رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة والرابع والثلاثون 134بقلم فاطمه عبد المنعم


 رواية وريث آل نصران الجزء الثالث الفصل المائة والرابع والثلاثون بقلم فاطمه عبد المنعم


"عاش في حلبة السباق، ولا يفعل سوى كل شيء يقوده إلى أن يموت بها"


                    ★***★***★***★***★


هناك جلسات ننضم إليها بالإرغام، واحدة منهم كان هذه التي جمعت بين "نور" و"عيسى" في تواجد "ملك"، لا تعرف من أين ظهر زوجها السابق، كانت في المقهى تنتظر " شهد" و"طاهر"، واقتحم "نور" جلستها وتبعه "عيسى" الذي يجلس الآن هنا، هربت الكلمات حتى لم تستطع الرد على النادل وهو يسأل عن طلبهم، بينما رد "عيسى":

ليمون. 


تلميحه هذا تفهمه جيدا، وبمجرد أن انصرف النادل، تحدث " نور" لأول مرة منذ قدوم "عيسى":

عيسى أنا.... 


وكان رده محرجا بالقدر الكافي له:

طالب القرب مني ولا إيه؟ 


تصنع " عيسى" أنه نسى وأضاف:

كنت بتسألها إيه بقى؟ 

وبان على وجهه وكأنه تذكر وقال بابتسامة:

افتكرت اه، بتقولك إنها كويسة الحمد لله، وأنت بتقولها بجد؟... حنين أوي 


ثم استدار لملك سائلا:

حنين دكتور "نور" مش كده يا "ملك"؟ 


تحدث " نور" معترضًا على هذه الطريقة:

من فضلك يا "عيسى".


وحملت " ملك" حقيبتها واستعدت للمغادرة، فسمعت "عيسى" يهتف بما ثبتها:

أيوه الأحسن تمشي، علشان الألفاظ اللي هتتقال 

طالع "نور" يهتف بسخرية:

هتخدش حياء الدكتور. 


لم يبق سوى نظراته هو و"نور"، غضبه الشديد لا يظهر على وجهه الآن ولكن من يفتش داخله الآن لوجد حريق مشتعل، وهو لا يرغب في أن يطفأه إلا بدماء طبيبه السابق. 


سعت لإنهاء الكارثة قبل أن تبدأ فهتفت:

من فضلك يا "عيسى" عايزة اتكلم معاك. 


ارتفع يطالعها، وأكملت هي:

دكتور "نور" لو سمحت تقوم تمشي. 


بالفعل قام "نور" تحت نظرات "عيسى" التي لا تفارقه، بمجرد ان ابتعد، جلست "ملك" من جديد وداهمت القابع أمامها بسؤال:

أنت عايز إيه؟ 


رفع كتفيه وهو يقول ببراءة:

مش عايز. 


هزت رأسها وقد أدركت النهج الذي سينتهجه لإثارة استفزازها لذلك قالت بحدة:

طب اسمع يا "عيسى" أنت اللي عندك قولته عند "ميرڤت" وأنا سمعته وخلصنا خلاص، ملكش دعوة ييا، أنا حرة اقعد مع اللي أنا عايزاه، ومش من حقك تقتحم مساحتي بالشكل ده ولا تهين حد قاعد معايا، 

عندك مشكلة معاه تروح تحلها وأنا بعيد، مش وهو قاعد معايا. 


_ وإيه كمان؟ 

قال هذا وهو يشرب من كوب الليمون أمامه، تحت نظراتها التي لو تقتل لأسقطته صريعًا.


ذكرته بقوله بانزعاج:

أنت مش قولت هتحترم قراري. 


هو رأسه وهو يجاوبها وقد تخلى عن أسلوبه الساخر:

اه قولت هحترمه، لكن من حقي لما أشوفك مع الشخص اللي قولتلك إنه كان بيسرب أخباري وبيخون مهنته، أعرف أنتِ شغلك إيه معاه، من حقي اعرف دلوقتي قاعدة معاه ليه 

تحرقه نار الغيرة الآن ولم يكن يعلم أنها ستحرقه أكثر بعد ردها. 


_ لا مش من حقك، مش من حقك تاخد أي مبررات مني، ومن فضلك كفاية كده، أنا كنت مرتاحة جدا الفترة اللي فاتت

قصدت بجملتها الأخيرة فترة غيابه، وتناولت حقيبتها وهي تكمل أثناء مغادرتها:

مش عايزة ارجع للتعب ده تاني. 


رأت عبوس وجهه، بعد أن أبلغته بكلماتها فكرة الراحة في غيابه، ولم تتوقف حتى حين سمعت منه قول:

أنتِ كذابة يا "ملك".


بل تابعت السير وبداخلها شيء واحد تقنع نفسها به وهو أنها ليست كاذبة أبدا. 


