رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل الخامس والعشرون
مخطئون فيما قالوه عن الماضي،
لقد تعلمت كيف أدفنه،
إلا أنه دائماً يجد طريق عودته.
نظرات قاتمة تحمل تهديد و وعيد إنخلع لها قلبها..رمقها بنظرة أخيرة قبل أن يتحرك بهدوء وكأنه لم يكن..ولم يسعها سوى أنها إرتمت في أحضان صابر..دفنت رأسها في صدره وتشبثت به بقوة..ذُهل تمامًا مما فعلت ولكنه طوق ذراعيه حولها..شعر بـ إرتجافة جسدها فـ سألها بتوجس
-بسنت؟؟..مالك بتترعشي كدا ليه!!
-ردت بصوت مهزوز:خـ..خليني..هـ..هنا
-نهش القلق قلبه وسألها دون أن يُبعدها:حبيبتي مالك متقلقنيش عليكي؟
-حاولت التماسك وهى ترد:آآ..الراجل..دا..آآ..خوفني
-ضحك صابر وقال بمزاح:عندك حق أنا ذات نفسي خوفت والله
لم تبتسم ولكنها شددت من عناقها له..رفع حاجبيه بذهول ولكنه لم يتكلم بل شدد هو الآخر من عناقها..بينما هى سبحت في ذكرى زواجها الغير شرعي منه...
"عودة إلى وقتٍ سابق"
وضعت يدها على وجنتها عقب الصفعة التي تلقتها منه بقوة..وشهقاتها تتعالى مُتزامنة مع سقوط عبراتها..وجدته ينحني لها وهو يقول بخبث
-ها..قولتلك لسانك لو طوّلتيه هقصهولك
نظرت له بحقد ولم ترد وعبراتها لاتزال تجري كـ شلال..أخرج هو لُفافة التبغ وعيناه تستلذان برؤيها هكذا..أشعلها ثم إنحنى لها نفث سحابته الرمادية في وجهها..أمسك فروة رأسها بقوة قائلًا بنبرة شيطانية
-حرية الست والدة مُقابل ورقة صغيرة بيني وبينك
-إتسعت عيناها دهشة وقالت بذهول:يعني أنت عملت كل دا عشان أتجوزك!!
-قهقه بنغمته الحقيرة..ثم قال بدناءة:أومال إيه يا حلوة؟..دا انتي فـ الحتة الشمال
ومد يده يُملس على وجنتها فـ أزاحت يده بـ إشمئزاز وتقزز حقيقي..ليبتسم بجانب فمه ثم قال بنفاذ صبر
-ها أنا مش فاضيلك..قدامك ثانيتين تقولي فيهم قرارك يا كدة..يا إما هاجي أقرأ الفاتحة ع روح الست
صمت يرى ردة فعلها ثم بدأ في العد
-واحد...
-قاطعته بصراخ:خلاص..مو..موافقة
قالت الأخير وهى تبتلع ريقها بصعوبة..إبتسم هو لتبرز إبتسامته أسنانه الصفراء..ليقول وهو ينظر لها بوقاحة
-تعجبيني...
"عودة إلى الوقت الحالي"
وعلى إثر تلك الذكرى إرتجف جسدها بقوة كادت أن تُصيبها بتشنج..فـ شدد صابر من عناقها كـ رسالة منه لطمأنتها...
*************************************
تهادت في ثوبها الذي إبتعاته لتلك المناسبة..ثم دلفت القصر وهى تتلفت بحثًا عنه..وقعت عيناها عليه لتشع تلهفًا له وحقدًا لها فـ في نظرها هى سارقة حبيبها..حاولت رسم إبتسامة مزيفة على ثغرها المطلي بلون خوخي وتوجهت ناحيتهم من أجل التهنئة..وقفت أمامهم ثم قالت بسعادة زائفة
-سموح..ألف مبروك يا حبي
-إبتسم سامح بهدوء وقال بود:الله يبارك فيكي يا مايسة عقبالك
بينما نادين لم تُعجبها تلك النبرة..إلتفتت لها مايسة ثم صافحتها ببرود كـ تهنئتها تمامًا
-الف مبروك يا قمر
-ردت عليها نادين بـ إقتضاب:الله يبارك فيكي
أماءت برأسها ثم رحلت..وعلت إبتسامة ماكرة على وجهها فمن يراها يحسبها أنها سعيدة ولكن ليس كل ما يُرى بالعين هو ما يشعر به القلب..مالت نادين على أُذن زوجها ثم قالت وهى ترمق مايسة بنظرات ساخطة
-البت دي مش عجباني
-رفع سامح أحد حاجبيه وقال:ليه!!..مايسة زميلتي فـ الكلية..مشوفتش منها حاجة مش حلوة
-ردت هى بضيق:أديك قولت مايسة..يعني اسم ع مسمى
نظر لها بنصف عين ثم قال بمكر
-إيه دا هو إحنا هنبدأ الغيرة بدري؟
-فقالت هى بسخط:والله عاوزة أفقعلها عنيها..شوف بتبصلنا إزاي؟
-ضحك سامح ثم أدار وجهها له وقال بحب:متركزيش معاها وخليكي معايا يا قمر
ضحكت بخفوت..ليجذب يدها ويُقبلها بحب قائلًا
-بحبك يا نادو
-رمقته بحب وقالت:وأنا بموت فيك يا سامح
كانت تنظر له وعيناها تُطلقان الشرر..رفعت هاتفها ثم هاتفت أحدهم وقالت بـ إقتضاب
-حط الظرف ع باب الفيلا اللي قدام القصر
-فـ أتاها صوته وهو يسألها بتأكيد:متأكدة أنهم هيقعدوا فـ الفيلا دي؟
-تأففت بضيق وقالت:إسمع الكلام
-فرد هو بتبرير:يا ست هانم بتأكد بس
-قالت هى بنفاذ صبر:يا سيدي حد معرفة قالي إنهم هيسكنوا هناك
-تشدق الأخر بجدية وقد بدأ في التحرك:حاضر يا هانم..هخلص وأديكي رنة...
