رواية عشق الذئاب الفصل السادس عشر 16 بقلم اسراء على


 

رواية عشق الذئاب الفصل السادس عشر بقلم اسراء على

ومالي لا أبوح بما يجيش في قلبي قبل نفسي..ومالي لا أحبك وأنت أمني..ومالي لا أرى بـعينيك مكر الذئاب..والآن….حان موعد إطلاق سراح الحب السجين…..


إنتباته مشاعر كثيرة لا يدري أكانت غضب!..حنق!!..أم ماذا..إختلفت المشاعر ولكن يبقى الأثر واحد..وهو عدم الثقة…


ظلت تنظر له علها تستشف ما بعد هذا الصمت القاتل..لمَ هذا الصمت..أهو الهدوء ما قبل العاصفة..ليقول هو بصوت قطع حيرتهم وصمت قد تشبع بتوتر هائل..صوت جامد كجمود الصخر..صلب ينم عن مدى قساوة الشخص الماثل الآن


رائف: مش عاوز أشوف حد..قوليلهم إني مش هنا يا رحمة


وليه يا رائف بيه..مش هنول كرم ضيافتك ولا إيه..


جاء هذا الصوت الرخيم الذي في طياته غضب عتيق..ليرد رائف بجمود جاحف


رائف: مش مستعد أقابل حد دلوقتي


محي وهو يتفحصه بنظرات شمولية: خير..يا رائف بيه مالك مبهدل كدا ليه


أنهى جملته لتطلع على تلك القابعة..الساكنة..الهدوء وسط براكين غضب..هالة من البراءة تشع من تلك الفتاه..ليست مناسبة لوسط رائف “الذئب,الفاسق” كما إعتاد التسمية..ليتشدق بصوت غلبته نبرة التساؤل


محي: مين دي؟


أشار عليها بيده لتنكمش المسكينة على نفسها..ومن ثم بحركة لا إرادية توجهت ناحية رائف وإختبأت خلف ظهره..ظهور نسخة شبيهه برائف الأسيوطي شكلاً..غير مطمأن بالمرة..أما رائف فهو جامد كالصخر لا يتحرك يبدو أنه في عالم أخر..سابح في ذكريات ماضي أليم..


أعاد محي سؤاله بجدية أكبر


محي: رائف..بسألك مين دي


أمسك يد المختبئة خلفه وشدد من قبضته عليها..نظر لها بأعين مُتيمة..ثم أعاد نظره لوالده مرة أخرى وقال بثقة يسبقها الفخر


رائف: مراتي


أنت بتقول إيه..


كان هذا صوت السيدة سعاد التي إسمتعت خلسة إلى الشجار الهادئ..نظر لها رائف بقساوة ومن ثم أردف بسخرية مُهينة


رائف: إيه مسمعتيش يا سعاد هانم..إيه كِبر السن أثر على سمعك


محي بنبرة غاضبة: رااااائف


نظر له رائف بـ إستهجان: إيه يا دكتور محي كلامي غلط..نظر لها ثم قال..مش كبرتي برضوا يا سعاد هانم بس للأسف السنين إللي كبرتيها معلمتكيش حاجة زي ما أنتي متغيرتيش نفس القسوة وشك باين عليه

إبتلعت إهانته ولم تلتفت لها..بالرغم من مرور عشر سنوات إلا أن رائف يشعر وأن جرحه قد حدث بالأمس فقط..وجهت نظراتها المتفحصة والتي لم تختلف عن نظرات إبنها..ثم تشدقت بصوت هادئ


سعاد: إسمك إيه يا بنتي؟


نظرت إسراء لها..وكادت أن ترد إلا أن نظرات رائف جعلتها تبتلع عبارتها داخل جوفها وقررت الصمت..نظر له والده بـ إستهجان وقال


محي: خايف عليها منا


رد رائف بجحود وغيظ: واللي زيكم ميتخافش منهم


تقدم طارق لكي يهدأ من هذا الجو المشحون ليقول بحكمة


طارق: رأوووف حبيبي..تعالى نتكلم أنا وأنت


ثم تقدم رائف ناحية أخيه وإحتضنه بـ إخوه كلاهما عاجز عن البوح بها أمام العامة..وكل هذا بسبب خطأ لا يُمكن غفرانه من وجهه نظر رائف..خطأ كان له الأثر والفضل الأكبر في تكوين شخصيته الآن…بينما رائف لم يتحرك قيد أنملة بل تشدق وقال

رائف: معلش يا طارق خدهم وأمشي..لو عاوز نتكلم تيجي لوحدك


طارق بذهول: رائف!!..إيه اللي بتقوله دا


رائف: دا إللي عندي


ألقى كلمته ومن ثم رحل وهو يسحب يد زوجته الساكنة خلفه لتوقفه سعاد بقولها المقهور


سعاد: هتفضل كدا لحد إمتى دا..قولي عرفنا هنفضل كدا لحد إمتى


ظل موالي ظهره وقال بجفاف: لحد ما أموت..الباب من هناك مش مرحب بيكوا هنا..


