رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة والثالث والثلاثون 133بقلم فاطمه عبد المنعم


 رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة والثالث والثلاثون بقلم فاطمه عبد المنعم

"إن كان أمل العشاق القرب...أنا أملي ف حبك هو الحب"

أحمد فؤاد نجم 


في غرفتها، وفي ظلمة الليل، هذه الليالي التي لا يشعر بك فيها أحد، تبكي وحدك، وتفكر في الخلاص من كل شيء حتى روحك وحدك، ليالي تشهد الانهيار ولا رفيق سوى الحزن، تذكرت "ملك" ما حدث للمرة الألف، صدمة لقاءه عند "ميرڤت"، انفراده بها في المطعم، قوله " أنا رديتك"، وذهولها وصدمتها، الطاولة التي انقلبت رأسًا على عقب، رفضها سماع أي شيء، وتهديدها له بأنها سترتكب جريمة إن طاردها وأتى خلفها حين منزل "ميرڤت"، تتذكر كيف عادت بمفردها إلى منزل " ميرڤت"، والتي حاولت الحديث معها برفق لم يناسب ثورة "ملك" التي قالت:

مش عايزة أسمع حاجة، مش عايزة اتكلم مع حد. 


انفردت بنفسها في الغرفة التي كانا في الماضي شركاء بها، ألقت حقيبتها بانفعال، وهوت على الأرضية منخرطة في نوبة بكاء عميقة، تحدث خلالها نفسها بصوت مسموع:

رديتك، بعد كل ده رديتك، يمشي بمزاجه، ويرد بمزاجه 

زادت شهقاتها وهي تقول:

العروسة اللعبة بتاعته أنا علشان يبقى كل حاجة كيفه. 


سمعت دقات على باب الغرفة فضرخت وكانت نبرتها الباكية هي الأقوى:

قولت مش عايزة اتكلم، مش عايزة. 


_ "ملك" أنا "عيسى".

اتقدت عيناها بغضب رغبت لو صبته بأكمله عليه، لم يستجب لرغبتها في عدم المجيء خلفها، يقف الآن على أعتاب باب غرفتها، يضرب القواعد ولا يهتم. 


عم الصمت ولم يأت رد منها، لم تفتح الباب، ولم تحدثه، فاستأذن أملًا في فرصة واحدة:

ممكن أفتح الباب؟ 


من جديد لا رد، وأدرك أنه إن فتح الباب سيخسر فرصته في أن تستمع إليه، فتحدث من جديد:

طب بلاش افتحه، اسمعيني بس. 


كتمت صوت البكاء بالإجبار، أنصتت على الرغم من أن اخر شيء تريد سماعه حقا الآن هو مبرراته، وهتف هو من الخارج بما عذبهما:

مقدرتش يا " ملك"، كنت فاكر إني هقدر بس مقدرتش، 

مقدرتش أخسرك. 


ابتلع غصة مريرة في حلقه وهو يصرح بصدق:

كنت فاكر إن كل واحد مننا هيرتاح، بس راحة عن راحة تفرق، تكبير الدماغ راحة فعلا، وإن كل واحد في حاله راحة، بس ده كله صفر قصاد لحظة جنبك. 


تسارعت أنفاسها وهي تقترب من الباب، تقف خلفه رغبة في سماع المزيد ولم يحرمها هو حيث تابع:

أنا روحت هناك ضايع، وضيعت أكتر لما نمت ليلة وصحيت اتأكدت إنك مش موجودة، كل حاجة كانت بتتكسر حواليا، قولت كام يوم وهنسى بس منستش... 

هو أنتِ نسيتي يا "ملك"؟ 


حتى جواب سؤاله هذا عذبته بالحرمان منه، فلم يأبه، وتابع مقررًا سرد كل ما لديه:

أنا باخد أدوية علشان الاكتئاب، أنا مكنتش عايش كويس يا " ملك" ولا حاجة... أنا بس حاولت أبقى كويس، علشان أقدر أعدي في الأيام. 


لم تستطع تكذيبه حتى بينها وبين نفسها، هيئته التي نمت على أنه ليس بخير حين التقته، تصرح بصدق معاناته في فترة غيابه، حتى لعنة الاكتئاب طالته، وكرر هو عليها ما تنكره حتى بينها وبين نفسها:

أنا عارف إنك استحملتي كتير في أوقات مكانش المفروض تستحملي فيها، عديتي مرة واتنين وتلاته، وجيتي عند أهم مرة كان لازم تعدي فيها وقولتي لا، طلبتي الطلاق في أكتر وقت كنت محتاجك فيه، بينتلك تعبي، وقولتلك إني مش هقدر، وضغطتي وأصريتي، أنا كنت محتاجك يا "ملك" على فكرة، مكانتش سهلة عليا أنتِ طالق، وأنا طالع من حادثة كنت آخر حاجة أتمناها لما أطلع منها إني ألاقيكي واقفة قصادي مش جنبي. 


