رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل السابع والعشرون 27 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل السابع والعشرون

مُنذ أن عرفتك وأنا أجد سببًا لإستيقاظ كل يوم،لمواجهه الحياه،للرقص،للإرتشاف القهوة،للضحك..للكثير من الضحك،والسعادة الحقيقية...

-عجبك المكان
-وضعت قطعة الجُبن في فاها وقالت:جدًا المكان تحفة..عرفته منين؟
-إبتسم وقال:دا سر هبقى أقولك بعدين

ضيقت عيناها غيظًا ولم ترد عليه..ليضحك هو على حوريته..ظل يُراقبها وهى تأكل حتى وضعت الملعقة وقالت بـ توتر و خجل

-وبعدين بقى!!..متبصليش كدا و كُل
-إستند بيده على الطاولة وبرأسه عليها:طب أكليني

كانت ترتشف من كوب الماء وما أن سمعته حتى بصقته في وجهه..لينتفض هو فزعًا قائلًا بـ سخرية

-جرى إيه يا بسنت هو أنا قولتلك قومي بوسيني!..دا حيالله أكل..حسبي الله..

ثم جذب المنشفة وأخذ يُزيل قطرات الماء التي تناثرت عليه..بينما هى ترمقه بـ حدة قبل أن تقول

-بقولك إيه يا صابر إصطبح و قول يا صبح..ماشي؟
-نظر لها شزرًا وقال بـ ضيق:أنا غلطان لأهلك إني بجيبك أماكن نضيفة أخرك بـ ملافظك دي أي عربية فول ع الشارع
-زمجرت بـ صوت منخفض:صاااابر!!!
-أشاح بيده في وجهها وقال:أهيه هتتحول..كُلي يا بسنت عشان مخليش نهارك زي وشك السِمح دا
-قالت بـ صوت خفيض:قبر يلم

أكمل كِلاهما الفطور دون حديث..وبسنت ترمقه بين فِنية وأخرى لتجده عابث الوجه..تأففت بـ ضيق ثم إنتقلت من مقعدها إلى جانبه وأمسكت شوكتها وقربتها من فمه..ذُهل هو من فِعلتها الجريئة وما أن رفع عيناه لها حتى أهلكته تلك الحُمرة..ليجد نفسه يفتح فاه مسلوب الإرادة..لتبتسم هى بـ نعومة قائلة

-بالهنا..
-رفع أحد حاجبيه وقال بـ تعجب:أهو أنتي ينطبق عليكي كل دقيقة شخصية
-لترد هى بـ ضيق مُصطنع:يعني مش عاجبك؟

وكانت أن تنهض إلا أنه أمسك يدها وأجلسها ثم قال بـ مرح

-أنتي بتقفشي بسرعة ليه؟..أحنا بس بنضحكوا معاكي 
-رخم
-غمزها بـ عبث وقال:منا عارف و ع قلبك زي العسل مش محتاجة تخبي

لم تستطع كتم ضحكاتها لتضحك ويشاركها هو شاردًا في ملامحها البريئة..توقفت لينظر لها وقال بـ هيام

-هو أنا قولتلك إني بحبك!!

صمتت خجلًا ثم أغمضت عيناها..ليُمسك يدها قائلًا بـ نبرة عذبة

-طب أنا بحبك و بموت فيكي ومقدرش أعيش لحظة من غيرك..أنا رجعت للحياه تاني لما قابلتك..

لم تستطه الرد عليه..بالأحرى خانها لسانها وكذلك جسدها الذي سرى به رعشة وصلت إليه جعلت قلبه يخفق بـ جنون..إقترب منها ثم همس في أُذنها

-وحياه رعشة إيدك دي فـ إيديا أنا مش هسيبك وهحميكي يا بسنت قلبي..يا حورية خطفت قلبي

ثم قبّل وجنتها بـ رقة وحب..لم يستطع الإبتعاد عندما شعر بتلك السخونة التي تضرب شفتاه..تلك الحرارة المُنبعثة من وجنتها كانت كفيلة بـ جعل قلبه كـ المطرقة بين أضلعه..سمع همسها المُتلعثم

-صـ..صا..بر..ممـ..ممكن تبعد

إبتعد ولا يعلم أي قوى أمتلكها لكي يبتعد..حدق في قدحي القهوة مُطولًا دون حديث..يشعر وكأن المكان خلى من الجميع عدا منهما..لم يترك يدها ولم يحيد بـ نظره عنها..شعر كم الحب الهائل الذي يكنه لها ولو أطلق سراحه لعانت منه الويلات....

