رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الرابع (أدمنتك) الفصل السابع 7 والاخير بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الرابع (أدمنتك) الفصل السابع والاخير 

سأضحي من أجلك ولحماية الشيء الجميل الذي بيننا، حتى يتوقف قلبك عن الخفقان...

الجميع يجلس بـ المشفى بـ الغُرفة الخاصة بـ نادين والإهتمام ينصب فقط على الوالدة والطفلة الملائكية..كان سامح شغوف بها كثيرًا لا ينفك يحملها ويُغني بها..تبكي فـ يحملها ولا يسمح لأحد أن يمسها..حتى إنفجرت آمال قائلة بـ ضحك

-يا حبيبي مينفعش تفضل شايلها كدا..أكيد محتاجة مامتها تأكلها أو تغيرلها..مش كل عياط نوم
-غمغم بـ ضيق:بس يا حماتي
-ضحكت قائلة:مبسش يا حبيبي..سيبها شوية لأمها...

أومأ لها بـ موافقة ثم أعطاها إلى نادين على مضض..ولكن كُل ذلك تلاشى ما أن لمح عيناها تدمعان بـ عاطفة أمومية جعلته يجلس بـ جوارها يُقبل جبينها بـ حنو هامسًا

-إيلاف..بنت سامح ونادين..ربنا يخليها لينا 
-إستندت على صدره وقالت:أمين يا حبيبي...

وبعد مرور أربعة عشر يومًا..إستقرت أوضاع نادين وسامح الذي لم يقبل بـ إقامة حفل "السبوع" بل أخرج العديد من المبالغ المالية يتصدق بها هاتفًا بـ والدته التي إعترضت

-الفلوس دي الناس أولى بيها..بدل أما أصرف حبة فلوس عشان الناس تيجي تتفرج على بنتي..لأ دا أنا أكسب بيهم ثواب أحسن...

ولم تجرؤ فاطمة على الإعتراض..بل إبتهجت بـ والدها الصغير..وزوجته تلك التي أصبحت مُدللة العائلة من صغيرها إلى كبيرها حتى جُلنار تلك الصغيرة التي لا تترك نادين مُطلقًا..فـ هي تُداعب الصغيرة بـ إنبهار طفولي رائع ولم يستطع جاسر كبحها فـ تركها  تلهو بعيدًا عنه وعن زوجته

***********************************

وبـ غُرفتهم كانت روجيدا تجلس على الفراش وجاسر يجلس على أحد المقاعد يُنهي بعض الأعمال لتقول زوجته بـ إبتسامة

-مش كفاية شُغل بقى يا جاسر..هتتعب
-رد عليها دون أن ينظر إليها:سامح لسه منزلش الشُغل..والحمل تقل عليا أنا وصابر...

نهضت روجيدا على مهل و توجهت إليه..أبعدت حاسوبه المحمول و وضعته على الطاولة أمامهم..ثم جلست على ذراع المقعد وقالت وهي تُداعب ذقنه الغير حليقة

-برضو كفاية..أصلًا أنت وحشتني
-حاوط خصرها وقال بـ عبث:قولي بقى دا أشتياق
-حركت كتفيها بـ دلال قائلة:ولو عندك مانع؟!
-قرص وجنتها مُتشدقًا:مانع بس إزاي!..دا أنا أما صدقت سربت جُلنار هانم..مبهورة أوي بـ إيلاف
-أومأت قائلة:ما شاء الله عليها..سامح متعلق بيها جدًا..ربنا يخليهاله يارب...

أمن على دُعاءها ثم وضع يده على بطنها الذي برز بـ شدة وقال

-و البهوات دول هيشرفوا أمتى إن شاء الله!!
-ربك يسهل..فاضلي شهر ونص لسه
-رد عليها بـ شوق:بصراحة مش قادر أستنى أكتر
-ضحكت قائلة بـ مُزاح:خلاص مد إيدك وهاتهم
-غمزها بـ عبث ثم أردف بـ نبرته اللعوب:أنا أه همد إيدي بس مش هجيبهم..أنا هعمل بيهم حاجة تانية...

عضت روجيدا على شفتيها بـ خجل ثم قالت بـ حنق وضيق

-قليل الأدب..قليل الأدب
-قرب رأسه منها وقال بـ مرح:وربك يعلم إني معدوم الأدب أصلًا...

