رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل السادس عشر 16 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل السادس عشر

مُصابٌ بك..

فكلما إشتقت إليك....ساء حالي

وقف ستيف برهة يستوعب وجود جاسر في منزله..فصدح صوت جاسر يُحدثه وهو يقترب منه بخطوات مُتمهلة

-ما بك يا رجل؟..ألهذا الحد وجودي يُمثل صدمة لك بتلك الدرجة!

أخفض ستيف سلاحه ثم وضعه بمكانه المُخصص وتشدق بهدوء

-ليس ذلك ولكن روجيدا لم تُحدثني..ولم تُخبرني بقدومك

وقف جاسر قٌبالته ومن ثم باغته بلكمة..ذُهل تماماً ستيف مما حدث..في حين قال جاسر

-هذه لأنك تخطيت حدودك مع زوجتي

و أيضاً باغته بلكمة أخرى وقال

-هذه لـ الأيام التي لم أعرفها بها

لم يستطع ستيف التحرك قيد إنملة مما حدث..مسح خيط الدماء الذي إنسل من بين أسنانه..وحدث نفسه قائلاً بتعجب

-أهو معتوه؟
-هيا ستيف هناك عدة أمور تنتظرنا

تحرك جاسر من أمامه ثم نزل إلى أسفل وتبعه ستيف وهو لا يزال مشدوه مما حدث..

جلس جاسر بـ إريحية على الأريكة الوثيرة..بينما ستيف جلس أمامه وهو لا يزال عاري الصدر..قذف جاسر القميص الخاص به وقال بتهكم

-خد أستر نفسك

عجز ستيف عن فهم ما تفوه به جاسر فـ سأله مُستفسراً

-ماذا قُلت الآن؟
-إبتسم بـ إصفرار وقال:إرتدي ثيابك..ستُصاب بالحمى
-أماء برأسه وقال بخفوت:حسناً

إرتدى ستيف ملابسه ثم نظر إلى جاسر وسأله بجدية

-حسناً جاسر..ماذا هُناك؟
-وضع جاسر ساق على أختها وقال بنبرة غامضة:رأس مارتن...

************************

بدأت في إعداد الطعام حتى موعد وصول زوجها..فهى ولـ المرة الأولى مُنذ زواجهم تقوم بمثل ذلك الفعل..رصت الأطباق على الطاولة..وما هى إلا ثوان حتى ودلف أكرم..إشتم الأخير تلك الرائحة الرائعة..فوضع حقيبته أعلى طاولة بجانب الباب..ثم توجه بعد ذلك إلى المطبخ ليجد زوجته تقوم بـ إعداد أشهى المأكولات..لثوان أو دقائق لم يستوعب ذلك الفعل منها..فهى مُنذ أكثر من خمسة أشهر لم تتحدث معه..والآن تقف لتقوم بـ إعداد طعامه كأي زوجة..

شعرت بأن هُناك أحداً ما خلفها إلتفتت لتجد أكرم يقف خلفها وعلى وجهه إمارات التعجب..إبتسمت..فقط إبتسامة صغيرة من ثغرها الكرزي قد أطاح بعقله..وما زاد صوتها الرقيق الذي عُزفت حروفه بسمفونية عذبة..

-أنا جهزت الأكل..أكيد جعان مش كدا!

حل ازرار حلته ثم نزعها عن جسده وقال بصوت أجش

-كدا ونص وتلات إربع كمان
-ضحكت بخفوت ثم قالت برقة:طب روح غير هدومك وتعالى عما أكون خلصت
-ماشي

قالها وإستدار وعقله في دوامة تعصف به بلا هوادة..ما سبب تلك الرقة وما سبب ذلك الأهتمام المُفاجئ...

مدة وعاد ليجدها إنتهت وبدأت في وضع الحساء بالأطباق..تلذذ هو بتلك الرائحة وقال 

-الله..الريحة حلوة أوي
-نظرت له وإبتسمت..ثم قالت:بالهنا والشفا..يلا إقعد

جلسا وبدآ في تناول الطعام في صمت..حتى قطعه أكرم بسؤاله الفضولي

-ليه كل دا؟..يعني إيه التغيير المُفاجئ دا؟

إبتلعت ما في جوفها بصعوبة..فهى علمت أنه سيسأل ذلك السؤال ولكنها لا تعلم ما إن كانت هى من ستستطيع الإجابة..أعاد هو سؤاله مرة أخرى بصوت حازم بعض الشئ

-جاوبي يا نيرة أكيد كل دا مش لله وللوطن!
-إزدردت ريقها بتوتر بالغ وقالت بتلعثم:هو..آآآ..يعني أكيد..مش بالظبط
-ضرب بقبضته على الطاولة بطريقة أجفلتها ليقول هو بحدة:نيرة..من غير مقدمات..إتفضلي وضحيلي أسبابك
-أغمضت عيناها وقالت بسرعة قبل أن تخونها شجاعتها:عاوزة نبدأ من جديد وكأننا نعرف بعض من دلوقتي....

