رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الرابع (أدمنتك) الفصل السادس
إن رأيت هذا الرأس ملئ بالسعاد..ومُتخم بالفرح كل ليلة وكل نهار....
اعلم أن أصابع الحُب قد لامسته....
ضرب على سطح الطاولة بـ قوة وهدر بـ إنفعال
-يعني إيه إختفى!..واحد متخرشم ورجله مكسورة يختفي إزاي!!
-أجابه الطرف الآخر بـ توتر:يا باشا والله ما إتحركنا من قدام المستشفى
-صرخ جاسر بـ حدة:بهاااايم..أنا مشغل شوية بهايم..غور دلوقتي ...
قذف جاسر الهاتف بـ عنف على الطاولة وحك فروة رأسه بـ قوة ثم تمتم بـ إمتعاض
-شوية بهايم هيجبوا أجلي
-مين اللي هيجبوا أجلك يا جاسر؟!...
إستدار جاسر على صوت روجيدا التي تُحدثه بـ تعجب وعلى وجهها ملامح بريئة..إبتسم وهو يتطلع إلى هيئتها الطفولية..كانت ترتدي منامة ذات بنطال و كنزة مُتشابكين من اللون الأحمر وعليها رسمة كرتونية..تُمسك بـ يدها عبوة من الشيكولاتة الذائبة وملعقة بـ فاها
تقدم منها وعلى وجهه إبتسامة خبيثة وعينان تتفحصانها بـ وقاحة ثم هتف
-فروالة بـ الشيكولاتة ع الصبح...
ضحكت روجيدا وهي تتلاعب بـ الملعقة بين يديها..ليُحيط خصرها قائلًا بـ نبرته اللعوب
-والعبد لله اللي بيجيب الحاجات دي ملوش نصيب
-هتفت بـ براءة:لأ طبعًا إزاي...
رفعت الملعقة وقربتها من فاه ليلتهمها وهو ينظر إلى عينيها الضاحكتين..تلطخ جانب فمه بـ الشيكولاتة لتقف على أطراف أصابعها تلتقطها بـ شفيتها..إبتسمت شفتاه وهو يشعر بها على زاوية فمه..وضع إصبعه على طرف العبوة ليتلطخ ثم رفعه إلى جانب شفاه الأُخرى ثم تشدق بـ عبث
-وهنا بقى..شكلك مأخدتيش بالك
-ضحكت روجيدا بـ صخب وقالت بـ دلال:لأ إخص عليا...
إرتفعت مرةً أخرى ثم قَبّلت زاوية شفتيه الأُخرى ليعود ويضع إصعبه المُلطخ بـ مُنتصف شفتيه وقال بـ نبرة لعوب
-خير الأمور الوسط بقى
-عضت على شفتيها وقالت:سافل..ساااافل...
عادت ترتفع على أطراف أصابعها لتُقبل شفتيه بـ خفة ولكنه لم يكن يدعها لتمر بـ تلك السهولة المُفرطة..بل وضع يده خلف عنقها يُقربها منه ثم أزال المشابك التي تُثبت خُصلاتها ونثره بـ عشوائية..ويده الأُخرى تُحاوط خصرها يمنعها من السقوط
تخدرت حواسها وأطرافها فـ سقطت عبوة الشيكولاتة الذائبة لتتحطم إلى أشلاء..شهقت و حاولت الإبتعاد إلا أنه زمجر بـ إعتراض ولم يبتعد إلا أن يأخذ ضريبته الصباحية على أكمل وجه
إستند بـ جبهته على جبهتها ثم قال وهو يُرجع خُصلاتها إلى خلف أُذنها
-يا صباح الحاجات الحلوة والشيكولاتة والفراولة والمربى
-تشدقت روجيدا بـ خجل:على فكرة أنت..أنت رخم..و وقح..أوي
-قَبّل طرف أنفها بـ خفة وقال:منا عارف أوي...
ثم تحركت شفتيه بـ فراشات خفيفة على أنفها و وجنتيها حتى عنقها البض..لتضحك روجيدا وهى تميل بـ رأسها قائلة
-خلاص بقى..أنت مش عاوز تاكل!...
همهم وشفتيه تنحدر إلى ترقوتها بـ قُبلات رقيقة
-منا باكل أهو..أنتي عاوزة إيه!
-مطت شفتيها بـ إنزعاج ثم قالت:عاوزة علبة نوتيلا بدل اللي وقعت دي...
