رواية من يقع بنفسه لا يبكي الفصل التاسع
بدأت ندى في لما ثيابها داخل الحقيبه بينما
ضيق مصعب ما بين عينيه بقلق وهو يردد
=ندى انتٍ بتعملي ايه عشان خاطري سيبي الشنطه انتٍ مش هتنزلي مصر ولا هتسيبي البيت، اهدي واسمعيني انتٍ فاهمه الموضوع غلط
كم توقع لم تحتج لكثير من الجهد عندما انفجرت زوجته فيه تفضي بكل ما يؤلمها
=هو ايه اللي فاهمه الموضوع غلط انت ما انكرتش لما هي قالت انها جت البيت هنا مع انك حلفت قدام والدتك انك ما قابلتهاش غير مره واحده بس الفيديو اللي وصلنا كان باين انه في شقتها وانت اكدت الكلام! يبقى معناه إيه الكلام ده بقى؟ ما اكيد ما جتش هنا من فراغ ؟!. والموضوع ما كانش مره واحده زي ما انت قلت وفهمتنا، يا ترى مخبيه إيه تاني يا مصعب تكونش انت كده في الاصل مع اكتر من واحده والموضوع مش اول مره زي ما فهمنا.
بهتت ملامحه قليلاً قبل أن يركض بسرعه وهو يسحب منها الحقيبه مرددا بجدية ورجاء
= انا ما كدبتش يا ندى وكل كلمه قلتها لكم صح وبعدين انا حلفت برحمه ابويا واولادي وعلى مصحف ان انا ما لمستهاش غير مره واحده! هي بتحاول توقع ما بينا بعد ما خلاص اتاكدت ان انا عمري ما هرجعلها فما تسمعلهاش ويا ريت تسمعيلي انا وتصدقيني
مسحت دموعها بيد مرتجفة ثم قالت بصوت خرج متعثراً متحشرجاً
= تمام ايه مبرراتك بقى على كلامها وجت هنا تنيل ايه؟ واياك تكدب فعلا زي ما قلت واديك شايف من غير ما ادور وراك كل حاجه بتجيلي لحد عندي وبعرفها لوحدي وبتتكشف
شعر مصعب باليأس فأخذ طريق المهادنة معها فمازالت زوجته مضطربة ولا تثق به من جديد حتى أنها لا تستطيع رؤية ما يراه هو... نقل نظراته نحوها ثم جذبها من يدها وهو يقول بهدوء جاد
=انا من اول الفيديو إياه محاولتش اكدب ولا انكر لاني كنت خلاص عارف ان انا اتكشفت واي محاوله مش هتفيد غير انها تقلل مني قدامكم واعترفت بكل حاجه واحنا قلنا هنقفل علي الموضوع، اما بالنسبه لحكايه انها جيت هنا فهي فعلا جت هنا بس قبل ما تتجنني عليا وتتهميني بالباطل اسمعيني.. لما آآ كلكم كنتم ضدي وانتٍ مش راضيه تعترفي بغلطك وكنتي بتقللي مني واهنتيني حتى لو انا غلطت ما استحملتش، و ما كنتش عارف بعمل ايه و للاسف ضعفت ورحتلها تاني وجبتها هنا و قلتلها كمان أنك اول ست دخلتي البيت ده لاني جهزته ومراتي واولادي ما جوش وكل ده كان مآثر فيا وكان ملخبطني بس بعد كده فوقت على آخر لحظه وطردتها عشان كده هي اتجننت اكثر لما عرفت ان رجعتك وانتٍ سامحتيني بعد كل ده .
تملكت الصدمة من ندى قليلاً قبل أن تقول بفظاظة ساخرة
= ضعفت تاني وطردتها ده بجد و المفروض بقى ان انا اسامحك لثاني مره حتى لو ما لمستهاش زي ما بتقول و معكش دليل اصلا ان ما فيش حاجه حصلت بينكم تاني؟ ولا ممكن تضعف ثالث معاها.. هو انت و والدتك عاوزين مني ايه بالظبط افضل طول حياتي كده اسامح واعدي انا ما عنديش طاقه لكل ده و تعبت بجد انت فاهم انت بتعمل فيا ايه أصلا ولا مستوعب ولا ايه اللي بحسه لما تروح تلمس واحده غيري؟!
