رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل التاسع عشر
- شكلك زي القمر يا حبيبتي ، تعرفي أنك أحلى واحدة شافتها عينيا ، أنا مستعد اجبلك الدنيا كلها عشان بس تبقي راضية عني !!
الصدمة ألجمت لسانها جحظت عينيها ذهولا ترمش ابتلعت لعابها تهمس متلعثمة :
- زياد باشا ، أنت ...
رفع يده يضع إصبعه على فمها برفق يتحدث بصوت حنون يقطر عشقًا :
- هششش ، ايه زياد باشا دي ، في واحدة تقول للراجل اللي بيعشق التراب اللي بتمشي عليه زياد باشا ، دا أنتي اللي هانم وست الهوانم كلهم ، أنا خدامك وتحت أمرك
رقص قلبها فرحًا وشقت ابتسامة كبيرة شفتيها قبل أن تردف سريعًا:
- بس إحنا لازم نتجوز ، مش هينفع نعيش مع بعض من غير عقد جواز رسمي ، إحنا اتجوزنا كدة بالبوق ، وفي شيوخ بيقولوا حرام
ابتسم كطفل صغير أبله ، هب من الفراش سريعا يرتدي ثيابه يتحدث متلهفا :
- أوامرك تتنفذ في الحال ، أنا أسعد لحظاتي لما نبقى مع بعض دايما ، يلا قومي ألبسي هنروح نكتب الكتاب دلوقتي حالا !
توسعت حدقتي حورية ذهولا ، لا تصدق أن ذلك يحدث فعلا ، قامت سريعا ترتدي جلبابها تضع وشاح أسود فوق رأسها ، أمسك زياد بكف يدها يخرجان من البيت بعد الواحدة والنصف ليلًا إلى بيت المأذون ، توقف زياد عند باب البيت يدقه بعنف مما جعل أهل البيت يستيقظون مذعورين مما يحدث ، تحرك المأذون المدعو صلاح يفتح لهم الباب ، توسعت حدقتيه ينظر لزياد يسأله قلقا :
- خير يا حضرة الظابط حصل حاجة ولا ايه ؟!
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي زياد يحرك رأسه يتمتم سعيدًا :
- ايوة يا عم صلاح ، أنا عايزك تكتب كتابي دلوقتي حالا على حبيبة قلبي وروحي وكياني كله
قعد صلاح جبينه مستنكرا ما يرى أمامه ، هو يعرف أن الشاب أمامه متزوج من إمرأة أخرى اضطربت حدقتيه يسأله :
- يا إبني مش أنت متجوز
قلب زياد عينيه ساخرًا قبل أن تنقلب ملامح وجهه غضبا يتحدث عن حياة بكل قرف :
- طلقتها وخلصت منها ومن قرفها ، ما تنجز يا عم هو أنا هتحايل عليك
لا يفهم صلاح ما الذي يحدث ولكنه يشعر أن الشاب أمامه به خطب ما ، وكأن شيئا ما يسيطر عليه مما جعله يردف :
- طب يا إبني استنى لحد الصبح النهار له عيون
هنا تجهم وجه زياد غضبا مد يده يقبض على تلابيب ثياب الرجل يقربه منه يهدده :
- وماله استنى لحد الصبح ، تعالى إنت بقى معايا تبات في الحجز لحد الصبح ، ها هتعقد ولا اخدك على الحجز
أصفر وجه الرجل خوفا يحرك رأسه لأعلى وأسفل سريعا يردد :
- حاضر حاضر هعقد ، اتفضلوا
ما هي إلا دقائق قليلة معدودة وانتهى الرجل من عقد قرانهم ، هنا اطلقت حورية زغرودة عالية شقت سكون الليل ، في حين يبتسم زياد كالأبلة ، أما المأذون فكان ينظر صوب زياد قلقا على حاله عازمًا على إخبار إمام المسج بما يساوره من شكوك