ترغب في الرد وبشدة، تتمنى أن تدافع باستماتة وتخبره بأنها حينها تراجعت وطلبت منه البقاء 


لكنه لم يمهلها الفرصة حيث بثها وجعه مضيفًا:

جيت لحد بيتك، جيت علشان تشوفي إني مش كويس، جيت وعندي أمل واحد بس، إنك تقوليلي أنا هبقى جنبك دلوقتي، ومشكلتي هحلها بعدين، بس حتى الأمل ده خاب، ومشيت من عندك تعبان أكتر 


ربتت "ميرڤت" على كتفه، خالته التي لم يشعر حتى بتواجدها بسبب حديثه الذي اندمج فيه، حديثه الذي أصابه بشعور وكأن الأرض خواء من حوله وكأنه يعايش الوجع مجددًا، وأصر على إكماله هاتفًا:

بعد كل ده أدركت إني مبقاش ينفع أبقى موجود، مبقاش في حاجة تخليني موجود، كله اتهد، حتى أنا. 


دافع عن نفسه مبررًا سبب سفره:

كل ده خلاني أخد قرار، إني لازم أبعد، علشاني وعلشانك، وعلشان أي حد في حياتي، لما جيتي عند الجسر وقولتيلي خليك ونرجع، مكانش بقى ينفع خلاص يا ملك، أنتِ عايزة ترجعي علشان خايفة أمشي، بس عايزة تفضلي بعيد علشان مش مرتاحة، كنت ممكن أوافق، واقعد، بس كنت هبقى بستغل ضعفك ورغبتك في إني مسافرش، بستغل خوفك من إني اختفي، في إني أرجعك غصب، أنا مكنتش هقدر أبتز مشاعرك يا "ملك" أو أساومها حتى لو أنتِ مش مدركة ده. 


وضح لها ما تتيقن من كونه صحيح:

مسافرش مقابل ترجعي، صفقة ناجحة، أنا استغليت خوفك من الاختفاء والخسارة، ورجعتك غصب عنك لعلاقتنا اللي أنتِ قولتيلي إنك محتاجة ترتاحي منها فترة، وأنتِ استغليتي احتياجي لوجودك، علشان تحققي اللي عايزاه، تفتكري لو مكنتش سافرت الوقت ده وتممت الصفقة دي، شكل علاقتنا كان هيكون ازاي؟ 

المشاكل كانت هتبقى أقل من الأول ولا أكتر؟ 


حديث العبرات أقوى من أي حديث في اللحظة هذه، دموعها تتحدث بدلا عنها، وهو لم ير حتى دموعها، فقط نال الصمت ولا شيء غيره، ولم يجزع، كان صمتها يرضيه ويكفيه.


وضح موقفه الأخير مقررًا في هذه اللحظات ألا يتحلى إلا بالصدق:

بعد ما جيتي شرم الشيخ ليا ومشيتي من عندي، مستحملتش، حاولت ومعرفتش، حاولت مبقاش أناني، يمكن بس فكرة إنك لسه على ذمتي كانت هتريحني شوية، لكن حتى دي معرفتش اعملها، ولما فكرت أرجعك أبويا قالي إني أرجع وأقابلك ونتكلم قبل الخطوة دي، بس حتى دي مكنتش هعرف أعملها تاني وأنا حاسس إني لسه تايه. 


وفاجأها بما جعلها تتمنى لو تلتقي بعينيه على الفور:

أنا مردتكيش يا "ملك"، ولما قولتلك كده من شوية في المطعم، كنت عايز أعرف ردة فعلك مش أكتر، كنت عايز اعرف لو رديتك واستنيت الدنيا تهدى، وكل واحد يقدر ياخد قرار وهو أحسن، وبعدين قولتلك، الدنيا هتتغير ولا لا، وأنا مش زعلان من ردك ولا حتى من الترابيزة اللي قلبتيها، بالعكس فرحني، الرد ده خلاني اتأكد إنك فاكرة مش ناسية، زي ما أنا بالظبط مش ناسي، وسبب إني مردتكيش واستنيت الدنيا تهدى وأقولك لما ترجعي اسكندرية تقدري تسألي الحاج عليه، واعرفي إن لولا السبب ده أنا كنت هعمل كده حتى لو كل الدنيا وقفت في وشي وقالتلي لا. 


ابتسمت على جملته الأخيرة ابتسامة سريعًا ما وأدتها، وتبقت عبراتها على وجنتيها، اهتمت حين سمعته يختم:

أنا مش هضغط عليكي، ومش هتشوفيني إلا لو نزلت، بس هستنى تفكري يا " ملك" في إن يكون لينا فرصة تانية مع بعض... بلاش حتى تكون فرصة للرجوع، بس على الأقل تكون فرصة نقدر نتكلم فيها بالراحة ونفهم اللي عند كل واحد...هتوحشيني.