نظر إلى العبوة المُهشمة ليبتسم بـ خبث ثم نظر إليها وقال بـ نبرة ماكرة
-اممم وإيه اللي وقعها!..أنا فاكر أنكِ كنتي مسكاها
-عضت على شفتيها وقالت بـ حنق:الله!!..وقعت يا سيدي..إنزل هاتلي واحدة عشان نروح لدكتورة يلا
-قبض على ذقنها وهمس بـ إبتسامة:أنت تأمر يا فراولة بالشيكولاتة يا أبيض أنت يا قشطة...
ثم هبط يُقبل شفتيها بـ خفة قبل أن يأخذ مفاتيحه وحافظة النقود..لتضحك هي بـ صخب لتهتف وهي تراه يتجه إلى باب المنزل
-مش عارفة أنت بتجيب الكلام دا منين!
-غمزها بـ شقاوة قائلًا:اللي يحبك لازم يبدع ويتعلم الغزل العفيف والوقح السافل القليل الأدب دا...
أغلق الباب خلفه لتنفجر روجيدا ضاحكة لتهتف وهى تميل إلى الأرض لتُزيل الشظايا
-مجنون..ويموت فـ أي حاجة ليها علاقة بـ قلة الأدب...
************************************
-ما خلاص يا مروة بقى..الله مكنش موقف...
إستدارت مروة بـ جنون وهي تقذف ما بيدها أرضًا ثم قالت بـ نبرة حادة
-موقف!..البت كانت بتشقطك قدامي...
ضحك شريف بـ قوة واضعًا يديه بـ خصره..لتشتعل عيناها بـ غضب أكبر ثم إتجهت إليه تضرب صدره هاتفة
-وليك عين تضحك يا بتاع كرستين!..عاملي فيها ڤان دام أوي ورايح تنقذها...
أمسك معصمها وهو غير قادر على التوقف عن الضحك لتُكمل حديثها بـ ضيق
-ياكش يطلعلها حوت يبلعها
-ضحك أكثر وقال بـ مُزاح:وهو في حوت فـ البحر يا جاهلة!
-ضيقت عيناها وقالت بـ حنق:ربك قادر يبعتلها ديناصور يقرقش عضمها
-غمزها شريف وقال بـ عبث:يا عيني ع الحلو اللي غيران منها...
دفعته بعيدًا عنها ثم وضعت يدها بـ خصرها وقالت بـ نبرة سوقية
-مين دي اللي تغير منها يا دلعادي!!..دا أنا عود عنها حتى
-نظر إليها بـ وقاحة وقال بـ خبث:من ناحية عود!..فـ أنتي أبو الأعواد كلها...
توترت وسقطت يدها عن خصرها وهى تُتابع عيناه التي تتفحصها بـ جرأة وكأنه يتساءل ماذا يوجد أسفل هذه المنامة الرقيقة!..ضمت مئزر منامتها القصيرة ثم هدرت بـ تلعثم وخجل
-لأ بقولك إيه!..آآ..إحترم نفسك..عشـ..عشان أنا..زعلانة أصلًا...
تقدم منها ولا تزال عيناه تتفحصها بـ نفس الجُرأة ليقول وهو يُمسك معصمها يُقربها إليه
-لأ كدا عيب فـ حقي و واجب عليا أصالح القمر...
جاهدت لتُخفي إبتسامة خائنة ظهرت على شفتيها..فـ وضعت يدها على فاها..إبتسم شريف ما أن لمح تلك الإبتسامة الضعيفة ثم قال وهو يقترب بـ وجهه منها
-مش بقولك بحب اللون النبيتي عليكِ..لابساه عشاني مش كدا!
-أعادت خُصلة خلف أُذنها وقالت بـ إرتباك:لا أبدًا..أنا بس بحب اللون دا
-نظر إلى خُصلاتها الفحمية وقال:قولتلك مليون مرة متربطيش شعرك...
مدّ يده يُزيل المشبك لتنسدل خُصلاتها الطويلة والتي تصل إلى ما قبل خصرها بـ إنش..ثم تخللت أنفه خُصلاتها يشتمها بـ قوة ويده الأُخرى تتحرك بينه بـ حرية قائلًا بـ نبرة هائمة
-الكنز دا مُستحيل حد يشوفه غيري...