*************************

لم تخرج من غرفتها مُنذ أمس لا تأكل ولا تشرب..ولا تسمح لأحد برؤيتها..شاردة في أفكارها..كيف تجرأ هذا الأحمق على إغتصاب عُذرية شفاها..نعم بالرغم من زواجها الغير شرعي إلا أنه لم يقترب منها..ولكن ما أثار حفيظتها أن شفتاها قد تورمت بفعل شفاه الغليظة..مفعولها دام لأكثر من يوم..فنهضت فجأة عن مقعدها وصرخت بحنق

-الحقير..إزاي يسمح لنفسه يبوسني؟..حيوااااان

وعلى إثر الصرخة..وجدت هاتفها يصدح بنغمته الصاخبة..جلست ثم تطلعت على الهاتف لتجد رقماً ما يتصل..ضغطت على زر الإيجاب وقالت بخفوت

-ألو!!
-ليأتيها صوته المُشاكس:حياتي وحشتيني
-شهقت بعنف..ثم قالت بحدة:ولك عين تتصل يا بجح..يا لطخ..يا آآآ..
-قاطعها بحدة:بسسس..إيه ماسورة شتيمة وإتفحت..قولتلك يا بوسي لو فكرتي تغلطي معايا مش هيعجبك العقاب

سكت قليلا..بينما هى تعُض أناملها غيظاً من وقاحته..لتسمعه يُكمل بنبرة خبيثة

-ولا أنتي حبيتي العقاب..تصدقي أنا كمان حبيته ومعنديش مانع أكرره
-لترد عليه بشراسة:طب فكر كدا تعملها تاني..عشان أخليك تندم ع اليوم اللي عرفتني فيه
-قهقه بشدة ثم تبعها قوله المازح:أمووت فيك يا واد يا شرس أنت

أغلقت الهاتف في وجهه..بالفعل يتفنن في إثارة حنقها وغيظها..نظرت إلى الهاتف بظفر..لتجده يتصل بها من جديد..لم ترد ليتوقف عن الرنين ليعود ويصدح وهى لا تُعيره أدنى أهتمام..ولكن بعد مدة وصلها صوت يُعلن عن وصول رسالة..أمسكت هاتفها ثم فتحته..لتتسع عيناها بدهشة وهى تقرأ نص رسالته"ردي يا بسنت أحسنلك وإتقي شري..وعارفة لو مردتيش والله لاكون عندك فـ أوضتك وهجرك من شعرك.."

من يظن نفسه؟..أحمق ماذا يُريد مني ذلك المعتوه؟..صوت الهاتف أجفلها من شرودها لتضع الهاتف على أُذنها وقبل أن ترد سمعت صوته الحاد يقول

-لو اللي حصل دا إتكرر تاني متلوميش إلا نفسك
-سألته بغيظ:أنت عايز إيه؟
-أجابها بوضوح:عايزك...

صمتت فقد عجز لسانها عن الرد..ولكن صوت إنفاسها قد إرتفع والذي أعلن عن عدم إنتظامه..وصله صوت وتيرة أنفاسها..تنهد صابر بقوة ثم تشدق بجدية

-إسمعي يا بسنت عشان كلامي مش هعيده..أنتي هتبقي مراتي..سواء شئتي أو رفضتي..وبالنسبة لجوازك العرفي أنا هنهيه..

ولكن كلماته وكأنها زادت من حدة توترها ليسمع صوت أنين مكتوم وكأنها تُريد البُكاء..صمت صابر قليلاً يترك لها بعض المساحة..إلا أن صمتها كاد يخنقه..فقال بضيق قد طغى على نبرته

-مترديش يا بسنت ومش عاوزك تردي..بس عاوزك تعرفي إني هنفذ كلامي..والنهاردة
-سألته بصوت مرتعد:هو إيه اللي النهاردة؟
-أجابها بجدية:جوازك..وقدامك شهور عدتك هنطلك فيها كل شوية..وهتعرفي تعودي نفسك ع وجودي..سلام

وقبل أن يتسنى لها الرد أغلق الهاتف..وهو يسب ويلعن ذلك الحظ..لا ليس بحظ بل الحب الذي أوقعه صريعاً لتلك الفتاه المجنونة....