          ★***★***★***★***★***★***★***★


" رفيدة"حلمه منذ الصغر، الحلم الذي كلما اقترب منه خطوة، يبعد مرغمًا خطوات، تقف أمامه في حديقة منزلها الآن، يتحدث إليها بما يجول بداخله:

أنا من الأول كنت صريح معاكي يا رفيدة، أنا قولتلك إني بحبك وعايزك، وقولتلك مش هاخد منك كلمة غير لما تفكري، قولتي موافقة، قولتلك طب اتقدم، قولتي لا اديني فرصة ارتب أفكاري، واستنيت، شهر جر التاني، داخلين على قرب السنة أهو 


حاولت التبرير فقاطعها بقوله:

أنا بقالي تلات شهور يا "رفيدة" بحاول أوصلك، وأنتِ مش موجودة. 


تنهدت بتوتر استشعره هو، والآن تمكنت من الحديث تدافع عن نفسها:

"عز" أنا متلغبطة، أنا اه بحبك وعايزة أكمل معاك، بس أنا خايفة مبقاش قد ظروفك. 


بان على وجهه خيبة الأمل وظهرت الحدة في نبرته وهو يسألها:

وليه قولتي موافقة؟ 


_ علشان أنا فعلا كنت موافقة، بس كل حاجة حواليا هزتني، خايفة يكون الحب مش كل حاجة فعلا ومقدرش استحمل، إذا كان "ملك" و"عيسى" بكل اللي كان بينهم سابوا بعض. 

تسقط هي أيضا فشل علاقة شقيقها عليهما، بعد موافقتها، عادت تفكر من جديد، ترى الأمور من زاوية أخرى. 


ذكرها بأقواله السابقة:

بس أنا وعدتك يا "رفيدة" إنك مش هتبعدي عن العيشة اللي اتعودتي عليها، وإني هعمل كل حاجة علشان أوفرلك ده. 


فداهمته بمخاوفها وهي تخبره بحزن:

صح وعدتني، بس أنت كده هتفضل تلف في ساقية الشغل، لحد ما أنت هتتعب، وأنا مش هلاقيك، هنعيش في تعاسة، ومع أول خناقة هنعاير بعض، أنت هتقول إني ضاغطاك وبتشتغل طول الوقت علشان تحقق طلباتي، وأنا هتحسر على العيشة. 


ثم أكملت بنبرة باكية:

قولي أنت أعمل إيه يا "عز" أنا مش عارفة أفكر. 


_ يعني هو... 

كان سيقول شيء ولكن قاطعه والدتها، "سهام" التي ظهرت أمامه بغتة، قطعت حديثه وربتت على كتفه تنهي حديثهما بقول:

يعني شوف نصيبك في حتة تانية يا "عز".


طالعتها ابنتها برفض وعتاب لقولها هذا، وحاولت التمسك ببقية حديثها مع " عز" ولكنه بصمت تام رحل، 

غادر عن هنا، ولم يعط لها الفرصة. 


كل هذا جعل "رفيدة" تهاجم والدتها باكية:

ليه كده يا ماما؟ 


_ هو ده الصح، وأي حاجة غير كده لعب عيال. 

كان هذا قولها الحاسم، والذي جعل ابنتها تفر من أمامها، ولكن عكس الثورة داخلها الآن فقط والدتها تنعم بالهدوء. 


بحثت "رفيدة" عن والدها، تريد التحدث معه بشأن مخاوفها، بشأن هذا الذي رحل الآن وتظن أنه لن يعود أبدا، وجدته في غرفة مكتبه، كان يقف ويراقب كل شيء، استدار لها، وسألته هي بحزن: 

هو أنت موافق على "عز".


طالعها بهدوء ورد:

والله أنا " عز" أبوه له دين في رقبتي، أنا وأبوه كنا اصحاب، ومرة واحد من اللي ربنا يجازيهم كان عايز يخلص عليا، وجت في أبوه، قدر ربنا، يتيتم "عز" من صغره علشان أبوه كان صاحبي. 


تسمع قول والدها بذهول، لا تصدق هذا، تضاعفت دموعها، واسترسل والدها:

"عز" راجل جدع، ويشيل مسؤولية ويستحمل، ورأيي فيه إنه عيل من عيالي، ووقف جنبك في محنتك، بس أنا مبغصبش حد على جواز، خدي قرارك بنفسك، أنتِ مش صغيرة. 


نطقت بألم رافقه تشتتها:

أنا مش عارفة أفكر، أنا خايفة أندم، ماما كمان قالتله يشوف نصيبه بعيد.


تنهد "نصران" بهدوء، اقترب من ابنته، ومسح على خصلاتها برفق هاتفًا:

اسمعي يا "رفيدة"، الحب والكلام ده لوحده فعلا ميبنيش بيت، بس " عز" مش بتاع كلام بس، هو شقيان، وهو وعدني، إنك لو اتجوزتيه، الدنيا مش هتبعد كتير عن عيشتك هنا، بس بعد كلام أمك ليه دلوقتي، مفتكرش هيفكر في الموضوع تاني. 


