رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الرابع (أدمنتك) الفصل الثالث 3 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الرابع (أدمنتك) الفصل الثالث 

سوف أحِبُّكِ عد دخول القرن الواحد والعشرين
 وعند دخول القرن الخامس والعشرين
 وعند دخول القرن التاسع والعشرين
 و سوفَ أحبُّكِ حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ 
و تحترقُ الغابات

أغلق أخر زر من قميصه ثم هتف بـ صوتٍ عال

-يلا يا مروة..هنتأخر
-ردت عليه مروة وهى تفتح الباب:خلاص جيت أهو...

نظر إلى هيئتها البسيطة بـ نظرها والمُهلكة بـ نظره..فـ كانت ترتدي كنزة من الشيفون ذات لونٍ أبيض وعلى مُزينة بـ بعض الكريستالات الذهبية و تنورة من اللون الأسود مُزينة بـ فراشات بيضاء..تنسدل بـ إتساع كبير لتُخفي مفاتنها..أما وشاح رأسها فـ كان من اللون الذهبي ولكن تطايرت بعض الخُصلات خارجه..أما زينة وجهها فـ عينيها حددتها بـ كحل أسود وبعض أحمر الشفاه ذا لو بني داكن

حبس شريف أنفاسه وتصاعدت ضربات قلبه..إستند على طاولة الزينة وبقى يتأملها على مهل..بـ الرغم أن الثياب تُخفي جميع مفاتنها ولكن هيئتها فتنة لناظر..أغمض عيناه ثم تشدق بـ خشونة

-تعالي هنا...

إبتسمت مروة بـ إتساع ثم تقدمت إليه تتهادى بـ خطوات جعلت عيناه تحتقن وبعض السباب اللاذع يخرج من بين شفتيه..وقفت أمامه ليهتف وهو يتفحصها للمرة التي لا تعلم عددها 

-إيه اللي أنتي لابساه دا!
-نظرت إلى ثيابها ثم إليه وهتفت بـ براءة:ماله!..ما هو واسع
-تمتم بـ إمتعاض:ما المشكلة أنه واسع...

ضحكت مروة وهي تتقدم خطوة أكثر ثم عدلت ياقة قميصه لتقول بـ إبتسامة لعوب

-ممكن أغيره وألبس حاجة أضيق على فكرة
-ضيق عيناه وهتف بـ شر:ع الله تعمليها يا مروة
-قبّلت وجنته بـ نعومة هاتفة:مقدرش أصلًا...

لم تشعر بـ يداه التي إلتفت حول خصرها ليجذبها إليه على حين غُرة ثم  رد قُبلتها على وجنتها المُقابلة لخاصته ليهمس بـ صوتٍ أجش

-مش لازم شهر عسل وزفت..الوقت بتاع السفر إحنا أولى بيه
-زمت شفتيها بـ خجل قائلة:عيب كدا يا شريف...

قَبّل زاوية شفتيها ثم نظر إلى عينيها بـ عينين عاصفتين وتشدق

-هو إيه اللي عيب!..أنتي مراتي على ما أظن
-رفعت ذقنها بـ غرور رادفة:وعشان مراتك لازم تحترمني...

صرخت بـ جزع وهى تشعر بـ نفسها تطير بـ الهواء محمولة بين ذراعيه ثم سمعت نبرته العابثة

-دا أنا هحترمك إحترام..محدش إحترمه قبل كدا
-حاوطت عنقه هاتفة بـ تلعثم:هنتأخر ع السفر
-لثم فكها هاتفًا:مش مهم
-أغمضت عيناها ثم هتفت بـ خوف:هتسوق بالليل...

وضعها على الفراش وبدأ في نزع وشاح رأسها ثم همس وهو يُقبل ما بين عينيها

-بحب أسوق بالليل
-بس آآآ...

ولكن لم يُقدر لإعتراضها النجاة فـ تاهت بين شفتيه و السفر عليه أن ينتظر طويلًا

*************************************

-خدي يا روجيدا تعالي هنا
-مش جاية...

تجاهلت نبرته الجهورية وتحركت أسرع منه حتى وصلت إلى الدرج ليعود ويهدر بـ نبرة جمدتها أرضًا

-أنا قولت تعالي...