ابتلع ريقه وطيف إنكسار مرير محير يمر في عينيه الخضروايين
= والله عارف كل ده ومقدر عشان كده عديتلك كل اللي عملتيه فيا لما كنت بتحايل عليكي تيجي وخناقاتنا وكلامك لما ختنك مع انك قللت مني جامد.. بس حطيتلك 100 عذر وقلت معلش حقها تعمل كده وكويس اهو ان الأمور بدات تتصلح ما بينا يبقى انا كمان واجب عليا انسى زي ما هي غفرت ليا غلطتي عشان كده عمري ما هعملها تاني.. صدقيني الكلام ده قبل ما تيجي هنا ونتصالح و دي كانت كل مشكلتي ان انتٍ مش جنبي .
كان بذلك الوقت صوتها مجروح حزين وهي ترد دون مدارة بنبرة متحشرجة احتلتها الحسرة واللوم
= بس انا مش لاقي ليك مبرر لحد دلوقتي للي عملته معايا وقلتلك مهما يحصل مش هنسى بس بحاول اعدي عشان مش عاوزه خراب البيت، لكن ده مش معناه انك تستغل كل فرصه والثانيه تعمل اللي انتٍ عاوزه وترجع تقول ما هي بتسامحني خلاص وتصدق بقى وتسوا فيها .
هز رأسه نافياً بسرعه وارتبك وهو يقول بصوت خفيض حريص
=لا طبعا مش هفكر بالطريقه دي انا مقدر جدآ حاجه زي كده وأنك قادره تعيشي معايا و تسامحيني واديتيني فرصه تانيه، لو كنتي فاكره لما تسامحيني وتغفري ليا هتمادى فيها
واغلط اكتر تبقي غلطانه انا ما فيش طبع الخيانه ومش كده بس انجبرت واتحطيت في المواقف دي وضعفت غصب عني لكن مستحيل اعملها تاني حتى لو مش عشانك انا خلاص ندمت وبحاول اكفر الذنب ده عشان ربنا يسامحني.. كلام والدتي اثر فيا اكتر لما قالتلي لو مفكر لما تعمل كده عشان ملكش اخوات فلا ممكن تترد فيا ولا في مراتك عشان كده اخذت قرار خلاص مهما يحصل ما ينفعش ألجأ لده او اصلح الغلط بغلط وده ما اسمهوش عند انا عملت ذنب كبير واستاهل اللي هيجرى لي بس اللي هيوجعني اكتر لو الذنب ده انتم اللي اتحملتوا مكاني .
رغم ادعائها الصمود وتفهم سؤاله لكن لم تستطيع أن تقاوم ذلك الألم العميق والحزن الذي بان من بين حروفها وهي تقول بشرود
= غيرك يتحمل الذنب ازاي؟ ويترد فيا أو في والدتك تقصد ايه ؟
خرج صوت مصعب متوتراً وهو يحمل الذنب والندم بين طياته
= اقصد اي حد بيعمل حاجه وحشه أو ذنب كبير ومفكر مش هيتحاسب عليه يبقى غلطان او كان بيستغل حد ومغفل التاني فمسير الأيام تلف وكما تدين تدان! وانا يا ريتني كنت فكرت في ده قبل ما اعمل غلطه زي كده.. بس ان شاء الله ربنا يسامحني وانا مستحيل اعمل حاجه زي كده تاني وكفايه أن بحاول لحد دلوقتي اكفر عن الذنب ده.. بس اللي ما رضوش على نفسي ما رضاهوش على غيري وانا اكيد ما اقبلش انك تكوني في الوضع ده .
تقوس فمها بالحزن والذنب مثله ثم قالت بنبرة اخذتها في الإختناق
=مصعب هو انا لو كنت اللي مكانك وخنتك يا ترى كنت هتسامحني.. حتى لو كانت الغلطه تفرق و مش كبيره زي اللي أنت عملتها وعملت علاقه مع غيري في الحرام.