حركت رأسها بـ يأس ولكنها لم تلبث أن تأوهت بـ خفوت ليضحك قائلًا وهو يتحسس ركلة صغيريه

-شوفتي ولادك بيأكدوا على كلام أبوهم...

ضحكت ولم ترد عليه بل وجدته يضع رأسه على بطنها ليستشعر تحركات الجنينين ثم هتف بـ صوتٍ أجش

-الضربة دي بحسها ضربة حياة ليا..مين كان يصدق إن جاسر الصياد يقع فـ عشق أجمل النساء لأ ويبقى أب لبنوتة لمضة وأتنين جايين فـ الطريق!...

رفع رأسه ينظر إليها ثم تساءل 

-تصدقي!!
-وضعت يدها على وجنته وقالت:ربنا لما بيقذف حب حد فـ قلبنا منقولش صدق أو متصدقش..دي تدابير من عند ربنا وحكمته...

أمسك يدها وقَبّلها ثم إرتفع إلى وجنتها هابطًا إلى عُنقها فـ أبعدته روجيدا هامسة

-خلاص بقى يا جاسر..والله تعبانة
-رد عليها بـ براءة طفل:هو أنا جيت ناحيتك دلوقتي..أنا بس بمسي عليكِ
-ومسيت!!
-رفع حاجبه وقال:لا والله لسه..أنا كان فـ خيالي حاجة تانية..خصوصًا إن ست الدكتورة مُشتقالي...

أمسكت يده تسحبه خلفها ليتجها إلى الفراش ثم قالت بـ سُخرية

-أنا قصدي إشتياق برئ مش زي اللي فـ دماغك
-ضحك بـ عبث قائلًا:والله كل واحد وإشتياقه...

تسطحا على الفراش ليجذبها إلى أحضانه يسير بـ أنامله بين خُصلاتها ثم همس بـ مرح

-بس طالما الكونتسة تعبانة..يبقى نقضيها أورديحي
-ضحكت ثم قالت:بيئة أوي يا جاسر
-لثم جفنها وقال:وماله..حتى ننوع عشان الروتين
-صدقني لو بقيت مُحترم هتكسر الروتين
-ضحك ثم قال بـعبث:لأ مينفعش صدقيني..دا حتى غلط على الأمن القومي...

صرخت بـ ألم وخجل وهي تستشعر يده تقرص خصرها لتجذب الغطاء عليهما هاتفة بـ حنق

-إقفل النور ونام يا جاسر..أنت جنبك مفيش أمان
-دثرها ثم همس بـ نبرته اللعوب:قصدك مفيش تربية...

************************************

-أستنى يا شريف...

هرولت مروة خلفه وهو يقف على باب المنزل ليقول على عجالة

-إتأخرت على الشُغل يا حبيبتي...

أمسكت يده ثم وضعت بها شطيرة صنعتها وقالت بـ حنو

-عشان كدا عملتلك الساندوتش دا تاكله وأنت رايح الشُغل
-قَبل كفها قائلًا:ربنا يخليكِ ليا
-ويخليك ليا...

وبـسرعة وضعت قُبلة على شفتيه ليبتسم بـ خبث هاتفًا قبل أن يرحل

-الموضوع دا هنتفاهم فيه لما نرجع
-دفعته هاتفة بـ خجل:يلا هتتأخر...

أمسك ذقنها ليرد لها القُبلة ثم همس 

-سلام يا قمر...

ضحكت مروة وهي تغلق الباب خلفه..فـ مُنذ أن عادا من شهر العسل وهي لم تشعر بـ أي فرق..شريف يُدللها..شريف يعشقها أكثر..شريف لم يتغير..شريف يغرق بها أكثر..تتذكر تلك المرة التي ترك بها عمله ثم عاد فقط لأنه إشتاقها وإشتاق عناقها الدافء

تنهدت بـ حب ثم بدأت أعمال المنزل الروتينية تُنظف ثم تُعِد الطعام وتنتظره..ليصلها رسالة يعتذر لها عن الحضور لإنشغاله بـ بعض الأعمال وأوصاها أن تأكل وألا تنتظره

زمت شفتيها بـ ضيق ولكنها ما لبثت أن قامت بـ وضع الطعام بـ عُلب بلاستيكية ثم صعدت وأبدلت ثيابها لتذهب إليه

كان مُنهمك بـ شدة بـ أعماله ولم ينتبه إليها..إستدارت حول المكتب ثم وضعت يدها على عيناه وهمست بـ دلال

-شريف!!!...

