رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل التاسع 9 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الثاني (عشقها أحياني) الفصل التاسع 

يَأَيُّها الحُبُّ اِمتَزِج بِالحَشى

فَإِنَّ في الحُبِّ حَياةَ النُفوس

وَاِسلُل حَياةً مِن يَمينِ الرَدى

أَوشَكَ يَدعوها ظَلامُ الرُموس

صمت..سكون..هدوء..هذا ما هو مُسيطر على الأجواء حالياً..يختلس جاسر نظرات خاطفة ناحية زوجته فيجدها شاردة..عيناها تلمع بعبرات تأبى الخضوع..يكاد يُجزم أنه يعرف ما يدور بخلدها..يحزن..بل وقلبه يتمزق لما هى عليه الآن..يود لو يسحق رأس كا من يتسبب في حزنها..أمسك يدها ونادها بخفوت

-روجيدا!!

ولكنها لم ترد..تنهد بتعب ثم عاود النداء وهو يضغط على كفها بهدوء

-حبيبتي!!
-إنتفضت من مجلسها وأدارت له رأسها..لتغتصب إبتسامة وهى تقول:هاا.. في حاجة يا حبيبي!!

لم يتحدث..بل أوقف السيارة ثم إستدار لها..ونظر بعينيها بقوة وقال بصوت أجش

-عيطي يا روجيدا..وطلعي كل اللي جواكي..

وكانت كلماته هى الضوء الأخضر لبدأ معركة البكاء..فتسابقت العبرات على وجنتها في الهطول..تبكي بلا إنقطاع..جذبها في أحضانه وهو يربت على خصلاتها الكستنائية..وهو يكاد يموت قهراً مما يُصيبها..ليأتيه صوتها المُتألم وهى تقول بتقطع

-ليه..ليه عمل..كدا..بابا مكنش المفروض يعمل..كدا..طب..ماما. ذنبها..إيه!..وأنا..أنا ذنبي إيه!!
-ليقول بصوته الحنون:هشششش..خلاص يا حبيبتي..دا ماضي..وسبق وقولتلك الماضي مينفعش نغيره..بس نتأقلم ونعيش معاه..

إبتعدت عنه ليُقابل عسليته بفيروزها الذي أحاطها هالة حمراء من فرط ما ذرفت..ثم قالت بصوت مُتحشرج

-إزاي أتأقلم مع حاجة زي دي!!..مش هقدر يا جاسر..متعودش حد يشاركني فـ بابا..حتي ماما كانت بتغير من علاقتنا
-فرد عليها بحكمة:إنتي سمعتي كلام مدام هاجر..ودا شئ كويس..وأنتي فـ اللحظة دي مش هتعرفي تحكمي..ولا تاخدي موقف..بصي يا حبيبتي لازم تهدي عشان تعرفي تاخدي قرار ومترجعيش تندمي عليه..

هزت رأسها بنفي..فأمسك وجهها براحتيه وأخذ يزيل الدموع بـ إبهامه..وقال بهدوء

-مش دي روجيدا اللي إتعود عليها..لازم تفهمي إنها أختك وهى ملهاش علاقة بـ اللي حصل..أنتي شوفتيها إتفاجأت زيها زيك..فـ مش معقول أنك تظلميها كدا ولا إيه؟
-إبتسمت ببهوت ثم قالت بصوت خفيض:كدا
-إبتسم بـ إتساع وقال:هى دي حبيبتي العاقلة

ثم جذبها في عناق حاني..عناق إحتواها..دائماً وأبداً يكون جاسر ذاك الحائط الذي لا يميل..يُشكل لها درعاً منيع من كل شئ..دائماً كان لها القاسي الحنون.......

