رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل الواحد والعشرون

علمني حبك ...

أن أحزن و أنا محتاج منذ عصور لامرأة تجعلني أحزن ...

لامرأة أبكي فوق ذراعيها مثل العصفور...

 لامرأة.. تجمع أجزائي كشظايا البلور المكسور...

 علمني حبك سيدتي أسوء عادات...

 علمني أخرج من بيتي في الليلة ألاف المرات... 

و أجرب طب العطارين.. و أطرق باب العرافات...

دلفت بسنت كالمحكوم عليها بـ الإعدام..فركت يديها بتوتر بالغ وحبات العرف تتلألئ على جبينها بالرغم من البرد المحيط بالبلاد..لم تقوَ على رفع عيناها لـ أختها..وقفت بجانب صابر وتشبثت به كطفل صغير..تفاجئ كثيرًا من فعلتها ولكنه وضع يده على يدها وسحبها معه...

كانت روجيدا تُتابع ما يحدث بصمت وهدوء مُقلق..وهذا ما جعل جاسر يتوجس خشية من زوجته فهى لا يُمكن التنبؤ بما تفعله..قطع ذلك الصمت صوت صابر وهو يقول بهدوء

-سلمي ع روجيدا يا بسنت..وقوليلها حمد لله ع السلامة
-فغرت فاها بدهشة:هااااه

دفعها صابر فتحركت بخُطى مُذبذبة..ثم جلست على طرف الفراش ومالت على أُذن روجيدا تُحدثها كـ تلميذ قد نسى واجبه المنزلي

-والله والله..ما كنت أعرف..هو..هو جبني ع هنا من غير أما أعرف وآآ...
-قاطعتها روجيدا:بس..بس..مش هو قالك سلمي..يبقى سلمي

نظرت لها بسنت بنصف عين وقلبها يقرع كالطبول..لتتفاجئ بـ إبتسامة ناعمة من ثغرها الكرزي وهى تقول

-شكلها يا صابر مش عاوزة تسلم

هنا وإنتفضت بسنت بسعادة و وجهها كاد ينشق بـ إبتسامة بلهاء..ثم قالت بتلعثم سعيد

-يعني..آآ..أنتي قصدك..أننا..كدا يعني

أماءت روجيدا بنعم وهى لا تزال تبتسم..لترتمي في أحضانها مُسرعة وأخذت تُقبلها..ليُسارع جاسر في إبعادها وهو يقول بحنق

-خلاص..أنتي هتغتصبيها قدامي
-ضيقت عيناها بحنق وقالت بصوت خافت:غوريلا بجد
-تحدثت روجيدا بهدوء وقالت:روحي شوفي جُلنار
-فهتفت بسنت ببلاهة:جُلنار إزاي يعني؟
-رد جاسر بغيظ:بنتنا يا بلاء
-أشارت بسبابتها وقالت بتحذير:متشتمش

وأخذت تتحرك وهى تنظر له بنظرات غاضبة..فتساءلت جين

-مين دي يا روجيدا؟
-هتف صابر مُسرعًا:دي بسنت خطيبتي
-أها طب أوكيه

ثم نهضت هى والجميع وقالت

-إحنا هنمشي بقى..ونجيلك بكرة

وتوجهت ناحية الصغيرة قبلتها ومن ثم إبنتها ورحل الجميع..بينما ظلت بسنت تُداعب الطفلة وجلس صابر بجانب صديقه الذي ربت على فخذه وقال بـ إمتنان

-شكرًا يا صابر
-رمقه صابر بذهول:معقولة جاسر الصياد بجلالة قدره بيقول لصابر العبد لله شكرًا؟
-رفع جاسر أحد حاجبيه وقال بسخرية:والله؟..طب بلاش
-فسارع صابر يهتف:لأ خلاص بلاش..دا أحنا ما صدقنا...