زمت شفتيها وإلتفتت إليه على مضض..ليتحرك بسرعة حتى وصل إليها ثم تشدق بـ قوة

-ممكن أفهم حضرتك لاوية بوزك ليه!
-إحتدت عيناها وهدرت:واللي عملته فـ المحل دا اسمه إيه!
-إلتمعت عيناه بـ بريق عابث ثم قال بـ برود:واحد وبيساعد مراته..كان ينفع أسيبها لحد غريب!!
-لأ بس خلي منظرنا زي النيلة قدام الناس
-وضع يده على وجنتها وقال:هما قفشونا فـ وضع مُخل للآداب لسمح الله؟...

أبعدت يده عن وجنتها وظلت تنظر إليه بـ غيظ ليُحيط خصرها قائلًا بـ عبث

-وبعدين كنتي وحشاني أعمل إيه..الشوق غلاّب
-حاولت نزع يده لتهدر:شوق إيه يا أبو شوق!..دي قلة أدب وسفالة وبتخلي منظرنا زي الزفت قدام أي حد
-ضاقت عيناه بـ حدة ليهتف:روجيدا!!!..محصلش حاجة لكل دا يعني...

ضربت ذراعيه ليبتعد عنها..إلا أنه لم يبتعد لتصرخ روجيدا بـ غيظ هاتفة بـ عنف

-إبعد عني يا جاسر..عشان أنا مش طايقة نفسي
-مالكوا يا ولاد صوتكوا جايب أخر الدنيا!...

نظر كُلًا من جاسر و روجيدا إلى صوت فاطمة الذي صدح من الأسفل وبيدها جُلنار المُنشغلة بـ تناول شطيرة..ومن خلفهم سامح و نادين اللذان عادا حديثًا من سفرتهما..ليضع جاسر يد على فكه ثم قال بـ هدوء

-مفيش يا أمي..روجيدا تعبانة
-رفعت الصغيرة وجهها ثم قالت بـ براءة:خلاص يا بابتي إديها الحقنة بتاعتك وهى هتبقى كويسة
-تساءل سامح بـ عدم فهم:حقنة إيه دي!

شهقت روجيدا بـ خجل و وضعت رأسها بـ صدر جاسر..الذي نظر إلى الصغيرة بـ تحذير إلا أنها أكملت بـ توضيح

-أصل مامي أما تكون تعبانة..بابي بيديها حقنة وبيقولي "غمضي عينك يا جُلنار"ولما بفتح مش بلاقي حقنة سألت بابي فـ قالي "دي حقنة سحرية"...

إرتفع حاجبي سامح بـ دهشة ما لبثت أن تحولت إلى خُبث..ثم تطلع إلى نادين التي تُطالعهم بـ نفس النظرة هى و فاطمة..وضع جاسر يده على عيناه ثم همس بـ يأس

-منك لله يا بنت المفضوح...

إلتفت على صوت سامح الخبيث

-جرى إيه يا عم جاسر..حقن سحرية يا راجل!
-هدر جاسر دون أن ينظر إليه:خد مراتك وأختفي من قدامي يا سامح أحسنلك..وأنتي يا أمي أبلعي الضحكة ونامي...

نظر إلى روجيدا التي تبكي خجلًا ليقول بـ خشونة وغضب

-وأنتي إطلعي
-همست بـ صوتٍ مُختنق:مش قادرة أطلع
-كملت...

نظر بـ طرف عينه اليُسرى ليجد أنهم جميعًا أختفوا..ليعود وينظر إلى روجيدا هامسًا بـ وعيد

-عارفة لو اللي فـ بطنك طلعوا من عينة المفضوحة الكبيرة!..هرجعهم بطنك تاني وأقفل عليهم..أنا ناقص...

لم ترد روجيدا عليه من كثرة الخجل..فـ لم يجد جاسر بدًا من حملها كما فعل بـ شركته..فـ 

حملها بين ذراعيه المفتولتين ثم هتف بـ نبرةِ تهكمية

-هو أنتي حامل فـ بيبيهين ولا بغلين!!
-شهقت بـ إستنكار قائلةً:بغلين!..والله ما في بغل غيرك...

ضرب جبهتها بـ خاصته ثم تشدق بـ تحذير وهو ينظر إلى عيناها

-لأ نلم لسانا يا حتة مربى عشان أنتي فـ مرحلة حرجة ومخلكيش تولدي مُبكر
-أغمضت عيناها ثم أردفت بـ عصبية:نزلني يا جاسر..أنا غلطانة إني هجبلك بيبهين يا جوز المربى...

نظر إليها شزرًا ثم قال بـ تهكم وهو يصعد الدرجات

-بسم الله ما شاء الله نفس لماضة المحروسة جُلنار هانم بنت جاسر باشا...