_______________
في مخزن الأوغاد ، تحديدا المخزن الكبير التابع لشركات التهامي يقف في استقبال الشاحنات القادمة بعد دقائق قليلة وحيد التهامي والجوكر وعدة رجال للمساعدة
ما هي إلا دقائق معدودة وفتحت أبواب المخزن على مصراعيها ودخلت سيارة سوداء فاخرة رفيعة الطراز ، أشار الجوكر بيده ليقترب أحد الحراس سريعا يفتحون الباب السيارة فظهر أولا حذاء أسود ذو كعب رفيع تلاه ظهرت صاحبة الحذاء ترتدي فستان أسود قصير يتجاوز ركبيتها ببضع سنتيمرات ، شعرها أشقر قصير ، عينيها خضراء غريبة ، ابتسمت تحركت تلقائيا بخطى رشيقة واسعة صوب الجوكر ، عانقته تقبل خد القناع تبتسم له تهمس بكل غنج :
- البضاعة يا حبيبي ، أنا لازم أمشي قبل ما هو يجي سلام يا روحي
وتحركت إلى السيارة من جديد قبل أن تدخلها لفت رأسها إلى وحيد وابتسمت تلوح له بأطراف أصابعها فابتسم لها ساخرا يدس يديه في جيبي سرواله ، جميلة تلك الشيطانة ، راقبتها عينيه وهي تغادر قبل أن يصل إليه صوت الجوكر يحادثه ساخرًا :
- عينيك يا وحيد ، إلا دي ، دي الماستر بيس بتاعتي
ابتسم وحيد ساخرا من جديد ولم يعقب لحظات قليلة وسمعوا صوت دراجة نارية تقترب وما هي إلا دقائق معدودة وظهرت دراجة نارية سوداء ، نزل طه من فوقها يخلع الخوذة ، يضعها جانبا فعقب وحيد ساخرًا :
- وأنت بقى هتنقل البضاعة على الموتسيكل دا
قلب طه عينيه ساخرا ، نظر صوب الجوكر الذي تحدث بدوره يهدده :
- طه المرة دي البضاعة لو خسرنا منها جرام واحد هزعلك أوي ، بص كدة
وأشار بيده إلى شاشة صغيرة أخرج جهاز تحكم من جيب سترته ضعط أحد الأزرار فتوسعت حدقتي طه ذعرا حين أبصر صبا تجلس أمامه مقيدة في مقعد معصوبة العينين تصرخ مذعورة :
- مشوني من هنا ، انتوا مين ؟ ، أنا عملتش حاجة أبوس أيديكوا خرجوني من هنا
انتفضت كل خلية به خوفا خاصة قلبه الذي ارتجف ذعرا ، حاول ألا يظهر خائفا نظر صوب الجوكر يصرخ فيه :
- مالكش دعوة بيها ، هي مالهاش ذنب في أي حاجة ، سيبها تمشي
ضحك الجوكر ساخرًا يشير بيده إلى أحد الأبواب المغلقة يسخر منه :
- هي ورا الباب دا ، هخليها تمشي معاك ما تقلقش ، بس شكلك بتحبها أوي يا دكتور ،المرة الجاية يا دكترة هضربها بالنار قدام عينيك ، ما تلعبش معانا يا طه
قبض كف يده يطحن أصابعه الفتاة المسكينة لا ذنب لها ، حرك رأسه لأعلى وأسفل سريعا فضحك الجوكر يدندن ساخرا :
- غريب الحب مين فاهمه يا دكترة ، البضاعة هتوصلك بكرة في شحنة الأدوية اللي هتدخل المستشفى
غضب بشدة يصرخ فيه :
- طالما كدة كدة هتوصلي بكرة ، جايبني النهاردة ليه ؟
اقترب الجوكر منه وقف أمامه على بعد خطوتين منه رفع كتفيه لأعلى قليلا يردد ساخرًا :
- عشان أنبهك وأحذرك وأهددك ، وعشان تاخد البنوتة الصغيرة دي معاك ، يرضيك يعني آنسة جميلة كدة ، تروح في إنصاص الليالي لوحدها مش رجولة يا طه بردوا خدها وراك على الموتسكيل زي الباشا تلميذ