************************************

وضع السلاح مُجددًا في مكانه المُخصص بعدما أنهى حياه تلك المنكوبة ثم أمر رجاله

-ضعوها بتلك السيارة ثم قما بدفنها في الصحراء
-رد أحدهما بـ طاعة:حسنًا سيدي

رمقها بأسى ثم تحرك..ولكنه عاد مرة أخرى وقال بهدوء

-إنتظرا قليلًا

توقف الرجلان عما يفعلاه..فـ أخرج مارتن هاتفه وقام بتصويرها بضع صور..ثم دسه مرة أخرى في طيب بنطاله  أمر رجاله بـ إكمال ما يفعلانه..دلف سيارته وأخرج هاتفه وأرسل صورها إلى سيده والذي هاتفه في الحال..ليرد مارتن بجمود

-لقد تم ما أمرت به سيدي..ولم أتأخر
-فرد عليه سيده بنبرة جافة:وماذا كنت تظن أنك فاعل؟..أتعتقد أنني سأدعك وأدعها؟..ألم تتعلم بعد!
-أبعد مارتن الهاتف عن أُذنه وأطلق سبة..ثم أعاده مرة أخرى وقال بهدوء عكس ما يشعر به:لم أكن لأظن شئ..هذا هو عملنا القتل وما شابه..ولكن ماذا بشأن جاسر!
-أجابه الآخر بلا مبالاه:إفعل ما شئت
-لترتسم إبتسامة شيطانية على ثغر مارتن ثم قال بمكر:حسنًا..سأفعل ما أشاء

ثم أغلق الهاتف وهو يُمني نفسه بـ الإنتقام من جاسر الصياد بـ أبشع الطرق...

********************************

كانت بسنت تُداعب الطفلة وكذلك صابر فقال لها بخبث وهو يتراقص بحاجبيه

-منفسكيش فـ عيل يا بت يا بوسي؟
-نظرت له بحدة ثم قالت بزمجرة:منفسكش أنت تخش المستشفى!
-ضحك صابر بتسلية وقال بغمزة:يا أبيض أنت يا شرس

ثم مال مُقطتف من وجنتها زهرة..ولكنه تفاجئ بطرقعة على وجنته..ليجدها تنظر له بتشفي..فيدها قامت بالرد وأكتفت..ثم مالت هى عليه وهتفت بنزق

-إبقى فكر تعيدها تاني يا صابر
-فمال هو أكثر بعدما فاق من دهشته..وقال بتحذير و وعيد:هتدفعي تمن القلم دا يا حبيبتي غالي أوي

وعاد مرة أخرى يُداعب الطفلة وهو ينظر لها من طرف عيناه بوعيدة..بينما هى مُتجاهلة تلك النظرات ولكنها لم تمنع شعورها بالخوف منه...

وعلى الطرف الأخر كان جاسر يجلس بجانب زوجته..مُستغل إنشغال صديقه وتلك "البلوى" بمداعبة الطفلة..ليقوم هو بمداعبة زوجته..التي شهقت بخفوت وقالت بهمس خجل

-جاسر عيب..بسنت وصابر موجودين
-مال أكثر هامسًا أمام شفتيها:ما هما مشغولين قدامك أهم

ثم مال أكثر مانعًا ذلك الفم الثرثار من إبداء أي أعتراض..لتتيه هى بين قُبلته المشتاقة إليها..فـ أبعدت شفتيها تنهره بهمس

-جاسر!!..عيب كدا
-نفخ جاسر بضيق:أوووف..مش هتلم عليكي أنا عارف
-إبتسمت وهى تُداعب ذقنه:معلش يا حبيبي إستحمل..وبعدين هو أنت كنت تقصد إيه بالكلمة  اللي قولتها؟ 
-هتفت بتذكر:قبل ما الكل يجي..اللي هي..نـ..نـ حاجة كدا البت...يعني إيه؟

أعاد رأسه إلى الخلف إثر ضحكاته..ثم عاد مرة أخرى وهمس في أُذنها بخبث

-لا دي متتقالش..دي بتتعمل..بصي هعرفهالك عملي

ثم غمزها بوقاحة..لتقطب هى ما بين حاجبيها بحيرة..ولكن ما لبثت أن فهمت مقصده..لتشع وجنتيها إحمرارًا..ثم هتفت بغضب

-وقح..وعديم الأدب..

