انا بتكلم بجد، يعني بذمتك واحده بتقابلني بعد غربه اكتر من سنه واول كلمه بتقولها لي لسه فاكر ترجع وأن ليك اهل وعيال تسال عليهم وتبتدي بقي شكوى.. لهنا للصبح فالحل كان بالنسبه لي أني وما ارجعش تاني.
نظـرت له بثبـات ظاهري تلجأ له في تلك الحالات، ثم تشدقت بــ
= عشان انا كمان كنت بتضايق منك كل مره اقول خلاص هيرجع وانا محتاجه حد يشيل المسؤوليه معايا ابص الاقيك تكلمني وتقولي لسه شويه، فكنت ببقى متغاظه منك! وانت للاسف كنت فاكر لما اطلبك وتجيلي بعد شهر تبقي كده عملت اللي عليك بس انا ببقى في اللحظه دي عاوزاك فعلا.
ضمها لصدره بقوه وأخذ نفس عميق يستنشق عبيرها ويهمهم بجدية
= شفتي احنا الاتنين لما نيجي نشتكي من حاجه ازاي كل واحد بيقول مبرر بالنسبه للتاني فعلا صح و واقعي! عشان كده بقول لك احنا الاتنين غلطانين تصدقيني وتعرفي ان انا مش بقلل منك بس بحاول اوصل لك ان كل ما تفتكري حاجه زي كده تفتكري كمان الحاجه اللي قصرتي معايا فيها عشان نحاول نعديها
لفت يدها حول رقبته ودفنت وجهها بعنقه وهي تهتف بصوت مخنوق
= خلاص يا مصعب انا ما بقتش عاوزه افتكر فعلا اللي فات وخلينا في دلوقتي.. وانت معاك حق احنا الاتنين غلطانين .
اقترب منها زوجها، ووضع يده حول كتفيها مغمغمًا بقلق بتوضيح
= انا يا حبيبتي مش عاوز اقول لك كده عشان في الاخر تعترفي لا تقتنعي ده بالنسبه لي افضل، وبعدين برده انا عارف انا غلطتي غير..
وانك عمرك ما هتنسي خيانتي، بس والله دي حاجه كبيره بالنسبه لي انك بتحاولي رغم كل ده نتجاوز ونكمل حياتنا وعمري ما هنسالك ان انتٍ كنتي احسن مني فانك عرفتي تسامحيني وتصوني اسمي طول فتره غيابي.
ساد الصمت للحظات وهي تجاهد للسيطرة علي نفسها بعد جملته تلك التي كانت بمنتهي القسوة عليها، وجعلتها تتذكر الماضي الذي لا تريد التفكير به ابدأ لأنه يجعلها تشعر بالخيبة والذنب...
عادت ملامح مصعب الهائمه بها لصرامتها وسار نحوها يقربها عليه برفق و جذب يدها بين كفيه وهو يخبرها
= احنا قلبنها نكده ليه كده؟ تعالي نرجع زي ما كنا وننسى اللي فات....
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين تحسنت الأحوال بينهما أكثر بطريقه جيدة ناهيك على قرب زوجته و أطفاله فلم يبقى وحيد بعد وذلك جعل الأطفال في تحسن جيد أيضا... وقرب ندى من مصعب أستمر كأنهما أزواج حقيقيين بالضبط! وهذا ما كان يرغب به .
في غرفة النوم مال على جبهتها قبلها قبله طويله عميقه وفي تلك اللحظه سمعت ندى صوت طرقات باب المنزل سيطرت على مشاعرها معه بصعوبة بالغة، ودفعته عنها من كتفيه بكلتا يديها بضعف ولكنه ظل يقبلها بلهفه دون توقف ينثر قبلات صغيرة على كافة وجهها نظرت له وهي تقول بصوت يكاد يكون مسموع
= مصعب انت مش سامع الباب بيخبط؟ ابعد كده و روح شوف مين لا يكون في حاجه .
أبعدت عنها بانزعاج شديد قبل أن يقبل جبهتها مرات متتاليه مرادف بحذر
= طب اوعي تنامي هاه! هروح اشوف مين الغلس اللي بيخبط في وقت زي ده ورجعلك علي طول.
عضت على شفتيها بخجل وضحكت بغنج وهي تهز رأسها بالايجاب، بينما أسرع بعدها لخطوات ليفتح الباب وهنا أطبق الصمت فجأة على المكان وتسمّر مصعب محله مصدومًا لبرهةٍ وما لبث ونظر لنرمين أردف بغضب شديد
= نرمين! انتٍ ايه اللي جابك هنا يلا من هنا أنا مش ناقص وجع دماغ
تطلعت الأخري نحوه وهنا انتبهت لهيئته المبعثرة، وجهه المتعرق وملابسه الغير مرتبه رفعت نظرها عليه وخلفه باهتمام وبداخلها تتمني أن يكون ظنها خاطئ، لتهتف بغيرة بتساؤل
= هو ايه المنظر اللي انت فيه ده هو انت معاك واحده تانيه جوه؟ آه عشان كده مصدر ليا الوش الخشن و لما صدقت بقيت اتجاهلك
اتاريك وقعت على واحده تانيه.. يعني انا اعلمك الصنعه وانت تروح لغيري طب بذمتك مش انا اولى .