رُغمًا عنها ضحكت ليضحك هو الآخر ويضمها إلى صدره ليقول بـ نبرة يائسة

-بنتك دي محتاجة لسانها يتقطع من لغلوغة 
-وضعت وجهها بـ عنقه وقالت:ما لو أبوها مُحترم
-تراقص بـ حاجبيه قائلًا:واللي يبقى معاه حتى مربى بالفراولة ينفع يكون مُحترم برضو!..لأ يا شيخة قولي حاجة تتصدق...

كان قد وصل إلى غُرفتهم ليضعها على الفراش بـ رفق ثم إنحنى ينزع عنها حذاءها الرياضي..وهتف بـ تهكم

-يا عضمك يا رضا
-ضحكت روجيدا قائلة:أنت اللي كبرت
-كبرت مين يا أم كبرت..أنتي اللي تقلتي
-نظرت إليه بـ حدة وقالت:بسبب عيالك على فكرة...

إبتسم بـ حنو وهو يُقبل بطنها المُنتفخ ثم همس بـ نبرة تحمل عاطفة أبوية

-هانت كلها كام شهر وتيجوا تنورا...

وضع يده يتحسس هذا الإنتفاخ..ثم إنحنى يُقبل جبهتها هاتفًا

-أنا هدخل أخد شاور وأجيلك
-إبتسمت بـ عمق وقالت:طيب...

جذب ثيابه من الخزانة ثم توجه إلى المرحاض ليأخذ حمامًا..ليخرج بعد خمسة عشر دقيقة فـ وجد روجيدا قد أبدلت ثيابها..تقدم منها وأحاط خصرها ثم همس وهو يُداعب أنفها

-مش هتاخدي شاور ولا إيه!
-إبتسمت وقالت:لأ مش قادرة بصراحة
-ليرد عليها بـ خبث:طب دا أنا هساعدك
-ضيقت عيناها ثم قالت بـ خبث:وعشان كدا مش عاوزة أخد شاور..ويلا عشان الغدا...

ضحك بـ صخب لتبتسم وهى تنظر إلى وجهه بـ حب..لتجده يُمسك كفها ويسحبها خلفه قبل أن يقول

-مش عوزاني أشيلك!
-نظرت إليه بـ نصف عين قائلة:مش كان من شوية يا عضمك يا رضا
-ضرب منكبها قائلًا:دا بهزر معاكي...

ثم مال إلى أُذنها وهمس بـعبث

-لأ دا أنا شباب وأعجبك
-إبتسمت بـ نعومة قائلة:أنت قليل الأدب يا روحي...

ضحك جاسر مرةً أُخرى ليدنو منها  ويُقبل وجنتها بـ خفة ثم سحبها خلفه

*************************************

كانت تضع رأسها على صدره وهما يتوجهان إلى مدينة شرم الشيخ التي يُسافرانها بـ الطائرة ليهمس شريف بـ هدوء

-مبسوطة!
-رفعت مروة رأسها ثم قالت مُبتسمة:أنت إيه رأيك؟
-لثم وجنتها هامسًا:رأيي هعرفهولك لما نوصل...

ضحكت وهى تضع يدها على فاها بـ خجل..لم تُصدق أن شريف أصبح زوجها أخيرًا بل و يُسافران لقضاء شهر العسل الخاص بهم..شددت من إحتضانه لخصرها ليعود هو و يُقبل جبينها بـ حرارة وعمق أكبر هامسًا بـ نبرة عذبة

-بعشقك يا مروة
-وأنا بموت فيك يا روح مروة...

وبعد مدة وصلا إلى الميناء الجوي ثم توجها إلى الخارج ليستقلا أحد سيارات الأُجرة المصفوفة التي إنطلقت نحو أحد الفنادق..وبعد أن وصلا ترجلا من السيارة ثم توجها إلى النُزل

كان النُزل يطل على البحر مُباشرةً..لم يكن أفخم ما قد يجده بـ المدينة الساحرة ولكن أعجبه التصميم وجوه الهادئ

بعدما أخذا مفتاح جناحهما صعدا إليه بـ المصعد ثم توجها إلى الجناح..وضع العامل الحقائب وما أن خرج حتى أغلق شريف الباب وإتجه إلى مروة التي تتفحص الجناح

كان به غُرفة نوم مُستقلة بـ حوض إستحمام يُحيطه زُجاج غيرُ شفاف وشُرفة واسعة تطُل على البحر الأحمر..وغُرفة أخرى بها أريكتين وتلفاز 

إحتضن شريف خصرها ثم تساءل وهو يضع ذقنه على منكبها

-عجبك!!
-أردفت بـ سعادة:جدًا..جميل أوي...

