رواية جوازة ابريل الجزء الثالث الفصل الخامس 5 بقلم نورهان محسن

رواية جوازة ابريل الجزء الثالث الفصل الخامس


 مثل قطة برية ، تخشين الهمسات،
ترتعدين من لهب شغفي، ومن قسوة الخوف،
لكن مهما تراجعتِ،
فأنا هنا، مصممٌ على امتلاكك،
لا مكان للهرب من هذا العشق الفتاك،
فتمردكِ لن يعني شيئًا،
أنتِ لي، وانتهى الأمر،
لن تفري من ذهني،
استسلمي لموجات الشوق التي تلتف حولك،
فالقلب قد قرر،
ولن يُسمح لأي عائقٍ بالوقوف في طريقنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحت الماء المنهمر

وقفت ريهام متشبثةً بألمها كالغريق الذي لم يعد يبحث عن قشة لينقذ نفسه ، بل يتماهى مع قاع البحر المظلم ، علّه يجد في ظلمته ملجأً من عواصف داخل قلبها المليء بالندم. 

دفنت وجهها في كفّيها المبللتين ، مغلقةً عينيها بشدة وكأنها تحاول عبثًا أن تردع الدموع عن الانسلال لتنحدر دون إرادة ، مختلطة بالماء الساخن ، لكنه غير قادر على غسل روحها المثقلة بالخطايا.

تردد في رأسها صدى الذكريات بعنف لا يرحم ، يأخذها إلى تلك اللحظات التي تخلت فيها عن كل شيء لأجل رجلٍ لم يكن أكثر من وهم ، عادت إلى بداية حكايتها البغيضة التى تشهد على كل خطوة أخطأتها ، حين كانت تبحث عن مخرج من سجن حياتها مع أسعد ، الذي كان لا يشعر بوجودها ، يعيش في عالمه الخاص المليء بالأبحاث والأوراق ، بينما هي كظلٍ شاحبٍ يتبع خطواته بلا حياة ولا نور. 

أحست بتلاشيها بكونها مجرد إضافة هامشية في حياة رجل مشغول ، فرّ من حبها منذ زمن دون أن يُعيرها أي اهتمام.

تعرفت على زوجة داغر خلال عرض أزياء حضرتْه بمفردها، ومنذ تلك اللحظة، نسجت بينهما صداقة ودودة ، كانت منفسًا لها بعيدًا عن قيود حياتها الزوجية ، حرصت على إخفاء حقيقة زواجها ، راغبةً في تذوق طعم الحرية ، ولو لوهلة عابرة. 

ومع مرور الوقت ، لاحظت اهتمام داغر بها ، نظراته المعجبة التي كانت تلمع بمزيجٍ من الفضول والإعجاب ، تشعرها بأنها موجودة ، تُرى ، تلامَس ، بعكس حياتها الرمادية مع أسعد.

غزلت خيوط سرية من مشاعر لم تدرِ كيف نبتت في قلبها ، مشاعر ملطخة بالخطيئة ، غامضة كأطياف ليل بلا قمر.

وبدأت علاقتهما تتوطد شيئًا فشيئًا مع لقاءاتهما المختبئة بعيدًا عن الأنظار ، حيث حرص داغر على أن تظل اللقاءات في أماكن بعيدة ، لا يجرؤ فيها أحدٌ على الاقتراب منهما ، كان حذره ينبع من خوفه ، وليس من حبٍّ أو رغبةٍ حقيقية ، خوفه من أن ينكشف السر ، من تلك المرأة المريضة بالقلب التي كانت تحتل قلبه برغم كل شيء ، لكنها لم تفهم في البداية أن خوفه كان أكبر من مجرد عواقب اجتماعية ، كان قلقه ينبع من التزام قديم ، من إحساسه بالواجب تجاه زوجةٍ على شفا الموت.

وكلما اقتربت من حافة الهاوية في علاقتها ، كانت تتوهم أنها على وشك التحرر ، أنها ستكسر قيود حياتها مع أسعد وتُلقِي بنفسها في عالم من الحرية الخادعة.