إنتفض عندما وُضعت يد على عيناه ولكن ما أن همست بـ صوتها الذي ملأه الدلال إبتسم بـ راحة وإشتياق لها ثم همس هو الآخر

-فتتة شريف...

أمسك يدها يجذبها أمامه ثم نهض وقَبّل كفيها مُتساءلًا

-جيتي ليه!
-حاوطت خصره بـ يدها الحُرة وقالت:خرجت من غير أما تفطر كويس وهتتأخر على الغدا..وبصراحة قلبي مطاوعنيش أسيبك...

نظر إلى العُلب البلاستيكية وتفوح منها رائحة شهية ليبتسم بـ إشراق هامسًا بـ نبرته العميقة

-أعمل إيه فيكِ بس!..أعمل إيه فـ حُبك دا!
-مالت بـ رأسها ثم قالت بـ إبتسامة:حبني
-حاوط خصرها جاذبًا إياها إليه وهمس:وهو أنا ينفع أعمل حاجة غير إني أحبك!...

وضعت يدها على صدره ليغمزها بـ عبث رادفًا

-صحيح في موضوع متأجل من الصُبح
-شهقت قائلة:شريف!!!
-زمجر شريف هاتفًا:فتنة شريف...

ثم هبط إلى شفتيها يُكمل الموضوع المُؤجل صباحًا..و ينوي أن يشرحه بـ أدق تفاصيله..دفعته مروة بـ ذعر ما أن وجدته يفقد سيطرته هامسة بـ خجل

-شريف..حد يدخل
-مسح على وجهه وقال بـ ضيق:طيب يلا ناكل عشان ما أكلكيش دلوقتي...

أومأت بـ خفوت ليجلس هو على الأريكة وجلبت هي الطعام..وضعته على الطاولة الصغيرة أمامهم شرعا بـ تناول الطعام تحت نظرات شريف التي تزداد عشقًا فوق عشق..تلك الجنية الصغيرة التي قذفها جاسر الصياد بـ طريقه فـ تعرقل قلبه بها وسقط بها..تحتويه دائمًا تُمثل له الدفء والتعقل..كلماتها كانت بسلم شافي لجميع مشاكله..لا يستطيع التخلي عنها فـ هي أضفت على حياته نكهة لم يكن ليتذوقها دونها

دارت كُل تلك الأفكار بـ رأسه ليجد نفسه يُحيط عُنقها فجأة يُقبلها بـ قوة وكأنها منبع تنفسه

***********************************

بعد مرور شهر وبـ مُنتصف الليل..إنتفض جاسر على صرخة روجيدا..لينظر إليها بـ فزع مُتساءلًا بـ تلعثم

-مـ..مالك!!
-صرخت بـ ألم:بولد
-وضع يديه على رأسه وهدر:تولدي إزاي!..لسه فاضل أسبوعين
-صرخت مرةً أُخرى:معرفش إتصرف..هولد على نفسي...

نهض سريعًا عن الفراش ليرتدي كنزة قُطنية ليُغمغم بـ إنفعال

-نفسي مرة تولدي فـ معادك زي باقي الخلق...

توجه إليه يحمل بـ يده سترة خاصة به وضعها على منامتها الرياضية و وضع الوشاح حول رأسها بـ عشوائية..ثم حملها بـ نفس الوقت الذي دلفت له والدته وسامح يتساءلان بـ ذُعر

-في إيه يا جاسر!!
-تحرك بها خطوتين يقول بـتوتر:روجيدا بـتولد...

أفسحا له المجال ليمر بها  و روجيدا تصرخ بـ ألم ليهمس جاسر بـ حنو

-إهدي يا حبيبتي..عشر دقايق وهنوصل..متخافيش...

أومأت بـ رأسها تدفن وجهها بـ عُنقه تعض على شفتيها ألمًا ليهدر جاسر

-إتنفسي يا روجيدا..إتنفسي يا حبيبتي
-صرخت:بتنفس..والله بتنفس...

كان قد وصل إلى السيارة..ليُسرع سامح ويفتحها فـ وضع روجيدا بـ المقعد الخلفي..قبل أن يلتفت إلى والدته قائلًا بسرعة

-جيبي جُلنار وهدوم لروجيدا
-أومأت قائلة:طيب يا حبيبي..روح أنت...

