رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثالث (ولعشقها ضريبة) الفصل السادس والعشرون
وإني إلى عيناكِ تائب...
صعد جاسر على متن اليخت ثم عاون روجيدا على الصعود..ليبتسم بـ بخبث قائلًا
-تصدقي اللبس بقى شكله أحلى وهو مبلول
-إلتفتت إليه روجيدا ثم قالت بـ ضيق:قولنا إيه!..نحترم نفسنا شوية...
إقترب منها ثم قال بـ مكر وهو يدنو بـ رأسه منها
-إحنا متفقين على اللمس..أما الكلام فـ دا بتاع ربنا..ملكيش دخل بيه
-نفخت بـ ضيق قائلة:وبعدين يعني..هنفضل فـ البحر كتير!!
-نفى بـ رأسه وقال:أكيد لأ..إحنا قربنا نوصل مطروح..متقلقيش
-ردت بـ عدم إكتراث:هقلق من إيه؟...
إقترب بـ خطوات أكثر حتى وقف أمامها تمامًا..ثم إقترب بـ أنفه من عنقها دون أن يلمسه ثم همس بـ عبث
-مني مثلًا..يعني أنا وأنتي والشيطان تالتنا..فـ لازم تخافي يا حتة مربى بـ الفراولة...
وإبتعد عنها ليجد وجنتيها قد تخضبتا بـ حُمرة قانية..ليبتسم بـ مرح ثم قبّل أطراف أصابعه و وضعها على شفتيها وهمس بعدها بـ إبتسامة رجولية مُهلكة
-خشي غيري هدومك يا روجي عشان الشيطان عمّال يلعب لعبة كبيرة أوي وأخرها مش هيعجبك...
لم تنتظر أن يُعيد حديثه مرةً أخرى لترحل بسرعة تاركة إياه يتلظى بـ إصدارها عليه أحكام ديكتاتورية للإنتقام..ولكنه يستحق فـ كان من المُمكن إخبارها وتفادي كل هذا..تأفف بـ نفاذ صبر لينزع عنه قميصه المُبتل ثم توجه إلى مكان القيادة ويبدأ رحلته من جديد تاركًا جذعه العلوي المُبتل لأشعة الشمس تتولى تجفيفه
وهى بـ الأسفل تتكئ على الخزانة بـ قلب ينبض بـ عنف..كما قال البقاء معه أخطر من البقاء بـ جانب عبوة ناسفة..تأففت وهى تُبدل ثيابها بـ أخرى جافة وأكثر إثارة
صعدت ترتدي ثوب من اللون الأبيض يصل إلى مُنتصف فخذها..ضيق على جسدها وكأنه جلد ثان..مُزين من الأطراف بـ فراشات البُرتقال..مُحكم من الأعلى بـ حمالتين رفيعتين في أتجاهين مٌتعاكسين ليلتفان حول عنقها معقودًا على هيئة أنشوطة تتدلى أطرافة على ظهرها المكشوف بـ الكامل..وخُصلاتها المُبتلة رفعتها على هيئة كعكة مُشذبة تتدلى منها الخُصلات على وجهها بـ طريقة جعلتها أكثر فتنة مما هى عليها
وجدت اليخت يتحرك ويشق البحر..فـ علمت أن جاسر يتحرك بهم إلى مرسى مطروح..إتجهت إليه لتسأله بـ هدوء
-هنوصل إمتى!!
-رد عليها دون النظر إليها:يعني ممكن على بالليل كدا..تعبتي؟...
سألها قبل أن يلتفت إليها وليته لم يفعل..الثياب التي إبتاعها من أجله ها هى تستخدمها ضده..إنقلب السحر على الساحر فـ خر صريعًا..حبس أنفاسه عن رائحتها البريئة..ترتفع نبضاته كلما مرت عيناه على هيئتها..فاتنة تلك الفيروزية الفاتنة فُتن قلبه بها..زفر أنفاسه الحارة التي حبسها ليقول بـ حرارة
-أيووووووه يا جدعان..هو إحنا هنفضلوا فـ العذاب دا كتير!
