رواية فجوة زمنية الجزء الثانى الفصل السابع عشر 17 بقلم فاطمة على محمد

رواية فجوة زمنية الجزء الثانى  الفصل السابع عشر بقلم فاطمة على محمد


"شمس الأخاديد" كانت بتشرب الماية بنهم قوي، كأنها آخر نصيبها في الدنيا، عشان تبعد الكوباية عنها أخيرًا وهي بتتنفس بقوة، ونظراتها متعلقة بأنظار "آشماداي" المترقبة ليها، عشان تبتدي ضربات قلبها تزيد بشكل قوي، وهي فاتحة فمها بكامل اتساعه، وايدها بتحاول تسند على ايد" آشماداي" اللي رجع خطوة واحدة للخلف، عشان يختل توازنها وتقع على الأرض فاقدة معالم الحياة.

ابتسم "آشماداي" ابتسامة ظفر وهو بيتأملها بشماتة ساخرة وبيقولها:
  - عايزاني أخسر كل اللي عملته عشان خاطر ابنك؟!.. طب يرضيكي تضيع كل مخططاتي على الأرض؟.. وأسيب القصر ده، اللي هو أصلًا مفتاح الملك!
 
ونزل بمستوى جسمه جنبها، وهو بين ايده يلهو بخصلات شعرها وبيكمل كلامه :
  - كان نفسي أحطلك السم، وأخلص منك، لكنها منعتني في اللحظة الأخيرة.. بس تعرفي.. معاها حق، أصل بموتك هخرج من القصر من غير ما أخلص اللي جيت عشانه، إنما طول ما لسه فيكي نفس، أنا هفضل موجود هنا؛ حتى لو كنتِ نايمة في سريرك زي الميتة، وده اللي هيحصل.
 
وابتدي "آشماداي" يلهث بقوة وهو بيرسم علامات الذعر والهلع على ملامحه وبينادي بصوت مستغيث:
  - الطبيب.. جلالة الملكة فقدت وعيها.
 
واتنفض يستقيم بوقفته للحظات قبل ما يجري ناحية الباب وهو بيصرخ :
  -يا طبيب.

في الوقت ده كان "فولاك" في غرفته، بيبدل ثياب التدريب بأخرى ملكية، عشان يلفت نظره الصراخ بالخارج، ضيق عينه بتعجب وهو بيجري ناحية الباب، اللي مجرد ما فتحه وجد الحارس بيردد برجفة قوية:
  - جلالة الملكة "شمس الأخاديد" واقعة في غرفتها جلالتك.
 
قبضة قوية اعتصرت قلب "فولاك" عشان يدفع الحارس بعيد عن طريقه وهو بيجري بكل سرعته ناحية غرفة والدته اللي لقى "آشماداي" واقف ببابها بيبصله ببكاء وهو بيقوله بنحيب :
  - جلالة الملكة وقعت من الزعل.. دخلت عليها لقيتها واقعة.
 
جذب "فولاك" "آشماداي" بكل قوته وبعده  عن طريقه وهو بيهرول للداخل، عشان يلاقي "شمس الأخاديد" لسه مكانها على الأرض.

ركض "فولاك" ناحية الملكة ينحني ناحيتها وهو بيضمها إلى صدره يحملها برفق، وهو بيقوم من مكانه، متجهة بها ناحية فراشها يضعها فيه بخوف وتوتر قوي. 

في نفس اللحظة اللي دخل فيها "أوتو" شايل حقيبته عن كتفه وهو بيقرب منها يفرق جفونها بأطراف أنامله بتفحص دقيق، ومن بعدها حاول يقيس معدل نبضها من أوردة ايدها، وكل ده كان تحت أنظار "فولاك" المتوترة، وأنظار "آشماداي" الباكية، واللي قرب من طرف السرير يبكي بقوة موجهًا الاتهام ناحية "فولاك":
  - حاولت تتماسك قدامك وتبان قوية، وحاولت تطلب منك الصفح والمغفرة، لكنك في كل الحالات كنت قاسي ومش شايف حبها ليك وضعفها من ناحيتك.. إنت اللي وصلتها للحالة دي بغرورك وجبروتك.
 