*************************************

-روجيدا ممكن تبطلي عياط بقى

قالها جاسر بـ ضيق من كثرة بكاء زوجته..ليتفاجئ بها تُحدثه بـ غضب

-وأنت عاوزني أعمل إيه وأنا بحس إنك بتودعني!!..أقوم أغني مثلًا
-إعتدل في جلسته وقال بـ هدوء:مين قال إني بودعك!..أنا بس بوصيكي يا حبيبتي مش أكتر..وبعدين كنت عاوز أقولهم من زمان وجه الوقت المناسب أقولهم فـ قولتهم
-جلست هى الأخرى تسأله بـ نبرة طفولية:يعني مفيش حاجة؟
-جذب الغطاء على جسدها وقال:لأ إن شاء الله مفيش

ثم مال يُزيل عبراتها بـ شفتيه عن وجنتها..ليلمح تلك القطرة التي علقت على طرف شفاها السُفلى..فـ إقترب يُزيلها بـ نعومة و رفق..إبتعد عنها وقال بـ حب

-دموعك دي غالية عليا أوي متخليهاش تنزل..متبقيش ضعيفة عشاني..أنا بطلب منك طلب ليا
-وضعت رأسها على صدره المُعضل وقالت بـ إبتسامة:هبقى أقوى عشانك..عشان خاطرك أنت بس

حاوطها بقوة وإستند بـ ذقنه على رأسها وأغمض عيناه يستمتع بـ ذلك القُرب..إلتفت ليلمح ذلك المسبح المُرافق لتلك الغرفة خارج القصر والتي يختص بها حينما يتدرب..ليهمس في أُذنها بـ عبث

-ماتيجي ننزل حمام السباحة!!

**************************************

بعد الإنتهاء من إجراءات الخروج من الفندق قال مراد وهو يُمسك كف زوجته

-يلا نمشي!
-إبتسمت وقالت:يلا

شعر بـ السعادة تغمره عندما إستعادت قُدرتها على الحديث حتى وإن كانت تتكلم بضع كلمات مُقتضبة ولكنه سعيد فقط من أجلها..سارا بـ هدوء وقال وهو يفتح لها باب السيارة

-إتفضلي

دلفت وإستدار هو إلى مقعده أخرج نظارته الشمسية وإرتداها وإنطلق بـ السيارة..تحدث ونظراته مُسلطة على الطريق

-إحنا هننزل القاهرة وبعدها هنرجع موسكو عشان شغلي
-أماءت بـ خفوت وقالت:طيب
-نظر لها وتساءل بـ إهتمام:مالك في إيه!!..مش عاوزة ترجعي؟

نفت بـ رأسها ولكنها أخذت نفس عميق ثم قالت بـ تمهل و نبرة ضعيفة

-مش كدا..أنا بس..مش عاوزة..أرجع و أنا..لسه مش..خفيت
-أمسك يدها وشابك أصابعها وقال:طول ما أنا جمبك متخافيش
-إبتسمت وقالت:عارفة..ومتأكدة..بس...
-قاطعها بـ هدوء قائلًا:مبسش يا دينا..خليكي معايا وإمسكي إيديا ومتخافيش..لو ما سبتيش إيدي أنا مش هسيبك 
-ضغطت بـ قوة على يده وقالت:مش..هسيب..إيدك

نظر لها بـ حب ثم رفع كفها ولثمه بـ رقة..لتفعل هى المثل..فعلتها جعلت قلبه يقرع بـ قوة..وقتها علم أن قلبه عاد يضخ عشقًا لها..إبتسم وهو يقول

-بحبك يا دينا
-أغمضت عيناها وهى ترد و وجهه يعتليه إبتسامة:وأنا..كمان
-تنهد بـ إرتياح ثم قال:أخيرًا يا دينا أخيًرا نطقتيها..دا أنا قربت أخلل

ضحكت بـ رقة ليبتسم هو الأخر..ليقول بعدها

-إحنا مش هننزل موسكو ع طول يعني مش النهاردة أو بكرة مثلًا..هنرتب أمورنا ونشوف الدكتور وبعدها نشوف هنعمل إيه
-أماءت بـ رأسها وقالت:أوكيه....