ثم أغلقت الهاتف وهى تكاد تقفز فرحًا..قالت في نفسها
-أتمنالك حياة زوجية سعيدة...
*************************************
إنتبه صابر إلى ذلك الشخص الذي يهتف بـ اسمه..ليهم بـ الإبتعاد ليجد بسنت تهتف بذعر
-رايح فين؟
-ربت على يدها بحنو وقال:هروح أشوف اللي بينادي..متقلقيش مش هتأخر
ثم تركها ورحل..لتلتفت سريعًا إلى المكان الذي يقف به جلال..فـ وجدته يتربص بهاكما تتربص الأفعى بـ فريستها..ليُصيب خافقها بـ إنقباضة خوف..وتحركت سريعًا إلى شقيقتها تتمسك بها برعب
إنتبهت لها روجيدا..فلاحظت نظرات الهلع التي تتراقص في حدقتيها المهزوزتين..فـ سألتها بـ قلق حقيقي
-مالك يا بسنت؟
نظرت لها بسنت فـ هال روجيدا منظرها المُفزع..بشرتها شاحبة كـ شحوب الموتى..و برودة أطرافها كمن خرج تواً من مُبرد..أمسكتها من كتفيها ثم سألتها بصراخ حاد لم ينتبه له أحد بسبب الموسيقى الصاخبة
-ردي يا بسنت
-حدثتها بنبرة مرتعبة:هو..هو هنا..وآآآ..هيرجع ياخدني..تاني
-هزتها بقوة وقالت:مين دا؟
-وكأنها في عالم أخر لتُكمل حديثها:أنا خايفة
زفرت روجيدا بضيق..ثم أمسكت كفها وقالت بحزم
-الكلام هنا مش ينفع..تعالي نطلع أي أوضة
ثم سحبتها وصعدتا إحدى الغُرف..دلفت وهى تسحب بسنت خلفها وأغلقت الباب..وقفت أمامها ثم حدثتها بحنو
-ممكن بقى تفهميني
نظرت لها بسنت بضياع..فـ ربتت روجيدا على وجنتها بحنو لتحثها على الحديث..إبتلعت الأولى ريقها بصعوبة بالغة ثم بدأت في سرد كل شئ وهى ترتجف من حين لأخر..إتسعت عينا روجيدا بدهشة فـ لكم تلك الصغير التي لم تتعدى العشرون عامًا تُعاني..إنتهت بسنت من سرد جميع التفاصيل لتسألها روجيدا بتأكيد
-يعني هو مش قرب منك؟..كتب الورقة بس؟
-أماءت برأسها وقالت بنبرة مهزوزة:آآ..أيوة..ومعرفش..ليه
جذبتها روجيدل لتُعانقها ثم قالت بـ إطمئنان
-مش تخافي..أنا مش هسيبك وهتصرف مش تقلقي
إبتعدت عنها بسنت وهى تومئ برأسها..ثم أزالت عبراتها..وفي ظل حديثهم..إنفتح الباب ودلف أحدهم...
*************************************
أعطى جاسر طفلته إلى والدته ثم سألها وهو يتلفت حوله
-أومال روجيدا فين؟
-حملت والدته الطفلة وقالت:شوفتها من شوية مع بسنت
-فـ عاد يسألها:طب راحوا فين!!
-رفعت منكبيها وقالت:معرفش..تقريبًا راحوا الحمام
-تنهد بعصبية وقال:ماشي..خلي جُلنار معاكي
-طيب
ثم إنصرف جاسر يبحث عنها..ليأتيه صوت أحد رجاله
-جاسر بيه؟
-نظر له جاسر بتساؤل:في إيه يا منعم؟
-رد منعم بتوجس:في حاچة حُصلت ولازمن تيچي
-قطب بين حاجبيه وقال:حاجة إيه!!
تلعثم منعم وهو يرد فـ لم يستطع إخراج عبارة مفهومة..ليهدر به جاسر بـ إنفعال
-ما تخلص يا بني أدم!
-إنتفض منعم على صوته وقال بخوف:الحرس..اللي ع الحدود..آآآ..واحد منهم مجتول (مقتول) والإتنين التانين مغمن عليهم
توسعت عينا جاسر بصدمة..وبداخله تساؤلات عما حدث..فـ من المستحيل أن تكون سناء فـ قد أخبره عبد الرحيم أنه قد تم إلقاء القبض عليها مُنذ يومان بعد أن قّدم الأوراق إلى النيابة..فمن يكون هذا؟..أفاقه من شروده صوت منعم وهو يهتف
-چاسر باشا؟..روحت فين!
-نظر لها جاسر بقتامة وقال بحدة:شوف صابر فين وهاته معاك..ومش عاوز جنس مخلوق يعرف بـ اللي حصل
-أوامرك يا باشا...
ثم تحرك جاسر مُسرعًا وشياطين الإنس والجن تُلاحقه..ألن يمر يوم دون مصائب؟..أمر بعض الرجال بـ القدوم معه وبقى الأخرين لحراسة القصر ومن به ومنع أي شخص من الخروج وخاصةً زوجته فهو يعلم تلك العنيدة...