اشتعل غضب "فولاك" وبرقت نيرانه في أحداقه، لكنه تمسك بزمام الأمور، وقاوم للحفاظ على ثباته، في نفس اللحظة اللي هتف فيها "أوتو":
  - جلالتها داخلة في حالة شلل كامل. 
  
التفت "فولاك" ناحية "أوتو" يبصله بصدمة وهو بيوزع الأنظار ما بينه وبين والدته اللي مستوية بالفراش، عشان يشهق "آشماداي" شهقة قوية وهو بيركض ناحيتها يمسك ايديها بين كفوفه، يحضنها بقوة وهو بيقولها ببكاء قوي:
  - اصحي.. جلالة الملكة "شمس الأخاديد" ما تمومتش كده.. لو بتحبيني فوقي، أنا ماقدرش أعيش من غيرك، أنا محتاجك، وشعبك كمان محتاجك. 
  
رفع "أوتو" أنظاره المستنكرة ناحية "آشماداي" وهو بيقوله :
  - الجهاز العصبي لجلالتها مايتحملش ده، ياريت تهدى شوية. 
  
بينما شعر "فولاك" بغيظ قوي منه، فنهض من مكانه يجذب دراعه بقوة ناحية الخارج وهو بيقوله :
  - جلالتها محتاجة راحة، ووجودك مش مرحب به. 
  
اتسمر "آشماداي" في أرضه للحظات يمعن فيها النظر لـ "فولاك" قبل ما ينفض دراعه من ايده بكل قوته وهو بيقوله بغضب قوي :
  - جلالتها تبقى زوجتي، اللي إنت طردتها من مملكتها، وحكمت عليها بالنفي عشان مشيت ورا قلبها وحبيتني، وأنا مش هسيبها لحظة، هاخدها معايا وأنفذ أمر النفي، وأنا اللي هكون مسئول عنها مسئولية تامة. 
  
وسابه ومشي ناحية "أوتو" يقوله:
  - أنا هنقل جلالة الملكة من هنا.. عايز منك ترافقنا في رحلتنا لحد ما توصل بأمان. 
  
"أوتو" اللي كان انتهى من حقن "شمس الأخاديد" بالأدوية اللازمة، استقام بوقفته وهو بيقوله :
  - أي حركة خطر على جلالتها. 
  
"آشماداي" كان متأكد من جواب "أوتو"، لكنه كان عايز يأكد المعلومة لـ "فولاك" في شكل درامي وهو بيتلفت ناحيته وبيكمل كلامه :
  - أنا مش هسيب جلالتها لحظة واحدة. 
  
زفر "فولاك" زفرة قوية وهو بيتلفت ناحية "أوتو" وقاله بلهجة صارمة:
  - ماتفارقش جلالتها، حياتها مسئوليتك. 
  
انحنى "أوتو" براسه بطاعة للأوامر، عشان يغادر "فولاك" الغرفة، سايب وراه "آشماداي" اللي ابتسم إبتسامة نصر. 

******
"إيزابيل" كانت في غرفتها بتمشط خصلات شعرها بابتسامة زهو قوية وهي بتتأمل في جمال طلتها البهية، وبتثني عليها بغرور:
  - الزمن فشل إنه يسيب بصمته على ملامحك يا "إيزابيل".. كنتِ أقوى منه، وقدرتي تقاومي وتنتصري، وقدرتي تحافظي على شبابك الدايم.. نجحتي في اللي فشلت فيه "شمس الأخاديد"، اللي تجاعديها نجحت في إنها ترسم ملامح وشها.. دلوقتي لو وقفتي جنبها، كل الملوك هتتغزل في شبابك وجمالك.. شبابك اللي يستحق ملك قوي، ومملكة قوية، وشعب ذليل.
 
وشردت في مرايتها وهي بتهمس :
  - دلوقتي تستحقي إنك ترجعي لقصر الحكم، وتقعدي على عرش المملكة.
 
طرقات خفيفة على باب غرفتها هي اللي خرجتها من وصلة الغزل والثناء دي، عشان تسمح للطارق بالدخول، واللي مجرد ما شافته نهضت من مكانها بلهفة تستقبله وهو بيتسأله:
  - عملت إيه؟
 
انحنى الخادم بتقدير وهو بيقولها:
  - وصلت له الطرد يا مولاتي.