طلبت الطلاق ، وأعطاها أسعد الوقت للتفكير ، لكنها كانت ترى في هذا الوقت فرصةً للتخلي عنه دون أن تُلقي نظرةً إلى الوراء. 

تمسكت بمقبض الدش تعتصره بقبضة يائسة ، كمن يسعى لتمسك بآخر خيوط النجاة في عاصفة من القهر الذي يعتصر قلبها ، حيث في لحظة صدقٍ مشؤومة ، اعترفت لداغر بكل شيء ، فبادرها بصراحة لم تتوقعها ، معلنًا عدم نيته الزواج بها ، لكن كان الأوان قد فات؛ فقد كانت حاملاً بعمر ، ابنها الذي لم يكن في حسبانها ، جمعت بقايا شجاعتها لتصارحه بما تحمله من طفل ، ظنًا منها أن تلك الحقيقة قد تلين قلبه ، لكنها اصطدمت بنظرة باردة قاسية كالصخر ، زمَّ شفتيه ، وعيناه تتقدان بالاشمئزاز ، كأنها صدمته بأقسى ما يمكن أن يُقال ، قاطع حديثها بشراسة ، ووجه إليها الاتهام الذي كسر روحها بالكامل ، قال لها بحدة : ابني؟ إنتي بتهزري يا ريهام مش كدا؟ فاكرة انك هتضحكي عليا تاني؟ إنتي أساسًا خبتي عني إنك متجوزة ... إيه اللي يخليني أصدق إن الطفل ده يكون ابني أصلًا؟ ده ميخصنيش ... زيك بالظبط!

كانت كلماته كصفعة قاسية ، أيقظت فيها إدراكًا مُرًا للحقيقة ، كشف لها كم كانت غارقة في غفلة العشق ، تغلق عينيها عن كل شيء ، ترفض الاستماع إلى صوت عقلها الذي كان يحذرها من الاقتراب من عاشق يذوب في حب محبوبته حتى الثمالة ، وهذا ما جعله يدير ظهره لها بجمود ، متجاهلًا بقساوة قلب كيانًا كاملًا ينبض بحياة جديدة داخلها. 

وفي خضم هذا القهر ، لم تجد أمامها ملاذًا سوى أسعد ، فأخبرته بحملها ، فاستقبلها بقبول غريب رغم اعتراضاته المتكررة في الماضي على هذه الفكرة ، وكثيرًا ما أمرها بتأجيلها.

شهقت بصوت عالٍ ، بينما تدفقت المياه فوق رأسها بقوة ، مجبرةً إياها على رفع وجهها نحو الأعلى ، حيث تلتقط أنفاسها بعنف. 

في تلك اللحظة ، تبلورت أمامها معالم الحقيقة بشكلٍ صارخ ، كان قبول أسعد فخًا محبوكًا من داغر هو من دفعه لقبول الأمر ، ومن ثم تسجيل الطفل على الأوراق بإسمه ، وما إن وجد نفسه وحيدًا ، حتى انقض عليها ليستعيد طفله ، ويقصي أسعد من اللعبة بشكلٍ نهائي كأنه قطعة شطرنج تافهة فى مخططه.

لكن كيف حدث ذلك ، وهى حين زارت زوجته في المستشفى وجدتها على علمٍ بكل تفاصيل علاقتهما ، واجهتها بتهديد صريح ، محذرةً إياها بأنها ستفضح سرها إن لم تبتعد عن داغر نهائيًّا حتى لا تتسبب فى هدم سمعته.

حينذاك اتخذت قرارها بترك كل شيء ، وانتقلت مع أسعد إلى بلد آخر ، حيث أنجبت عمر هناك ، محاولةً بدء حياة جديدة ، لكن الماضي كان كظل لا يفارقها ثقيلًا ومُلحًّا ، حتى عاد ليُطاردها مجددًا يذكرها بخطيئتها البشعة ، فى يوم خطبة إبريل وباسم ، حينما رأت داغر مجددًا ، عيناها تنضحان بالألم الذي اختبأ طويلاً ، وسرٌ خفيٌ يسكن قلبها ، يلتف حوله كخيوط شبكة عنكبوتية لا يمكنها الفرار منها.

☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼

هبطت الطائرة بهما في "إيبيزا"، تلك الجنة المخبأة في أحضان جزر إسبانيا ، حيث تلتقي الأزرق العميق للبحر الأبيض المتوسط برمال الشواطئ الذهبية.

عندما نزلت إبريل من الطائرة ، احتواها الهواء الدافئ كعناق حميمي من الجزيرة ، وتراقصت حبات الرمل تحت خطواتها مرحبة بها.

تحركت إبريل بجانب باسم ، وعينيها تلمعان بإعجاب ، مندهشة بالطبيعة الساحرة ، بينما كانت رائحة البحر تداعب أنفاسها ، والأشجار الخضراء تتراقص مع نسيم البحر، والأمواج تتلاعب بمرح على الشاطئ ، كأنها ترسم لوحة فنية لا تنسى.

توجهوا إلى المنتجع الرائع ، الذي كان يطل على البحر ، وكأنما هو قطعة من الجنة ، كل وحدة سكنية تتزين بشرفات فسيحة، مفروشة بأناقة ، وكأنها تدعو كل نزيل للجلوس فيها والاستمتاع بجمال المنظر الخلاب بخصوصية تامة.

كان في استقبالهم زوجان يشرفان على إدارة المنتجع ، وبدا على ملامحهما بشاشة وألفة عميقتين. 

ابتسم نيكولاس ، وهو رجل ذو قامة مهيبة ، وعينين تعكسان الدفء والترحاب ، وهتف بصوت عميق بلكنة أسبانية متقنة : مرحباً سيد باسم ، سعدنا كثيراً بتكرار زيارتك لمنتجعنا ، لقد اشتقنا لك

رد باسم بلطف ، يعلو صوته بذات اللكنة بمزيج من الثقة والمودة : شكراً لك عزيزي نيكولاس ، اقدم لكِ هذا "نيكولاوس ويلز" ، زوجته "ماغى" ، أقدم لكم زوجتي إبريل

وما إن نطق باسم اسمها ، توجهت نظراتهما إليها بإبتسامة مرحبة : أهلاً وسهلاً ، ومبارك زواجكما

قالتها ماغي بابتسامة عذبة وعينين تتألقان بوميض دافئ ، بينما تحدق إبريل بهما بسعادة ، مشدوهة ببشاشة ماغي المتألقة ، وبصعوبة إستطاعت فهم مايقال.

اقتربت ماغي من إبريل ، تنطق بلغتها الأم بنبرة يكسوها الإعجاب : تبدين رائعة الجمال حبيبتي

_عفواً ، إنها لا تتحدث الإسبانية سيدة ويلز

تدخل باسم بهدوء ، لكن ماغي بكل رقتها، لم تدع ذلك يحبطها ، فأكملت بالإنجليزية : لا بأس ، سررت بلقائك عزيزتي ، كما أنكِ جميلة للغاية

_شكراً لك ، يسعدني معرفتك أيضاً سيدة ماغي

ردت إبريل بتردد خجول ، محاولة أن تبدو واثقة ، لكن الرهبة كانت لا تزال تساورها.