إبتسم مصعب بتعاطف شاعراً بالألم من أجلها وألم الذي يعيشون إياه بسبب خطيئته ثم قال بغصة مؤلمة
=إيه لازمه الكلام ده دلوقتي، ما انا قلت لك معترف ان انا غلطان وما فيش مبرر للي انا عملته والله العظيم حصل بينا مره واحده ومش هعدها تاني
هزت رأسها باعتراض وهي تقول بإلحاح
=مصعب رد عليا انا بسالك سؤال لو كنت انا اللي مكانك كنت هتسامحني حتى لو كانت الخيانه دي بسيطه ومش كبيره زي اللي انت عملتها.. انا مش عاوزه اعاتبك بطريقه غير مباشره انا بسالك سؤال وعاوزه الرد
أغمض عينيه بقوة وبان الألم المبرح على وجه الذي شعر أنه كبر في لحظة فمن المؤلم أنك كلما ظننت أنك أمسكت خيط تجده مجرد وهم مكون من ظلال السراب، ورغم أنه رفض الاجابه في البدايه لكنه أجاب بنبرة رجوليه
= مفيش حاجه اسمها خيانه كبيره وبسيطه يا ندى اول حاجه الخيانه اسمها خيانه وما لهاش مسمى تاني، حتى بقى لو واحده بتكلم واحد على جوزها مجرد كلام كصداقه ولا حب! و مفكره نفسها كده في السليم بتبقى غلطانه في كل الحالات فحصل بينهم علاقه ولا ما حصلش ده غلط و ذنب كبير واسمه خيانه..
عبست ندى قليلاً وهي تقول بنبرة مؤلمة
= وكنت هتسامحني عليه لو كنت عملت اي حاجه من دول.
إمتعض وهو ينظر من الأسفل نحو وجهها ثم قال متوتراً محايلاً
= خلاص يا ندى عرفت عاوزه توصلي لايه، لا يا ندى الراجل غير الست.. مفيش راجل يقدر يكمل مع واحده كانت مراته ولا خطيبته ليها ماضي حتى قديم فما بالك على ذمته وكلمت واحد ولا حصل بينها تجاوزات ولا علاقه كامله كمان.. لا هيقدر ينسى كل ما يبص في وشها ولا يلمسها بنفس الطريقه، عشان كده انا مقدر ومستوعب ان انتٍ بتعاني من اللي انا عملته وبتحاولي تنسي وتسامحي ممكن بقى تصدقيني وتحاولي تنسي الهبل اللي قالته البني ادمه دي
تشنج جسدها بوضوح وهو ينظر لعينيها الشبيهتين بأحجار العقيق فنظرت إليه وروحها تتمزق يأسا ووجعاً ولم تشعر بنفسها وهي تهمس بتمزق
= طب هو ليه الراجل مستحيل ينسى خيانه الست مع انها ممكن تنسى وتكمل معاه وتغفرله بالذات لو هو كمان عمل كده؟ ليه مش بيدي لنفسه مبررات زيها ما هي ليها مشاعر برده وكرامه وبتحاول تسامح وتكمل عشان الاولاد والبيت ليه ما فيش راجل بيعمل كده زيها..
نفخ بضيق شديد فقال بعصبية غير مفهومة
= طبيعتنا كده يا ندى احنا الرجاله غير الستات، وعشان حاجات كتير مش بنقدر ننسي ممكن انتم عندكم قوه عننا في الحته دي! يعني مثلا لو راجل عرف العكس على طول هيروح يخونها عشان يردلها اللي عملته كأنه يعني بينتقم منها ومن كرامته. انما الست لما تعرف خيانته بتفضل برده محافظه وصاينه شرفه.. عارف هتردي وتقوليلي الاتنين عقابهم عند ربنا واحد! بس برده الموضوع صعب على الراجل
لتومئ برأسها وكأنها تؤكد على كل كلمة خرجت منها، حين نطقت بصوت مكتوم
= منطق غريب أو دي عقليه الرجل الشرقي عايز يعرف بنات كتير ولما يتجوز عايز واحده مغمضه وبعدها يزهق منها ويمل ويدور علي العكس بره البيت..بس اعتقد انتوا كده عشان المجتمع بيحلل ليكم الخيانه ويقدر يبص في وشكم عادي ويديكوا فرصه تانيه او ممكن ما يحاسبش اصلا راجل على خيانته.. انما الست صحيح غلطتها بفورا..