***************************************

ظلت ثوان تستوعب ما تفوه به حتى إبتعدت عن صدره فجأة وقالت بـ دهشة

-معلش كدا سمعني قولت إيه أصلي مسمعتش!!
-إتسعت إبتسامة خبيثة وقال بـ خبث يوازي نبرته:بقولك ننزل الماية..إيه اللي مسمعتيهوش؟
-رمشت بـ عينيها عدة مرات وقالت بـ بلاهه:أنت بتتكلم جد!
-أجاب بـ براءة مصطنعة:أه والله جد الجد كمان
-فـ ردت عليه بـ إستنكار:جاسر إحنا فـ الشتا والجو تلج مش برد بس
-غمزها بـ وقاحة وقال:ما أنتي مش لابسة أهو ومش سقعانة إيه بقى!!

تضرجت وجنتيها خجلًا و عفويًا جذبت الغطاء على جسدها ولم ترد..ليميل عليها هامسًا بـ مكر

-ولا عشان فـ حضني مثلًا..يلا ننزل وبلاش حجج!!

لم ترد عليه فما زالت خجلة من ذلك الوقح..ليزيل الغطاء فجأة وهو يقول بـ عبث

-السكوت علامة الرضا
-شهقت بـ فزع وقالت:جاااسر!!..متعملش كدا

ولكنه لم يرد حملها و توجه ناحية حمام السباحة وقال وهو يقف على حافته

-معملش إيه!!..أنا هعمل كدا

ثم قفز بها إلى المياه وسط صرخاتها وضحكاته التي كادت تجعلها تتوق إلى قتله..تعلقت بـ عنقه وكادت أن توبخه إلا أنها صمتت فجأة وقالت بـ دهشة

-الماية دافية!!
-أحاط خصرها وقال بـ عبث:فيه نظام تسخين يا جاهلة
-لوت شدقها بـ ضيق وقال بـ تذمر:وأنا أعرف منين..مش أعرف إن التكنولوجيا دي وصلتلكم
-أقرن ما بين حاجبيه وقال بـ سخرية:يا شيخة!!..طب إتلهي بقى

زمت شفتيها بـ ضيق و صمتت..ليُقربها منه قائلًا بـ إبتسامة

-يلا نعوم

ولم ينتظر ردها..فـ أعطاها ظهره وأمسك يدها و وضعها حول عنقه ثم بدأ في السباحة بها وسط سعادتها به وسعادته بها..ظلا هكذا قُرابة ساعة وبعدها إستند بـ ظهره إلى أحد الأركان وهى في أحضانه ليقول لها و هو يُزيح خُصلاتها عن عيناها

-مبسوطة!!
-قبلت وجنته وقالت بـ سعادة:جدًا..ربنا يخليك ليا
-إحتضنها بيد واحدة وقال:ويخليكي ليا وميحرمنيش منك ولا من بنوتي

ليسمعا بعدها صوت هاتفه..ليصعد ثم عاونها هو في الصعود وقبل أن يرد جذب لها الغطاء وأحاط جسدها به ثم إرتدى هو سرواله وتوجه ناحية هاتفه..إلتقطته ليجده رقم سكرتيرته..فتح الهاتف وقال

-أيوة يا ليان خير؟
-أجابته ليان بـ عملية:حضرتك في ورق لازم توقيعك
-طب ما تخلي صابر يمضي مكاني
-ما هو مستر صابر مش موجود وبتصل بيه مش بيرد فـ حضرتك للزم تكون موجود
-تأفف جاسر بـ ضيق وقال:طيب أنا جاي مش هتأخر..

ثم أغلق الهاتف لتتجه إليه روجيدا مُتساءلة

-في إيه يا جاسر!!
-إرتدى كنزتة وقال:ورق عاوز إمضتي هروح وأرجع ع طول..
-أماءت بـ تفهم وقالت:طيب يا حبيبي
-قبل جبينها وقال:إلبسي هدومك عما أبعت حد يجيبلك جاكيت متتطلعيش بالهدوم دي الجو برد
-إبتسمت وقالت:حاضر..بس متمشيش قبل ما أجي
-مسح على وجنتها بـ حب وقال:من عيوني

ثم خرج..وبعد دقائق خرجت هى بعدما أحضرت لها إحدى الخادمات معطف كما أمرها جاسر..صعدت إلى الغُرفة لتجده يُنهي إرتداء ثيابه..توجهت ناحيته وجذبت إحدى ساعاته وألبسته إياها وكذلك وضعت عطرها المفضل..وهو يتأملها بـ نظرات شغوفة..نظرت له بـ حب فـ مال يُقبل شفتيها وكأنها مصدر قوته..إبتعد عنها وقالت بـ حب..