-نظرت إليه بـ عدم فهم وتساءلت:هو أنت بتتكلم كدا ليه!
-ضرب كفيه بـ بعضهما وقال بـ تذمر:من اللي أنا شايفه ياختي..من اللي أنا شايفه...
أمسك معصمها وجذبها إليه ثم همس وهو ينظر إلى عينيها المُتسعتان
-أنتي مش ناوية ترحميني!..يعني مش ناوية تهمدي إلا لما أخسر عقلي و أخل بعقابك معايا!
-إبتسمت بـ مكر وقالت:مش أنت عاوزني أدلع!!..خلاص أديني بدلع نفسي..وبعدين أنا وأنت إيه!..مش واحد برضو!
-صرخ بـ إنفعال:لا يا ختي..فـ الحاجات دي مش واحد..دا إحنا أتنين..أتنين ونص كمان يا روح طنط
-تذمرت قائلة:أووووف بقى يا جاسر..إوعى كدا شوية
-قربها أكثر ثم قال:أبعد إيه يا فراولاية!..مينفعش خالص...
إنتفخت أوداجها غضبًا..ذلك الرجل لا يُمكن البقاء معه أبدًا..فـ هو لا يقف "مُحترمًا" أبدًا..ثوان وإستعادت مكر الأنثى..لتسير بـ أطراف أناملها على عضلات صدره الصخرية بـ بطء مُثير..فـ شعرت بـ تصلب عضلاته أسفلها و أنفاسه التي ألهبت جبينها..لتتسع إبتسامتها أكثر ثم همست وهى تدنو بـ شفتيها من شفتيه
-عشان خاطري يا جسوري إبعد شوية
-همس بـ شرود وعيناه مُثبتة على شفتيها:عيون جسور والله...
إبتسمت وهى تراه يبتعد..فـ إبتعدت عنه وهى تتنفس الصعداء..ثم إتجهت إلى قُرص القيادة وهتفت بـ حماس
-جاسر عاوزة أسوق!...
وضع يده خلف عنقه يستعيد إتزانه التي أخلت به تلك الفيروزية..ثم تشدق بـ صوتٍ أجش
-احم..عاوزة إيه يا حبيبتي!!
-تعلقت بـ عنقه وهتفت بـ رجاء:عاوزاك تعلمني أسوق
-ردد بـ إستنكار:تسوقي!!..تسوقي إزاي يعني!..أنتي فاكرة نفسك فـ المطرية
-إقتربت منه أكثر وهمست بـ رقة أكثر:بليييييييز!...
رفت بـ أهدابها عدة مرات مع إبتسامة ناعمة..وعناق طفيف جعل يده تلتف حول خصرها مسلوب الإرادة ثم هتف بـ قلة حيلة
-وأنا أقدر أقول لأ وأنتي بتمارسي عليا طقوسك
-ضحكت وقالت بـ سعادة:مرسيه يا جسوري...
ثم قبلت وجنته بـ خفة وإتجهت إلى قُرص القيادة..نظرت إليه فـ وجدته لا يزال يقف بـ مكانه لتُلوح له وتُشير إليه بـ الإقتراب..ليقترب ويبدأ تعليمها كيفية القيادة وبعض التعليمات المهمة
كاد أن يرحل ليُبدل ثيابه..إلا أنها أمسكت يده وتساءلت مُتعجبة
-أنت رايح فين!
-هروح أغير بقى..الشمس سلختني
-ضحكت ثم قالت وهى تجذب يده:لأ خليك معايا..جايز أغلط
-زفر بـ ضيق وقال:طيب...
كان ينظر في جميع الإتجاهات..وإليها في بعض المرات..ليدها تُخطئ –عن عمد-..ليقول مُصححًا
-كدا غلط..إعملي كدا
-تساءلت بـ مكر لم يلمحه:كدا إزاي يعني!...