تململ بعدم إرتياح ثم قال بصوت مخنوق
= ما بلاش بقى الكلام الكبير ده اللي بيودينا لحته تانيه خلينا في موضوعنا، انا عارف ان انتٍ طيبه وبنت حلال ومش هلاقي واحده زيك تصون شرفي عشان كده انا مخليكي على ذمتي وانتٍ من نوعيه الستات دي اللي مهما اعمل هتفضل برده صينه شرفي وانا متاكده و واثق فيكي.. عشان كده مهما حصل هفضل متمسك بيكي لاني مش هلاقي واحده زيك تحافظ على اسمي وعلى سمعتي وهي شايله اسمي..
أحست ندى بكل صفعة تخرج من كلماته متضامنة مع جراح قديمة ظنت أنها إندملت وشفيت إلى أن أتى القدر وأعادها لنقطة البداية وهو الشعور بالذنب بالخيانه...عندها فقط لم تقم أي وزن لمشاعرها أو حالتها النفسية لكن ما اغضبها والمها اكثر أن لا يوجد أبداً مكان للتعاطف مع أمثالها بالمجتمع انما الرجال يوجد تسامح بمنتهى البساطه...
فا تُعد عادات وتقاليد المجتمع والرجل الشرقي من أعقد الألغاز ورغم هذا تعتبر شيئاً ثابتاً غير قابل للتعديل.. خاصةً عندما تُشكل ماضينا و حاضرنا ولكن يبقى السؤال هل نستطيع بسهولة التغيير ومحي ذلك المرار المؤلم بما يحمله من كل كسر ونزيف بسبب تلك الأفكار؟. فما يعني بأن خيانه الرجل غير المرأة!.
تعلم جيداً مقدار هذا الذنب والخطيئه التي تبني حائطاً سداً لتدمير العلاقة و ماضينا المروع فتلك الأفكار جاعلة إيانا عالقين في عالم مظلم ليس منه فرار... تجبرنا على الخوف دائما أكثر من نهايه الحساب بالاخره لذلك نفكر في الناس وتلك العادات اكثر من ديننا.. فربما نجد خلفها أسوأ كوابيسنا إذا ازال ستر الله علينا، لذا نظل صامتين خائفين من كشف ذلك الضياع الخفي مُظهراً أمام أعيننا مستقبل أكثر ارتياعاً وضياعاً! .........
طال صمتها المريب ولم يقاوم نفسه أن يمد كفه ويمسك ذراعها بتشدد فاقداً سيطرته و انتظام أنفاسه من ملامستها التي تشبه قطرة ماء باردة حلوة وجدها تائه في صحراء مقفرة وهو لا يريد خسارة كل ذلك النعيم بعد أن تذوقه، فقال سريعاً بتوتر
= ندى انتٍ ما بترديش عليا ليه انتٍ مصدقاني صح؟ والله ما بكدب عليكي في كلمه انا ما لمستهاش تاني طب عاوزه احلفلك بايه عشان تصدقي بس بلاش نرجع زي زمان، انا لما صدقت أمورنا بدأت تتعدل! خليكي أحسن مني جنبي مهما عملت عشان ما ضعفش للطريق ده تاني.. فهماني .
❈-❈-❈
في العمل عند وصول مصعب أمسكت نرمين حقيبتها الأنثوية وحقيبة أخرى تخص بعض المستندات بالعمل ثم نوت المرور من جواره هاربه لكنه وقف أمامها لتقول بابتسامة مستفزه
= خير مراتك سبتك تاني ونزلت مصر و رجعلي زي العيال تعيط وتتحايل عليا عشان ابص في وشك وارضي عنك
نظر لها مطولاً باحتقار قبل أن يرد بهدوء حازم
= لا يا نرمين مراتي لسه موجوده هنا جنبي وسامحتني وهتنسى غلطتي واني في يوم من الأيام كنت بعك مع واحده رخيصه ذيك.. انا جايلك هنا عشان اقول لك كلمتين ابعدي عني وعن حياتي بدل ما اخليكي تندمي!.