هم بالحديث إلا أن بسنت قدمت وجلست بجانب بسنت والتي قالت ببساطة

-نامت..
-رمقها جاسر نظرات نارية ليقول في نفسه:ياريتني ما قولتلك هاتها يا صابر...

ثوان ودلف الطبيب ليطمأن على حالة حرم جاسر الصياد..ولكن أذلك السبب الحقيقي!..فهو قد دلف ليرى تلك الحورية التي تجلس على الفراش..فما أن أبصرها بالردهة ثم الدلوف إلى تلك الغرفة وعلم وقتها أنها غُرفة حرم جاسر الصياد وهو يتلهف شوقًا ليراها..وكان التبرير الإطمئنان..فقال الطبيب وعيناه لم تتزحزح عن تلك الفاتنة

-جاسر بيه أنا جاي أطمن ع المدام..والطفلة عشان ولادة مبكرة
-فقطبت بسنت ما بين حاجبيها وتساءلت:طب ما هما كويسين..خير في حاجة مخبيها يا دكتور!

زرعت بذور الشك في نفس جاسر والذي لم يسعفه الوقت ليسأل..فما أن سألته بسنت هذا السؤال حتى تلهف شوقًا كي يُجيب

-لأ أبدًا يا أنسة..دي إجراء روتيني
-أماءت بتفهم:أها..طيب..

بينما يقوم الطبيب بفحص روجيدا تحت نظرات جاسر القاتلة..فلو رأى الطبيب عينا ذلك الليث لخر صريعًا..إلا أنه وجد نظراته مُعلقة ببسنت والتي لم ينتبه صابر لها..فـ إلتوى فمه بخبث فها قد أتته فرصة التخلص من الطبيب على طبق من ذهب..مال على صديقه وحدثه بدهشة مصطنعة

-هو البتاع دا يعرف بسنت!..أصله من ساعة أما دخل منزلش عينه من عليها

وبتلك الكلمات الغير بريئة قد نزع فتيل غضب صابر..توجهت نظرات الأخير بحدة ناحية الطبيب..فوجد نظراته مُسلطة على تلك العنيدة..ولكن أكثر ما أثار في نفسه بدائية رجل الكهف..أن نظرات ذلك اللعين موجهه ناحية..ثغرها!!!..ها قد أصدرت فرمانًا عاجلًا بـ إلقاء حتفك

تحدث الطبيب بـ إبتسامة بلهاء تفترش وجهه..وعيناه تتجهان ناحية بسنت

-ما شاء الله..صحة المدام وآآ...

ولكنه لم يستطع إكمال جملته..فقد قبض صابر على مؤخرة عنقه بقوة..جعلت الطبيب يترنح في وقفته..بينما شهقت روجيدا وبسنت بقوة..ليقول صابر من بين أسنانه وهو يبتسم بـ إصفرار

-أزيك يا دوك!..مش فاكرني؟
-أجاب الطبيب بتلعثم:آآ..الحقـ..الحقيقة..لأ
-ليتجهم وجهه سريعًا وهو يقول:ولا أنا

ثم جذبه ويداه تضغطان على مؤخرة عنقه بقوة..و زجه خارج الغُرفة وقال مُزمجرًا كوحش

-ومش عاوز أفتكر خلقة أمك دي تاني..يلا غور

ثم صفق الباب بحدة..وإلتفت إلى بسنت والتي قد أكل القط لسانها..لتنكمش على نفسها بخوف من مظهره والذي يوحي بأن الحرب العالمية الثالثة ستندلع بلا شك...

