رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل السابع عشر 17 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل السابع عشر

وما بين هذا وذاك..وجدتك
وما بين حبٌ وحب..أحببتك
فعهدي لكِ حمايتك..
وعهدك لي هو فؤادك..

دلف خلفها الغرفة دون نبس حرف..أغلق الباب ثم توجه ناحية الداخل..فوجدها قد نزعت عن قدميها حذائها ذو الكعب العالي وكذلك معطفها..وتسير حافية في أنحاء الغرفة..تطلعت بنظرات سريعة متفحصة فقالت وهى تستدير لمواجهته

-بسيطة..لكنها رائعة
-نزع معطفه هو الأخر وتحدث ببرود:الأشياء الرائعة..تكمُن في بساطتها..

توجهت ناحيته بدلال مصطنع..تذكر أول خطوات تفحصها في معشوقته والذي ظنه مُصطنع كما تلك..ولكنه إكتشف فيما بعد أن دلالها عفوي..يُذيب الصخر..فاق من شروده على يديها التي إلتفت حول عنقه كحية تخنقه..نزع يده عنها فعقدت ما بين حاجبيها..وتساءلت بتوجس قليل

-ما بك؟..ألم تقل أنك تُريد النسيان؟
-نظر لها بغموض وحدثها بنبرة مُماثلة:بالفعل..وهذا ما ستفعلينه..ولكن بطريقتي
-فسألته بدلال وهى تتلاعب بياقة قميصه:وما هى طريقتك؟..أظن أنها ستكون رائعة
-تقوس فمه بـ إبتسامة مُتهكمة قائلاً:ستكون أكثر من رائعة حلوتي..وأظن أنها ستحظى على إعجابك..

***************************

إنتفضت بفزع وهى تسمع صوته بالأسفل..وتصدح صوت ضحكاته وضحكه..تلك النبرة الرجولية الساحرة والتي تتناسب مع بشرته السمراء..ركضت سريعاً على الدرج لتتفاجئ به يجلس مع والدته والتي صمتت حينما رأت إبنتها..نهضت ناحيتها وحدثتها بهدوء وإبتسامة حانية إرتسمت على وجهها

-روحي إقعدي مع ضيفنا لحد ما الغدا يجهز

حدقت بها بصمت..بينما نظراته لم تحد عنها يتفرسها بنظرات جائعة تسعى إلى إشباع مُقلتيه بها..تحدته بنظرات صامتة ففهمها هو على الفور..إرتسمت إبتسامة واثقة..ثم تشدق بقوله

-بعد إذنك يا هاجر هانم..هقعد مع الأنسة بسنت شوية

ثم إنحنى يُقبل يدها برقي..فضحكت هاجر بـ خجل على فعلته تلك..وها هو حظى برضا والدته بينما هى تغلي بشدة مما يفعله..إبتعد عن هاجر ثم سحبها من يده خلفه إلى حديقة منزلها....
جلس وأجلسها بجانبه..ولم يترك يدها حدثته بغيظ

-ممكن إيدي!..ولا أنت خلاص صادرتها!!
-حدثها بـ إستمتاع:ومش هى بس يا قمر

غمزها بعينه اليُسرى..لتُتمتم بحنق على ما يفعله..كيف يُغازلها الآن وأمس كان يتحدث بتهديد!..أشاحت بوجهها بعيد عنه وسألته بجمود أجادته

-عملت إيه فـ الورقة؟
-شدد على قبضتها وأجابها بضيق:قطعتها وحرقتها

نظرت له بدهشة فقد ظنت أنه يُمازحها..أو يخدعها..ولكن ضيق نبرته جعلها تتأكد أنه لا يمزح..سألته بصوت مُتحشرج

-يعني مكنتش بتكدب!
-أجابها بجدية:وهو الموضوع دا فيه هزار!..عمتن يا بسنت عشان منفتحش الموضوع دا كتير أنتي هتبقي مراتي بعد شهور العدة
-نفخت بضيق جلي ثم قالت بحنق:صابر ما بلاش الإسطوانة دي عشان أنا وأنت عارفين أنك مش بدور غير ع اللي أنت عاوزه وبس..ترضي غرورك

وعلى حين غُرة جذبها من يدها ناحيته لتصطدم أنفها بخاصته..ومن ثم همس لها بحدة

-هتكوني مراتي يا بسنت..وأنا قولت ومبتكلمش من فراغ..وهتكوني ملكي..ملكي أنا وبس..