كان سامح قد أدار المُحرك ليصعد جاسر بـ جانب زوجته يُمسك كفها بين يديه يُهدأها

دقائق من قيادة مُتهورة كانوا قد وصلو إلى المشفى..حمل جاسر روجيدا ثم صعد بها إلى الأعلى..كان قد إتفق مع طبيبة بـ المشفى من أجل زوجته

وضعها على أحد المقاعد ليربت على رأسها قائلًا

-هجيب الدكتورة وأجي...

بـ الرغم من تأخر الوقت ولكن جاسر قد هاتف الطبيبة التي حضرت ثم أشارت سريعًا إلى أحد الغُرف..سألته الطبيبة 

-تحب تتدخل مع المدام ولا تستنى هنا!!...

نظرة سريعة إلى زوجته التي تعاونها المُمرضة على تبديل الثياب وتألمها الواضح ليقول بـ إصرار

-مش هسيب مراتي...

أومأت الطبيبة بـ تفهم ثم أشارت إليه بـ الدلوف ليرتدي هو الآخر زي مُناسب..أمسك يد زوجته التي تفحصها الطبيبة رادفة بـ عملية

-الماية نزلت..مستعدة يا مدام!!...

نظرت إلى روجيدا التي أومأت بـ هستيرية فـ ربت جاسر على خُصلاتها التي إلتصقت بـ جبينها لتقول الطبيبة

-تمام..يلا يا مدام خليكِ معايا...

بدأت روجيدا بـ تتبع تعليمات الطبيبة لتصرخ بـ ألم..فـ همس جاسر بـ قلق

-إجمدي يا روجيدا..هانت يا حبيبتي
-صرخت روجيدا قائلة:منك لله يا جاسر..أجمد إيه!..بكرة تبقى مكاني...

ترك يدها ثم إبتعد عنها بـ دهشة وحنق ليهدر

-مكانك إيه !..أنا مقدر اللي أنتِ فيه..لكن متوصلش لدرجادي...

صرخت روجيدا مرةً أُخرى بـ ألم ليعود سريعًا ويُمسك يدها..دقائق وسمعا صرخات الرضيع..سلمت الطبيبة الطفل إلى المُمرضة لتقول بـ إبتسامة

-مبروك..الأول الولد...

قَبّل جبينها وقد أدمعت عيناه ليقول بـ خفوت

-جواد وصل..شدي حيلك عشام چيلان...

أومأت بـ بُكاء..قبل أن تصرخ بـ ألم تتحمل قدوم الصغيرة الأُخرى..وبعد دقائق عديدة..بُكاء الرضيعة أنبأتهم بـ وصول الطفلة

أرجعت رأسها إلى الفراش..ليُقبل جاسر جبينها المُتعرق هامسًا بـنبرةٍ مُتحشرجة

-حمد لله على السلامة...

إبتسمت روجيدا بـ وهن ثم قالت

-عاوزة أشوف ولادي
-عاد يُقبل جبينها ثم قال:حاضر...

تقدمت منه المُمرضة تضع الصغير جواد بين يديه ثم الصغيرة چيلان بين يدي والدتها..كانت روجيدا تبكي وتضحك بـ آنٍ واحد

هبط جاسر يُقبل صغيريه..ثم أذن بـ أُذنيهما ليهمس بـ نبرة تحمل عواصف من الأبوة

-جُلنار جاسر الصياد..أول فرحتي
جواد جاسر الصياد..سندي الأول
چيلان جاسر الصياد..مُدللتي الصُغيرة...

************************************

عدل صابر من وضعية قميصه ثم هدر لكي يصل صوته إلى بسنت بـ الأعلى

-يلا يا بسبوسة..هنتأخر على أُختك...

ثم توجه بعدها إلى الطاولة يجذب مفاتيحه وينتظر بسنت والتي هبطت الدرج على مهل وتعلو وجهها إبتسامة غامضة ، غريبة ، ولكنها تحمل معنى لم يفهمه أو رُبما فهمه ولكنه يحتاج إلى تأكيد..إبتلع ريقه بـ صعوبة وهمس بـ صوتٍ يكاد يُسمع

-مالك بتبصيلي كدا ليه!!...

وضعت كِلا كفيها خلف ظهره وظلت تتحرك بـ جزعها العلوي يمينًا ويسارًا وتلك الإبتسامة تتسع وتُصبح أكثر إشراقًا..تقدم منها بـ هدوء وقال

-بسنت!!!..عشان خاطري قوليلي في إيه!...

