رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثالث (ولعشقها ضريبة) الفصل الخامس
هل عندك شك أنك أحلى امرأة في الدنيا وأهم امرأة في الدنيا ؟ هل عندك شك أني حين عثرت عليك ملكت مفاتيح الدنيا ؟ هل عندك شك أني حين لمست يديك تغير تكوين الدنيا ؟ هل عندك شك أن دخولك في قلبي هو أعظم يوم في التاريخ وأجمل خبر في الدنيا؟...
إرتشف من كوب الشاي بـ تلذذ ثم قال وهو ينظر إلى شريف الذي لا يزال يُعاني من أثار الصدمة
-بشحمه ولحمه...
لم يُخفض شريف سلاحه بل ظل موجهًا إلى جاسر الذي نظر إليه بـ إستخفاف..ثم رفع كوب الشاي وإرتشف منه مرة أخرى فـأثار حنق الأول ليقول بـ حدة
-أكيد مش جاي عشان تشرب شاي!
-ضحك جاسر ثم قال بـ تهكم:شوف أنا عارف إن الظُباط أذكية..بس متوقعتش أنكم بـ العبقرية الفذة دي!!...
لم تتغير ملامح شريف الجامدة وظل ينظر إليه بـ خواء..بينما جاسر ينظر إليه بـ إستمتاع مُغلف بـ غضب وقتامة
عض شريف على شفاه السُفلى ثم أخفض سلاحه وتشدق بـ تهديد مستتر
-أنت عارف أنك بترتكب جريمة!!..إنك تتهجم ع بيتي..دي اسمها جريمة
-إرتفع حاجبي جاسر بـ تعجب مُصطنع:جريمة!!..إيه يا راجل..طب أنا داخل البيت من بابه حتى أسأل البواب...
تقدم جاسر منه بينما بقى شريف ينظر إليه بـ تعبير جامد يخفي خلفه غضب وحنق..ربت على منكبه ثم همس بـ فحيح مُحذر
-اللي يقرب من مراتي..أمحيه من على وش الأرض..بلاش خيالك المريض يصورلك أحلام مش هتحصل...
إبتعد ينظر إلى ملامحه التي إسودت ولكنه لم يُبالي وأكمل بـ نبرة قاتمة
-أنا راجل حقاني..بحذر مرة واحدة بس..والمرة التانية بسيب شيطاني يسوقني
-مش هبعد عنها...
قالها شريف بـ جمود وهو ينظر إلى جاسر..ثم رفع يده وأبعد يد الأخر عن منكبه..لتزداد قتامة ملامحه وهدر بـ نبرة مُخيفة
-أنت عارف مين جاسر الصياد..وعارف قادر أعمل إيه مش كدا ولا إيه؟!...
ثم تحرك دون أن يلتفت إليه وهو يحاول جاهدًا التحكم في أعصابه حتى لا يقتله الآن..بينما إلتفت إليه شريف وهتف بـ ما أقفد جاسر باقي ذرات عقله
-تراهني إني أقدر أكسب قلبها!!...
تحولت عيناه العسليتان إلى أخرى مُخيفة وفي ثوان كان جاسر يقذف الكوب بـ وجه شريف لينسكب المحتوى الساخن على وجهه..فـ صرخ مُتألمًا من سخونة التي أصابته..وقبل أن يستوعب كان جاسر يقبض على عنقه بـ قوة ثم هدر بـ صوتٍ إهتزت له حوائط المنزل
-مراتي مش حتة أنتيكة عشان نتراهن عليها فـ مزاد علني..فـ ألزم حدودك ومتتخطاش الحدود الحمرا...
ودفعه ثم باغته بـ لكمة أردته أرضًا..سحب سلاحه من خصره و وجهه إلى المسجي أمامه..ليهدر مرة أخرى بـ نبرة سوداوية
-أنا ممكن أقتلك دلوقتي ومحدش يقدر يقولي تلت التلاتة كام..بس أنا مش هوسخ إيدي بـ دم واحد *** زيك
-هتف شريف وهو يمسح الدماء عن فمه:صدقني هيجي اليوم اللي هتحضر فيه فرحنا...
إنطلقت رصاصة بـ جانب عنقه أصابته بـ جرح سطحي فـ تأوه شريف..أخرج سلاحه وكاد أن يصوب على جاسر إلا أنه كان الأسرع وأطلق رصاصة أخرى على سلاحه فـ سقط أرضًا...
تقدم جاسر منه ثم جثى على رُكبتيه وهدر بـ فحيح أفعى مُرعب
-وقبل اليوم دا هيكونوا بيشيعوا جنازتك...
نهض عن الأرض ليرمُقه بـ نظرة أخيرة قاتلة ثم تحرك عدة خطوات قبل أن يلتفت مرة أخرى وأخذ يُطلق الرصاص بـ عشوائية تُصيب ما تُصيب حتى أحدث فوضى عارمة...
ساد السكون عدى صوت أخر رصاصة فارغة تسقط أرضًا..رمقه مرة أخرى بـ نارية مُشتعلة ثم هدر بـ تهكم
-إبقى إتصل بـ الإسعاف الأول...
ثم تحرك إلى الخارج ليأتيه صوت شريف الصارخ
-مش هسيبك يا صياد..هفضل وراك لحد أما أحطلك الكلبشات فـ إيديك
-وضع جاسر يديه في جيبي بنطاله وقال بـ برود ساخر:وأنا هكون فـ إنتظارك...