*****************************

يجلسان في ذلك الملهى الليلي بعد وقت طويل من التخطيط..يضع جاسر ذلك الجهاز بداخل ثيابه..ليسمع صوت ستيف من الجهه الأخرى

-أمتأكد أنت مما تفعله!
-جاسر وهو يُمرر أنظاره على رواد المكان:نعم..وأعي ذلك جداً
-تنحنح ستيف قائلاً:أُريد أن أُحذرك..تلك الفتاه قادرة على إغواء الرهبان
-حدثه جاسر بلا مُبالاه:ليست قاردة على إغواء جاسر الصياد..فأنا لستُ براهب..ولستُ بمارتن
-توتر ستيف وقال بعد أن نظف حلقه:آآ..ليس مارتن وحده

صدح صوت قهقهات جاسر بشدة..ليقول بصوت خفيض لم يصل إلى مسامعه

-ما إكمنك حمار..

تضايق ستيف كثيراً من سخرية جاسر منه..فقال بضيق

-جاسر الصياد..لا تجعلني أشعر بالندم لقولي ذلك
-كبح جاسر ضحكاته وقال بجدية مُصطنعة:لا عليك..فكلنا نُخطئ
-حسناً..كيف هى الأ..
-قاطعه جاسر قائلاً بلهفة:أصمت..لقد وصل هدفنا
-إنتبهت حواس ستيف لما يقول..وقال:حسناً..لا تنسى إتفاقنا
-حسناً

قالها جاسر بـ إقتضاب..وهو يُتابع تلك الشقراء الفاتنة..فخُصلاتها سلاسل من الدهب..وعينان زرقاوتان قادرتان على إيقاعك صريعاً بنظرة خاطفة..بشرة بيضاء حليبية وجسد ممشوق..بل منحوت من الشمع..شفاه ممتلئة مُلطخة بحمرة مُثيرة..وتلك الشامات البالغة الإثارة التي تمتد من أسفل فمها حتى عنقها..

تفحصها جاسر وقد إرتسمت إبتسامة سُخرية على محياه..فـ بالرغم من جمالها الصارخ..إلا أن ثمرة الفراولة الخاصة به لا تزال أجمل النساء..وأكثر إثارة ممن تدعي أنها أيقونة الإغراء..معشوقته الثائرة..هادمة حصونه..وأه كم إشتاقها..يُريد أن ينتهي سريعاً حتى يعود ويسحق عظامها في عناق..فاق من شروده على صوت ستيف وهو يُنبهه

-جاسر..إنها قادمة نحوك إستعد
-حسناً

إعتدل جاسر في جلسته..وإختلس النظرات من طرف عينه..ليجدها تجلس بجانبه..ضحك بتهكم فقد تأكد من حدسه..هى تعرفه بل وتعلم من هو تمام المعرفة..وكذلك تأكد أنها تُريده..وهو سوف يُعطيها ما تتمنى

************************

خرج الطبيب من الغرفة..فتوجه ناحيته مراد بفتور..ليقول الطبيب بـ إنفعال

-اللي حصل دا مش هسكت عليه..المدام إتعرضت لضرب بطريقة وحشية..أنا هبلغ البوليس

أخرج هاتفه من يده..ليقبض عليه مراد بقبضة حديدية وجذبه من تلابيبه وحدثه بهدوء حاد

-معلش سمعني كدا قولت إيه!
-إرتعدت فرائص الطبيب..ولكنه حافظ على ثباته الزائف:آآ..أنا..هـ..هقدم بلاغ
-جز مراد على أسنانه وقال بشراسة:طب مع السلامة بقى..عشان كمان شوية وهتحصل اللي راقدة جوة دي

دفعه مراد من ملابسه ناحية الباب..فترنح الطبيب على إثرها..وبعد أن إستعاد توازنه هرول إلى الخارج..ولكنه عزم على إبلاغ الشرطة بما حدث..

بينما مراد في الداخل توجه ناحية الغرفة لتلك الراقدة بالداخل..وبداخله أيضاً حمم..حمم بركانية بالغة الحرارة..

دلف الغرفة ليجدها طريحة الفراش..فقط أنفاس خارجة وأخرى دالفة تدل على أنها قيد الحياه..إقترب منها بخطوات ثابتة يضع يديه في جيب بنطاله..وكأنه لم يذنب  بحقها..جلس بجانبها على الفراش..وملس بيده الخشنة على وجنتها المشوهة..ثم مال على أُذنها وهمس بفحيح أفاعي

-حتى الموت مش هيرحمك مني يا دينا...