صك على أسنانه بعنف من وقاحتها التي لا تنتهي ورمقها بنظرة مستحقرة أدمت قلبها وتحدث بلهجة قاسية قائلاً
=ما تبطلي كلامك الزباله ده و واحده ثانيه دي إيه اللي عرفتها عليكي هو انتٍ عامله نفسك كنتي في حياتي اصلا؟ بقول لك ايه يلا كده خديها من قصيرها و امشي انتٍ مش ربنا هداكي و ما كنتيش طايقاني وكل ما اروح في حته في الشركه تبعدي عني كاني كلب اجرب، استمري بقى على كده زي الشاطره و أرجع واقول لك اهو اعملي لنفسك كرامه .
صرخت به بغضب شديد لترمقه بنظرة حارقه مرادفه
= كنت بعمل كده عشان اعلمك الادب وكنت متاكده انك هترجعلي وهتبوس ايدي ورجلي عشان اسمحلك تقرب مني لما مراتك تطنشك زي العاده وتقلبها معاك خناقه لما تنزل لها و هترجعلي مكسور الخاطر ومش هتلاقي غيري.. لكن لما لقيتك استمريت في كده قلت لا في حاجه كده واجي اشوف بنفسي اتعرفت عليها بقى فين الاموره اللي معاك جوه .
لم يعد يحتمل فعليًا و انهار ثباته المزيف الذي حاول ان يبعثه لروحه الثائرة ورغمًا عنه صرخ بوجهها منفعلاً بصوت عالي بحده
= اللهم طولك يا روح بقول لك اتفضلي غوري من هنا هو انتٍ بتحبي تتهزئي كثير ما لكيش دعوه بحياتي، اقولك روحي دوري على واحد تاني تصيعي معاه هتلاقيهم كثير زيك لكن انا مش هرجعلك ولا هعمل حاجه حرام تاني.. ده أنا لما صدقت حياتي ظبطت اتفضلي بقي وما تخربيش عليا .
صكت نرمين على أسنانها متمتمه بنبرة شك
= ما اخربش حياتك وظبطت هي مين اللي معاك جوه بالظبط؟!.
انتظرت ندى لحظات تتابع الموقف من بعيد حتي تأكدت من عدم ذهاب تلك الخبيثه و تقدمت تهتف بصوت عالِ فجأة قائله بلهجة حادة جديدة كلياً على شخصيتها الهادئه
= مراته! محتاجه بقى تتهزئي تاني على رايه ولا كفايه عليكي كده وتاخديها من قصيرها وتمشي؟ كان لازم افهم اللي تبعت فيديو زي ده وهي كاشفه نفسها يبقي مش فارق معاها اي حاجه تاني انتٍ بجد بني ادمه حقيره اتفضلي اطلعي بره بيتي وكفايه أوي وأنا سامعاكي بتعرضي نفسك عليه ومتضايقه أوي أن سابك وراح لغيرك بني ادمه بجحه بجد... انتٍ ما كنتيش في حياته اصلا عشان يعرف غيرك مجرد نزوه وعديتي ومش هترجعي تاني طول ما انا بقيت هنا خلاص.
تطلعت نحوها بغيره شديدة وقد فهمت بأنها زوجته وببوادر بكاء صاحت بغل
= اه ده انت رجعت مراتك اهو زي الشاطر و عرفت تصلح حياتك، وسبتني انا بعد ما اخذت اللي انت عاوزه مش كده .
توهجت عينيه أصبحت كالجمرتين وتحدث بخفوت قاسٍ محذراً
= انا ما وعدتكيش بحاجه وانتٍ اللي عماله تتخيلي مع نفسك وبعدين محسساني كنت ضربتك على ايدك ما انتٍ اللي عارضه نفسك عليا واكتر من مره وعارفه ان ده اخرك فما تحلميش.. واسمعي كلامها واطلعي بره بدل ما اطلبلك البوليس وتبقى فضيحه
غضبت ندى بشدة منها بينما تنهد مصعب بارتاح من تعامل زوجته معها، لترمقها بنظرات محتقرة وهي تقول بنفاذ صبر
= ما تيلا يا ماما هتفضلي تبصيلنا كتير و تصورينا انتٍ ما لكيش وجود في حياه جوزي ولا عمرك هيكون ليكي، طالما رخصتي نفسك ما تستنيش معامله غير كده و تستاهليها فعلا يلا شوفيلك اي زباله تاني تتمسحي فيها انما بيتي ما تلوثوش .
لوت شفتاها بسخرية مرادفه بأسف مصطنع باستفزاز
= بيتك ما لوثوش؟ لا ضحكتيني لا هو خلاص اتلوث يا حبيبتي هو جوزك ما قالكيش انه جابني هنا قبل كده ودخلني كمان اوضه النوم بتاعتكم؟ والباقي بقى انتٍ عارفه! ده كمان قالي ان انا اول ست تدخل البيت و قبليك
ابتسمت نرمين ابتسامة مصطنعه تظهر بها الحقد والشر بعينيها وتحدثت موجهه حديثها لندي
= يعني نفس اللي بيحصل ما بينكم حصل بيني وبينه.. يعني انا غصب عنكم انتم الاتنين كنت في حياته واللي كان بيعملوا معاكي من شويه عمله معايا قبل كده وانتٍ شفتي بنفسك لما بعت الفيديو !. بس ما شفتش العرض اللي حصل هنا في بيتك مش كده؟ يا خساره يا ريتني كنت صورته هو كمان بس فاتك كتير .
زحف الرعب لقلب مصعب حين لمحت نظرة نرمين المتشفيه المسلطة عليه، وعلي زوجته المصدومه بعدما ارتجف جسدها بفزع ونظرت عليه بنظرات زائغه تدل على شدة خذلانها للمره الثانيه.