**************************************
إلتفتت بسنت لترى من دلف لتجده جلال شهقت بفزع ثم إرتمت في أحضان روجيدا تُخفي رأسها بصدرها..بينما هو إرتسمت إبتسامة مخيفة على وجهه..لم تحتج روجيدا معرفة هوية ذاك الشخص فـ على ما يبدو أنه ذلك القذر..كان اول من قطع الصمت بقوله الخبيث
-مش قولتلك مفيش مفر مني
شعرت روجيدا بـ إرتجافة جسدها..لتحتضنها بقوة وقالت بنبرة حادة
-ممكن أعرف إزاي تدخل كدا؟
-نظر لها بخبث وقال بسخرية:أنتي بقى أختها..مرات جاسر الصياد!
-ردت عليه ببرود عكس ما يثور بداخلها من براكين:عندك مانع!
-غمزها بوقاحة:لأ معنديش..بس مزة زيك يا بسنت..فرسة زيك بالظبط
إرتسمت ملامح الإشمئزاز على وجهها بينما بسنت شعرت كمن تلقى صاعقة بجسده فـ شلت جميع حواسه وأعضاؤه..لترد روجيدا بعنف
-إحترم نفسك..ولو خايف عليها أمشي من هنا بدل مش تعرف تمشي خالص
حك ذقنه بـ إبهامه وتقدم منهن بخطوات هادئة ولكنها تُسري الرعب في النفوس..كادت يده تمتد لتتلمس جسد بسنت إلا ان روجيدا أبعدتها بحدة..ثم أمسكت شقيقتها وخبأتها خلفها..وقفت بشموخ وقالت بقوة
-إيدك القذرة دي لو إتمدت عليها هقطعهالك
-رفع حاجبيه بـ إعجاب وهتف بخبث:لأ شرسة..وأنا بموت فـ القطاقيط اللي زيك
إشرأب بعنقه وهتف بنبرة ذات مغزى
-واللي زيك يا بسنت
لا تستطيع روجيدا أن تنكر تلك الرجفة التي سرت بجسدها والرعب الذي إنتشر بـ أوردتها..ولكنه آثرت إخفاءها وإظهار قوتها الواهية..أمسكت كف شقيقتها..ثم تحركت بخطى مُتعجلة من جانبه..حرصت كل الحِرص ألا تكون بسنت في مواجهته..فكانت في في الطرف المواجهه له..أمسك يدها بقوة وهتف بفحيح أفاعي
-على فين يا حلوة!!!..أنا لسه مخلصتش كلامي
-نفضت يده بعنف وتحدثت بحدة:أحسنلك إمشي من هنا..وإلا قسمًا بالله لهتشوف نهاية مش هتعجبك...
ثم فتحت الباب ودفعت بسنت لـ الخروج..وكادت أن تخرج هى إلا أنه وضع يده على الباب ودفعه بيده..إنتفضت بسنت وأخذت تطرق على الباب ولكن لم يجب أحد..همست بـ اسمه
-صابر
ثم إنطلقت تبحث عنه من أجل إنقاذ شقيقتها...
أما بالداخل..إنتفضت فزعة مما حدث..و إرتفع وجيب قلبها بصورة مُقلقة..إستندت بظهرها على الباب..ليضع هو يداه على الباب خلفها لتكون هى مُحاصرة بينهما..ليهمس بنبرة شيطانية
-مبحبش حد يمشي قبل ما أخلص كلامي
أغمضت عيناها تُهدأ من روعها ثم فتحتها مرة أخرى وهتفت بـ شجاعة لا تمتلك منها مثقال ذرة
-إسمع يا شئ أنت..أيًا كان علاقتك بـ بسنت هى إنتهت ولو عندك ذرة كرامة وعقل إبعد عنها
ضرب بكفيه على الباب بقوة أجفلتها..ليقترب بوجهه منها فـ لفحتها أنفاسه القذرة وهو يهتف بحدة
-لو أنتي عندك ذرة عقل مسمعكيش بتقولي كدا تاني عشان مزعلش منك..أنا زعلي وحش
-إبتلعت ريقها وقالت بنبرة جاهدت أن تكون ثابتة:صدقني نهاية اللي بتعمله دا مش هتعجبك
رمقها بسخرية..قبل أن تضربه بـ ركبتها في معدته بقوة..إبتعد عنها بـ ألم..فـ حاولت الهروب..إلا أنه أطبق على عنقها بيده وصرخ فيها بغضب
-قولتلك متزعلنيش أنا زعلي وحش
قالها وهو يطبق على عنقها بقوة أكبر..حاولت إبعاد يده عنها..إلا أنه كان مُتمسكًا بها بقوة..فهتفت بشراسة لا تعلم من أين أتتها
-بسنت مش هتلمس منها شعرة..وصدقني مش هسيبك تلمس منها شعرة
-إبتسم بخبث ثم إنحنى ناحية أُذنها وهمس بخبث:بسنت بتاعتي ومحدش يقدر ياخدها مني ولا يحميها..فـ إبعدي عن الموضوع دا أنا مش عاوز أشوه الجمال دا وأنا بقدر الجمال
قالها ثم إبتعد عن أُذنها ليجدها جامدة كالصخر..فـ عض على شفتيه بمكر..وبيده التي تطبق على عنقها أرخاها وتحسس عنقها نزولًا إلى منكبها ليُزيح حمالة ثوبها..وما شعرت به من رعب إلا أنها أبعدت يده عنها بقوة..وكادت أم تصفعه ولكنه أمسك يدها وبيده الأخرى اشار بسبابته بعلامة نفي وهمس بشيطانية
-متستفزينش يا حلوة عشان معملش حاجة هتندمي عليها..