حدقت في بنيته..والتي تُشبه المتاهه في غموضها..لا تستطيع تفسير موقفه من إمتلاكها..أهو شهوة أم حب!!..توترت قليلا..بل كثيراً وهى تستشعر سخونة أنفاسه على وجهها..لتقول بتلعثم وحدة

-آآ..إبـ..إبعد عني
-همس بشرود:ليه!
-ردت بخفوت و قد توردت وجنتيها:قربك دا غلط..ومش هسمحلك تبوسني تاني

إنفرج ثغره بـ إبتسامة جذابة..ثم قال بهمس خبيث

-تصدقي نفسي أجربها تاني..أصلي لسه شايف أثرها
-شهقت بخجل..ثم حدثته بحدة:أنت قليل الأدب..وإعرف إن نجوم السما أقربلك مني..
-هو أنتي فاكرة نفسك بنت بارم ديله يعني!!
-نظرت له بسخرية ثم قالت بتهكم:لا بارم ديله..ولا بارم شنبه..وإتلم أحسنلك عشان أنا مش طرية وسهلة..

نظر لها بدهشة في بداية الأمر ولكنها تحولت إلى المكر عند سماع جُملتها الأخيرة..إتجه ناحية والدتها وقال بتحدي..

-الفرح إمتى يا حماتي؟!
-صرخت بسنت بحدة:ولا..فرح إيه!!

ثم ركضت خلفه والذي إتجه ناحية والدتها هاجر والتي تابعت ما حدث بينهما بخبث..فذلك اللئيم قد حدث والدتها وطلبها إلى الزواج منها..والتي وافقت بصدر رحب..

وقف صابر أمامها وخلفه بسنت والتي كانت تلهث..وزعت نظراتها عليهم ليتساءل صابر بتلهف

-ها يا حماتي
-متوافقيش يا ماما

نظرت لها هاجر بغموض قبل أن تتسع إبتسامتها بخبث..والتي فهمها على الفور فوضع يده في جيب بنطاله مُنتظر رد هاجر..الذي نطقته بفرحة

-مبروك يا صابر..بس الفرح تحددوه أنتو
-تمام أوي

قالها صابر وهو يكاد يقفز بسعادة..بينما بسنت تقف كالصنم..وهى لا تكاد تُصدق موقف والدتها والتي واقفت..وهى ستُصبح زوجة ذلك السمج عما قريب....

******************************

خرج جاسر من الغرفة وهو يُهندم ثيابه..إبتسامة ظافرة إرتسمت على شفتاه..فهو قد حصل على مُبتغاه دون مجهود يُذكر..خرج من الفندق..وإتجه ناحية سيارة ما وبداخلها ستيف والذي سأله بتلهف

-ماذا فعلت!..أكل شئ على ما يُرام؟

أماء جاسر بخفوت ولم يرد..إرتسمت تعابير الإرتياح على وجه ستيف والذي تشدق بعدها بجدية

-وماذا عن كايت؟
-نظر له جاسر ثم أجابه بمكر:تلك العاهرة!!..لم تأخذ من وقتٍ سوى دقائق..فهى هشة للغاية ويسهل كسرها
-سأله ستيف مباشرةً:وكيف فعلت ذلك؟
-نظر له جاسر بغموض وقال:ليس من شأنك
-فهتف ستيف بحدة:ولكن روجيـ...

لم يستطع ستيف إكمال عبارته..فقد جذبه جاسر من تلابيبه بشراسة وهدر من بين أسنانه

-لا أُريد أن أسمعك تتفوه بـ أحرف اسمها..

ثم دفعه بعنف..زفر ستيف بضيق وكذلك جاسر..ولكنه أجابه بهدوء عكس ما كان عليه

-ولكن على أي حال..لم أقرُب تلك العاهرة..فأنا لن أخون زوجتي..تلك المشكاه التي أضاءت عتمتي..فكيف لي أن أُحطمها..

إبتسم ستيف برضا..ثم سأله

-إلى أين؟
-أجابه جاسر بنبرة شيطانية:إلى منزل غريمنا..