أمسك بعض الخُصلات وإبتعد عنها ثم رفعها إلى أنفه يشتمها وعيناه لا تحيد عن عينيها التي إتسعت بـ قوة غير مُصدقة لما يحدث..هتف وهو يُغمض عيناه
-فـ يوم سمحت لنفسي أسرق الكنز دا..لمدة دقايق..كنت زي الغريق وإتعلق فـ قشاية
-همست مروة بـ تحشرج:شريف!!!
-نظر إليها بـ عُمق ثم همس هو الآخر:فتنة شريف والله...
ثم مال إلى شفتيها يُقبلها بـ رقة مُغمضٍ لعيناه وكأنه يتذوق شفيتها ليبتعد عنها ويداه تتجه إلى طرفي المئزر لتُزيحه هامسًا بـ صوتٍ أجش
-محتاج أشوف اللي تحت الروب الجميل دا...
************************************
توجه جاسر إلى المركز التُجاري القريب من البناية التي يسكن بها..ثم إتجه إلى قسم الشيكولاتة ليبتاع لزوجته "النوتيلا"..جلب عدة عبوات منها الصغير والكبير غيرُ مُنتبه إلى تلك الأعين التي تتلصص عليه
ثم إتجه إلى قسم الأطفال..إبتاع منه ألعاب لأطفاله وبعض الثياب..كان ينتقيهم بـ شغف وحب كبيرين..وعيناه تلمع بـ حماس ومشاعر أبوية يصعب ألا يُلاحظها أحد
توجهت إحدى السيدات التي كانت تتلصص عليه ثم قالت بـ إبتسامة بها إعجاب كبير
-حضرتك هتكون أب مش كدا!
-إستدار إليها جاسر وبـ لهفة قال:أها...
نظرت السيدة إلى الثياب الصغيرة بـ يده ثم عادت تنظر إليه وقالت
-شكلك لسه مش عارفة ولد ولا بنت
-إبتسم وقال:لأ عارف..هما توأم ولد وبنت
-إلتمعت عينا السيدة وقالت بـ سعادة:ألف مبروك..أنا كمان أخويا مراته حامل وحبيت أشتريله حاجة
-ألف مبروك ربنا يقومها بـ السلامة
-مرسيه...
صمتت قليلًا ثم قالت وهى تبتسم بـ حرج
-أعذرني بس أنا كنت براقبك من أول أما دخلت المول
-عقد جاسر حاجبيه وقال بـ دهشة:تراقبيني أنا!
-أومأت بـ رأسها وأردفت:اللي ينزل بـ هدوم البيت ويدور على النوتيلا لمراته اللي شكلها بتتوحم عليها و باين فـ عنيه الحب..حتى حماسك وأنت بتجيب هدوم البيبي محدش يقدر ميلاحظهمش...
نظر جاسر إلى ثيابه فـ وجد أنه يرتدي بنطال بيتي أسود وكنزة قطنية بيضاء ذات فتحة عنق مُثلثية..ولكن حديث سيدة عن حبه الواضح لم يستوقفه بل إبتسم بـ شرود وقال
-لما تلاقي حد بيسحبك من هوة سودا لنور أبيض ويستحمل منك اللي مفيش بشر يقدر يستحمله..يبقى أكيد عيني مش هتقدر تداري الحب دا..دا لو يُصنف تحت بند حب...
توجه إلى العامل ليقوم بـ دفع ثمن المشتروات ثم أكمل حديثه وهو ينظر إلى السيدة التي كانت تبتسم
-دا مش حب..دا شغف وإحتلال..هي إحتلتني كلي..مش قلبي بس
-مالت بـ رأسها إلى الجانب وقالت:على فكرة إبقى إفتح السوشيال ميديا وشوف أنت قالبها إزاي
-اشار إلى نفسه وقال بـ صدمة:أنا!!!
-أومأت بـ رأسها وقالت:أها..حتى مكتوب "الرجل الذي جثى أمام إمرأته"..دا غير الشخص اللي ضربته عشان قرب لمراتك...
ضحكت السيدة وقالت بـ مُزاح
-إبقى إرقي نفسك ومراتك..عيون الناس بقت وحشة جدًا..وعلى فكرة أنا بحترم الرجالة اللي مبتتكسفش تظهر حبها فـ أي وقت..لأن مش كل الرجالة ليها القدرة على كدا...
أخذ جاسر المشتروات وعقله يُفكر فيما قالته السيدة فـ يبتسم..كاد أن يصعد إلى البناية ولكن أوقفه صوتً غريب
-أنت رايح فين يا جدع أنت!!...
