رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الرابع (أدمنتك) الفصل الرابع 4 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الرابع (أدمنتك) الفصل الرابع 

وَيْلاهُ مِنْ نَارِ الْهَوَى
وَآهِ مِنْ طُولِ الْجَوَى
أَرْسَلْتُ طَرْفِي رَائِداً
فَمَا عَلا حَتَّى هَوَى
وَسَارَ قَلبِي خَلْفَهُ
فَلَمْ يَعْدُ حَتَّى اكْتَوَى
قَدْ طَالَمَا زَجَرْتُهُ
يَا لَيْتَهُ كَانَ ارْعَوَى
لِكُلِّ شَيْءٍ آفَةٌ
وَآفَةُ الْقَلْبِ الْهَوَى

كانا يتناولان الإفطار في جوٍ هادئ  بـ أحد المطاعم أمام البحر لتقول مروة بـ إبتسامة

-حبيبي!
-قلب حبيبك
-أكملت بـ نعومة:عاوزة أقعد ع البحر شوية بعد أما نفطر
-بس كدا!!..زي ما الأميرة تطلب...

إتسعت إبتسامتها ثم أكملت طعامها وما أن إنتهيا حتى جلسا على رمال الشاطئ..تشابك كفيهما ليقول شريف وهو ينظر إليها

-لحد دلوقتي معرفش عنك حاجات كتير
-أراحت رأسها على منكبه وقالت:والمطلوب!
-إحكيلي عنك كل حاجة..مش عاوزك تخبي عني أي حاجة...

إعتدلت بـ جلستها لتجلس أمامه ثم رفعت نظارتها الشمسية هاتفة بـ إبتسامة عميقة

-بص يا سيدي..أنا زي ما أنت شايف اسمي مروة منصور..عندي تلاتة وعشرين سنة خريجة كلية آداب..ماما ماتت وأنا عندي سنتين..ملحقتش أتعرف عليها بس بابا كان بيحكيلي عنها على طول
-وعم منصور مفكرش يتجوز!
-حركت رأسها نافية:خالص..هو كان مُخلص لماما جدًا ومرضاش يتجوز
-تنغضت تعابير وجهه وهو يسأل:محبتيش قبل كدا؟
-إرتفع حاجبيها وقالت بـ دهشة:أنت واعي لـ اللي بتقوله!...

رغم صعوبة ما سيتفوه به إلا أنه أجبر نفسه على الإكمال هاتفًا بـ هدوء ظاهري عكس تلك الحُمم بـ داخله

-أيوة واعي..مفيش حد محبش قبل كدا..كلنا بنمر بـ فترة لازم نحب فيها حتى ولو بينا وبين نفسنا
-ضيقت عيناها وتساءلت:وأنت محبتش قبل كدا!
-أجابها بـ نبرة ماكرة قليلًا:أنتي عارفة...

إحتقنت عيناها لتقذفه بـ حفنة من الرمال قائلة بـ غضب

-ولك عين تقولها فـ وشي!...

نفض الرمال عن قميصه ليقول ضاحكًا

-الله!!..ما على يدك أنتي اللي فوقتيني..وبعدين أنتي سألتي وأنا جاوبت
-لوت شدقها بـ إمتعاض ثم هتفت:كان ممكن تنكر على فكرة
-إزدادت ضحكاته ثم تشدق من بينها:أنكر إزاي يعني!..

تأففت مروة بـ ضيق لتُدير وجهها بعيدًا عنه..ليضع إصبعيه أسفل ذقنها ليُدير وجهها إليه مرةً أُخرى ثم قال بـ هدوء

-مجاوبتيش على سؤالي..حبيتي قبل كدا؟
-حركت رأسها نافية وقالت:تؤ
-إرتفع حاجبيه بـ دهشة وقال:ولا أُعجبتي بـ حد!
-إبتسمت بـ خُبث وأجابت:من حيث الإعجاب..فـ هو يووووه كتير جدًا
-عقد حاجبيه بـ غضب وهدر:كتير..جدًا!
-أومأت بـ براءة:أه والله..بداية من الواد اللي كان معايا فـ "ستة-رابع" لحد دكتور الـ
-قاطعها بـ إنفعال صارخًا بـ وجهها:بسس..خلاص مش عاوز أسمع منك حاجة...

