رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثالث (ولعشقها ضريبة) الفصل السابع والعشرون
تمامًا كـ أرضٍ قاحلة..أرسل الله عليها غيثًا فـ أحياها...
هكذا أنتِ لطالما كُنتِ غيثي...
دلف صابر خارج الغُرفة..لينهض مراد ويسأله بـ إهتمام
-أخبارها إيه يا صابر!
-تنهد صابر ثم قال بـ إرهاق:لسه نايمة..يا دوب صحت خليتها تاخد الدوا وتنام تاني...
أومأ مراد ثم عاد يجلس وبـ جانبه صابر الذي إرتمى بـ ثقله..ليسأله بـ نبرة قاتمة
-هو إيه اللي حصل !!
-وضع مراد يده على عيناه وقال:كنت سايق وفجأة لاقيت عربية بـ ترمي بنت على الطريق
-مش فاهم
-تنهد مراد وقال:هحكيلك...
"عودة إلى وقتٍ سابق"
-خلاص يا دينا إقفلي دلوقتي وهنبقى نتكلم فـ الموضوع دا بعدين...
قالها مراد بـ نفاذ صبر لُيغلق الهاتف ثم قذفه بـ إهمال أمامه..ليُكمل قيادته بـ ضيقٍ واضح على ملامحه..ثوان رأى تلك السيارة تتوقف ثم تُلقي بـ فتاة ورحلت
أوقف مراد السيارة سريعًا وترجل منها ليركض إلى تلك الفتاة..إتسعت عيناه بـ شدة ثم هتف بـ صدة وذعر
-بسنت!!!...
وضع يده أسفل رأسها و رفعها قليلًا..ثم ربت على وجنتها لكي تفيق
-بسنت!..بسنت فوقي..أنتي كويسة؟
-سمع همسة ضعيفة منها:دماغي بتوجعني أوي
-متقلقيش أنتي كويسة...
أومأت بـ رأسها ثم أغمضت عيناها فاقدة الوعي..ليسب مراد وهو ينظر حوله عله يجد أحد يُساعده بـ هذا الطريق المجهول..عاد ينظر إليها ليجد رأسها ينزف على يده..فـ سارع بـ حملها و توجه بها إلى سيارته ثم قادها و إتجه إلى أقرب مشفى
بعدما وصل أوصى الطبيب بـ عمل أشعة على رأسها..كون رأسها ينزف و إصطدامها الشديد بـ الطريق الأسمنتي القاسي..ثم قام بـ الإتصال بـ صابر ليأتيه مُسرعًا
عندما دلف هو إلى غُرفتها وجدها تنظر إلى النافذة بـ شرود..ناداها بـ خفوت..فـ إرتجفت ونظرت إليه بـ عينان مُتسعتان وكأنها رأت شبحًا..إقترب هو منها و وضع يده موضع إصابتها ليُغمض عيناه بـ أسى ثم تساءل بـ قلق
-إيه اللي حصل يا حبيبتي!...
لم ترد عليه بل ظلت تنظر إليه بـ شرودٍ..غير واعية لما يقوله..تنهد صابر بـ حزن ثم جذب رأسها بـ حنو إلى صدره يحتضنها ثم همس بـ قهر
-أسف إني مكنتش معاكي...
قبّل رأسها و إستند بـ ذقنه عليها..وبـ يده أخذ يمسح على ظهرها صعودًا و هبوطًا حتى تهدأ..ليسمع صوتها الضعيف يهمس بـ نبرة خالية من الحياة
-أنا عاوزة أنام...
أبعدها صابر عنه ثم نظر إلى وجهها ليجده جامد فاقد للحياة..أحس بـ نغزة قوية بـ قلبه يبدو أن ما حدث أرعبها أو ربما حدث شئٍ سئ..زفر بـ غضب ليُمسك بـ رأسها ثم وضعها أعلى الوسادة وقام بـ دثرها جيدًا فـ أغمضت عيناها ليدلف خارج الغُرفة وهو يتنفس بـ غضب
"عودة إلى الوقت الحالي"
وضع صابر وجهه بين يداه ثم تساءل بـ غضب
-معرفتش تشوف أرقام العربية!