إلتفت جاسر إلى مصدر الصوت ليجده رجل يبدو بـ عقده الخامس..يتفحصه بـ نظرات متوجسه ليرفع حاجبيه ويتساءل
-أنا المفروض اللي أسأل يا كابتن..أنت اللي مين!
-تقدم الرجل منه وقال:متردش عليا سؤال بـ سؤال..أني اللي سألت الأول
-عض جاسر على شفاه السُفلى وقال:يا صبر أيوب..أنت بواب جديد مش كدا!
-إبتسم البواب بـ جذل وقال:أيوة يا بيه..أنا شادي البواب الجديد
-هتف جاسر بـ إستنكار:إيه!إيه!..شادي إزاي؟
-عقد شادي حاجبيه وقال:شادي إزاي يعني!..أبويا سماني شادي
-هتف جاسر بـ تهكم:ما هو مكنش يعرف إنك هتبقى بواب...
نظر جاسر إلى رجلٌا أخر يقوم بـ نثر الماء أمام البناية ليتساءل وهو يُشير إلى الآخر
-ودا مين دا كمان!!
-إبتسم شادي ثم قال وهو يُشير إلى الرجل:دا!..دا حمادة الصبي بتاعي
-عقد جاسر حاجبيه وتساءل:حمادة دا اسمه الطبيعي!
-رفع شادي حاجبيه وقال:أيوة يا باشا..أبوه سماه حمادة...
أومأ جاسر بـ رأسه ثم إستدار ليصعد إلا أن صوت الآخر أوقفه
-بس حضرتك مقولتليش..أنت مين!
-رد جاسر بـ تجهم:أنا جاسر الصياد..ساكن معاكوا فـ الدور السابع
-جاسر باشا..البواب القديم موصيني عليك يا باشا..تؤمرني بـ حاجة!
-لا يا أخ شادي..دا أنا أتكسف أأمرك بـ حاجة...
ثم صعد إلى الطابق الخاص به ودلف إلى المنزل..وضع المشتروات بـ تجهم..لتخرج روجيدا من الغُرفة لتجد جاسر مُتجهم الوجه فـ سألته وهى عاقدة لحاجبيها
-مالك يا جاسر في إيه!
-نظر إليها وقال بـ تهكم:أنا لازم أغير اسمي لـ ميشو عشان يمشي مع stuff البوابين الجُداد...
ضحكت روجيدا بـ قوة ثم قالت وهى تُقلب الحاجيات
-ميشو ليه يعني!!
-البواب اسمه شادي والصبي اسمه حمادة..أكيد مراته اسمها سحر...
وضعت روجيدا يدها على فاها تضحك بـ قوة ثم قالت وهي تُحاوط عنقه بـ دلال
-بس أنا عاجبني جاسر أوي..شادي دا مش حلو
-إبتسم جاسر وقال بـ خبث:حتى شادي توتو أوي..إنما إحنا خلينا فـ جاسر والشيكولاتة
-نظرت إلى الحقيبة البلاستيكية وقالت:وأنت جايب كتير أوي!
-غمزها بـ وقاحة قائلًا:عشان محرمكيش من حاجة..والعبد لله يستفيد برضو...
ضحكت بـ قوة وهى تُعانقه ليميل إليها ويُقبل وجنتها بـ عُمق
************************************
بـ المساء كانا قد وصلا إلى القصر..ربت جاسر بـ يده على يد روجيدت وتساءل بـ حنو
-بقيتي كويسة يا حبيبتي!
-أومأت بـ رأسها وقالت:أنت عارف يا جاسر إني أكلت شيكولاتة كتير وكان لازم أتعب
-لثم كفها وقال:ولا يهمك يا حبيبتي..أهم حاجة إنك كلتي اللي نفسك فيه..يلا ننزل...
هبطا من السيارة ليُحاوط منكبيها ثم قال بـ إبتسامة
-أظن سمعتي الدكتورة..بلاش حركة كتير عشان الحمل مُتعب
-نظرت إليه وقالت:طلع بنت و ولد زي ما قولت
-ضحك وقال بـ مُزاح:عشان تعرفي إني مكشوف عني الحجاب
-ردت عليه بـ نفس النبرة المازحة:بركاتك يا سيدنا الشيخ...
ضحك جاسر مرةً أخرى ثم لثم جانب عينها وإتجه إلى الداخل
-اللي فضحنا فـ كل حتة...