ثم رحل تاركًا خلفه شريف الذي أخذ يسبه ويلعنه فـ قد أخذه على حين غُرة وتركه مُصاب..ذلك اللعين يُريد اللعب..إذًا فليكن..كانت عيناه تُقسمان أن تجعلان روجيدا ملكه...
**************************************
إنطلق بـ سيارته بـ عنف وغضب..ذلك الحقير أخرجه عن هدوءه الذي ظل مُتسلح به لساعات دامت ينتظره ويبحث عن من يكون..وكيف يغفل عن ذلك الضابط الذي إعتقله مُنذ سنوات بـ قضية قتل جابر الهواري بـ مُساعدة سناء الهواري..تلك الشمطاء التي أقسم على أخذ روحها بـ يده ولكن قدر الله سبقه..إذ قُتلت على يد إحدى المسجونات قد تطاولت عليها بـ السباب لينتهي بها الأمر مقتولة بـ المرحاض...
صفّ سيارته أمام بنايتها..ثم ترجل من السيارة بـ عنف وتوجه إلى الأعلى..طرق الباب بـقوة أفزعتها لتفتح الباب وما أن وجدته حتى أغلقت الباب بـ وجه بـ عنف..إستشاط جاسر غضبًا وأخذ يطرق على الباب بـ عنف يوازي غضبه ثم هدر بـ صوتٍ جهوري
-إفتحي الباب يا روجيدا أحسنلك...
تحدثت من خلف الباب من بين أسنانها هاتفة بـ تحذير
-وطي صوتك بلاش فضايح...
أخذت طرقاته تشتد عنفًا حتى ظنت أنه على وشك إقتلاع الباب وهو يهدر بـ صوتٍ حاد
-إفتحي الباب وتتجنبي الفضايح...
ولكن روجيدا ظلت على عنادها فـ عقدت ذراعيها أمام صدرها بـ غضب وهى تسمع طرقات جاسر تزداد عنفًا حتى أن الباب بدأ يتحرك..سمعته يصرخ بـ صوتٍ شق سكون الليل
-إفتحي يا روجيدا..يا إما هكسر الباب...
ولكنها لم ترد عليه..شعرت بـ سكون الطرقات وهدوء ساد الجو المُحيط..فـ توجست خفية من هدوءه المُفاجئ..تحركت بـ خطى بطيئة تستكشف ما يحدث بـ الخارج..ولكنها ما أن تقدما بضع خطوات حتى تراجعت أضعافهم تبعها بـ صرخة مذعورة وهى بـ الفعل ترى الباب يُكسر ثم رأته يقف أمامها بـ هيئته المشعثة وعيناه التي تُطالعانها كـ جمراوتين من النار...
لهثت بـ خوف إثر صعود وهبوط صدرها بـ ذعر..صفع جاسر الباب بـ قوة إنتفض لها قلبها من بين أضلعها..نزع عنه سترته وبقى بـ كنزته القطنية الصيفية لتظهر عروق ذراعيه النابضة بـ غضب فـ أصابتها بـ هلع أكبر
ظل جاسر ينظر إليها بـ نظرات حادة كـ الصقر..قذف السترة بـ عنف على الأرضية السيراميكية وتقدم منها وهى تتراجع بـ خوف يتقافز من مُقلتيها..تشدق بـ همسٍ حاد
-ممكن أعرف العرض الرخيص اللي حصل دا ليه!
-جزت على أسنانها بـ غضب وهتفت:عرض رخيص!..ولما هو عرض رخيص جاي تسأل عليه ليه؟!...
أخذ جاسر يتقدم منها بـ مهارة ذئب قد ظفر بـ فريسته ثم تشدق وهو يقف على بُعد خطوتين منها بـ نبرة هادئة ولكنها تُسري الرعب بـ القلوب
-سؤالي مش هكرره..فـ متخليش صبري ينفذ
-أشارت بـ يدها إتجاه الباب وصرخت بـ حنق:جاسر إطلع بره..إحنا فـ نص الليـ...
ولكنه قطع حديثها وهو يجذبها من خصرها إليه بـ قوة عنيفة أدت إلى تناثر خُصلاتها على وجهه..إرتفع وجيب قلبها بـ خوف وقد إتسعت عيناها بـ صدمة ثم صرخت بـ حدة وهى تتلوى بين يديه
-إيه اللي أنت بتعمله دا!
-تشدق بـ برود:مردتيش عليا!...
حاولت الفكاك من بين يديه ولكنها كانت كـ من تُزيح جبل فـ هو لم يتحرك إنش واحد..أُنهكت قواها وعلا صوت لُهاثها ثم قالت بـ يأس
-عاوز إيه يا جاسر!
-إرتفع أحد حاجبيه وتساءل بـ حدة:كنتي بتعملي إيه مع الـ *** اللي كنتي معاه؟!...
وضعت يدها على صدره كي تستند عليه وقالت بـ خفوت
-عزمني ع الغدا فـ وافقت...
صرخت روجيدا بـ ألم وهى تستشعر يده تشتد على خصرها بـ قوة كادت أن تشطره إلى نصفين..رفعت عيناها إلى عيناه التي تحولت إلى القتامة فـ هتف بـ خفوت خطير
-وتقبلي دعوته بـ مناسبة إيه!!
-هتفت بـ تألم:جاسر إيدك...
زاد من ضغط يده عليها فـ إزداد صوت تألمها..مال جاسر إلى أُذنها وهمس بـ تحذير
-بلاش غيرتي يا روجيدا..كل اللي أنتي شوفتيه مني قبل كدا مش هيجي نقطة فـ بحر من اللي هعمله...