نفضت يده عنها بقوة وقالت بصراخ:إبعد إيدك عني يا كلب..يا قذر
-قهقه بصوت مرعب ثم قبض على ذقنها وقال بمكر:شرسة وعجباني..بس محدش يملى عيني غير بسنت حبيبة قلبي
-أبعدت يده عن ذقنها وضربات قلبها كادا تصم الآذان:بلاش تلعب بالنار مش هعترف تطفيها
إبتعد عنها بهدوء ثم أزاحها بيده وأدار المقبض..وهتف بـ قتامة
-النار مبتأذيش نار زيها..فـ لو خايفة ع نفسك يا شاطرة متلعبيش معايا
ثم خرج وصفق الباب بقوة أفزعتها..إستندت على الحائط ثم سقطت على الأرضية تضم ساقيها إلى صدرها ورفعت حمالاتها التي أسقطها ذلك الحقير..وأخذت تبكي بخوف..لا خوفًا منه بل من الماضي الذي تسلل إليها في لحظات حاملًا معه أقسى ذكريات مرت بها..فعلمت أنها لم تتخطى الماضي قط..بل هاجمها بشراسة..هى لم تتعالج ولكن في كل مرة ستُهاجمها نفس الذكريات التي ذبحتها بسكين بارد...لم تعد تتحمل لتصرخ بقوة وقد أعلنت أنه يجب إطلاق سراح صرخاتها عصيانًا على الماضي...
************************************
عاد جاسر هو وصابر و وجهيهما مُتجهمان بشدة..لم يعلما ما حدث ولكنهما قد آثرا التكتم على الأمر عن الجميع حتى فك مُلابسات ما حدث تشدق صابر بجدية
-لازم نبلغ البوليس عشان الموضوع زاد عن حده
لم يجبه جاسر..فعاود صابر الحديث ولكن جاسر أوقفه وهو يهتف بهدوء يُنذر بهبوب عاصفة
-محدش هيدخل فـ حاجة..أنا بس اللي هتصرف
حاول صابر الحديث ولكن نظرات التصميم في عيني جاسر ألجمته فـ صمت صابر على مضض..ولكن لفت إنتباهه ذلك الشخص الذي يخرج من جانبه ويرمقه بنظرات مُتحدية..فقال صابر بذهول
-إيه الأهبل ابن الأهبل دا!!
-تلفت جاسر خلفه وقال بتساؤل:في إيه؟
-الراجل اللي ى من جمبك دا مش طبيعي..خبط فـ بسنت و دلوقتي بيبصلي بصات غريبة..تعرفه؟
-قال جاسر بفتور:تلاقيه حد من أهل القرية
بالطبع لم يكن يشغل باله ذاك الرجل أو ما يقوله صابر بل كل ما يُهمه الآن من ذلك الشخص الذي قتل أحد حرسه..دلف بخطوات وئيدة ولكنه وجد بسنت تركض ناحيتهم وهى تلهث..فـ سألها صابر بتوجس
-في إيه؟
نظرت بسنت خلفه لتجد جلال قد رحل..تلفتت إلى جاسر الذي سألها بـ إهتمام
-فين روجيدا يا بسنت؟
-اجابت بتقطع:فـ..فو..ق..فـ..أوضة..جمب..الأوضة بتاعكم
تركها جاسر ثم صعد إلى زوجته فـ هو يُريد الإطمئنان عليها..بينما بسنت زفرت بـ إرتياح عقب رحيل جلال..ليقول صابر بـ تساؤل
-مالك بتنهجي ليه؟
-نظرت له بقلق ثم أمسكت كفه وقالت بسرعة:تعالى نشوف روجيدا الأول
-ليسألها بتعجب:مالها روجيدا؟
ولكنها لم ترد عليه وسحبته بقوة ليصعدا إلى الأعلى...
تحرك جاسر بخطوات سريعة لكي يرى زوجته..وصل إلى أعلى فقد تخطى الدرخ في بضع خطوات ثم وصل إلى الغرفة المنشودة..فتح الباب ليدلف..ولكنه لم يجدها..هتف بـ اسمها وقد إضطرب وجيب قلبه
-روجيدا؟
-أتاه صوتها الواهن وهى تخرج من المرحاض:أيوة يا جاسر
سلط أنظاره عليها ليهاله ما رأه...
تقدم منها بخطوات هلعة فـ كانت بشرتها تميل إلى الإصفرار بدرجة مُرعبة..جسدها يرتجف بشدة..نظراته القلقة جعلته كفيف عن أي شئ أخر...أما هى فقد إستخدمت الكثير من مستحضرات التجميل لإخفاء أثار أصابع ذلك الوغد عن نحرها واضعة يدها عليها..أحاط جاسر كتفيها وسألها بقلق بيّن
-مالك يا حبيبتي؟
-أجابته بوهن:مفيش يا جاسر..شكلي أخدت برد
-أحاط خصرها ثم إتجه بها إلى الفراش وقال بعتاب:ما أنتي لابسالي إيه فـ البرد دا؟..خليكي إرتاحي
وفي تلك الأثناء صعدت بسنت تجر خلفها صابر وهى تلهث حتى وصلت إلى غُرفتها..نظرت لها روجيدا بتحذير ألا تتحدث عما حدث فـ أماءت بسنت بخفوت..تقدمت منها وقالت بتوتر
-بقيتي أحسن!