-خلي بالك من نفسك
-عاد يُقبل جبينها وقال:حاضر..لا إله إلا الله
-سيدنا محمد رسول الله

ثم خرج لتشعر بعدها بـ إنقباضة في قلبها..يُنبؤها حدثها أن خطبًا ما سيحدث...

***************************************

بدأت الشمس في الغروب و روجيدا تجيئ وتذهب في غُرفتها وقلبها لا يزال ينقبض من وقت لأخر وذهنها مُعلق بـ جاسر بالرغم أنها حدثته مُنذ ما يقرب ساعة وأخبرها بـ قدومه خلال ساعتين إلا أن تلك الإنقباضات التي لا تُفارقها إلا لمامًا هى التي تجعلها على تلك الحالة..أخرجها من ذلك التفكير صوت بُكاء طفلتها فـ هرعت إليها وحملتها من مهدها وأخذت تسير بها إلا أنها لم تهدأ..لتقول روجيدا بـ خوف

-أنتي كمان قلقانة ع بابي؟!..ربنا يجيبه بـ السلامة..

بدأت في إطعامها لتجدها بعد فترة قد نامت..وضعتها في مهدها ثم توجهت إلى أسفل لتجلسمع والدته عسى أن يختفي هلعها عليه..وبالفعل نزلت وجلست مع عمته و والدته تجاذبت أطراف الحديث بـ طريقة مُقتضبة..

صدح صوت هاتفها..لتجده رقم غير مُسجل قطبت ما بين حاجبيها وفجأة إرتفع وجيب قلبها وهى تُجيب

-ألو!
-أيوة مدام روجيدا؟
-إنقبض قلبها وهى تقول:أيوة مين؟
-تنحنح صابر وهو يقول بـ نبرة متوجسة:أنا صابر
-إبتلعت ريقها وهى تقول بـ نبرة خائفة:أيوة يا أستاذ صابر..جاسر حصله حاجة؟

صمت دام لثوان كانت كفيلة بـ جعل الرعب يسري بـ أوردتها كما السُم..إبتلع صابر هو الأخر ريقه بـ صعوبة وهو يرد عليها بـ نبرة آسفة

-جـ..جاسر..فيه عـ..عربية شدته وهربت...

بدأ في إستعادة وعيه رويدًا تأوه بـ صوت مكتوم ثم حاول تحريك جسده ليجده مُكبل على مقعد حديدي رفع رأسه ليجد الرؤية مشوشة بـ فعل ذلك السائل اللزج الذي يتدفق أعلى حاجبه..وفي أثناء إستكشافه أتاه صوت يعرفه جيدًا من إحدى الزوايا في الظلام 

-ها قد إلتقينا مُجددًا جاسر الصياد

ضيق جاسر عيناه ثم ما لبث وأن إنفجر ضاحكًا لينعقد ما بين حاجبي مارتن بـ دهشة..ليقول بـ غضب 

-على ماذا تضحك؟
-رد عليه جاسر ساخرًا:لم تستطع النيل مني في منزلي..فـ لجأت إلى تلك الألعاب والتي أتمتع بها بشدة
-تقدم مارتن بـ خُطى وئيدة وقال:أحقًا ما تقول!!..سوف تستمتع بما أقوم!..إذًا لا تبكي في منتصف الطريق
-أضاف جاسر بـ سخرية:أبكي!!..لستُ إمرأة مثلك تبكي و تنوح

لكمه مارتن بـ قوة لتنسل الدماء من بين أسنانه ولكن جاسر تلقاها بـ إبتسامة زادت مارتن غيظًا وجعلت الشرر ينطلق من عيناه..جذبه من تلابيبه و حدثه بـ شراسة

-أتضحك!!..حسنًا سأكون حريص ألا عدم إزالة تلك الإبتسامة

رفع أحد حاجبيه بـ تهكم قبل أن يرجع بـ رأسه ويقوم بـ ضرب جبهته بـ جبهة مارتن بـ قوة ثم قال جاسر بـ تحدي

-تذكر حديثك ذاك جيدًا لأنني سأكون ضاحكًا بـ النهاية..

ترنح في وقفته وسقط أرضًا يُصارع ذلك الدوار الذي أصابه عقب تلك الضربة المُباغتة..لينهض بعدها سريعًا وبدأ بـ ضرب جاسر ضربًا مُبرحًا..وبالرغم من الألم الذي أصاب جسده..إلا أنه يبتسم ليجعله يشعر بـ مرارة خسارته....

