رواية عشق الذئاب الفصل الرابع عشر بقلم اسراء على
حان وقت العقاب..سيتم عقاب المذنبين..سيتم مكافأة الأبرياء..وإن كانت حياته بلا معنى..فحياتها أصبحت معناه..
وقف أمام المشدوه بشموخ ذئب يليق بهيبته..من قال أن الهيبة تُناسب الأسود..فها هو دون سرقة كانت الهيبة مُلقاة أسفل قدميه..تعمدت عيناه بث الرعب في أوصال قانطين هذا المنزل المتهالك..دلف دون إستئذان بعد أن دفع عبدالله بحدة..ليتجه إلى الأريكة ويضع قدم فوق أخرى بوقار خاص به..وزع نظراته المشمئذة من ذاك المكان العِفن..رائحته كريهه..و إن كانت ليست بالفعل وإنما وجود هذان الكائنان يجعلا رائحة البيت كالجثة..قطع الصمت بصوت متهكم حاد
1
رائف: إيه إتفضل يا عبدالله دا زي بيتك..
1
تحرك عبدالله بقدمان مرتجفتان..غير قادرتان على الصمود..لما أتى اليوم!!لما تلك النظرة الغامضة في عينيه نذير شؤم..جلس على المقعد المقابل لرائف ولم يتكلم
صفاء بنبرة متوجسة: خير يا رائف بيه
إبتسم رائف بشر ثم قال: كل خير..متقلقيش
عبدالله بهدوء جاهد لإتقانه: أؤمر ياباشا
نظر له رائف بنظرات تحقيرية..ثم قال بصوت هادئ أسرى الرعب في أوصالهم
رائف: منا هأمر فعلاً..
نهض عن مقعده بغته ثم جذب عبدالله من ثيابه بعنف وهدر من بين أسنانه بشراسة وقال
رائف: كنت عاوز تقتلني يا ***..ها..لا ومكفكش جاي تاخدها عشان تبعها لغيري..أنت جنس ملتك إيه..شيطان..كلب فلوس..عشان تبيع بنتك بالسهولة دي..إيه مفيش رحمة فـ قلبك يا كلب
1
وبين يديه هذا المسكين..أحقاً هو مسكين!!..يرتجف تشنجت عضلات وجهه التي أبرزت خوف جلي..أما زوجته فصكت صدرها بعنف وقالت بخوف
صفاء: إهدى يا رائف بيه هو آآآ…
قاطعها بشراسة: أخرسي..حسابك لسه جاي
سكتت..وهى ترتجف فا هى الأخرى فريسة لغضبه..بينما ترك رائف ملابس عبدالله وجلس على مقعده مرة أخرى وقال بهدوء عكس شراسته
رائف: أنا مش هعفي عنكم..بس هخفف الحساب لو قولتولي من اللي مشغلكم…
في قصر الأسيوطي
دلف كلاً من طارق ومحي إلى القصر وهما يتبادلان المزحات..ليرفع محي عينيه على السيدة الوقور الهابطة من الدرج بالرغم من عامها الذي تخطى السبعون إلا أنها تُشبه فتاه في عمر العشرون..ذات جسد ممشوق وشعر قد خطه الشيب بكثير تُخفيه أسفل حجاب حر الطرفين فـ أبرز خصلاتها الماسية من أسفله..عينان رماديتان..ووجه أبيض وبه تجاعيد التي فرضها الزمن..ليقول محي بـ إحترام
محي: إزيك يا أمي
هبطت السيدة لتقول بحنو أمومي: الله يسلمك يا حبيبي
وجهت نظراتها ناحية الحفيد ثم قالت
السيدة: وإزيك يا دنجوان
ضحك طارق وأمسك يد جدته وقال بمزاح: أهو الدنجوان معرفش يوقع سعاد هانم
2
ضحكت بهدوء بناسب وقارها: بكاش..هتفضل بكاش
محي بجدية: أومال فين نوال!!