أشار بـ يده عدة مرات ثم قال بـ نفاذ صبر
-كدا يا روجيدا
-رفعت كتفيها بـ بساطة ثم قالت:وريني
-طب إوعي
-ردت بـ براءة مُصطنعة:لأ وريني وأنا كدا...
ضيق عيناه مما تُحاول فعله..وهو جعله يقفد تعقله..ولكنه إبتسم بـ خبث ثم قال وهو يتحرك في إتجاهها
-طيب على راحتك...
وقف خلفها..يد موضوعة على يدها التي على قرص القيادة والأخرى حول خصرها..ورأسه يستند على كتفها..وشفتاه من حين لأخر تُودعه قُبلة رقيقة..فـ تبتسم هى بـ خجل..وها هى حواء تربح جولةً أخرى أمام آدم
***********************************************************
وقفت أمام المنزل ليترك هو يدها فـ رفعتها وظلت تُمسدها..نظر إلى يدها التي تُمسدها فـ علِم أنه قبض عليها بـ قوة ليسألها بـ خفوت
-وجعتك!
-نظرت إليه وحركت رأسها نافية:لأ...
تقدم منها وأمسك يدها..رفعها إليه ونظر ليجد إحمرار طفيف موضع أصابعه..ليُمسدها هو..قطب حاجبيه وقال
-مأخدتش بالي يا مروة..أنا أسف
-إبتسمت بـ إهتزاز وقالت:مفيش حاجة...
جذبت يدها عنوة من بين يداه..ثم هتفت بـ حرج وهى تفتح باب المنزل
-مش هينفع أقف معاك أكتر من كدا..شكرًا على اللي عملته هناك
-إبتسم وقال بـ إمتنان:أنا اللي لازم أشكرك..بجد شكرًا يا مروة..فوقتيني فـ وقت كنت هخسر فيه نفسي ومفيش سبيل للرجعة
-إبتسمت بـ خجل وقالت:العفو..مبسوطة إني ساعدتك...
ثم فتحت الباب ودلفت دون أن تنظر إليه..غافلة عن نظرة جديدة يرمقها بها..تنهد وهو يبتسم بـ شقاوة..هذه الفتاة تُضيف إلى حياته نكهة مُختلفة ذات مذاق رائع..تنهد مرة أخرى ثم رحل
توجه إلى منزل عبد الرحيم وطلب من أحد الخدم أن يُقابله
ساعدته الخادمة على الدلوف و التوجه إلى مكتب عبد الرحيم الذي ما أن رآه حتى نهض وعلى وجهه إبتسامة ثم قال بـ ترحاب حار
-شريف باشا..إمنور والله..إتفضل إجعد...
أومأ شريف بـ إبتسامة وجلس..ليتشدق عبد الرحيم
-لامؤاخذ يا باشا..بس مش فرحك كان إمبارح!
-تنحنح شريف وقال:حصل تغير وشوية ظروف كدا
-تساءل بـ قلق:خير يا باشا؟
-كل خير يا عبد الرحيم بيه..أنا كنت جايلك فـ موضوع كدا
-أؤمرني..أني تحت أمرك
-إعتدل شريف بـ جلسته وقال:تعرف إيه عن الحاج رجدي!!..هو تقريبًا تاجر مواشي ولا تاجر فاكهه والله مش فاكر..بس أنا عاوز أعرف عنه شوية حاجات كدا...
قطب عبد الرحيم حاجبيه بـ ريبة من سؤال شريف المُفاجئ عن رجدي..ليتنحنح بـ قوة ليُنظف حلقه ثم تساءل
-هو إعترضلك يا باشا!
-لوى شدقه بـ نفاذ صبر وقال:يا حاج مفيش حاجة..إعتبرها دردشة
-تنهد عبد الرحيم ثم قال:بص يا باشا..رجدي دا راجل ديه بتاع مشاكل..متجوز تلاتة وكان بيدور على الرابعة..وجه الإختيار على بنت منصور..البنية صغيرة وحلوة..عجبته ودخلت مزاجه..فهو عاوز يتجوزها بأي طريجة...
