رواية عشق الذئاب الفصل الثالث و العشرون بقلم اسراء على
لا شئ يجعلنا عظماء...سوى ألم عظيم.....
توفيق الحكيم...
وما بين إنتظارها..و هدوءه المرعب..خط أحمر قد يجعله مجنون..ذكريات بشعة..حولته لمسخ..وهو يراها أعظم ما أنجبته تلك الذكريات..رمادية!!..لا سوادء وبشدة..حالكة السواد..ظلام مخيف..وصوت الرعد الذي دوى صداه بأذنه..نابع من عقله..
نطق بصوت مختنق:كان عندي واحد صحبي اسمه أحمد..كان أعز صديق ليا قبل ما أعرف نادر وعماد..نظر لها وضحك بمرارة..نادر وعماد هقولك إن هما الإتنين إتعرفت عليهم لما كنت فـ السجن!!
نظرت له بدهشة وقالت بنبرة مصدومة
-سجن!!
-قال بشرود:أها..كان بسبب حاجة متخيلتش إنها تحصلي
سكت قليلاً..يستجمع شتات نفسه التي تبعثرت..ثم حدثها بمرارة
-بعد أما إختفيتي فجأة..دورت عليكي كتير..بس من غير فايدة..وقتها الناس اللي كنت أعرفها من البار..خدوني فـ يوم ع الصحرواي..لما لاقوني إتغيرت..واحد فيهم قالي أنه عنده الحل.....
عودة لوقت سابق....
-ياعم ما تفكك منها..إيه مفيش غيرها
-أمسكه رائف من تلابيبه و زجره بعنف:ولا..لم الليلة عشان موسخش إيدي بيك
-نظر له بسخرية وقال مهدئاً:طب أهدى يا شبح كدا..وأنا عندي ليك حل إنما إيه لوز اللوز..
أنزل رائف يده..وقال
-إيه!!
وضع الأخر يده على كتفه وحاوطه..ثم جذبه وقال:تعالى..دلوقتي تعرف..
ركبا السيارة وإنطلقا لمنطقة صحراوية مفقرة الحياه..تخلو من الناس عدا بعض أصوات الحيوانات..طلب منه صديقه النزول
-يلا يا وحش
-نزل رائف وقال بتعجب:إيه دا !!
-نظر له صديقه بغموض وقال:إستنى باقي الشلة
-أجابه رائف بلامبالاه:طيب
وبعد خمسة عشردقائق..وصلت سيارة ترجل منها ثلاث شباب..إقترب أحدهم من رائف وصافحه قائلاً
-إيه يا مان..عاش من شافك
-رد عليه رائف ببرود:متشوفش وحش يا ماجد
-فجاء الأخير وقال:بص الليلة مراد موصي عليك وإنك مخنوق..فـ جينا نُفك عنك...
لم يرد رائف وأستند بظهره فوق السيارة..فأخرج أحدهم بعض لُفافات التبغ..ثم قام بتوزيعهم على الجميع..حتى أتى ناحية رائف..لكزه في ذراعه ثم غمزه بوقاحة وقال
-جرب وهتدعيلي..
أخذها رائف دون حرف..قام بإشعالها..وبدأ ينفُس دُخانها..الذي بعد لحظات أسكر الجميع..فتساءل رائف بصوت ثمِل
-دي مخدرات صح!!
أماء ماجد برأسه ضاحكاً..ليس سوى أنه ذهب لعالم أخر..جميعهم ذهبوا لعالم أخر..........
في نفس التوقيت..توقفت سيارة بها فتاه بالقرب من المجموعة..وجه أحدهم نظره لذلك الضوء المزعج..ليجدها سيارة وبها فتاه..
تبّسم بشيطانية..ثم توجه ناحيتها بخطوات مترنحة..ليقول لها بصوت بدى عليه المكر ليقول
-في حاجة يا قطة
-إنتفضت الفتاه وقالت بخوف:لأ..مـ..مفيش..
-امسك مقبض السيارة وفتح الباب وقال بشيطانية:لأ مفيش إزاي..العربية شكلها عطلت..وإحنا حابين نخدموه..
ثم أمسك رسغها بقوة..رغم ترنحه إلا أن إصراره كان أكبر من مقاومتها البائسة..ظل يجذبها بعنف..حتى وصل لتجمع الشباب..قذفها بقوة فوقعت على الأرض الرملية..ليصيح ماجد وهو يُصفق بيديه
-شكلها هتولع
وتصاعدت الضحكات الشيطانية..ورائف يُتابع بصمت..حتى تشدق قائلاً
-بقولكوا إيه بطلوا قرف سيبوا البت تمشي..