-مط شفتيه وقال:ملحقتش غير أول تلات أرقام
-إنتفض صابر وقال:حلو..الباقي سهل أجيبه..عرفني نوع العربية
-حك مراد ذقنه وقال:أظن إنها كانت چيب
-صر على أسنانه وقال:لأ أنا عاوز حاجة مُؤكدة..يا أه يا لأ
-مسح مراد على وجهه وقال:أه كانت چيب...
أومأ صابر بـ رأسه ثم إبتعد عدة خطوات ليُجري بعض الإتصالات وبعد أن إنتهى إتجه إلى مراد وتشدق بـ نبرة عادية
-تقدر تتفضل أنت يا مراد..أنا هفضل جنبها مش عاوز أتعبك أكتر من كدا أنت معايا من الصبح
-ربت مراد على كتفه وقال:متقولش كدا بسنت أختي الصغيرة..ومتشلش هم أرقام العربية دا..أنا هتصرف..خلي بالك أنت منها بس...
إبتسم صابر بـ تكلف دون أن يرد ليرحل مراد..فـ عاد صابر يدلف إلى الغُرفة لينظر إلى والدتها التي تربت على خُصلاتها بـ حنو وعيناها تذرف العبرات
توجه إليها ليربت على ظهرها ثم تساءل وهو ينظر إلى تلك النائمة بـ ألم
-حالتها إيه دلوقتي!
-تنهدت هاجر ثم قالت بـ صوتٍ مبحوح:مفيش صحت خمس دقايق بصتلي ونامت تاني...
إنحنى صابر يُقبل وجنة الأميرة النائمة..ليسمع صوت هاجر يهتف بـ شرود
-أنا مشوفتهاش فـ الحالة دي من ساعة اللي حصل مع الكلب اللي اسمه جلال...
توحشت عينا صابر بـ درجة قاسية ليكور قبضته بـ شدة حتى إبيضت مفاصله وبـ صوتٍ كـ فحيح أفعى همس
-من ساعة الـ*** جلال قولتي!
-أومأت بـ رأسها وقالت:أيوة وعانيت معاها لحد أما فاقت من صدمتها...
لم يرد عليها صابر بل زادت معالمه قساوة..شهقت هاجر ثم قالت وهى تضع يديها على فاها
-تفتكر إنه رجع تاني؟...
نظر إليها بـ سوداوية وبـ نبرة لا تقل سوادًا عن نظرته تشدق
-لو هو يبقى حفر قبره بـ إيده...
***************************************************
وضعت يدها على فاها وظلت تنظر إليه بـ عينان لامعتان..ليُقبل يدها ثم سألها بـ حنو أكبر هذه المرة وقد بدت لها رجاءًا
-تقبلي تتجوزيني تاني يا فراولة!
-ضحكت وقالت:مستحيل...
علقت عبارتها وهى ترى إبتسامته تختفي لترتمي بـ أحضانه وتصرخ
-مستحيل أقولك لأ...
عانقها بـ قوة وهو يزفر بـ راحة ثم ضربها بـ خفة على ظهرها وهو يهمس بـ إبتسامة
-خوفتيني يا حيوانة
-قبّلت وجنته ثم قالت وهو تبتسم:عشان تحس باللي كنت بحس بيه يا أخرة صبري...
ضحك ثم لثم ما خلف أُذنها ليجذب الخاتم من يدها و وضعه بـ بنصر يدها اليُسرى..عاد يُقبل يدها بـ رقي وتشدق بـ تحذير
-إياكي تفكري تقلعيه تاني..هقلعلك عينك من مكانها يا روجيدا
-ضحكت بـ صخب وقالت:حيث كدا مش هقلعه..أصلي بخاف على عيني...
نهض عن الأرض وجلس بـ جانبها ليقترب منها وهو يُحاوط خصرها ثم همس بـ عبث
-بـ ذمتك عشان خايف على عينك!..ولا عشان خاطر عيون حبيبك!
-حاوطت عنقه وقالت بـ شقاوة:امممم..أنت إيه رأيك!
-إقترب من شفتيها وهمس بـ خبث:رأيي إننا ناكل فراولة...
ضحكت بـ صخب وهى تعود بـ رأسها إلى الخلف ليحكم قبضته حولها حتى لا تسقط..ثم قالت بعدما هدأ ضحكها بـ إغراء
-وطعمها حلو الفراولة دي!