قالها ثم ذهب..خلف وراءه طيف..طيف مر بداخل عقولهم لما حدث..ذكرى لم ولن يندمل جرحها..ذكرى يعلموا جيداً أنها لن تختفي إلا بـ إختفاء صاحب الذكرى


بـ إحدي النوادي بالقاهرة


تجلس سيدة أربيعنية ذات جسد ممشوق وعينان بنية..وبشرة بيضاء يُغطيها نمش بسيط..حجاب يليق بسيدة مجتمع وملابس محتشمة..بيدها تتناول مشروب بارد عقب جلسة مليئة بالمشاحنات..لتزفربضيق


منال: أووووف..حاجة بجد تقرف

لترد عليها سيدة ما: معلش يا منال كله لله

منال وهى تفرك جبهتها: مقولتش حاجة..بس مش كله يرمي الحمل علينا

لترد سيدة أخرى: معلش يا منول

منال بـ إبتسامة هادئة: ربنا يجازينا خير..دا أهم حاجة..

سألت ثالثتهم: هو رائف ابن جوزك مختفي بقاله فترة..

نظرت لها منال بضيق ثم قالت بخنق: أظن رائف مش عيل عشان تسألي عليه ومختفي ولا لأ..واللي فـ دماغك دا تشليه يا نادرة..ماشي


قالت الأخيرة بحنق ثم أخذت حقيبتها ورحلت غاضبة..بخطوات متعجلة..خرجت من النادي وإتجهت لسيارتها التي ما أن رأها السائق حتى سارع بفتح الباب دلفت هى وأغلق هو من خلفها..وإتجه لمقعد السائق..لتقول منال بصوت يحمل الضيق


منال: إطلع ع الفيلا


أماء السائق برأسه وقاد السيارة بهدوء..أما بداخل النادي نهرتها السيدتان عما فعلته ثالثتهم


السيدة الأولى: عيب كدا كل مرة نفس الموضوع متبزهقيش يا نادرة


تأفأفت نادرة وقالت: هو أنا قولت حاجة غلط..عاوزة رائف لبنتي إيه اللي غلط فـ كدا

لتُكمل الثانية بحدة: إيه الغلط!! بتسألي كمان!!إنتي مش عارفة بنتك..بلاش دي رائف وعلاقاته!!..بلاش دي كمان بنتك واللي عملته فـ رائف..كفاية بقى

نادرة بغضب: أنا غلطانة أصلاً إني قاعدة معاكم..سلام


لملمت أشيائها ومن ثم رحلت هى الاخرى غاضبة لتقول داخل نفسها بتوعد وتُمني نفسها


نادرة: مبقاش نادرة إما خليتك يا رائف خاتم فـ صباع بنتي………………..


عودو لفيلا رائف الأسيوطي


وقفت رحمة تتابع ما حدث ثم تحدثت بصوت خافت متردد


رحمة: محي بيه معلش رائف بيه متضايق هو بيمر بظروف مش كويسة..


لتسألها سعاد بـ إهتمام: ظروف إيه؟


رحمة بتردد: معلش مقدرش أحكي..


تنهد محي بحرارة وضيق..فهو يعرف أن رحمة بئر أسرار لرائف..لم ولن تُفشي أسراره لأي شخصً كان..ليقول بحنو أبوي


محي: مراته دي كويسة؟؟


إبتسمت رحمة بعذوبة وقالت: تتحط ع الجرح يطيب..


سعاد بهدوء: خلي بالك منه يا رحمة..


نظرت لها بسخرية وقالت بحسرة: بتتكلمي جد يا سعاد هانم..


نظرت لها بحرج وقالت: أنا بس عاوزة..آآآآ..


قاطعتها رحمة وقالت: مش محتاجة تحتاجي حاجة من ناحيتي لرائف


وزع محي وطارق نظراتهم بين السيدتين..جو مشحون بشجن الماضي..حزن الحاضر..قسوة المستقبل..ماضي ولىَ..ولكن أثاره تمد لسنين..ليقطع طارق جاحز الصمت الغاضب وقال بمرح


طارق: دادة..بقولك إيه..حضريلي بكرة أكتر أكلة مبحبهاش عشان نعرف نتكلم

نظرت له رحمة وإبتسمت ثم قالت: حاضر يا حبيبي


طارق: ماشي..ثم نظر لوالده وجدته..يلا إحنا كمان


تحرك ثلاثتهم ناحية الباب..ليتلفت محي إلى رحمة وبعينيه لمعت نظرة الندم..أجلت قلبها الحزين..ليقول بنبرة أشد ندماً


محي: أسف يا رحمة..

أسف..كلمة لا تستطيع إصلاح..بل إعادة تجميع الروح المفتتة..روح تعذبت من أجل راحة أخرون..بماذا ستنفعني كلمة “أسف”ولما الأسف..أنت من أوصلتنا لتلك المرحلة اليائسة..مرحلة اللاعودة..