إنتفضت من هجومهِ عليها ولكنها إبتسمت إبتسامة صغيرة سُرعان ما قتلتها قبل أن يُعنفها لتقترب منه ثم قالت بـ نعومة

-خلاص يا شريف..دا كان من زمان وبعدين أنا بحبك أنت وبس يا سيادة الظابط
-غمغم بـ ضيق:اسمها حضرة الظابط
-ضحكت واضعة يدها على فاها ثم قالت:حاضر..أسفة يا حضرة الظابط...

نظر إليها بـ نصف عين ليقول بـ خبث دون أن يلتفت إليها

-طيب صالحيني
-أصالحك إزاي؟!
-كدا...

قالها وهو يُشير إلى وجنته الحليقة..لتعود وتضحك ثم هتفت وهى تقترب بـ وجهها منه

-أمري لله..من حق الجميل يدلع...

كانت قد إقتربت من وجنته ولكن عوضًا أن تسقط شفاها عليها إستدار شريف سريعًا لتقع القُبلة على شفتيه..إبتعدت صارخة ما أن إستعابت ما يحدث لتهمس بـ إرتباك وخجل

-أنت مش محترم على فكرة..مش فيه ناس...

عاد بـ جزعه إلى الخلف ليستند بـ كفيه على الرمال أسفله..لتتسع أبتسامته الواثقة رادفًا بـ نبرة أثارت حنقها

-وهو أنا معدوم الرجولة عشان أعمل كدا قدام الناس!..الشط فاضي يا كورتي 
-زمت شفتيها بـ حنق وقالت:حتى لو كدا..إفرض حد شافنا من الأوتيل
-لأ فـ دي عندك حق..بس محدش شافنا متخافيش...

حركت رأسها بـ يأس لتعود وتجلس بـ جانبه بـ نفس وضعيته..لتجد أنامله تقترب وتتشابك مع خاصتها لتبتسم بـ إشراق وخجل..وجدته يميل إليها وهمس بـ نبرته الرجولية

-بحبك يا كورة الشعر...

ضحكت ولم ترد فـ عادت تضع النظارات فوق عينيها تنظر إلى البحر أمامها..ليبقى هو يُحدق بها لمدة طويلة دون أن يشعر بـ أي ملل..مُراقبتها لذة وكأنه يستكشف غابة لا بداية ولا نهاية لها..جذبته كما الرمال المُتحركة سريعًا دون حتى أن يشعُر أنه يغرق بها..إبتسم و ضم يدها إليه بـ تملك وأصابعه تُحيط خاصتها بـ قوة خشية فُقدانها

إنتفضا على صوت صُراخ..ليجدا أحد الفتيات تستغيث غرقًا..لينهض شريف سريعًا ودون تفكير نزع قميصه و ركض إليها

نهضت مروة هى الأُخرى ثم صرخت وهى ترى شريف يشق البحر بـ مهارة

-شريف!!!...

ظلت تُتابع المشهد أمامها بـ قلبٍ يخفق بـ رعبٍ كبير..لتجد شريف قد أحاط بـ الفتاة وعاد..ضيقت عيناها وهى ترى الفتاة تتدلل بـ طريقة أثارت غيرتها لتدب بـ قدمها الرمال ثم تقدمت منهما ما أن وضع الفتاة ارضًا..لتهتف الأخيرة بـ صوتٍ ناعم كـ جلد أفعى

-مرسيه جدًا..أنا كنت هموت...

إتسعت عينا مروة وهى تستمع إلى لُغتها العربية الركيكة ونبرتها التي أثارات غثيانها وقبل أن تتفوه بـ كلمة كان شريف قد سبقها بـ إبتسامة مُهذبة

-حمدلله على سلامتك يا أنسة
-كرستين .. my name is kresten
-حمد لله على سلامتك يا أنسة كرستين...

إنطلقت تلك العبارة من فم مروة بـ غيظ لم يستطع شريف ألا يُلاحظه ولكنه آثر الصمت مُستمتعًا لما سيدور..لتقول كرستين بـ نفس إبتسامتها

-مرسيه يا هبيبتي (حبيبتي)..هو بيكون your brother (شقيقك)
-لا يا عنيا جوزي.. my hasbund يعني...

عضت كرستين على شفاها السُفلى بـ خيبة أمل ولكنها حافظت على نعومة نبرتها هاتفة

-أووه..لايقين على بآض (بعض) أوي
-ردت عليها مروة بـ إمتعاض:دا من ذوقك ياختي...