قال كلمته الأخيرة ونزل دون كلمة واحدة زائدة، هرولت إلى النافذة، تطمح في نظرة واحدة عليه، نظرة تطفأ ألمها بعد جرعة مكثفة من حديث لم تكن قادرة على الثبات بالقدر الكافي أمام ما قيل فيه. 


★***★***★***★***★***★***★***★***★***★


وبمجرد أن ركب "عيسى" سيارته، شرد في لقاء قديم مع "طارق"، لقاء كان سبب هام في الخطوات التي تبعته، شرد في ذلك اليوم حين دق على منزل " طارق"، لم يتوقع "طارق" أن تكون جلستهما الثانية هنا في منزله، دق عيسى بابه بعد منتصف الليل، وفتح هو باديًا على وجهه أثر النوم وهو يتساءل باستغراب:

إيه اللي حصل في حاجة ؟


_عايز أتكلم معاك.

جملة مقتضبة قالها "عيسى" بلا مراعاة لاعتبارات التوقيت وغيره


 ولذلك رد عليه "طارق":

أنا عندي عيادة وليها مواعيد نبقى نتكلم فيها ال...


لم يكمل عبارته بسبب عيسى الذي تخطاه ودخل، وهو يقول:

أنا مبعرفش استنى، وطالما طلعت جاري يبقى تسمعني في أي وقت، وبعدين وراك إيه، مراتك وقولت مش موجودة، وولادك مسلم عليهم وأنت بتقولي رايحين يقضوا يومين عند جدتهم.


_ورايا إني عايز أنام مثلا علشان شغلي 


لم يهتم عيسى توجه إلى الأريكة في إحدى الزوايا وجلس عليها، واضطر "طارق" مجبرًا استضافته، جلس على المقعد أمامه سائلا بضجر:

خير ؟


تنهد عيسى بهدوء قبل أن يقص عليه كل ما حدث مع قسمت، اعترافها المفاجيء، ثم طلبها بأن يشاركها، لم يترك تفصيلة حتى أدرك "طارق" الوضع كاملا فسأله:

أنت حسيت بحاجة لما قالتك إنها بتحبك...أي مشاعر؟


هز "عيسى" رأسه نافيا وهو يصارحه بشعوره الحقيقي لحظتها:

الحاجة الوحيدة اللي حسيت بيها إني مصدوم ومعنديش رد.


_لما حاولت تقرب منك وكنت شبه هتستجيب، كنت شايفها فعلا ملك زي ما قولتلها، ولا قولت كده علشان تبرر الموقف؟


رد "عيسى" وهو يعود إلى ذكرى تلك اللحظة:

في اللحظة دي تخيلتها ملك فعلا، لما كنت هستجيب كنت حاسس إني شايف قدامي ملك، بس بعد كده بقيت أقول لنفسي يمكن ده مبرر وهمت بيه نفسك وقسمت مش أكتر.


ثم عبر عن الضوضاء بداخله:

أنا مش قادر، حاسس إن دماغي هتطق، أنا خدت من الدوا اللي ادتهولي، بنام وبصحى والوقت اللي بصحاه مبعرفش أعيشه، حاسس كل حاجة فاضية وحتى الحاجات اللي بحبها مش موجودة تساعدني، ومكنتش ناقص الوهم كمان اللي قسمت واهمة نفسها بيه، هي عندها يقين إني جوايا مشاعر ليها وبوهم نفسي...حتى لما طلبت مني أكون شريك معاها في الشغل ورفضت، جت تاني تقولي طب بلاش تكون شريك، ساعدني في بداية المشروع بس لحد ما اوقفه، مفيش حد جنبي.


بدا "طارق" وكأنه يفكر، ولم يطل صمته، طرح ما خطر عليه سريعًا:

فين والدها، مش بتقول إنه على خلاف معاك؟ 


_ معرفش ومهتمتش اسأل. 

كان هذا رده الذي جعل "نور" يقترح عليه:

لو أنت مهم عندك إنها تتأكد إن مشاعرك لملك بس، وإنها بالنسبالك في مكان معين بس، ممكن توافق تساعدها في بداية المشروع لفترة قصيرة، تحاول طول الفترة القصيرة دي إنك تثبتلها إن تفكيرها غلط، وإن أخر شيء يعنيلك هو مشاعرها، تحاول تخليها تدرك بالتدريج إنها عندك في مكانة الأخت وبس، 

وجايز والدها يعرف ويتدخل ويبعدها وساعتها تبقى أنت عملت اللي عليك للآخر. 