*************************************

-يعني إيه شدوه!!..هو لعب عيال!..فهموني!

صرخت روجيدا بـ تلك الكلمات وعيناها لا تتوقفان عن ذرف الدموع..ليقول صابر مُحاولًا إطمئنانها بعد أن حضر في خلال ثلاث ساعات

-مدام روجيدا إهدي..آآآ...
-قاطعته بـ شراسة:أهدى إزاي!..قولي..جوزي معرفش راح فين!..و والدته بين الحيا و الموت..وأنا مش عارفة أعمل إيه؟
-مسح صابر على وجهه وقال بـ رزانة:لازم تهدي عشان نعرف نوصل لحل..دلوقتي جاسر منافسيه كتير ممكن حد منهم
-هزت رأسها بـ هستيرية وقالت:لألألأ..مش هما أنا عارفة مين
-ليسألها بـ تلهف:قوليلي مين عشان أتصرف
-لترد هى بـ حزن:للأسف الموضوع أكبر من كدا
-إنعقد ما بين حاجبيه وتسائل بـ تعجب:أكبر من كدا إزاي يعني!!

لم ترد عليه..وفجأة أمسكت هاتفها تحت نظرات صابر المُتساءلة..وضعت الهاتف على أُذنها وفي ثوان قالت

-ستيف حدث ما كنت أخشاه!!
-ليرد ستيف بـ تساؤل:ماذا هناك؟
-أجابته بـ غضب:ذلك الحقير مارتن..يُريد الإنتقام من جاسر
-إندهش ستيف وقال بـ صدمة:ماذا تقولين!!..وماذا حدث؟
-تشدقت هى بـ ضيق:سأشرح فيما بعد..الآن أُريد منك تقرير كامل عن مارتن وماذا يفعل في الآوانة الأخيرة
-رد هو مُسرعًا:حسنًا حسنًا..أعطني يوم وسيكون لكِ ما تُريدين
-لا يوم وقت طويل..سيكون قد تأخرنا..أرجو أن تُسرع خلال ساعات
-تنهد ستيف وقال موافقًا:حسنًا سنعمل بـ كامل فريقنا وكذلك سنطلب المُساعدة من المباحث الفيدرالية لا تقلقي..جاسر ساعدنا كثيرًا ولذلك لا تقلقي
-إبتلعت ريقها بـ خوف وقالت:أتوسل إليك ستيف لا تتأخر
-حدثها مُطمئنًا:إهدئي روجيدا سأفعل ما بوسعي..
-أشكرك..

ثم أغلقت الهاتف لينظر لها صابر وكأنه مُنتظر لتفسير..ولكن روجيدا تجاهلته وقالت وهى تصعد سريعًا على الدرج

-إستناني يا أستاذ صابر هغير هدومي وأجي معاك

وقبل أن يعترض كانت قد صعدت...

***************************************
 

دلفت روجيدا إلى غُرفة فاطمة وجدتها نائمة..تقدمت منها روجيدا وعيناها لا تتوقفان عن ذرف العبرات..جلست على مقعد أمام فراشها وقبل أن تتحدث سبقتها فاطمة

-جاسر فين يا روجيدا!
-أمسكت روجيدا يدها وقالت بـ حزن:هيرجع يا ماما..والله هيرجع
-بكت فاطمة بـ ضعف وقالت:مليش سند غيره جاسر أبويا مش إبني..رجعيه يا روجيدا

أزالت روجيدا عبراتها وقلبها تشعر به يتوقف عن النبض حُزنًا وقالت بـ حنان

-صدقيني..هرجعه أنا رايحة دلوقتي
-لترد عليها فاطمة بسرعة:هتروحي أنتي كمان!!
-أغمضت عيناها بـ قوة وقالت بـ نبرة ضعيفة:لازم أروح عشان أرجع جاسر..بس..بس أنتي إتحسني عشان لما يرجع ميزعلش منك

بكت بـ قوة أكبر لتُشاركها روجيدا..نهضت وقالت قبل أن تشعر بـ أن قوتها خارت

-أنا ماشية يا ماما خلي بالك من نفسك ومن أدويتك..وأنا هوصي الكل عليكي..ومتقوليش لسامح حرام لسه متجوز ومش عاوزين نزعله

وقبل أن تتحدث فاطمة قالت روجيدا وقد فهمت ما يدور بـ خلدها

-هرجعه قبل ما سامح يرجع..هرجعه لو على حساب روحي..