احتضنت والدها بانهيار، ومسد هو على ظهرها برفق يطالبها بالهدوء بقول:

خير يا "رفيدة" إن شاء الله، اطلعي يا حبيبتي ارتاحي، وابعتيلي "سهام".


قال جملته الأخيرة بتوعد، لم يرد أن تفسد حديث ابنته وضيفه، ولكن أتى تدخلها سافر، يفسد على خيط ود يمكن أن يبقى. 


            ★***★***★***★***★***★***★***★


لم تطأ قدمه المنزل حتى الآن، كان يتسكع في الطرقات حتى حاوطته عتمة الليل، أتاه اتصال فرد، ليسمع صوت " قسمت" تقول:

كده تمشي من غير ما تقول. 


_ عادي، مجتش فرصة. 

هكذا برر بهدوء ثم تابع:

أنا ظبطت كل حاجة مع الناس قبل ما امشي، خدي بالك أنتِ بقى من الجاليري. 


قوله هذا جعلها تتساءل باستغراب:

هو أنت مش هترجع شرم ولا إيه؟ 


علق على السؤال باستهزاء:

هجيلك، بس هشوف الدنيا هنا كده شوية، وبعدين ده مشروعك برضو، اعتمدي على نفسك يا "قسمت".


_ هو أنت ليه مبقتش تقولي " كيمي"؟ 

داهمته بهذا السؤال، وقد سأمت من تعامله طوال هذه الأشهر. 


رد هو بصراحة مطلقة:

"ملك" مبتحبش إني أندهلك بيه. 


كطفل صغير، يخبر ببراءة عن شيء أمرته والدته ألا يفعله، جوابه هذا ضاعف جرح "قسمت"، ظنت أن عملهما سويا، سيقربه، ولكن بعد موافقته على مساندتها في مشروعها، تزايد حنينه للغائبة، تذكر أول مجموعة صُنِعت، وكيف أصر على أن يطلق عليها اسم " ملك"، ثارت حينها "قسمت" ورفضت، وهدد هو:

براحتك وأنا همشي. 


فتراجعت، كل تصرف صغير وكبير منه يخبر كم هو مشتاق، تتذكر حين غلبه النوم ذات مرة في المعرض، وحاولت إيقاظه فردد:

سيبيني شوية يا "ملك".


لهفته وهو يتابع أقل حرف تضعه على حسابتها الخاصة، صورة زوجته السابقة التي رأته مرارا وتكرارا يطالعها، وكأنه يحفظ ملامحها، يتعامل معها بتلقائية شديدة فتظن أنه بدأ يكن لها مشاعر، ثم يصدمها فجأة بشوقه إلى " ملك"، انتهى تفكيرها، وبان حزنها في نبرتها وهي تسأل:

قابلتها؟ 


_لسه.

كان كاذبًا، وصدقت هي الكذبة، أنهى الحديث معها حينما علم بخبر قدوم والدها من سفره والذي قد تنسى بمجيئه كل شهر، واضطرارها للذهاب وترك معرضها، فقال:

خلاص انزلي، وأنا هظبط الدنيا متقلقيش. 


أنهى الحديث معها، وبقى وحده في الهدوء الذي رافق الظلام هذا، يفكر كيف يذهب لمنزله، يشعر وكأنه لا يريد، ذلك المنزل الذي هجره طويلا، الآن عليه أن يذهب إليه، كان متكاسلا في طريقه إليه، حتى وصل إلى هناك، رأى الضوء في مرسم شقيقه، ولكن توقف حين سمع صوت "سهام" تحث "حسن":

اتكلم مع أختك، قولها إن اللي أنا عملته ده الصح. 


أبدى " حسن" ضجره بقول:

أنتِ تقوليلي اتكلم معاها وقولها إن أنا الصح، وبابا يقولي هديها، وقولها مترميش ودنها لأمها، وتاخد قرارها بنفسها، أنا تعبت من البيت ده خلاص 


ثم فر إلى الخارج هاتفًا:

أنا طالع أجيب فرش نسيتها. 


اختبأ "عيسى" خلف إحدى الأشجار، حتى غادر شقيقه المرسم، حينها فقط دخل إليه، كانت "سهام" تعطيه ظهرها، تقلب بين لوحات ابنها، توقفت عند صورة لفتاة تعرفها جيدًا، ابنة "هادية" الصغرى، بان الضيق عليها، وعلقت بانزعاج:

وقال بقوله عقل أختك، ده أنا عيالي كلهم محتاجين يعقلوا، مش هي بس. 


_ مش لما أمهم تعقل وترسى الأول. 