حاولت رسم إبتسامة هادئة وهي تجيب بثبات إنفعالي
= وايه كمان بقى؟ ده انت بتهددني وش طب لو ما سمعتش كلامك هتعمل ايه ؟.
أخذ نفساً عميقاً ثم تحدث بلهجة باردة مع تهديد صريح
= عارفه الفيديو الحلو اللي انتٍ بعتيه ومبينه وشك ووشي عشان توقعي بيني وبين امي و مراتي اهو ده دليل ضدك دلوقتي! بسبب غبائك ما فكرتيش ان ممكن برده ابعت الفيديو ده لاهلك في مصر وهم كمان يتصرفوا معاكي؟ وانتٍ اكثر العارفين الراجل غير الست في المواضيع دي.. يعني انا لقيت اللي يسامحني لكن انتٍ هتلاقي اللي يقتلك او اقلهم يغصبك على جوازه مش على هواكي عشان تتربي هناك صح..
اتسعت عيناها بصدمة بينما تقدم نحوها حتى أصبح لا يفصل بينهما إلا خطوة واحدة ثم أضاف باقتضاب
= وانا مش عاوز اعمل كده عشان ما اشيلش ذنب واحده زيك لكن لو قربتي من عيلتي تاني ولا مراتي مش هفكر في كل ده وتولعي على اليوم اللي عرفتك فيه ومش هتفرق معايا كلبه وراحت، فلاخر مره بقولها لك ما لكيش دعوه بيا وشوفيلك واحد من عينتك لكن انا لا... غلطه ومش هكررها تاني.. أنا لما صدقت الحمد لله حياتي بدات تتظبط و هبداها على نظافه مع مراتي مش واحده بتبيع نفسها للي يسوى و ما يسواش.
رمشت بعينيها بخوف من تهديده و هجومه ثم قالت بصوت بارد حاد
= تهديد اهبل وعبيط لان ممكن ببساطه اقول اني مش انا او اهرب منهم، بس خلاص ما بقتش تلزمني عارف ليه؟ لاني مش داخل دماغي حكايه مراتك اللي سامحتك بالسرعه دي وحتى بعد كلامي امبارح معاها.. فاللي زي دي ملهاش غير حلين؟ انها ملهاش أهل ولا حد غيرك وما بتعرفش تشتغل ولا تصرف على نفسها.. لكن اللي اعرفه ان مراتك كانت تشتغل في مصر واهلها موجودين..
تقوس فمه بالقسوة وهو يعتدل من على إطار الباب وتقدم واضعاً يده في جيبي بنطاله ثم تحدث ببطئ حمل التهديد بين طياته
= رغم انك كدابه وخفتي من تهديتي بس هكبر دماغي طالما هتبعدي عني بس ايه التخمين الثاني بقى اللي مخليكي مش مصدقه أن مراتي سامحتني وهتكمل معايا رغم خيانتي.
مالت تهمس بجانب أذنه بفحيح وهي تتابع بخ سمها مثل الحيه
= الحل الثاني أنها كانت مقرطسك يا كروديا وتعرف غيرك ولما اتكشفت قالت زي بعضه ما انا كمان عكيت وهو عك فبقينا رخاص زي بعض فملوش داعي لو رجعنا الشمل والبيت
ما يتخربش.. عشان ما فيش ست مهما كان مبررها تسامح وتكبر دماغها ان جوزها ممكن يخونها بسهوله كده.
أهتزت إبتسامة أثر كلماتها ولكنه أجبر نفسه أن يقول بثقة
= احترمي نفسك يا واطيه هو انتٍ مفكره الناس كلها زيك انا مراتي اشرف منك؟ و مستحيل تعمل كده وانا واثق فيها، صحيح في يوم من الأيام عكيت مع واحده زيك واطيه لكن هي لا... ندى متربيه كويس ومهما كانت اغلاط اللي قدامها عمرها ما ترد الغلط بالغلط او حتى تفكر تكلم راجل من ورايا رغم انها كانت بتقابل كثير في شغلها حاجات زي كده لكن كانت بتصدها حتى من غير ما تقولي..