ثم إبتعد عنها ونظر إلى عينيها مُباشرةً وظلت هى تنظر إليه بـ عينين مُتسعتين وقلب يخفق بـ رعب..شدد جاسر على خصرها وجذبها أكثر إليه حتى أصبحت لصيقة لأضلعه..إستشعر دقات قلبها التي تضرب صدره بـ سرعة جنونية فـ إبتسم..همس وهو يقترب من وجهها
-حتى لو مبقتيش مراتي..فـ أنتي ملكي..وهثبتلك دلوقتي...
إزداد إتساع عينيها بـ رهبة وهى تراه يميل إليها..حاولت التملص منه ولكنها كانت كمن يُزيح حائط..مال جاسر إلى عنقها البض وقبله بـ شراسة وقوة ليُدمغه بـ علامات ملكية تدُل على إنها إن كانت ملكًا لأحد فـ لن يكون سواه...
تأوهت روجيدا من شراسته وتساقطت عبراتها بـ غزارة..ظلت تضرب صدره حتى إبتعد عنها بـ إبتسامة ظافرة وهو ينظر إلى عُنقها المُدمغ بـ علاماته..رفع يده إليها يتحسس تلك العلامات فـ تأوهت..مط شفتيه وقال بـ أسف
-أسف لو كنت وجعتك..بس دا عشان تحسي بـ وجعي وناري لما بشوف راجل بيقرب منك...
وختم حديثه بـ قُبلة رقيقة على نحرها تُنافي عنف الأخريات وكأنه يعتذر لها عن عنفه وشراسته...
ترك خصرها فـ كادت أن تقع إلا أنه أمسكها بـ حرص ثم وضع يد خلف ظهرها والأُخرى أسفل رُكبتيها وحملها إلى الأريكة..وضعها عليها وتوجه إلى المطبخ ثم عاد حاملًا معه كأسًا من الماء..جثى على إحدى رُكبتيه وقدم إليها الماء
لاحظ إرتعاشة يدها وعدم قدرتها على حمل الكأس فـ أخذه من يدها وساعدها على إرتشافه..كانت قطرات الماء تتساقط على عنقها وصدرها اللاهث..بقى جاسر يُراقبها بـ إستمتاع وحب..وضع الكأس من يده وتساءل بـ حنو
-أحسن؟...
أومأت بـ رأسها بـ صمت لترتفع يده إلى نحرها وأزال قطرات الماء عنه بـ إبهامه..كانت حركاته رقيقة ومُثيرة في آنٍ واحد..كتمت روجيدا أنفاسها وإشتدت قبضتها على الأريكة فـ أغمضت عيناها تتهرب من نظراته التي تقتلها لتجده يهمس بـ حرارة
-إفتحي عينيكي...
هزت رأسها بـ نفي..فـ إبتسم وعاد يطلب بـ صرامة لطيفة
-بقولك إفتحي عينيكي...
وكانت مسلوبة الإرادة وهى تفتح عيناها بـ بطء لتواجه عيناه العسليتان التي لا تقل توهج عن فيروزها..إقترب جاسر بـ رأسه وهو يُعمق نظراته إليها ثم قال بـ نبرة دافئة
-عنيكي بحر هايج وأنا سبّاح غشيم فـ سبيني أغرق فيهم..سبيني أغرق فيكي...
زفرت نفسًا حار أوشى بما يموج في نفسها من مشاعر مُتخبطة..ضربات قلبها التي إزدادت أكثر وبعض رفرفات جناحي فراشات أسفل معدتها تُنبها أن ذلك الخبيث أمامها يتلاعب بها وبمشاعرها..يعلم كيف يؤثر عليها ويجعلها هشة أمامه
نعم تكره تلك الإبتسامة المُرتسمة على شفتيه والتي تُخبرها أنه يعلم بما في نفسها..عضت على شفاها السُفلى لتستعيد رباطة جأشها ثم إنتفضت فجأة تهتف بـ تذبذب
-مع السلامة يا جاسر..زيارتك طولت...
نظر إليها من أسفل ليتكأ على الأريكة وينهض أمامها..تراجعت إلى الخلف إثر نهوضه فـ إلتفت يداه حول خصرها تضمها بـ حب ثم همس بـ مرح
-اسم الله عليكي
-أوعى إيدك...
قالتها بـ حدة وخجل وهى تُبعد يده عنها فـ إستجاب لها بـ إستمتاع..تراجع خطوتين إلى الخلف ثم توجه إلى باب المنزل وقبل أن يخرج تشدق بـ تحذير قاتم
-أنا حذرتك يا روجيدا..لو عاندتيني..صدقيني هتشوفي مني وش مش هيعجبك..أنا عيني عليكي أربعة وعشرين ساعة..فـ توقعي تشوفيني فـ أي وقت..سلام يا فراولتي...
وأغلق الباب خلفه بـ هدوء عكس عاصفة دلوفه..أمسكت روجيدا مزهرية و قذفتها إلى الباب لتتحطم أشلاء..ثم هتفت بـ غل وعناد
-طيب يا جاسر..يا نا يا أنت..عشان مش بتهدد...
ولم تكن تعي أنه يستمع إلى كل ما تتفوه به وإبتسامة تسلية مُرتسمة على وجهه..ليتشدق هو الأخر بـ تصميم
-كدا اللعب بدأ...