-لم ترد فقد قاطعها جاسر قائلًا:إيه اللي حصل!!
إبتلعت ريقها بصعوبة ثم تشدقت وهى تنقل نظراتها المتوترة بينها وبين ذلك اللعين الذي يُحاصرها بنظراته..أخذت نفس عميق ثم قالت
-كنت بتكلم مع روجيدا بس هى مسمعتنيش عشان صوت الأغاني..فـ طلعنا هنا ولسه بتكلم لاقيتها تعبت عشان كدا جيت أنادي عليك
رمقها جاسر مُطولًا ولم ينبث ببنت شفة..ثم نقل نظراته إلى روجيدا فـ أخفضتها سريعًا..لينهض جاسر عن الفراش وهو يقول
-روحي أوضتنا إستريحي..وكفاية عليكي كدا أنا هكلم أمي وهخلي حد يطلعلك بحاجة سخنة
ثم دلف إلى الخارج وسحب صابر خلفه مُغلقًا الباب بهدوء..تنفست بسنت الصعداء بينما روجيدا لم يرُق لها الأمر..ذلك الهدوء الذي يتبعه عاصفة فـ جاسر لا يُمكن التنبؤ بتصرفاته..تحدثت بسنت بـ إرتياح
-الحمد لله صدق
-لكزتها روجيدا وهى تقول بخوف:صدق إيه أنتي كمان!!..ربنا يستر من هدوءه دا
-نهضت بسنت وقالت بتخوف:يعني إيه؟..هيعلقنا من ودننا؟
-تأففت روجيدا وقالت بضيق:بس يا بسنت سبيني فـ حالي وإنزلي أنا أعصابي مش مظبوطة
-إقتربت منها بسنت وسألتها بتوجس:عملك حاجة!!
رمقتها روجيدا بنظرة لن تستطيع بسنت بـ حياتها أن تنساها..إبتلعت ريقها بصعوبة ولم تتحدث لتسمع صوت روجيدا يصدح بجمود
-إنزلي يا بسنت كملي الفرح
-سألتها بتردد:طب أنتي؟
-صرخت روجيدا بوجهها:بقولك إنزلي
إنتفضت بسنت من صراخها ولكنها لم تتحدث..تعلم ذلك الحقير وما هو قادر على فعله..خرجت وتبعتها روجيدا ذاهبة إلى غُرفتهم لتنعم بـ بعض الراحة المفقودة...
**************************************
-هو أنت مالك يا جاسر!!
ذلك السؤال خرج من فم صابر ولكن كل ما حصل عليه كان السكون..ليصمت بعدها ولم يتحدث يعلم أن ما حدث ليس بهين فـ كلما حاول جاسر إصلاح الأمور تفسد بطريقة أو بـ أخرى...تقدم جاسر من والدته وأخذ صغيرته ليقول لها بهدوء
-روجيدا تعبت يا أمي وهى فوق بتستريح؟
-سألته والدته بـ إنعقاد في حاجبيها:مالها يا حبيبي!!
-رد عليها وهو يُداعب صغيرته:تقريبًا أخدت برد من اللي هى لابساه
أماءت برأسها بتفهم..ليُعيد لها الصغيرة ثم توجه إلى شقيقه سامح يُخبره بهدوء وهو يهمس في أُذنه
-مش يلا بقى ولا إيه؟
-تهللت أسارير سامح ثم قبّل أخيه وهو يقول:يلا ويلا كمان..
-ربت جاسر على مكنبه وقال:طب يلا وأنا هنهي الفرح
كاد أن يتحرك إلا أن سامح أمسكه من يده وقال برجاء
-لأ مش لازم أنا هاخد نادين وأخلع وأنت إتعامل بقى
-إبتسم جاسر بخفوت وقال:واطي..يلا روح
ثم دفعه بخفة في منكبه..وبكلمات مُقتضبة انهى الزفاف و توجه سامح مع عروسه إلى "عُش الزوجية"
**************************************
-دفعها في ظهرها بخفة وقال بعبث:خشي برجلك اليمين يا ست العرايس
-تخصرت وقالت بحنق:ومش المفروض تشيل عروستك يا باشمهندس؟
-أجابها بمكر:ليه وأنتي إتشليتي!!