بان "عيسى" مقتنعًا بعض الشيء بما قيل، ولكن تردده جعله يهتف:

أنا معنديش طاقة اعمل أي حاجة، غير إني أجيلك هنا، أنا كنت ناوي أتابع شغلي من وقت للتاني، لكن مكنتش مستعد لحاجة تانية 


_ على فكرة دي حاجة حلوة يا عيسى، أنت هتشغل نفسك، مش هتسيب دماغك تشتغلك كتير، الشغل ده جالك فرصة علشان متبقاش طول الوقت فاضي هنا وحالتك تسوء أكتر، حاول تبصلها من جانب إيجابي أكتر، وحاول تخلي عندك ذوق وتقوم تروح على شقتك وتسيبني أنام. 


كان "عيسى" مقتنعًا حتى سمع جملة "طارق" الأخيرة، حينها طالعه بضجر، وتناول كوب الماء فظن "طارق" أنه سيقوم بتهشيمه فاعترض:

لا عندك، كله إلا كده، أنت هتطلع عادة تكسير الكوبايات عندي وتبوظلي الشقة ولا إيه... قوم كسر في بيتك. 


شرب "عيسى" بعد أن ضحك حيث لم تكن نيته تحطيم الكوب، ثم استقام ليغادر وعند البوابة ناداه "طارق" وأخبره:

هتبقى أحسن يا "عيسى".

طالعه " عيسى" يبحث عن بقعة ضوء ولو صغيرة تخرجه من عتمته ووجدها في قول "طارق":

استحمل بس الأيام دي، وكل حاجة هتكون أحسن إن شاء الله. 


يشعر وكأنه يستطيع الآن التنفس بارتياح، عائد إلى شقته المجاورة لطبيبه ولا يشغله إلا شيء واحد، أنه سيحاول، دائما وأبدًا سيظل يحاول. 


★***★***★***★***★***★***★***★***★**★


كان الوضع في منزل "منصور" مشتعل، "جابر" الذي فقد كل ذرة تعقل لديه، ويحتجز الآن والدة "شاكر" و"نصران"، نصران الذي أتى في زيارة عادية طالبًا رؤية منصور، وحين امتنع ابنه بحجة أنه مريض، رد عليه بسخرية لاذعة، لم يهتم "نصران" بمحاولات "جابر" لاحتجازه بل هتف:

خير يا بني، مفكر هتحبسني هنا ولا إيه؟


رأى "نصران" رسالة "رزان" له، ولم يتردد ثانية في إكمال:

مش بعيدة عليك، هي مش أم "شاكر" محبوسة هنا برضو؟


شعرت "رزان" بتأزم الوضع، كان المرحاض مكانها الآمن الآن، هاتفته ولم يتأخر في الرد، ولكن كان رده يدل على ملل صاحبه:

خير رمى عليكي الطلقة العشرين ؟


أسرعت تخبره بهمس خشية كل شيء:

عيسى، الحق أبوك، جابر اتجنن في عقله،

 أنا مش عارفة هو عايز يعمل إيه 


أخبرته بما يحدث، ثم حذفت المحادثة، وخرجت لترى صدمة زوجها من معرفة "نصران" بتواجد والدة "شاكر" هنا، دارى صدمته هذه سريعا وكان بارعا في الاخفاء بقول:

والله ده لت وعجن فاضي، لو عندك دليل إنها هنا اثبت،

وانا مش حابسك ولا حاجة، أنت قولت عايز تشوف أبويا، فبضايفك لحد ما يصحى وتعرف تشوفه.


رد عليه "نصران"، رد يخبره به أنه يعلم حقيقة فعلته جيدًا:

بتضايفني، ولا عايز تعمل نمرة قصادي، توريني إن محدش كاسر عينك.


ضحك "جابر" قبل أن يتساءل بسخرية:

وأنت هتكسر عيني ليه، مدايني ولا إيه؟


لم يكد يكمل سؤاله حتى وجد اتصال هاتفي، لم يهتم بالرد، ولا بهاتفه الموضوع على الطاولة، ناولته رزان الهاتف منبهة:

تليفونك عمال يرن 


لم يكن ليرد إلا أنه رأى إلحاح ذلك الرقم الذي لا يعرفه، في نفس اللحظة التي استراح "نصران" فيها على الأريكة قائلا:

ماشي يا جابر لما نشوف أخرتها إيه، اعمليلي بقى يا بنتي شاي تاني، لحد ما اعرف جوزك عايز إيه.


تنهد "جابر" بضجر قبل أن يرد، فتح الهاتف وتحدث:

ألو.


وأتاه صوت عرفه جيدًا، صوت من كان خطوة في معرفته أنه ابن مزيف لأب مثل عليه، رد "عيسى" عليه:

هو أنا مش عبرتك وعرفتك اللي لو كنت قعدت عمرك كله تلف مكنتش هتعرفه، افتكرت نفسك حاجة بقى؟...

أبويا عندك ليه يالا ؟


استشاط "جابر" غضبًا، ورغم ذلك تماسك وهو يرد على هذا الحديث بجملة:

بلاش هرتلة فاضية...وبعدين أنا جابر ابن الحاج منصور،

ثم قلد "عيسى" بسخرية مضيفًا:

مش يالا.