هكذا نطقت نظرة رحمة التي رمقته إياها..لتقول بهدوء عكس ما بداخلها من براكين ثائرة


رحمة: مفيش أسف بينا يا دكتور محي


ثم أغلقت الباب..توجهت إلى المطبخ وعيناها تفيضان بدمع قد حبسته سنين..لم تتخيل أن لقاء بارد,صغير كهذا..سيجلب جميع أوجاع الماضي وكأنها أمس…..


بالأعلى


دلف رائف لغرفته..ترك يدها وتوجه ناحية الفراش..تمدد عليه..


ظلت هى واقفة والحيرة تتآكلها..هى لا تعلم ما حدث ولما تلك المعاملة الجافة المُجحدة تجاة عائلته ولكن يبدو أن الأمر قد أتعبه بشدة…وأه منكِ يا حمقاء ألا تدري أن سبب كل تلك العداوة والكره تجاة عائلته أنتِ منبعها!!..ألا تعلمِ أنه حارب ويحارب وسيحارب من أجلك!! ليت قلبك الأحمق يفهم!!..أو أنه فَهم ويدعي الغباء..


نادها رائف بصوت ضعيف


رائف: إسراء..


نظرت له بشرود وردت: نعم


رائف: ممكن تيجي تقعدي جمبي..محتاجك..


وأه من قلب أحمق ضعيف..وأه من الطيبة والغباء..أهما وجهان لعملة واحدة!!..أم أن ضعفه الواضح وضوح شمس النهار؟..إتجهت ناحيته بتردد وخوف..دقات قلب تكاد تكسر ضلوعها ويهرب الفؤاد..جلست على طرف الفراش..أما هو ففي لحظات وضع رأسه على قدميها وقال برجاء


رائف: ممكن تسيبيني كدا..مش برتاح إلا وأنا جمبك..طمنيني..


ذهول..يعقبه دهشة..صراع بين القلب والعقل..الإنسانية والضمير..ففي الأول تضاد وفي الثاني تلاق..مشاعر مختلفة سارت بداخلها..حتى تمكنت منها..مترددة..أم خائفة لا تدري..ولكن ما تعلمه يقيناً..أنه يعشقها حتى النخاع لا تحتاج لدليل بيّن يكفي صدق العنين والكلمات..ولكن سؤال ظلت تردده مع نفسها…”كيف للذئاب أن تعشق؟”


ربتت على خصلات شعره بهدوء..حنان دافئ غلف حواسه..جعل يده تلتف حول خصرها..شعرت هى بـ يُتمه..ولم تزح يده أو ترتجف..هو أضعف من أن يؤذيها..بل أكملت ما تفعله يدها تتخلل خصلاته البنية..وكأنه طفلها..إبتسامة هادئة إرتسمت على وجهه ليردف بعدها بهمهمات مُتيمة


رائف: أنا إبنك..أنا يتيم من غيرك مينفعش أم تتخلى عن إبنها..مفيش إبن يقدر يبعد عن مامته..أنا إتيتمت بيكي قبل ما أكون إتيّمت بيكي..

برودة أطرافها..زلزلة مشاعرها..عصيان العقل قبل عصيان القلب..عقل يصرخ بالإقتراب..وقلب يصرخ بالحب..هو عاشق..هو إبنها..هو زوجها..ولكن لا تعلم أنه صديقها..

“الهوى أه منه الهوى..أه منه الهوى”


سهران الهوى..يسقينينا الهنا ويقول بالهنا”


“والهوى أه منه الهوى..أه منه الهوى”


“والهوى أه منه الهوى..أه منه الهوى”


“سهرن الهوى..يسقينا الهنا ويقول بالهنا”


“ياحبيبي..يلا نعيش فـ عيون الليل”


كلمات رددها له بصوته الرخيم..صوت مُغرد..شوقه ودفئ مشاعره وصدقها إنعكس على صوته..ليُخرج كلمات مُلحنة ممزوجة بعذوبة صوته..تلك المقطوعة الملعونة التي إعتادت إدمانها..ليُكمل بحرارة أكبر


“ياحبيبي..يلا نعيش فـ عيون الليل”


“ونقول للشمس..تعالي تعالي”


“بعد سنة..مش قبل سنة”


“تعالي تعالي..تعالي تعالي”


وكأنه يُخاطبها يحثها على النهوض والإرتماء في أحضانه..مقطوعة لعينة..أشعلت شرارة الحُب لها..العشق المجنون..أو العشق الملعون..مقطوعة صغيرة من شاب صغير..عنفوانه وهو يُنشدها..عنفوان رأته بأعين شاب لن تستطيع سنين الزمان محوه..لتقول بشهقة مذهولة..إسم تردد صداه في أنحاء الغرفة


إسراء: رأفت


“دي ليلة حب حلوة”


“بألف ليلة وليلة”…………………

الفصل السابع عشر من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1