أدارها شريف إليه وبلا مُقدمات كان يميل إلى شفتيها هامسًا بـ عذاب

-وحشتيني أوي
-أبعدت وجهها قائلة بـ دلال:لحقت...

نزع سُترة حلته ليُقبل فكها قائلًا

-لحقت!!..أحمدي ربنا إني عرفت أمسك نفسي
-إبتعدت خطوتين قائلة:طب أنا عاوزة أنزل البحر...

جذبها إليه ثم رفعها بين ذراعيه وقال

-نص ساعة وننزل
-رفعت حاجبيها بـ شك:نص ساعة..نص ساعة!!
-ضحك وقال:نُص ساعة أس أربعة...

*************************************

بعدما تناولا الإفطار بـ أحد المطاعم القريبة من البحر أخذها صابر إلى المعمورة ليقضيا باقي يومهما هُناك..وأصرت بسنت بـ عناد أن يستقلا "أتوبيس الشعب"..وكانت فكرة أكثر من سيئة وذلك الزحام كاد أن يُطبق على أنفاسهما ليقول صابر بـ غيظ

-عايزة أركب الأتوبيس يا صابر..عاوزة أركب أتوبيس الشعب يا صابر..أديكي هتتفعصي من الشعب يا بسنت
-ردت عليه بـ حدة:الله وأنا أعرف منين يعني
-أشار بـ إصبعه على رأسها قال:ما هو لو دا يسمع كلامي ويبطل عناد..مُكنش دا منظرنا...

كانت الحافلة قد تحركت لتتحرك معها بسنت فـ أمسكها صابر من خصرها يُقربها إليه ويقيها من الصدمات..بينما أمامها قد مال رجُلٌا عن عمد بها ليدفعه صابر بـ عنف هادرًا بـ نبرة جهورية

-ما تحاسب يا راجل أنت
-ليرد عليه الرجل بـ حدة:جرى إيه يا أخ!..أنا جيت ناحيتك
-رمقه صابر بـ نبرة قاتلة قبل أن يهدر:لأ مجتش وفكر كدا تيجي عشان أحط رقبتك تحت عجلة الأتوبيس دا...

رمقه صابر بـ نظرات نارية قاتمة أسرت الرُعب بـ جسد الآخر فـ أشاح بـ وجهه بعيدًا عنه..لتهمس بسنت لتهدئة الموقف

-خلاص يا صابر..محصلش حاجة
-أسكتي أنتي
-أتاهما صوت سيدة تقول بـ تهكم:ما أنت شكلك كُبرة يا أخينا..بتتبهدل فـ الموصلات دي ليه..إركب تاكس أحسنلك
-رد عليها صابر بـ نبرة سوداء:خليكِ فـ حالك يا حاجة..عشان الواحد مش ناقص...

تأففت السيدة بـ ضيق ولم ترد عليه..بينما شدد هو من إحتضانه لبسنت إلى صدره ليُهمهم بـ ضيق

-أنا مش عارف إيه اللي خلاني أطاوعك
-ردت بسنت بـ لُطف:خلاص بقى يا حبيبي..مش هتتكرر تاني...

تأفف صابرولم يرد بل بقى ينظر إلى ذلك الرجل بـ نظرات قاتمة جعلته يوقف الحافلة ويترجل منها

بعد ستون دقيقة قد وصلا إلى المعمورة ليترجلا من الحافلة وبدآ يومهما..توجها إلى الشاطئ وجلسا على أحد المقاعد الخشبية لتقول بسنت بـ حماس

-أنا عاوزة أنزل البحر...

وضع صابر نظارته الشمسية فوق رأسه وتساءل بـ هدوء خطير

-وهتنزلي إزاي بـ هدومك!
-لترد بسنت بـ براءة:منا معايا مايوه
-إنتفض هادرًا:معاكي إيه يا روح قلبي!..أصلي مسمعتش
-أردفت بسنت بـ حنق:إيه يا صابر فيه إيه!
-نظر إليها بـ حدة ثم تشدق:هو إيه اللي يا صابر في إيه؟..مراتي أنا تلبس مايوه قدام كل الخلق دي...

أشار إلى عدد كبير من البشر المتواجدين بينهم لتزفر بسنت بـ قنوط قائلة

-على فكرة المايوه مُحترم ومفيهوش حاجة مُلفتة
-إندفع قائلًا:إذا كان كلك على بعضك مُلفتة...