توجه الجميع إلى ركن هادئ داخل الهول الفسيح ليجلسوا ، وما إن استقرت إبريل في مقعدها حتى شعرت بأنامل باسم الدافئة تمسّد خصلات شعرها برقة ، فيما مال نحو أذنها هامساً بصوت خفيض : خليكي هنا .. هروح معاه وراجعلك

_طيب

راقبت ابريل خطواته وهو يبتعد ، مستشعرة حنينًا لوجوده بجانبها ، قبل أن تتحدث إلى ماغى ببسمة هادئة : هذا المكان بديع حقاً، سيدة ويلز

_شكراً عزيزتي ، ناديني ماغي ، أرجوك ، فإني لا أحب الرسمية

ردت ماغي ابتسامة دافئة تعكس روحها الودودة ، فأومأت إبريل برأسها موافقة ، لتردف ماغي بحماس ، وقد تخللت نبرتها بهجة صادقة وعاطفة متدفقة تشع من طبيعتها الرومانسية : تهنئاتنا الحارة لكم بمناسبة زواجكم

_خالص الشكر

قالتها إبريل بحبور ، بينما عيناها تتيهان في اتجاه باسم الذى يقف بجانب نيكولاس ، فأضافت ماغي بنظرة محببة : تبدين مغرمة به يا عزيزتي 

تألقت عينا إبريل من الدهشة بزغت فى قولها الهامس : عفواً ماغي

أكدت ماغي بثقة : أعني أنتي وزوجك ، الحب يشع من نظراتكم لبعض

_حقاً ، أنتِ على صواب

ردت إبريل بخجل ، وقد ارتسمت على وجنتيها حمرة كزهرة نضرة تعكس جمالها ، بينما استحضر عقلها نظراته التى تُحيط بها كعناق دافئ.

_بحبه اوي

همست بعفوية في سرها ، بينما عيناها تتلألأان بوميض يشع توقًا وعشقًا يعكسان أعماق قلبها المليء بالشغف.

_تفضلوا معنا ، الوحدة جاهزة في انتظاركما.

اختتم نيكولاس حديثه بإبتسامة لبقة ، مشيراً برأسه نحو الوحدات بحماس.

☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼

دلف الجميع إلى الوحدة المزينة بأبهى الأزهار، حيث ارتسمت على وجه إبريل ملامح من الإعجاب العفوي الذي لم يكن بوسعها إخفاؤه ، حيث الجدران المطلية بلونين أبيض وبيج يشعان بالهدوء والسكينة ، وعبير الأزهار الذي يملأ الأركان برائحة منعشة تفيض النفس بالراحة.

كان المكان يتكون من غرفة نوم رئيسية تتوسطها حمام فسيح،  ومطبخ مفتوح على صالة واسعة ، ومرحاض صغير يضيف لمسة من الفخامة. 

قُطع هذا الهدوء نيكولاس ، الذي وقف في منتصف الصالة قائلاً بالأسبانية بنبرة تتسم بالود والإيجابية : أرجو أن ينال المكان إعجابكم

تابع يشير بيده نحو أحد الأبواب جهة اليمين : غرفة النوم من هذه الجهة

ماغى اعتلت شفتها ابتسامة مريحة وأضافت برقة :  نتمنى لكم من قلوبنا إقامة ممتعة

رد باسم بامتنان : شكرًا جزيلاً

أردف نيكولاس بهدوء ، بابتسامة مرسومة على شفتيه : قبل أن أنسى ، أود أن أعلمك ، أننا سنقيم لكم غدًا حفلة صغيرة بمناسبة زفافكم ، وأعددنا لك حلة أنيقة وللعروس الجميلة ثوب زفاف رائع

أكملت ماغي الحديث ، وهي تعانق أصابع زوجها بعشق : نرجو فقط أن تكون القياسات مناسبة لأجسادكم

همست إبريل بالقرب من أذن باسم بحيرة : هما رجعوا يتكلموا إسباني تاني ليه؟ هما بيقولوا إيه؟

باسم همس بدوره : استني هفهمك

تابع باسم حديثه إليهم ، معبراً عن اعتراضه بإبتسامة هادئة : شكرًا على جهودكم ، لكن لا داعي لهذا الشيء سيد نيكولاس

أكد نيكولاس بإصرار : بلى ، نحن نود ذلك كثيرًا ، وأيضًا هذه هدية بسيطة نقدمها للعاشقين مثلكم فقط

باسم وقد بدا عليه الإرهاق ، فوافق برضوخ : حسناً ، لا بأس ، سنكون جاهزين في الغد ، إلى اللقاء