جذبت يده و وضعتها على بطنها ثم همست بـ سعادة وعينان تطفرات منها العبرات

-مبروووك يا حبيبي..شيلالك أمانة جوايا
-إتسعت عيناه بـ قوة وهمس بـ عدم تصديق:يعني..أنتِ..حـ..حامل..وأنا آآ..أنا هبقى أب!!...

أومأت بـ رأسها وهي تعض على شِفاها السُفلى..ليصرخ صابر بـ حماس قبل أن يرفعها بين يديه ويدور بها بـ قوة ثم صرخ مرةً أُخرى مُتشدقًا

-هيبقى عندي تلات بنات أخيرًا
-رددت بـ ذهول:تلاتة!!!...

أومأ وهو يُنزلها..ليمُسك كفها ثم أخذ يُعدد على أصابعها الصغيرة

-نور..وأنتِ..قُرة عيني اللي هتيجي فـ الطريق
-إبتسمت بـ دفء قائلة:مبروك يا أبو البنات
-طب أنتِ عرفتي إزاي!
-سردت عليه بـ هدوء:شكيت من فترة و روحت عملت تحليل والدكتورة كلمتني وقالتلي إني حامل فـ الأسبوع السادس
-لثم جبينها وما بين عينيها ثم تشدق:ربنا يتممه على خير يارب..وتقوملنا بـ السلامة...

قَبّلت وجنته ثم أردفت بـ إبتسامة

-يلا عشان روجيدا..وكمان نلحق نزف الخبر...

أمسك كفها وهو يبتسم بـ حنو وإتجها إلى الخارج

***********************************

بعد أن رحل الجميع وزفت بسنت إليهم خبر حملها حتى صاح الجميع بـ سعادة..ولكنهم رحلوا سريعًا وكان أولهم بسنت وصابر الذي تحجج قائلًا

-هنروح نحتفل بقى..مبروك يا جاسر...

ثم سحب خلفه بسنت خلفه سريعًا قبل أن يعترض أحدهم..وبعدها بـ قليل رحل الباقيين لكي تحصل روجيدا على قدرٍ كبير من الراحة قبل أن ترحل مساءًا تاركين جُلنار بناءًا على رغبتها فـ هي لم تُبرُح مكانها أمام مهدي الصغيرين..وتُراقبهم بـ إنبهار أثارت ضحك والديها

طلب جاسر بعد رحيل الجميع من روجيدا أن تنال بعض الراحة وتنام قليلًا..وإمتلثت لما طلب فقد بلغ منها التعب عقب ليلة طويلة من بُكاء الصغيرين حتى فجر اليوم..لينعما بـ قسط صغير من الراحة قبل أن يأتي الأقارب من أجل التهنئة

ساعتان وإستيقظت روجيدا على همهمات تأتي من جانب المهدين..فتحت عينيها لتُحدق بـ جاسر الجاثي أمام طفليه وبـ جانبه طفلتهما التي هتفت بـ براءة

-هما مش هيصحوا يا بابي!!..بقالهم كتير ناييمن..عاوزاهم يفتحوا عنينيهم بقى
-رد عليها جاسر:سبيهم يناموا يا حبيبتي
-ضربت جُلنار الأرض بـ قدمها هاتفة بـ حنق:أنا عاوزة أشوف عنينيهم..بص أنا هفتحها...

وينساق جاسر وراء طفلته فـ هو مُتشوق لرؤية عينيهما كما فعل مع جُلنار التي مدت إصبعيها الصغيرين تنوي فتح جفن چيلان الصغيرة عنوة لتصرخ روجيدا بـ هلع 

-جُلنار..جاسر...

إلتفتا إليها بـ أعين بريئة كـ جراء صغيرة..لتُغمض جفنيها بـ يأس فـ هتفت الصغيرة
عاوزة أشوف عنينيهم يا مامي-
ربتت على خُصلاتها ثم قالت وهي تنظر إلى جاسر:لما يصحوا يا-
روحي مينفعش تصحيهم...

أومأت الصغيرة بـ تفهم وعادت بـ نظرها إلى الطفلين وبقت تُحدق بهما لينهض جاسر ويتجه إليها ثم تساءل

-نمتي كويس!
-ضيقت عيناها وهدرت:دي مش أول مرة..يعني جُلنار طفلة وقولنا ماشي..أنت إيه؟!
-حاوط خصرها ثم همس وشفتيه تتلمس صدغها:أب مُشتاق يعرف مين منهم شايل لون عينك
-إبتسمت وقالت:ومين منهم شايل لون عينك...