انتفضت حين سمعت هذا الصوت من خلفها، استدارت مسرعة، لتجده أمامها، لا تعلم متى عاد، كل ما تعلمه هو أن رحيله، كأنه كان بالأمس، واليوم يعود، بان على جسده النحول، واستطالت خصلاته، وكعادته بهي الطلعة، فاقت من صدمتها هذه وسريعا ما رحبت:

حمدا لله على السلامة يا "عيسى".


لم يرد على الترحيب بل رد على فعل سابق فعلته في غيابه، بقول:

بيقولك بقى الفتنة أشد من القتل، وأنتِ ماشاء الله يا مرات أبويا محلتيش، قتل وسكتي عليه، وفتنة ودي هوايتك في الحياة. 


كممت فمه وهي تستجديه محذرة:

حسن نازل، بلاش علشان خاطري. 


احتدت نظراته وهو يسألها:

عرفتي منين بشغلي مع " قسمت"، وبتقولي لملك ليه، عايزة إيه تاني أكتر من طلاقنا.


دافعت عن نفسها بمبررات كاذبة:

دي صدفة، أنا مكنتش أعرف إنها متعرفش، وسمعت الحاج بالصدفة. 


_ اصدق أنا بقى المفروض. 

قوله هذا جعلها تخبره بما لا تريده على الإطلاق:

لو عايزني أروح الصبح، واتكلم معاها ترجعوا هروح. 


ابتسم باستهزاء وهو يحرك رأسه بمعنى ألا فائدة من الواقفة أمامه وعلق:

هو طول ما أنتِ فيها هتوصل لمحاكم الأسرة، مش هيبقى فيها عمار بيوت خالص. 


سمعا خطوات "حسن" فتوقفا عن الحديث، شقيقه الذي ما إن لمحه، حتى هرول يحتضنه، يبثه كم اشتاقوا إليه جميعًا، ترحيب حار كان يفتقده، أتى من "حسن" الذي افتقده هو الأخر وبشدة. 


         ★***★***★***★***★***★***★***★


أوقف "طاهر" سيارته أمام منزل "شهد"، نزل معها ووصلا إلى المدخل، أغلقت " شهد" الباب وطالبها هو:

اطلعي شوفي "ملك" لو صاحية قوليلها تنزل، كانت قالت الصبح إنها عايزة تقول حاجة مهمة. 


_ طب احنا ليه مروحناش ليها الكافيه الصبح زي ما قولتلها؟ 

سألته "شهد" ولم يرد هو أن يخبرها أن "عيسى" قد عاد، وأنه اتفق معه أن يترك له الفرصة لمقابلتها بشرط التحلي بالهدوء، ربما تكون جلسة يفصح فيها كل منهما عما بصدره، ولكن يبدو أنها فشلت، لم يتصل "عيسى" به، وهرب "طاهر" من سؤال "شهد" بقول:

علشان أنتِ خلتينا طول اليوم برا، وراجعين اخر الليل أهو، متاخديش على الدلع ده كتير. 


أبدت اعتراضها بقول:

نعم، ده أنا مستنية أضعافه بعد الجواز، احنا هنقضيها خروج، وساعتها بقى حتى لو الساعه ٤ الفجر مش هسمع كلامك ونروح. 


ضحك وهو يمسد على عنقه بتعب، تأملت هيأته هذه بابتسامة هائمة، ولا تعلم لماذا ولكنها سألته:

هو أنت بتحبني يا "طاهر" بجد؟ 


لم يصدق سؤالها، فنطق:

لا ده أنتِ بتهزري بقى، مش معقول بعد كل ده بتسألي السؤال ده. 


_ طب بتحبني نفس حبك لمراتك الله يرحمها، و"فريدة" طليقتك؟ 


عند هذا السؤال أدرك ما تريده فعلق:

اه أنتِ عايزة تنكدي، علشان بقالك شوية معملتيهاش. 


تحركت ناحيته، كانت جريئة في خطوتها التالية وهي تجبره على النظر في عينيها حين مسحت على جانب عنقه، الذي مسد عليه من دقائق لألمه من إجهاد اليوم، تجمد مكانه، ونطقت هي بعينين نطقتا بمشاعرها تجاهه:

حبتني زي ما حبتهم؟... كنت بتحب مراتك الأولى ازاي؟ 


كانت تمسد له على عنقه، وتاه هو في عينيها، وهرب الجواب، ولم يفق إلا حين أبعدت يدها، تنتظر الإجابة، ولم يقل أكثر أو أقل، بل صرح بحقيقة واحدة يتيقن منها جيدًا:

بحبك يا "شهد"، بحبك لدرجة إني نفسي دلوقتي تبقي معايا، ولولا شروط الست " هادية"، وإني عايزك تاخدي وقتك، مكنتش سيبتك لحظة واحدة بعيد. 


أنهى جملته ومال عليها، كاد أن يقبلها، ولكن ابتعدت هي، أتلفت ثباته وتعقله، وهرولت هاربة، وعلى وجهها ابتسامة، وهي تقول:

هطلع اندهلك "ملك".