وضحك من جديد قبل أن يبتعد عنها يشير لباب الغرفة فتحرك أحد الحراس يفتحه فظهرت صاحبة الخصلات الصهباء ، نظرت حولها مذعورة الدموع تُغرق وجهها ، ما أن لمحت طه وكأنها وجدت طوق نجاة ، هرعت إليه تحتضنه تبكي مذعورة :
- طه ، مشيني من هنا ، أنا مش فاهمة حاجة ، أنا ما عملتش حاجة ، هما مين دول وخاطفني ليه
رفع كف يده يربت على رأسها برفق في حين انفجر وحيد في الضحك بشكل هيستري ، نظر طه له بإشمئزاز قبل أن يمسك بيد صبا يتحرك بها صوب دراجته يتحدث سريعا :
- مش وقته يا صبا يلا نخرج من هنا
جلست خلفه على الدراجة النارية وتحرك يخرج بها من وكر الأوغاد سريعًا ، أما وحيد فظل يضحك عينيه لا تنزاح عن حذائها الأسود صاحب الكعب الرفيع ، لف رأسه إلى الجوكر اومأ برأسه يردد ضاحكا :
- كان عندك هي فعلا ماستر بيس
دق هاتف وحيد ، فتح الخط يجيب فاختفت ابتسامته في اللحظة التالية قبض على الهاتف يصرخ غاضبا :
- وأنت إزاي ما تبلغنيش إن دا حصل ، يعني ايه ما تعرفش هي راحت فييين ، تشق الأرض وتطلعي لي بمكانها أنت فاهم !!
_____________
قرابة الفجر بقليل ، فتحت عينيها نظرت جوارها فرأت زجاج نافذة القطار ورأت أيمن يجلس أمامها يغط في النوم ، ارتسمت ابتسامة حزينة شاحبة على شفتيها حين مر برأسها ما حدث
Flash back
- أيمن أنا حياة ، أيمن أرجوك ساعدني !
سمعت صوته يتحدث سريعا :
- أنا في القاهرة يا حياة كويس أنك لحقتيني قبل ما أسافر هاتي العنوان مسافة السكة هكون عندك
أخبرته بعنوان البيت وتحركت سريعا تبدل ثيابها تضب حقيبتها ما هي إلا نصف ساعة وسمعت جرس الباب ، تحركت بخطى بطيئة تتسند إلى الحوائط إلى أن وصلت لباب المنزل فتحته فأبصرت أيمن يقف أمامه يبتسم كعادته ، اختفت ابتسامته وظهر القلق جليا على وجهه حين رآها وجهها شاحب عينيها غائرة حمراء ، شفتيها ترتجف بعنف فسألها سريعًا قلقًا :
- مالك يا حياة ؟ وفين زياد
نزلت دموعها ما أن سمعت اسمه ، اسمه الذي بات كالشوك ينغرز في كيانها ، اجهشت في البكاء بحرقة تحاول أن تنطق بجملة مفهومة :
- زياد ، ضربني وأهاني بكل الأشكال يا أيمن وبعدين طلقني ورماني
توسعت حدقتي أيمن ذهولا مما يسمع قبل أن يصرخ غاضبا :
- إزاي يعمل كدة هو اتجنن ولا إيه ، وفين جبران إزاي يسمحله يعمل كدة ، أنا هوديه في ستين داهية الحيوان دا
حركت رأسها للجانبين ترفض ما يقول أمسك بكف يده تترجاه وهي تبكي بحرقة :
- أنا مش عايزة منهم حاجة يا أيمن ، أنا عايزة أبعد عنهم ، أنا تعبت ، أنا قبل ما أكلمك بلحظات كنت خلاص هنتحر ، أيمن أرجوك ساعدني أبعد عنهم ، إنت زمان ساعدتني ودلوقتي بترجاك تاني أنك تساعدني
شعر بالحزن والأسى على حالها لم يملك سوى أن يحرك رأسه يوافقها ابتلع غصته يتحدث يواسيها :
