رواية جوازة ابريل الجزء الثالث الفصل السادس 6 بقلم نورهان محسن


 رواية جوازة ابريل الجزء الثالث الفصل السادس

في شفتيكِ نيرانٌ، وفي عينيكِ سُرُر
كلما لامستُ ثغركِ ، تسكنني رياحٌ من لهيبٍ وجنُونٍ ،
أغرق فيكِ حتى أُنسى وجودي ، وكلما اقتربتِ تذوب روحي فيكِ روحى ،
أنتِ عاصفتي، وأنتِ سكينتي ، وحبكِ ينبت في قلبي شوقًا لا ينتهي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خرج باسم من الغرفة ، وعيناه تملأهما غشاوة النعاس ، خطا نحو الصالة ، وكان الصوت الهاديء للأغاني يشق السكون ، حتى توقفت قدماه فجأة عند مشهدٍ أثار دهشته وارتباكه.

إبريل تتمايل بجسدها برشاقة وحيوية على أنغام موسيقية هادئة كأنها جزء من اللحن نفسه ، بينما يرتسم جسدها الفاتن في ثوب وردي قصير يلتصق بها كلوحة تُبرز كل تفصيلة من سحرها الأنثوى ، وكتفاها العاريان يزيدانها بهاءً فاتن ، تتدلى خصلات شعرها الذهبي بانسيابية ، تعكس الضوء مثل شرارات من نجوم ، كما تزين جبهتها غرة ناعمة تضفي على ملامحها لمسة من الرقة الآسرة ، لأول مرة يراها بهذا الوهج الطاغي ، مما جعله يتنفس ببطء وكأن قلبه توقف عن الخفقان للحظة ، وهو يشعر بكل عضلة في جسده مشدودة بإنبهار ، غير قادرًا على تحريك بصره عنها ، ورماديتيه تتسع شيئًا فشيئًا مشدوهة وكل ذرة من جسده كانت تأبى مغادرة هذا المشهد ، كاد أن ينسى نفسه تمامًا ، إلا أن تَنهُّده العميق أعاده إلى توازنه نوعاً ما.

انتبهت هي إلى وجوده ، فاقتربت منه بخطوات هادئة ، ثم وضعت يدها على صدره ، وضغطت بجسدها عليه ، فتسارعت دقات قلبه بعنف جنوني ، يشعل جسده بحرارة لا تُقاوم ، خرج صوته الأجش بصعوبة ، بينما هو غارقاً في سحر رائحتها ونعومتها التي دمرت قدرته على التفكير : إيه الدوشة اللي عاملاها دي يا إبريل؟

حاول جاهدًا طرد الدفء الذي بدأ ينتشر فى جسده ، لكنه وجد نفسه عاجزًا ، وحرارة مثيرة تملكت خلاياه بقوة ، فوضع كفيه على ذراعيها برقة ، وعينيه تتجولان على ملامحها بحذر ، محاولاً فهم هذا التغيير الذي طرأ عليها ، وسألها بحاجب مرفوع : وايه اللي عاملاه في نفسك دا؟ بتعملي إيه؟

_كنت برقص يا بيسو .. تعالي ارقص معايا؟!

قالتها ابريل بحماس يشع من عينيها ، فرمق الكأس بين أصابعها بتركيز ، ثم اختطفه منها بحركة خاطفة ، ورفعه بهدوء نحو أنفه ، ليستنشق بذهول عبير الكراميل والشعير المحمص المتسلل ببطء إلى أعماق حواسه ، فسألها بجمود : منين جبتيه دا؟

_دا لاقيته في الحنفية دي لما فتحتها نزل منها

قالتها ابريل ببساطة تامة ، وابتسامة ماكرة تلوّن شفتيها ، فقال بضيق حين تبيّن له أخيرًا ماهية هذا السائل الذي جعلها في هذه الحالة الغريبة : دي بيرة

شهقت ابريل بذهول ، وراحت تهز رأسها ببطء ، محاولة استيعاب ما يتسرب إلى وعيها الغائب : أنا افتكرته شويبس؟!

هتف باسم بإستنكار حاد : شويبس إيه بس يا شيخة؟!