***************

دلفت فتاه في الخامسة عشر من عمرها..قصيرة إلى حد كبير..ذات عينان خضراوتان يعلوهما حاجبان مرسومان بدقة إلهيه..وقوام ممشوق نوعاً ما..يغلفه بشرة خمرية..لتتفاجأ بـ أخيها الذي تمدد على الأريكة ويُحدق في السقف بشرود..نظرت لأعلى علها ترى ما يشغله..ولكن لم تجد..تنهدت بخبث..فـ أخيها لا يجلس هكذا إلا نادراً..رمت حقيبتها المدرسية بـ إهمال ثم ركضت..وقفزت فوق أخيها الذي شهق بفزع وقال بغضب

-ااااه...يا بنت الناس الكويسة..في إيه يا جزمة!!
-إبتسمت بمكر وقالت:إيه أنت؟..قاعد كدا ليه يا جونير؟
-نظر لها بضيق ثم قال بسخرية:بتشمس يا مفعوصة
-زمجرت بغضب مصطنع:أنا مفعوصة يا صابر!!..أنا يا صابر..

ثم أكملت بحبكة درامية

-دا أنا اللي بعملك الأكل..وبساعدك فـ الواجب لو مش عارف تحله..وبغطيك بالليل وأنت نايم لما بترفص الغطا..بلاش كل دا..مين اللي بيوصلك المدرسة بالعربية!!
-رفع أحد حاجبيه وقال بتهكم:مين!!
-أجابت ببساطة:أنت..

نظر لها بحنق..ثم دفعها عنه..لتقع على الأرضية ثم نهضت وجلست بجانبه وهى تتأوه..فقالت بتحذير

-بطل هزار البوابين دا يا صابر..أنا بحس فـ مرة هتجي تحدفني بالكنبة دي..
-مسح على وجهه بغضب وقال:بت يا نور..إطلعي من دماغي

رأت نور أن أخيها لايستجيب لمزاحها..فسألته بجدية عكس ما كانت عليه مُنذ قليل..وضعت يدها على كتفه 

-مالك يا صابر!!
-أجاب بـ إقتضاب:مفيش إزاي!..لأ فيه..هو أنا مش عارفاك!
-رد عليها بضجر:يووووه..هو تحقيق!..

وكاد أن ينهض فـ جذبته شقيقته بقوة..ليترنح ويجلس بجانبها..نظر لهل بغضب..فبادلته بـ نظرة هادئة..أخذت نفس عميق ثم زفرته على مهل وقالت بحنو

-لأ مش تحقيق ولا حاجة..بس كل الموضوع إني لما ألاقي أخويا فيه حاجة طبيعي أقلقك عليه..دا أنت اللي مربيني يا صابر..

تنهد بيأس..ثم جذب رأسها وقبله..وجاهد ليرسم إبتسامة على وجهه وقال

-مفيش يا حبيبتي..مشاكل شغل
-إقتربت في مجلسها منه وقال بـ إصرار:لأ دا مش شغل..يابني أنت ليه محسسني إني مولودة إمبارح..صابر أنا عرفاك وعارفة أمتى تبقى مشاكل شغل..أو...مشاكل تانية

إرتسمت ملامح الدهشة على وجهه..حاول إختلاق جو مرح وإبعادها عما تفكر به ليقول بمزاح

-الله أكبر..إيه الحلاوة دي..دا أنا جسمي قشعر يا بت وآآآ
-وضعت كفها في وجهه..وقاطعته بجدية:متوهش يا صابر..أنا بسألك سؤال واضح..مالك!!
-إبتسم وقال بهدوء:عمري ما عرفت أضحك عليكي..

وضع يده خلف رأسه وقال بشرود

-هقولك يا ستي
-إستدارت بكامل جسدها له وقالت بـ إنتباه:سمعاك..
-أخذ نفس عميق وزفره دفعة واحدة..وقال بصوت أجش:بحب واحدة
-إبتسمت بسعادة وقالت بمرح:وهى دي حاجة تخليك قالب خلقتك كدا!
-نظر لها شذراً ثم أكمل:سبيني أكمل
-ها كمل
-تنحنح ثم إستطرد حديثه:هى كانت عايشة برة ولما جيت شوفتها صدفة مرتين فـ نفس اليوم..تقريباً قريبة مرات جاسر..بتقول أختها..المهم قولت لجاسر يعرف عنها شوية حاجات تحسباً لو كانت بتكدب
-فسألته بـ إهتمام:وإيه اللي يخليها تكدب فـ حاجة زي دي؟
-فأجابها ببديهية:يمكن يعني تكون..أصل روجيدا أهلها ناس أغنية جداً..يعني يعتبروا عمود إقتصاد لدولة أمريكا
-ردت عليه بـ إندهاش حقيقي:يااااه..لدرجادي؟
-أماء رأسه بنعم ثم تابع:المهم قولت أدور أنا كمان..وعرفت معلومات بطلوع الروح..بس..آآ..مش دا اللي مضايقني
-ضيقت عيناها وسألته:أومال إيه!!
-وضع كفيه على وجهه وقال بحزن حقيقي:عرفت إنها متجوزة عرفي....