- حاضر يا حياة ، اهدي أنا جنبك ، أنا أصلا اتنقلت إسكندرية من فترة طويلة وسبحان الله كنت نازل النهاردة أخلص ورق وراجع تاني ، واتأخرت والورق اتعطل كام ، هو أكيد أتعطل عشان ما أسبكيش وأسافر ، لمار هتفرح لما تشوفك ، هاتي شنطتك ولا قوليلي هي فين
حملت الحقيبة التي كانت وضعتها قرب الباب أخذ الحقيبة منها ينتظرها ، دخلت إلى الشقة تحركت عينيها تودع كل جزء فيها أخذت حقيبة يدها بها بطاقتها الشخصية ورقات نقدية ، وكل قطعة ذهب جلبها لها زياد ربما ستحتاج إلى بيعهم فيما بعد ، وخرجت من البيت تجذب الباب تُغلقه تحركت خلف أيمن ، أوقف سيارة أجرة يفتح لها الباب جلست بالخلف وجلس جوار السائق تحركت بهم السيارة إلى المحطة أسندت رأسها إلى الزجاج تتابع الطريق بعينيها صورة زياد هي الشيء الوحيد الذي يتجسد أمام عينيها ، تراه في كل الوجوه ، عقلها يقف عن إستيعاب ما فعله
حتى وإن كان غاضبا منها كيف له أن يؤذيها لتلك الدرجة ، كيف صم أذنيه عن صوتها وهي تترجاه ألا يؤذيها ، تنهدت تشعر بالدموع تحرق مقلتيها حاولت ألا تبكي ولكنها فشلت ، طال الطريق للمحطة إلى أن وصلوا أخيرا ، نزل أيمن حاسب السائق يفتح لها باب السيارة ، نزلت من السيارة تسير خلفه إلى داخل المحطة عينيها تتابع الأشخاص حولها ، انتبهت على صوت أيمن فرأته يتحدث في الهاتف يبدو أنه يحادث لمار زوجته يبتسم سعيدًا وهو يحادثها يردف :
- ايوة يا حبيبتي أنا هركب القطر أهو ، خلي بالك من نفسك ومن حمادة الصغير ، وما تنسيش اللي قولتلك عليه يا حبيبتي ، مع السلامة
وأغلق معها الخط ينظر إلى حياة يبتسم لها :
- لمار مبسوطة أوي لما عرفت أنك جاية معايا
أعطته ابتسامة شاحبة تتحرك عينيها على وجوهه وأطالت النظر وصوت داخل نفسها يخبرها أنها أخطأت حين تركت أيمن وتزوجت زياد ، كان يجب أن تتزوج أيمن منذ البداية
Back
انتبهت من شرود كانت تحملق فيه في وجه أيمن الذي لا يزال يغط في نومٍ عميق ، إلا أن صافرة القطار أيقظته ، فتح عينيه ونظر لها يبتسم ، نظر للمكان حوله لعدة لحظات قبل أن يردف :
- إحنا قربنا نوصل خلاص كويس إني صحيت ، تحبي أجبلك أي حاجة تشربيها أو تاكليها ما فيهاش كسوف دي يا حياة
حركت رأسها للجانبين ترفض قبل أن تسند رأسها إلى الزجاج تنظر إليه عانقت نفسها بذراعيها تشعر بالبرد يجتاح كيانها ، فما كان منه إلا أنه نزع السترة من عليه يضعها عليها بخفة وعاد يجلس أمامه ، نظرت له وابتسمت ممتنة فحمحم هو يردف سريعا :
- أنا هروح أجيب قهوة ، هجبلك معايا عن إذنك
_____________
في صباح اليوم التالي بعد يوم وليلة كادا إلا ينتهيا أبدًا ، أشرق الصباح في غرفة جبران ووتر ، فتحت وتر عينيها فرأت جبران مستيقظ ينظر للفراغ عينيه شاردة وجهه حزين كدر ، رفعت يدها تضعها على خده برفق تحرك أصابعها على وجنته تهمس تسأله قلقة :
- مالك يا جبران ، شكلك قلقان وخايف ، ما اتعودتش أشوفك كدة