-ليقول أحدهم وهويتفرسها بشهوانية:هوحد يقول لأ..للجمال دا
-وكزه مراد وقال:ياعم سيبك..تعالى وهنبقى نتاويها
وهى تصرخ..وتستنجد..ولكن نُزعت من قلوبهم الرحمة..ونُزع الضمير من نفوسهم..وأنهالت الذئاب عليها..تُقطع ثيابها..وينتهكون حقها في الحياه..صرخات مزقت القلوب..وأدمعت لها العيون دماً..وكل هذا ورائف يُتابع بهدوء..فـ ما تناوله جعله بعالم لا يعلم له وجود...
أنتهت العملية..والفتاه مسجية على الأرض وقد فارقت الحياه..أخذوا جثتها قاموا بدفنها في الصحراء......
عودة للوقت الحالي.....
وضعت يديها على شفتيها تمنع شهقاتها..ونظرات الإحتقار مرتسمة على وجهها..وهو..الدموع تنهال من مُقلتيه..ليُتابع بصوت مُختنق
-والله ما لمستها..ولا فكرت أأذيها
-ردت عليه بشراسة:بس سكت!!
-ضحك بمرارة وأكمل:ولما حسيت بالذنب رحت عشان أبلغ..بس رحت لسعاد هانم الأول عشان أودعها..ضحك بسخرية ثم قال....أصلي كنت بحبها..رحت هناك وقبل ما أدخل سمعتها بتتكلم مع حد..
سكت قليلا ثم قال
-كانت بتتكلم مع البنت اللي أغتصبوها......... ....
***************
جلست صفاء على الأريكة والقلق قد تمكن منها..يوم كامل وزوجها لم يعد بعد..أمسكت الهاتف وتحدثت مع أحمد..بعد فترة رد أحمد بفتور
-خير يا عبدالله
-أتاه صوت صفاء الباكي:عبدالله من امبارح وأنا معرفش عنه حاجة
-سألها بتعجب:يعني إيه
-أجابته بصوت مبحوح:من ساعة الموضوع الزفت بتاع الخطف دا
-حك أحمد جبهته وقال:طيب خلاص أنا هتصرف..
-ردت عليه برجاء:النبي يسترك..لاحسن يكون ابن الـ***عمل فيه حاجة
-رد عليها بضجر:خلاص يا صفاء..قولت هتصرف..سلام
وأغلق الهاتف بوجهها قائلاً بغضب
-مش ناوي تجبها لبر يا رائف..مش ناوي تخلي نهايتك عدلة معايا..بس ورحمة أمي لاكون مدفعك تمن اللي بتعمله واللي عملته زمان فيا...
سكت يسترجع الأحداث ثم قبض على يده بقوة وقال بشر
-السنيورة بتاعك هى اللي هتدفع تمن وساختك معايا زمان يا واطي......
***********
إستغربت إسراء كثيراً لما سمعته..وجعلت الأفكار تعصف برأسها لتقول بتساؤل
-إزاي يعني
وكان رده الضحك بهستيرية..ضحك بمرارة وقال بصوت ساخر
-سعاد هانم كانت عاملة الملعوب دا فيا..هى والبت والعيال اللي إغتصوبها..
جحظت عيناها من فرط الدهشة..وملامح الصدمة مُرتسمة على وجهها..ليضحك قائلاً
-لأ متتصدميش دلوقتي..الصدمة لسه بعدين..
-قالت بصوت متحشرج وإلتمعت عيناها بالدمع:كـ..كمل
-أجابها بضعف:حاضر..سمعت ومكنتش مصدق..حاولت أكدب بس سمعت كل حرف وكل كلمة..دخلت زي المجنون..وإتكلمت معاها بالهدوء والعصبية..بالتفاهم والعنف..مسبتش طريقة إلا لما حاولت أفهم ليه..وجالي الرد اللي مستوعبتوش.."عملت كدا عشان أفوقك"..وكان ردي.."أنا سيبالك الدنيا وماشي"
أخذ نفس عميق..وإبتلع لُعابه بتوتر..فالقادم كان أصعب مما مر به..ليُكمل بصوت متحشرج...
-ولما جيت أمشي..لاقيت البوليس قابض عليا بتهمة الإغتصاب وإتجار مخدرات..بصتلها وإترجتها تقولهم إن كل دا كذب..بس نظرتها كانت باردة..ولا كأني حفيدها..المهم أخدوني ودخلت القسم فضلت أحلف وأدافع عن نفسي بس ..ولا حياة لمن تُنادي..الظابط قالي إن كل الأدلة ضدي..