بينما جاسر يضع يده خلف رأسه في وضع مُتشابك..وعيناه تطفقان بسعادة لا مُتناهية..فها هو قد تخلص من ذلك الطبيب السمج دون أدنى جهد..ولم يمنع ذلك من ظهور إبتسامة ظفر على ثغره....

دلف إلى غُرفته بعدما قام بـ إيصال زوجته وعائلتها إلى منزلهم..كان على وشك نزع ثيابه إلا أن هاتفه أعلن عن وصول مُكالمة..توجه ناحيته ثم نظر إليه فـ وجده جاسر..فتح الهاتف ورد بهدوء

-أيوة يا جاسر
-رد جاسر بصوت هادئ:وصلت مراتك وحماك؟
-أجابه سامح:أه
-فـ سأله جاسر بجدية:وعملت اللي قولتلك عليه!!
-بالحرف يا بوص

سكت سامح قليلًا ثم تساءل

-طب وبالنسبة للبنت اللي بقالك شهرين حابسها!..أنا عديت بالصدفة البت كانت بتسلم نمر
-زفر جاسر بضيق وأجابه على مضض:خرجها يا سامح..خرجها بس مشوفش خلقتها ولا خلقة أهلها عندك..تمشيهم من هناك خالص
-تنفس سامح بـ إرتياح وقال:صح كدا..حتى عشان خاطر بنتك
-منا سبتها عشان خاطر بنتي..وخصوصًا إن روجيدا متعرفش إنها لسه محبوسة..ومش عاوزها تعرف..
-إبتسم سامح وقال:معلش يا أخويا خليك أنت الكبير..يلا أنا هقفل وأديهم الأوامر دي
-فرد جاسر بلا مبالاه:طيب..سلام..

أغلق مع شقيقه ثم عاود نزع ملابسه..ليأخذ حمامًا ساخنًا وبعدها يأمر بـ التحرير الفتاه..وقبل أن يدلف المرحاض صدح هاتفه من جديد زفر بضيق وأخذ يستغفر كثيرًا..عاد وأمسك الهاتف دون أن يرى المُتصل وأجاب بضيق

-في إيه تاني يا جاسر!
-ليأتيه صوت زوجته المُرتعب:إلحقني يا سامح!!!

***************************************

عاد بعدما ودع صديقه صابر..ثم جلس بجانبها وإبتسامة بلهاء تفترش وجهه..نظرت له بعدم فهم متوجس..ثم سألته بتوتر

-إيه سر الإبتسامة دي!
-إقترب منها ببطئ مُتخابث:مفيش حاجة يا قلبي..دا أنتي وحشتيني
-فقالت وهى تُضيق عيناها:جاسر إحترم نفسك إحنا فـ المستشفى
-أقترب أكثر وهو يهمس في أُذنها بحرارة:مش قادر..وحشاني

ثم ملس بطرف أنامله على طول ذراعها..فسارت قُشعريرة مُخيفة على طول عامودها الفقري..حاولت التملص منه إلا أنه أحكم قبضته على خصرها وقال بحزم عابث

-عندك!!..رايحة فين!
-أجابته بتلعثم:جـ..جا..سر..آآ..إحنا..مش في بيتنا

وبيده الآخرى يُداعب وجنتها وعلى وجهه إبتسامة عذبة تكاد يُغشى عليها..فمال بشفتيه يتحسس وجنتها فسرت رجفة في جسدها..بينما أكمل بهمس 

-سبق و وقولتلك إنتي فـ مملكة الصياد..واللي بقوله هو اللي بيكون
-أغمضت عيناها وقالت بهمس مُماثل:طب..أنا هطلع بكرة..أصبر
-قربها أكثر منه ليعض أذنها بخفة..ثم قال:مش قادر..وحشاني يا روجيدا

أبعدها عنه لينظر بعينيها بنظرة مُشتاقة..وإبهامه يسير على حافة شفتيها الزهرية..وهى قلبها يقرع كالطبول..ليقول وهو بنبرة عاشقة

-حتى لو معايا..ببقى مشتاق ليكي..وأنتي قاعدة بتتكلمي مع بسنت وحشاني..لما بتنامي بتوحشيني..أنتي فـ كل وقت وفـ كل مكان وحشاني..حتى وأنتي فـ حضني...