رأت مقلتيه تضطرب بشكل سريع ، ولحظة رأت الدموع تملأ عينيه فبهت وجهها خوفا ، خاصة حين تحشرج صوته يهمس يخبرها ملتاعًا :
- أنا تايه يا وتر ، أنا مش عارف أنا فين ولا بعمل ايه ، ولا اللي بعمله دا صح ولا غلط ، حاسس أني بلف حوالين نفسي ، زمان كان الموضوع بيتم أسرع من كدة بكتير
سلم وأستلم ويدخل البوليس يكمل الشغل ، حتى لما روحت الحارة كنت عارف هتصرف إزاي ، إنما دلوقتي أنا حاسس إن أنا تايه ، ايديا متكتفة ، مش عارف أنا بتصرف إزاي ، وبعد اللي عمله حسن ، أنا قلقان عليه أوي ، الموضوع مش هيعدي ببساطة ، وتر أنتي لازم تاخدي كايلا وتسافري
طوال فترة حديثه لم يكن ينظر حتى إليها حتى نطق جملته الأخيرة، ركز عينيه مع وجهها ، تنهدت قلقة عليه ولكنه محق ، في الأغلب وجودها هي والصغيرة هنا هو ما يشتته حركت رأسها توافقه :
- حاضر يا جبران بكرة الصبح هاخد كايلا وأسافر ، أنا واثقة أنك هتحلها يا جبران ، واثقة فيك أكتر مما تتخيل ، عشان خاطري أنا اوعى تحس باليأس أو أنك مش هتقدر تعمل حاجة ، أنا واثقة أنك أذكى من ألف ظابط
ارتسمت ابتسامة شاحبة صغيرة على شفتيه يضع رأسه بين أحضانها يهمس يشكرها :
- شكرا يا وتر ، بقالي كتير أوي ما قولتهاش بس أنا بحبك أوي يا بنت الذوات ، يا وتر قلب السواح
ابتسمت تمسح على رأسه بخفة ، لحظات قليلة من الهدوء قبل أن تُبعده عنها تقطب جبينها تحادثه حانقة :
- استني هو أنت فاكرني نسيت ، إنت ضربتني بالقلم
ضحك يحرك رأسه يائسا قبل أن يردف ضاحكا :
- أنتي لسه فاكرة من ساعتها قلبك أسود أوي ، وبعدين أنتي عارفة أنا عملت كدة ليه ، وعارفة إني مستحيل أمد أيدي عليكي أبدا
ضيقت عينيها تنظر له حانقة لعدة لحظات قبل أن تندس بين أحضانه تطوق جزعه بذراعيه تتمتم بنبرة ناعسة بريئة:
- ايوة عارفة بس هنكد عليك بردوا لما نرجع القاهرة
ضحك يحرك رأسه يوافقها ، لحظات من الهدوء لم ينعم به منذ فترة طويلة قبل أن يدق الباب وسمع صوت سعد يقول :
- بابا اصحى يا بابا ، في عمو تحت بيقول أنه صاحبك
عمر جاء إذا ، هب من الفراش يفتح الباب ابتسم في وجه سعد يردف باسمًا :
- حاضر يا حبيبي قوله بابا نازل ورايا
تحرك إلى المرحاض ينفض آثار النوم عن وجهه وجسده قبل أن ينزل سريعًا إلى أسفل ، أبصر عمر يقف أمامه يبتسم له ، فاقترب منه يعانقه يردف سعيدًا :
- واد يا عمر حمد لله على السلامة
أخفض عمر صوته حد الهمس يهمس يطمأنه :
- ما تقلقش ، العيون في كل مكان لينا مش علينا ، وأنا هنا عشان أساعدك ، بس اللي عمله حسن مش هيمر مرور الكرام في الإدارة أبدًا
وذلك أكثر ما يقلقه ، ابتعد عن حسن يضحك يربت على كتفه يحادثه سعيدًا :
- عاش من شافك
ومن ثم نظر ناحية رزق يعرفه به :
- أعرفك يا حج عمر دراعي الشمال ، حسن اليمين وهو الشمال ، حسن اضطر يسافر عشان كان في شوية شغل متعلقين مع التجار
رحب رزق بعمر ، جاءت أمنية من المطبخ نظرت ناحية جبران نظرة طويلة للغاية قبل أن تردف تسألهم :