اتنهدت "إيزابيل" براحة قوية قبل ما تسأله :
  - فهمته هيعمل إيه بالظبط؟
 
هز الخادم راسه بإيجاب وهو بيقولها :
  - وصلت له أوامر جلالتك يا مولاتي.
 
ابتسمت "إيزابيل" بسعادة، في نفس اللحظة اللي انضمت لهم "هيرينا"، عشان تتجهم ملامح "إيزابيل" وتأمر الخادم بالمغادرة.

غادر الخادم، والتفتت "إيزابيل" ناحية "هيرينا" تسألها بتهكم ساخر :
  - طردوكي من المملكة ولا إيه؟!

ارتسمت علامات الدهشة والاستنكار على ملامح "هيرينا" وهي بتقولها :
  - وأطرد ليه؟!.. أميرة عايشة مع جوزها القائد العظيم، جوه مملكة والدها الملك الأعظم، يبقى إزاي تتطرد؟!
 
اشتعل غضب "إيزابيل" وهي بتقرب منها، وبتقولها بغيظ قوي:
  - جاية ليه وسايبة مملكة والدك الملك الأعظم اللي بيحكمها ابن "شمس الأخاديد"؟!
 
بصت لها "هيرينا" بنظرات مندهشة وهي بتجاوبها بثبات قوي:
  - جاية أطمن على جلالتك.
 
قبضت "إيزابيل" على دراع "هيرينا" بكل قوتها وغضبها اللي تخطى حدوده المسموح بها، عشان تشتعل عيونها باللون الأحمر الناري وهي بتهتف بها:
  - وجلالتي كنت فين لما سيبتي المملكة وهربتي، وروحي اترميتي في أحضان" خوان" الصديق الوفي لـ "فولاك"، واللي اختاره هو  لما اتحطيتي معاه في مقارنة.
 
اشتعلت نيران الغضب بصدر "هيرينا" هي الأخرى، وتخلصت من ايد والدتها بكل قوة وهي بتقولها بعصبية:
  - اللي روحت اترميت في أحضانه ده يبقى جوزي، اللي بحبه، واللي عشت كل السنين دي أستنى رجوعي ليه، وإن كان اختار "فولاك" قبل كده، فده عشان سكت مارضيتش أدافع عن نفسي، وسيبته لدماغه اللي صورت له إني حاولت أقتل "فولاك" أخويا، الملك العظيم ابن الملك الأعظم، واللي كلمة واحدة منه تغير مصاير سبع ممالك بشعوبها.. إنما إنتوا فكنتم عايزين ترموني للملك "العيلان" اللي بيغير نسائه أكتر ما بيغير أحذيته، واللي أكبر من الملك "برقان" ذاته، وكل ده ليه؟
 
تأجج غضب "هيرينا" وهي بتكمل حديثها:
  - عشان الأحمق "نيرون"، اللي طول عمره تابع، وعمره ما قدر ياخد قرار في حياته، يقوم يوم ما يفكر ياخد قرار، ياخد قرار في حياتي أنا؟!.. يخصني أنا "هيرينا"! 
 
اندهشت "إيزابيل" من فعل "هيرينا" وكلامها، عشان تقولها بصدمة :
  - مش ده "نيرون" اللي طول عمره بيدافع عنك من وهو طفل صغير، واللي كان بيتحمل عقاب جلالة الملك"برقان" نيابة عنك.
 
صرخت بها "هيرينا" بغضب قوي :
  - عشان غبي.. مين قال إني كنت عايزة حد يتحمل العقاب مكاني، أو حتى يدافع عني، أنا كنت عايزة أشوف والدي بيضعف قدام دموعي لما يقسى عليا ويعاقبني، كنت عايزة أشوفه يلومني ويعاتبي، ويوبخني، كنت بغلط وأغلط عشان بس ياخد باله إني موجودة، لكن الغبي "نيرون" كان بيبوظ كل حاجة بعملها، زي ما بوظ حياتي طول السنين اللي فاتت بغباءه، وزي ما كان عايز يبوظها أكتر لما وافق على طلب "العيلان". 
  