-همس بـ شرود وهو ينظر إلى شفتيها:جدًا...
مال بـ رأسه كي يُقبلها ولكنها فاجأته بـ وضع إحدى الثمرات بـ فاه..ليقوم بـ بصقها ثم نظر إليها بـ غضب فـ تشدقت بـ براءة
-مش أنت قولت طعمها حلو!
-نظر إليها شزرًا وقال:أنا قصدي فراولة تانية...
ليُبعد يدها عنه ويبتعد هو عنها..أبعد نظره عن مكان تواجدها وشفتاه زمها بـ غضب
إبتسامة ماكرة إرتسمت على وجهها لتقترب منه وعادت تُحيط عنقه..قُبلة رقيقة على وجنته وجانب عيناه لتنتقل إلى جانب فاه ثم همست
-طب خلاص متزعلش كدا...
لم ينظر إليها وبقى على حاله..لتتسع إبتسامتها أكثر..فـ أخرجت ثمرة فراولة لتضعها بين أسنانها ثم نادته بـ نبرة رقيقة و مغوية كـ تفاحة آدم
-جسوري...
نظر إليها مسلوب الإرادة وقبل أن يتفوه بـ حرف.. كانت نصف الثمرة بـ فاه وشفتيها على بُعد إنش من خاصته..مضغ ما في جوفه وهى لا تزال بـ موضعها..تنظر إليه بـ إغواء وهو آدم لا يستطيع المقاومة..ليميل على شفتيها يقتنص حقه التي حرمته منه لساعات!!..إبتسمت وإبتسم وإنتهت ليلة قبل أن تبدأ
في صباح اليوم التالي كانت تنام على صدره المُعضل بـ إريحية ويدها الأخرى تلتف حول خصره
بينما هو مُستيقظ لم يغمض له جفن..يُراقبها بـ إستمتاع وكم إشتاق إليها..عقابها الذي لم يدُم إلا ساعات حقًا كانت كـ الجحيم..تنهد بـ خفة ويده تُبعد خُصلاتها عن وجهها البهي..ليراها تبتسم بـ راحة..فـ إبتسم هو الأخر..إنحنى بـ رأسه يُقبل شفتيها بـ خفة حتى لا يوقظها..وبـ يده الأخرى التي تتحرك على طول ظهرها مرة بعد أخرى حتى إتجهت إلى يده الموضوعة على خصره ليتخلل أصابعه مع خاصتها
أغمض عيناه عندما أحس بـ أنفاسها عند عنقه فـ علم أنها إستيقظت مُنتظرًا لرد فعلها..وكما توقع أحس بـ إبتسامتها ضد عنقه و شهيق عميق تأخذه لتتعالى دقات قلبه..ثوان وإنتقلت يدها الحرة إلى وجهه تمر على ملامحه..حاجبيه الكثيفين ثم عيناه التي صعدت إليهما وقبلت جفنه..حتى وجنتيه التي لم تسلم من من قُبلاتها الرقيقة إلى أن وصلت إلى شفتيه..عضت على شفاها السُفلى لترتفع أكثر و تُقبل شفتيه بـ رقة خِشية أن يستيقظ..ولا تعلم أن ذلك الماكر يستشعر كل ما تقوم به
كادت أن تنهض ولكنها شعرت بـ يده تشتد على حول عنقها وهمس عابثة مع عينه اليُسري مفتوحة
-هتقومي ليه..خليكي وكملي
-ضحكت بـ خجل وقالت:صباح الخير
-قّبل وجنتها بـ عمق ثم قال: صباح الفراولة يا فراولة...
أبعد بعض خُصلات تناثرت على وجهها ليقول بـ خبث
-مش هتكملي ولا إيه؟
-عضت شفيتها وقالت:أنت عاوزني أكمل؟
-أومأ بـ رأسه ثم تشدق:وهي دي محتاجة سؤال...