- أحضر الفطار ؟ هي وتر ما نزلتش ليه ؟ هي تعبانة ولا إيه؟
اومأ جبران برأسه يؤيد ما قالت :
- ايوة وتر تعبانة ، عشان كدة بكرة هترجع القاهرة هي وكايلا
سيصرخ في وجه رزق أن رفض ذلك ، ولكن العكس هو ما حدث أسرع
رزق يقول :
-أحسن بردوا خلي المصراوية تغور من بيتي ، قدامها شوم علينا
لاحظ جبران شيء لم ينتبه له منذ البداية ، رزق ينظر لهاتفه بين لحظة وأخرى بشكل مبالغ فيه ، جاءت أمنية ووضعت الطعام أمامهم وحين تحرك رزق وقبل أن يقترب منهم دق هاتفه ، توسعت عينيه حين أبصر رقم المتصل قبل أن يردف سريعا :
- كلوا انتوا يا ولاد أنا هرد على التليفون
المتصل شخص مهم نظر جبران إلى عمر الذي اومأ برأسه سريعا ، تحرك جبران سريعا يخرج يلحق برزق رآه يقف بعيدًا أقترب منه كأنه يمشي في طريقه يتحرك بخطى خفيفة حتى لا يسمعه ، لقطت أذنيه جُملة رزق قبل أن يُغلق الخط :
- اسبقني وأنا هحصلك
وأغلق الخط هنا بادر جبران يتحدث ليعرف أنه موجود :
- في مشكلة ولا إيه يا حج شكلك قلقان من ساعة ما نزلت وشوفتك
حرك رزق رأسه لأعلى وأسفل ينظر حوله هنا وهناك قبل أن يخبره :
- بص يا جبران أنا مش هقدر اخبي عنك أكتر من كدة ، إنت هتلاقيك سامع وعارف كل حاجة ، بص يا جبران أنا بتاجر في السلاح والليلة هستلم شحنة كبيرة من طريق *****
الصحراوي ، وأنا ما ينفعش أروح أستلمها لأن عندي حاجة أهم
قطب جبران جبينه ينظر إليه دون أدني تعبير بالاندهاش ، تنهد رزق قبل أن يقول :
- الليلة القمر هيكتمل ، الليلة في دجال كبير هيساعدني إني أفتح مقبرة من أكبر المقابر الفرعونية اللي في البلد ، إنت متخيل العز والخير اللي هيحلوا علينا هيبقوا قد إيه ، أنا ما ينفعش أسيب حاجة زي كدا ، حاولت آجل استلام السلاح ما عرفتش ، فما بقاش قدامي غيرك ، إنت اللي هتروح تستلمه قولت إيه ؟
ظل جبران صامتًا عدة لحظات قبل أن يكتف ذراعيه أمامه صدره يتحدث ساخرا :
- أنا مش فاهم إنت كنت متضايق أوي كدة ليه ، إني بتاجر في الحشيش وأنت بتاجر في السلاح والآثار
أحمر وجه رزق غضبا ، ابنه الوغد فقد ذاكرته ولا يزال وقحًا سليط اللسان كما عهده ، شدد قبضته على العصا في يده يحادثه غاضبا :
- وبتقول نسيت كل حاجة وما نستش قلة أدبك وبجاحتك ، نفس الكلام اللي قولته قبل ما تسافر من سنين ، بس خليني أرد عليك بنفس الرد اللي قولتهولك وقتها ، إنت هتشتغل معايا ورجلك فوق رقبتك!! ، بس أنت وقتها هربت المرة دي مش هتعرف تهرب تاني فاهم
صدقني لو حاولت هقتلك حبيبة القلب وبنتها
اجهز عشان هتستلم بليل
وتركه وغادر وقف جبران عن مكانه يبتسم ساخرًا ، الأخرق حل له القضية في عدة جُمل ، أخرج هاتفه من جيب سرواله يُغلق المسجل قبل أن يعيده في جيبه من جديد ، لا حاجة له في الذهاب ومعرفة مكان المقبرة المزعومة ، فما هي إلا عدة ساعات وسيطيح به