أومأ شريف بـ رأسه وهو يشعر بـ براكين تتفجر داخله ولكن لا يظهر أيٍ مما يحدث داخله على وجه الجامد..ثم هتف وهو يُكور يده
-هو ماشي فـ السليم يعني؟
-رفع يده وقال:حج الله يتجال..الراجل مبيطلعش منه العيبة..ولو فكر يا باشا أكيد هعِرف..أصلي حاطط كام صبي عند أي حد كبير هنا
-زفر شريف بـ يأس وقال:تمام يا حاج عبد الرحيم..تعبتك معايا...
ثم نهض لينهض عبد الرحيم هو الأخر ليقول بـ إبتسامة
-ما تخليك يا باشا تتغدا إمعانا!
-معلش مرة تانية...
هتف بها شريف بـ إبتسامة مُتكلفة ثم رحل
************************************************************
كانت تسير بـ الطريق وهى تضع الهاتف بـ حقيبتها بعدما أنهت حديثها مع صابر ولم تنتبه إلى تلك السيارة التى إقتربت منها بسرعة كبيرة لتقف أمامها تقطع عليها الطريق..شهقت بسنت وتراجعت عدة خطوات بـ فزع
وضعت يدها على صدرها تتنفس الصعداء كونها نجت من ذلك الحادث..ولكن لم يكتمل هدوءها وهى تلمح شخصين ضُخام البنية يقتربون منها..تراجعت عدة خطوات وقبل أن تصرخ كمم أحدهم فاها بعدما جذبها من يدها
تلوت بـ شدة بين يديه ولكنه كان كـ الحائط لم يتحرك بـ مقدار إنش.توجه بها إلى تلك السيارة يدفعها إلى داخلها..حاولت بـ قدر الإمكان الهرب ولكنها كانت كـ فأر وقع بـ مصيدة يُحيط بها الهرر من كل إتجاه
وضع أحدهم عُصبة سوداء على عينيها وصوتٍ غليظ هتف
-مسمعش صوتك لحد أما نوصل يا بت أنتي...
ثم جذب حقيبتها منها لتنكمش على نفسها أكثر..تحبس عبرات كادت أن تتساقط على وجنتيها..لتسمع بعدها صوت تحطم لتعلم أنه صوت هاتفها..كانت السيارة تسير بسرعة وقد شعرت بـ ذلك نتيجة قوة الرياح التي ترتطم بها
بعد دقائق لم تعمل أكانت قصيرة أم طويلة..توقفت السيارة لتشعر بـ أحدهم يجذبها من ذراعها ويحملها..صرخت وضربت ظهره بـ يديها الصغيرتين..هتف الرجل بها بـ صراخ أخافها
-لمي إيدك يا بت أنتي..لولا إننا متحرج علينا نلمسك كنت دبحتك..فـ إخرسي...
سكنت بسنت وهى تدعو الله أن يُنجيها مما هي فيه..قذفها الرجل أرضًا لتصرخ مُتألمة ثم هتفت بـ شراسة
-يا حيوان
-فعلًا هو حيوان إنه مكنش حنين مع الملبن دا...
ذلك الصوت الذي ما كان دومًا يُخيفها..يخنقها..شيئًا ما جمد الدماء بـ عروقها..برودة غريبة أجتاحت أوصالها بـ رعبٍ كاد أن يوقف قلبها عن عمله
خشت أن تستدير وتُقابل الطُغيان ذاته..تمسرت أرضًا وكأن شيئًا ما ألصقها بها..سمعت صوت إطارات تقترب منها..لتتعالى نبضات قلبها بـ قوة أكبر
أغمضت عيانها وهى تشعر به يقترب وأنفاس تلفح ذراعيها..وأصابع قذرة تتبع تلك الأنفاس..لتنتفض بعيدًا عنها..ثم سمعت نبرته المقيتة تهتف
-والله زمان يا بسنت..ولا تحبي أقول يا مدام بسنت!..فتحي عينيك يا حبيبتي..دا أنا مهما كان فـ يوم كنت...