إنطلق ستيف بسيارته..بينما أخرج جاسر هاتفه وقرر مُهاتفة زوجته من خلال أحد تطبيقات التواصل الإجتماعي(فيسبوك)..وألغى ميزة تحديد المواقع حتى لا تكتشف أين هو..وللحظ وجدها مُتصلة..فعزف بـ أصابعه سمفونية صامتة على هاتفه وأرسل رسالة

-وحشاني يا فرولتي
-جاءه ردها السريع:وأنت كمان..بس أنا زعلانه منك
-ليه بس!
-عشان بقالك كتير مش كلمتني
-إبتسم بحنان وكتب:والله يا قلبي من ساعة اما وصلت وأنا بشتغل عشان أعرف أرجعلك بسرعة..عشان كدا مبكلمكيش..وأسف
-وإبتمست بدورها وخطت:ولا يهمك..متتعبش نفسك..صحيح يا جاسر أنت مسافر فين؟

إرتبك قليلاً بالرغم من أنه يعلم أنها ستسأله..ولكنه يعلم أن زوجته ذكية وستعرف ما يفعله..نقر على هاتفه وكتب

-أمممم..حزري فزري
-مش تبقى رخم
-أنا لندن..بخلص شغل وجاي مش هتأخر
-سألته بشك:متأكد؟
-طبعاً يا قمر أنتي..المهم سيبك مني..عاوزك كدا تستريحي اليومين اللي جايين عشان لما أجي مش هسيبك ترتاحي

إنتظر قليلا..وقد إرتسمت ملامح الخبث عليه وهو ينتظر ردها عقب ما بعثه لها..ليصدح صوت ضحكاته وهو يرى ما خطت له

-مش هقول غير إنك مُنحرف 
-مازحها:يا شيخة..طب بذمتك مش فاكرة عملتي إيه قبل ما سافر!
-لأ مش فاكرة وإقفل بقى عشان أنام
-أنتي لسه..المهم كل حاجة تمام!!..البيت كويس وأنتي كويسة وأميرتي كويسة!
-أها كلنا كويسين..مش ناقصنا غير وجودك جمبنا
-إبتسم بعشق وكتب:وأنتو كمان وحشتوني..

نبهه ستيف إلى وصولهم..فتجهمت تعابير وجهه نوعاً ما..أماء برأسه ثم أكمل محادثته مع زوجته

-حبيبتي مضطر أقفل دلوقتي..هكلمك كمان شوية
-طيب يا جاسر..لا إله إلا الله
-سيدنا محمد رسول الله

كان أخر ما كتبه..ثم أغلق هاتفه..لمعت عيناه بوميض خاص وهو يرى هدفه.....

************************

أنهت حديثها مع زوجها..وضعت الهاتف قُرب فؤادها وتنهدت بشوق..وضعت يدها على بطنها وقالت بحنان

-أكيد بابي وحشك زي ما وحشني بالظبط..ربنا يجيبه بالسلامة

لم تستشعر روجيدا أي خطب..فـ قد أحرص جاسر إخفاء أثره وكذلك بعض المساعدات من ستيف حتى لا تعلم أين هو..وخاصاً مصادرها والتي كلها تحت تصرف صديقها والذي أمرهم بعدم إخبارها أي شئ..وإنصاعوا لما أمرهم به..

نزلت روجيدا لكي تجلس مع عائلة زوجها قليلاً..ولكنها سمعت صوت الباب..إتجهت ناحيته..فوجدت إحدى الخادمات القادمة..أشارت بيدها لكي تعود..فـ إنصاعت الأخيرة لكلامها..فتحت الباب لتجد سيدة ما تقف أمامها سألتها روجيدا بـ إستفهام

-مين حضرتك؟
-جاء صوتها يسألها بثبات:چاسر بيه إهنه؟
-كتفت روجيدا ساعديها أمام صدرها وسألتها بجدية:أنا سألت حضرتك سؤال..مش تردي عليا بسؤال زيه

نظرت لها السيدة بتفحص..فتلوى فمها بـ إبتسامة تهكمية..لاحظت نظراتها المُتفحصة لها..والتي تضايقت لها روجيدا كثيراً ولكنها أخفت حنقها..فسألتها روجيدا مرة أخرى بصوت حاد نسبياً

-قولت حضرتك مين!
-ردت السيدة بـ إزدراء:أكيد أنتي مرته..أنتي بجى بنت البندر
-نفخت روجيدا بضيق وإستغفرت بصوت مسموع:أستغفر الله العظيم..هتقولي أنتي مين ولا أنادي الحرس اللي بره؟
-ردت عليها بشموخ:الحرس دول هما اللي هچرچروكي برات الجصر دا

أنزلت روجيدا يدها بحدة وهتفت بصوت عال

-إحترمي نفسك لو سمحت..مش عاوزة أطاول عليكي بلفظ مش هيكون كويس ليكي وأنتي واحدة كبيرة
-فردت الأخرى بنبرة جامدة:معلاهش يا بنت الأصول..المهم جولي لچاسر الصياد اللي مش إهنه..إن اللي عمله مش هعديه واصل..هو اللي إبتدى والبادي أظلم وأنا مش هسيب حجي ولا حج المرحوم چابر الله يرحمه....