لم يبدُ على كرستين أنها فهمت ولكنها قررت النهوض ليقول شريف سريعًا وبـ عفوية

-خليكي إرتاحي..عشان متتعبيش...

إلتفتت إليه مروة على حين غُرة وعيناها قد تحولتا إلى أُخرتين شيطانيتين قبل أن تهمس بـ حدة

-ممكن تنقطي بـ سكاتك...

كتم شريف إبتسامته بـ صعوبة..لتستدير مروة إلى كرستين التي نهضت..تتأمل ما لا ترتدي فـ ثوب سباحها كان من قطعتين مُبتذل بـ طريقة جريئة..جعلت مروة تشهق بـ خفوت قبل أن تُضيق عيناها وهي تمد يدها بـ قميص زوجها هاتفة بـ إزدراء

-خدي يا حجة أستري نفسك
-موش فاهم..أنا مش إفهم أنتي قولي إيه
-إبتسمت مروة بـ إصفرار:قصدي خدي القميص دا عشان مش تبردي..الجو برد
-أوووه..أنتي حد so cute (لطيفة)...

لم ترد مروة بل ساعدتها على إرتداء القميص قبل أن تجذب شريف قائلة بـ حدة

-وأنت يلا عشان متتعبش أنت كمان...

تحركا خطوتين قبل أن يسمعا صوت كرستين يهتف

-موش هشوفك تاني!...

إستدارت مروة وعلى وجهها ملامح شريرة ثم هتفت بـ نبرة جهورية أفزعت الفتاة

-لا يا قلب مامتك..جوزي مش هيطلع من الأوضة..عشان بخاف عليه يتعب...

نظرت إلى شريف الذي يضع يده على فاه ويضحك لتنفخ بـ ضيق ثم تحركت مُبتعدة عنه لحقها هو يضحك قائلًا بـ عبث

-أموت فيك وأنت غيران يا سكر أنت يا جميل...

************************************

بـ المساء وقفت روجيدا أمام المرآة تُعدل من وشاح رأسها الأرجواني..الذي ماثل لون ثوبها الأرجواني ولكن بـ درجة داكنة..ذا أكمام ضيق وعلى جانب عُنقه يوجد زهرة سوداء..يتسع بـ قوة فلا يظهر إنتفاخ بطنها إلا قليلًا..فـ جمعته بـ الخلف بـ حزام عقدته على هيئة أنشوطة

خلا وجهها من مُستحضرات التجميل..بُناءًا على أوامر جاسر..ضحكت روجيدا على تملكه وغيرته التي تتزايد وتتزايد عن زي قبل ولكنها تتقبلها بـ رحابة صدر فـ هي تستطيع إحتواءه مهما بلغت غيرته

سمعت صوت باب المرحاض يُفتح ليطل هو منه..يُحيط خصره بـ منشفة ويده الأُخرى يُمشط بها خُصلاته التي تتدلت على جبينه..إبتسم وهو ينظر إليها ثم قال بـ إبتسامة

-إيه الجمال دا يا أخواتي
-ضحكت قائلة:طب يلا عشان مش نتأخر...

أومأ وهو يتجه إلى طاولة الزينة ليُمشط خُصلاته..توجهت هي إلى خزانة الثياب وأخرجت منها حلة سوداء..عدا رابطة العُنق البيضاء..وضعتها على الفراش ليستدير هو ويراها ثم قال

-يا سيدي على الشياكة اللي هبقى فيها..روجيدا ذات نفسها محضرالي الهدوم بتاعي!..لأ دا إحنا ندبح بقى...

ضحكت وهى تتقدم منه قائلة بـ مُزاح

-طب يلا روح إلبس يا واد يا شيك
-قبض على ذقنها هامسًا:قلب الواد الشيك..وعين الواد الشيك..وروح الواد الشيك..حياة الواد الشيك والله...

قَبّل شفتيها بـ خفة ثم إتجه إلى ثيابه يرتديها..إختارت أحد عطوره وساعة معصم فضية لتتجه إليه..فـ وجدته يرتدي سترته

تقدمت منه ثم عدلت ياقتها و قامت بـ ربط رابطة عنقه..لتقوم بعدها بـ نثر العطر بـ كثرة وساعدته بـ إرتداء ساعة معصمه..إبتسم جاسر بـ حنو وقال

-تسلميلي إيديكِ يارب...

ثم أمسك يديها وقَبّلهما بـ قوة لتهتف هي

-مش يلا بقى
-يلا...