وكأنها كانت أكثر رجاحة وتفرس في فهم ندى عبر لقاء واحد أو بحديثه عنها، ورغم لا صلة قوية تجمعهم بعد لكنها شكت بها أو ربما كالعادة تطلق أحكاماً ظالمة متسرعة وهي تردد بتشفي
= وانت فاكر لو حاجه حصلت زي كده هتيجي تقول لك ما انت لسه قايلها من شويه غلطه الراجل غير الست، عارف لو كانت خدت وقت اكتر من سنه علي الأقل عشان تسامحك كانت هتدخل دماغي بس مع واحده مستقله زيها وليها شغل واهل و واثقه كمان ان حماتها وانت هتدفعوا مصاريف العيال وانت ما عندكش مشكله في كده ما انت طول عمرك بتدفع وهي تربي.. يبقى ايه اللي يغصبها الا لو ...
لم يرد مصعب بشيء فقط جسده تصلب كليا وملامحه أظلمت وبدأ يكتم جل غضبه بأعجوبة وهو يتخيل اذا كان ذلك صحيح...
لكنه تكلم باتراً الكلام من بين شفتيه بقرف
= هو انتٍ مش هتخرسي ولا تحبي امد ايدي عليكي قدام الزملاء هنا اتلمي وعدي يومك!
بدل ما افضحك.. ليكي حق ما اول مره تشوفي واحده نظيفه ومتربيه مش زيك مع اي راجل تقابله يشاور لها تروحله.. ما تلعبيش معايا الالعاب القذره دي انا فهمك كويس عاوزه تشككيني في مراتي عشان توقعي بيني وبينها تاني، لكن ده مش هيحصل بالعند فيكي
بهتت ملامح مصعب كلياً لا إردياً لكنه هز رأسه برفض لكن الشك اقتحم قلبه أثر كلماتها بينما هي نظرت إليه بكل ثقة العالم وهي تنطق متحدية
= وانا قلت لك مش عاوزه اوقع بينكم طالما ربنا خدلي حقي ولقيت اللي استقرطك، بالشفاء اشرب! لكن بقولها لك تاني مراتك 100% كانت تعرف واحد لان اللي شفتها امبارح و وقفت تدافع عنك رغم وسختك مش شخصيه ضعيفه وعارفه كويس انها لو بعدت عنك هتقدر تربي العيال ما هي جربت المسؤوليه قبل كده فايه الصعب.. ما تجرب تفكر كده فيها بينك وبين نفسك كده وانت هتلاقي الحقيقه قدامك..
كاد أن يهتف باعتراض ولكن ما جعله يتصلب حقاً تلك الكلمات الخبيثه التي خرجت منها كنصل سكين باردة مرت عبر قلبه عندما أضافت
= سبتها اكتر من خمس سنين واتعودت على الفراق وانها تربي العيال لوحدهم، يعني جربت وشالت قبل كده المسؤوليه لوحدها! ومجربه كمان الشغل بجانب كل ده تعرف تطلع قرش و عارفه ومتاكده ان انت مش ندل وهتبعتلها فلوس حتى لو اتطلقتوا زي ما كنت بتعمل.. و مش شخصيه ضعيفه وليها اهل، انا ست زيها وفاهمه لما الواحده بتطلق اول حاجه بتفكر فيها الحاجات دي كلها... وطالما لقيتها متاحه يبقى ايه اللي يخليها تقبل واحد زيك خاين؟ وتسامح بالسرعه دي.. الا لو الحكايه فيها إن وانت لبستها خلاص.
توسعت إبتسامة بلهاء على فم نرمين قبل أن تتابع بصوت ماكر
= ايه عمرك ما فكرت أن زي ما انت فضلت ست سنين عايش على أمل أنها تجيلك يا ترى هي كمان ما تعرفتش زيك واحد غيرك؟!. ولا كانت بتعمل ايه في الغربه وانت هنا؟ ولا انت فاكر بس إللي بيدوروا على احتياجاتهم بره مع غيرهم الرجاله بس.. ما هي صعبه برده ست تفضل كده من غير كلمه حلوه ولا لمسه !.