طبع قُبلة عميقة قبل أن يبتعد عن صدغها لينظر إلى فيروزها الصافي ثم أكمل

-العسلي سهل أي حد يكون لون عينه..أما الفيروز!!..دا حجر نادر
-قَبّلت جفنيه وقالت:ومش كل اللي عنيهم عسلي..فيهم دفى الشمس اللي فـ عنيك...

نظر إليها بـ عسليتين تتوهجان كـ الشمس قبل أن يهبط إلى شفتيها الوردية يقتنص منها نكهة الفراولة بـ عمق وشغف.وكأنه يتذوق حلاوة شفتين غربتين عنه ولم تكن تلك التي يتقنص منها ما يشاء قبلًا

حاولت روجيدا إبعاده ولكنه أحكم يده عليها يرفض إبتعادها عنه وكأن حياته ستفنى ما أن يبتعد..خوفه لحظة ميلاد الطفلين من ذلك السُليمان الذي ظهر فجأة وإختفى فجأة ولم يعثر عليه مُطلقًا تضاعف..لا يعلم متى سيضربه وأين ستكون الضربة أو بـ الأحرى مَن!..وتلك القُبلة تُعطيه شجاعة وقدرة خارقة على المقاومة..لم يدري كيف إبتعد عنها قبلًا..أو من أين إستمد قوته وهي مصدر قوته بل تلك القُبلة

وأخيرًا إبتعد على مضض خوفًا أن تراهما الصغيرة جُلنار..وضع جبهته على جبهتها ثم همس بـ صوتٍ أجش

-عشان أقدر أواصل..فرحتي وسعادتي دلوقتي متتقارنش بـ أي سعادة..زي شغف ولادة جُلنار ودفى حضن التوأم..عيلتنا دي كنز هحاول أحافظ عليه بـ قلبي ومفتاحه أنتِ..أنتِ وبس يا ذات العينين الفيروزيتين...

***********************************

بعد مرور ستة أشهر

كان جاسر عائدًا من عمله ليصعد أولًا إلى غُرفة صغيريه ليطمأن عليهما وليته لم يصعد فـ ما أن فتح باب الغُرفة التي أعدها لهما حتى وقف مصعوقًا وهو يرى جُلنار تعقد وشاحًا حول خصرها الذي يتحرك يمينًا ويسارًا بـ الإضافة إلى حركات يديها التي إن كانت تدل فـ هي لا تدل سوى أنها تؤدي رقصة شرقية

صك صدره كـ النسوة ثم تقدم منها وهو يهدر بـ غضب

-جُلنار!!!...

إلتفتت الصغيرة إليه بـ إبتسامة بريئة كادت أن تُصيبة بـ ذبحة صدرية..أغلقت المُسجل الذي تنطلق منه الأغنية الشعبية..ثم ردت عليه بـ براءة

-أيوة بابي!
-هدر جاسر بـ حدة وهو يضرب كفيه بـ بعضهما:بابي إيه ونيلة إيه!..أنتِ خلتيها خل يا بنت الصياد
-عقدت جُلنار حاجبيها وتساءلت:مالك يا بابي!!...

قبض على عُنقها من الخلف ثم رفعها إلى مستوى وجهه ليُضيق عيناه هامسًا بـ حدة

-بتعملي إيه يا بنت الأكابر!..بترقصي بلدي!
-حركت الصغيرة قدميها بـ عشوائية ثم هتفت بـ حنق:نزلني يا بابي..نزلني !!!
-أنزلك!!..وإيه الأغنية اللي ملهاش ملامح اللي بتسمعيها دي!...

ظلت الصغيرة تتلوى ولكنه أكمل وهو يضم قبضته أمام وجهها

-إديني رمضان!!..وبعد أما يديكِ رمضان!..هتعملي بيه إيه؟!...

وضع يده على صدره وقال بـ قهر

-ااااه منك لله هتموتيني بدري..أنا عارف والله إن الإنحراف دا هواية مش چينات والله
-زمجرت جُلنار:نزلني بقى..إشمعنى سايب مامي وجايلي أنا!!
-همس بـ خفوت خطير وهو يقربها منه:سايب مامي إزاي!
-عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بـ حنق:مامي تحت فـ المطبخ مع طنط كريمة وماما بسمة بيرقصوا
-صرخ بـ حدة:يا عيلة عاوزة الولعة...

وضع الصغيرة أرضًا ثم أشار بـ سبابته بـ تحذير 

-إياكِ وكمان مرة إياكِ أشوفك بتعملي المسخرة دي..ومامي أنا ليا حساب معاها...