شعرت إبريل بعدم الراحة ، فرددت بفضول : هما كانوا بيقولوا لك إيه بالضبط؟

جلس باسم على ذراع الكرسي ، وبابتسامة عابثة تتلألأ في عينيه أخبرها : عاملين لينا حفلة جواز صغيرة بكرا عشان يحتفلو بالعشاق اللي هما انا وانتي وعايزنا نلبس عريس وعروسة كمان يا حبيبتي

تسارعت نبضات قلبها قلقاً من نبرته الماكرة ، فسألته بريبة : وأنت طبعًا رفضت مش كدا؟

مد باسم أنامله برفق نحو خصلة شعرها التي تراقصت بنعومة على وجهها وهو يمط شفته السفلى إلى الخارج بقلة حيلة ، بينما يعلق علي حديثها : ما قدرتش يا إبريل .. قالوا دي هدية منهم.. 

استدارت يده حول ظهرها برفق ، يأسِرها بنظرات عميقة تغوص في عينيها الفيروزية ، فتخطف روحه وتتركه أسير عشقها مما أشعل لهيبًا جارفًا في قلبها ، ليهمس في أذنها بخفوت ، كأنه يبوح بسر عظيم يُحرق شغاف قلبه : أصلهم فاكرينا بنموت في بعض .. عرايس بقى .. وجايين يقضوا شهر عسل رومانسي

تسللت ذراعاها حول عنقه بدلال ، ومالت برأسها قليلاً ، تهمس له بنبرة مفعمة بالنعومة : متوقع إيه من اتنين عشاق عايشين مع بعض عمر بحاله في مكان شاعري زي دا طبيعي يبقى دا تفكيرهم

أنهت عبارتها بضحكة شقية ، تدفعه فجأة بقوة غير متوقعة ، ليجد نفسه يتهاوى إلى الكرسي ، وضحكته تتعالى بمرح ، مستسلماً لسحرها الذي لا يعرف متى وكيف يتجدد في كل مرة يقع فيها في فخاخها المشاكسة. 

أما هي ، فابتعدت بخطوات هادئة نحو غرفة النوم ، حيث النوافذ الشاهقة تكشف عن إطلالة شاطئية آسرة ، ووسط الغرفة سرير وثير.

خطت ابريل نحو الشرفة ، وتأملت البحر بألوانه المذهلة ، ثم عادت ببصرها نحو الثوب الأبيض الذي كان على السرير ، واستفسرت بدهشة : هما عرفوا المقاسات بتاعتنا منين؟

أجاب باسم بلامبالاة الذى دلف خلفها : أكيد من صورنا اللي بعتناها وإحنا بنحجز المكان

أضاف باسم بتثاؤب : أنا محتاج لشاور أنعش بيه جسمي من تعب السفر، وأنام دغري

تقدمت نحوه بخطوات سريعة، تستوقفه قبل ولوجه الحمام بإستنكار تجلى في قولها : استني .. أنت رايح فين؟

لف باسم برأسه نحوها ، مُستهزئًا : واقعة على ودانك وانتي صغيرة ما قولتلك!!

ضاقت عيناها بغيظٍ يشتعل من فظاظته ، وتخصرت بتحدي نبض فى سؤالها : وليه مادخلش أنا الأول مثلاً؟

تأفف باسم مقلدًا إياها ، وهو يسحب التيشرت الرياضي عن جسده بحركة سريعة : أنا اللي قلت إنّي هدخل الأول .. مثلا!!

شهقت ابريل بإستنكار ، بينما هو يفك أزرار البنطال بجرأة ، لتجحظ عيناها ، وقلبها يخفق بعنف ، وهتفت بخجل تستوقفه : يا بني آدم انت!! برده بتقلع قدامي!