******************

جالسة بشرود..تُفكر..وتُخطط كالأفاعي..لتزجرها صديقتها وهى تلكزها في ذراعها

-مايسة!!..بقالي ساعتين بكلمك وأنتي ولا أنت هنا

تأوهت مايسة من فعلتها..وتحسست يدها مكان الوكزة..ثم قالت بغضب

-إيه يا منى!!..براحة إيديك تقيلة
-فقالت بشماتة:أحسن
-فصاحت بحدة:منى!!!
-فردت الأخرى وهى تحاول تلطيف الأجواء:طيب..طيب..متتعصبيش..

لانت ملامح مايسة وصمتت..إرتشفت منى بعضاً من عصيرها وهى ترمق صديقتها بنظرات مُتفحصة..ثم قالت بنبرة ذات مغزى

-ميمو!!
-ردت عليها الأخرى بضجر:خير يا ست منى!!
-غمزت لها منى بـ إحدى عينيها وقالت بمكر:اللي واخد عقلك!.
-فأجابتها مايسة بشرود ونبرة حالمة:سامح

وقف العصير بحلق منى وهى ترى صديقتها تحلُم برجل..والأشنع أنه متزوج..سعلت عدة مرات..لتنظر لها مايسة بتأفأف وهى تعطيها بعض الشراشف الورقية

-مالك في إيه!!
-أخذت منها منى الشراشف وجففت فاها ثم قالت بنبرة غير مصدقة:أنتي خدتي بالك قولتي إيه!!
-لتقول مايسة بقوة وكأنها تستعد لدخول حرب:أه خدت بالي..وماله بقى اللي قولته؟
-أجابتها صديقتها بحدة:ماله!!..ماله إن سامح مبيحبكيش..لأ ومتجوز كمان..مايسة فوقي كدا الله يكرمك مضيعيش نفسك
-بادلتها حديثها ببرود تام:وماله أما يكون متجوز..بكرة يطلقها

إنتفضت منى كمن لدغته أفعى..ثم قالت بغضب

-لأ أنتي أكيد إتجننتي!..مايسة سامح مش سهل..ولا حتى أخوه جاسر.. ولو عرف أنك بتخططي لحاجة مش هيرحمك
-سألتها ببرود ثلجي قاتل:ومين قالك إني بخطط لحاجة؟
-أجابتها منى:عشان عرفاكي يا مايسة مش هتعديه من تحت إيدك..وبقولك لتاني مرة جاسر مش سهل وهيقلبها فوق راسك..خاصاً إن باباكي له مصالح مع مؤسسة الصياد..

أراحت جسدها إلى الخلف و وضعت ساقها فوق الأخرى..لتبرز جمال ساقها..ثم قالت بخبث

-منا مش هوسخ إيدي بحاجة..ولا هبان فـ الصورة يا منمون..
-نظرت لها منى بتقزز وقالت:براحتك يا مايسة..مش هسألك هتعملي إيه
.وإبقي خلي شيطانك ينفعك..سلام
-ردت وكأنها لم تسمع ما قالت:سلام..

نظرت أمامها بنظرات فارغة..ثم حدثت نفسها بشيطانية

-أما أشوف يا سامح أنا ولا البرنسيس بتاعك!......

******************

وصلت سيارة جاسر إلى قرية الصياد..نظر إلى زوجته التي نامت من فرط التعب..بينما هو لم يهدأ ذهنه من التفكير في زوجته وكذلك من تلك الحية التي عادت لتُخرب حياته..وصل إلى بوابة القصر فسارع الحارس يفتحها له وهو يرحب به بحبور

-نورت يا چاسر باشا..الجصر نور..