قالت كلماتها ورحلت..فغرت روجيدا فاها وهى تُتابع أثرها والذي بدأ في الإختفاء..علمت هويتها وما تنتويه..ولكن ما لم تفهمه هو كيف سمح لها الحرس بالخارج بالدلوف!..عصفت الأفكار برأس روجيدا هناك خطباً ما وشيئاً ما سئ على وشك الحدوث....

************************

دلف مارتن منزله يترنح بعدما قضى ليلة ماجنة في أحضان العاهرات..أغلق الباب بصعوبة..ثم توجه ناحية الصالون الخاص بمنزله..وما كاد يفتح الأضواء حتى دُهش تماماً من ذلك الجالس بكل أريحية على مقعده..وتلك الإبتسامة اللعينة ترتسم على فاه فأسرت الرعب بداخله..

صدح صوت جاسر والذي غلبت عليه نبرة الإنتصار..وهو يرى ذلك الحقير السكير أمامه

-إجلس يا رجل..ألن تُشاركني حديثي المُتواضع

حاول مارتن الإتزان في حديثه حتى لا يظهر عليه الثمالة أمامه

-ماذا تُريد يا جاسر!
-أشار جاسر بيده ليجلس وتشدق بهدوء:إجلس أولاً..فحديثنا سيستغرق وقتاً طويلاً جداً..هيا هيا

نظر له مارتن بتوجس..ولكنه جاهد لكي يبدو ثابتاً أمامه..خطى بخطوات مُترنحة..ثم جلس أمام جاسر..وتشدق بضيق جلي

-هيا قُل ما عندك..

نظر له جاسر ببرود قاتل..وهذا ما أسرى بنفس مارتن الخوف..فجاسر كما وصل إلى مسامعه..شخص داهية..خبيث وماكر..أخرجه من صمته صوت جاسر المُتهكم

-أخبرني ما أخبار كايت اليوم!..أحدثتها!
-عقد مارتن ما بين حاجبيه وتساءل:وكيف لك أن تعرف كايت؟
-قام جاسر بمسح أسنانه بلسانه وقال بهدوء:تلك الساقطة!..ومن لا يعرفها..ألم تكن الطُعم للإيقاع بي أليس كذلك؟

لم يستطع مارتن إخفاء دهشته..ملامح صدمته قد جعلت جاسر يضحك بهسترية وهو يُصفق بيده..ثم قال من بين ضحكاته

-أكنت تظن أنني لا أعلم؟
-مارتن بعدم فهم مُصطنع:وما هو؟

رمقه جاسر بنظرات نارية هادئة..ولكنها بثت الرعب في أوصال مارتن..بينما جاسر إرتسم على ملامحه الجمود وقال

-أتظن بأنني أبله؟..أنا من تركت لك المساحة لتعلم بحضوري إلى هُنا
-رد عليه مارتن بثبات زائف:لم أكن أعلم..فقد تفاجئت بوجودك هنا..بمنزلي

نهض جاسر عن مقعده..وأخذ يجول في أرجاء المنزل..ثم هتف دون أن ينظر له

-ألا ترى أنني أعلم الكثير..فلا داعي للكذب والخداع

لم يرد مارتن ولكن يده كانت تبحث عن شئ أخر..لمحه جاسر من طرف عيناه..فوجد ما يفعله تقوس فمه بتهكم ثم قال بسخرية

-لن تجده
-سأله مارتن بصدمة:ماذا تقصد؟
-ما تبحث عنه لن تجده..ببساطة هو معي

إلتفت جاسر ثم أزاح سُترته ليظهر سلاح مارتن..إنطلقت سبة من بين أسنانه..فضحك جاسر بـ إستمتاع وقال بخبث

-ألم أقل لك عزيزي!..قذر مثلك لا يستطيع خداعي
-زفر مارتن بضيق ثم تشدق بحنق:ماذا تُريد جاسر؟..

تقدم هو بُخطى هادئة ثابتة..صوت قرع حذائه على الأرضية الرخامية..جعلت مارتن بلا وعي يتعرق بشدة..مال جاسر عليه وهمس بفحيح أفاعي مُخيف

-رأسك.....

تعليقات



×