أما رزق فخرج من بيته ، يتحرك إلى المقابر حيث ينتظره الشيخ جابر ، رآه يقف بعيدا أقترب منه ودون أي مقدمات بدأ جابر يتحدث :
- أنا روحت المقبرة واتفاهمت مع الراصد ، وهو مصمم على القربان اللي طلبه ورافض أي حل بديل ليه ، الراصد عايز بنت ابنك الصغيرة ، الليلة يا رزق ، الليلة القمر زي ما قولتلك في التليفون ، لو الليلة عدت هنستنى سنة كاملة قولت إيه ؟
شردت عيني رزق يفكر ، جبران سيسافر الليلة لأجل صفقة السلاح ، الصغيرة كايلا تقضي معظم الوقت مع شقيقها ، سيهل عليه إستدارجها ولكن والدتها عينيها لا تنزاح عنها ، تنهد يتمتم غاضبا :
- المصراوية عينيها دايمًا على بنتها ، مش هعرف أجيبها
وتر إبنة أبيها ، نمرة شرسة تنهش كل من يحاول الاقتراب من ابنتها ، ابتسم جابر بهدوء قبل أن يعرض عليه :
- أنا أقدر أجيبهالك ، بس نسبتي هتزيد قولت إيه ؟
حرك رزق رأسه يوافق سريعًا
__________
في المستشفى حيث يعمل طه ، خرج طه يستقبل السيارة التي تحمل شحنة الأدوية وبينها تحمل الكثير من المواد المخدرة ،أبصر صبا تدخل من باب المستشفى نظر لها قلقًا تحرك إليها سريعا وقف أمامها يسألها :
- عاملة إيه يا صبا ، أحسن؟
نظرت إليه عينيها حمراء شفتيها ترتجف تبدو خائفة حد الذعر ، حركت رأسها للجانبين تهمس مذعورة :
- لاء أنا خايفة أوي أحسن يخطفوني تاني ، ممكن تقولي هما مين دول وخطفوني ليه ، أنا ما عملتش ليهم حاجة وما أعرفهمش
تنهد طه قلقًا حزينًا ، يريد أن يعانقها بكل ذرة فيه ، حاول أن يقل شيئا يهدئها به :
- صبا ممكن تهدي ، ما حدش هيعملك حاجة تاني ، الحكاية وما فيها أنهم كانوا عايزين كمية من برشام من اللي محطوطين في الجدول وأنا رفضت وهما خطفوكي عشان يضعطوا عليا بيكي
توسعت حدقتي صبا ذهولا تشير لنفسها تتمتم مصعوقة :
- ويخطفوني أنا ليه ؟ إشمعنى أنا ؟
إجابة سؤالها بسيطة ، أنه بكل بساطة يهتم بأمرها ، يريد دومًا رؤياها ، يحبها !!
ابتلع لعابه ينظر لوجهها البريء الحزين الخائف ، رفع يده يبسطها على وجنتها بخفة يهمس بنبرة خافتة عاشقة :
- عشان أنا بحبك يا صبا ، أنا عارف أنك هتتفاجي من كلامي بس أنا بحبك تقريبا من أول ما شوفتك ، كل يوم والتاني بحاول أبعد نفسي عنك وما أتعلقش بيكي ، بلاقي العكس هو اللي بيحصل ، أنا بحبك يا صبا
صحيح أنا مش هعرف أتقدملك دلوقتي عشان عندي مشاكل كتير ، بس اوعدك أول ما تتحل هاجي أتقدملك ، ساكتة ليه ؟ كلامي ضايقك أو حاجة
حركت رأسها للجانبين سريعا تنظر أرضا تفرك يديها متوترة تهمس خجلة :
- لا أبدا أنا بس متفاجئة أوي ، حضرتك فين وأنا فين
مد يده سريعًا يرفع وجهها بخفة لتنظر إليه حرك رأسه رافضا ما تقول :
- إيه كلام الأفلام العبيط اللي بتقوليه دا ، أنا بحبك وهتجوزك نقطة في نهاية السطر ، السبب الوحيد اللي يبعدني عنك أنك تكوني ما بتحبنيش غير كدة لاء