ولم يكن يعلم أن رده هذا سيكون الرد عليه موجعًا حيث سمع محدثه يهتف:

طظ...في الحالتين ولا تسوى عندي شلن.


وقبل أن يرد "جابر" استرسل "عيسى":

وبعدين مين ابن الحاج منصور ده، ده احنا دافنينه سوا،

هقولك أنا بقى أنت مين، ولا هتتجرح لو قولت ...شوفت أنا براعي مشاعرك ازاي ؟


_ لو تعرف تثبت اثبت يا أبو مشاعر.

كان هذا قول "جابر"، وأتاه سريعًا قول:

أنا مسمعك أبوك وهو بيقول إنك مش ابنه لايف، مفكر لحظة مهمة زي مش هوثقها.


وبانت نوايا جابر حين قال غير آبها بأي شيء:

حتى لو وثقتها، البلد كلها عارفة إن أبويا تعبان، عقله بقى على قده، وبيخرف بأي كلام، محدش هيصدقك، وساعتها هقول إنك مستغل تعب الراجل وبتحاول تصطاد في الماية العكرة، آخر حاجة ممكن حد يصدقها إن منصور مش أبويا.


كان رد محدثه هو الأقوى، ظن "جابر" أنه أحكم خيوطه، ولكن في ثانية انفرطت هذه الخيوط من بين يديه، حيث أتاه قول:

لا ده مش أنا، لو على التسجيل هبله واسقيك مايته، أنا سهل أوي أجبرك قدام قرايب أبوك اللي بيجوا من السنة للسنة علشان الحسنة اللي بترموها، إنك تعمل تحليل، مكالمة بس أقولهم فيها إنك مش ابنه، هتقولي ولا يهمني، هسقفلك وأقولك برافو عليك، بس لو رفعوا عليك قضية بمحامي لسه متخرج امبارح هيكسبوها، عايزنا نمشيها كده معنديش مشكلة أنا بحب كده.


أدرك "جابر" ما يقال، هو بالفعل لا يعبأ بأقارب والده، حتى لو تدخلوا، ولكن إن توجهوا إلى القضاء للمطالبة بحقهم، سيصبح الأمر أصعب، مازال يحتاج لبعض الوقت، لذلك رد:

أنا مش عايزها تمشي كده، وآخر حاجة هبقى مهتم بيها هي إني أعمل معاك مشاكل، الحاج "نصران" جاي هنا بنفسه، وأنا قولتله إني مضايفه لحد ما الحاج منصور يصحى، والحاج قاعد أهو خد اسأله إن كنت قولت كلمة غير كده.


_ أبويا يخرج دلوقتي من عندك، والباب اللي أنت قافله ده تفتحه، أنا مطلعك برا حساباتي مع منصور، وصفيت حسابي معاه خلاص، متخليش يبقى ليك عداوة معايا، علشان أنا برازي اللي مضايقني.

قال "عيسى" هذا وأغلق المكالمة.


وجد "جابر" نفسه مضطرا ألا يكمل ممارسة فقرته الحالية، مضطرًا لجعله يغادر، حتى مع علمه بأنه يعرف بأن "كوثر" والدة "شاكر" هنا، وبعد مغادرته وعلى وجهه شماتة بغضها "جابر" وبشدة، 

وبمجرد رحيله، وجدت "رزان" نفسها تُجذب من مرفقها ويسألها زوجها باتهام:

عرف منين إن كوثر هنا ومحدش عارف غيرك...وابنه اللي داخل على السنة محدش يعرف عنه حاجة عرف منين إنه هنا؟


دب الفزع في فؤادها وهتفت تحاول الفرار مما يتهمها به:

أنت بتشك فيا بعد كل ده، أبوك ده مين اللي نشرلك في البلد كلها إنه بقى راجل بيخرف، مش أنا ؟...كوثر دي مين جابهالك لحد هنا، مين اللي لف واستناها لما نزلت من القاهرة لهنا، وراح لحد عندها وقالها عايزك في حاجة كبيرة، وتعاليلي البيت وجوزي وحمايا مش موجودين، ولو عايزة حق شاكر هيساعدوكي تجيبيه، كان مين اللي عمل كده ؟


_ بتعملي كده بحساب.

قال هذا ودافعت هي:

أنا مطولتش منك مليم يا "جابر" لحد دلوقتي، وقولتلك هكمل معاك للآخر، بس أنت اللي مخون، وبتدخلنا في حاجات مش فاضيين ليها، تعادي نصران وابنه ليه دلوقتي؟


_ أنا مبعاديش حد، أنا كنت عايز أوريهم إن أنا عيني مش مكسورة قصادهم.