هذه التي هام بها تستطيع إفقاده كل شيء، حتى اتزانه، تجره إلى ساحتها، تعيده صغيره، وترغمه على مشاركتها، ولكن إرغام عن طيب خاطر، فقط لأنها

 " شهد" التي لم ير مثلها من قبل قط، أحبها لأنها هي، وهذا كافي جدا لهذا العشق. 


         ★***★***★***★***★***★***★***★


كانت في إحدى غرف هذا المكان الذي أحضرها شقيقها إليه، مخبأه السري، لم تعد "علا" تعرف على ماذا تنعي حالها، على أمها التي لا تعرف عنها شيء، أم على حياتها التي انقلبت رأسًا على عقب، نوت إنهاء كل شيء، ستنهي حياتها، تيقنت من نوم شقيقها، وقبل أن تفعلها أغلقت على نفسها جيدًا، وهاتفت أحدهم عبر تطبيق مكالمات الفيديو، لم يصدق "بشير" حين فتح الكاميرا ورد في مكالمتها الثالثة هيئتها هذه، كانت لحوحة حتى يرد عليها، ولم يستطع هو ألا يرد، يراها الآن بخصلات قصيرة ووجه شاحب، وعيون أنهكتها الدموع، سألها بلهفة:

مالك يا "علا".


_ احلف بالله أنت مش انتوا اللي زقيتوا محسن عليا في الليلة إياها. 


سمع الرجاء في قولها، وكأنه طلبها الأخير، تريد نقطة أمل واحدة، وأعطاها هو بقوله:

والله العظيم ما اعرف حاجة، ولا ليا علاقة بمحسن،

فعلا روحتله أنا وعيسى بس ساعتها كان علشان اتهجم على شهد ومريم، وعلشان نعرف سكة لشاكر. 


انهمرت دموعها أكثر، وهي تسأله:

هو أنت حسيت ناحيتي بحاجة؟ 


أعطاها الجواب وكانت مشاعره صادقة:

لو مكنتش حسيت مكنتش قولتلك تعالي معايا ساعتها، ونبتدي سوا، بس ليلتها أنتِ مشيتي مع 

" شاكر".


بالفعل رحلت مع شقيقها، وفي تلك الليلة كافئها بإهدار خصلاتها، أكدت أنها كانت خاطئة، برهنت له هذا بقولها:

أنا كنت غلطانة يا "بشير"، ياريتني مشيت معاك يومها.


صرحت مدافعة عن نفسها من وسط انهيارها:

أنا مش وحشة والله، يمكن اتربيت غلط، بس محدش بيختار يتربى ازاي.


حاول تهدئتها وحثها برفق:

"علا" ممكن تهدي طيب


ولكنها تابعت دون هدوء، تبثه عذابها:

أنا يمكن معرفتكش كتير، بس أنت جدع يا "بشير"

مسحت عبراتها التي تتزايد بظهر كفها وهي تتابع:

وحنين


قالت هذا وهي تتذكره حين ساعدها على القيام بعد أن أسقطها "محسن" على الأرضية في المطعم، وحين عرض عليها الحماية، أحيان كثيرة، تبرهن أنه أحد الأنقياء، كانت تطالع تعابيره المتلهفة، حيث يرى حالتها هذه، وعرض عليها:

أنتِ فين وأنا اجيلك يا "علا"؟


هزت رأسها نافية وهي تخبره بضياع:

ملهوش لزمه خلاص

اغتصبت ابتسامة وهي تقول:

كفاية عليا النظرة اللي أنا شايفاها في عينك دلوقتي، وأنت خايف عليا، مفتكرش إني شوفتها في عين حد قبل كده، يمكن لو الظروف غير الظروف، وأنا مش "علا" أخت "شاكر"، وأنت مش بشير صاحب" عيسى" كنا بقينا مع بعض، بس أنا خلاص خسرت كل حاجة، وحياتي خلصت.


جملتها الأخيرة أنذرته بأنها تنتوي الشر تجاه نفسها، فكرر طلبه بإلحاح:

سيبك من أي حاجة وقوليلي أنتِ فين، "علا" لو فعلا ليا خاطر عندك، ماتخديش أي خطوة مجنونة دلوقتي، اهدي وهجيلك.


خوفه عليها أعطاها الأمل لحظات، لحظات تعلم أنها لن تدوم، طالبته بنبرة حملت من الألم والعذاب الكثير:

خلي بالك من نفسك يا "بشير".