إنحنت تُقبلها وقبل أن تخرج قالت روجيدا

-أنا هاخد جُلنار معايا..عوزاكي تتحسني عشان تخلي بالك منها..إبقي تعالي القاهرة..أرجوكي خفي بسرعة

ثم تركتها وركضت..وعبراتها تُسابقها..أخذت صغيرتها من إحدى الخدم وقبّلتها بـ قوة تشتم رائحتها ثم تحدثت بـ حزن

-فيكي من ريحته..أنتي اللي بقيالي منه..

ثم تحركت سريعًا و توجهت ناحية صابر الذي أخذ حقيبتها و سارا بـ إتجاه السيارة...

***************************************

-هيا تحركوا

قالها مارتن وهو يأمر أحد رجاله..فـ تحرك رجُلان وقاما بـ حّل وثاق جاسر الذي تدلت رأسه من إثر الضربات التي تلقاها..ولكنه لا يزال بـ وعيه ليقول بـ ضعف ساخرًا

-أنويت قتلي يا مارتن!
-إقترب منه مارتن وقال:ليس بعد جاسر
-إبتسم جاسر من زواية فمه وقال:كلما تأخرت كلما إقتربت نهايتك

أمسك مارتن فروة رأس جاسر ليجبره على النظر في عنياه..ثم همس بُ فحيح أفاعي

-لا تتحدث بما لا تستطع فعله..أما عن قتلك فـ ليس الآن فما سأفعله بك سيجعلك تتمنى الموت

ثم ترك رأسه بـ حدة وأمر أحدهم قائلًا بـ غلظة

-قم بتخديره لا أُريده واعيًا
-حسنًا سيدي

رحل الرجل لكي يقوم بـ إعداد ما أُمر به..بينما همس مارتن مرة أخرى وقال بـ خبث

-سنذهب بـ رحلة ممتعة..أعتقد أنك ستنال إعجابك
-ليرد جاسر بـ سخرية:إن كانت إلى الجحيم معك..فـ أنا لا أُبالي
-ربت مارتن على مكنبه وقال:لا تقلق لستُ مستعدًا لذلك بعد..وأعتقد أنك ستذهب بـ مفردك

عاد الرجل ليومئ مارتن له..فـ قام الرجل بـ حقنه بـ إبرة التخدير..ثوان وغاب جاسر عن الوعي..وضع مارتن يديه في جيب بنطاله وقال بـ هدوء

-هيا يجب أن نتحرك الآن...

****************************************

-عرفت إن جاسر الصياد إختفى!
-رفع جلال حاجبه بـ دهشة وقال:والله!!..امممم كويس ربنا يرجعه بـ السلامة
-تحدث صلاح بـ توضيح:حد من معارفي قالي إنه إتخطف من قدام شركته

أشار جلال لتلك الفتاه بـ الإنصراف ثم قام وإتجه ناحية الطاولة و سكب كأس من الخمر وهو يقول ساخرًا

-بقى شحط زي دا يتخطف!!

ثم بدأ في تجرع كأسه بـ تلذذ..ليُكمل صلاح

-يا بني كله حصل بسرعة..الراجل كان واقف والجو ضلمة وجت العربية خرج منها إتنين ضربوه وشدوه للعربية وهربت
-مط شفتيه بـ أسى مصطنع:تؤتؤتؤ يا ضنايا..لأ دا إحنا لازم نقوم بـ الواجل
-تساءل صلاح بـ دهشة:قصدك إيه!!

أخذ يتجرع ما في بـ إستمتاع..وقال بلا مبالاه وكأنه لا يستمع إلى صديقه

-الخمرا دي فعلًا تستاهل تمنها

نهض صلاح بـ غيظ وتوقف أمام جلال وقال بـ حدة

-جلال قصدك إيه!!
-حك جلال جبهته وقال بـ برود:قصدي إني لازم أساعد المدام..دا مهما كان واجب عليا عشان خاطر بس بسنت حبيبتي
-حذره صديقه قائلًا:بلاش حاجة تخص جاسر الصياد..الراجل دا تعبان..تِعبان إيه لأ دا شيطان يا جلال ولو حاجة بتمس عيلته وخاصةً مراته مبيعرفش أمه
-هز كتفيه بلا مُبالاه:وهو مش هنا دلوقتي..وبعدين مش أنا اللي أخاف وأنت عارف
-هز صديقه رأسه بـ نفي وقال:مش قدام ده..جاسر الصياد مش راجل يتلعب معاه..ده شيطان..فكرك أنه مش هيعرف بـ اللي عملته لـ مراته وساعتها بس هتتمنى الموت