ضحكت لتستكمل يدها رحلة إستكشافه..مرت بـ يدها على عنقه حتى وصلت إلى تُفاحة آدم لتقوم بـ تقبيلها..عندها شعرت بـ تصلب جسده وريقه الذي يزدرده بـ صعوبة بالغة..فـ إبتسمت بـ ثقة ثم أكملت طريقها إلى صدره مرورًا بـ تلك الندبة التي تسببت بها..لتنكمش معالمها بـ ألم وكعادها قامت بـ تقبيله..وصلت إلى وشمها..الأحب إلى قلبها مما سبق..ظلت تُحدق به مدةً طويلة حتى سمعت همسه الأجش
-كان الحاجة الوحيدة اللي بتصبرني على فراقك
-إبتسمت بـ خفة وقالت:بس أنت كنت دايمًا هنا...
و أشارت إلى موضع قلبها ليبتسم بـ حب..لتعود وتهمس
-كنت واثقة فـ يوم من الأيام إنك هترجعلي يا جاسر..كنت عارفة إنه مهما طال بينا الفراق هترجعلي تاني..لأن لا أنا ولا أنت نقدر نعيش من غير بعض..متبعدش عني تاني
-دا أنا أموت لو بعدت عنك تاني...
قالها ثم قام بـ ضمها إليه بـ قوة كادت أن تُهشم عظامها..ولكنها إبتسمت بـ سعادة فـ بعد كل ذلك الألم والعذاب ها هما يعودان كما أقطاب المغناطيس
إبتعد جاسر عنها ثم رفع ذقنها وقبلها بـ خفة ليقول بـ إبتسامة
-يلا عشان عندنا يوم طويل...
ثم إبتعد ناهضًا عنها لتتساءل بـ حاجبين مُقطبين
-مش فاهمة!
-أجابها وهو يرتدي سرواله:عمرك شوفتي عروسة من غير فرح...
****************************************************
طرقات خفيفة على الباب يتبعها دلوف شاب صغيرً بـ السن ثم توجه إلى ذلك الذي يجلس على المقعد المُتحرك..إنحنى وقال
-هى دلوقتي فـ المستشفى يا جلال باشا
-تساءل جلال بـ جمود:متعرفش حالتها إيه!
-رفع كتفيه وقال:محدش عارف حاجة..هى بس إتعورت وراحت المستشفى وهي لسه نايمة لحد دلوقتي...
زاد جمود وجهه ليُدخن لُفافة التبغ بـ شراهة ثم تساءل مرةً أخرى
-مين اللي وداها!
-أجاب الشاب بـ هدوء: اللي عرفته إنه واحد اسمه مراد النهويهي..كانت بتشتغل عنده فـ إيطاليا لما كانت فـ البعثة...
أخرج تلك السحابة الرمادية من فمه ثم أشار بـ يده لكي يرحل..فـ رحل الشاب بـ هدوء ليتحرك جلال بـ مقعده ناحية الشرفة ثم تشدق بـ خبث ونبرة شيطانية
-خليكي نايمة با بوسي أحسنلك..عشان مبقاش كابوسك لما تصحي...
وقفت أمام المرآة تُصفف خُصلاتها بـ دقة..أمرها بـ صرامة لا نقبل الجدال ألا تُصفف خُصلاتها على أحد منكبيها حتى لا يظهر جمالها..أمرها أيضًا أن تعمل على إخفاء عُقها حتى لا يقوم بـ كسره..ضحكت ومالت رأسها إلى الخلف وهى تراه شرس بـ غيرته ولكن لما كل تلك الديكتاتورية ألن يكونا بـ مُفردهما!
قاطع تفكيرها دلوفه إلى الغرفة وحول خصره منشفة..لتٌحرك رأسها بـ يأس هامسة وهى تُصر على أسنانها
-مش عندك حمام تلبس فيه!...
إبتسم بـ خبث وهو يقترب منها ثم حاوط خصرها ليجذب الفُرشاه من يدها هامسًا بـ عبث
-الحمام ضيق...
إرتفع حاجبيها بـ عدم تصديق كلمتان بريئتان من وجه نظرها يُلقيها بـ وجهها وكأن شيئًا لم يكن..نظرت إلى عيناه الثعلبية التي تُحدق بـ فيروزها ثم همست بـ يأس
-والله الواحد مش لاقيلك حل
-قبّل عُنقها وهمس بـ حرارة:أنتي حلي الوحيد..الجنون وسط العقل دا كله يا فراولة...