ثم أغلقت المكالمة، أغلقتها على أفضل نظرة رأتها عيناها، ولم تستمع لندائه أبدا، بقت تفكر فقط في خطوتها التالية، فعلتها مرة ولم تفلح ولكنها الآن بالتأكيد ستفلح، أخرجت عبوة من ملابسها، كانت قد أخفتها بها، تطلعت إلى كوب المياه بجانبها، ثم قامت بإفراغ نقاط كثيرة من العبوة فيه، كان هاتفها يدق بإلحاح، لا يتوقف، رسائل متتابعة بها رجاء من " بشير"، تارة يخبرها أنه بالاسكندرية وسيصل لها سريعا إن كانت هناك، وتارة يطالبها بالتريث إن كانت في القاهرة وسيأتي لها، أرسلت له العنوان وهي تعلم أنه حتى إن أتى لن تراه، وأغلقت هاتفها تماما، بقت ساكنة، تفكر في والدتها التي لا تعرف عنها شيء، وأين سيعصف بهما شقيقهما في القادم، وتطالع كوب موتها، ظلت على هذه الحالة أكثر من نصف ساعة، متكومة على نفسها، تبكي بصمت ورأسها بين ذراعيها، حتى شعرت بحركة في الخارج فعلمت باستيقاظ شقيقها، فتح الباب عليها دون استئذان ونطق بلهجة آمرة:

اعمليلي قهوة. 


طالعته بسكون حتى رحل، أخذت الكوب في يدها وذهبت لتعد له ما طلب، ولكنها لم تفعل، تناول الكوب الذي صبت به محتويات العبوة بأيادي مرتعشة، وشربت ما به دفعة واحدة، وهنا فقط تعالت شهقاتها، بقت واقفة مكانها تطالع اللاشيء لفترة لم تعلم كم هي، حتى أتى شقيقها ينطق بغلظة:

ما تخلصي، مكانش فنجان قهوة ده هتقعدي عليه ساعة و... 


لم يكمل حديثه، رأى شحوب وجهها، أنفاسها التي تخرج بصعوبة فهرول ناحيتها سريعا يسأل بلهفة:

مالك يا "علا".


رأى الزيغ في عينيها، وتعرقها الذي ملأ وجهها، ثم فجأة صراخها بحدة وهي تحيط بمعدتها، لك يصدق ما يحدث أمامه، كالذي تلقى ضربة على رأسه في الحين، ظل ينطق باسمها بخوف وهو يحاول فعل أي شيء، 

وهي فقط تزداد صرخاتها، جذب قميصه سريعا من على الأريكة يرتديه، وحملها وهو يهرول بها ناحية الخارج، ارتدى الحذاء وهو يحاول تهدئتها:

متخافيش يا " علا"، أنا معاكي، هوديكي المستشفى. 


ولكن بمجرد أن خرجا، ثقل جسدها، وسكن صوتها، طالعها بفزع، وجثا على الأرضية، يحاول إفاقتها، ولكنها لم تعد تستجيب، لم تعد حتى تتطلع إليه، ليالي ما بعد منتصف الليل دائما تحمل الكثير من المفاجآت وفي هذه الليلة تحديدا كانت المفاجأة صاعقة، لم يكن "شاكر" يصدق ولو أقسم له الجميع، وكأنه يذوق ويحصد ويلات ما فعله بشقيقته، يذوقها الآن وهو يدرك في هذه الليلة المظلمة وفي هذا الشارع الذي ملأته البرودة أن شقيقته "علا" شبه لفظت أنفاسها الأخيرة الآن، لفظتها أمام عينيه، أكثر من عشرين سنة من عمره أمامه الآن جثة هامدة، لا نفس، وحتى النبض لم يعد يشعر به، صرخ باسمها، ولم يعد يقدر حتى على حملها والسير بها للسيارة، مكان اختبائه هذا لا أحد به يساعده، صاح بقوة وهو يحملها ويحاول القيام من جديد، وفجأة ظهرت أمامه سيارة، وتوقفت، تمسك بشقيقته أكثر، وهو يرى بابها يُفتح، والآن فقط نزل منها "بشير"، هرول متلهفًا ناحية " علا" التي يحملها "شاكر"، حاول أخذها من بين يديه وهو يصرخ به:

أنت عملت فيها إيه؟ 


لم يفعل شيء، حتى هذه الجملة لم يستطع قولها، وأخذها " بشير" منه عنوة، وهرول بها ناحية سيارته، تكونت الدموع في مقلتيه وهو يهمس لها:

لا يا "علا" لا. 


وحين أتى "شاكر" ليركب هو الاخر السيارة معه، رفع "بشير" سلاحه الذي أخرجه للتو في وجهه، حذره وقد فقد كل ذرة تعقل:

أقسم بالله لو ما مشيتش من هنا، هرتكب فيك مصيبة. 


غادر بها "بشير" سريعا، وهو يطالعها بحزن رافق خوفه عليها، وهو يدرك بطء أنفاسها الشديد، ولم ييأس "شاكر" بل قرر أن يتبعه بسيارته. 