لم يستطع أن يسيطر على نفسه عندما مد يده يمسك ذراعها بقسوة وهو يقول باشمئزاز
= حقيرة و مقرفه!.
أجابت بنبرة صوتها التي خرجت مستنكرة يتلبسها البرود العاصف والوقاحة المتعمدة
= مقبوله منك عشان ما فرقتش حاجه عني! ولا حتي مراتك فما تعملش عليا الشريف وانتم مقضيينها.. بس الفرق بيني وبينكم ان انا واضحه عنكم، مش بعك في الدري واعمل فيها الطاهره الشريفه.. لان احتمال تكون مراتك لسه مقرطساك وبتكلم اللي خنته معاك لحد دلوقتي اصلا بس بالحالتين تستاهل.
❈-❈-❈
دخل مصعب من باب المنزل بتعب واضح ليجد الجميع يجلس في غرفة المعيشة يتحدثون مع والدته عبرا الهاتف فيديو! أسرع يحيي يركض تجاه وهو يصيح بحماس
= بابي جي هيييه، تعالي يا بابي كلم معانا تيته في التليفون صوت وصوره .
نظر مصعب نحوه والدته عبر الهاتف وهو يردف برجاء
= ازيك يا ماما عامله ايه و ايه اخبارك.. طب لما انتٍ أهو بتتصلي وتردي علي غيري ما بترديش عليا ليه؟!. مش ناوي بقى تسامحيني هتفضلي زعلانه مني كتير كده .
لكن مديحة لم تهتم به وأغلقت المكالمه على الفور قبل ان تردد بجفاء بارد متعمداً
= طب يا ندى يا حبيبتي سلام بقى روحي انتٍ شوفي جوزك وعيالك وانا هبقى اكلمكم بعدين سلام.
تنهد مصعب بزعل بقله حيله،بينما هزت ندى كتفيها متحدثة وهي تضع هاتفها أعلي الطاوله باهمال
= أنا هقوم احضر لك الغداء، عقبال ما تغير هدومك .
وعلي طاوله الطعام وضعت ندى قطعه اللحمه والأرز في طبق زوجها بينما هو كان يتابعها بغموض وكلمات نرمين تتردد داخله و فجاه سألها باهتمام بالغ
= عملتي ايه في يومك النهارده؟ قصدي يعني نزلتي ولا رحتي في حته ولا كلمتي حد
عقدت حاجيبها باستغراب وهي ترد بابتسامة بسيطه
= إيه كل الاسئله دي؟ عادي ولا نزلت ولا جيت وبعدين ما انا اكيد لو نزلت هقول لك قبلها زي ما اتفقنا لما جينا هنا علي النظام الجديد غير اللي هناك كان في مصر وانت مش موجود..
توقف عن تناول الطعام واستدار إليها مبتسماً يتأملها بنفس تلك النظرة الغامضة التي تربكها قبل أن يقول بحده طفيف
= آه صح فعلا اتفقنا على كده طب عملتي ايه يعني طول اليوم انتٍ والأولاد .. اكيد ما عملتيش حاجه غير انك تكلمي ماما وبس، عملتي إيه تانيه ؟.