باسم ببرود : واحد تعبان ومش طايق الهدوم للي عليه .. ولولا رغيك ولماضتك علي كل حاجة دا .. كان زماني قلعت في الحمام

لوحت ابريل مسرعة فى الحديث : خلاص .. روح روح، وأنا هدخل بعدك

_طب بقول إيه؟

_نعم!؟

_بدل ما يدخل كل واحد لوحده ونضيع وقت على الفاضي .. ما نستحمي مع بعض؟ مش فكرة حلوة بذمتك يا بندقتي!

أنهى باسم جملته بغمزة من عينيه المليئتين بمزيج من الدعابة والجرأة ، فهزت رأسها بدهشة وانزعاج مكتوم : ممكن تدخل من سكات

ردد باسم بضحكته الرجولية المهلكة قبل أن يدخل الحمام : تمام تمام .. ماتزعليش أوي كدا .. كان مجرد اقتراح وانتي الخسرانة يا بندقة

خسرانة!؟ يخربيت القلم اللي واخدوه في نفسك دا؟! عليك غرور هيقطم وسطك يا شيخ!!

هكذا حادثت نفسها بتعجب ، ثم خرجت مسرعة من الغرفة بخجل مرتبك ، حيث أن الجدار الفاصل بين الغرفة والحمام مصنوع من الزجاج ، مما جعلها تستطيع رؤية كل شيء بالداخل بوضوح.

✾♪✾♪✾♪✾♪✾

انتهت لتوها من الاستحمام ، وقفت تتلفت حولها بحيرة ، ثم ضربت جبهتها بحنق ، فكيف نَستَ أن تأخذ معها ملابسها؟ 

خرجت ابريل من الحمام الخارجي للوحدة بخطوات هادئة وحذرة ، تضع راحتيها بحرص فوق المنشفة البيضاء الناعمة التي تلتف حول جسدها الرشيق ، وصولًا إلى منتصف فخذها.

تنفست الصعداء بعد أن سمعَت صوت الماء المنسكب من الحمام الداخلي ، مما جعلها تتأكد أنه لا يزال يستحم.

استنشقت ابريل نفسًا عميقًا ، وشعورًا بالارتياح يتسلل إلى قلبها ، مُحاورةً نفسها بخوف مضحك : يارب يتزحلق ولا الميه تقطع والصابون علي وشه .. المهم مايخرجش قبل ما أطلع هدومي

جلست ابريل تجثو على ركبتيها أمام حقيبتها ، فتحتها بسرعة ، فإصطدمت عيناها فجأة بمجفف الشعر الخاص بها ، رفعت شعرها المبلل عن عينيها بارتباك ، ونبست بصوت مشوش : إيه جاب الاستشوار على الوش كده؟ أنا مكنتش حطاه هنا؟

لم يكن هناك وقت للتفكير ، فتجاهلت الأمر ووضعته جانبًا ، لترمش بعينيها في محاولة لاستيعاب ما تراه ، مغمغمة بنبرة استفهامية : إيه دا؟ 

جحظت عيناها بذهول مستنكر ، وتسارعت نبضاتها بعنف حين وقعت عيناها على ثوب نوم قصير شفاف ، ولونه وتصميمه مثير للغاية ، لكن هذا الثوب لا يخصها 

رمته بإهمال جانبًا ، وهي تستكشف محتويات حقيبتها ، فوجدت عدة أثواب نوم مثيرة ، بالإضافة إلى فساتين للخروج لم ترَها من قبل

_جم منين دول!!! وفين هدومي؟

تساءلت ابريل بحيرة متكئة بيديها على ركبتيها ، فهي متأكدة أن هذه هي حقيبتها بلونها المميز ، وأيضًا اسمها محفور على جلدها.

توجهت أنظارها نحو الأمام بصدمة مرتبكة حين استمعت لصوت خطوات تقترب منها ، لتعلم أنه خرج ويراها في هذا الوضع المحرج ، مما جعل قلبها ينبض كجواد جامح.

تجنبت ابريل النظر إليه ، بينما هو اقترب نحوها كالمسحور ببهاء أنوثتها الفطرية المغرية التي ألهبت جسده بنيران الشوق والإفتتان.