إستدار كُلًا من جاسر وروجيدا على الصوت الذي صدح من خلفهما ليجدا بسنت وصابر قد عادا من شهر عسلهما..إندفعت بسنت إلى روجيدا وقالت بـ صدق
-وحشتيني يا حبي
-ربتت على ظهرها وقالت:وأنتي أكتر يا بوسي..أهم حاجة أتبسطي!
-همست بـ إبتسامة:أنتي بتسألي!.طب دا صابر لو طال يجبلي حتة من السما مش هيتأخر
-إبن حلال صابر...
وعلى الجانب الآخر عانق جاسر صديقه وقال بـ سعادة
-حمد لله ع السلامة يا عريس
-ربت صابر على ظهره وقال:الله يسلمك يا جاسر...
إبتعدا عن بعضها ثم قال صابر بـ مُزاح
-مترحش حفلة إلا وتخربها..فضايحك مالية الجرايد..ولا العاشق اللي جثى أمام إمرأته..إيه دا يا عم!!
-قست ملامح جاسر وقال:بلاش نتكلم فـ الموضوع دا يا صابر دلوقتي
-توجس صابر وقال:خير يا بني!
-بعدين..بعدين عشان روجيدا بس...
أومأ صابر بـ تفهم ليتجها ويجلسا على الأريكة..ركضت الصغيرة بـ أحضان والدها ثم قالت بـ حزن
-أنت ومامي ليه مش جيتوا إمبارح؟
-قَبّل وجنتها وقال:مكنش ينفع أرجع بالليل متأخر وأنا سايق..ينفع يعني أبقى تعبان وأسوق!!
-حركت رأسها نافية وقالت:لأ مش ينفع..خلاص مش زعلانة يا بابتي
-حبيبة قلب بابي...
نظرت الصغيرة إلى والدتها ثم قالت وهي تُشير إلى بطنها المُنتفخ
-أخواتي هيجوا أمتى بقى!
-إبتسمت روجيدا وقالت:قُريب يا حبيبتي إن شاء الله...
نظرت فاطمة إلى جاسر وتشدقت
-روحتوا لدكتور يا جاسر!..أنت قولت إن روجيدا تعبانة!
-أيوة يا أمي..روحنا والحمد لله الأمور تمام..هي بس بتستفرغ الأيام دي كتير وأحنا مش هنكون معاها طول الوقت وهي بتتعب بعدها ومبتقدرش تتحرك...
ربتت على ساقه ثم قالت بـ إبتسامة
-الحمل فـ الفترة دي بيكون مُتعب خاصةً لو توأم
-وضع جاسر يده بـ خصره ثم قال بـ تنهيدة:طب أنا هجيب حد يساعدها...
قفزت بسنت بـ حماس ثم قالت وهى تُصفق
-خلاص هساعدها أنا...
لتقفز جُلنار هى الأُخرى قائلة بـ حماس يوازي حماس بسنت
-وأنا كمان هساعد خالتو ومامي
-تشدق جاسر بـ تهكم وهو يُشير إلى بسنت ثم جُلنار:وإتلم المتعوس على خائب الرجا...
نظرت إليه بسنت بـ ضيق وقالت بـ إمتعاض
-متدخلش أنت وهتكون كل حاجة كويسة
-ضيق جاسر عيناه وقال:وأنتي لسه راجعة من شهر العسل..إيه اللي جابك علينا زي القضى!
-عانقت روجيدا وقالت:أختي وحشتني...
أشهرت سبابتها بـ وجهه وقالت بـ صرامة
-وخد بالك أنا هفضل هنا لحد اما تولد..هقعد على قلبك يا جاسر يا صياد
-حرك يده بـ الهواء وقال:قلبي مش مستحمل ياختي
-حركت منكبيها بـ فتور قائلة:مليش دعوة..أنا قولت اللي عندي...
نظر إليها جاسر شزرًا ولم يرد..بل ربت على مكنب جُلنار وقال بـ تجهم
-يلا يا جُلنار أطلعي نامي ومتقعديش مع خالتو بسنت عشان بتاكل العيال الصُغيرة
-ضحكت جُلنار وقالت:لا يا بابي..خالتو بسنت طيبة مش بتعمل حاجة...
نظرت إليه بسنت بـ إنتصار..ليقول جاسر بـ عصبية
-بت أنا أبوكي واسمعي الكلام..خشي نامي الوقت إتأخر
-زمت شفتيها وقالت:طيب..تصبح على خير يا بابي...