إستفسرت ابريل علي الفور ، رافعة حاجبيها ببراءة برعت فى إتقانها : يعني دا شويبس من اللي بيسكر؟

_انتي شربتي قد إيه منه يا إبريل؟

استفهم باسم بنبرة ذات طابع مشوب بالغضب ، فأجابته برقة ، وهي تهز رأسها ، غير مدركة شيئاُ عن القلق الذي يعتريه : مش فاكرة

تجلى سؤاله بنبرة أقل حدة ، ويديه تلامسان ذراعيها بقلة حيلة : وبتشربي ليه حاجة ما تعرفيهاش؟

لكنها تجاهلت الرد عليه بإبتسامة ممزوجة بالخبث ، وقالت بصوت مغرٍ : ممكن ترقص معايا؟

زفر باسم بأنفاس ثقيلة ، مستسلماً لتيار المشاعر الذي اجتاحه بقوة ، وذابت كل مقاومته أمام سحرها الآسر ، وضع الكأس جانباً ببطء ، ثم امتدت ذراعاه لتطوّق خصرها بحنان غامر ، ليلتقي جسده الصلب بنعومة جسدها ، منغمساً في دفءٍ تصاعد كشرارة متوهجة ، موقظةً كل إحساس مكبوت بداخله ، تحركا معاً بانسجام ، وكل خطوة كأنها نغمة في لحن سرمدي ، إحساسه بملمسها ودفء قربها جعل قلبه ينبض بعنف ، كأنهما في رقصةٍ أسيرة بين الشوق والسكينة.

رفعت إبريل عينيها إليه، نظرتها تجمع بين الشغف والبراءة الماكرة ، وتحدثت بمشاكسة : فاكر يا باسم أول مرة اتقابلنا وغرقت هدومك بالشويبس؟ مكنتش طيقاك عشان كنت متحرش وقليل الأدب

ضم باسم فمه بإبتسامة زادت من حدة وسامته ، ومد يده بهدوء ليتحسس شفتيها ، ثم انتقل بأصابعه على طول عنقها ، وسألها بنبرة مليئة بالوله : ودلوقتي؟

رفعت ابريل أناملها برقة ، وضربت يده لينزلها على كتفها ، وأجابته بنبرة وديعة مشبعة بالتحدي : دلوقتي بقيت متحرش وسافل وقليل الأدب

ضحك باسم بصخب ، مشدّدًا على خصرها ، وحدق فيها بنظرة جريئة ، مجمجماً بمرح ظاهر : والله؟

شاركته ابريل الضحكة ، وأكدت بنعومة ممزوجة بدهاء أنثوي أطاح بعقله : أيوه بس أنا بحب قلة أدبك

لمعت باسم عينيه بنظرة حادة ، ونبضات قلبه تسارعت بعنف ، لينطق بصوته العميق ، مشبعًا بعاطفة نارية : بتحبيها إزاي؟

_بحبها وخلاص بقي

قالتها ابريل بنبرة متهربة زادته جنوناً ، وللحظة أصابها الخوف من نظراته التي تلونت بنيران الرغبة ، كاللهب الذي يشتعل في قلب الظلام ، مما جعلها تشعر بأنها تهورت فيما فعلته ، وأنها تلعب بنيران قد تحرقها ، لذا استدارت بجسدها لتتحاشى النظر إليه ، لكنه اقترب منها حتى التصق ظهرها بصدره ، محتويًا إياها أكثر ، وهمس في أذنها بأنفاسه المتلاحقة التي تكاد تحرقها من الشوق : وانا بحب كل حاجة فيكي

أزاح باسم خصلات شعرها إلى جانب كتفها ، فوقع بصره على بقعة حمراء باهتة ، تلتف حول ذراعها الأيمن من الخلف كوشم غامض ، جمدت عيناه عليها لحظة ، محاولًا فك لغزها ، ثم همهم بتساؤل ينبض في صوته : إيه اللي على كتفك دي؟