شعرت ابريل بخوف يتملكها ، فتمسكت بالمجفف دون تفكير ، وقامت برفعه في وجهه ، وصرخت بخوف : ما تقربش مني!

جحظت عيناه بذهول من حركتها المفاجئة ، وكاد المجفف أن يصطدم بوجهه ، فرفع يده مُحاصرًا معصمها بين أصابعه القوية ، بينما ظل المجفف معلقًا في الهواء بينهما ، وسألها بنبرة يتملكها الدهشة : مالك!! اجننتي ولا إيه؟ رافعة عليا الاستشوار؟!

بللت ابريل شفتيها الجافتين برقة ، في حركة أشعلت حواسه وأثارت جمر شغفه ، تمسكت بحذر بطرف المنشفة العلوية تغطى صدرها ، بينما شعرها الملتف برقة حول كتفيها ، ووجهها ذو الجمال البريء وعينيها الواسعتين اللتين تجسدان خجلاً جميلاً ، استنزفا صبره وأشعلا رغبته في سحق هذه القطة البرية الهشة بين ذراعيه بلهفة تجيش بالعشق.

إنتبهت ابريل إلى وضعهما ، فانزلت المجفف بحرج ، بينما هو وقف بطوله المهيب ، ورائحة شعره الأشعث المبلل تعبّر عن إغراء مثير ، ابتلعت لعابها خجلًا ، وخطفت نظرة نحو صدره العاري ، ثم إلى البنطال الرياضي الكحلي الذي يرتديه.

تساءلت ابريل بتوتر من نظراته الجريئة ، مشيرة نحو حقيبتها : هدومي فين؟ الحاجات دي مش بتاعتي؟

أخبرها باسم بثقة استنكرته : لا بتاعتك أنا اشتريتهالك

استفسرت ابريل بعبوس ناقمة : وهدومي أنا فين؟

جلس باسم على إحدى الأرائك ، يفرد ذراعيه بإسترخاء تجلى في صوته الواثق : في بيتنا رجعتهم الدولاب وحطيتلك دول دول مكانهم

_مين سمحلك تعمل كده من غير ما تقولي؟ وتعمل كده بأمارة إيه أساسًا؟

قالتها ابريل بنبرة تتسم بالإعتراض ، ليرد بابتسامة ماكرة تعلو وجهه : بصراحة ذوقك ماكانش عجبني .. وبعدين بصي للمكان حواليكي .. مكنتش هدومك الغامقة لايقة على الجو هنا

هزت ابريل رأسها مغتاظة من استفزازه ، وتلعنه فى سرها ، لتضغط شفتيها ببعضهما بخجل بالغ مشوب بالتمرد : وأنا مش هلبس أي حاجة من الحاجات دي

عض باسم على شفته وهو يلقي عليها نظرات ذات إيحاء صارخ ، قائلاً بصوت أجش مثير : عادي شكلك بالفوطة مش بطال.. لو حابة تقعدي بيها ما عنديش مانع!!

نهرته ابريل بإنزعاج : بطل الاستفزاز بتاعك دا!

سألها باسم بنبرة ملتهبة تنبض بالشغف : إيه!! خايفة على نفسك مني يا شبر ونص؟

دبت ابريل بقدمها في الأرض بإحباط مستاء ، فهي لم تتوقع أن يرد لها مقلبها بمباغتة في ذات اليوم. 

أخذت ابريل الحقيبة معها إلى الغرفة ، وأغلقت الباب خلفها بقوة ، حيث فاضت مشاعر الغيظ والقهر داخلها.

ارتسمت ابتسامة خبيثة منتصرة على شفتيه ، فهو يدرك تمامًا أنها أصبحت في مأزقٍ لا تملك معه أي حيلة ، فأطلق صفيرًا عاليًا مليئًا بالمرح ، وهو يقلب في قنوات التلفاز بعدم إهتمام لإنزعاجها.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1