ثم قَبّلت وجنته وقفزت عن الأريكة..إتجهت إلى روجيدا وبسنت وفعلت المثل..ثم إتجهت إلى فاطمة التي أخذتها إلى غُرفتها
************************************
في صباح اليوم التالي
كان جاسر يقُص على صابر ما حدث يوم الحفلة..إتسعت عينا صابر وهو يقول بـ صدمة
-هي العيلة دي شر مكانًا على الأرض!
-قولي بس أعمل معاهم إيه أكتر من كدا!..قولت إن سليمان الزفت دا هيتعظ من اللي حصل بس طلع **** منه
-طب هتعمل إيه!
-على يدك..هروح لحد من معارفي فـ أمن الدولة يتصرف..بعد اللوا يُسري أما توفى..وأنا مش عارف أتعامل مع حد منهم هناك...
زم صابر شفتيه وقال بعد تفكير
-طب دا هيتمسك بـ تُهمة إيه!
-أكيد مش هيختلف عن عيلة تاريخها مُشرف فـ تجارة السلاح...
صف جاسر السيارة بعدما وصلا إلى وجهتهما..صعد إلى تلك البناية ثم طرق باب أحد الشُقق ليفتح له الباب رجُلٌا وقور..إبتسم جاسر وقال بـ حبور
-رفعت باشا..إزيك!!
-تقدم رفعت وقال بـ إبتسامة:جاسر باشا الصياد..إتفضل كنت مستنيك...
دلف كُلًا من صابر وجاسر إلى المنزل ليُشير إليهما رفعت إلى غُرفة الصالون..جلسا وبعد دقائق وضعت أمامهم فتاة ذات عينان زيتونية كؤوس الشاي وبعض الكعك ثم رحلت
تنحنح جاسر وقال بـ هدوء ظاهري
-كُنت جاي لحضرتك فـ موضوع
-رد عليه رفعت:أيوة عارف..اللوا سعد كلمني وحكالي كل حاجة..بس أنا مش اللي معني بـ الموضوع
-عقد جاسر حاجبيه وقال:أومال مين!
-إبني
-ابن حضرتك!!
-أومأ رفعت بـ تأكيد وقال:أنا إتقاعدت من ستة تقريبًا بس إبني يقدر يساعدك..ثواني هديله خبر عشان هو عنده شُغل
-أخذ جاسر نفسًا عميق وقال:إتفضل...
نهض رفعت ودلف إلى أحدى الغُرف..دقائق وعاد ومعه شخص قوي البنية جاد الملامح وبـ نفس الوقت هادئة وقورة..عيناه بُنيتان ولكنها تستطيع سبر أغوار من أمامها
تقدم ذلك الشخص منهما وقال بـ إبتسامة
-إزيك يا جاسر بيه!..إتفضل
-مُتشكر...
جلس الجميع ليبدأ ذلك الهادئ الحديث
-الأول أعرفك بـ نفسي..أنا يونس أبو شادي..ظابط فـ المُخابرات بـ رتبة عقيد
-أهلًا وسهلًا
-أومأ يونس بـ رأسه وقال:أنا والدي حكالي على كل حاجة..بس ممكن أفهم أنا دوري إيه!..حضرتك هو مفيش أي تُهمة عليه
-حك جاسر جبهته وقال:بس تاريخ العيلة مش مُشرف
-أشار يونس بـ يده وقال:ودي نقطة أقدر أبدأ منها..بس محتاج الاسم عشان اقدر أبدأ منه
-اسمه "سليمان سليم الهواري"...
دون يونس الاسم بـ أحد الأوراق ثم قال وهو ينظر إلى جاسر
-تمام..بس أنا هحتاج شوية وقت عشان كل اللي هعمله بعيد عن مهمات رسمية..إلا لما يكون معايا دليل كافي
-أنا مش عاوز غير إني أعرف هو فين وأنا هكمل الباقي...
صمت يونس قليلًا وقد بدأ يستوعب أن جاسر لا يريد سوى التعامل مع الأمر بـ بدائية وبـ طريقة غير قانونية..شابك يونس أصابعه وقال
-جاسر بيه..مش كل حاجة هتمشي بـ الدراع..أنا مقدر موقفك ومقدر كل اللي قدمته قبل كدا..أنا عارف دور حضرتك فـ إحباط عمليات كتير بـ خصوص تجارة السلاح اللي فـ صعيد..والحكومة اللي شبه إدتك حصانة عشان تتصرف بـ إريحيه لكونك أسرع تحرك منهم وسريع البديهة..بس مش كل مرة هتسلم الجرة
-حك جاسر فكه بـ غضب وقال:نهايته!