************************************

وضعت لمساتها الأخيرة من مستحضرات التجميل على وجهها ثم إلتفتت إلى ذلك الجالس خلفها ينتظرها لتقول بـ إبتسامة

-أنا جهزت..يلا
-يلا...

تشدق بها وهو ينهض ليُمسك يدها ساحبًا إياها خلفه لتسأله بـ خفوت

-أنت مُتأكد من اللي أنت بتعمله!
-رد عليها دون أن ينظر إليها:أنتي عندك شك؟!
-رفعت منكبيها قائلة:أنا بسألك أنت...

كانا قد وصلا إلى السيارة ليفتح لها الباب فـ صعدت ثم توجه هو إلى مقعده ليقول وهو يُدير المُحرك

-وأضيع عليها فَرصة مقابلة جاسر الصياد
-إبتسمت وقالت:أهم حاجة تكون مُستعد أنت ليها...

إنقبضت عضلات فكه وقبضته إشتدت حول المقوّد..ليقول بـ نبرة قاتمة

-أنا مُستعد من زمان..بس وقت التنفيذ لسه مأنش آوانه
-أمسكت يده وقالت:أنا بس مش عاوزاك بعد كل الوقت دا وتغلط..فـ يروح كل حاجة
-إبتسم إبتسامة مُظلمة وهتف:متخافيش..أنا مخطط كويس
-جاسر الصياد مش سهل
-إزدادت إبتسامته المُظلمة إتساعًا وقال:ودا بيخلي اللعب يحلو أكتر...

*************************************

ترجلا من السيارة ليستدير جاسر إلى روجيدا ويُمسك كفها وجدها تتحرك بـ صعوبة ليسألها بـ إهتمام

-مالك في إيه!
-مفيش..الشوز بس مضايقني شوية
-إبتسم بـ خبث وقال:مش عاوزاني أشيلك!...

نظرت إليه بـ نصف عين ثم تشدقت بـ نبرة ساخرة

-عشان كل شوية تقولي عضمك يا رضا..وأنتي حامل فـ بغلين
-ضحك جاسر بـ قوة وقال بـ نبرته اللعوب:قطع لسان اللي يقول كدا..طب دا أنتي محتاجة تملي...

قالها وهو ينظر إليها بـ وقاحة لتتساءل هي بـ غباء

-أملا إيه!!
-همس بـ حرارة وهو لا يزال ينظر بـ وقاحة:تملي ماية أصل الجو حر..حر جدًا يا فراولة...

شهقت بـ خجل بعدما فهمت المعنى المُلتوي..لتضع وجهها بـ منكبه قائلة بـ يأس وحنق

-سااافل..سااافل يا جاسر ومش هتتغير...

وضع يده حول خصرها وهمس بـ أُذنها بـ خبث

-إستني بس لما تولدي..هـ آآ...

وضعت يدها على فاه وهمست بـ ذعر

-بس أسكت..أسكت عشان خاطري يا جاسر وإرحمني شوية من كلامك وأفعالك
-تراقص بـ حاجبيه قائلًا بـ عبث:هو أنتي لسه شوفتي أفعال
-أغمضت عيناها بـ خجل ثم تضرعت بـ يأس:يارب..الصبر...

ضحك جاسر ضحكته الرجولية الصارخة حتى أنها جذبت الأنظار إليه..ثم دنى إلى رأسها وقَبّل جانب عينها اليِسرى ثم ما فوق حاجبها قائلًا 

-فعلًا ربنا يسلحني بـ الصبر...

خطى إلى الداخل وهو يرى أجواء الإحتفال الهادئة..إبتسم وهو يتقدم إلى رائف و زوجته..ليهمس بـ تحذير يحمل التهديد بـ طياته قبل أن يصلا إليهما

-متسلميش يا روجيدا..ولا حتى بـ طرف صواعبك
-ردت عليه بـ إمتعاض:طيب...

وقف مُقابلًا لرائف الذي رحب به قائلًا بـ إبتسامة هادئة

-حقيقي شرفت حفلتي يا جاسر بيه
-إبتسم جاسر بـ دبلوماسية:الشرف ليا يا رائف بيه...

أومأ رائف بـ رأسه قبل أن يُقدم زوجته قائلًا بـ فخر جعل روجيدا تبتسم بـ إعجاب

-أقدملك حرمي..زهرة الأسيوطي
-تشرفنا يا مدام
-ردت عليه زهرة بـ إبتسامة:الشرف لينا طبعًا...