نظر له جلال بـ نظرة مُخيفة جعلت الدماء تهرب من وجهه صديقه..قبل أن يُباغته جلال بـ لكمة أطرحته أرضًا وهدر بـ صوته كله

-بلاش تحفر قبرك بـ إيدك..إمشي يا صلاح..أمشي

صرخ بـ الأخيرة قبل أن ينهض صلاح مُهرولًا إلى الخارج..قذف جلال الكأس بـ غضب ثم إستند على الطاولة بـ يديه وحدث نفسه بـ إصرار

-مش جلال اللي حاجة تعجبه ويسيبها..حتى لو كانت فـ بوق (فم) الأسد...

**************************************

دلفت روجيدا إلى منزل هاجر التُهامي بـ خطى ثقيلة..ملامحها تدل على أنها تخطت الستون من عمرها..ذلك الحزن الذي تغلغل بـ روحها جعلها تبدو في تلك الهيئة الرثة..إستقبلتها بسنت بـ لهفة وحزن هى أيضًا...لترتمي روجيدا بـ أحضانها

-جاسر راح يا بسنت..راح خلاص
-ضمتها بسنت بـ قوة وقالت بـ نفي:لأ يا حبيبتي مرحش..خليكي قوية عشانه وعشان بنتك..هما الأتنين محتاجينك..
-إبتعدت عنها وقالت بـ تحشرج:تفتكري!!
-أزالت بسنت عبراتها بـ حنان و نهرتها بـ لطف:إوعي يا روجيدا تفقدي الأمل أو تستلمي..ويلا ندخل الجو برد وجُلنار تتعب

جذبتها بـ رفق وحملت منها رضيعتها..سارت معها مسلوبة الإرادة تشعر بـ تعب و خواء في روحها..تشعر وكأنها خسرت كل شئ..فقدت لذة الحياة..فقدت ألوانها..أصبحت مُلونة بـ الأسود فقط..سارت بسنت بها إلى إحدى الغرف وتركتها..

نزلت إلى صابر وقالت له بـ إهتمام

-هنعمل إيه دلوقتي!!
-حك رأسه بـ إرهاق وقال:أنا هروح الشركة أجيب شريط المراقبة وأشوفه يمكن نلاقي حاجة
-خلاص هاته هنا وخلي روجيدا تساعدك..حتى تحاول تديها دفعة أمل
-أمسك يدها وقال بـ رجاء:خدي بالك منها ومن نفسك
-إبتسمت وقالت:متخافش يا صابر..لازم أبقى قوية عشانها..ربنا يرجعه بـ السلامة
-يارب

سار إلى الخارج وتابعته بسنت حتى رحل..دلفت هى إلى المطبخ لتجد والدتها تقوم بـ إعداد الطعام..لتقول هاجر بـ قلق

-هى عاملة إيه!!
-تنهدت بسنت وقالت بـ حزن:هتكون عاملة إزاي!!..طبعًا تعبانة وبتموت

وضعت صحنًا ما بـ صينية وأعطتها لبسنت وقالت بـ جدية

-خدي الأكل دا ليها وأكليها لو حتى عافية
-إبتسمت بسنت وقالت:شكرًا يا مامي
-ربتت على وجنتها بـ حب وقالت:العفو يا قلبي ع إيه..يلا بسرعة خليها تاكل

تحركت بسنت سريعًا و توجهت إلى غُرفة روجيدا..دلفت بـ هدوء لتجدها تُمسك بـ يدها قميص رجالي رجحت أنه لـ جاسر..تحتضنه وتشتمه بـ عمق وكذلك عيناها لا تتوقف عن ذرف العبرات..نظرت لها بسنت بـ أسى وتحركت ناحيتها ثم قالت

-إن شاء الله هيرجع..بس أنتي أدعي

لم ترد عليها روجيدا..لتضع ما بـ يدها على الفراش وأمسكت الملعقة و وضعتها في حساء ثم رفعته إلى فم روجيدا وقالت بـ جدية

-يلا عشان تاكلي
-ردت روجيدا بـ فتور:مش عاوزة
-عبست بسنت بـ وجهها وقالت:إسمعيني كويس يا روجيدا..لازم تبقي قوية عشان تعرفي ترجعي جاسر..بـ اللي أنتي بتعمليه دا لا هتعرفي تتصرفي ولا هتعرفي ترجعيه
-صرخت روجيدا بها:بس أسكتي..مش عاوزة أشوف حد ولا عاوزة أكل. أنا عاوزة أموت