نهض عن قدميها..وبدأ جسده بالتشنج..والإرتعاش..والدموع هبطت من زرقاوتيه..إنتفضت هى من مشهده البشع ذاك..جذبت يده..وبدأت في فركها..ضربته بخفة تارة..وبحدة تارة أخرى عله يستجيب..ثم نادته بصوت مرتعش
-رائف..رائف..بصلي..رائف..حرك عنيك..وتابعني
أمسكت يده وأخذت تفتح قبضته وتضمها..وقامت بعمل تمارين..حتى إنتهت نوبته تلك..نظرت له بقلق واضح ثم سألته
-أنت كويس!!
أماء برأسه لأعلى وأسفل بمعنى "نعم"...مددته على الفراش برقة قالت بهدوء
-كفاية كدا إنهاردة..
ثم توجهت ناحية الكومود وأحضرت كوب ماء..توجهت ناحيته وأعطته إياه..أخذه منها وأرتشفه مرة واحدة..وضعت الكوب ثم عادت لتدثره وتخرج..فوجدت يده تُمسك بيدها وقال بنبرة ضعيفة
-خليكي..خليكي أكمل..عشان مش مستعد أعيش دا تاني..مش هيبقى عندي الشجاعة إني أحكي
جلست على طرف الفراش وقالت بتردد
-لأ..كفاية..أنا..أنا..آآآآ..خايفة عليك
إعتدل في جلسته ثم إبتسم وقال
-لأ..متخافيش..كل حاجة لازم توضح النهاردة..
-أماءت برأسها بـ إستسلام:طيب
جلس بجانبها..أخذ أنفاس عميقة متتالية..عله يسترخي..ثم أكمل بهدوء نسبي
-محدش صدقني..بمعنى أصح..أثبتوا التهمة عليا صح..وإترميت فالسجن بعد ما إتحاكمت..رحلوني عالسجن..أخدت تلات سنين..معرفش إزاي.مع إن دي مخدرات...
-قاطعته وقالت:دا عشان مفيش قضية أصلاً..حكم التلات سنين جه ع الإعتداء بس..
-أماء برأسه موافقاً:صح..عرفت بعد ما طلعت إن مفيش مخدرات فـ الموضوع أصلاً..بس أهي كانت بتربيني
-ثم تابع بهدوء ما قبل العاصفة:دخلت السجن..رغم إني زي ما بيقولو مقطع السمكة وديلها..بس دخول مكان زي دا وأنا لسه شاب عندي 18 سنة..مرعب يا إسراء..شهرين قضتهم ذل ومرمطة..وضرب وإهانة..كنت لوحدي..وكان باين عليا ابن ناس..فـ كل اللي فـ السجن كانوا شايفيني إشتغالتهم...
تسارعت أنفاسه..وجف حلقه..فما سيرويه..هو جزء من عذابه المُحرق..جزء ساعد في تكوين شخصية رائف الأسيوطي..
-و فـ يوم ما قررت أتحدى واحد منهم عشان أقدر أواجه بعد كدا..حصلي موقف عمر ما هقدر أنساه.......
عودة إلى وقت سابق
إنتهت المشاجرة بين الشاب وذاك السجين ذا الوجه المشوه..بسباب لاذع من كلا الطرفين..ليقول صاحب الوجه المشوه
-أنت اللي جنيت ع روحك يا روح أمك
-فـ أجابه رائف بحدة:اللي عندك إعمله..
-أجابه الأخر بتوعد:ماشي يابن الـ*****
أبعد رائف الرجال الممسكين به وتوجه ناحية فراشه..جلس عليه بغضب..وهو يمحي الدماء التي سالت على فمه..ليأتيه أحد المسجونين..الذي أعطاه منشفة ورقية وقال بتهذيب
-خد دا..أمسح دمك..
-أخذها رائف بحدة وقال:ماشي
جلس الشاب بجانبه..وربت على فخذه وقال بتفاخر
-عاش يا وحش..جدع إنك مسبتش حقك
-نظر له رائف بطرف عينيه وقال:وحد قالك إني هسيبه..
-فسأله الشاب:اسمك ايه يا هندسة
نظر له رائف بحدة..ولم يرد..فعاود الشاب سؤاله بمرح
-ياعم شكلنا مطولين هنا..نونس بعض
-أجابه رائف بضيق:رائف
-ليُجيب الشاب وهو يضع يده على صدره:عاشت الأسامي..وأنا نادر...سكت ليسأل:وجاي فـ إيه
-أجابه رائف بتهديد:متدخلش فـ اللي ملكش فيه..وقوم بقى عشان أنا مش طايق نفسي..
نهض نادر ولا زالت الإبتسامة المرحة على وجهه وقال
-ماشي..هقوم دلوقتي..بس لينا كلام فـ وقت تاني...سلامو عليكو
وتحرك نادر وسط نظرات رائف الساخطة..