كانت روجيدا تتأمل زهرة زوجة رائف..كم بدت صغيرة وهشة بـ جانب رائف..تتمثل البراءة بـ عينيها عكس نظرات زوجها التي تعكس مدى خبرته بـ الحياة..كان يُحاوط خصرها بـ تملك كما يفعل جاسر..مُحتشمة وبسيطة الثياب 

فاقت من شرودها على صوت جاسر الذي قال

-ودي الدكتورة روجيدا الصياد..حرمي
-قال رائف وهو ينظر إليها:سبق وإتعرفنا
-رد جاسر بـ جمود:بس أنا كنت بعرفها على حرمك يا رائف بيه...

إستشعرت الفتيات تلك الذبذبات التي بدأت تنتشر بينهما خاصةً نظرات رائف التي تحولت من الهدوء إلى براكين مُشتعلة..والتي تُنبئ بـ إندلاع حرائق يصعب السيطرة عليها

كانت روجيدا أول من تدارك الموقف لترفع كفها إلى زهرة هاتفة بـ إبتسامة مُهتزة

-تشرفنا يا مدام زهرة
-أومأت زهرة وهى تُصافحها:الشرف ليا يا دكتورة...

إستعاد رائف قناع الهدوء بينما جاسر بقت أصابعه تحفر بـ خصر روجيدا..ولكن جمود وجهه لم يعكس بما يعتمل بـ داخله..دعت بـ داخلها أن يظل مُحتفظًا بـ سكونه وألا ينفجر..وبقى الإثنان يُحدقان بـ بعضهما دون حديث

صدحت موسيقي هادئة علها تسحب تلك الشُحنات السالبة من الأجواء..ليردف رائف بـ نبرةٍ رزينة

-إتفضل يا جاسر بيه..نبدأ نحي الحفلة
-قصدك!!
-دي موسيقي إحياء الحفلة..كنا مستنين حضرتك
-إرتفع حاجبي جاسر وتساءل:هي دي بـ مُناسبة الشراكة!!
-أومأ رائف وقال:أيوة..يلا إتفضل مع الدكتورة...

كان جاسر سيرفض مُتعللًا بـ حمل روجيدا ولكنها ضغطت على يده التي حول خصرها ليفهم أنها تُريد ذلك..صر على أسنانه ولكنه أشار إليها لتتجه إلى ساحة الرقص

وضع يده حول خصرها والأُخرى أمسكت كفها..قربها جاسر إليه ولكنه لم يبدأ طقوسه بـ الرقص معها..عقدت روجيدا حاجبيها وهى تسمعه يهمس

-مكنتش عاوز أرقص عشانك..وعشان الرقصة دي بتاعنا..وللأسف مش هقدر أمارس طقوسي...

إبتسمت روجيدا بـ دفئ..ليزيد ضمها إليه وهمس 

-حطى رجلك على رجلي
-حركت رأسها نافية بـ قوة:لأ طبعًا..رجلك هتوجعك
-إسمعي الكلام يا روجيدا..مش هعيد اللي قولته تاني...

لوت شفتيها بـ ضيق وإنصاعت لما تقول..كان ينظر إلى عيناها بـ عشق على تلك الموسيقى التي يُحي بها ذكرى زواجهم كل سنة..وإن كانت تلك الرقصة خاصتهم لا يجب على أحد أن يراها..فـ النظرة بـ عيناه ليست خاصتهم فـ جميع من حوله قرأ بهما العشق..واضح للأعمى هيامه بها وقوة الحب الصريحة الظاهرة بهما

إبتسم وهو يُحرك شفتيه بلا صوت

-بعشقك...

إبتسمت روجيدا على إستيحاء وكأنها مُراهقة صغيرة..قبل أن تشهق بـ خفة ليتساءل جاسر بـ قلق

-إيه فيه إيه!!
-نظرت إلى قدميها وقالت:الشوز بتاعي إتفك
-هتف بـ إمتعاض:يا شيخة خضتيني
-ولكن روجيدا هتفت:هربطه إزاي دلوقتي!
-مينفعش تسيبيه!
-لو سبته هيتخلع من رجلي...