ببطء كانت ندى تحاول أن تفهم ما يقصده من وراء كل تلك الاسئله وبدأت تجيب عليه
=ولا حاجه جهزت الاولاد للمدرسه واستنينا الباص عشان انزلهم و جهزت الغدا اللي قدامك عقبال ما رجعوا ولما رجعوا خلصنا الواجب بتاعهم وكل الحاجات اللي وراهم وبعد كده قالوا نفسهم يكلموا جدتهم عشان وحشتهم
إضجع على مقعده قبل أن يقول بغضب بان علي ملامحه
= ممم يعني نزلت اهو وديتي الولاد الباص امال ليه قلتلي ما نزلتيش
لانت ملامحها قليلاً ثم قالت بحيرة
= عشان انا فعلا ما نزلتش اللي اقصده بنزولي أن اروح اشتري شويه حاجات مثلا من اي مكان لكن انا يا دوبك نزلت اول ما الباص جي و وديتهم وطلعت على طول فا فين النزول في كده.. ثم انك عمال تسالني الاسئله دي كلها ليه هو في حاجه؟
لم يبدو على مصعب أي ردة فعل بل البرود التام هو ما غطى ملامحه قبل أن يقول باستفسار حاد
= هو لازم يكون في حاجه عشان اسال مراتي بتروح وتيجي منين عادي انا ما كنتش اعرف كل تحركاتك في مصر لكن انتٍ دلوقتي قدامي ولازم اعرف كل حاجه عنك، مش كفايه كل يوم والتاني بعرف عن ولادي كل حاجه بالصدفه.. وبعدين بعد كده اطلبي من البواب خليه هو ينزل الاولاد مش لازم انتٍ تنزلي هو راجل كبير وانا واثق فيه بقيله كتير هنا معانا وما شفناش منه حاجه وحشه ولا اقول لك اسهل مراته نتفق معاها تطلع تاخد الاولاد منك وتوديهم هي للباص وحتى لوازم البيت نفس الحكايه
نظرت إليه مطولاً ثم ببطء وضعت المعلقه والسكينه جانب وتحدثت بغضب خفيف
= هو ليه كل ده هيعملوا حذر تجول هنا وانا مش واخده بالي يعني ولا ايه؟ ليه ما نزلش وحتى لو كام دور اودي الولاد واطلع تاني وحاجات البيت برده نفس الحكايه هو انت عاوز تحبسني يعني هنا ولا ايه ؟
حدق فيها بعينين منفعلتين ثم قال دون ذرة تفكير
= وليه بتسميها حبس عاوزه اريحك عادي! مش كنتي طول الوقت بتشتكي ان انا مش شايل المسؤوليه عنك اديني بشيلها أهو.. و أصلا لو مش ميعاد شغلي مع الاولاد كنت انا اللي وديتها هو انتٍ ولا عاجبك كده ولا عاجبك كده .
رفعت حاجبيها بإستنكار وهي تردد بتهكم
= هو انت مفكر بقى المسؤوليه اللي انا كنت بكلمك عليها كل السنين دي كلها انك تودي الولاد المدرسه وتجيبهم وحاجه البيت البواب اللي يجيبها ولا مراته، هو ده كل اللي فهمته مش شكوتي.. لا المسؤوليه إللي بجد انك تكون موجود جنب ولادك وتحسسني بوجودك معنويا قبل ماديا ولو عاوز تعرف كل حاجه عن ولادك يبقى تقرب منهم بانك تقعد معاهم وتشاركهم هوياتهم وتتكلموا مش تشوف مين يوديهم المدرسه..
صمت لبرهة مبتلعاً مرارته وشعر بأنه تسرع بتلك الاستجابات بالأخص عندما نهضت وهي تردد بصوت ساخراً
= انا شبعت ويا ريت لما تخلص اكل تحط المواعين في غساله الطباق ما هي دي برده من ضمن المسؤوليه اللي انت بتتكلم عنها و عاوز تشيلها.
❈-❈-❈
وقف مصعب يأخذ أنفاساً طويلة يتلفت هنا وهناك بالغرفة يعاتب نفسه بشده علي شكه بزوجته وتصديق تلك الخبيثة، ثم التفت نحو الفراش ليجد ندي تمثل النوم فوقه، اقترب منها قبل أن يهمس برقة مهلكة بجانب أذنها
= ندى ممكن تقومي عاوز اتكلم معاكي شويه
انا على فكره الكلام اللي قلته على الغداء ما قصدوش انا بس كنت راجع متضايق شويه
وفي نفس الوقت عاوز بجد اقرب منكم و اشيل المسؤوليه معاكي بس يمكن ما فهمتيش قصدي صح.
هزت رأسها بنوع من المرارة وهي تقول
= لا انا فهمت قصدك صح! تحب اقول لك ان انت كلامك بره كنت بتحاول تحبسني هنا عشان خايف اعمل زيك واخونك! ما هو صحيح اللي بيعمل كده مفكر كل الناس زيه.. الغريبه ان انت من كام يوم كنت بتكلمني على الثقه وانك بتثق فيا قد ايه.. ايه اللي اتغير .