إبتسمت بحب..وقلبها يطرب لـ ألحان شفتيه بكلماته التي يُلقيها على مسامعها..يُشبع أنوثتها بكلماته المعسولة..تعلم وتتيقن أنها نابعة من أعماق فؤادة..تلك العضلة الصغيرة التي تضخ بعروقه وأوردته عشقها..

وضعت يدها على وجنته اليسرى..وأخذت تدور بـ إبهامها عليها..وهو يستند بجبينه على جبينها يستمتع بلسماتها التي توصله إلى عنان السماء..فتح عيناه لتظهر عسليته المُتوجهه إثر لسماتها الدافئة..إقترب من شفتي الورد خاصتها والتي تحمل صك ملكيته وعشقه لها..وكاد أن يحصل على مُراده إلا أن صياح طفلته أجفله وأبعده عنها على مضض..ليُطلق سبة من بين شفتيه..شهقت روجيدا وهى تدفعه إلى النهوض ثم قالت بحدة

-جاسر!!..إيه اللي بتقوله دا!..وبعدين ما أنت الكلب اللي بتشتمه
-ليرد عليها بحسرة:ما هو أنا فعلًا كلب وستين كلب إني خلفت المفعوصة دي..والله شكلك مسلطاها عليا..

حملت روجيدا طفلتها وظلت تُهدهدها تحت أنظار جاسر الممتعضة..نامت الصغيرة فـ وضعتها روجيدا في مهدها..ثم عادت تجلس..ليُفسح لها جاسر المجال بـ إبتسامة خبيثة تشق وجهه وهو يضرب الفراش بيده بحماس..ضربت هى كف بـ أخر..ثم جلست..ليتلصق بها هو سريعًا وهو يقول

-كنا بنقول إيه!!
-نظرت له بنصف عين وقالت:مش بنقول
-ليطوق خصرها وهو يقول بمزح عابث:لأ إزاي دا واجب عليا أفكرك

وقبل أن تتحدث كانت شفتاه ترد عنها..يُقبل وجنتيها بـ حب جارف مُنذ سنوات..أما هى فقد إقتحمها على حين غفلة..فجعل جسدها يرتجف بشدة..وصوت ضربات قلبها يكاد يصم أُذنيها..وحقًا لم تكن والدة جاسر قد دعت له ليصدح هاتفه يُعلن عن وصول مُكالمة..أبعدت شفتاه عنها وقالت بـ صوتٍ خفيض

-الفون بيرن
-جذبها مرة أخرى وهو يقول:سيبك منه

ليعود ويصدح من جديد..فزفر جاسر بغضب و ظل يُتمتم بسباب لاذع..أمسك هاتفه ثم رد بغضب

-أيوة!!

ثوان ليستمع إلى رد الطرف الأخر..ثم ما لبث أن إحتقنت عيناه وقال بصوت غاضب

-أنا جاي حالًا

أغلق الهاتف وإرتدى سترته..لتسأله روجيدا بقلق

-في إيه يا جاسر؟
-إقترب منها مُبقلًا جبينها وقال بـ إبتسامة زائفة:مفيش يا حبيبتي مشكلة فـ الشغل..

ثم إبتعد وقال هو يُدير مقبض الباب

-هبعتلك حد يجيلك..مع السلامة

وقبل أن يتسنى لها الحديث..رحل سريعًا وخطواته تلتهم الأرض غضبًا...

*************************************

إذا ثار الرجل غيرة....فـ إعلمي يا حواء أنكِ إمتلكتي عاشقًا

نظراته التي كان يرمقها بها كانت كفيلة ببث الرعب في أوصالها..نظفت حلقها بنحنحة خافتة وقالت بصوت مهزوز ضعيف

-صـ..صابر!!