ابتسمت "إيزابيل" ابتسامة جانبية متهكمة وهي بتقولها :
  - لو مفكرة إن الملك "العيلان" هيسيبك.. تبقي غبية. 
  
هزت "هيرينا" راسها بنفي وهي بتقولها بسخرية :
  - ولا يقدر يعمل أي حاجة، أنا في حماية الملك "فولاك" اللي كل الملوك بتعمله ألف حساب، اللي بيكرهوه قبل اللي بيحبوه، هيجي ملك مرتزقة زي "العيلان" ويهددني في مملكته؟!.. الظاهر كرهك لـ"فولاك" عاميكي عن حقيقة إنه الأقوى، والأهم، والأعظم. 
  
هزت "إيزابيل" راسها بيأس وهي بتقولها :
  - طول عمري مراهنة نفسي إنه هيجي اليوم اللي تعرفي فيه عدوك من صديقك ، لكن للأسف جه الوقت اللي خسرت فيه رهاني، ولأول مرة.. روحي لـ "فولاك" و"خوان" يا هيرينا، وخديهم أصدقاء ليكي، وكمان خلي "شمس الأخاديد" تاخد مكاني في قلبك وحياتك، بس إوعي تصدقي إنها هتعتبرك زي "فولاك" في يوم من الأيام. 
  
بصت لها "هيرينا" بغضب قوي للحظات طويلة، قبل ما تستدير بكامل جسدها وتسيبها وتخرج. 

********
"مويرا" ابتدت تتعافى تدريجيًا، وهي بتحاول تسترجع مهاراتها الخاصة، في تدريبات متواصلة، ده غير إنها بتحاول تستعيد بناء جسمها بالتهام كميات كبيرة من الطعام، واللي مجرد ما خلصت كل كميته اعتدلت في مجلسها بألم طفيف من بقايا جرح صدرها اللي هبطت بأنظارها ناحيته وهي بتمسد أعلاه برفق وبتخاطب خافقها :
  - أخيرًا استقريت مكانك تاني، كنت خايفة إن الإنسي يطلع غبي ويفضل محتفظ بيك، لحد ما نبضك يقف جواه. 
  
ورفعت عينيها بشرود قوي وهي بترجع بالذاكرة ليوم ما عرفت إنها هتتقدم للمحكامة. 

كانت "مويرا" في ساحة قصرها بتدرب على فنون القتال، في الوقت اللي ركضت نحوها خادمتها بتوتر قوي وهي بتقولها :
  - سمو الأميرة "مويرا".. عندي لسموك خبر سيء. 
  
انهت "مويرا" تدريبها وهي بتناول سيفها لواحدة من حارساتها الخاصة، وبتسحب الدبوس المعدني اللي كان جامع خصلات شعرها الفضية، عشان تحررها خلف ضهرها وهي بتقولها :
  - خير؟ 
  
هزت الخادمة راسها بقلق وهي بتقولها :
  - جلالة الملك "فولاك" عرف عن علاقتك بالإنسي، وقدم طلب بمحاكمتك في محاكمة كبرى بتهمة الخيانة وممارسة الفاحشة. 
  
شردت "مويرا" في الفضاء قدامها للحظات تفكير طويلة، اترسمت ملامح غضبها خلالها، عشان تهز راسها ببطيء وهي بتدور دورات سريعة قبل ما تختفي، في نفس الوقت ظهرت فجأة في بيت "يونس" اللي اتنفض من مكانه بلهفة قوية، وجري ناحية باب الأوضة يفتحه، عشان يتأكد من وجود "نور" بالمطبخ، قبل ما يقفله مرة تانية ويرجع ناحية "مويرا" بنظرات عشق قوية، تبددت في لحظات مجرد ما شاف علامات الحزن والأسى كاسية كل ملامحها، عشان يسألها بقلق:
  - مالك يا حبيبتي؟ 
  
هزت "مويرا" راسها بحزن وهي بتقوله بصوت شجن :
  - الملك "فولاك" عرف بعلاقتنا، وطلب محاكمتي قدام المحكمة الكبرى. 
  