ثم تحرك خارج مُحيط الغُرفة بعدما إطمأن على التوأمين ليهبط الدرج بسرعة وهو يتوعد لـ روجيدا

وصل إلى المطبخ لتتسع عيناه بـ صدمة لا تقل عن صدمته بـ إبنته وإن كانت تلك كـ صاعقة..فـ روجيدا وإن كانت خرقاء قليلًا بـ تحركاتها إلا أن إعوجاج خصرها الفاتن يُذكره بـ إعوجاجه يوم إخطتفها من زفافها..وحركات جزعها العلوي المُتناغمة مع لحن أُغنية محمد مُنير والمقطع يصف ما يُشاهده بـ إنشداه

"خضارك زي جنينة وطارحت تينات"
"عودك في مشيته عامله مُنحنيات"
"عضامك لينات لاجيين على التنيات..تنية وإتنين ، تلاتة وأربع خمس تنيات"
"يا أُم عُجدين دهب تلاتة وتلاتين طارة"
"ما عينًا رأت ما وردت على بكّارة"
"يوم طلت علينا..الكل وجعه سكّارة"
"سجطت فـ الحليب ما بيّنة له عكارة"

وحين خارت عزيمته على المقاومة..تقدم يقف خلفها وعيناه تقدحان شرر مُتطاير وأنفاسه الساخنة كانت تحرق عُنقها وظهرها

كانت روجيدا ترقص بـ سعادة ولكنها توقفت ما أن رأت نظرات الذُعر على كريمة وأم بسمة..لتتجمد بـ مكانها هامسة بـ صدمة

-جاسر ورايا صح!!...

أومأت السيدتان بـ خوفًا ظاهر..لتبتلع ريقها بـ صعوبة ثم إستدارت تواجه جاسر الذي عيناه كانتا كـ المراجل المُشتعلة..كادت أن تتحدث ولكنه تشدق بـ نبرة حادة كـ نصل السيف

-ع الأوضة فوق..يلا...

أومأت بـ خوف وخجل لتصعد..إلتفت هو إلى كريمة التي أشار إليها بـ الإبتعاد ليقترب من الأُخرى التي إنكمشت على نفسها..وقف أمامها ثم همس بـ فحيح

-أعمل فيكِ إيه!..أنا عارف إن دي فكرتك..عارف إن الأفكار السودا متطلعش غير منك..كان يوم مهبب يوم أما شغلتك هنا...

كادت أن تتحدث ولكنه عاود الحديث

-عارف إنك مش هترتاحي غير أما تشغلي مراتي رقاصة وبنتي بتلم النقطة من وراها
-والله يا جاسر باشا مش قصدي
-أشار بـ سبابته بـ صرامة:أم بسمة!!!..الموضوع دا لو إتكرر صدقيني هخليكِ بسمة من غير أم...

رمقها بـ نظرات تحذيرية ثم صعد إلى تلك التي تنتظره بـ الأعلى

فتح الباب لتنتفض روجيدا واقفة تنظر إليه بـ رهبة..أشار إليها بـ صرامة قائلًا

-تعالي...

إنحنت بـ رأسها أرضًا..ثم تقدمت منه حتى وصلت إليه تمامًا..ظل جاسر ينظر إليها حتى أزال الوشاح عن رأسها ثم عقده حول خصرها تحت نظراتها المذهولة..إنحنى يهمس أمام شفتيها

-وريني إتعلمتي إيه يا فراولتي...

عقدت المُفاجأة لسانها وظلت تنظر إليه بـ عدم تصديق..ليُشير بـ يده وعلى وجهه إبتسامة لعوب..تلعثمت روجيدًا وهى تعود إلى الخلف

-آآ..أنا....
-إتسعت إبتسامته وقال بـ خبث:عندك حق..هترقصي على إيه!...

فتح هاتفه وقام بـ تشغيل إحدى الأُغنيات الشعبية ليضعه على  الطاولة ثم إستند بـ ظهره على الباب وقال بـ نبرة خبيثة ولكنها حازمة

-يلا يا فراولة العبد لله محتاج يشوف مواهب المربى اللي كانت تحت...

إبتلعت ريقها بـ صعوبة تُحاول إثناءه بـ عينيها إلا أنه هتف بـ برود

-الأُغنية هتخلص...