لم تجب فورًا ، بل عضت شفتيها بخفة ، وبحرج طفيف همست : وحمة فراولة

توهجت ملامحه بابتسامة رجولية فطرية ، شعرت بشفتيه تتسلل برقة متأججة فوق الوحمة ، يطبع عليها قبلات خفيفة داعبت أعصابها ، وهو يضم جسدها الغض إلى جسده القوي بكل سطوة ، حتى شعر بقلبه ينبض داخلها ، مدركًا السبب وراء ملابسها المغلقة ، لكنه في أعماقه لم يشعر سوى بالرضا العميق ، سعادة لا تُنطقها الكلمات ، مزيج من الغيرة والتملك يلهب قلبه ، لا يحق لأحد أن يراها بهذه الإثارة سواه ، فقط هو من يشبع عينيه وروحه بعذوبتها وسحرها الفاتن الذى يخرجه عن طوره.

سحبها باسم من يدها إلى الخلف ، وبلمح البصر وجدت نفسها جالسة فوق ركبتيه ، ويديه تطوقها بخفة ، بينما عقدت ذراعيها حول عنقه بعفوية ، والتقت عيناهما فى نظرة عميقة ، قبل أن تغزو ابتسامة مغرية شفتيها ، متسائلة بغمزة وضحكة شقية : هو انت بقيت حيلوه كدا فجأة ليه؟!

قهقه باسم بخفة ، ومرر ظهر كفه بتأنٍ على وجنتها الناعمة التي تنضح بحلاوة المخملية ، ثم تمتم بخشونة جذابة : والله ... شكلك سكرتي خالص يا إبريل؟

ابتسمت ابريل بإغماضة عينين ، وصوتها كان ينساب بإغراء كالهمسات الرياح الهادئة : ومالو لو سكرت .. أنا حاسة الدنيا حلوة أوي يا باسم

ضاقت رماديتيه بتركيز ، وهو يأسر ذقنها بأصابعه ، وبنبرة تتخللها القلق سألها : وشك محمر حاسة بإيه؟

أجابته ابريل بصوت ملون بالسعادة والطفولة : أنا مبسوطة ونفسي في شوكولاتة

لاحت ابتسامة علي ثغره ، بينما تغلغلت أصابعه بخفة في خصلاتها المتمردة ، وأفصح بصوته الرجولي العميق ، مع بريق من الإثارة والإغواء ، برماديتيه التى تمركزت على شفتيها الممتلئة بإغراء أرهق رجولته : في شوكولاتة بتاكل نفسها...

احتواها باسم بذراعيه بلهفة جارفة ، فتقلصت المسافة بينهما تمامًا مع اقترابه البطيء ، وأنفاسه الحارة أول ما لامس شفتيها ، مما أشعل في قلبها شعورًا لا يمكنها مقاومتُه ، ثم تشابكت شفتاهما فى قبلة عاصفة ، مفعمة بجنون ناري ، سرق أنفاسها بذوبان تام فى بحور عشقه ، مرت عدة لحظات قبل أن تميل برأسها لتستند على كتفه ، بينما عيناه تمركزت على ملامحها ، وبذهول مشوب بأنفاسه اللاهثة سألها : إيه مالك يا روحي؟

ردّت ابريل بتحشرج مرتعش ، يخفي وراءه لمحة من المراوغة : حاسة بدوخة ... شكلي هيغم عليا بين إيدك يا باسم

احتوى وجهها بين راحتيه بحنان ، محاولاً تهدئتها بقبلة خفيفة فوق مقدمة أنفها : تؤ .. اهدي مافكيش حاجة .. المهم ماتروحيش بعينك الحلوين دول بعيد عني .. خليهم مركزين جوا عيني تمام

خرج صوتها متقطعاً بإبتسامة خجولة ممزوجة بالهيام : أروح منك فين .. أنا مش رايحة خالص .. اهو

_كويس .. تعالي معايا..