-إبتسم يونس بـ نفس الهدوء وقال:سبني أنا أتعامل مع الموضوع..كل اللي عليك زودني بـ معلومات وأنا هجبلك حقك تالت ومتلت..وصدقني هخليك تتشفى فيه..بس بلاش شُغل الخارجين عن القانون دا...
نظر إليه جاسر مُطولًا..نظرة جعلت يونس يتيقن أن جاسر الصياد ليس مِن مَنْ يستسلمون بـ تلك السهولة..لينهض جاسر وهو يقول بـ جفاء
-متشكر يا حضرة العقيد..تعبتك معايا
-نهض يونس يُصافحه وقال:ولا يهمك..أنا فـ الخدمة..أتمنى بس حضرتك تسمع كلامي
-تشدق جاسر بـ سخرية:طبعًا..بعد إذنكوا...
توجه جاسر إلى باب المنزل ومعه صابر ليخرجا..ما أن خرجا حتى سأل رفعت إبنه قائلًا
-أنت إيه رأيك!
-إبتسم يونس وقال:جاسر الصياد مش سهل..ولا هيسيب الموضوع..عشان كدا أنا لازم أتحرك..سليمان دا تعبنا عما وصلناله...
بـ الأسفل
صعد جاسر السيارة وبـ جانبه صابر الذي تساءل
-ناوي على إيه!!..هتسيبه فعلًا للظابط دا!
-أدار جاسر المُحرك ثم قال بـ قتامة:وأنا من أمتى بسيب حقي...
***********************************
بعد مرور خمسةً وأربعون يوم
كان الجميع يجلس على طاولة الطعام حتى صرخت نادين فجأة تقول بـ هلع جعلت سامح يسعل الطعام من فمه
-إلحقني يا سامح أنا بولد
-تولدي إزاي!
-صرخت بـ حدة:زي أي واحدة بتولد..وديني المُستشفى هولد على نفسي...
نهضت روجيدا وفاطمة يُمسكان بـ يدها..أما بسنت فـ قد نهضت تحتضن الصغيرة
نهض جاسر يقول لسامح الجالس بـ صدمة
-قوم فز يا مُتخلف..أنت لسه هتتصدم
-هتف سامح بـ صدمة:مراتي بتولد!
-تشدق جاسر بـ سخرية:مبروك يا راجل..أنا فكرتها حامل...
إنتفض سامح فجأة ثم نهض وركض إلى باب القصر هاتفًا
-نادين بتولد
-ضرب جاسر جبهته ثم صرخ بـ يأس:خد يا بني نسيت مراتك...
عاد سامح وهو يضري جبهته..ثم حمل زوجته التي صرخت به بـ إنفعال
-منك لله..هتموتني قبل أما أولد
-هتف بـ توتر:بعد الشر عليكِ يا حبيبتي ثواني وهنكون فـ المستشفى...
وضعها بـ الأريكة الخلفية..صعد سامح جانبها وعلى الناحية الأُخرى والدته..بـ الأمام جاسر وروجيدا..وخلفهم بـ سيارة أُخرى
تشدق سامح وهو يضغط على كف نادين
-حد يبلغ حمايا
-ردت عليه روجيدا:صابر وبسنت رايحين يجيبوهم...
أومأ سامح بـ رأسه ثم مال على جبهة نادين التي تصرخ ليقول بـ توتر
-خلاص يا حبيبتي..هانت...
أومأت بـ رأسها وهي تبكي مُتألمة
كان الجميع يقف أمام الغُرفة التي دلفتها نادين وسامح بـ توتر..يسمعوا صوت صراخ نادين..كانت آمال تبكي وهي تتضرع إلى الله..حتى سمعو بعد مدة طويلة صوت بُكاء..تنفس الجميع بـ راحة وبدأت التهنئات
خرج سامح وعلى وجهه إبتسامة يرفع إبهامه في علامة توحي بـ أن كل شئٍ على ما يُرام ثم قال بـ حبور وعبرات سعادة تذرفها عيناه
-اليوم يشهد ميلاد إيلاف سامح الصياد...