             ★***★***★***★***★***★***★


اعتادت الجلوس هنا وحدها، كانت في السابق تلوم على شقيقتها "شهد" خروجها بدون إذن والدتها في أوقات لا تناسب، والآن هي تفعل فعلتها، خرجت من المنزل ولم تعد حتى الآن، تجلس "ملك" عند الجسر، في مكان اعتادت أن تجلس معه به، تذرف الدموع بصمت، وهي تطالع المياه، ابتسمت بسخرية، من يصدق أنها الآن تجلس في هذه الظلمة بمفردها، قررت أخيرا الرحيل، ولكنها شعرت بحركة من خلفها، انتفضت تبحث عن مصدرها، فوجدته، ساد الصمت، ونظراتهم لبعضهما، الدموع في عينيها تقول الكثير، ولكنها لم ترد أن يراها هكذا، تحركت لترحل، متجاهلة رؤيته، واعترض هو طريقها حين وقف أمامها، لم يبتعد فحثته:

وسع عن سكتي يا عيسى. 


_ لو طلبت منك تفضلي خمس دقايق بس هتفضلي؟ 

كان هذا سؤاله، نبرته تذيب أي اعتراض، ولكن جرحها غائر


وكان ردها ينم عن وجع كبير:

أنا طلبت منك قبل كده تفضل، في نفس المكان ده، وسيبتني ورا ضهرك ومشيت. 


استدارت بانفعال تشير له على الموضع حيث جثت على ركبتيها تناديه، وهو يكمل طريقه دون أن ينظر للخلف:

سيبتني مرمية هنا يا "عيسى"، ومبصتش وراك. 


تمسك بها وكأنها أخر أمل له، يرجوها بما اهتزت أمامه:

تلات دقايق بس. 


النظر في عينيه تحديدًا في هذه اللحظة مأزق كبير، نظراته الآن تجبر أعتى القساة على الخضوع، وقوله الذي طالها أثره:

دقيقة واحدة بس يا " ملك".


ابتلعت غصة مريرة في حلقها وهي تجلس بالفعل حيث اعتادا الجلوس، جلس هو الاخر، ولم يتوقع أن تبادر هي بقول:

عايز تسمع إيه يا "عيسى"؟ 


أمسكت هي بذمام المواجهة هذه المرة، طالعته وهي تكمل ما لديها:

عايز تسمع إني مكنتش مرتاحة وأنت بعيد؟ 


تسارعت أنفاسها وهي تسأله بقهر:

هو أنت مفكر إن أنا هقدر أقولك الكلام ده... أنا مش هقدر أقولك غير حاجة واحدة بس 


تحفز لسماعها وضربته هي في مقتل:

ياريتني ما عرفتك، علشان مشوفش اللي أنا شايفاه دلوقتي ده، أنت عمرك ما كنت أناني، ادتني الأمان، وفي لحظة بقيت واحد تاني معرفهوش، واحد مستكتر حتى يقول أنا غلطان ويسكت، لازم كل مرة يقول فيها أنا غلطان وسبب في اللي وصلناله يقولي بس أنتِ كمان غلطانة في كذا. 


تناول كفها يخبرها وقد سقط تحت سحر دموعها:

محدش غلطان غيري يا " ملك".


أغمضت عينيها بقوة، ثم قالت من جديد وهو مازال يتشبث بكفها:

عارفة لو الزمن رجع لورا، هقع في نفس الغلطة، 

هحبك تاني يا "عيسى"، غصب عني هحبك تاني. 


رأت الدموع في مقلتيه هو الاخر وحدثته هي تحت نظراته الآسرة:

أنا معنديش حاجة من اللي أنت عايز تسمعها ممكن أقولهالك، وقعدت دلوقتي بس، علشان مقدرتش امشي وأنت بتطلب مني اقعد بالطريقة دي، مقدرتش علشان أنا مبعرفش أعمل زيك. 


حاولت أن تسحب يدها، لتغادر، ولكن لم يفلتها، وأخبرها بما لم يكذب فيه أبدًا:

أنا مش مستكتر أقول أنا غلطت، أنا أكبر خسارة خسرتها في حياتي كانت أنتِ يا " ملك".

جملته الآن نقيض تام لجملة قالها مسبقًا، جملته الآن هي الحقيقة بلا تزييف. 


تابع بصدق:

يمكن اتصرفت تصرفات خلفت بيها وعود وعدتهالك، بس والله كان غصب عني. 


تنهدت بهدوء، ولم يكن ردها على هذه الجملة إلا قول:

أنا عايزة أروح. 


لمعت عيناه أكثر إثر الألم بهما وهو يسألها باستجداء:

يعني مفيش فرصة نبقى مع بعض تاني؟ 


ما بين جرح غائر ما زال ينزف، كان سببه أن تركها هنا، ورفض المكوث لأجلها، وشوق جارف يعصف بها، يخبرها أن تهرول لأحضانه، ما بين ثأر لكرامة مهدورة، وعشق عاني الويلات، نطقت هي تقطع وصال الود، ودموعها تكذبها:

لا مفيش. 