أنهى باسم جملته لينهض بحركة مفاجئة ، وهو يحملها بين ذراعيه بحذر ، فتساءلت بلهجة مختلطة بين الفضول والقلق : واخدني علي فين؟

سار بها صامتًا حتى دخلا الحمام ، وعندما وضع قدمها على الأرض ، أمرها بحنو : إغسلي وشك ، علي ما اقفل البلكونة وارجعلك

عاد باسم بعد حوالي دقيقتين ليواجه مشهداً لا يصدق ، حيث كانت تقف تحت تيار الماء ، ممسكة بالمرش المتحرك بكلتا يديها ، بينما تدندن بألحان عشوائية ، وتتمايل وتدور حول نفسها بملابسها المبللة ، تطلع إليها بغضب ، متكئًا على الجدار الزجاجي ، وعبث بأصابعه في شعره قبل أن يرفع صوته بتهكم محبط : يا مطربة عصرك .. انتي فاكرة نفسك واقفة تغني على الستيج؟ اقفلي الميه واطلعي

_الميه تجنن يا باسم .. انت واقف بعيد ليه؟ تعالي تعالي

صاحت ابريل بحماسٍ ، وجذبته معها فتدفقت المياه فجأة على رأسه ، ليشهق بعنف ، وهو يشعر بقشعريرة باردة تزحف على جسده ، دفع خصلات شعره التي التصقت بجبهته إلى الأعلى ، ليغلي الغضب في صدره ، مستاءً من تصرفاتها الثملة : بتعملي إيه يا مخبولة؟ غرقتيني معاكي

باغتته ابريل بتحدى والضحكة لا تفارق شفتيها المرتجفة : زي ما غرقتني فيك

احتواها باسم بين ذراعيه بشغف ، متثاقلة أنفاسه ببطيء وهو يعض علي شفته بنشوة ، مفتوناً بكلماتها التى أشعلت قلبه بنبضات عاصفة ، تدحرجت عينيه بتوقٍ على قسماتها الجميلة ، وهمس بصوتٍ لاهث غارق في العشق ، بينما الماء يتساقط فوقهما : مين فين اللي مغرق التاني!! كل حركة منك مجنناني .. وواخدة عقلي!!!

ضحكت ابريل بدلالٍ أذاب قلبه ، فإغمقت رماديتيه التي اختلطت فيها الرغبة والهيام ، ثم شاركها الضحك بنبرة ساخرة : عجبك منظرنا كدا احنا الاتنين؟

أتم باسم حديثه يغلق الصنبور ، قبل أن يمد يده لينزع الفستان المبلل عن جسدها ، لكن صوتها اللاهث أوقفه : هتعمل إيه؟

رد باسم بإيجاز : هساعدك تغيري هدومك

دفعته ابريل بعفوية إلى الوراء ، وعارضت بخفوت :
أنا هعرف لوحدي

ابتسم بهدوء : ماتخافيش مني

أطرقت برأسها خجلاً لا يخلو من التوتر ، وبتردد متلعثم ردت : مش خايفة بس هتكسف .. ممكن تخرج برا وأنا هلبس بسرعة

هدر باسم بنبرة حازمة لا تقبل النقاش : مش هخرج .. ماضمنش إيه ممكن يحصل!! تقفلي الباب عليكي أو تنامي مكانك وأنتي مش في وعيك كدا

عبست ملامحها بلطافة ، ثم نفخت بموافقة حانقة : طيب .. لف واديني ضهرك عشان أغير

رفع باسم حاجبه بهدوء ، ونظراته تتنقل على تفاصيل جسدها بجراءة ، قبل أن يرد ببرود يتنافى مع لهيب شوقه متعمداً إثارة غضبها : هتفرق إيه؟ لعلمك الفستان وهو مبلول كدا مبين كل تفاصيلك .. يعني شوفت كل حاجة

لكزته ابريل بقوة بالمنشفة التي أعطاها إياها ، وهي تصرخ بحرج ممتعض : يا لئيم .. يا سافل

رد باسم علي الفور مبتسماً بمشاكسة : لسه من كام دقيقة بتتغزلي في سفالتي لحقتي تغيري رأيك؟

هتفت ابريل بنبرة منزعجة : أيوة عشان دا اسمه تحرش

مرر باسم كفيه المبللين بمداعبة جريئة على خصرها ، همس بجوار أذنها بصوت مليء بالإغواء : طب انتي عارفة إن ثبتت الأبحاث العلمية إن الراجل المتحرش دا رزق

شعرت ابريل برجفة لذيذة تتسلل إلى عروقها ، كشرارة من نار شغوفة ، جعلت ابتسامة صغيرة تعلو ثغرها الممتلئ بجمال مغرٍ ، لكن ما لبثت أن باعدت يديه عنها بحركة سريعة مليئة بالغيظ ، لتقول بجراءة حانقة : هو بقى التحسيس اسمه رزق؟! طيب على فكرة أنت مش بس متحرش ومنحرف كمان!

