رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل الخامس عشر 15 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل الخامس عشر

أنتِ همزة البدء..وهاء النهاية..

أنتِ رياح عاتية..عصفت بمشاعري

أنتِ نون النسوة برقتها..و واو الجماعة بقوتها

داعبت أشعة الشمس الخافتة جفون تلك الناعسة..حاولت فتحهما ولكنها وجدت صعوبة بالبداية حتى إعتادت عليها..جالت بعينيها لتقع على الحديقة..حديقة؟..كيف وصلت عيناي إليها؟..الآن تذكرت أنها نامت على سور الشرفة بأحضان حبيبها..رفعت رأسها لتجده يُحدق بها بحنو..إبتسمت بنعاس وقالت برقة

-صباح الخير
-إبتسم جاسر وقال:صباح الورد
-سألته وهى تتمطع بجسدها:صحيت أمتى؟
-أرجع خُصلة ثائرة خلف أُذنها وقال بهدوء:أنا منمتش أصلاً
-سألته بتعجب إرتسم على ملامحها:إزاي منمتش؟..طب منمتش ليه!!
-أجابها بهيام:كنت بتفرج عليكي..بصراحة إستخسرت الوقت اللي هنامه وعيني متتملاش بيكي

إبتسمت بخجل..هى لا تقوى على حديثه..ولا تقوى على مُغازلاته..هو عاشق نعم..ولكن ألا حدود لعشقه..
وجدته ينهض بهدوء..ثم حملها ودلف بها إلى الداخل وأثناء ذلك حدثها بمزاح

-تقلتي يا روحي
-وكزته بغيظ وقالت بحنق بالغ:أنت شايلني أنا وبنتك..فـ إتلم يا جاسر..ها إتلم..

قهقه جاسر ليُغيظها أكثر..فزفرت بحنق على أفعاله..وضعها على الفراش وتمدد هو الأخر بجانبها..أعطته روجيدا ظهرها لتُظهر حنقها منه..ضحك على طفولتها..ولكنه وفي غضون ثوان..قفز الناحية الأخرى..مما جعلها تُطلق شهقة..وقبل أن تلتف..ثبتها بيده وقال بتحذير مازح

-إياكي تتلفتي يا روجيدا..ساعتها هتلاقيني فوقك مش جنبك

ثم تبع عبارته غمزة خبيثة أظهرت حقارة معناها..إصطبغت وجنتيها بحمرة خجل عقب أن فهمت مغزى عبارته...
إقترب بوجهه منها حتى أصبحت أنفاسه يستمدها من خاصتها..همس بصوت حنون وقال

-يلا كملي نوم
-سألته:وأنت مش هتنام؟
-فرد وهو يُملس بظهر يده على وجنتها:لأ هنام..بس لما أشبع منك..مع إني مبشبعش خالص يعني
-فعلت فعلته وملست على ذقنه النامية قليلاً وقالت بحب:لو أنت مش هتنام أنا كمان مش هنام..وأتعب بقى ويبقى ذنبي فـ رقبتك

ضحك بـ إستمتاع..وبعد تفكير دام ثوان..قام بـ إدارتها وهى مذهولة تماماً مما يفعل..ولكنها وجدته يلتصق بها..ويُحيط بذراعيها..وأصابعه تتشابك مع خاصتها..دفن رأسه في خصلاتها يأخذ شهيق عالً..وهمس بجانب أُذنها بنبرة ساحرة أجفلت جسدها كله

-لو عنيا مش هتشوفك..لازم أشم ريحتك ع الأقل...

تبع قوله قُبلة خلف أُذنها..ثم نزل إلى عُنقها وعاد يدفن رأسه في خُصلاتها التي تُثير جنونه بشدة..إبتسمت بسعادة ثم أغمضت عيناها تستمتع بفيض مشاعره التي يغدقها عليها ببذخ..يُخطئ ويجرح..ثم يعود ويندم..يعتذر بطريقته الخاصة..وكم تعشق تلك الطرق!...

************************

لم يغمض له جفن عقب ذلك الحدث بالأمس..كم كره ذلك الحديث المقيت والذي جعل أخر ذرات تعقله تنهار..أخذ شهيق قوي وهو يتذكر أحداث أمس

"عودة إلى أمس"

كتمت شهقة عنيفة خرجت منها بجزع..قذف تلك القنبلة بوجهها ليتركها تُعاني من أثارها وحدها..نظر لها بـ إحتقار وهو يتحدث بنبرة قاسية

-خير إتخضيتي ليه؟..مفكرة إن مفيش حد هيعرف بـ وساختك
-شهقت نور وقالت بحدة:صابر!!..عيب اللي بتقوله دا
-صرخ بشقيقته بحدة وقال:أسكتي يا نور
-ردت بغضب:لأ مش هسكت..ع الأقل متشوهش صورتها قدامي