**************************************
كان جالس على الفراش يفرك يده بـ توتر وقدماه لم تتوقف عن التحرك بـ عصبية..مسح على وجهه بـ عنف وتشدق بـ نبرة مُرتجفة
-يلا يا نادين بتعملي إيه كل دا!!...
لم يأته الرد لعدة لحظات ليضرب الأرض بـ قدمه وهبّ واقفًا ثم تحرك إلى باب المرحاض وقبل أن يطرق وجدها تفتح الباب وتُنكس رأسها إلى أسفل..أصابه الإحباط والحزن ولكنه كتمه وقال بـ نبرة رخيمة رغم ألمها
-كل دا بتاع ربنا يا حبيبتي..أهم حاجة أنك فـ حيـ...
قاطعته نادين وهى ترفع وجهها ثم تشدقت وعيناها تترقرقان بـ العبرات
-أنا حامل...
رف بـ عينيه عدة مرات و وقف يُحدق بها بـ بلاهة..ثم ما لبث أن صدحت ضحكاته التي إمتزجت بـ عبارات غير مفهومة
-يعني..دلوقتي..في..حامل..و و و...
صرخت نادين بـ سعادة وهى تراه يحملها ويدور بها بـ قوة ثم سمعته يصرخ بـ تحشرج
-مراتي حاااااامل...
ضحكت نادين بـ قوة ليُنزلها ثم سجد هو أرضًا شُكرًا لله وقد إمتزج حمده بـ صوت شهقات..نهض لتجده يبكي ويضحك في آنٍ واحد..إقتربت منه وأخذت تُزيل عبراته وهى تبكي أيضًا...
جذبها إلى أحضانه وبقى صوت بكاءهم يشق السكون..ليقول سامح بـ حب
-شوفتي ربنا عوّض صبرنا خير إزاي!..دا يعلمنا إزاي منيأسش من كرم ورضا ربنا علينا..ألف حمد وشكر ليك يارب...
أبعد رأسها عنه وقبّل جبينها ثم قال بـ مرح
-هتبقي حامل يا بت...
ثم خرج سامح من غُرفته بـ قصر الصياد وبدأ في الصُراخ بـ صوته كله ونادين تُراقبه بـ إبتسامة
-مراتي حامل يا ناس..مراتي شايلة ليا روح جواها..مراتي حامل ياماااا...
خرج الجميع على صوت صُراخه حتى الخدم وبقوا ينظروا إليه وكأنه مجنون ليعود ويصرخ وهو يتجه إلى والدته ومن ثم إحتضنها
-ربنا عوض صبرنا يا ست الكل..ونادين هتجبلك حفيد تاني...
لم تُصدق فاطمة ما تسمعه فـ كم عانا الإثنان من عدم إنجابهما لمدة طويلة من بعد زواجهما..فـ أطلقت العنان إلى صوتها وقالت بـ سعادة مُخطلتَة بـ عبراتها
-ألف مبروك يا بن بطني..يا منت كريم يا رب..والنبي لزغرط...
وإبتعدت عنه وبدأت بـ إطلاق صوتها وتبعتها الخادمات...
إتجهت فاطمة إلى نادين ثم إحتضنتها بـ قوة وقالت بـ حنان
-ألف مبروك يا حبيبتي..ربنا عوضك
-بادلتها نادين العناق وقالت بـ سعادة:الحمد لله..
نهض جاسر على صوت تلك الجلبة وكل ما إلتقطته أُذناه..هو ما تفوه به سامح "مراتي حامل ياماااا"..لم يُصدق جاسر ما سمعه ليخرج مُسرعًا من غرفته وإتجه إلى شقيقه الذي بقى يُهلل ثم إحتضنه بـ سعادة وقال بـ نبرة مُهللة
-ألف مبروك يا سامح..ربنا عوضكوا خير
-شدد سامح من إحتضانه وقال بـ همس:الحمد لله..الحمد لله..كنت واثق إن ربنا مش هيخذلنا...
ربت جاسر على ظهر شقيقه ثم إبتعد عنه..إلتفت إلى والدته التي ما زالت تبكي وهى تطلق صوتها لتصمت وقالت بعدها بـ جدية
-أنا هدبح عجلين وأوزع ع الغلابة..شكر لربنا
-رد عليها بـ تأكيد:خير ما عملتي يا أمي...
إلتفت إلى سامح ثم قال وهو يربت على منكبه
-يلا روح فرح حماك وحماتك
-رد سامح بـ مرح:حمامة...
ثم إتجه إلى زوجته وحملها ودار بها ثم دلفا مرة أخرى إلى الغُرفة
إبتسم جاسر بـ سعادة حقيقية ودعا لهما بـ صلاح الحال ثم عاد إلى غُرفته مرة أخرى...
مهما طال الوقت..مهما بقت العقبات تُعيق وصولك إلى ما تصبو إليه نفسك..هناك الثقة بالله..هناك الإيمان بالله..هناك صانع المُعجزات يُخبرك "إن مع العسر يُسرا"..فـ لاتنقط وإصبر وإحتسب...
***************************************
سمعت طرق على باب المنزل فـ نهضت نور بـ تثاقل..ومن خلف الباب تساءلت بـ فتور
-مين!!...
لم يأتها رد فـ أصابها خوفًا طفيف..عادت تتساءل
-مين بره!!
-أتاها صوت سيدة:ممكن تفتحي يا نور...