رفع باسم يده فى خصره ، واليد الأخرى اتكئ بها علي الجدار الزجاجي خلفها بابتسامة ساخرة ، وهو يرمقها تحدٍ ، ثم رد بصرامة : بقى أنا منحرف! طيب أنا لا هلف ولا هطلع برا يا شبر ونص

رمشت ابريل بعينيها بوداعة ، وأحاطت جسدها بذراعيها قائلة بخباثة : باسم بقي!! أنا حاسة إني بردانة أوي وبترعش

تسمرت رماديتيه للحظة ، ثم انفجر ضاحكاً بعدم تصديق : بتثبتيني ها؟ مين فينا اللئيم دلوقتي يا تاعبة قلبي؟

همس باسم بصوتٍ مبحوح ، يئن من ثقل العشق الذي يعصر قلبه ، أسراً فكها بين كفه ، ليصعد بوجهها نحوه ، وغمر شفتيه ثغرها المرتعش ، متذوقًا لذة تفوق أي نشوة ، أشد تأثيرًا من جرعة هيروين تهدئ سكرات روحه ، وتغرقه في سكينة تتناغم مع ضجيج مشاعره ، ثم فصل تشابكهما الحار بتمهل ، ووضع جبينه بهدوء فوق خاصتها ، ليهمس بصوتٍ ضعيف يختنق بالعاطفة : عارفة ان لمسة منك تكفيني .. وبتوديني في دنيا تانية .. بس هتودينا انا وانتي في داهية لو ماغيرتيش حالا

تركها باسم على مضض ، ملتفًا بظهره بعيدًا عنها ، لكن ابتسامتها الخفية نبضت من خلفه ، تحوى في طياتها هيامًا طاغيًا وسعادة صامتة ، بينما قلبها يرفرف بنشوة عميقة.

☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼

عند مني

كانت مني تجلس في غرفتها ، تمسك هاتفها المحمول ، وعيناها تتنقلان بين مقاطع الفيديو بملل ، فجأةً قطع هدوء اللحظة صوت الرنين ، ورأت اسمه على الشاشة ، تباطئت دقات قلبها لثوانٍ ، قبل أن يقرع بعنف مثل طبول الحرب في صدرها ، تجمدت عيناها ، وهبت مشاعر متشابكة بين الإرتباك والشوق ، ثم استجمعت شجاعتها ، وأجابت على الاتصال بصوت يكاد لا يسمع ، فأنطلقت كلماته بهدوء ظاهري يخبئ داخله شوقًا جارحًا : مني انا عاوز اشوفك .. محتاجين نتكلم عشان..

أخذت مني نفسًا عميقًا ، وقاطعته بنبرة جدية غير مكترثة تحاول أن تكبح بها شوقها : مقدرش انا مشغولة .. عندي بروفا قبل الحفلة .. لو عايز تقول إيه انا سمعاك دلوقتي؟

ارتبك عز للحظة ، يبحث عن الكلمات وسط لهيب حنينه ، ثم قال بصوت متردد : مش هينفع في التليفون ضروري نتقابل .. انتي ماتعرفيش قد ايه وحشتيني يا مني عاوز..

ابتسمت مني بمرارة ، وردت بصوت هادئ يشوبه الحزن : عز مفيش حاجة ممكن تتقال بينا .. انا مش عاوزة منك غير ورقة طلاقي

صك عز على أسنانه بقسوة فور سماعه حديثها ، ليهتف بإصرار خشن : لا فيه كتير عاوز اقوله ولازم تسمعيني

همست مني بنبرة ملتهبة بالآسي : لما أنا كنت ببقي محتاجة تسمعني ماكانش بيبقي عندك وقت ماكانش عندك غير الجفاء والبعد .. ايه يجبرني اسمعك دلوقتي؟