وقُبلة أخرى رقيقة على وجنتها..لتبتسم بـ حبٍ خالص له..بدأ هو بـ تمشيط خُصلاتها كما تعود..مُنذ أن أنجب طفلته وبدأت خًصلاتها بـ النمو حتى الآن هو من يُصفف خُصلاتها كما يفعل مع والدتها تمامًا..وكم يعشق تلك الخُصلات الحريرية..ليدفن وجهه بها ويتنفسها بـ عمق..همس بـ تخدر
-ما تسيبك بلا فرح بلا يحزنون وتخلينها فـ المربى يا مربى
-دفعته ثم صرخت بـ ذعر:لأ بالله عليك..يلا نلبس
-وضع يده خلف عنقه ثم تشدق بـ غيظ:يلا ياختي..هو أنا هلاقيها منك ولا من بنتك
-هتفت فجأة:بخصوص بنتي..أنا عاوزة أكلمها وتجيبها هنا عشان وحشاني
-صرخ هو بـ المُقابل:أخليها تكلمك أه..إنما تيجي هنا على جثتي..دي عملالي زي عفريت العلبة كل أما أقرب منك تطلعي زي باتمان مبيشمش غير الجريمة...
ضحكت بل قهقهت حتى أدمعت عيناها..المسكين مُذ أن وُلدت تلك المُشاكسة الصغيرة والتي هى نُسخةً مُصغرة من جاسر وهو كلما إقترب منها إما أن تبكي أو تهبط عليهم مثل "القضى المستعجل ع الخراب" كانت تلك عبارته كُلما قاطعت خلوتهم
تقدمت منه ثم أحاطت عنقه وهمست بـ براءة سلبت لبه ومشاعر أمومة حقيقية
-عشان خاطري يا جاسر..والله وحشتني أوي..مش كفاية بقالي يومين مش شوفتها
-لوى شدقه وقال بـ تذمر:لولا قلبي الرهيف دا مكنتش سبتك تكلميها عشان عارف اللي هيحصل بعدها...
إبتسمت وهى ترف بـ عينيها عدة مرات فـ جعلته يزفر بـ ضيق..أبعدها عنه ثم إتجه إلى هاتفه وإتصل بـ والدته لحظات وأتاه الرد الغاضب
-أنت نختفي فين يا سي جاسر بقالك يومين!
-إبتسم وهو ينظر إلى روجيدا بـ خبث:أنا فـ الجنة ونعيمها يا أمي..على العموم أنا مع روجيدا
-إنتفخت أوداجها بـ حدة وقالت:منا عارف إنك مع مراتك..بس فين
-حك جاسر مؤخرة عنقه وقال:مش هينفع أقولك يا ست الكل..أنا عاوز بس أكلم جُلنار
-لوت شدقها بـ ضيق وقالت:طيب
-بصي أنا هقفل الرقم دا خالص وهكلمك من رقم تاني...
ولم يُمهل والدته الرد ليُغلق الهاتف ثم فتحه وأخرج الشريحة ليضع واحدة أُخرى لتقول روجيدا بـ غضبٍ مكبوت
-مراقبين موبايلاتنا مش كدا!
-رفع منكبيه ثم تشدق:معرفش وصلوا للحكاية دي ولا لأ بس أنا باخد إحتياطاتي..مش عاوزك تقلقي دا خط متأمن اللوا يُسري عطاهولي...
أومأت بـ رأسها ثم أبعدت نظراتها عنه..بعد دقيقتان سمعت صوت طفلتها لتجذب الهاتف من يده لتجده يتحدث معها صوتًا و صورة..قالت بـ إشتياق وعبرات تترقرق بـ مُقلتيها
-جوجو حبيبتي وحشتيني أوي يا قلب مامي
-صرخت الصغيرة بـ سعادة وقالت:مااااامي!!!..وحشتيني كتير أوي..أمتى هتيجي بقى!
-إبتسمت روجيدا وهى تتلمس شاشة الهاتف:على طول مش هتأخر عليكي أبدًا
-أومأت الطفلة بـ سعادة وقالت بـ حماس:هتفضلي معايا أنا وبابي على طول ومش هتسبينا تاني أبدًا مش كدا!..بابي هو اللي قالي كدا
-هبطت عبرة ثم قالت:مش هسيبك أبدًا لا أنتي ولا بابي...