علق عبارته ثم إقترب أكثر وهمس بـ فحيح مما جعلها تغلق جفنيها أكثر
-كنت جوزك..وأنتي مراتي...
شهقة فلتت منها وخطوات تتبعها لتبتعد عن مرمى أنفاسه التي تُدنسها..إنتفضت مرةً أخرى على صوته الهادر
-إفتحي عينك قولت...
مُجبرة لا مُخيرة فتحت عيناها..صرخة فلتت منها وهى تجد وجهه مُشوه الملامح..على جانب وجهه الأيمن حرق يمتد من عينه حتى ذقنه مُزين بـ المنتصف بـ ندبة عريضة..أما الوجه الأيسر فـ لم يكن أفضل حالًا عن أخيه..أرتجفت وهى تسمع صوته يهتف
-خوفتي مش كدا!!...
إقترب منها بـ مقعده المُتحرك..فـ بعدما مارس عليه ذلك الطبيب طقوسه ذاك اليوم مع جاسر الصياد وهو قعيد.. لا يستطيع الحراك..وبـ الرغم من كل ذلك إلا أن ملامحه إزدادت رُعبًا..ملامحه قاتمة مُخيفة وبـ شكل مُنفر..وقف أمامها لتنهض وتبتعد خطوة فـ هتف
-أنا عاوزك خايفة..زي زمان يا بسنت..خوفك دا حاجة بتروي عطشي كل ما أشوفك خايفة كل ما بحس إني أقوى
-صرخت وهى على وشك الإصابة بـ الجنون:أنت مريض
-رد عليها بـ برود:جايز أكون مريض بس دي حاجة متزعلنيش..عارفة إيه اللي يزعلني!!...
هتف بها وقد تحولت ملامحه إلى أُخرى شيطانية ثم أخرج مُسدسًا وأطلق الرصاص بـ جانبها مما جعلها تفزع وتصرخ باكية..ليهمس بـ إنتشاء
-إصرخي كمان..نيجي بقى لـ اللي يزعلني بجد..إن واحدة **** زيك تضحك عليا..بقى أنا عيلة بـ ريالة زيك تعمل فيا كل دا..دا أنا أفعصك تحت رجليا
-صرخت بـ إهتياج:إبعد بقى عني وعن حياتي..أنت اللي وصلت نفسك للحالة دي..كان هيجرى إيه لو سبتني فـ حالي!
-ضحك بـ جنون وهمس بـ خبث: أنا مبسبش حاجة عجباني
-وأنا هقتلك لو قربت مني
-خدي...
نطقها وهو يقذف إليها سلاحه ليسقط بـ جانب قدمها..نظرت إليه بـ جمود قبل أن تنظر إلى جلال الجالس بـ إستمتاع ثم هتف وهو يُشير بـ عيناه إلى سلاحه
-ما يلا..المسدس جنب رجلك أهو..وأنا أهو قدامك ومحدش منهم هيدخل...
إرتجفت..تشعر أن داخلها يبدأ بـ التهاوي..و بـ بطء إنحنت تجلب المُسدس و توجه إلى جلال ومن ثم همست بـ نبرة خالية
-هقتلك يا جلال وهخلص العالم منك..حتى لو هموت
-ضحك وقال:وأنا مش همنعك...
وبلا أي كلمة أُخرى أطلقت بسنت الرصاصة ولكن لصدمتها كان فارغًا..صرخت بـ قهر وهى تستمع إلى صوت ضحكاته التي تجعلها تتقزز من نفسها فـ أغلقت أُذنيها
تقدم هو منها لتشعر بـ يد صلبة كـ الحديد تقبض على كتفيها وجعلها تجثو أرضًا..ثوان و هوت صفعة على وجنتها جعلتها تهوى أرضًا..لم تبكي ولم تشعر بـ ألم..فـ كل ما تشعر به أن حياتها ستنتهي قُرب هذا الرجل الذي تمقته بشدة
جذبها من خُصلاتها يُقربها منه..لتضع يدها على قبضته دون أن تتأوه..ثم سمعت صوته الذي دوى كـ فحيح
-مكنتش أعرف إنك بقيتي شجاعة كدا!..عارفة لولا حالتي لكنت عملت فيكي اللي كنت هعمله زمان...
