رواية عشق الذئاب الفصل الثالث عشر بقلم اسراء على
أنا حبيبك..أنا صديقك..أنا روحك..وبالأخص زوجك..أحببتك صغيرة لا أعرف أي عقل بشري يستوعب حُبي بل وعشقي وهيامي بطفلة..طفلة قلبت كيان ذئب…..
تحولت الأنظار ناحية مصدر التهشم..ليقول عبدالله بخبث أتقن إخفائه
عبدالله : بنتي حبيبتي..أنا جيت أخلصك من الناس دي
لم تتحرك ساكناً..لما كل الأمور ضدها..عشقها..مستقبلها وأخيراً أهلها..لما..جمودها وصمتها الذي طال به الأمد..لتردف رحمة بحنو
رحمة : إسراء يا حبيبتي إنتي كويسة
وكأن صوت رحمة كان الضوء الأخضر لـ إعلان إنهيارها الذي أخفته يوم سحبها خلف الذئب كالبهيمة وسط نظرات أهلها الباردة..هى تتذكر نظرات الجميع ذلك اليوم كيف كانت أعين وحواسهم باردة كالثلوج..خرجت من جوفها صرخة صمت الأذان يكاد الأصم يسمعها من فرط عنفها..ظلت تصرخ بهستيرية..وتنبث بكلمات لا علاقة لها ببعضها…
في الأعلى
كان رائف يجلس بملل فقد طال غيابها..فحدث نفسه بضيق
رائف : هي بتجبها من تحت الأرض
وما كاد ينهي جملته اللعينة..حتى سمع صراخها المُفزع جعله ينتفض كالملسوع ويهتف بـ اسمها كالمجنون..تناسى جروحه وألمه.وركض بما أُوتي من قوة..
خرج من غرفته وهو يصرخ بـ إسمها
رائف : إسراء فيه إيه!!إنتي فين
ولكن ما زادها إلا صراخ..توجهت ناحيتها رحمة بفزع وهى تتمتم
رحمة : بنتي!!حبيبتي..أستفغر الله العظيم
أما والديها فقد نزع الله الرحمة من قلبهما..إن كانا يمتلكان..وقفا جامدين..رغم دهشتهما بالبداية إلا أن طمعهما جعل شياطين الإنس والجن..توسوس لهما بالجمود..
ظلت رحمة تهدأ في روع المسكينة للإنهيار المفاجئ..تمتمت ببعض الأيات..لتهدأ..سمعت صوت رائف الغاضب وهو يهدر بقسوة
رائف : مين اللي دخل الـ***** دول هنا
ثم تحرك بخطى متعجله والخوف يتقافز من عينيه على محبوبته..جثى على ركبتيه وجذب رأسها على صدره يحتضنها..ولكن صراخها لم ينقطع..رائحته المألوفة والتي لا تعلم أتبغضها أم تعشق وصالها..إلا أنها أبعدته عنها بقسوة وهدرت بصراخ جامح
إسراء : إبعد عني..كلكوا زي بعض..سلعة بتباع..وبتشرى بالفلوس..ليه..ليييييه أرحموني بقى..إبعدوا عني
كلماتها التي ألقتها بجانب صراخها مزقت قلبه تمزيق..وكأنها أخرجت قلبه وإعتصرته بين كفيها..وكذلك الحال مع رحمة لم تستطع منع دموعها من الجريان..ليقطع مشاعرهما صوته البغيض وهو يقول
هدر بالأخيرة ليسارع رجلان قويان وعريضان البنية ليجرا الجثتين جراً..فهتف عبدالله بغضب وعِداء
لم يلتفت لتهديده فهو لم يُنهي حسابه بعد..يكفيه ما بدر من ذاك العبدالله أمس..أغلق الباب بحدة ثم توجه سريعاً ناحية زوجته الصارخة..التي لم تهدأ وظلت تصرخ..جذب رأسها بين أحضانه وظل يربت عليها بحنو..وصدره يمتص دموعها وصراخها حتى قال وقلبه ينزف بسبب صراخها
رائف : هشششش…خلاص مشتهم مفيش حد هنا غيري أنا وأنتي
أشار بعينيه أن ترحل رحمة وجميع الخدم..حتى تهدأ..أماءت برأسها ومن ثم إبتعدت..عاود النظر لها وصراخها لا يهدأ ولا يستكين..الشعور القلق الذي تملكه بسبب عنفها ذاك يكاد يقتله..ليقول بحزن
قبضتيها الصغيرة أقبضت بشدة على التيشيرت الخاص به..حركتها تلك بالرغم من أنها أدهشته إلا أنها شجعته حتى يلتف بيده حولها ويحتويها في عناق أراد به حمايتها من الجميع..صوت صراخها أختفى ولكن بكائها لم يهدأ..صوت شهقاتها جعله يشتد في عناقها..ليردف بحنان ونبرة هادئة
رائف : والله هحميكي من الناس ومن الدنيا وأولهم نفسي..مش هسمح لنفسي أأذيكي..ببساطة لأن محدش بيأذي روحه..