ولكنه لم يرد..فـ قررت أن تُصيح بصوت أعلى

-صا..بر!!

نظر لها بـ أعين قاتمة بهدوء جعلها تصل إلى أعلى درجات الذعر..لتقول بصوت جاهدت أن يكون ثابت

-بلاش..النظرة دي..مش ذنبي

ولكنه أيضًا لم يجب..وقاد السيارة بهدوء قاتل..كادت عيناها تدمع من فرط توترها ورعبها من هدوءه..فهدوءه ذاك يُنذر بهبوب إعصار لت يبقي ولا يذر..وفجأة أوقف السيارة في مكانٍ خال..جعلها تتوجس خفية مما ينتويه..كادت أن تفتح فاها لكي تتحدث إلا أنه سبقها بحديثه الغاضب

-مش ذنبك؟..أومال ذنب مين!!..بتديله فرصة يتكلم معاكي ليه؟!
-سقط عنها قناع الخوف وقالت بشجاعة زائفة:أنا كنت بطمن ع أختي مغلطش..وبعدين أنت إيه مشكلتك!..لا أنت خطيبي ولا جوزي..إيه مشكلتك؟
-أمسك معصم يدها وقال بغضب:مشكلتي إني بغير..عارفة يعني إيه بغير؟..يعني ببقى عاوز أقتل أي حد يكلمك غيري..يعني أكره أي حاجة تلمسك ومتبقاش إيدي..أتحرق لما أحس إنك بتحبي حاجة أكتر مني

سكت قليلًا يُتابع ذهولها..أخذ نفس عميق ثم قال بصوت عميق

-عرفتي يعني إيه غيرة!..عرفتي معنى إيه إن صابر يحب؟..صابر اللي مكنش فيه بنت تقدر تلفت نظره بحاجات معنوية..تصرفات وبراءة..عمري ما بصيت لكل دا..بس أنتي

صمت يستجمع شتات حديثه الذي بعثرته تلك الطفلة بـ إرتجافة يدها بين كفيه..ملمس يدها الناعم أفقده صوابه..هز رأسه يُبعد ما يدور في رأسه وأكمل حديثه

-بس أنتي غير..غير أي بنت وأي حد..أول مرة شوفتك لما إستنجدتي بيا حسيت قد إيه إني أنا اللي محتاجلك مش أنتي..حسيت إني هبقى إبنك وأنا فـ حضنك..لكن دا مستكتراه عليا

قال جملته الأخيرة بحزن وحسرة..ليسمع صوتها المُتحشرج يقول بكلمات بعثرت ما تبقى من كيانه

-والحب مبيجيش غصب..فكرك مش مبسوطة وأنت غيران عليا..صابر أنا بنت والكلام دا المفروض يفرحني..بس وقت أما يكون فيه مشاعر مُتبادلة
-فرد بصوت هادر:وأنتي مش راضية تديني الفرصة إني أخليكي تحبيني
-إبتسمت بغموض وقالت بنبرة خافتة:لأ مدياك فرصة كبيرة..بس أنت أستغلها صح

براعم الأمل بدأت تُزهر في فؤاده المسكين..لتُتابع هى بصوتها العذب..كالنهر الذي يجري في صحراء فـ يقوم بتحويلها إلى واحة خضراء

-لو كنت مش مدياك فرصة..مكنتش قبلت أخرج معاك فـ حتة أو حتى أكلمك..كان بسهولة أرفض الإرتباط بيك لو حتى مامي وافقت..مش بسنت اللي تبقى مجبورة ع حاجة

-سألها وإبتسامة تلوح على ثغره:يعني أنتي..؟!