ضيقت عينيها بتذمر وكادت أن ترد لتشهق وهو يحملها بخفة بين ذراعيه..ليقول بـ مداعبة
-فراشة يا إخواتي
-ضربته في صدره بخفة وقالت بغيظ:إتلم
ضحك ثم دلف بها أنزلها على قدميها وكاد أن يُغلق الباب ولكنه وجد مظروف..إلتقطته ثم تساءل وهو يتفحص ذلك المظروف
-إيه دا؟
-قدمت نادين من خلفه وقالت:إيه دا إيه؟؟
-إلتفت لها وقال:معرفش..مكتوب عليه هدية للعرسان
-جذبته من يده وقالت بطفولة:تعالى نشوفه
-إختطفه من يدها ثم قذفه بـ إهمال قائلًا بخبث:نشوف إيه؟..لأ النهاردة في عرض حي
-قالت وهر ترفع ثوبها عن الأرضية الرُخامية:إعقل يا مجنون
نزع عنه سترته ثم رابطة عنقه وإقترب منها بخطوات هادئة..تلاعب بحاجبيه وقال بعبث
-عقل إيه؟..هو أنتي خليتي فيا عقل..إستعنا ع الشقى بالله
هم أن يُمسكها ولكنها ركضت وصوت ضحكاته يزيدانه رغبة بها..وصلت إلى غُرفتهما وقبل أن تُغلق الباب كان هو يُعيقها..ليدفعه بقوة ويدلف..أخذ يحل عنه أزرار قميصه وقال بتشفي
-جالك الموت يا تارك الصلا
-اشارت بيدها وقالت:طب بمناسبة الصلاه..يلا نتوضى ونصلي الأول
-غمزها بعيناه وهو يقول:أومال أنا بعمل إيه؟..يلا خشي أنتي هنا وأنا هدخل فـ الحمام بتاع أوضة الأطفال
-إبتسمت بخجل وقالت:ماشي
إتجه إلى الخزانة ثم أخرج منها ثيابه ثم دلف إلى الخارج..وكذلك هى فعلت المثل..دقائق وقد عاد ليجدها لم تخرج بعد..كاد ان يطرق الباب ولكنها خرجت..إنفرجت عيناه عن أخرها بجمالها الأخاذ في ثوب الصلاه ليقول بـ إنبهار
-بسم الله ما شاء الله..قمر يا بنت السيوفي
إبتسمت وقد تخضبت وجنتيها بلون أحمر يعشقه..ليجذب يدها من أجل الصلاه..وبدآ وكان هو من يقف أمامها..ألقى بصوته الرخيم صلاته فما أجمل صوته في تلاوه القرآن!..إنتهى ثم إستدار لها وضع يده على رأسها ثم ردد الدعاء..وجدها تفرك في يدها بتوتر ليضع يده على يدها..وبـ الأخرى رفع ذقنها له..نظر إلى عينيها قبل أن يهمس بعذوبة
-بحبك
-همست هى أيضًا وعيناها تطفقان بـ الحب:وأنا بعشقك
وكانت هذه أخر كلماتها قبل أن يتذوق شفتيها في قُبلة رقيقة كنسمة هادئة تمر من بين الأزهار فـ تتأرجح بـ إنسيابية..حملها ثم توجه بها إلى الفراش..لتبدأ رحلة عشق طويلة الأمد لا يعرف نهايتها أحد...
**************************************
إنصرف الحضور و تولى صابر مهمة الإهتمام ما تبقى ليصعد جاسر مُنهك القوى و التفكير وكيف لا وهو قد نسى صغيرته مع والدته ترعاها..دلف الغُرفة ليجدها تجلس مُنكمشة على نفسها لم يُبدي أي رد فعل..وهذا ما أثار الرعب في جميع خلايا جسدها..نزع سترته ثم أخذ ثيابه وقال بـ إقتضاب
-هدخل أخد شاور..مش هتأخر
لم تقوَ عضلة لسانها على التحرك و التفوه بـ أي حرف..فـ إكتفت بـ عدة إماءت من رأسها..نظر لها مُطولًا تلك النظرة الهادئة التي تعي جيدًا بعدها بركان سيثور فيوجهها يحرق ما يُقابله..شعرت بجفاف حلقها وبرودة تجتاح أوصالها..خوفها من ذاك المرعب لم يختفي قط..بل يزيد مع نظرات جاسر...
خمسة عشر دقيقة وكان جاسر يدلف خارج المرحاض..يُجفف خُصلاته بـ منشفة صغيرة ثم قذفها بـ إهمال على أحد المقاعد بجانب باب المرحاض..هم بالحديث لتُقاطعه طرقات..زفرتان إنطلقتا واحدة غضب من جاسر و أخرى إرتياح من روجيدا..إتجه الأول ناحية الباب ثم فتحه لتقذفه والدته بعتاب و هى تُلقي بـ الصغيرة بين ذراعيه
-ينفع كدا سايب بنتك مفطورة من العياط..إديها لـ روجيدا تأكلها
-ربت على ظهر صغيرته وقال بـ تعب:معلش يا أمي إرهاق طول اليوم نسّاني إنها معاكي
-ردت بحنان:طيب يا حبيبي..نام وخلى مراتك تأكلها
-طيب..تصبحي ع خير
-وأنت من أهل الخير
أخذ يربت على ظهر طفلته حتى وصل إلى روجيدا..أعطاها إياها بحنان وقال بفتور
-أكلي جُلنار..البت هتموت من الجوع...