لم تستطع تمييز نبرة تلك السيدة..فـ رجحت أنها إحدى جاراتهما وقد تأكدت من ذلك لمعرفتها بـ اسمها..فتحت نور الباب بـ إبتسامة..لتجد سيدة تبدو في الخمسين من عمرها وبـ جانبها رجُلًا يكبرها بـ السن قليلًا يُحدقون بها بـ طريقة غريبة..فـ تساءلت بـ إبتسامة مُهذبة
-مين حضراتكوا؟!...
تقدمت منها السيدة وعيناها الخضراوتين اللتان تتشابهان مع خاصتها تُغيمان بـ العبرات..رفعت يدها وربتت على وجنتها لتتراجع نور بـ خوف..إبتسمت السيدة وهتفت بـ حنان
-كبرتي يا ضنايا وبقيتي عروسة...
تقدم منها الرجل وملامحه تشي بـ الحنين ليُملس على خُصلاتها بـ حنو وتشدق
-شبه صابر..أنتو فولة وإتقسمت نصين...
تراجعت نور مرة أخرى وقد إستبد بها الخوف أكثر لتصرخ بـ حدة
-أنتوا مين!..وعاوزين إيه؟
-نطقت السيدة بـ حزن وتألم:أنا أمك يا ضنايا...
**************************************
-إبعتي إيميل لمدام داليدا وإتفقي معاها على معاد الـ meeting (الإجتماع)...
قالها صابر وهو يمد يده إلى السكرتيرة بـ بعضة أوراق تسلمتها ثم تشدقت
-تؤمرني بـ أي حاجة تانية يا فندم!...
أشار إليها سلبًا وهو يُمسك هاتفه الذي صدح مُعلنًا عن وصول مُكالمة من شقيقته..ضغط على زر الإيجاب ليسمع صوتها الجامد
-صابر!!..ماما وبابا هنا...
بُهت صابر وإستحال لون بشرته إلى الأبيض..تجمدت يداه على الهاتف وبقى صامتًا وكأنه تحول إلى تمثال صخري لا روح فيه..عادت نور تهتف بـ نبرة مُختنقة
-تعالَ يا صابر
-رد عليها بـ صوتٍ صلب كـ صلابة الحجر:أنا جاي...
ثم نهض بـ عنف عن مقعده وإتجه إلى الخارج..دلف خارج المبنى وإستقل سيارته وقادها بـ سرعة تُسابق الرياح...
في غضون ثلاثين دقيقة..كان قد وصل إلى منزله..صعد الدرج بـ غضب يتآكل أحشاءه حتى وصل إلى طابقه..وقف يستعيد أنفاسه ثم فتح الباب بـ بطء...
ما أن أبصراه حتى هرعا إليه يُقبلانه ويحتضناه..يُغدقاه عبارات الشوق والحنين..ولكنه بقى جامد كـ الصخر..عيناه مُثبتتان على شقيقته التي لا تقل عن جموده مثقال ذرة...
أغمض صابر عيناه بـ نفاذ صبر..بدأ يشعر بـ إختناق يلحف صدره..أبعد يدا والدته عن وجهه بـ تعابير صلبة..ثم نظر إليهما وبـ نبرة حادة صرخ
-بره..مش عاوز أشوف حد فيكوا هنا...
ساد الصمت مع لفحة باردة من الدهشة والإنكسار..تابعت والدته بـ ألم وحزن
-يابني..أنا جاية أشوفكم..جاية أشوف بنتي اللي متعرفنيش...
ضيق صابر عيناه ثم هدر بـ صوتٍ دوى كـ الرعد
-دلوقتي جاية تشوفينا وتتعرفي على بنتك!..راجعين حياتنا ليه بعد السنين دي كلها..بنتك حتى متعرفش شكلك..جايين تهدموا كل اللي بنيته!
-حاول والده الحديث:يابني...
-قاطعه صابر بـ وحشية:متقولش الكلمة دي..أنت تعرف عنها إيه!..قولي تعرف عنا إيه!..إطلعوا بره...
صرخ بـ الأخيرة بـ نبرة مُتألمة جريحة..فـ نظرت إليه والدته بـ نظرات تستعطفه ولكنه أشاح بـ وجهه عنها..نكست رأسها ثم رحلت هى و والده...
نظر صابر إلى نور ليجدها تنهض ثم قالت بـ هدوء أثار تعجبه
-أنا هدخل أنام شوية...
حاول الحديث أو اللحاق بها ولكنه كان في حالة يُرثى لها..فـ إرتمى على الأريكة واضعًا يده على عيناه يضغط عليهما بـ تعب..بقت لحظات حياته تمر أمام عيناه كـ مر السحاب..بدءًا من ترك والدهما لهما إلى الآن..إلا أن قطع شروده صوتها الناعم
-مين اللي خرجوا من هنا دول!!...
نزع يده عن عيناه وحدق بها بـ صدمة ثم تساءل
-أنتي جيتي أمتى!
-تجاهلت سؤاله وتساءلت وهى تضع يدها على وجنته:مالك يا صابر!...
أغمض عيناه عدة ثوان ثم فتحهما..نظر إليها لتجد بهما ضياع يكاد يفتك به..تشدق صابر بـ نبرةٍ باهتة
-أنا تعبان..تعبان أوي...
وبلا أي مُقدمات تمدد على الأريكة يضع رأسها على فخذيها..يُحيط بـ يداه خصرها ويدفن وجهه بـ بطنها..أدهشها فعلته ولكن سُرعان ما إرتخت ملامحها وحركت يدها إلى خُصلاته القصيرة وأخذت تُداعبها ثم همست بـ حنو
-إرتاح وأنا جنبك
-شدد من إحتضانه وقال:طول ما أنتي جنبي هرتاح...
