رواية أسرار في قلب الحب الفصل الثامن 8 بقلم زينب احمد


 رواية أسرار في قلب الحب الفصل الثامن 

كان الليل يسدل ستاره على البلدة بهدوء، لكنه لم يكن كأي هدوء آخر. بدا الجو كأنه يحذر من عاصفة قادمة، شيئًا ما في الهواء يوحي بأن الأمور لن تبقى كما هي. ليلى، التي باتت تجد نفسها أكثر تورطًا مع كل خطوة تخطوها بجانب آدم ويوسف، كانت تشعر أن الأرض تحت قدميها لم تعد ثابتة. كل كلمة يقولها يوسف تضيف طبقة جديدة من الغموض.

"الآن حان وقت الحقيقة." بدأ يوسف الحديث، ونبرته تحمل جدية لم يعتدها آدم ولا ليلى. كان وجهه متجهمًا، وعيناه مثبتتان على الأفق كأنه يحاول استحضار ذكرى من الماضي.

"هذه البلدة ليست كما تبدو، ليلى. هناك أسرار مدفونة عميقًا، وأنتِ وآدم مرتبطان بها أكثر مما تتخيلان."

كانت كلمات يوسف كالطعنات في قلب ليلى. حاولت أن تبقي ملامحها ثابتة، لكنها لم تستطع. "ماذا تعني؟ كيف يمكن أن نكون نحن مرتبطين بشيء لم نكن نعرفه من قبل؟"

آدم، الذي بدا أكثر غضبًا من صدمته، قاطع يوسف بحدة: "كفى بالألغاز، يوسف! تحدث بوضوح. ما هي هذه الأسرار التي تتحدث عنها؟"

تنهد يوسف كأنه يحمل على عاتقه عبء عشرات السنين من الأسرار. "قبل سنوات عديدة، كان هناك اتفاق بين بعض العائلات في البلدة لحماية شيء قديم، شيء يفوق فهمنا البشري. هذا الشيء... مرتبط بأحد المنازل القديمة هنا، المنزل الذي تجمعت فيه معظم ذكريات طفولتكما."

نظرت ليلى إلى يوسف بدهشة، ويداها بدأت ترتجف. "لكنني لم أكن أعرف شيئًا عن هذا... منزلنا؟ أتعني أنه جزء من هذه الأسرار؟"

هز يوسف رأسه ببطء. "نعم، ليلى. هناك خيوط قديمة تربط عائلتك وعائلة آدم بهذا السر. ومنذ عودتكما إلى البلدة، بدأت الأمور تتغير. هناك أشخاص يراقبونكما."

---

كانت كلمات يوسف بمثابة صدمة جديدة. أخذت ليلى خطوة للوراء، وعقلها يحاول استيعاب ما قيل للتو. "لكن لماذا الآن؟ لماذا كل هذا يحدث بعد كل هذه السنوات؟" قالت ليلى، وصوتها مليء بالحيرة.

"لأنكما عدتما." أجاب يوسف ببساطة، لكن نبرة صوته كانت تحمل أكثر من ذلك. "هناك من يخاف منكما. لأن وجودكما قد يعني الكشف عن أشياء كانوا يظنون أنها ستظل مخفية إلى الأبد."

آدم، الذي كان يراقب ليلى بعينيه القلقتين، أمسك بيدها ليهدئ من ارتجافها. "لا تخافي، ليلى. نحن في هذا معًا."

لكن ليلى لم تكن متأكدة من هذا الوعد. بدأت تشعر بأن العالم الذي تعرفه يتهاوى حولها. كل شيء بات مشوشًا وغير مفهوم.

"هناك من يسعى للتلاعب بكما." قال يوسف فجأة، كأنما قرأ أفكارها. "الشخص الذي ظهر الليلة الماضية ليس هنا بمحض الصدفة. إنه يحمل رسالة... وربما تهديدًا."

"تهديد؟" قال آدم بغضب. "إن كان هناك من يهددنا، فلن أقف مكتوف اليدين."

---

بينما كانت الأجواء تزداد توترًا، ظهر صوت خطوات من بعيد. نظر الثلاثة نحو الظلال التي كانت تقترب، وبدأت ملامح شخص تظهر في الأفق. كان رجلاً طويل القامة، يرتدي معطفًا أسود ويضع قبعة تخفي معظم ملامحه.

"لقد جئت لتحذيركم." قال الرجل بصوت منخفض لكنه قوي. "ما تبحثون عنه سيجلب لكم المتاعب."

"ومن أنت لتقرر ذلك؟" قال آدم بتحدٍ، ووقف أمام ليلى كأنه يحميها من أي خطر محتمل.

الرجل لم يُظهر أي اهتمام بغضب آدم. أخرج من جيبه مظروفًا صغيرًا وألقاه على الأرض. "كل الإجابات التي تبحثون عنها هنا، لكن احذروا... الحقيقة ليست دائمًا ما تريدون سماعه."

---

انحنى يوسف والتقط المظروف. فتحه بحذر، ووجد داخله ورقة مكتوبة بخط يد يبدو قديمًا. قرأ بصوت عالٍ: "الحقيقة مدفونة تحت الطابق السفلي للمنزل القديم. إذا قررتم المضي قدمًا، تأكدوا أنكم مستعدون لما ستكتشفونه."

نظرت ليلى إلى يوسف ثم إلى آدم. "ماذا يعني هذا؟ هل حقًا هناك شيء مدفون هناك؟"

"أكثر مما تتصورين." أجاب يوسف، وعيناه مليئتان بالغموض. "لكن علينا أن نكون حذرين. هذا لن يكون مجرد اكتشاف، بل مواجهة."

آدم، الذي كان يبدو أكثر تصميمًا من أي وقت مضى، قال: "إذا كانت هناك أسرار مدفونة، فنحن بحاجة لمعرفة الحقيقة. مهما كلفنا الأمر."

---

مع حلول الفجر، قرر الثلاثة التوجه إلى المنزل القديم. لكن لم يكن أي منهم يعلم أن كل خطوة سيخطونها ستقودهم إلى أسرار أخطر مما تخيلوا.

كانت ليلى تنظر إلى آدم بخوف ممزوج بالأمل. هل سيكون قادرًا على حمايتها؟ وهل ستكون مستعدة لمواجهة الماضي الذي لم تكن تعلم عنه شيئًا؟

انتهى الليل، لكن مع بزوغ الشمس، كانت البلدة تستعد لاستقبال يوم لن يُنسى. ما الذي سيجدونه في الطابق السفلي؟ وهل سيكتشفون من وراء كل هذه الرسائل الغامضة؟

تعليقات