وهى تُتابع ما يحدث ببكاء..دموع ملتهبة تحرق وجنتيها..بينما زفر صابر بضيق فـ شقيقته مُحقة..حانت منه نظرة خاطفة تجاه القابعة بجانبه ليجدها تنتحب بصمت وعيناها تُظهر إنكسار..زفر مرة أخرى ثم أدار مُحرك السيارة وإتجه بها ناحية منزلهم..إلتفت إلى نور وقال لها بصرامة

-إطلعي فوق وأنا هوصلها وأجيلك
-ردت قبل أن تخرج:طيب
-فتابع صابر بصوت عال وهو ينظر من النافذة:ولما تطلعي بصيلي من البلكونة طمنيني

أماءت برأسها ثم ركضت ناحية البناية..نظر صابر إلى أعلى مُنتظر شقيقته حتى تصعد..وما هى إلا دقائق حتى وجدها تُلوح له..فبادلها ثم عاد ينطلق بسيارته...

صمت كل ما هو يشغل الهواء صمت..صمت يطبق على كِليهما..نظر لها من طرف عينه البُنية..فوجدها لا تزال تبكي..زفر بغضب حقيقي..ثم تشدق وهو يُمرر أصابعه في خُصلاته السوداء

-بطلي عياط

نظرت له شزراً ولم ترد..فـ أثارت حنقه..أوقف السيارة في مكان شبه خال..نظرت له مرة أخرى بتوتر وتساءلت نظراتها..فقال لها وهو يُطفئ المحرك

-مش متحرك من هنا إلا لما تبطلي عياط..ولو مبطلتيش أنتي حرة أنا مورايش حاجة

تطاير شرر غاضب من عينيها..وعلى حين غرة ظلت تضربه في كتفه بغيظ..ذُهل بالبداية مما تفعله فضربته عدة مرات..حتى إستوعب الأمر وأمسك يديها بغضب..وصاح بها

-إيه أنتي إتجننتي ولا إيه؟..بطلي عبطك دا
-صرخت به بـ إهتياج:أنت حيوان..حيوان وحقير
-حدق بها بنظرات قاتمة وهتف من بين أسنانه:كلمة زيادة يا بسنت وقسماً عظماً لاهندمك وهطلع عليكي البلا الأزرق..

لم تستطع إخفاء نظراتها المُرتعدة ولكنها حاولت إظهار عكس ذلك ..فقالت بصوت مهزوز

-آآ..أنت..مـ..مفكر..آ..نفسك مين!!
-أجابها بتهكم:مراتي
-تناست نظراته المُرعبة وقالت بشراسة:مش مراتك..أنا مش مراتك

نظر لها بغضب فقررت إستفزازه أكثر

-أنا متجوزة ولا نسيت الورقة العرفي

ظلام كل ما وجدته في عيناه ظلام يكاد يبتلعها..توجست مما فعلته فها هى خرجت حروفها وهى تحمل معها البارود..وحقاً هو لا ينتظر ذلك البارود النافذ من حروفها حتى يشتعل..هو أساساً يشتعل غيرة وغضب..قربها منه بشدة حتى بات أنفها يُلامس خاصته..ومن ثم حدثها بهدوء حاد

-حسك عينك أسمعك بتقولي كدا تاني يا بسنت..أنا لحد دلوقتي لازم حدودي معاكي..فـ وربي وما أعبد لهتكون أيامك سودة معايا

يكفي لهذا الحد..أرعبها وبشدة..وعيناها تتذبذب بخوف بالغ..لاحظ هو ذلك القرب المميت منها..ولكنه لم يستطع الإبتعاد عنها..حدق بـ بنيتها بقوة تكاد تخترق روحها..ثم إنتقلت عيناه إلى شفتيها التي ترتجف رُعباً..فلاحظت هى نظراته..والتي زادت من رُعبها..إقترب بقوة أكبر وهمس في أُذنيها بما أجفل جسدها

-كل دا هيكون فـ يوم ملكي..وجوازك العرفي أنا هنهيه بـ إيديا

أنهى كلامه..ليقول في نفسه"وما المانع في قُبلة بريئة؟"..لم يكن العقل في حالة تسمح له بالنفي..ليقول له قلبه"لم يرد العقل..إذاً ما المانع؟"..وإستجاب لقلبه..وقبلها..قبلها ثم تركها هائمة..لا ترد..فهى كانت في حالة يُرثى لها..أدار المُحرك ثم عاد بها إلى منزلها..وطوال الطريق لم يتحدث أحدهما...