****************************

-كأس مارتيني من فضلك

تشدق بها جاسر في شئ من الضيق..هو لا يشرب الخمر..ويكرهه ولكنه أُرغم عليها..وضع النادل الكأس أمامه فأمسكه هو بأصابع خشنة..ولكنه لم يقرب إلى فاه..بل ظل يتلاعب به بين يديه..وأبدع حقاً في رسم تعابير التجهم والضيق على وجهه..

تجلس هى بجانبه كأنثى النمر..شرسة وشامخة..تُراقبه بعين صقر..لا تُصدق أنه قد أتى بقدميه إليها..تطلعت عليه بعينيها الثعلبية لتجده يتلاعب بكأسه بين أصابعه الخشنة..تلك الأصابع التي حلمت هى بمداعبة جسدها بها..رفعت زرقاوتيها إلى تعابير وجهه المتجهمة..ثم أخفضتها مرة أخرى ناحية يده..فأمسكت يده بحركة مُباغتة وهى تقول بدلال 

-إن كنت لا تُريدها..فأنا سأشربها

إلتفت إليها ونظر لها بقوة أدمتها..ثم أخفض مستوى بصره إلى يديها التي تتراقص بين أصابعه..نظرة تهكمية ومُشمئزة رمقها بها..ولكن جماحها قد أعمى بصيرتها عن ذلك..سحب يده ونظر لها ثم تشدق بفتور

-حسناً..فانا لا أرغب اليوم
-ما بك عزيزي؟

قالتها وهى تسحب الكاس من بين يديه..نظر لها بعدم فهم مصطنع..وسألها

-ماذا تقصدين؟
-مالت بجسدها عليه وقالت بهمس يُذيب الصخر:عيناك..عيناك الثعلبية بها حُزن..وسأكون سعيدة بمحوه..

أخفى جاسر ضحكه تهكمية كادت أن تنفلت منه إلا أنه كبحها وأكمل حديثه بحزن مصطنع

-لا أحد يستطيع محو حزني
-أهو حب؟
-أجابها بنبرة ذات مغزى:لا..بل عشق

تجرعت من كأس المارتيني الخاص به..وضعت الكأس وإستندت بمرفقها على العارضة الخشبية التي أمامها..وكفها يسند رأسها..ثم حدثته برقة زائفة

-أروي لي..وأنا سأسمع برحابة صدر
-مال عليها بخبث وقال:بل أُريد أن أنسى

تطلع على جسدها والذي يظهر بشدة من أسفل ثيابها

-فهل تستطيعي!
-ضحكت ضحكة رقيعة وقالت بمكر:بلى أستطيع..ولكنك تعشق زوجتك..كما قُلت
-إبتسم بخبث وقال:ولكني لم أقل أنها زوجتي قط

إرتبكت قليلاً ولكنها إستدركت نفسها سريعاً..مُستخدمة سلاح أنوثتها الطاغية وقالت بتلعثم خفيف

-آآ..لقد خمنت عزيزي..خمنت
-أرجع رأسه إلى الخلف وقال بعدم تصديق:حسناً..عزيزتي لقد صدق تخمينك..هى زوجتي
-فسألته بجدية:ولما تُريد خيانتها؟
-همس بسحر يعلم تأثيره عليها:ولما تعتقدين أنني سأخون
-فردت بعدم فهم:ماذا تقصد؟
-هيا بنا نذهب إلى أحد الفنادق وسُأخبرك فيما بعد

قالها بوقاحة..ثم غمزها..لتصدح ضحكاتها بقوة..نهضت تتأبط ذراعه..فأبعدها عنه بـ إشمئزاز خفي وقال بصوت جامد

-ذراعي يُؤلمني..سيري بجانبي فقط
-حسناً لا بأس

وسارت أمامه..بينما سار خلفها..فبصق هو بصوت خافض..فهى تتعمد التمايل أمامه لكي تُثير غريزته الذكورية بها..ولكنه على العكس..تُثير إشمئزازه فقط..رمى ببصره ناحية ستيف والذي تابع الحديث الدائر بينهما بصمت..فغمزه جاسر..ففهم الأول ما يرمي إليه..نهض خلفه وحدثه بخفوت

-أنا خلفك..وسأكمل الجزء الخاص بي من المُخطط..

صمت ستيف وهو ينظر إلى جاسر الذي أماء له دليل على فهمه مغزاه..فحذره ستيف قائلاً بصرامة

-جاسر لا تتمادى بأفعالك معها

لم يلتفت جاسر لقول ستيف ولم يُعره أدنى أهتمام..ولكنه حدث نفسه قائلاً بـ إبتسامة عاشقة

-هى فقط..وماتت النساء في عيني.....

تعليقات



×