فتحت فمها تنوي الحديث ولكنها توقفت وإبتسمت لتقول بـ مكر أنثوي

-أنت شايفني مُلفتة!..طب إزاي؟
-رد عليها دون النظر إليها:عفوية وشقية زيادة عن اللزوم فـ بتلفتي النظر..بريئة وشبه الجنية فـ نفس الوقت...

وأخيرًا نظر إليها وقال بـ إبتسامة رائعة جعلت بسنت تبتسم لإبتسامته

-أومال أنا وقعت إزاي!...
-ردت عليه بـ نبرة عذبة:يمكن أنت بس اللي شايفني كدا
-حرك رأسه نافيًا ثم قال:لأ دي أنتي..شخصيتك اللي كونتيها ومكنش فـ إيد العبد لله إنه يقع ليكي من غير رحمة...

************************************

كان الجميع يتناول الطعام بـ صمت قبل أن يقطعه سامح بـ سؤاله الخبيث

-إلا مقولتليش يا جاسر..إيه نوع الحقنة السحرية دي!..أصلي بتعب الفترة دي جامد والدكتور موصي على حقن كتير...

إبتعلت نادين ما بـ جوفها بـ صعوبة تكاد تنفجر ضحكًا..لينظر إليه جاسر شزرًا قبل أن يهتف بـ هدوء

-أنا أعرف حقنة عضل ترقدك فـ السرير ست أشهر يا ابن فاطمة
-ضحك سامح وقال بـ مرح:مكنش العشم يا كبيرنا
-معلش أصلي قليل الأصل بقى...

ضحكت روجيدا بـ خفوت ليميل إليها جاسر يهمس بـ نبرةٍ ذات مغزى

-دلوقتي بتضحكي!..ومن شوية كنت بتعيطي من كسفتك
-ردت عليه بـ بساطة:هذة نقرة وهذة نقرةً أُخرى
-إلتوى فمه بـ تهكم قائلًا:هذة نقرة وهذة معرفة يا فراولة...

ضحكت روجيدا ثم رفعت ملعقتها إلى فمها تتناول العشاء..لينظر إليها جاسر بـ إبتسامة..قبل أن يلتفت على صوت الصغيرة يهتف بـ براءة

-بابي..أنا عاوزة لما أتعب أخد حقنة سحرية زي بتاع مامي...

إستمع جاسر إلى ضحكات نادين وسامح دون النظر إليهما ليميل إلى الصغيرة ويهتف بـ حنق

-خليكي فضحاني قدام اللي يسوى واللي ميسواش
-لتقول نادين من بين ضحكاتها:مكنش العشم يا جاسر
-نظر إليها جاسر ليردف بـ ضيق:إخرسي يا ست نادين ومتعوميش على عوم جوزك
-رفع سامح ذراعيه قائلًا بـ براءة:برئ المرادي...

ضيق جاسر عيناه بـ حدة قبل أن يميل إلى الصغيرة ويهمس بـ أُذنها 

-شوفي يا جُلنار..مش أنا أبوكي أهو!!...

أومأت جُلنار بـ رأسها دون أن تنظر إليه وهى ترفع الملعقة إلى فمها فـ أكمل جاسر همسه

-بس أقسم بالله ما طايقك و ندمان ندم عمري إني خلفتك والله..وصدقيني فـ أقرب فرصة هرميكي فـ أي ملجأ وأخلص من لسانك اللي طولك 
-ردت الصغيرة بـ براءة:مش تقدر عشان أنت بتحبني
-دفع رأسها بـ خفة من الخلف هامسًا بـ غيظ:ما حظي الأسود اللي منقط بـ أسود وفيه خطوط أسود من قرن الخروب إني بحبك..بس أنتي عارفة يا بت يا جُلنار!!
-نظرت إليه الصغيرة بـ إهتمام لتسأل:إيه يا بابتي؟!
-وضع يده أسفل ذقنه قائلًا:أنتي جاية تخليص حق..وتكفير ذنوب..أي والله بكلمك بـ الأمانة يعني

لم يبدُ على الصغيرة أنها فهمت لترفع منكبيها بـ فتور وأكملت طعامها..ليعتدل بـ جلسته وتميل إليه روجيدا هامسة

-كنت بتقول لها إيه!
-إبتسم بـ سماجة رادفًا:لا أبدًا دا أنا بقولها الوصايا السبعة بس...