سكت قليلاً ليستشعر سكون جسدها..ثم همس في أذنها بحب
في الخارج
بعدما ألقى الحارسان جسدهما الثقيلان خارج حدود الفيلا..حتى قامت صفاء بسبهما بـ أقذع الشتائم ولم يتوانى عبدالله في التوعد..قامت صفاء بنفض ملابسها ثم قالت بتربم
صفاء : هنعمل إيه يا دلعادي
لوت صفاء فمها وقالت : و أديه زي القرد أهو عايش
أشاح بيده وأردف بنبرة محذرة : عليا النعمة إما سكتي لاكون متاوي جتتك هنا..أنا روحي فـ مناخيري
أضافت هي بغضب وإمتعاض : يووووه..هو أنا اللي طردك روح إتشطر عليه يا سبع
هنا وإنفجر بها عبدالله ليقول بزمجرة
عبدالله : صفاااااء عدي ليلتك والله العظيم أدفنك هنا مش ناقص
لوت فمها بـ إستنكار وقالت بسخرية : حاضر يا سبع
في مستشفى الأسيوطي
خرج الطبيب من غرفة العمليات وهو ينزع كمامته..إتجه ناحيته الأهل ليردف هو بجدية
الطبيب : المريض بخير دلوقتي وشويه وهيطلعوه ع أوضته وتقدروا تشوفه..حمد لله ع سلامته
أحد الأهالي المريض : الله يسلمك يا دكتور..شكراً
الطبيب بنبرة عادية : ع إيه دا واجبي..
إنصرف الطبيب لغرفة مكتبه ومن ثم قام بخلغ الملابس الخاصة بغرفة العمليات وقام بغسل يده ووجه..وبعد ذلك إتجه إلى مكتبه ظل يفرك جبته من التعب..ليدلف عليه إبنه ويقول بنبرة مرحة وهو يطل برأسه من الباب
طارق : حد خالع راسه
إبتسم ذلك الطبيب ثم إعتدل في جلسته ليقول له بمرح مماثل
الطبيب : لأ خالع الجاكت بس
طارق وهو يدلف إلى الداخل : إذا كان كدا ماشي
الطبيب بجدية : تعالي يا طارق
تقدم طارق ثم جلس على المقعد المقابل للمكتب..تنحنح ثم قال
طارق : محي بيه..كنت عاوزك فـ موضوع كدا
نظر له محي بأعين ثاقبة ومن ثم قال : طالما وصلت لمحي بيه يبقى فيه حاجة..خير!!
توتر طارق من نظرات والده المصوبة ناحيته ولكنه حاول يظهر ثباته..أخذ نفس عميق ثم زفره وقال على مهل
طارق : أحم..كنت عاوز أقولك إني نويت أتجوز
علت الدهشه ملامح الطبيب ثم قال بذهول عجز عن إخفاءه : نويت إيه
إبتسم بتوتر وقال : أتجوز يا دكتور محي..أكمل نص ديني التاني
سكت محي وهو يحك جبهته عله يتيخل بعد يوم حافل من العمل الجاد إلا أن نبرة ولده المتوجسة أكدت له أنه لا يحلُم
طارق : بابا
محي بنبرة غامضة : مين
طارق بعدم فهم : مين إيه
نظر له محي بضيق ثم قال : إللي هتتجوزها يا بأف
عاد بظهره إلى الخلف وقال : أه..أه..هى حد نعرفه و آآآ…
قاطعه محي : إنجز
طارق : هايدي أخت عماد صاحب رائف
إبتإبتسم محي بمكر ثم قال : امممم قولتلي بقى هايدي الدمنهوري..ثم باغته بسؤاله الجاد…بتحبها
إرتبك طارق من سؤال والده المباغت..وظهرت أعراض إرتباكه جلية على وجهه وأصبح من الصعب إخفاءها..إبتسم والده ثم قال
هز محي رأسه برضا ثم قال : عظيم..هتقول لرائف ولا أقوله أنا..أنا أصلاً رايح للبيه اللي بقاله مدة منعرفش عنه حاجة
طارق بجدية : كنت هروح بكرة..إية رأيك نروح مع بعض
محي : تمام..