***************************************
صفّ جاسر سيارته أمام بنايتها ليجد حرسه يقفون كما أمرهم..إبتسم بـ رضا ثم إتجه إلى مقعد صغيرته وساعدها على الترجل من السيارة...
-كان لازم يعني يا نادين تجي تعرفي روجيدا..طب مش لما نتأكد الأول
-زمت شفتيها وقالت بـ حنق:أولًا أنا مُتأكدة إني حامل..ثانيًا روجيدا وحشتني وكنت عاوزة أشوفها..ثالثًا ودا الأهم إني ست حامل ولازم تعمل اللي انا عوزاه...
ثم تركته وصعدت تحت أنظاره المشدوه..كان جاسر يُتابع المشهد بـ إستمتاه ليضحك قائلًا
-تعيش وتاخد غيرها يا برنس...
حمل جُلنار ثم أتجه إلى شقيقه وربت على منكبه وصعد..بينما حك سامح مُؤخرة رأسه وقال بـ عدم تصديق
-هو في كدا!..شكلها هتبقى فترة حمل إنما إيه..عنب...
صعد وهو يضرب كف على أخر
أتت روجيدا على صوت الطرقات على باب منزلها..تأكدت من عقد الوشاح جيدًا على عُنقها حتى تُخفي تلك الأثار التي صنعها الهمجي أمس...
فتحت الباب لتجد نادين تقفز وتتعلق بـ عنقها..ثم هتفت بـ مرح
-روجيدا حبيبة قلبي وحشاني يا بيبي
-ضحكت روجيدا وضمتها ثم قالت:وأنتي كمان يا نادو...
نظرت إلى الباب وتساءلت
-أنتي جاية لوحدك!
-مامي...
هتفت بها الصغيرة وهى تقفز من أحضان والدها لتركض إلى روجيدا..التي إستقبلتها بـ أحضانها ثم رفعتها وأخذت تُقبلها بـ شوقٍ عارم..لتقول جُلنار
-وحشتيني كتير يا مامي
-قبلت وجنتها بـ عمق وقالت بـ إبتسامة:وأنتي كمان يا قلب مامي
-يا أهل الدار...
قالها سامح بـ مرح بعد أن صعد..لتتسع إبتسامة روجيدا وهى تستقبله
-أهلًا يا سامح..تعالَ إتفضل...
رفع جاسر حاجبه بـ عبث وهو يراها تتجاهله..بينما إبتسامته تتسع خُبثًا وهو يراها تُخفي علاماته عن عنقها..مال على أُذنها ما إن إقتربت منه وهمس
-حلو الإيشارب..هياكل من رقبتك حتة...
نظرت له شزرًا من طرف عيناها ولم ترد بينما تشدق سامح وهو يدلف
-أكيد زوجة أخي السابقة المصون..بتسأل ايه سر الزيارة السعيدة دي!
-إبتسمت روجيدا وقالت:يمكن...
توجه سامح إلى نادين و طوق منكبيها إليه جاذبًا إياه ثم تشدق بـ نبرة حنونة
-هكون أب قريب إن شاء الله
-بجد!!!...
صرخت بها روجيدا بـ عدم تصديق وركضت إلى نادين تحضتنها وأخذت تُقبلها ثم هتفت بـ سعادة خالصة
-ألف مبروك يا حبيبتي..يارب يجيلنا بـ السلامة
-يارب يا روجي يارب
-إبتسمت وقالت:حيث كدا..النهاردة هتتغدوا عندي
-هتف سامح بـ مرح:اشطه..أنا معنديش مانع..أنت إيه رأيك يا جاسر؟!
-لتتحدث روجيدا بـ إمتعاض:بس أنا معزمتش جاسر...
إرتفع حاجبيه بـ شدة من وقاحتها إلا أنه إبتسم بـ مكر وقال
-أنا هنا عشان جوجو حبيبة بابا عاوزاني..مش صح يا جوجو؟!...
ركضت الصغيرة إلى أحضان والدتها وقالت بـ رجاء طفولي
-بليييييز يا مامي..خلي بابي ياكل معانا..بليييييييز...
أخذت الصغيرة تتوسلها بـ عينان مُتسعتان بـ براءة أجبرت روجيدا على الإنصياع..صفقت جُلنار بـ سعادة ثم قالت
-يلا ندخل نعمل الأكل أنا وأنتي
-حاضر يا ست جوجو
-تشدقت نادين:أنا جاية أساعدكوا
-تحدثت روجيدا بـ صرامة:تساعدي مين..يلا يا ماما أقعدي إستريحي..أنتي محتاجة راحة...
كادت أن تتحدث ولكن روجيدا أشارت بـ صرامة..إبتسم جاسر بـ حب ثم تحولت الإبتسامة إلى أُخرى خبيثة وهو يقول
-خلاص أنا أساعد...
كادت أن تتذمر ولكن حماس طفلتها جعلها تبتلع تذمرها..إشتعلت غيظًا وهى ترى جاسر يرمقها بـ نظرات ذات مغذى..لتتضيق عيناها بـ غضب ثم دلفت إلى المطبخ...
وضعت روجيدا جُلنار على الطاولة وأخذت تتحرك حولها وجاسر يُساعد بـ عبث..وقفت بـ جانب طفلتها وأخذت تُقوم بـ تحضير السلطة
نظرت جُلنار إلى الوشاح بـ ضيق وقالت
-مامي إقلعي البتاع دا مش حلو...