كادت أن تبكي يأسًا ولكنها خضعت لما يقول..كانت تتحرك حركات شبه ملحوظة من كثرة إرتباكها وخجلها إلا أنها تخيلت إختفاء جاسر وإستبدلته بـ كريمة وأم بسمة..لتنطلق بعدها بـ حركاتها الخرقاء ولكنها كانت بـ النسبةِ إليه أكثر التحركات فتنةً وإغراء

عيناه سُرعان ما أن توهجت بـ بريق عابث..ليعتدل بـ وقفته ثم إقترب منها حتى حاوط خصرها فـ إنتفضت روجيدا بين يديه..ولكنه قربها منه يهمس بـ صوتٍ أجش

-كفاية رقص..أنا تعبتلك...

حاولت التملص من بين يديه ولكنه كان قد أحكم القيد حول فريسته وفتح أزرار ثوبها مُعلنًا عن جولة عشق لن تنتهي

************************************

أنت الضوء الذي أنار حياتي وأسعدها من جديد، أنت شمسي وقمري وكل نجومي. 

بعد مرور أربعة سنوات

كانا يجلسان أمام البحر على الشاطئ..أمام ذلك المنزل الذي عاد يتزوجها به مرةً أخرى..يتحدثان بـ شتى الأحاديث..وأطفالها يلعبان بـ الماء أمامهما..لتقول روجيدا وهي تضع رأسها على صدره

-حاسس بـ إيه يا جاسر دلوقتي!!
-ضمها إلى صدره وقال بـ نبرته العميقة:حاسس زي ما كنت تايه ولاقيت الطريق..لأ مش طريق لاقيت المأوى اللي هيحتويني...

إبتعدت تنظر إليه بـ إبتسامة حالمة ليسألها بـ دوره و يده تتلمس وجنتها 

-وأنتِ!!
-أجابته بـ صدق وعينان تتوهجان بـ عشق:حاسة إن طلعت شمسي بعد ليل طال وطال..أنت شمسي...

ظل ينظر إليها ويداه تسير على وجنتها حتى وصلت إلى شفتيها و بقى هُناك يتذكر السنوات الماضية..صابر قد رزقه الله بـ صبي أسماه حمزة وظهرت أبوته الحقيقية كما فعل مع شقيقته نور التي تزوجت من زميل لها بـ العمل

أما سامح ونادين لم تتوقف حياتهما عن الجنون والكثير من العشق..وبينهما تلك المُدللة إيلاف المُتعلقة بـ والدها بـ درجة كبيرة

أما هو فـ قد قضى وقتًا طويل يبحث فيه عن سُليمان ولكن دون جدوى وكأن الأرض قد إبتلعته..ولكن هاجس الخوف عنده قد تتضاءل وهو يحتوي عائلته ويضمها تحت كنفه بـ حماية قدرتها روجيدا..حتى أتاه خبر من الضابط يونس يُخبره أنه قد تم إلقاء القبض على سُليمان مُنذ يومان وهو مُلقى خلف القُضبان مدى الحياة..حينها فقط إستطاع التنفس والراحة..لذلك قرر أن يسافر بـ عائلته إلى الكوخ العزيز على قلبهما بعد منزلهما الريفي

إبتسم وهو يفيق من شروده على إقتراب روجيدا منه فـ إقترب منها وكاد أن يمس شفيته شفتيها ولكن أحالت يد طفوليه بين ذلك ما أن وُضعت بين شفتيهما

إلتفت جاسر بـ عنف إلى أطفاله ثم إلى صغيره جواد الذي هتف بـ حنق و براءة

-عيب يا بابي تبوس مامي قدامنا ...

نهض جاسر بـ غضب ليتراجع الأطفال بـخوف كاد أن يُمسك الصغير ولكنه هرب لتتبعه الفتاتين ومن خلفهما والدهما الذي هتف بـ حدة وهو ينزع خُفه ويقذفه بهم

-ااه يا ولاد الـ*** مش عارف أتلم على أمكم...

ضحكت روجيدا بـ قوة وهي تلحقهم..ليجذب جاسر يدها ثم هدر بـ عنف

-مفكرة نفسك رايحة فين!!..طب عليا الطلاق لأبوسك...

وبـ الفعل أحاط عُنقها وهو يجذبها إليه يُقبلها بـ رقة..ليعود الأطفال ويلتفون حول والديهم يهتفون بـ مرح ولكن جاسر غارق بـ عالمه مع تلك الفاتنة..ذات العينين الفيروزيتين

تعليقات



×