أماء جاسر برأسه دون كلمة ثم دلف..أطفئ محرك سيارته..ثم إلتفت إلى زوجته..ظل يُحدق بها بعض الوقت..فـ أطلق تنهيدة حارة حُزناً عليها..ملس بظهر يده على وجنتها الناعمة وناداها بخفوت

-روجيدا!!..حبيبتي يلا وصلنا

فتحت روجيدا جفنيها بتعب..ثم ما لبثت أن أغلقتهم ثانياً..ثم فتحتفم مرة أخرى..لترى زوجها يُحدق بها بحب وإبتسامة عذبة مُرتسمة على شفاه أجبرتها هى الأخرى على الإبتسام..لتجده يقول

-وصلنا يا روحي..يلا
-ردت عليه وهى تتثاءب:يلا..

دلف خارج السيارة..ثم إتجه ناحية الباب الخاص بها..فتحه فنزلت هى منه وإبتسامة مُرتسمة على ثغرها فـ زينت ملامحها الناعسة..شابك أصابعها بخاصته..ثم تحركا سوياً..طرق جاسر الباب..فسارعت الخادمة تفتح الباب..التي قالت ببهجة

-چاسر بيه..ألف حمد الله ع سلامة..الجصر كان مضلم يا بيه..
-حدثها جاسر بهدوء:الله يسلمك..إبعتي حد يجيب الشنط ويطلعها ع الأوضة
-ردت بطاعة:أوامرك يا چاسر بيه..

ثم دلف جاسر و روجيدا..فظهرت والدته وهى تهتف بسعادة

-جاسر..وحشتوني يا ولاد

إبتسم جاسر ثم ترك يد زوجته..إحتضن والدته بقوة..ومال على يديها يُقبلها..ثم تحدث بهدوء

-وأنتي كمان وحشتيني يا أمي
-قالت روجيدا بمرح:وأنا مليش من الحب حبة ولا إيه!!..
-ضحكت فاطمة وقالت بسعادة:و دي تيجي..دا أنتي تاخدي الحب كله..

ثم إحتضنها وبادلتها روجيدا ذلك العناق..أبعدتها فاطمة عنها ثم ربتت على كتفها وقالت بحبور

-بسم الله..الله أكبر..إحلويتي يا حبيبتي
-حاوط جاسر منكب زوجته وقال بمزاح:مراتي طول عمرها حلوة
-ضحكت روجيدا بخجل..بينما تحدثت فاطمة بحب:طبعاً يا حبيب أمك..بس الحمل محليها حبتين..ألا أخبار الحمل معاكي إيه!!
-أجابتها روجيدا وهى تُملس على بطنها:الحمد لله مريحني..مش بتعب كتير
-ردت عليها فاطمة بجدية:بس برضو خدي بالك من نفسك يا ضنايا..

كادت أن ترد فقاطعها جاسر

-دي فـ عنيا يا أمي..مبخليهاش تتعب

نظر لزوجته ثم غمزها بمكر وسألها بخبث

-مش صح برضو؟
-خجلت روجيدا وتوردت وجنتها..وقالت بخفوت:صح

ضحكت فاطمة مما يفعله إبنها..بينما روجيدا خجلت أكثر مما يحدث..لاحظت فاطمة خجل روجيدا فقالت بجدية

-إطلعوا ريحوا..ولما الأكل يجهز هناديلكوا
-أمسك جاسر بيد زوجته وقال:ماشي يا أمي...