تحركت من من أمامه وتوجهت للصالون ذا اللون الأبيض مزخرف بروسم ذهبية وأثاث كلاسيكي ممزوج ما بين الذهبي والأبيض..وتلك الثرية الأثرية ذات الكرستالات الشفافة والأنيقة..جلست بهدوء وتبعها محي وطارق..لتقول بنبرة هادئة
سعاد: شغل كنت عاوزة أعمله فـ الجمعية ومعرفتش أروح فهى راحت بدالي..كتر خيرها
1
هز رأسه موافقاً وقال: أها فيها الخير..
سكت هو ليقول طارق بنبرة مهذبه
طارق: تيتا كنت عاوز حضرتك هنا فـ موضوع
إنتبهت حواس سعاد وهى تقول بتركيز: قول يا طارق
تنحنح طارق ومن ثم قال بهدوء: هو أنا هتجوز
قهقهت العجوز وقالت: الدنجوان هيتجوز لا لا دا أنا هقدم قرابين بقى
ضحك طارق وقال بدهشة: يعني إنتي موافقة
هتفت بجدية: وموافقش ليه
نهض طارق وقام بتقبيل رأسها وقال بسعادة
طارق: أيووة كدا يا أحلى سعاد فـ الدنيا..هطير أنا بقى أخد دش وأستريح
صعد طارق بضع درجات ثم قال بصوت عالي
طارق: متنساش معادنا عند رائف بكرة يا دكتور محي
عقب جملة طارق..إهتز كيان السيدة الوقور وهى تقول بتردد
سعاد: هو أنت هتروح لرائف
تفرس محي بنظره في والدته وقال بثبات: أيوة تحبي تيجي!!
قالت بسرعة: لأ..لأ مش هيقبل يشوفني
رد عليها محي بهدوء وإطمئنان: اللي حصل زمان هو نساه..مش هيفضل شايل منك من عشر سنين..رائف كبر وبالرغم من فساده لكنه عاقل
نزلت دمعة كرستالية لتقول سعاد: اللي عملته مش ممكن ينساه..رائف كان هينصلح حاله..بس بغبائي ضيعت كل حاجة
3
ليهتف بدفاع: كان قصدك مصلحته..وضع يده على يدها وقال..هيسامحك
هزت رأسها بيأس وقالت: أنا اللي ربيت رائف..مش بيسامح بسهولة..
ذاك الرائف مصدر سعادة,كآبة,حزن,حب,كره للكثير والكثيرات..لما هو قاسي..لما هو فاسق..ألم يحن وقت الصلاح..ألم يحن وقت الصلح..ألم يحن وقت الحب!!!!..ولكنه لم يحب بل عشق حد النخاع
في أحد التجمعات السكنية
جلس أحمد ومعه بعض الأشخاص يبدو من هيئتهم أنهم ذوي شأن عالي بالبلد..ليسترسل حديثه بـ إريحية
أحمد: بس مش رائف الأسيوطي إللي يتهدد
ليرد عليه أحدهم وهو يتناول كأس الخمر: مش يتهدد يتقتل
ليقول أحدهم بتهكم: ما هو بسبع أرواح..لا مات ولا نيلة..لازم نضغط عليه بحاجة
ظل أحمد يتابعهم في سكون وهو يعد خطته الشيطانية في عقله الماكر..ليقاطع ثرثرتهم المزعجة بقوله
أحمد: هنضغط على نقطة ضعفه
دُهش الجميع..رائف الأسيوطي!!..نقطة ضعف!!..على من يتحدث هذا الأبله..قطع السكون كلمات رجل يكبرهم بأعوام عدة
الرجل: ومن أمتى رائف عنده نقطة ضعف
1
وضع أحمد ساقه فوق أختها وهو يقول بنبرة مغترة: من يجي أسبوعين كدا..
الرجل بدهشة: وإيه النقطة دي
أمسك أحمد كأس الخمر وعينيه تلمع بشيطانية ثم قال بنبرة خبيثة كالسرطان
أحمد: دي بقى بتاعتي..زي ما هتخدموني هخدمكم
مال عليه الرجل وقال بنبرة خافتة
الرجل: نفسي أعرف ليه الكره والعداء دا ناحية رائف
أحمد بشرود: حساب طويل أوي……..