لم يعجبها قوله لذلك حذرته:

أنت لو مكنتش اتلحقت دلوقتي، كنت هتبوظ الدنيا كلها، حتى كوثر دي خلاص مبقاش ليها لزمة، مقعدها ليه؟


برر له سبب احتفاظه بها حتى اللحظة:

أسيبها تخرج، علشان تمشي تقول اللي هي عارفاه، بعد ما اتكشفت خلاص، هيجيلها وقتها هي كمان.


تنهدت "رزان" بضجر قبل أن تقول محاولة استدعاء كامل ثباتها:

أنت ناوي على إيه تاني يا "جابر"، احنا بقالنا قرب السنة أهو، كل اللي أنت عايزه اتعمل، فلوس أبوك وأملاكه كلها خلاص بقت بتاعتك، ومفيش حد يعرف يقولك تلت التلاتة كام، بالذات وكله بقى عارف إن أبوك ميتأمنش بحالته دلوقتي على مفتاح شقة، مش وأملاكه دي كلها، ما تطلعنا بقى من القرف ده يابن الناس، هتفضل حاشرنا هنا لحد امتى؟


لم يرد عليها، كان تفكيره في نقطة أخرى، وعلى الرغم من علمه بجواب سؤالها، لكنه لم يرض حتى فضولها، ويناولها الجواب.


★***★***★***★***★***★***★***★***★**★


منذ ذلك اللقاء اللعين لم تكف عن الخوف، هل ما زال حي حقا، هو الكابوس الذي لم يتركها ولو حتى لحظة واحدة، حتى في شهور استقرارها الأخيرة، لم يجعلها ذعرها تصدق لحظة أنه على قيد الحياة، لاحظت "شهد" شرود شقيقتها فهتفت:

بقالي ساعه بكلمك يا "ملك".


لم تعلم بما ترد، كل ما استطاعت قوله هو:

مفيش حاجة.


_ لا ده أنتِ محتاجة قعدة، أنا هنزل أقابل "طاهر" ولما أرجع هشوف مالك.


لا تستطيع حتى مطالبة شقيقتها بالبقاء، فقط التوتر هو المتفرد بها، لم تترك نفسها للحالة هذه، قررت أن تلجأ لوالدتها، بينما في نفس التوقيت، كان واحدة آخرى تعاني بينما شقيقها غارق في النوم، شقيقها الذي من لحظة سماعه منها أن "طاهر" قدم بلاغ ضده، وتبدل حاله، أخذ "علا" من منزلهم هنا، ورحل بها إلى مكان لا تعلمه تجلس به الآن، تتذكر مشادتهم الكلامية العنيفة بعد رحيل "ملك" حيث هتفت بغضب:

حرام عليك، أنا لحد دلوقتي مش مصدقة، يعني أنت واجع قلبي أنا وأمك عليك، وفي الاخر عايش، ومراتك عارفة كمان... ده احنا دموعنا منشفتش، وأقولك أمك مش لاقياها، وأنت كل اللي يهمك أجيب "ملك" لحد هنا. 


كان يدخن سيجارته بتوتر بان عليه، ورد:

أمي أنا هعرف ألاقيها، أكيد راحت هنا ولا هنا، و"ملك" بقى برضاكي غصب عنك كنتي هتكلميها علشان تجيبيها. 


واجهته صارخة:

لا مكنتش هكلمها، أنا كلمتها علشان أنت استخدمت أسلوب كل مرة معايا، هددتني، وخوفتني، أنت واحد أناني مبتحبش غير نفسك وبس، وخلاص اتفضت كلها من حواليك وهتخسر يا "شاكر" حتى "بيريهان" سابتك. 


ذكرته بحسرته، ذكرته بالتخلي، تكرر المشهد أمامه، سيارة في الخارج ينتظر بها "ثروت" أمام المكان الذي توارى "شاكر" عن الأنظار فيه، و"بيريهان" في الداخل معه تخبره بمحاولة واهية لاستدعاء الثبات:

مش هينفع نكمل يا "شاكر" 


_ هتتخلي عني؟ 

نبرته في جملته هذه تحديدًا هزتها، وردت هي عليها ودموعها تتسابق:

عمري ما اتخليت عنك، وقفت في وش الكل علشانك، وبحبك، وهفضل لآخر نفس فيا بحبك، ولو طلبت روحي هديهالك، بس مش هقدر أكمل كده 


بان انفعاله، بان رفضه لحدوثها هذا، مسح دموعها في محاولة لحل كل شيء ونفى عنها الحديث:

ده مش كلامك، ده كلام "ثروت"... هو مش أحسن مني يا " بيري"، هو كان كل اللي يهمه الفلوس وسلطته وب... 


أوقفت حديثه حين وضعت سبابتها على فمه بلطف ناطقة:

هو بابا يا حبيبي، حتى لو قولت عنه إيه هيفضل بابا، 

مهما كانت عيوبه أنا مربوطة بيه غصب عني للأبد، وهو وقف معاك كتير علشاني يا "شاكر"، ودعمك بعلاقاته، لحد ما عملت شغل خاص بيك كبير في وقت قليل، بابا مش وحش، لكن هو مش مرتاح، وصدقني المرة دي ده كلامي مش كلامه. 