"عودة إلى الوقت الحالي"

وعند ذكر القُبلة إبتسم صابر بشغف..فقد حصل على أولى قُبلاته منها بشكل رائع.وهى مُرتجفة..عشق ذلك الشعور وعزم على تكراره...

*********************

نهضت تتثاءب لتجده يجلس بجانبها على الفراش بزيه الرسمي بالإضافة إلى ذلك المعطف الثقيل الذي يرتديه فقد بدأ البرد يزحف إلى البلاد ..نهضت تعتدل وسألته وهى تحك رأسها

-رايح فين يا حبيبي؟
-قبل وجنتها وقال بـ إقتضاب:أنا مسافر 

نهضت على رُكبتيها بغتة وسألته بتوجس

-فجأة كدا!!
-جذبها في عناق حنون وقال:مش فجأة يا قلبي هو كان من زمان بس الوقت مكنش يسمح إني أفاتحك
-حدثته بحزن:طب..طب أجي معاك

أبعدها عنه سريعاً وتمتم بذهول وهو يُحدق بها

-بتهزري صح؟..تيجي معايا إزاي وأنتي كدا!!

أشار إلى بطنها المُنتفخ..لتنظر إلى مكان إشارته..ثم رفعت عيناها مرة أخرى إلى عيناه..فأكمل حديثه بعتاب

-مش فاكرة لما سافرنا قبل كدا تعبتي إزاي!..مش هينفع دلوقتي خصوصاً إنك فـ الرابع

نكست رأسها بحزن..وضع يده أسفل ذقنها ورفعها ليجد العبوس والتهجم قد إحتل ملامحها..فضحك هو على طفولتها..فطمأنها بكلمات صغيرة

-مش هتأخر عليكي يا حبيبتي..والله السفر دا على عيني مش قادر أبعد عنك ولو يوم..بس غصب عني

وجد دموعها تنحدرعلى وجنتيها..وضع يده خلف عنقها وجذب رأسها ليدفنها في صدره ليسمع شهقاتها التي مزقت نيّاط قلبه..فقال بهدوء

-والله مش هتأخر هما يومين بس..متعيطيش عشان أنا بتعب

إبتعد عنه وأزالت دموعها وقالت 

-أهو عشان مش تتعب..بس متتأخر
-إبتسم بحنو وقال:حاضر

ثم قبل كِلا وجنتيها..ثم إنتقل إلى شفاها يضمهما في عناق ساحق..وإبتعد عنها بعد مدة ثم عاد يُعانق نحرها في لثمة أعنف..تركت أثرها عليه..فهمس بنبرة عذبة

-هرجع قبل ما العلامة دي تروح

إبتسمت بخجل فعاد يُلثم جبينها ثم رحل..وهى لم تمنع دموعها من النزول والتسابق....

**********************

رفعت عن عيناها نظارتها الشمسية و وضعتها أعلى رأسها..تنتظر أحدهم..دقائق و وصل من تنتظره..لوحت له ليراها..فتقدم منها ومد يده يُصافحها..ثم جلس فسألته سُهيلة 

-جبت اللي قولتلك عليه؟
-رد عليها بمكر:عيب عليكي

ثم أخرج من جيب بنطاله مظروف أصفر صغير..إلتقطته هى منه بلهفة..فضته ونظرت على محتوياته على عجالة..وإبتسامتها تتسع..نظرت له بسعادة وقالت

-حلو أوي..تمام زي ما طلبت وأحسن
-حك الرجل ذقنه وتنحنح قائلاً:طب والمعلوم

نظرت له بـ إبتسامة ماكرة..ثم تشدقت بخبث

-فالحفظ..بس هتاخد جزء دلوقتي وجزء بعد التسليم
-فقال الرجل بعدم فهم:وأنا مالي ومال التسليم
-ما هو دا إتفاق جديد

ضيق عيناه لعله يستشف ما تنويه..ولكنه تحدث بطمع

-بس لو إتفاق جديد..يبقى كله بتمنه
-إبتسمت وقالت:معاك حق فعشان كدا قولتلك جزء وجزء
-يعني؟؟
-إعتدلت في جلستها:يعني هتاخد فلوس اللي عملته..وفلوس تانية بعد التسليم..أنت اللي هتسلم
-فرد عليها بلؤم:أسلم أمتى!
-أراحت جسدها على مقعدها وقالت:مش دلوقتي..كله فـ وقته حلو....

************************

إعتكفت تلك الغرفة عقب ما فعله ويفعله..مراد تفنن حقاً في إنتقامه وهو إذلالها..بكت دينا ولعنت حماقتها وطمعها الذي أوداها وراء الشمس..سمعت صرير الباب ومراد يدلف..نهضت سريعاً وتوجهت ناحيته..ومن ثم بكت بحرقة أكبر وقالت بتوسل

-خلااااص أستويت يا مراد أسفة والله..بس كفاية كدا

جذبت يده تُقبلها وقالت ببكاء ونشيج

-أبوس إيديك يا مراد

ولكن عيناه كانت جامدة..قبض على ذقنها ورفع رأسها..ثم مال على أُذنها يقول بهمس خبيث

-من يومين يا دينا!..هو أنا لسه عملت فيكي حاجة!