وقبل أن يتسنى لها الرد..صدح هاتفه..أخرجه سريعًا ثم نظر به ليجده صديقه..عاود النظر لها وقال

-ثواني
-أوكيه

فتح الهاتف وهو ينظر لها..وهى تستمع إلى مكالمته التي لم تدم ثوان بكلمات مُقتضبة..ليغلق الهاتف..ثم عاود تشغيل مُحرك السيارة وقال بجدية

-معلش مضطر أرجعك عند روجيدا..وأروح لجاسر
-فسألته وقلق يُحلق في الأفق:في حاجة حصلت!
-حدثها بـ إطمئنان وقال:لالا..مفيش هو جاسر راح مشوار وعشان ميسبهاش لوحدها..وأنا هروحله
-طيب
-فقال وهو يُحدق أمامه وإبتسامة شقية مُرتسمة على وجهه:إحنا لسه مخلصناش كلامنا..

إبتسمت بخجل ولم ترد..بينما هو قد وصل إلى أعلى درجات السعادة...

*************************************

كان جالس يُتابع بعض أمور الأراضي الزراعية والمحاصيل وغيرها..حينما سمع صوت طرقات فقال بصوته الغليظ

-أدخل
-دلفت الخادمة وقالت وهى تُحني رأسها إلى أسفل:في ضيف برة عاوزك يا سيدي
-فـ تساءل:مين ديه؟
-أجابت الخادمة بتلعثم:هو..هو جالي..مجولشي لحضرتك هو مين

عقد ما بين حاجبيه في تساؤل..ولكنه قال بهدوء ورزانة

-طب دخليه الصالون..وضيفيه..وأني چاي أهو
-أوامرك يا سيدي

خرجت الخادمة..لينتظر ذلك الشخص قليلًا..ثم نهض يرتدي عباءة أخرى ودلف خارج الغُرفة..يتحرك بما يُتيحه له عمره الذي يُناهز السبعين..وكذلك جسده المُمتلئ بكثره..نزل الدرج وعقله لا يزال يعمل من يريد أن يراه!!..ولا يريد معرفة هويته..

دلف غُرفة الصالون ليجد الشخص جالس بهبية تهتز لها شوارب أعتى الرجال ليقول الرجل بود حقيقي وإبتسامة ترتسم على شفتاه الغليظتان كنبرة صوته

-إمنور يا چاسر بيه..
-نهض جاسر وصافحه بكل برود وقال بنبرة ثلجية:متشكر يا حاج عبد الرحيم
-ليقول عبد الرحيم وهو يربت على كتفه:أُجعد يا راچل..

جلس جاسر ثم وضع قدم فوق أخرى..بينما صدح صوت عبد الحميد يقول بود

-ضيفوك ولا لسه!
-رد جاسر بـ إقتصاب:أه

ساد الصمت لمدة صغيرة ليقطعه جاسر بصوت غامض

-أنا جايلك يا حاج عبد الرحيم وقاصدك في حاجة
-وضع يده على صدره وقال بنبرة جدية:عنيا أنت توجمر (تأمر) يا چاسر بيه..خير؟
-رد جاسر بنبرة جامدة:لأ مش خير..
-توجس عبد الرحيم وهو يقول بقلق:يا ساتر إستر يارب..جلجلتني يا چاسر بيه
-ليقول بنبرة جافة ومتوعدة:أنا محدش من رجالتي يتقتل ومخدش بتاره..
-صُدم عبد الرحيم وقال بذهول:واااه..أنت بتجول إيه؟..ومين عمل إكده!
-مال جاسر بجذعه العلوي وقال بفحيح:زي اللي سمعت..وأنا مش هتنازل عن حق رجالتي

إبتلع عبد الرحيم ريقه بصعوبة..ثم قال بتوتر جاهد أن يُخفيه

-طب وأني دخلي إيه!..حد من رچالتي هو اللي سوا إجده؟
-لأ..بس حد يخصك
-فسأله بعد الرحيم بحيرة وهو يحق ذقنه:حد يخصني!!..مين؟
-هتف بهمس يُماثل فحيح الأفاعي:سناء الهواري.....

تعليقات



×