بهت وجهه وعبرت هي بما أحنى ظهره:

أنا مبقتش مستحملة الحياة دي يا " شاكر"، مش هقدر أعيشها، وأنا مش عارفة بكرا في إيه، بعد الحادثة لما طلبت مني اتصرف واتكلم مع بابا، يساعدك تختفي بشكل رسمي عن الكل عملت ده، وكان على وعد منك إن بعد اختفاء الفترة دي هتحل كل أمورك، وهتنهي كل حاجة، وهتظهر تاني، قدام الكل بس تكون رتبت الدنيا، وبابا ساعدك علشاني، لكن مفيش حاجة بتتغير يا "شاكر"، مفيش حاجة بتتغير لدرجة خلتني أشك فيك وأنا صعب عليا أوي أشك فيك. 


قبل أن يدافع عن نفسه صارحته هي من جديد وهي تمسح عبراتها:

أنا بحبك أوي... أنت بتحبني؟ 


أمسك بكفيها مصرحًا وبان في عينيه صدقه:

والله العظيم بحبك يا " بيري"، بحبك وعايز أكمل معاكي، أنتِ الوحيدة اللي تستاهل كل حاجة، وأنا لو بإيدي كل حاجة هديهالك... أنا عارف إنك تعبانة بعد ما خسرنا البيبي، حاولي تهدي و... 


ومن جديد تقاطع حديثه، وتخبره بآخر ما لديها:

أنا هادية، أنا مش عايزاك تديني كل حاجة يا "شاكر"، أنا عايزة حاجة واحدة بس


بان الترقب على وجهه وألقت هي على مسامعه ما لديها:

لو فعلا بتحبني، تسلم نفسك، احكيلهم اللي حكتهولي، وهقف جنبك لآخر نفس، غير كده يبقى كل حاجة انتهت بيننا. 


فاق من شروده في حديثه مع زوجته على صوت شقيقته " علا" تصفعه بالمفاجأة الثانية:

أنت لو ظهرت محدش هيسمي عليك، حتى "طاهر" عرفت إنه كان مبلغ وبيتهمك إنك السبب في اللي حصل لابن عمه و


لم يصدق ما يصل لمسامعه، ونتيجة لإنكاره تلقت "علا" غضبه كاملا، تلقته، ورأت تبدل حالة شقيقها رأسًا على عقب، سحبها خلفه وكأنها بلا إرادة، أخذ حذره الكامل، خرجت هي أولا بالسيارة، وتوقفت في مكان ذهب إليها فيه ليكمل طريقه معها إلى حيث مكان اختباءه، وبمجرد الوصول، لجأ إلى زجاجة المشروب، تابعته "علا"، وهي تراه يشرب حتى غفى، وعلى الرغم من اللجوء إلى ما ربما يساعده في غياب العقل، إلا أنه ظل يفكر في عرض " بيريهان" وفي خبر شقيقته عن "طاهر"، ظل يفكر حتى غلبه النوم، وأتى كابوسه ملائم تماما لما يفكر فيه، كارثة يفعلها عن طيب خاطر، وبدأت الكارثة بذهابه لقسم الشرطة، وقد ذهب بنفسه، دون إرغام ورد على تساؤلات الضابط بهدوء وابتسامة:

أنا قدامك عايش أهو... وجاي كمان اعترف 


_ بإيه؟ 

كان سؤال الضابط والذي لم يصدق الوضع بأكمله واكتمل عدم تصديقه بقول "شاكر":

اعترف بإني قتلت " فريد نصران".... مش ده اللي عايزني اعترف بيه؟ 


رد عليه الضابط محاولا الإتيان بكل ما لدى الجالس أمامه:

محدش عايزك تعترف بحاجة، حضرتك تم اتهامك في محضر رسمي من أختك بكده، وأنت أنكرت الكلام ده، وبعدها القضية وقفت لما جه خبر بوفاتك 


_ وأنا جاي بنفسي اهو، بسلم نفسي، وأنا... 


قاطعه الضابط قائلا ما صدمه:

بس الوضع دلوقتي اتغير، دلوقتي مبقتش اختك بس، "طاهر نصران" اتهمك في محضر رسمي بإنك أنت اللي عملت كده في ابن عمه. 


تبدل كل شيء، نقطة لم يكن يتوقعها أبدا ولكنه حاول استدعاء ثباته وهو يقول:

وأنا هقول اللي عندي، واللي معايا عليه شهود

ثم ألقى قنبلته:

وكمان هتهم "طاهر نصران" بقتل أبويا الحاج

 "مهدي عبد الباسط فؤاد".