عقد "يونس" جبينه بدهشة وهو بيقولها :
  - مين "فولاك"؟!.. وليه طلب محاكمتك؟ 
  
زفرت "مويرا" زفرة قوية وهي بتقوله :
  - الملك "فولاك" ابن "برقان" ده خطيبي، وإشهار الزواج كان بعد كام شهر، عشان كده مجرد ما عرف بعلاقتي بيك طلب محاكمتي. 
  
قرب منها "يونس" يقولها بعشق:
  - فكي خطوبتك منه، وتعالي نتجوز ونعيش سوا، محدش له عندنا حاجة. 
  
هزت "مويرا" راسها بنفي وهي بتقوله بأسى:
  - ما ينفعش، القوانين عندنا غير عندكم، الخطوبة ميثاق غليظ زي الزواج، مجرد ما اسم الجنية يرتبط باسم جني ما يتحلش الوثائق ده غير بالموت، حتى لو اتقدمت للمحاكمة واتحكم عليها بحكم، مجرد ما تقضي عقوبتها، الجني يعفو عنها ويتمم مراسم الزواج. 
  
تدلى فك "يونس" بصدمة وهو بيهز راسه بنفي وبيسألها:
  -يعني إيه؟ 

اتنهدت "مويرا" بقوة وهي بتقوله :
  - يعني ده رباط مدى الحياة.. كنت فاكرة إني أقدر أتحايل على القوانين وأعيش معاك حياة سعيدة، لكن للأسف ما نفعش. 
  
حزن قوي سيطر على "يونس" اللي اتعلق بدراعها وهو بيقولها :
  - هاجي المحكمة وأقول إني غويتك، وعشقتك، هشيل عنك كل التهم دي. 
  
هزت "مويرا" راسها بنفي وهي بتقوله :
  - محاكمتك معايا معناها موت ليا وليك، وأنا مش هقبل إنك تموت بسببي، ده غير إن وجودك دليل إدانة ليا. 
  
ضيق "يونس" عينيه بتركيز وهو بيسألها :
  - يعني ايه؟ مش فاهم. 
  
=يعني الخيانة بطرفين مش طرف واحد، وجودك يأكدها، لكن عدم وجودك يخليني أرفض كل التهم دي، وأخرج منها بريئة. 

ابتسم "يونس" بسعادة وهو بيقولها :
  - طب كويس، فين المشكلة؟ 
  
اتنهدت "مويرا" بحزن قوي وهي بتجاوبه:
  - ممكن الملك "فولاك" يكون معاه أي دليل، وده يخليني أتعاقب، حتى لو عقوبة مخففة. 
  
رجعت ملامح "يونس" تتجهم مرة تانية وهو بيقولها:
  - وبعدين؟.. إيه الحل؟ 
  
حزن قوي سيطر على ملامح "مويرا" وهي بتقوله :
  - الموت عندي أهون من الأسر، أنا سيبت مملكتي وعيشت في مملكة الملك "برقان" عشان بس العفاريت ما تاخدنيش أسيرة.
  
طبطب "يونس" على كف "مويرا" برفق وهو بيقولها :
  - طب خليكي في العالم بتاعنا، وبكده محدش يقدر يحاكمك. 
  
هزت "مويرا" راسها برفض وهي بتقوله :
  - الملك "فولاك" وجنوده يقدروا يلاقوني لو في بطن حوت.. بس أنا عندي حل. 
  
انتبهت جميع حواس "يونس" لها بتشجيع لإتمام كلامها، عشان تكمل :
  - هو صعب شوية، لكن مفيش حل غيره. 
  
هز "يونس" راسه بتشجيع أقوى وهو بيقولها:
  - قولي. 
  
بصت له "مويرا" بنظرات ناعسة وهي بتقوله :
  - قلبي.. جسمك لازم يستضيف قلبي لفترة. 
  
اتسعت ابتسامة "يونس" وهو بيقولها بسعادة :
  - معنديش أي مانع طبعًا. 
  
اتلجلجت "مويرا" في الكلام وهي بتقوله:
  - بس قلبي هيدخل مع قلبك في صراع، واللي هينتصر فيهم هو اللي هتكمل بيه، يعني ممكن المنتصر ده يكون قلبك إنت.. أو قلبي أنا. 
  
هز "يونس" راسه بتأكيد لموافقته وهو بيقولها:
  - معنديش مانع قلبك ينتصر، معنديش مانع إنه ينبض مكان قلبي، ويعيش هو. 
  