أحمر وجهها خجلا أنزلت عينيها لأسفل تهمس بصوت خفيض متوتر خجل :
- أنا كمان بحبك تقريبا من أول ما شوفتك يا طه
شق شفتيه إبتسامة سعيدة في خضم ما يحدث نقطة نور ادفئت قلبه ، أراد أن يعانقها وفعل فشهقت تنتفض بعيدًا عنه تتمتم مصعوقة :
- ما ينفعش يا دكتور ، عن إذنك أنا رايحة شغلي
وهرولت من أمام عينيه تسمع صوته وهو يضحك سعيدًا
___________
حل الليل في منزل رزق السواح ، التسجيل الذي سجله جبران لرزق وصل للإدارة بعد تسجيله بدقائق قليلة ، وعليه صدر الأمر أن يتحرك جبران إلى مكان استلام الصفقة ويظل عُمر هنا محاولا أن يصل لمكان المقبرة في محاولة ضرب العصفورين معًا ، أقترب جبران من وتر يعانقها يوصيها :
- عمر هنا ، وفي ألف عين حواليكي عشان تحميكي ، ما تخافيش وخلي بالك من نفسك ومن كايلا واتصرفي عادي جداا ، ماشي يا حبيبتي
ابتسمت وتر تطمأنه :
- ما تقلقش يا جبران روح وأنت متطمن
ابتسم يقبل جبينها قبل أن يتحرك للخارج ، فأبصر أمنية تنظر إليه نفس النظرة لم تبتسم لم تنطق بحرف فقط ودخلت غرفتها ، رفع كتفيها لا يفهم ما بها ولا يهم الآن ، نزل لأسفل وخلفه وتر رأى رزق يقف ينتظره ، أمسك بذراعه ما أن رآه أخذه بعيدًا يشرح له تفاصيل كل شيء قبل أن يعطيه حقيبة مليئة تأكد جبران أنها حقًا مليئة بالنقود وليس فخًا قبل أن يبتسم في وجه ابيه يربت على كتفه يحادثه بكل غرور :
- ما تقلقش هشرفك وأرفع راسك ، عن إذنك يا حج
وتحرك صوب سعد وكايلا ربت على رأس سعد يحادثه وهو يبتسم :
- خلي بالك من كايلا يا سعد ، إنت الكبير
ابتسم سعد يحرك رأسه سريعا قبل جبران جبينه ، قبل أن يحمل صغيرته على ذراعه يقبل وجنتها :
- مش عاوز شقاوة يا كوكي واسمعي كلام ماما وسعد
أنزلها برفق يتحرك للخارج ، يستقل السيارة مع رجال أبيه صوب وجهتهم ما أن غادر جبران ، خلفه رزق يغادر هو الآخر وتسلل خلفه عمر دون أن يراه ، وجلست وتر في الحديقة تراقب ابنتها وهي تلعب ، إلى أن سمعوا فجاءة صوت انفجار مدوي يأتي من الداخل ، هبت وتر تركض للداخل تحركت صوب المطبخ فرأت دخان كثيف يملأ المطبخ ولكن لا شيء آخر لا أثر أنفجار لأي شيء ، لا نيران ، لا شيء حرفيا
نزلت أمنية سريعًا ، نظرت وتر إليها تسألها مدهوشة :
- كان في صوت انفجار فظيع ، ودلوقتي في دخان بس ما فيش أي حاجة خالص !
وقبل أن تجيب أمنية سمعوا صوت صراخ سعد ، هرعت وتر وأمنية للخارج فرأوا سعد يصرخ مذعورًا يشير إلى مكان فارغ في الحديقة هرعت أمنية إليه تسأله خائفة :
- مالك يا حبيبي بتصرخ ليه ؟
تلجلج الصغير يبكي يشير أمامه :
- كان في كلب أسود كبير ظهر هنا وكان شكله يخوف أوي وعمال يزوم عليا
احتضنت أمنية ابنها تهدئه ولكن الكارثة الكبرى كانت من نصيب وتر ، كايلا ليست في الحديقة صرخت باسم ابنتها تنادي عليها تركض هنا وهناك :
- كايلا ، كايلا أنتي فين ، كايلا فين يا سعد