ثم تركها وصعد..دلف إلى غرفته فقال بتنهيدة

-ياااااه..وحشتني الأوضة دي

أمسك كِلتا ذراعي زوجته وقال بنبرة ذات مغزى..قاصداً إثارة خجلها المُحبب له

-خاصتاً أخر ليلة لينا هنا..فكراها يا روحي

عضت روجيدا على شفاها السُفلية بخجل ونكست رأسها..ولم تُجيبه..ضحك جاسر بقوة..وضع يده على طرف ذقنها ورفع رأسها..ثم همس بحب

-عارفة يا حبيبتي..اليوم دا مقدرش أنساه أبداً..يوم ما بقيتي بين إيديا برضاكي..يوم ما حضنتك وأنتي حضنتيني..يوم ما إتخطينا كل الصعب فـ حياتنا..خلتيني ملكت السما..بنجومها

إبتسمت بسعادة وهى تحدق بعسليته التي تفيض حباً..بينما إستطرد حديثه وهو يجذبها في أحضانه

-إنتي هدية من ربنا ليا..مينفعش أفرط فيكي أبداً...

أبعدها عنه قليلاً..ليجد مُقلتيها قد غيمتها سحابة من الدموع..ليهمس بجانب أُذنها

-أنا ليا حق..وأنتِ حقي..

تطايرت الحروف عن شفتيها..وتبعثرت الكلمات فلم تجد ما تقوله سوى أنها عانقته بقوة..حاوطته بذراعيها..تحتويه كما تحتوي الأم طفلها..لم تسعد بحياتها سوى به..إخترقها كدخيل..عدو لزج تكرهه وتمقته بشدة..لتتحول مشاعرها فجأة إلى شُعلة متقدة من العشق..الوهج الدائم في عينيها دائماً كان بسببه..ذلك العشق الذي لم ينوله أحد سواه..عشقت..فختمت عشقها على قلبه الذي وُشّم بعشقها......

*******************

وقف يحيى أمام غرفة الجناح الخاص بهما وهو يقول

-يلا يا جين..خلينا نلحق نسافر قبل الليل

أتت جين وهى ترتدي ثيابها الواسعة بناءً على طلب زوجها..إلتقطت حقيبتها وقالت 

-أنا جيت أهو

نظر لها بـ إنبهار..فكم تبدوا رائعة في التلك الثياب المُحتشمة..دارت حول نفسها و هى تقول بحماس طفولي

-عجبك
-إبتسم بحب وقال:جداً..يلا بقى
-تأبطت ذراعه وقالت:أوكيه...

ثم نزلا وخلفهما العامل الذي يحمل حقيبته..انهى المُعاملات الخاصة بالفندق..ثم دلفا خارجه..ركبا إحدى السيارات التي بعثها لهم..لكي تأتي بهم إلى القرية..بالطبع مبعوثة بسائقها ناهيك عن سيارات ذات الدفع الرباعي لحراستهما..تعجبت جين وقالت بتساؤل

-كل دا ليه!
-رفع يحيى منكبيه يدل على عدم معرفته ثم قال:علمي علمك..بس أنتي عارفة جاسر بقى

ركبت السيارة دون أن تتحدث..وكذلك يحيى..إنطلقت السيارات في وجهتها إلى المنيا..تحدثت جين بخفوت وقالت

-طب هما راحوا الصعيد ليه..مش بيقعدوا هنا ليه!
-أجابها يحيى بعملية:عشان أهله وقريته..مينفعش يسبهم

أماءت بتفهم وصمتت..بينما عصفت برأس يحيى بعض الأفكار فبعد مُحادثته مع هاجر الأخيرة..وعلمه منها أن روجيدا وجاسر قد علما الحقيقة..فبات مُشتتاً فيما سيفعله..ليقول في نفسه

-مش هعمل حاجة إلا لما أشوف جاسر هيعمل إيه!...

*****************

دلفت روجيدا خارج المرحاض بعدما أخذت حماماً ساخناً..لترى جاسر يجلس على طرف الفراش ينتظرها..رفع رأسه ليراها..نهض عن مجلسه ثم إتجه إليها..تفحص ما ترتديه..فوجدها ترتدي بنطال من اللون الزيتي..وتعلوه كنزة فضفاضة ذو لون نبيذي..إبتسم برضا..فهو لا يُحب أن يراها أحد بثيابها التي كانت ترتديها قبلاً..أخرجته من شروده بسؤالها