سكت قليلاً ثم تسائل عن إجابة يعلمها جيداً
محي بجدية : تعرف حاجة عنه
طارق وهو يمط شفتيه ورفع منكبه دليلاً على عدم معرفته : معرفش عنه حاجة من ساعة أخر مرة كان عندنا
هز محي رأسه بيأس ثم قال بنبرة يائسة : هيفضل طول عمره كدا..مش ناوي يهدى بقى..إيه ربنا عامي قلبه..حرام عليه غُلبت فيه
نهض طارق عن مقعده وتحرك ناحية والده وربت على كتفه وقال بجدية
نظر له محي ثم إبتسم : إن شاء الله
فلاش باك
رأفت بضحك : يعني أعملك شعرك إزاي دلوقتي
عقدت الطفلة ذراعيها أمام صدرها وقالت بضيق طفولي
زهرة : معرفش
رأفت : ياااالهوي..بت أنتي..أنا معنديش أخوات بنات ومش فاضي لدلع البنات دا
قالت بعد تفكير بـ إبتسامة واسعة : ضفيرة
رفع أحد حاجبيه وقال : نعم!!مبعرفش أعملها
زمت شفتيها بضيق : إتصرف
نظر لها رأفت نظرة جعلته ينهر نفسه..ولكنه أدرك أنه عشق طفلة..فاق من شروده ثم قال بـ إبتسامة
رأفت : هعملك ضفيرة
تهللت أسارير الصغيرة وقالت بسعادة : بجد
ضحك وقال : بجد
وبدأت رحلته في عمل ضفيرة ولكنها كانت أبشع ضفيرة مرت على سنواتها التسع..ولكنها سعدت بها لتتقافز بسعادة..ثم وضعت قُبلة رقيقة طفولية على وجنته بخجل محبب وقالت
زهرة : بحبك يا رأفت
رأفت : وأنا كمان بحبك
باك
عاد رائف لواقعه..ثم هبط بشفتيه ليُقبل جبينها بحنو..وقال بأسف
رائف : يارتني فضلت رأفت
نهض عن الفراش بعد أن دثرها جيداً وإتجه للخارج..وقبل أن يخطوا للخارج أوقفته رحمة قائلة
رحمة : رائف بيه!!رايح فين
إلتفت رائف لها ثم قال بجدية : خدي بالك منها عما أرجع..ساعتين وأجي لو حصل حاجة كلميني
رحمة بنبرة مطمأنة : متخافش يا رائف بيه هى فـ عنيا
إبتسم رائف ثم قال برضا : وأنا متأكد من دا
تركها ورحل بينما تمتمت هى بالدعاء وقالت بتمني
أما رائف فما أن خرج من المنزل حتى تبدلت ملامحه للغضب الشديد..بالرغم من جراحه إلا أن غضبه قد أعماه..سار بسيارته التي أصدرت صوت عنيف عقب إدارة المحرك..خرج وهو يعلم تماماً وجهته…
في منزل عبدالله
كانت صفاء تجلس وتضع يدها أسفل وجنتها ليزجرها عبدالله بغضب
عبدالله : مالك قاعدة زى المطلقين ليه
نظرت له بضيق ثم قالت بحنق : المطلقين حالهم أحسن مني
تأفأف منها واستغفر بصوت عالً
صفاء بحدة : هنرجع البت….
لم تكمل حديثها حتى قاطعها صوت الباب ليقول عبدالله
تحرك عن كرسيه المتهالك ليفتح باب المنزل ولا يعلم أنه ما أن يفتح هذا الباب إلا وأبواب جهنم سوف تُفتح عليه هى الأخرى..فتح الباب لينصدم بهيئة الشخص الماثل أمامه كأسد متربص بفريسته……..