حركت روجيدا رأسها يأسًا ولم ترد..إلا أن جاسر هتف فجأة وهو ينظر خلف نادين وسامح و والدته 

-إيه دا!...

إستدار الجميع ليستغل جاسر الفرصة وينحني إلى ثغر روجيدا يُقبله بـ خفة غامزًا لها بـ عبث لتشهق بـ خفوت و وضعت رأسها بـ صحنها خجلًا..إستدارت والدته تسأله بـ حيرة

-أنت شوفت إيه!!
-إبتسم جاسر وقال بـ مكر:متاخديش فـ بالك يا أمي..كان بيتهيقلي
-رفعت والدته منكبيها قائلة:طيب...

أما سامح فـ قد نظر إلى شقيقه بـ إبتسامة عابثة ليُبادله جاسر المثل فـ ضحك أخيه قائلًا بـ خبث

-وأنا برضو إتهيقلي إني شوفت حاجة
-عقدت نادين حاجبيها وتساءلت:شوفت إيه!
-غمزها سامح قائلًا:فـ الأوضة أبقى أقولك...

شهقت نادين بـ خجل وقد تضرجت وجنتيها بـ حُمرة ماثلت حُمرة روجيدا التي همست بـ يأس

-لا أنت ولا أخوك طنط فاطمة عرفت تربيكم
-ضرب منكبها بـ خاصته ثم همس بـ عبث:ولا أي حد شايل چينات الصياد..وبنتك المحروسة تشهد...

*************************************

بعدما إنتهى العشاء الكارثي صعد جاسر إلى غُرفة مكتبه يُنهي أعماله و روجيدا إتجهت إلى جناحهما لتستريح..وما أن إنتهى من عمله توجه إليها

وجدها تجلس على الفراش تضع سماعات الأُذن وتقرأ أحد الكُتب الثقافية..وترتدي!!!..حتمًا ما ترتديه ما هو إلا وسيلة تعذيب قاسية..فـ كانت ترتدي كنزة صفراء ذات حمالات رفيعة معقودة على منكبيها بـ أنشوطة وأنسدل كِلاهما عنها..ضيقة تُبرز إنتفاخ بطنها بـ وضوح..وسروال قصير يتدلى على جانبيه حبلان قررا عقدهما إلى أعلى بـ طريقة جعلت حرارته ترتفع أما خُصلاتها المرفوعة بـ فوضوية طفولية رائعة جعلته يهمس بـ حرارة

-هو الجو حر ولا أنا اللي بردت!...

إنتبهت روجيدا لوجود جاسر..لتبتسم بـ إشراق قائلة

-واقف كدا ليه يا حبيبي!..تعالى
-رد عليها بـ لهفة:من عنيا...

إتجه إليها ليجلس على الفراش ثم جذبها إليه لتجلس بين أحضانه..ضحكت روجيدا وهو يُقبل عُنقها بـ قُبلات خفيفة ليجذب أحد سماعتيها مُتساءلًا

-بتسمعي إيه!
-عبد الحليم...

"على حسب الريح ما يودي ما يودي الريح ما يودي"
"وياه أنا ماشي ماشي ماشي ولا بيدي"
" معرفش إن كنت مروح ولا أمتى الهوا حيهدي"

ضحك جاسر ليقول وهو يحاوط خصرها قائلًا

-صحيح هيهدي أمتى!
-وضعت يدها على وجنته هاتفة:لما تبطل تحبني
-قَبّل وجنتها ثم تشدق بـ صوتٍ أجش:يبقى مش هيهدي أبدًا..وإحتمال يتحول لإعصار...

ضحكت روجيدا لتجد جاسر يجذب الكتاب من يدها ليقرأ سطران يتحدث فيهم عن المشاكل الإجتماعية..ليُلقيه بـ إهمال قائلًا بـ عبث

-مشاكل إجتماعية إيه بس!..خلينا فـ نزار قباني دلوقتي...

"يا مغزولةً من قطنٍ وغمام " 
"يا أمطاراً من ياقوتٍ "
"يا أنهاراً من نهوندٍ "
"يا غاباتِ رخام"
" يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ"
" وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ"

إبتسمت روجيدا وهى تستمع إلى كلماته الغزلية لتضم نفسها إلى صدره هامسة

-يا من هواه أعزني ولم يزلني أبدًا...

"وأهي دُنيا بتلعب بينا يمكن ترجع غناوينا"
"وتكون معاه تاني يا بوي أيام حلوة وحكايات"
"على حسب وداد قلبي يا بوي"

تعليقات



×