قفزت الصغيرة بـ سعادة وحماس لتضحك روجيدا بـ سعادة ثم وجدت من يُحاوط خصرها ويبتسم هو الآخر..سمعا الصغيرة تقول وهى تُرسل قُبلات لهما
-بحبك أوي يا مامتي..شوفت بقى يا بابي إن مامي بتحبنا ومش هتسيبنا
-لثم وجنتها وقال:شوفت يا قلبي...
لوّح إلى صغيرته ثم قال وهو يأخذ الهاتف من يد روجيدا
-بصي يا حبيبتي..أنا هقفل معاكي دلوقتي وبكرة تسمعي كلام عمو اللي هيجيلك إتفقنا يا حبيبة بابي!!
-أومأت الصعيرة بـ رأسها وقالت:حاضر يا بابي
-أرسل جاسر إليها قُبلة وهتف:هي دي حبيبة بابي الشطورة..يلا باااي
-لوّحت جُلنار بـ كفها الصغير وقالت:باي مامي..باي بابي
-لوّحا لها ثم هتفت روجيدا بـ إبتسامة مُشتاقة:باي يا روح قلب مامي...
ثم أغلق الهاتف لتسأله روجيدا وهى تمسح وجنتيها
-مين عمو اللي هتسمع كلامه
-داعب خُصلاتها وقال:دا اللي هيجبها لوجهتنا التانية
-شهقت بـ صدمة وقالت:هو لسه فيه وجه تانية
-أومأ بـ رأسه ثم قال وهو يبتعد:أه ويلا عشان إتأخرنا...
*****************************************************
إنهمك بـ عمله وهو يُحاول طرد صورتها من مُخيلته..تلك الصورة الخلابة لبراءة طفلة لم تتجاوز الثامنة بـ ملامحها ولكنها ذات تأثير خطير عليه..حاول أن يتذكر روجيدا ولكن لا سبيل للمقارنة فـ المشعوذة الصغيرة تحتل أفكاره بـ شكل مُخيف..أخافه شخصيًا فـ كيف لشخصٍ قد خرج للتو من علاقة حب فاشلة ولكنه يعود ويُذكر نفسه بـ حديثها أنه لم يكن سوى إنبهار أولي لشخصية غريبة إقتحمت حياته على حين غفلة كما فعلت كرة الشعر..ذلك اللقب الذي يجعله يبتسم عفويًا ورغبة شديدة تجتاحه لإكتشاف تلك الكُتلة
لم يعي لتلك الطرقات الرقيقة والت لا تُلائم عم مُنتصر بـ التأكيد ولا لتلك طرقات الكعب الأنثوي التي تدق الأرض بـ تناغم..إلا على تلك الرائحة الشهية التي إخترقت حاسة الشم..ليهمس بـ ذهول
-فطيرة سكر!!...
رفع رأسه بغتةً على نغمة صوتها البريئة وهى تقول بـ إبتسامة لا تليق إلا بها
-فطيرة سكر لواحد زي السكر...
لم يجد نفسه سوى ينهض ويبتسم بـ بلاهة لتتسع إبتسامتها دون أن يتحدث بقى يُحدق بها..أهي أحست بـ رغبة قلبه القوية لرؤيتها وها هى تقف أمامه؟..أم لأنها تُحبه أتت!..أم من أجل فطيرة السكر؟..تضاربت أفكاره قبل أن يتنحنح و يفيق من شروده قائلًا
-إتفضلي يا مروة إقعدي..إيه اللي موقفك بس
-شكرًا...
جلست وبقى يُحدق بـ بنيتها التي كانت كـ قدح قهوة مُرة المذاق..إبتسم مرة ًأخرى وهو يكتشف أن عينيها تُشبه قدحي القهوة
إنتبهت هى على إبتسامته ليخفق قلبها بـ رعب فـ تساءلت بـ خوف
-في حاجة!
-وهمس هو بـ شرود:قهوة
-رفعت حاجبيها وتساءلت بـ عدم فهم:نعم!!
-أكمل وهو ما زال ينظر إليها بـ شرود:عنيكِ...
تسارعت نبضات قلبها وبدأت تفرك يدها بـ توتر ثم همست بـ تلعثم
-مش..مش فاهمة!