إنتهت ثم قامت بـ حلّه عن عنقها لتظهر العلامات الحمراء..شهقت روجيدا وكادت أن تتحدث إلا نظرات جُلنار إلى عُنقها أوقفتها عن الحديث فـ أشارت الصغيرة إلى البُقع المنتشرة عليه وتساءلت بـ عقدة
حاجب
-هي الناموسة عضتك كتير يا مامي!...
توترت روجيدا ونظرت إلى جاسر الذي ينظر إليها بـ خبث فـ أصابها الغضب من خبثه وإنتظاره لردها..لتعقد حاجبيها بـ تحدي ثم قالت بـ حنق
-لا يا جوجو دي جاموسة مش ناموسة
-وضعت الصغيرة يدها على فاها وقالت بـ ضحك:قصدك الجاموسة اللي بتجيب لبن!!...
ضحكت روجيدا ملئ فاها وهى ترى تعابير وجهه تقلصت إلى الغضب والحنق..لتردف وهى تغمز له بـ عينها بـ إستفزاز
-أيوة هي دي يا حبيبة مامي...
إلتوى شدق جاسر بـ إمتعاض ثم حدث نفسه قائلًا بـ تهكم
-مبروك يا جاسر بقيت جاموسة بتجيب لبن...
بعد مدة نظر جاسر إلى الصغيرة وتشدق
-روحي يا جوجو أقعدي مع عمو سامح إتفرجي معاه على كارتون
-طيب...
قالتها الصغيرة بـ حماس ليُنزلها جاسر عن الطاولة..إتجه إلى روجيدا التي إنهمكت في طهو الطعام..ليُحيط خصرها بـ يده والأخرى على فاها تكتم شهقتها..تجاهل إرتجافة جسدها وهمس بـ عبث
-اممم..بقى أنا بقيت جاموسة..مش كدا!!
هزت رأسها بـ نفي ليُزيح يده عن فاها فـ تشدقت بـ براءة
-وبتجيب لبن...
كتمت تأوه كاد أن ينفلت بسبب ضغط يده على خصرها ثم همس مرةً أخرى
-امممم..دا رأيك...
لم تتحدث روجيدا بل ظلت صامتة ترتجف من لمسات يده على خصرها..لتجده بعدها يُزيح خُصلاتها عن عنقها وبقت أنفاسه الساخنة تلفحه..لتزداد ضربات قلبها..مال إليه وبدأ يضع قُبلاته الخفيفة كـ أجنحة فراشة عليه..لتشتد قبضتها على الموقد أمامها وصدى أنفاسها الهادرة بقى يصدح في ذلك السكون
وبلا أي مُقدمات إبتعد عنها وأكمل طهو الطعام..ليتشدق جاسر بـ جدية عابثة
-الغلطة معايا بجون..فـ متغلطيش كتير عشان بصراحة هموت وأرجع بـ الكاس...
لم ترد روجيدا عليه بل ظلت ساكنة لا تتحرك..وهو يتحرك بـ خفة حولها حتى إنتهى من طهي الطعام
بعد مدة طويلة..إنتهى الجميع من تناول الغذاء ومضى اليوم بين أحاديث و لهو ومشاكسات جاسر التي لا تنتهي..وعند الذهاب وقف عند الباب وإنتظر هبوط سامح ونادين ليقترب من روجيدا ويهمس
-إستني مفاجأتي...
لوح لها بـ إستفزاز ثم رحل..صفعت الباب خلفه بـ حدة ثم زفرت بـ قنوط..دلفت إلى غُرفتها وبقى عقلها يُفكر ما هي مُفاجأة ذلك الجاسر!...
****************************************
بعد ثلاثة أيام..بعد غروب الشمس بـ مدة قليلة..سمعت روجيدا طرقًا على باب منزلها..زفرت بـ نفاذ صبر ثم نهضت وفتحت الباب..لتجد فتاةً ما تقف أمامها..وقبل أن تتشدق روجيدا..هتفت الفتاه
-جاسر بيه بعتلك الحاجة دي وهو مستنيكي...
ورفعت لها حقيبة أخذتها منها روجيدا بـ تعجب..إبتسمت الفتاه وقالت
-كمان بعتني أقعد مع جُلنار
-طب هو فين؟
-رفعت الفتاه منكبها وقالت:معرفش..أنا ليا دور وبقوم بيه...
زفرت روجيدا بـ حنق ثم إبتعدت لتدلف الفتاه..أخرجت هاتفها لتجد رسالة بعثها إليها جاسر محتواها
"متتأخريش عليا"
لم تعلم أتبتسم أم تغضب!..ولكن شيطان القلب سيطر عليها وإتبعت هواه...
دلفت إلى غُرفتها وأبدلت ثيابها إلى الثوب الذي أحضره جاسر..كان من الأعلى ضيق حتى الخصر من اللون الأحمر..مُزين بـ فصوص الألماس المُزيفة..ذراعاه ضيقان حتى المعصم..ثم ينسدل بـ إتساع في طبقات عديدة من قُماش التل..قصير من الأمام حتى الركبة..وطويل من الخلف ليكون ذيل طفيف على الأرض..أسدلت خُصلاتها الكستنائية في تموجات هادئة..وتركت وجهها خالي من مساحيق التجميل..عدا عنقها لتُخفي العلامات التي بدأت تزول...