اقترب منها، كان سيقبلها، ولكنها انتفضت مبتعدة، وهي تكرر على أذنيه:

لا يا عيسى، لا. 


فاق عليها وهي تقول لا، زال السحر الآن، لا يعلم كيف قادها حتى منزلها، كان شاردًا في عالم آخر بعد تلقيه رفضها الحاسم، تملك اليأس منه، وتكرر في أذنيه كل ما قالته له، متذكرًا أغنية أحبها كثيرًا في الماضي، ولم يعلم أنها ستُطبق عليه اليوم، صوت ملك تقول:

عايز تسمع إيه يا "عيسى" ؟ 


وفي الخلفية كلمات الأغنية تصيبه في مقتل:

نفسك تسمع إيه، شوية كلام تريح ضميرك بيه، 

وهيفيد بإيه، روح شوف حياتك جرح قلبي سامحت فيه. 


"ملك" تخبره بأنها لم تعد تعرفه، منذ اللحظة التي تركها بها، وفي الخلفية يسمع:

مين اللي قدامي ده واحد معرفوش، مبقتش أخاف عليه اسيبه أو اجرحه.


قول "لا" والرفض الصريح ممزوج بـ:

عشاق كتير اتقابلوا عادي مكملوش، واهو كل واحد يعمل اللي يريحه. 


ساقته قدماه، إلى حيث المسجد، حيث يتيقن من أن والده يجلس هناك الآن، لم يره منذ عودته، ذهب له ووجده بالفعل، طلب من العامل أن يفتح له المسجد وجلس فيه بمفرده، بمجرد أن دخل لمح نظرات التلهف في عين والده، هرول ناحيته، وحينها فقط استطاع البكاء بحرية، البكاء فقط بين أحضان "نصران" الذي حاوطه بدفئه وبآيات الذكر الحكيم ليسكن هنا، بين ذراعي والده، بين ذراعي من فقد روحه بغيابه، ولم يشعر بأنها رُدت إلا حين لمحه الآن. 


           ★***★***★***★***★***★***★***★


غياب يومين كافي جدا ليفعل كثيرون الكوارث 

لم يستطع "عيسى" أن ينام، صديقه "بشير" لا يرد منذ ثلاثة أيام، هاتفه الآن للمرة الألف، وأخيرا رد، وبمجرد أن رد سبه "عيسى" وهتف:

هو أنت فين ومبتردش على الزفت ليه، وطاهر مختفي فين؟... بتعملوا إيه يا "بشير"؟ 


استجمع ثباته، وقال لصديقه بلا ذرة تردد:

عيسى أنا اتجوزت. 


_ نعم؟ 


استكمل يلقي بقنبلته دفعة واحدة:

اتجوزت "علا".


فهتف بما ضايق صديقه:

ده عندها. 


_ أنا مبهزرش يا " عيسى"، أنا اتجوزتها. 

وأمام قول صديقه هذا أغلق الهاتف في وجهه، وكان "بشير" يدرك كم هو سعيد الحظ لأنه ليس أمامه الآن. 


           ★***★***★***★***★***★***★***★


عجلة الأيام هي الأشرس، قادرة على فعل الكثير، من يصدق الآن أنهما معا في غرفة واحدة، كل منهما مكبل بالقيود على مقعده. 


لم يتوقع "عيسى" أن يجتمعا من جديد، والأدهى في غرفة واحدة، مغلقة على كليهما، من لا يتسبب اللقاء بينهما إلا في الكوارث، الآن سويا في مكان واحد، والمفتاح بيد من أوقعهما في الفخ. 


لأول مرة بعد الحادثة التي قلبت كل شيء رأسا على عقب، طالعه "عيسى" باستخفاف وتحدث:

مقرتلكش الفاتحة ولا مرة في فترة الموت على فكرة. 


_ أنا أحسن منك وقرأتها لأخوك كتير. 


لولا قيودهما لكانت حرب طاحنة الآن، وأمام قول "شاكر" هذا هتف عيسى بابتسامة متوعدة:

شاطر.


ثم أكمل غامزًا وهو يشير على قيوده:

يتشالوا بس، وإن شاء الله هخليك تقرأ القرآن كله يا شيخ "شاكر".


نطق " شاكر" مراوغًا:

بس احلوت بعد الطلاق، احلوت أوي، طول عمرها حلوة بنت الإيه. 


_أمك ولا إيه؟ 

كان هذا سؤال "عيسى" والذي تمنى لو يحرق المقعد بشاكر الآن. 


والسؤال المسيطر على عقل كل منهما، من أتى بهما إلى هنا، من الذي تجرأ ووضع النيران بجوار المادة القابلة للاشتعال، ليحقق المستحيل، ويجمعهما الآن هنا! 

الفصل المائة والخامس والثلاثون من هنا


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1