أغلقت عيناها بـ خوف وقد إرتجف قلبها لحديثه..ليعود ويهمس بـ أذنها
-لولا كمان إنك لسه عجباني..كنت سبتك ليهم يغتصبوكي..بس أنا لسه حسابي معاكي مخلصش...
وأبعد رأسها عنه بـ حدة ثم قال وهو يُشير إلى رجاله بـ حملها
-فرحان إني شوفتك..حقيقي فرحان يا بسنت..بس أكيد هشوفك تاني...
إلتفت إليها و إلى ملامحها التي ظهرت عليها الرعب جليًا ثم تشدق بـ نبرة تحمل الوعيد والتهديد
-ولحد لما يجي الوقت دا..هرعبك هتشوفيني فـ كل مكان..هطلعلك من أي حتة..وهستمتع بيكي وأنتي وبتنهاري وتيجي تبوسي رجلي عشان بس أرحمك...
ثم أشار لرجاله بـ حملها إلى الخارج..كانت ملامحها ميتة..بشرة شاحبة و أعين مُنطفئة..وها هو الكابوس يعود
**********************************************************
في المساء وصلا إلى مرسى مطروح..تلك المدينة الساحرة بـ مياؤها الشفافة ورمالها البيضاء..كانت هذه أول مرة تزور بها روجيدا تلك المدينة..سُحرت عيناها تمامًا بـ جمال المدينة
أوقف جاسر اليخت بـ الميناء الموضوع به عدد لا بأس به من القوارب واليخوت..هبط هو الأول ثم حملها لتهبط معه..وقبل أن تتحرك أوقفها هو قائلًا بـ غلظة
-أنتي رايحة فين يا قطة؟
-ردت عليه بـ تعجب:مش أحنا وصلنا!..وهنروح نشوف مكان نقعد فيه!
-أشار إليها وقال:هتيجي معايا كدا؟...
نظرت إلى ثيابها التي ترتديها بـ ضيق..لتتضع يدها بـ خصرها ثم هتفت بـ تذمر
-على فكرة أنت اللي جايب مش أنا
-نظر إليها شزرًا ثم قال:خليكي هنا ثواني وجاي..متتحركيش يا روجيدا...
لوت شدقها و أومأت بـ رأسها..ليتحرك هو من أمامها وبقت تتلاعب بـ قدمها بـ الرمال أسفلها..حتى عاد جاسر وهو يُقدم إليها وشاح و عباءة سوداء
أمسكتهم وبقت تنظر إليهم بـ إستنكار ثم نظرت إليه وتساءلت بـ غيظ
-إيه دا!
-وضع يده بـ سرواله القصير ثم قال:اللي أنتي شايفاه..ويلا إلبسي الناس مستنيانا...
تأففت بـ ضيق..ثم إرتدت العباءة السوداء و من فوقها الوشاح الذي عقدته بـ إهمال لتخرج خُصلاتها من أسفله..إبتسم بـ رضا وقال
-أهو كدا..مفيش أحسن من كدا...
أمسك يدها ثم جذبها خلفه..لتجد حفنة من الرجال يجلسون وما أن رأوا جاسر حتى نهضوا ورحبوا به بـ تهليل..ليبتسم جاسر قائلًا لأحدهم
-البيت جاهز يا عم مرسي!
-أجاب الرجل بـ إبتسامة:جاهز من زمان يا جاسر بيه
-ربت جاسر على منكبه ثم تشدق بـ إمتنان:منتحرمش منك يا عم مرسي...
نظر إليه مرسي بـ إبتسامة طيبة ثم نظر إلى روجيدا لتتسع إبتسامته ثم قال بـ ترحاب حار
-منورة يا ست الكل..أكيد حضرتك مرات جاسر بيه
-أومأت بـ رأسها ثم قالت بـ إبتسامة رقيقة:أيوة يا عم مرسي..وتسلم إيدك
-الله يسلم عمرك من كل شر ويحميكي يا ست الكل...