جحظت عيناها مما يقوله..ولكنها تلوت بألم وهى تراه يقبض بشراسة أكبر على ذقنها..وأكمل تهديده

-والله يا دينا لأسففك التراب سف..
-حاولت إخراج حروفها:خـ..خلاص..آآ..عشان..عشان..خاطري
-فرد بجمود:ملكيش خاطر عندي

ثم دفعها بحدة لتسقط على الأرضية..فمال إلى مستواها..وأمسك خُصلاتها تأوهت هى بألم فـ أكمل حديثه بتوعد

-دا أنت حتى يا **** معملتيش حساب جوازنا ورايحة تقولي لابن الصياد إنك مراته..يا شيخة إتقي الله
-صرخت بألم وتوسلته:حرمت..والله حرمت..إرحمني أنت
-شدد قبضته على خُصلاتها وهتف بحدة:أرحمك!!..أنتي متستاهليش الرحمة..أنتي اللي زيك ملهوش غير العذاب..وأنا بقى اللي هعذبك

نهض ثم نزع عنه سترته وشمر عن ساعديه..وهى تنظر له بتوجس..حل عنه حزامه ولفه على يده..فجحظت عيناها بهلع كبير وتوسلته بنحيب

-لألأ..بلاش والنبي..أسفة..أسفة والله يا مراد مش هكررها
-فرد بتهكم:منا عارف إنك مش هتكرريها..بس لازم تتربي مش مراد النويهي اللي جربوعة زيك تضحك عليه

وهنا وماتت الحروف..فـ إنقض عليها كالوحش يُعذبها ويكيل لها الضربات..وهى تبكي وتصرخ بألم..حتى خفتت صرخاتها تدريجياً وكذلك أنفاسها....

**************************

جلس في مقعده المُخصص بالطائرة..شارد قليلاً فيما سيحدث..أخرج هاتفه وظل ينظر إلى صورة زوجته..ملس على شاشته بأطراف أصابعه كم إشتاق إلى لمساتها..لم يغب سوى ساعتين..ساعتين وإشتاق لا يعلم كيف سيستطيع الإبتعاد عنها لمدة يومين..ولكنه شئ لابد منه..أغمض عيناه بعدما أطفئ هاتفه عله يُريح قلبه من ألم البُعد...

وبعد إثنتا عشر ساعة وصل إلى وجهته..خرج من المطار ثم دلف إلى إحدى السيارات المصطفة والتي تنتظره..إنطلقت السيارة إلى وجهتها..أخرج جاسر هاتفه ثم تحدث مع أحدهم

-أيوة يا أستاذ يحيى أنا وصلت
-فجاء صوت يحيى يسأله بتأكيد:متأكد من اللي بتعمله يا جاسر!
-فرد جاسر بـ إصرار:أيوة..أصلاً معنديش حل تاني
-هز يحيى رأسه وقال بجدية:تمام..وأنا هقوم بـ الازم من عندي
-رد جاسر بـ إقتضاب:تمام..مع السلامة

ثم أغلق الهاتف..نبهه السائق بأنهم قد وصلوا إلى وجهتهم..أماء جاسر برأسه ثم نزل من سيارته ووضع نظارته الشمسية...

************************

بعد يوم شاق طويل من العمل وصل إلى منزله وهو مُنهك..كذلك زوجته لم تكن بالمنزل فهى الأخرى سافرت من أجل العمل...دلف إلى المنزل ثم توجه ناحية المطبخ..إرتشف بعض قطرات الماء وخرج وبيده زجاجة عصير..
نزع قميصه القطني وقذفه بـ إهمال على إحدى الأرائك فزوجته بالطبع ليست هنا..وقبل أن يرتشف من زجاجة العصير سمع صوتاً ما يأتي من غرفة نومه..
أخرج مسدسه من جيب بنطاله..وصعد إلى أعلى بتهمل وحرفية..حتى وصل أمام الغرفة..فتح الباب بهدوء وحذر..ثم دلف جال بنظره في الغرفة حتى إستدار سريعاً ناحية الصوت الذي خرج من أحد الزوايا وهو يقول 

-أهذا هو كرم ضيافتك ستيف؟

جحظت عينا ستيف بدهشة حقيقية من ذلك الماثل أمامه بكل ثقة وعنجهية..ليردد بصوت مشدوه

-جاسر الصياد!!....

تعليقات



×