قذفت بسنت الملعقة ثم أمسكت روجيدا من كِلا ذراعيها وهدرت بها من أجل إفاقتها

-وبنتك هتسبيها لمين!!..ها ردي عليا؟..إسمعي يا روجيدا مش هقولك أني حاسة بيكي عشان أنا مش مكانك ولا بتمنى..بس لازم تفوقي عشانه عشان خاطره..بلاش تقعي فـ أول خطوة..زي ما أنتي بتعتمدي ع جاسر..هو كمان بيعتمد عليكي..فوقي لنفسك وليه ولبنتك

صمتت تُلاحظ سكون روجيدا وبدت وكأنها إقتنعت..لتُكمل بعدها بـ هدوء

-جايز كلامي قاسي..بس أنا قصدي مصلحتك

جذبتها لتجلس..ثم دفعت الطعام لها وقالت بـ رجاء

-يلا يا قلبي كُلي

بدأت روجيدا في تناول الطعام بـ صمت لتبتسم بسنت أنها أقنعتها..سمعا صوت بُكاء الطفلة..لتنهض بسنت وقالت بـ هدوء

-خليكي أنا هشوفها

************************************

بعد ساعة كان صابر حضر ومعه أشرطة المُراقبة فـ سألته بسنت 

-إتأخرت كدا ليه؟
-جلس صابر وقال:كنت بكلم ظابط صاحبي عشان يساعدنا..وهو متأخرش خلينا نساعد من هنا وهناك عشان نختصر وقت
-أماءت بـ قوة وقالت:حلو أوي..يلا نشغل

جذبت روجيدا من يده الشرائط وبدأت في تشغيلها..لترى تلك السيارة التي ظهرت من العدم..ودلوف شخصان مُلثمان خارجها إستغلا الظلام في ضرب جاسر وجذبه إلى داخل السيارة..ما أن رأت ما حدث حتى صرخت بـ فزع وقلبها ينتفض رُعبًا عليه..تعلم من وقع في براثنه..هدأتها بسنت بـ سرعة وقالت

-إهدي يا روجيدا مينفعش كدا..هو..هو كويس إن شاء الله
-هدرت بـ شراسة:كويس إزاي!!..شوفتيهم وهما بيضربوه!!..أنتي مُتخيلة مين اللي وقع فـ إيديهم؟
-شاركها صابر بـ مؤازرة:بسنت عندها حق يا مدام روجيدا..خلينا نشوف هنعمل إيه..لازم تكوني قوية

كان جسدها ينتفض ولكن ما أن سمعت كلماته حتى تذكرت جاسر وهو يُخبرها أن تكون قوية من أجله..جلست مرة أخرى تبعها صابر وبسنت اللذان نظرا إلى بعضهما..صحيح أنها لم تكف عن البُكاء إلا أنها هدأت قليلًا..أعادا الشريط من جديد فـ لمحت روجيدا أرقام السيارة..دونها صابرسريعًا ثم نهض وقال بـ جدية

-دلوقتي هطلع أروح لصاحبي وأديله الأرقام دي وهو يعرف راحت فين

ودون إنتظار رد كان قد رحل..قالت بسنت بـ أمل وهى تجلس بـ جانب شقيقتها

-أدينا مسكنا طرف الخيط..إن شاء الله أنا مُتفائلة

وقبل أن ترد صدح هاتفها لتجده ستيف..ردت عليه بـ لهفة وقالت

-قل لي أنك علمت مكانه!
-رد عليها ستيف بـ توتر:بـ..بلى..علمتُ
-إنقبض قلبها وهى تسأله:ما الأمر ستيف؟

صمتت تستمع إلى رده..ليسقط الهاتف من يدها وهى تنظر إلى الفراغ بـ صدمة..فـ سألتها بسنت بـ توجس

-خير يا روجيدا!
-ردت روجيدا بـ شرود:عرفوا مكان جاسر
-لتقوب بسنت بـ حماس وهى تُمسك ذراعيها:طب كويس الحمد لله..فين بقى!!

نظرت لها روجيدا بـ ملامح خالية من الحياة..إبتلعت ريقها الذي أصبح كـ العلقم وردت بـ جمود يذبحها بـ سكين بارد

-فـ إسرائيل.....

تعليقات



×