مطت شفتيها بـ إنزعاج..ثم إتسعت عيناها بـ ذهول وشهقة فلتت من بين شفتيها وهى ترى جاسر يجثو على قدميه يرفع خاصتها على رُكبته ليُعيد غلق حذائها

نظرت روجيدا حولها فـ وجدت جميع الأعين مُسلطة عليهما..ولما لا وذلك الحدث الذي ستتناقله جميع وسائل التواصل الإجتماعي بـ الإضافة إلى الجرائدة والمجلات أن جاسر الصياد يجثو أمام زوجته

عضت روجيدا على شفتيها بـ خجل وعشق..لينهض جاسر و يُعاود مُراقصتها وكأنه لم يفعل شيئًا أثار ذهول الرجال وإفتتنان النساء..فغرت فاها دون القُدرة على الحديث ليقول هو بـ نبرو عادية

-مالك فاتحة بؤك كدا ليه!
-رفت بـ جفنيها وهتفت بـ عدم تصديق:أنت إيه اللي عملته دا!
-رفع منكبه وقال:إيه؟..شوزك إتفك وأنا كنت بربطه تاني...

حاولت فتح فاها والحديث مرةً أُخرى ولكن ماذا ستقول أمام جاسر..مضت ثوان ولا تزال النظرات تُحيط بهم لتقول روجيدا بـ إبتسامة عاشقة

-اللي عملته دا مُنتهى العشق..أنا بشوف رجالة بتقول إن دا بيقلل من رجولتهم..بيعتبروه ضعف...

إبتسم جاسر ثم قال وهو يُداعب أنفها بـ أنفه

-بـ العكس..مُنتهى الرجولة إنك تظهر حبك للناس..دا بيزود من الرجولة مش بينقصها...

زاد من ضمها إليه ثم همس بـ أُذنها

-الضعف الحقيقي لما الراجل يشوف نفسه أنه قوي لو معترفش بحبه...

إبتعد عنها ينظر إلى فيروزها العاشق له بـ عسليته المتوهجة كـ قُرصي الشمس

-وأنا شايف قوتي فـ حُبك...

************************************

إتجهت إلى الشُرفة تستنشق الهواء بعدما تركها جاسر على مضض ليتحدث بـ العمل..غافلة عن تلك الأعين التي ترصدت دلوفهما من البداية حتى الرقصة

كانت عيناه تتفصحانها بـ جرأة وقحة..نظرات تجعل الرجفة تسري بـ الأبدان..وضع كأس العصير على الطاولة ثم توجه إليه وعلى شفتيه إبتسامة شيطانية

وقف خلفها يستنشق عبيرها بـ قوة وكأنه آخر ما سيفعله بـ حياته..كان وشاحها الأُرجواني يتطاير بـ نعومة يُرسل بـ عطرها إليه فـ يزيده فتنةً بها..لا شئ سوى لرغبة حيوانية يُشبع بها غرائزه المريضة

تقدم حتى وقف بـ جانبها ولكنها لم تنتبه..فـ مال إليها أكثر حتى أصبح على بُعد إنشات منها ليهمس بـ خُبث

-لولا الحجاب كنت قلت إنك أجنبية!!...

شهقت روجيدا وهى تستدير إلى مصدر الصوت..لتجد ذلك الوجي الرجولي الذي يُحدق بها بـ وقاحة وعلى بُعد إنشات قليلة..حتى لفحت أنفاسه الساخنة وجهها

إمتقع وجهها بـ نفور لتبتعد بـ خفة ولكنه لم يسمح لها..إذ إلتفت يده حول معصمها يمنعها الهروب..صرخت روجيدا بـ هلع ثم هتفت بـ غضب

-إبعد إيدك يا حيوان
-إبعد إيه!!..دا أنا هقرب جدًا...

جذبها بـ قوة إلا أنها قاومت قدر الإمكان فـ لم يستطع جذبها أكثر من خطوتين..إتسعت عيناها بـ قوة وأخذت تتلوى قبل أن تقول بـ حدة

-إبعد إيدك القذرة دي عني..جوزي لو شافك هيقتلك
-إبتسم بـ شيطانية وقال:جاسر الصياد!!!...

إقترب بـ وجهه منها حتى تقلصت المسافة أكثر ليهتف بـ فحيح أفعى مُرعب

-طب دا أنا نفسي يشوفني أوي وأنا كدا..دا اللي بينا طار...

إتسعت عينا روجيدا بـ قوة أكبر وهي تسمعه يُكمل حديثه بـ نبرة خبيثة 

-أحب أعرفك بـ نفسي..سليمان الهواري..ابن سليم الهواري...

تعليقات



×