حل الليل..نهض رائف من نعاسه..فشعر بحاجته لدلوف المرحاض..نهض بتكاسل..ودلف...
تابعته نظرات..لينهض أحدهم وتبعه ثلاث أشخاص..دلفوا خلف رائف وأوصدوا الباب جيداً..ليخرج رائف ويجد أربعة أشخاص يقفون أمام أحواض الإغتسال..نظر لهم بضيق ثم قال بضجر
-وسعوا عاوز أغسل إيدي
وأفسحوا المجال وعلى وجههم نظرات شيطانية..إغتسل رائف..وقام بغسل وجهه..رفع نظره ليري إنعكاس صورته في المرآة المتسخة..ليجد يد أحدهم إمتدت وضربت رأسه في المرآة التي تهشمت وأحدثت دوي عالي..كما أُصيبت رأس رائف بشدة وسالت الدماء..تأوة رائف وقال بغضب
-اااااه...يا ولاد الـ***
وبعد تلك السبة إنهالوا عليه بالضرب والسباب..وبعد أن خارت قواه قليلاً..حتى قيده إثنان منهم..والثالث قام بتمزيق ملابسه..ليقول رائف بضعف
-أبعد أنت وهو..والله لاوريكوا
-ضربه أحدهم في معدته وقال بشراسة:أخرس يالا..ثم نظر لرابعهم..وأنت أخلص
أخرج أحدهم سكين صغير "مطوة"..وجثى على ركبتيه وإقترب من وجه رائف وقال بنبرة شيطانية
-عشان تحرم تتعدى على أسيادك..
ويد الرجل أمسكت فك رائف بشراسة..وبدأ في تجريح وجه بشدة..ولم يكتفي بذلك..بل توجه ناحية ذراعيه..وجرحهما بدئاً من كتفيه حتى كف يده..في كِلتا ذراعيه..وكذلك قدميه..من بداية فخذه حتى أصابع قدمه..
تأوة رائف بعنف..وبكى ذليلاً..لعن ذلك الضعف..وتلك العائلة التي قذفت به إلى التهلكة..ظناً منها أنه الصلاح..أو هكذا يعتقد..
إبتعد الأربعة عنه..ليرى ما فعلوه به..الأرضية ملوثة بالدماء..أنفاسه التي تخفت..جسده المُسجى بلا حراك..فبصق أحده على وجهه وبطريقة مُقززة..وقال
-إبقى إغلط تاني..يا ***
تركوه..يُعاني من الإذلال..الضعف..الكره..الحقد..الغضب..وبعد تلك الليلة المُفزعة..والمُشينة له..محى الضعف من قاموس شخصيته..التي شكلت جزء من شخصية رائف..
عودة إلى الوقت الحالي
هنا ولم تستطع كبح دموعها..وشعورها بالشفقة تجاهه..تألم وبشدة..جزء من العذاب..الرحمة المنزوعة من قلوب البشر أجبرته هو الأخر على التخلي عنها..
أما هو فأكمل ما تبقى من السرد بجمود..نهض عن الفراش وخلع عنه سرواله وقال لها بنبرة جامدة
-دا جزء من اللي شكل شخصيتي..مرتضش أعملها تجميل زي ما عملت لباقي جسمي..قولت أسيب حاجة تفكرني بالماضي..عشان مرجعش ضعيف درس إتعلمته ولازم أسيبله أثر..أنا شاكر للندبتين دول ع اللي وصلوني ليه
لم تُعاتبه..ولم تُجادلة..لا يجب أن تستهين بألم رجل..لا تستهين أبداً بألم الذئب..فالحياة البرية أجبرته على الإفتراس
إرتدى سرواله مرة أخرى..جلس بجانبها وأمسك يدها وقال بخفوت
-عشان كدا بكرهم..ودا جزء من اللي حصلي بسببهم...متزعليش من اللي حصلي ومتعيطيش..أنا بقيت أقوى باللي حصل
-سألته بشرود:طب والبنت دي مين..
وأفاقت من شرودها على صوت ضحكاته اللاذعة..وصوتها المُتألم..إمتزج بكائه مع ضحكاته وهو يقوب بسخرية
-هنا بقى النكتة كلها
عقدت ما بين حاجبيها..ليُكمل هو بمرارة
-سعاد هانم..خططت تخسرني كل حاجة..وكل حد عرفته بدأت بيكي وأنتهت بأحمد
-سألته بتعجب:إزاي
-نظر لها بقوة وقال بنبرة تحمل السخرية:أصلها طلعت البنت اللي بيحبها أحمد صاحبي.......................