ابتسمت "مويرا" ابتسامة عاشقة وهو بتقوله :
  - مش هحتاج أعمل كده غير لو اتحكم عليا، بس لو ده حصل أنا عايزاك تحافظ على قلبي، عشان هرجع أسترده منك تاني، لكني مش هقدر أعمل كده غير لو دخلت العالم بتاعي. 
  
هز "يونس" راسه بموافقة وهو بيقولها :
  - هحافظ على قلبك بروحي، حتى لو نبض قلبي وقف، وقلبك سيطر على كل جسمي وحركه زي ما هو عايز، هوصلهولك فين ما كنتي، وهجيلك لحد العالم بتاعك. 
  
صوت الطرقات القوية هي اللي جذبت "مويرا" من ذكرياتها، عشان تمسح دمعة هاربة من مُلقها بأطراف أناملها وهي بتتنفس بقوة قبل ما يدخل "نيرون" بابتسامة واسعة وهو بيضع صندوق متوسط الحجم أعلى الطاولة أمامها، وبيقولها:
  - جيبت لك كل اللي طلبتيه، وفيه حاجات مالقيتهاش في مملكتنا، جيبتها من مملكة البحور الخمسة وأنا بجيب اللي قوليلي عليه. 
  
فتحت "مويرا" الصندوق بلهفة قوية، تتفحص كل محتوياته، كأنها بتدور على حاجة معينة، اتنهدت بقوة مجرد ما شافتها قدامها، وكانت عبارة عن صندوق زجاجي صغير، فيه خمس زجاجات بنية صغيرة، في كل منها عقار معين، عشان ترفعها قصاد عينيها تتأملها بابتسامة واسعة، في الوقت اللي نطق فيه "نيرون" بتعجب:
  - إيه الصندوق ده؟.. واللي مجرد ما قولت اسمك لملك البحور الخمسة سلمهوني، ووصاني إني أوصله بسلام. 
  
أعادت "مويرا" الصندوق مكانه مرة تانية وهي بتهز راسها وبتقوله:
  - دي أدوية متعودة أخدها، ومش موجودة غير في مملكة البحور الخمسة.. خلينا في المهم؛ وصلت لجلالته رسالتي. 
  
هز "نيرون" راسه بإيجاب وهو بيقولها:
  - وصلتها، وبيبلغك إن الحوت الأكبر مريض، وماينفعش استخراج أي مصل منه في الوقت الحالي. 
  
سحبت "مويرا" نفس قوي بعمق، حبسته في صدرها للحظات قبل ما تزفره بشرود طويل. 

  ********
 أما "نور" واللي كانت في أوضتها فاتحة خزانة ملابسها تتفقدها بحيرة لاختيار فستان ملائم لحفل إعلان زواج الملكة "شمس الأخاديد"، عشان تمر في ذاكرتها صورة "فولاك" وإبتسامته اللي فرضت سطوها على عقلها وقلبها، اللي تسارعت نبضاته بقوة، فرفعت ايدها تضعها موضع خافقها وهي بتحدثه بخجل قوي :
  - اتمردت عليا، وبقى مجرد طيفه يخليك ترقص بين ضلوعي، عمري ما كنت متخيلة إنك تحب بالشكل ده!.. وتحب مين؟!.. جني!.. ومش أي جني ده الملك "فولاك" ذاته.. "فولاك" اللي بحس جنبه إني مالكة العالم، وإني أقدر على كل الدنيا.. جنبه مش خايفة، ولا حاسة بوقت، إنما مجرد ما أبعد عنه أحس إنه واحشني، وهتجنن وأشوفه.. أنا بحبه قوي، ومش عايزة أبعد عنه لحظة واحدة. 
  
في الوقت ده ظهرت "رنة" قدامها بشكل مفاجئ، عشان تبتسم "نور" بسعادة وهي بتقولها :
  - أنا بحبك قوي قوي يا "رنة". 
  
ابتسمت "رنة" ابتسامة متوترة، لاحظتها "نور" اللي جعدت جبينها بتساؤل رافق كلماتها:
  - فيه إيه؟! 
  