قالها ثم جلس يُعطيها ظهرها..بينما روجيدا تنظر له بدهشة..وبكاء الطفلة لم يهدأ ليقول جاسر بحدة
-روجيداااا!!!..أكلي البنت هتفضلي تبصيلي وتسيبها؟
إنتفضت روجيدا على صوته لتسيل بعض اللألئ على وجهها..ثم قامت بـ إطعام طفلتها بصمت..دقائق وغامت الصغيرة في أحلام وردية..لنتهض روجيدا بحذر و تضعها في مهدها..قامت بدثرها جيدًا حتى إستدارت لتجد جاسر خلفها مُباشرةً..شهقت بفزع ليقول بجمود
-تعالي معايا الأوضة اللي كنتي فيها من شوية
-ردت روجيدا بتلعثم:آآ..بس..بس لو..آآآ..جُلنار صحت..مش..هنسمعها
-جذبها من ذراعها وقال:منا بعمل كدا عشان متصحاش
بدوت العبارة غامضة إلى أقصى حد..ولكنه جذبها بقوة خلفه ولم يشعر بـ أصابعه التي إنغرزت بقوة في بشرتها الرقيقة..تأوهت بـ أنين مكتوم ولكنه لم يعرها أي إهتمام..دلف إلى الغُرفة ثم صفق الباب ليدفعها إلى الداخل..كتف ساعديه أمام صدره وتساءل بهدوء الله وحده أعلم كيف تسلح به حتى الآن
-حصل إيه يا روجيدا؟
-فركت كفيها بتوتر وقالت:حـ..حصل..إيه فـ..فـ..إيه؟
-همس بـ فحيح مخيف:سؤالي واضح؟
-إلتفتت حتى لا تُجابه تلك النظرة التي تُسري الرعب في نفسها:قو..قولتلك تعبانة
إلى هنا وإنفلت زمام الأمور..إلتهم الأرض بخطوتين وأدارها له بقوة ثم قبض على ذراعيها بقسوة وهدر بها بغضب
-متصعيش عليا وإنطقي أنا ماسك نفسي بـ العافية
-تأوهت بـ ألم قائلة بـ تحشرج:إيديا يا جاسر
-هزها بعنف وهو يهتف بحدة:ياكش تتقطع..إنطقي
نفضت يده عنها وحاولت الإبتعاد إلا أنه قبض على خُصلاتها بقوة وجذبها بحدة..لتصرخ هى بـ تأوه شديد..ولكنه لم يأبه..قبض على فكها بقوة وهمس بنبرة حادة
-الله أعلم أنا ماسك نفسي إزاي!..فـ متخلنيش أطلع غُلبي عليكي وإنطقي
-سألته ودموعها بدأت تسيل كـ أمطار تروي صحراء جافة:عاوزني أقولك إيه؟
-دفعها إلى الحائط وهدر بـ إنفعال:تفسريلي إيه اللي على رقبتك دا!!
توسعت عيناها بدهشة حقيقية..ليهتف هو بسخرية ما أن لمح دهشتها
-إيه هو أنا مش عارف مراتي؟..ولا إيد إتمدت على مراتي فـ غيابي
-تحدثت وأنفاسها بدأت تعلو:مـ..مفيش..
-قاطعها بشراسة وقال:متكدبيش..أنا عارف إن في راجل غيري لمسك
-حاولت الحديث وقالت بتقطع:طب..طب..ممكـ..ن تهدى
-هزها بعنف ويداه تقبض على خُصلاتها بقوة:أهدى!!
ثم هتف بـ صياح وغضب أفزعها
-أهدى و أعرف إن في حد لمس مراتي..إنطقي يا روجيدا..إنطقي
قال الأخيرة بـ صراخ أكبر..لتنفجر باكية وشهقاتها تكاد تصُم أُذنيه..تخيلته للحظات أنه هو..حاولت إبعاده عنها وقد أصبح تنفسها ثقيلًا..بدأت قدميها تخور والأرض تُميد من أسفلها..ثقل جسدها ليشعر جاسر بها تتهاوى بين يده..خفق قلبه بخوف عليها ليُجلسها على الأرضية ويأخذها في أحضانه وأخذ يُدلك صدرها حتى يُساعدها على التنفس..حاولت إبعاد يده بقبضتيها الضعيفة ولكنها لم تستطع..ليستمر هو بما يفعله..ذفر بضيق كبير وقلبه يحترق عليها خوفًا و فزعًا هو لم يكن يقصد أن يُوصلها إلى ما هى عليه ولكنه ما أن تخيل أن يكون قد تلمسها رجل يحرقه بشدة..يكفي ما سُلب منها عنوة..يكفي أنه يشعر أن ذلك الحقير تلمسها..هو لا يشمئز منها أو يشعر بما يسمى القرف ولكنه حزين كل الحزن أن ذلك الحقير تمتع بحقها رُغمًا عنها..لم يكن هُناك لحمايتها..تلك الفكرة تكاد تُصيبه بـ ذبحة صدرية..وما كان ينقصه أن يتلمسها رجلًا أخر يأخذ منها اللمسات وهى كارهه يعلم أنها تكره أي رجل عداه..فما كان منه أن يصب جام غضبه عليها وكأنها ذلك الحقير...
صوتها الضعيف أخرجه من دوامة أفكاره..صوتها الواهن و المبحوح قد مزق نيّاط قلبه
-مش..مش را..راجل..دي..دي..بسنت
صمتت تأخذ أنفاسها..وهو ينصت لها بتركيز ليجدها تُكمل
-كـ..كانت..خـ..ايفة..حد..خبط فيها..وآآ..خا..فت منه..وجت حضنتني..جا..مد..فـ..سابت..الـ..العلامة..دي على..رقـ..بتي
رفع رأسها ولا تعلم كم جاهدت لرسم نظرة صادقة على وجهها..حدق يها جيدًا حتى لمح نظرات الصدق الكاذبة..وضع يده على وجنتها وأزال عبراتها وسألها بـ هدوء مُفتعل
-يعني مفيش راجل لمسك؟
رغم إرتفاع وجيب قلبها..إلا أنها أماءت بلا..زفر جاسر بـ إرتياح وقال وهو يحتضن رأسها
-الحمد لله..الحمد لله
أبعد رأسها وقد..تحولت جميع نظراته إلى الحنان..لتُقسم روجيدا أنه بالتأكيد يُعاني من إنفصام الشخصية..ثم أردف بنبرة نادمة
-أسف يا روحي مكنتش أقصد أقسى عليكي..خفت..خفت حد يكون ضايقك بدون وجه حق..أسف والله حقك عليا
ثم جذبها في أحضانه مرة أُخرى يسير بيده بنعومة على ظهرها..كيف لها أن تُعاتبه..كيف لها أن تغضب منه؟..كيف لها أن تكرهه!..كيف لها ألا تعشقه؟..و هو كـ الطفل الصغير يثور و ينفعل ثم في ثوان يعتذر و يندم..كيف وهي تشعر بذلك الدفئ المنبعث من ذلك العناق الذي يُحاصرها به؟..وألف كيف على ذلك الرجل العجيب..قاسي..عنيف..حنون..عاشق لها..يبُث بها الأمان..هو ملاذها..