في أحد الأحياء الشعبية
خرج رائف من تلك البناية وهو يشعر بالإنتشاء بعدما حصل على مراده..سار بخطوات متمخطرة وهو يتجه ناحية سيارته..شعر بوجع ثقيل في مكان الجرح..ولكنه تجاهله ومن ثم ركب سيارته وأدار محركها..
3
ظل يُتابع الطريق وعقله شارد في كيفية التخلص من تلك العصابة الذي كان هو الممول الرئيسي لها..يُعطي المال ليكون”مزاجه”هو المقابل..ولم يعلم أن المقابل ستكون عواقبه وخيمة..وقوع زهرته بين يديه وهو ينوي إيذائها بأبشع الطرق..ولكنه مالبث وأستكان جسده الذي تشنج إثر فكرة أذية زهرته وهو يقول
رائف: كويس إنها وقعت فـ إيدي أحسن من حد يعمل إللي يعمله ويرميها
وما أن ذكر هذا الحديث حتى تشنج وجهه وبرزت عروق نحره بدرجه كبيرة..يده المطبقة على المقود تكاد تفتك به إلى قطع متناثرة من فرط قوته..
لفت نظره الغاضب شئ قد أسار الفرح بداخله..ضغط المكابح فجأة لتصدر صوت إحتكاك..ترجل سريعاً ودلف لذلك المحل الذي يحوي ملابس محتشمة تخص المحجبات..دار بنظره في الأرجاء ليقع نظره على ضالته..
ثوب من اللون الأبيض مطعم بزهور بنفسجية وحمراء ذات أحجام متوسطة يحد الزهور من الخارج أورقاء خضراء يانعة اللون..أكمامه من الشيفون عكس قماش الثوب الذي كان من الحرير الصافي..مغلق الرقبة يحدة من الوسط حزام من نفس الزهور البنفسجية..وتتدلي من جانب الحزام إنشوطة كبيرة نسبياً..كان هيئته ملائكية..تليق بملاكه..
وقفت بجانبه عاملة وهى تقول بنبرة منبهرة
العاملة: ذوق حضرتك عالي
ظل ينظر للثوب وقال بشرود: فعلاً
العاملة مؤكدة: أيوة يا فندم الفستان تحفة ولسه واصل من باريس
ليقول بنفي: تؤ هى اللي هتحليه
2
العاملة بـ إعجاب: شكلك بتحبها
فاق من شروده وحالة الهيام التي إعترته وهو يتخيلها بداخل الثوب ومن ثم قال بجدية
رائف: أنا هاخد الفستان دا..إبعتيه ع العنوان دا
العاملة بجدية: تمام يا فندم
ألقى نظرة أخيرة على الثوب وقال بحب
رائف: الزهرة متلبسش غير زهرة….
1
خرج من المحل ثم توجه ناحية سيارته ليجد هاتفه الذي تركه على مقعده الأيمن يصدح برقم ما أن رأه رائف حتى إبتسم إبتسامة أبرزت أسنانه البيضاء..إلتقط الهاتف وأجاب ليجد الطرف الأخر يقول
رائف باشا..
ليرد رائف بـ إهتمام: ها إيه الأخبار يا رجدي بيه
1
رجدي بتهكم: وقع زي الفار فـ المصيدة
رائف بمكر: خليه زي ما هو..أما أشوف أخرة اللعبة الـ**** دي إيه
رجدي: أنا مفهمتش هو ليه بيعمل كدا بس وراه
1
رائف: مش مهم..رجدي عاوز أعرف قرار التنظيم دا إيه..كفاية لحد كدا..
رجدي بعدم فهم: كفاية إية!!
رائف بأسف: أنا كنت هخسر أغلى حاجة عندي بسبب وساختي..
رجدي بتفهم: متقلقش يا رائف بيه أنا رايح النيابة بكرة وطبعاً حضرتك هتشرفنا
رائف وهو يومئ برأسه: تمام..ربنا معانا وننضف
رجدي بنبرة مذهولة: يارب..هتزود الأمن لأن الفترة اللي جاية مش سهلة
رائف.: طبعاً…
رجدي: ماشي..سلام
أغلق الهاتف ليكمل رائف حديثه مع نفسه
رائف: قولتلك هحميكي من الناس وأنا عند وعدي..بس الأول هحميكي من نفسي………