عجز عز عن الرد لوهلة ، ثم تهامس بصوت حزين محتدم بالندم : كنت غبي .. كنت اعمي يا مني ، ومعترف إني غلطت في حقك … بس مش هعرف اكمل من غيرك ولا هقدر اسيبك تبعدي عني ولا هينفع استغني عنك

أصابتها كلماته النادمة بشحنة من الألم ، وكأنها قذيفة انفجرت في صدرها ، لكنها أجابت بقسوة مفتعلة محاولة إخفاء ارتعاش صوتها بها : وأنا دلوقتي عرفت أعيش من غيرك .. واعتبرت إنك مرحلة وانتهت .. مش عايزة أرجع للماضي تاني

زفر عز أنفاسه بحدة ، ليخاطبها بنبرة يكسوها هدوء نسبى : بس الماضي اللي بتتكلمي عنه كان أجمل أيام حياتنا .. كان فيه حاجات كتير بينا مش ممكن تنتهي بالشكل دا..

تلعثمت مني في الرد ، محاولًة إنهاء الحديث سريعًا : لا خلاص يا عز .. احنا انتهينا

لكن عزيمة عز لم تدعه يستسلم ، فرفع صوته بحزم : مانتهناش أنا مش هبعد .. كل لحظة بتبعدي فيها عني اكثر بتقتلني .. وأنا مش ناوي أعيش ميت ولو حتى هافضل اعتذرلك طول العمر لحد ما تسامحيني .. أنا بحبك

تجمدت مني في مكانها للحظة ، قلبها يخفق بارتباك ، لكنها حاولت التظاهر بالصلابة كى لا تظهر الابتسامة في صوتها : عز .. اذا مخلصتش اجراءات الطلاق بسرعة هيكون كلامك من هنا ورايح مع المحامي بتاعي .. ودا قراري الاخير

همس عز من بين اسنانه بغضب حارق : لو فاكرة إنك هتقدرِ تعيشي من غيري انسي.. 

ردت مني بثقة وتصميم ، متجاهلة الألم الذي يمزقها : لا هقدر أبدأ من جديد

_هنبدأ من جديد يا مني .. انتي لسه بتحبيني زي ما انا بحبك والحكاية بينا مش هتنتهي علي كدا

خرجت الكلمات من بين شفتيه كالرعد المزلزل ، مليئًا بالخشونة والإصرار ، يحمل بين نبراته تحديًا وعشقًا لا ينتهي.

☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼

عند باسم

جلس باسم خلفها على حافة السرير ، بعد أن بدل ملابسه ، لينشف خصلات شعرها المبتلّ بلمسات فيها من الرقة ما يُدفئ قلبها ، بينما هو شعر بارتجاف جسدها من برودة الجو ، فنظر إلى ملامحها المغمضة بمسالمة ، جعلها ترفع جسدها لتتمدد على السرير الوسادة ، ومال نحوها ، و بعينيه لمعة اهتمام ، وهمس بحنان عميق : خليني اعدلك المخدة دي ورا دماغك عشان تعرفي تنامي

عدّل وضعيتها خلف رأسها ، ثم انحنى نحو الغطاء ليغطي جسدها ويمنحها دفئًا ، لكن فجأة تسللت ذراعيها الصغيرتين حول عنقه بقوة متشبثة به. 

انعقدت ملامح الدهشة على وجهه ، وارتجفت أنفاسه لوهلة ، شعر بعضلات جسده تتوتر إثر احتضانها له ، و عينيه تتسمر على وجهها المبتسم الذي يلمع ببراءة وهمست له ، بشفاه متثاقلة كأنها بين اليقظة والأحلام : بتحبني؟

اندهش باسم من سؤالها ، ليحتوى جسدها مستلقياً على ظهره وهو يضمها إلى أعماق صدره ، فضعت رأسها في حضنه ، لتهمس مرة أخرى بإلحاح : رد عليا

تمتم باسم بصوت منخفض : هقول ايه؟

رفعت ابريل رأسها نحوه ، تردد بنبرة ناعمة ، بينما عيناه تراقبان حركة شفتيها المغرية : عايزاك تقولي بتحبني ولالا؟