-أفاق من شروده ثم قال وهو يتنحنح:قصدي يعني تشربي قهوة؟
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة ونفت قائل:لا شكرًا..أنا بس عملت الفطاير دي وقولت أبعتلك بما إنك بتحبها...
"وبحب صاحبتها"..همسها بـ داخله وها هو الشك يتحول إلى يقينٍ تام..تتبعها بـ عيناه وهو يراها تنهض لينهض هو الآخر بسرعة ثم دار حول مكتبه وهمس بـ حزن لمس قلبها
-هتمشي بسرعة كدا!
-إبتسمت بـ إهتزاز وقالت:معلش..سيبا بابا لوحده
-تساءل بـ رجاء:هشوفك تاني مش كدا!
-إبتسمت هذه المرة بـ عذوبة وتشدقت:كل أما تطلب فطيرة سكر هجيلك
-إبتسم هو الآخر وهمس:يبقى مش هبطل أطلبها...
إتسعت عيناها وهى تستمع إلى همسته العذبة..تلك المرة أحست بـ أن قلبها سيفر من بين أضلعها ليذهب ويُعانقه..شعرت بـ أنها حمقاء وهى تجزم أن وجنتيها قد تخضبتها بـ حُمرة أشد حُمقًا من صاحبتها
خفقة هربت من قلبه وهو يرى خجلها اللذيذ ومُنذ تلك اللحظة عاهد هو نفسه على إثارة خجلها ليستمتع بـ ثمرتي الكرز
تقدم منها وهو عاقد العزم على لمس يدها..مُجرد لمسة بريئة وهو يُردد عبارة "إذا أردت التأكد من مشاعرك لأحدهم..فقط قُم بـ لمسه"..وها هو يمد يده كي يلمس يدها الصغيرة..كهرباء ذات تردد عال سارت بـ جسديهما ورغبة شيطانه المُلحة تُطالبه بـ أكثر من مُجرد لمسة يد بريئة..تعالت أنفاسه وهو يكبح جماح نفسه والسؤال ذاته يتردد لمَ لم يشعر بـ هذا مع روجيدا!!..ونفس الإجابة تلوح بـ أُفق عقله أنه لم يكن سوى إنبهار لحظي ولدّ بعده مشاعر وهمية وتضخمت على وهمٍ أكبر
أحس بـ يدها ترتجف بين يديه ونبض قلبها يتوقف..عيناها بـ الأرض لا تقوى على رفعها..لم يُرد إخافتها أكثر ليترك يدها وتحنح بـ خشونة قائلًا
-أسف إني خوفتك...
ما أن ترك يدها حتى جذبتها إلى صدرها ولم ترد عليه..ثم سمعته يهتف بـ بحة رجولية عذبة بما جمد الدماء بـ عروقها
-بس أنا كنت ماشي ورا لو بتحب حد وعاوز تتأكد إلمسه...
إبتلعت ريقها بـ صعوبة دون أن تجرؤ على النظر إليه..زاد إرتجاف جسدها وعيناها إتسعتان وقد شارفتا على الإستدارة..لمحت حذاءه يقترب لتشهق ثم هربت من بين يداه
وقف مكانه وإبتسم بـ عذوبة ثم همس وهو يضع يده على قلبه
-حبيت بسرعة يا قلبي...
**************************************************
إرتدت ذلك الثوب الأبيض الذي يصل إلى ما بعد رُكبيتها بـ إنشات قليلة..يتسع من الأعلى إلى الأسفل ويحكمه من المُنتصف حزام ذهبي رفيع..كان من خامة الشيفون من أسفله طبقة أخرى من خامة أثقل..ذو حمالات عريضة أخفت منكبيها وعظمتي الترقوة ولم يترك إلا فتحتة عنق ضيقة..وضعت الوشاح على رأسها لتبتسم بـ قلب يخفق من السعادة
حملت باقة الأزهار التي جمعها بـ يده من أزهار الياسمين وبعض "الورد البلدي" الذي يُفضله صديقنا..أخذت نفسًا عميق ثم دلفت خارخ الغُرفة حتى وصلت إلى باب الكوخ..فتحته لتجده يضع يداه خلف ظهره ويبتسم بـ سعادة عاشق حصل على حبيبته
تأملت هيئته الطاغية والرجولية البحتة..يرتدي قميص أبيض اللون فُتحت أول ثلاث أزرار منه حتى يظهر منه وشمها..وقد فعلها مُتعمدًا..وإلى بنطاله الأسود الذي يلتصق بـ فخذيه المُعضلين كـ ذراعيه اللذان على وشك تمزيق القميص من قوتهما
تنهدت بـ حرارة ثم إبتسمت وتقدمت منه..تلك النظرة التي حصلت عليها منه كانت لأول مرة تراها بـ عيناه..وكأنما حصل عليها بعد عناء..وكأنها كانت على وشك الإفلات منه ولكنه أحكم الخيط وأعادها إليه مرة ً أخرى
تقدم منها عندما إقتربت منه ثم أمسك يدها ورفعها إلى فمه يُقبلها بـ رُقي أذابها..لتبتسم بـ خجل وهى ترى بعض الأشخاص الذين يُحدقون بهما بـ سعادة..شعرت به يضع يده على خصرها ثم همس بـ أُذنها بـ عذوبة
-النهاردة بتاعنا وبس...