هبطت الدرج بعد أن إطمأنت على طفلتها وتوصية الفتاه عدة توصيات..توجهت إلى الخارج لتجد سيارة سوداء تنتظرها..فتح لها السائق الباب وإنحنى بـ إحترام..إبتسمت إليه روجيدا وصعدت السيارة..توجه إلى مقعد القيادة وتحرك بها...
طوال الطريق وقلبها كـ مراجل مُشتعلة حماس وخوف..أخذت تُهدأ نفسها بـ بضع كلمات حتى أفاقت على صوت السائق الذي أعلمها بـ وصولهم..هبطت من السيارة..لتجد نفسها أمام إحدى المطاعم الراقية...
دلفت إلى الداخل وقد إزدادت ضربات قلبها..كان المطعم خالي من رواده..خالي من الطاولات عدا واحدة بـ المُنتصف..كانت الأرضية مُرصعة بـ إضاءة بيضاء خافتة..ويتدلى من السقف إنارة زرقاء على شكل نجوم..الورود الحمراء مُتناثرة على الأرضية لتُشكل لوحة فنية خالصة مع الأضاءة...
تلألأت العبرات بـ عينيها ثم إتجهت إلى الطاولة..وجدت بطاقة حمراء موضوعة بـ صحن أبيض كبير..أخذتها ثم فتحتها لتجد تلك العبارة
"لذكرى زواج سابعة..لم تزدادي بها إلا جمالًا ولم أزداد أنا بها إلا عشقًا"
ضحكت بـ حب وعيناها لا تتوقفان عن ذرف العبرات...
إختفت الإضاءة فجأة..لتظهر بعض المقاطع الخاصة بهم على أحد حوائط المطعم..مقطع كان يحوي على صورٍ خاصة بهم..وأخر يحتوي على مشاهد مع صغيرته حيث صغيرته بـ عمر الثلاث أعوام تجلس على الأرض وتأكل من عبوة الشيكولاتة بـ يدها فـ شاركها جاسر وبدآ يُطعمان بعضهما..وأخير يحوي الذكرى الثالثة لقولها "بحبك"..حيث سافرا إلى تُركيا وأعادا ذكرى ذلك اليوم..وتلاها صورًا لها وهى نائمة وجاسر يُقبلها..وأخرى وهو يحتضنها..كان يحتوي ذلك العرض على أثمن ذكريات
كانت روجيدا تضع يدها على فاها لا تستطيع أن تُصدق كل هذا..أُطفأ العرض وصدحت موسيقى ناعمة وصوته الرخيم يهمس
-كل سنة وأنت أجمل حاجة فـ حياتي..تقبلي ترقصي معايا؟!...
ولم يدع لها مجالًا للرد بل جذب يدها وبدأ يتمايل معها..وبدأت طقوسهم بـ الرقص..إذ يضع باطن يدها على صدره فوق فؤاده مُباشرةً ثم تتشابك أصابعه مع أصابعها..يضع وجهه عند عنقها يشتم عبيرها المُسكر..وهى تستند بـ وجنتها على وجنته..كان يضمها إلى صدره بـ شدة يخشى فٌقدانها ويخشى أن تنسل من بين يديه كـ الزئبق..وهى بدورها تزداد في ضمه لها...
إنتهت الموسيقى وإنتهت رقصتهما..إبتعد جاسر عنها وبقى وجهها بين يديه..همس جاسر أمام فاها
-كنت غبي لما قولتلك نطلق..كنت فاكر أنك هتكوني أحسن من غيري..كنت فاكر أني هيعيش مرتاح وأنتي بعيدة بس أهم حاجة كويسة..كنت فاكر إني هقدر ع البعد..بس البعد غلبني وسبني عطشان ليكي..إرجعيلي...
بـ الرغم من تأثرها بـ حديثه..وبـ الرغم مما قاله إلا أنها هتفت بـ عتاب
-عيبك يا جاسر أنك بتعمل وتقول عشان مصلحتي..مصلحتي معاك..قولتلك إني مقدرش أبعد عنك ولا أقدر أعيش من غيرك..بس برضو بعدت..قولتلك إني هقدر أسامحك على أي حاجة بس مع أول هفوة ليك إخترت أنك تهرب
-هدر بـ عنف:كنت خايف أأذيكي فـ وقت مكنتش متزن فيه..المفروض أكون أمان وحماية ليكي..بس أنا رجعتك لنقطة الصفر تاني
-هتفت بـ جمود:اللي إكتشفته إن اللي بيريط بينا حبل دايب..كل ما نربطه من حتة يتقطع..الحبل أنا عافرت عشان أحافظ عليه..بس أنت اللي كنت مصمم تقطعه
عمق جاسر نظراته وتجاهل هذا الحديث..عاد يُقربها منه ثم همس بـ نبرة رخيمة تشي بـ مدى عشقه لها
-اللي بيربط بيني وبينك مش حبل..لأ اللي بيربط ما بينا شُريان لو إتقطع نموت...
بقت تنظر إليه بـ مشاعر مُتذبذبة..ليستغل تذبذبها ليقترب أكثر من شفتيها عله يُهدأ ذلك الظمأ..وقبل أن يحصل على مُراده إبتعد عنها وهو يرى أشخاص بـ زي رسمي يقتحمون المكان..جذب روجيدا من خصرها وأوقفها خلفه..ليقف أمامهم كـ سدًا منيع ويتساءل بـ صلابة
-في حاجة يا حضرة الظابط!
-تقدم منه الشرطي وقال:معانا أمر بـ القبض عليك...