رفع باسم كفه على شعرها ، يمرره عليه بحنو ، قائلاً وهو يستلذ بحديثها : قولتلك قبل كدا

رفعت ابريل كفيها لتلامس وجنتيه ، همست بحنين هادئ : قول كمان .. باسم .. نفسي تحبني زي مابحبك

قرب باسم أكثر منه حتى أصبحت أنفاسه الحارة تمزج بعبق أنفاسها ، وأغمض عينيه هامساً بصوت يشوبه الصدق والوله : انا بموت فيكي يا ابريل .. بعشق كل نفس بتتنفسيه .. انا اللي نفسي تصدقيني وتثقي فيا .. نفسي نكون روح واحدة .. نفسي تبطلي خوف مني وعناد فيا

توقف باسم عن الكلام فجأة ، وعينيه تتسعان من الصدمة حينما شعَر بشفتيها تلتصقان برقة بشدة على خاصته.

تلك الفاتنة الماكرة أسرته بحركاتها التي فاقت حدود توقعاته ، بل جعلت قلبه كاد يتوقف من قوة الإحساس ،  مذهولاً من مبادرتها الجريئة ، وبلا إرادة منه ، تطايرت أصابعه خلف عنقها يطوقها ، وجذبها إلى حضنه ، ليغرق معها في قبلة شغوفة ، مرت لحظات قليلة لتشعر بشفتيه يتنقلان بين خديها ورقبتها بعاطفة حارقة تصهرها بلذة ، بينما ينبض قلبه في كل لمسة ، حاول أن يمنع نفسه من الغرق أكثر ، أن يوقف هذا السيل الجارف من العشق ، لكنه كان يشعر أن إشتياقه لها كالنار تلتهمه.

رفع باسم عينيه إليها ، ليجدها تهمهم همسات خفيفة بين يقظة ونوم ، وسرعان ما انزلقت على صدره غارقة في نوم هادئ ، وهو يستمع إلى تنفسها المنتظم.

غرز أصابعه في راحته ، معتصرًا إياه بعنف ، كما لو كانت تلك الحركة محاولة يائسة لوقف جريان الشهوة التي تتسرب داخل عروقه ، والحرارة اللاهبة التي اجتاحت جسده بأكمله ، فغدت كل خلية فيه مشتعلة. 

لم يعد يستطيع حبس تلك الأحاسيس التي تصارعه ، وتكاد تنفجر من بين جوانحه ، بعد أن جاهد طويلاً لإخفائها عن أعينها كي لا يثير خوفها. 

على الرغم من إندماجه الجامح معها ، منذ أن رآها بتلك الهيئة المثيرة التي استفزت رجولته بقوة أرهقته.

مرر باسم بصره عليها بهدوء مغتاظ ، حيث أنه كان علي دراية بأنها تمثل عليه ، لم تكن ثملة كما حاولت أن توهمه ، بل كانت تشعل النار في قلبه عن قصد.

أدرك ذلك في لحظة ما إن لامست شفاهه شفتيها ، ولم يجد في فمها رائحة الشعير كما توقع ، لكن اللعبة التي أدّتها بنعومة أثارت حواسه ، شعر بمزيج من اللذة والسعادة تنساب في عروقه ، وكل لحظة تجمعه بها تنبض بمزيج من المتعة والتهور.

أزاح جسدها الدافئ عن صدره ببطء ، متجنبًا إيقاظها ، ثم توجه بخطوات بطيئة نحو الحمام الخارجي ، عازمًا على تهدئة لهيب جسده المشتعل بشهوة تحت الماء البارد ، محاولاً أن يشتت ذهنه عن التفكير فى الإحساس بجسدها الناعم الصغير ، الذي ظل يطارد مخيلته كلما تذكر ارتعاشاته الضعيفة بين يديه ، ليشعر بنبضات قلبه تتسارع في احتياج لا يوصف لامتلاكها. 

تنهد باسم بحرارة تحت الماء البارد ، حين تذكر تجاوبها الحار مع قبلاته ، وطعم شفتيها الطريتين الذي ما زال عالقًا في فمه كحلوى لذيذة لا يشبع منها.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1