ثم وضع يدها بـ مرفقه وتحرك وسط الجموع..لتبدأ النسوة بـ إطلاق صوتها والأزهار تُلقى عليهما..وبعض الأغاني التُراثية تتغنى من حولهما..إبتسمت روجيدا بـ سعادة فها هي تحصُل على حفل زفاف بسيط كما حلمت..و صوت التصفيقات الحارة تتعالى حولهما دليلًا على سعادة الحاضرين بـ العروسين
شهقت وهى ترى تلك الخيمة البيضاء كـ التي صنعها لها بـ تركيا ولكن هذه المرة مُغلقة وعملاقة بعض الشئ..ترقرقت العبرات بـ عينيها لتهمس بـ أُذنه
-بحبك
-همس هو بـ المُقابل وهو يبتسم: وأنا بعشقك يا فراولاية...
قبّلت وجنته بسرعة ليتنحنح بـ صوتٍ أجش ثم همس إلى مرسي قائلًا
-إيه يا عم مُرسي أحنا إتفقنا على زفة..مش زفة ودخلة كمان
-ضحك مُرسي وقال:خلاص يا جاسر باشا..همشي الناس حالًا
-ياريت...
أومأ مُرسي ثم أشار إلى عينه اليُسرى ثم اليُمنى..دقائق ورحل الجميع لتشهق روجيدا بـ فزع وهى تراه يحملها ثم قال وهو يتلاعب بـ حاجبيه بـ عبث
-عشان تحرمي تبوسيني قدام الناس تاني
-تعلقت بـ عنقه وهتفت بـ توتر:جاسر إعقل إحنا بره وحد يشوفنا
-إتسعت إبتسامته العابثة ثم تشدق:منا عشان كدا عملتها مقفولة...
نظرت إليه بـ عدم فهم وهُناك هاجس يُخبرها أن ما سيتفوه به لن يُعجبها البتة..ليقول وهو يتحرك بـ إتجاه الخيمة بـ نبرة ماكرة
-دي الليلة ليلتك يا عروسة...
إزدردت ريقها بـ خوف ليُداعب أنفها بـ أنفه ثم أكمل بـ نفس النبرة الماكرة ولكن بـ نظرات أشد وقاحة
-إعتبريها ليلة دُخلة متأخرة سبع سنين...
ثم دلف بها إلى الخيمة و أغلقها من الداخل..حاوط خصرها ثم جذبها إليه لينزع ذلك الوشاح عنها..إستند بـ مُقدمة أنفه على مُنحدر أنفها وهمس
-لو رجع بيا العمر تاني هحبك مرة تانية..هحبك بطريقة قلبك ميستحملهاش..هحبك أكتر من حبي ليكي دلوقتي..هحبك لدرجة لو طلبتي حتة من السما هجبهالك
وضعت يدها على وجنته تكاد تبكي من فرط مشاعره التي كـ الطوفان الذي لا يبقى ولا يذر..لثم جانب فاها مُطولًا ثم همس وشفتيه تتلمس شفتيها
-أنتي هدايه ربنا بعتها ليا عشان أفوق من اللي كنت فيه..عاوزك تعرفي إني مهما قولتلك بحبك وبعشقك فـ دا ميوصفش جزء من المليون من اللي بحسه ليكي...