أحاطت خصره بيدها ودفنت رأسها أكثر في صدره لتترك العنان لعبراتها الهطول من جديد..شعر بها ليتركها تُخرج ما بها..ربت على خُصلاتها بحنان وشدد عليها في أحضانه حتى غدت كـ ضلع إضافي له..همس لها بنبرة دافئة
-وجعك دا بيقطع شراييني..دموعك دي غالية عندي أوي يا روجيدا..ياريت كانت تتقطع إيدي قبل ما تتمد عليكي
لم ترد عليه..ليُغمض هو عيناه آسفًا على ما آلت إليه الأمور..ليهتف في نفسه
-غبي ومتسرع..إديها كانت هتموت فـ إيدك وطلعت فـ الآخر بسنت
بالرغم من كونه يعلم زوجته تمام العلم إلا تلك التعابير التي أنهكت قواها..عمقها وصراحتها الكاذبة..جعلته يشعر بالذنب الفظيع..شعر أخيرًا بـ إنتظام أنفاسها..أبعدها عنه ليجدها تغط في ثُبات..أو هكذا ظن..وضع يده أسفل رُكبتيها والآخرى أسفل ظهرها ثم حملها و توجه إلى غُرفتهم..وضعها على الفراش برفق و كـ أنها آنية فُخارية يخشى عليها الكسر..جذب الغطاء عليها وتمدد بجانبها..وضع رأسها على صدره فوق قلبه مباشرةً الذي يضخ عشقًا خالصًا لها..وبيده الأخرى حاوط خصرها إنحنى يُقبل وجنتها بعمق..ثم همس بندم
-أسف يا فراولتي
ثم أغمض عيناه ينام..فتحت هى عيناها..تنظر إلى الفراغ..قبل أن تقول في نفسها عبارة لم تُصدق أنها تخرج منها بعدما فعله
-ليه أنت الراجل الوحيد اللي مش بخاف منه!!..ليه مش بقدر أعاتبك ولاأزعل منك لما تغلط فـ حقي؟..يمكن عشان أماني مثلًا؟..بعشقك يا جاسر...
**************************************
قام بـ إصطحابها بسيارته إلى المنزل..كانت هى شاردة يسبح يعقلها العديد و العديد من الأفكار و الكثير من الخوف من القادم..كان صابر يُتابعها بنظرات شغوفة..تطلع على نور النائمة بعمق في الخلف..قبل أن يُعيد بصره إليه ليقول بهدوء
-تعبتي!!
-إنتبهت على صوته وقالت وهى ترسم إبتسامة صغيرة:يعني شوية
-تابع الطريق وهو يسألها:هو إيه اللي حصل لـ روجيدا؟
-تلعثمت في البداية:يعني..هى..هى أخدت..برد وكدا
-مط شفتيه بفتور وقال:ماشي...
ساد الصمت لدقائق وهى مُترددة في فتح ذلك الموضوع ولكنها حسمت أمرها بـ سؤاله..نادته بخفوت
-صابر!
-همهم وهو يُحدق بالطريق:ايوة
-تنحنحت وقالت:احم..ممكن أسألك سؤال؟
-نظر لها بـ إهتمام وقال بمزاح:كلي أذان صاغية
لم تضحك فما هى مُقبلة عليه يُعد أصعب ما قد يمر عليها..لذا أخذت نفس عميق حبسته في صدرها فترة ثم زفرته على مهل وقالت بهدوء مُذبذب
-هو..هو أنت جبت..ورقة العرفي إزاي؟
نظر لها فجأة و إرتسمت معالم الدهشة على وجهه قبل أن يسألها بنبرة جافة
-ليه؟
-أعادت خُصلة خلف أُذنها وقالت بتوتر:مـ.مفيش بس..بسأل
-أعاد نظره إلى الطريق وتنفس بـ عمق قبل أن يُجيب:مفيش بعت ناس يجيبوها بمساعدة من ناس حبايبي
-قطبت بين حاجبيها بدهشة:يعني أنت مشفتوش؟
-لوى شفتيه بضيق وقال بنفاذ صبر:لأ
وبعد ذلك ساد الصمت..الآن قد فسرت كيف لم يتعرف عليه..هو لم يره من الأساس بل أحدهم هو من جلب له تلك الورقة..زفرت بـ إرتياح أن صابر لا يعرفه..ولكن قلبها ملئ بالرعب من ذلك القذر الذي عاد ولا يتنوي خيرًا..فيكفي ما فعله بـ شقيقتها فـ جعلتها ترمقها بتلك النظرة...
بعد ساعات وصلت السيارة إلى منزل بسنت..أغلق صابر المُحرك ثم إلتفت لها قائلًا بحب
-حمد لله ع السلامة
-إغتصبت إبتسامة وهى تُجيب:الله يسلمك
-أمسك يدها وقبلها ثم قال:يلا إطلعي نامي ع طول..شكلك مجهد
أماءت برأسها ثم سحبت يدها فتحت باب السيارة وكادت أن تدلف إلا أنها عادت مرة أخرى تحت نظراته المُتعجبة..نظرت بقوة في بنيته جعلت قلبه يخفق بقوة..قبل أن تُلقي بـ قنبلتها
-هو أنت هتيجي تخطبني إمتى!!!