-بتبصلي كدا ليه!
-إبتسم وقال:مفيش حاجة يا حبيبتي
-ردت بفتور:طيب

ثم أكملت تجفيف خصلاتها..إتجهت ناحية المرآه..ألقت بالمنشفة على المقعد القصير بجانبها..ومدت يدها لتُمسك الفرشاه..ولكنها وجدت يد جاسر قد أمسكت الفرشاه قبلها..رفعت رأسها ورأت إنعكاسه في المرآه..وتعلو إبتسامة غامضة على وجهه.قطبت جبينها بتساؤل وقالت

-ماسك الفرشة ليه!!..عاوزة أسرح شعري
-همس بجانب أُذنها بطريقة إقشعر لها بدنها:أنا اللي هسرحلك شعرك

وقبل أن تعترض أجلسها بهدوء على المقعد بعدما قذف المنشفة على الفراش..جثى على ركبتيه..ولكنه أزاح خصلاتها فظهر نحرها..لم يستطع مُقاومة رغبته في تقبيله..فمال عليه يُقبله بقبلات مُتفرقة..إبتعد ليجدها مُغمضة العينين..وتضرجت وجنتها بحمرة قانية..إبتسم وقال بهيام

-بعشقك يا فراولتي..

ثم مال يعض أذنها بخفة..وبدأ في تمشيط خصلاها بنعومة..لمسات ساحرة من يده جعلت خصلاتها تترتب بجاذبية..هو لا يعلم أكانت جميلة هكذا أم أن الحمل قد زادها جمالاً..إنتهى مما يفعله..قذف الفرشاه..ثم أنهضها وأدارها له..ليقول بعبوس

-بقولك إيه..أنتي مينفعش تخرجي كدا..
-تعجبت كثيراً وتساءلت:كدا إزاي يعني؟
-أمسك خصلة يشتمها وقال بنبرة عاشقة:كل مدى بتحلوي..ببقى عاوز أخبيكي جوه قلبي ومخليش حد يشوفك
-وضحكت الصبية التي قالت برقة:حوا مش بتحلو إلا لما بتكون بتحب أدم..
-تحدث وهو يُحدق بعينيها بقوة:وأدم بيعشق حوا..

ترك الخصلة..ثم بدأ في ترتيب الخصلات يُخفي بها عنقها..تعجبت أكثر مما يفعله وتساءلت بنبرة خافتة

-بتعمل إيه!!
-أجابها وهو لا يزال يُرتب خصلاتها:بخبي رقبتك..دي بتاعتي لوحدي..محدش ليه حق يشوفها غيري..

رفعت حاجبيها بدهشة..ثم ما لبثت أن أنفجرت ضاحكة..فـ أثارت حنقه ليقول بضيق

-بتضحكي ع إيه؟
-جاهدت في إخفاء ضحكاتها وهى تقول:مش معقول يا حبيبي..بتغير من مامتك وعمتك
-فـ أكمل هو بعبوس طفولي:ومتنسيش سامح..وبعدين أنا بغير من أي عين تبصلك..ست بقى مش ست..مبتفرقش عندي..مراتي بتاعتي لوحدي
-حاوطت عنقه لتقول بدلال:ومراتك ليك لوحدك

حاوط خصرها بتملك..ثم مال يُقبل جبينها..أرخى أحد ذراعيه عنها..وأخرج عُلبة مخملية حمراء صغيرة..ورفعها في مستوى بصرها..نظرت له وقالت بتساؤل

-إيه دي!!
-أجابها بغموض:إفتحي وأنتي تعرفي

حدقت به بشك..ولكنها لم تتفوه بحرف..أرخت ذراعيها عن عنقه..ثم أخذت العُلبة من يده..ظلت تتطلع بها..وتُقلبها..ليأتيها صوته وهو يتحدث بمرح

-مش هتفتح لوحدها
-نظرت له بضيق وقالت:بطل رخامة..بستكشفها
-قهقه جاسر وقال بـ إستنكار:بتستكشفيها!!
-ردت بقوة:أه
-نظر بعينه إلى العُلبة وقال:إفتحيها

أماءت برأسها..ثم فتحت العُلبة ببطئ..لتتسع عيناها بدهشة حقيقية..وضعت يدها على فاها وأغرورقت عيناها بالعبرات..لتصرخ بصدمة 

-جااااسر....

تعليقات



×