جاوبتها "رنة" بحزن قوي:
  - جلالة الملكة "شمس الأخاديد" مريضة، والطبيب "أوتو" قال إنها اتشلت شلل كامل. 
  
شهقة قوية دوت بحلق "نور"، أسرتها بكف ايدها اللي وضعته على فمها بصدمة قوية، قبل ما تبعد ايدها وتسألها :
  - و "فولاك" عرف؟ 
  
هزت "رنة" راسها بحزن وهي بتقولها:
  - جلالته عرف، وكل اللي في القصر كمان عرف. 
  
معالم الحزن والألم تغلبت على ملامح "نور" البشوشة، وسيطرت على كاملها، وهي بتسألها بصوت شجن:
  - وده حصل إزاي؟ 
  
أجابتها "رنة" بأسى:
  - جلالتها كانت بتستعد لمغادرة المملكة بعد إعلان زواجها، و"آشماداي" دخل عليها الأوضة لقاها واقعة على الأرض ما بتتحركش. 
  
غمضت "نور" عينيها بألم قوي للحظات، قبل ما تفتحهم مرة تانية وهي بتقولها :
  - الملك "فولاك" هيحس بالذنب عشانها.. أنا لازم أكون جنبه، وجنبها. 
  
وركضت ناحية باب غرفتها اللي فتحته بلهفة سابقاها بأميال، عشان تلاقي "خوان" في الممر قدامها متجهة ناحية أوضة الملكة "شمس الأخاديد"، فجريت ناحيته تسأله بتوتر:
  - "خوان".. فين جلالة الملك "فولاك"؟ 
  
وقف "خوان" مكانه، والتفت ناحيتها بكل جسمه وهو بيجاوبها بحزن :
   - محدش يعرف طريقه للأسف. 
  
صدمة تانية نزلت على راس "نور" اللي هزت راسها برفض وهي بتقوله:
  - يعني إيه؟.. اختفى؟!.. ساب الملكة في الحالة دي واختفى؟ 
  
استدار "خوان" يستكمل تقدمه ناحية غرفة "شمس الأخاديد" وهو بيجاوبها :
  - أكيد عنده أسبابه، المهم دلوقتي نطمن على جلالة الملكة. 
  
هرولت "نور" خلف "خوان" عشان تلحقه وهو بيدخل لغرفة الملكة، اللي كان واقف جنبها "أوتو" يراقب مؤشراتها الحيوية، واللي جريت عليه تسأله بلهفة:
  - إيه الأخبار؟
  
جاوبها "أوتو" من غير ما يرفع عينيه عن "شمس الأخاديد":
  - قدرت أوقف انتشار الشلل، وأحجم مكانه، لكن مستني جلالتها تفوق عشان أعرف إذا كان وصل للسان ولا لأ. 
  
"آشماداي" كان واقف في ركن بعيد من الأوضة، بيتابع كل اللي بيحصل، عشان يدب القلق والتوتر في قلبه مجرد ما سمع كلام "أوتو"، وبدأ يهمس بأفكاره :
  - الطبيب ده شكله متمكن، وفاهم شغله كويس، مش زي كبير الأطباء اللي كان قبله.. تبقى مصيبة لو سيطر على الشلل فعلًا، ونطقت وحكت كل حاجة، ساعتها الدنيا هتتطربق في راسنا. 
  
وزفر زفرة بطيئة وهو بيمد راسه ناحية "نور" اللي قعدت على طرف السرير جنبها، وابتدت تمسك ايدها بين كفوفها تدلكها برفق وهي بتقولها:
  - معقول جلالة الملكة "شمس الأخاديد" تستسلم بالسهولة دي؟!.. معقولة تخلي شوية تعب زي دول يحبسوكي جواهم..

وابتدى صوت "نور" يتخنق بالبكاء وهي بتسترسل:
- معقول تسيبي الملك "فولاك" لوحده كده، تسيبه لنفسه اللي حملها ذنبك، وذنب الحالة اللي وصلتيلها دي.. تعرفي إنه محدش يعرف مكانه دلوقتي، عشان حاسس بالذنب، يعني يرضيكي المملكة تكون من غيرك.. اجمدي.. انتصري على تعبك.. عايزاه يرجع يلاقيكي واقفة على رجليكي.. قومي يا جلالة الملكة.. أنا عارفة إنك مش بتحبيني من أول لحظة شوفتيني فيها، لكن أنا والله بحبك، ومعجبة بشخصيتك، ونفسي أكون في ربع قوتك.. بس إزاي يحصل ده وأنا بخاف من خيالي أصلًا. 