إتسعت إبتسامتها..حاوط جاسر كتفي روجيدا ثم قال بـ هدوء
-هنستأذن إحنا بقى يا عم مرسي
-إتفضل يا جاسر بيه ولوإحتجت حاجة..كلمني بس و أنا تحت أمرك
-الأمر لله..تصبح على خير..تصبحوا على خير يا رجالة...
قال عبارته الأخيرة وهو يُلوح إلى الرجال الأخرون..ثم تحرك بـ زوجته إلى ذلك الكوخ البعيد
كان مُعنزل عن تلك المنطقة التي كان بها الرجال..كل ما يُحيط به..هو الرمال و البحر من أمامه..كان الكوخ من الحجارة الصغيرة ذو نوافذ عالية وصغيرة..إلا الأمامي كان أكبرهم ويأخذ مساحة شاسعة ليطل على البحر من أمامه..بـ الإضافة إلى حديقة صغيرة بها نافورة ماء حولها عدة أحجار صغيرة مُبعثرة وأزهار من مُختلف الأنواع
لم يُمهل جاسر زوجته أن تُكمل تأملها حيث جذبها بسرعة إلى داخل الكوخ..فتحه ودلف..أضاء الأنوار فـ شهقت بسعادة وهى ترى الكوخ مُزين بـ طريقة رقيقة
بتلات الأزهار منثورة في جميع أنحاء المنزل..الشموع المُلونة قد إتخذت مسار إلى أحد الغرف ولم تحتج الكثير لتُخمن..إلتفتت إلى جاسر الواقف خلفها يُتابعها بـ إبتسامة..لتركض وترتمي بـ أحضانه وتهمس بـ سعادة
-بحبك..بحبك يا جاسر...
إحتضنها بـ قوة بـ المثل ليدفن رأسه بـ عنقها ومن ثم همس وهو يُشدد على ظهرها
-وأنا بعشقك يا فراولتي..بعشقك ومقدرش أعيش من غيرك...
أبعدت رأسها تنظر إليه ثم حاوطت وجهه وهمست بـ نبرة عذبة
-وأنا عمري ما فكرت أعيش من غيرك
-إبتسم وهو يُرتب خُصلاتها وهمس:يعني سماح!
-قبلت وجنته وقالت:سماح يا سيدي..بس إوعدني إنك متبعدش عني كدا تاني...
قبّل جبينها بـ عمق ثم جذبها أكثر من خصرها..همس وهو يضع أنفه على منحدر أنفها بـ عذوبة ونبرة رجولية خالصة
-وإني إلى عيناكِ تائب...
ضحكت وهى تُقبل أنفه ليُقبلها بـ المثل ثم همس بـ إبتسامة
-تعالي أما نشوف أخرة الطريق دا إيه!!...
أمسك يدها وسارا إلى تلك الغُرفة..فتحت هى الباب لتجد الطريق ينتهي بـ صندوق كبير موضوع أعلى الفراش..نظرت إليه بـ إستفهام ليدفعها بـ خفة قائلًا
-يلا روحي إفتحيه...
أومأت بـ رأسها وهى تشعر بـ نبضاتها تعلو وتتفاقز بـ سعادة..وصلت إلى الصندوق لتجلس على طرف الفراش وفتحت الصندوق..ضحكت وترقرقت العبرات بـ عينيها وهى ترى ذلك الصندوق مُمتلئ بـ ثمار الفراولة وعلى القمة نصف الثمرة وغُرز بها خاتم الزواج الخاص بها
أمسكت الثمرة ونظرت إلى جيدها لتجد ذلك الخاتم مفقود..قبل أن تلتفت إليه وجدته يجثو على أحد رُكبتيه أمامها ثم أمسك يدها وهمس بـ عذوبة وإبتسامة رائعة تُخبرها عن عشق لا نهاية له
-تقبلي تتجوزيني تاني يا فراولتي!...