عند هذه النقطة تحديدًا، فاق من كابوسه، فاق وهو يسعل بقوة، وينظر في كل مكان حوله، يتأكد من أنه في المنزل، لم يقدم على خطوة القسم هذه التي مازال يدرسها، وكانت قطرات العرق على وجهه تصف وببراعة أن حالته الآن هي الأسوء. 


★***★***★***★***★***★***★***★***★**★


كانت "رفيدة" تجلس في حديقة منزلهم براحة غادرتها حين لمحت "عز"، ابتسمت بارتباك وهي تقول: 

ازيك يا " عز".


لم يكن كعادته بشوش الوجه، يطالعها بنظرات دافئة، بان على وجهه ضيقه، وسألها بهدوء:

ممكن اتكلم معاكي شوية... ومتقلقيش أنا مستأذن من الحاج. 


استدارت تطالع نافذة مكتب والدها فوجدته يقف بها، أدركت أنها وقعت في المصيدة، مجبرة الآن على التحدث مع من تتهرب من مكالماته وكل محاولات تواصله معها منذ ثلاثة أشهر، هزت رأسها بإيجاب، بينما في نفس التوقيت ذهبت "ملك" إلى إحدى المقاهي، حيث أبلغتها "شهد" أن تأتي لها هي و"طاهر" فيه، قررت إبلاغ "نصران" بما عرفت، ذهبت له ولم تجده، وسيكون إخبار "طاهر" هو الأنسب، كانت تنتظرهم، حتى وجدت من يقول بابتسامة:

أنا حظي حلو النهاردة. 


رفعت رأسها فوجدته "نور" الطبيب النفسي السابق لها ولزوجها، طالبها بأدب:

ممكن اقعد. 


جاوبت بحرج:

اتفضل يا أستاذ نور، بس أنا اختي وجوزها جايين... 


قاطعها بقوله:

مش هاخد من وقتك كتير، حابب بس أطمن عليكي. 


مازالت تتذكر اللقاء بينها وبينه بعدما أخبرها عيسى بحقيقته، وتتذكر كل ما حدث بعد ذلك، وكأن اللقاء بعيسى يعيد عليها ذكريات كل ما حدث في الفترة السابقة، ردت بابتسامة:

أنا بخير الحمد لله. 


_ بجد؟ 

كان هذا سؤاله، وانتظر ردها ولكن وجد مقعد ثالث ينضم إليهما، حلت الصدمة على كليهما، وخاصة هو، وهو يراه للمرة الأولى بعد كل هذه المدة، يجلس في المنتصف، ويضع يده على وجنته في ناحية "نور"، شعرت " ملك" وكأن دلو ماء بارد سُكِب عليها، وهي ترى "عيسى" يجلس الآن هنا، هربت الكلمات حتى لم تستطع الرد على النادل وهو يسأل عن طلبهم، بينما رد "عيسى":

ليمون. 


تلميحه هذا تفهمه جيدا، وبمجرد أن انصرف النادل، تحدث " نور" لأول مرة منذ قدوم "عيسى":

عيسى أنا.... 


وكان رده محرجا بالقدر الكافي له:

طالب القرب مني ولا إيه؟ 


تصنع " عيسى" أنه نسى وأضاف:

كنت بتسألها إيه بقى؟ 

وبان على وجهه وكأنه تذكر وقال بابتسامة:

افتكرت اه، بتقولك إنها كويسة الحمد لله، وأنت بتقولها بجد؟... حنين أوي 


ثم استدار لملك سائلا:

حنين دكتور "نور" مش كده يا "ملك"؟ 


تحدث " نور" معترضًا على هذه الطريقة:

من فضلك يا "عيسى".


وحملت " ملك" حقيبتها واستعدت للمغادرة، فسمعت "عيسى" يهتف بما ثبتها:

أيوه الأحسن تمشي، علشان الألفاظ اللي هتتقال 

طالع "نور" يهتف بسخرية:

هتخدش حياء الدكتور. 


لم يبق سوى نظراته هو و"نور"، غضبه الشديد لا يظهر على وجهه الآن ولكن من يفتش داخله الآن لوجد حريق مشتعل، وهو لا يرغب في أن يطفأه إلا بدماء طبيبه السابق. 


★***★***★***★***★***★***★***★***★**★


ليالي ما بعد منتصف الليل دائما تحمل الكثير من المفاجآت وفي هذه الليلة تحديدا كانت المفاجأة صاعقة، لم يكن "شاكر" يصدق ولو أقسم له الجميع، وكأنه يذوق ويحصد ويلات ما فعله بشقيقته، يذوقها الآن وهو يدرك في هذه الليلة المظلمة وفي هذا الطريق الذي ملأته البرودة أن شقيقته "علا" لفظت أنفاسها الأخيرة الآن، لفظتها أمام عينيه، أكثر من عشرين سنة من عمره أمامه الآن جثة هامدة.

الفصل المائة والرابع والثلاثون من هنا


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1