وتحكمت "نور" في دموعها أخيرًا، ولجمت قطراتها، وهي بتقولها بصوت قوي :
  - بصي قومي علميني إزاي ما أخافش، وبعدين اعملي كل اللي إنتِ عايزاه.
  
كان "أوتو" و "خوان" بيستمعوا لكلام "نور" بحزن قوي، إنما "آشماداي" الخوف ابتدى يسيطر على قلبه، عشان كده جري ناحية "نور" يسحبها بعيد عن "شمس الأخاديد" بكل قوته وهو بيصرخ فيها بجم غضبه:
  - ابعدي عنها بنحيبك ده. 

دفعة "آشماداي" القوية لـ "نور" خلت جسمها يصطدم بالأرض، عشان تتوجع بألم قوي تحت أنظار "خوان" اللي جري ناحيته يقبض على تلابيب قميصه بكل قوة وهو بيبصله بنظرات نارية وبيقولها:
  - إنت إزاي تتجرأ على مسها؟ 
  
في اللحظة دي غضب "نور" اللي ولده ألمها كان أضعاف أضعاف عادتها، فنهضت من مكانها وعلامات الغيظ مسيطرة على  ملامحها، عشان تجري ناحيته تضربه في ركبته برجلها بكل قوتها وهي بتصرخ فيه وبتكمل لكم لكل ما طالته ايدها:
  - إنت بتتشطر عليا يا جبان!.. فاكرني ست ضعيفة وهخاف منك عشان عفريت، إنت ما تعرفنيش لما بتعصب. 
  
ابتسم "خوان" ابتسامة خفيفة على هيئة "نور" الغاضبة، وحرر ياقة "آشماداي" من قبضته، في الوقت اللي ابتسم فيه "أوتو" هو كمان واتجه ناحية "خوان" يهمس جواره :
  - هجيب أدوية محتاجها وجاي، خد بالك من جلالة الملكة. 
  
هز "خوان" راسه بموافقة وهو مركز مع  "آشماداي" اللي حاول يلكم فك "نور"، لكنه تلقاها بيده، وإنهال على فكه بسيل قوي من اللكمات المضادة. 

********
توقف "أوتو" قدام غرفته للحظات يراقب الطريق حواليه، قبل ما يدخلها بخفة، ويقفل بابها وراه بإحكام متجهة ناحية طاولة مختبره، يبحث على عقار معين، عشان يسمع خطوات بتقرب منه بإصرار، لكنه كمل بحثه، لحد ما وجد ضالته، في نفس الوقت اللي وقف جنبه "فولاك" وهو بيقوله :
  - حالته عاملة إيه؟ 
  
ابتسم "أوتو" ابتسامة واسعة وهو بيلتفت ناحيته يجاوبه:
  - سايب الإنسية بتضربه. 
  
ردد "فولاك" بصدمة :
  - "نور"؟! 
  
هز "أوتو" راسه بإيجاب وهو بيقوله:
  - أيوه.. شد ايدها وزقها على الأرض، لكنها قامت زي الوحش، وضربته.. القائد "خوان" دلوقتي بيفك بينهم.
 
وضيق "أوتو" عينيه للحظات وهو بيقوله بتساؤل:
  - ممكن أسأل جلالتك سؤال؟ 
  
أشار له "فولاك" براسه بموافقة، عشان يسأله "أوتو":
  - ليه جلالتك اختفيت بالشكل ده؟ 
  
زفر "فولاك" زفرة قوية وهي بيجاوبه :
  - عشان أربك "آشماداي"، وأحسسه إني صدقته، وإني فعلًا حاسس بالذنب. 
  
وبصله بتركيز قوي وهو بيستطرد:
  - أهم حاجة تحافظ على جلالة الملكة في حالتها دي، بلاش تفوق، لأنها لو فاقت هيقتلها بجد.. إنما طول ما هي في غيبوبة هي في أمان، وهو مطمن. 
 
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1