رواية عشق الذئاب الفصل الرابع و العشرون 24 بقلم اسراء على


 رواية عشق الذئاب الفصل الرابع و العشرون


أسمعتم بالهدوء ما قبل العاصفة!!..بالطبع سمعتم..ولكن حياته لم تتسم بالهدوء أبداً..فالهدوء بالنسبة له عاصفة..عاصفة يتبعها إعصار يقتلع الكل من جذوره..

..لا يحق له أن يعشق..لا يحق أن يحيا بهدوء..كيف له الحق..وهو قد خسر الحق!!!....

صدمة..تليها صدمة..وكارثة..تتبعها كارثة..صمتت هى تستوعب ما يُقال..نظرت لوجهه..لتجده خالي من التعبيرات بالرغم من معالم السخرية والألم المُرتسمة على وجهه..

وبلا أي مُقدمة إرتمت في أحضانه تبكي..لا تعلم أهى تحتوي!!..أم هو يحتويها!!..ولكنها شعرت بحاجة قوية لكي ترتمي في أحضانه..أما هو فـ إستقبلها في أحضانه برحابة صدر..سمع صوت أنينها الخافت..ودموعها تُبلل منكبه..أحاطها بذراعيه..ثم خرجت منه أهه صغيرة تبعها حديث بصوت خافت

-عشان كدا..مكنتش عاوز أحكيلك..أنا إستحملت عشانك..ولسه عندي إستعداد أستحمل أكتر وأكتر..رأفت اللي عرفتيه..مات وفضل رأفت وبس

نطقها لتفتح جفنيها بسرعة..ثم إبتعدت عنه قليلاً وقالت برجاء

-لأ..بلاش تموت رأفت..أنا حبيت رأفت..وصاحبته..أنا دلوقتي بس مقدرش ألومك ع اللي حصلك زمان..أنا مقدرش أعاقبك ع حاجة ملكش إيد فيها..بس رأفت مينفعش يموت

حرفان..حرفان تبدلا فقط..تغير الاسم ليتغير الشخص..حرفان لعينان..كانا لعنته..ومازالت..حرفان كانا بداية عشق ملعون..عشق الطفلة..والحرفان أيضاً..كانا سبب مقت تلك الطفلة الشابة له..

-إبتسم بحب وقال بسعادة:وعشان خاطر زهرة مش هدفنه..بس إوعديني
-تساءلت:أوعدك بـ إيه؟!
-أمسك يدها وقال:ساعديني..أدفن كل الماضي..عشان أبدأ من جديد..جمبك أنتي وبس..أنتي وبس
-قالت بتردد:بس..بس..عيلتـ..آآآ
-وضع يده على فاها ثم قال بغيظ:بلاش هما يكونوا فالموضوع اللي شوفته كتير..مش هقدر أسامح بسهولة..مش هقدر أسامح أصلاً..

سكتت..وخنعت..لم تمتلك ولو مقدار ذرة لدفاع عنهم..هو لديه الحق..لديه كامل الحق..ولما لا وهو ذاق العذاب ألوان..ذليل..ضعيف..خانع..وتعرض لأبشع طرق الخيانة..وما ذنبه سوى أنه كان نجل عائلة الأسيوطي..

-نتهد رائف بخفوت وقال:إسمعيني..أنا مش هقدر أسامح..أولاً عشان اللي عملوه فيكي..واللي عملوه فيا...

أماءت برأسها بخفوت..إبتسم بعذوبة وكأنه لم يكن بعذاب مُنذ قليل..حاوط وجهها بكلتا يديه..ثم طبع قُبلة على جبينها..ثم جذب رأسه في أحضانه وعلى صدره بالقرب من قلبه..وقال بنبرة مُتيمة

-أنتي اللي مصبراني ع كل حاجة..ظهورك فـ حياتي تاني..دا نعمة من ربنا مقدرش أبعدها عني..خليكي جمبي..قويني

وما كان ردها سوى دمعات متتالية تهبط على وجنتها..تشعر بالشفقة..وتشعر بالخزي عليه..تشعر بالخوف عليه..تشعر بقلبه المحطم لفتات..ذلك الصخر الذي وضعه مكان قلبه..تفتت.....

صوت الهاتف أجفل كلاهما..أبتعدت عنه ومدت إبهامها تُزيل حبات اللؤلؤ المتساقطة من مقلتيها..بينما أخرج هو هاتفه ليمتعض وجهه..وتحول لسواد قاتم..لاحظت تعابير وجهه فسألته بتوجس

-مين!!
-أجابها بجمود:محي بيه
-فردت عليه مسرعة:طب رد
-لياتيها صوته الحازم:لأ..

إنقطع الإتصال..ليعود من جديد..فأجابت بنزق

-رد وبطل عناد..ممكن يكون حاجة مهمة..
-زفر بغضب وقال:طيب

نهض عن الفراش..فتح الخط ثم وضعه على أُذنه ليقول بنبرة جافة

-خير
-أتاه صوت محي قائلاً:تعالى دلوقتي ع القصر
-ليقول بتأفأف:ليه!!
-أجابه محي بـ إقتضاب:عشان..تلحق سمعة مراتك

نظر لها بغموض..لتقطب حاجبيها بتساؤل..ليقول وهو ينظر لها دون أن يحيد بنظره عنها

-ماشي..عشر دقايق وأكون عندك..
-تمام..متتأخرش

وأغلق الهاتف..مسح على وجهه..وأغمض عيناه قليلاً ليجد يداها تمتد على كتفه وتسأله بخفوت

-في حاجة مش كويسة!!
-أمسك يدها التي على كتفه..قبلها ثم قال بهدوء:لأ مفيش..بصي هروح مشوار وجاي..تمام!!
أماءت برأسها وقالت:تمام

إبتسم بحب ومال على أذنها وهمس بـ إغراء

-بعشقك يا زهرتي

ثم قُبلة خفيفة أسفل شفاها..إبتعد ليجدها مُغمضة العينين..ليعاود الكرة مرة أخرى ولكن بقُبلة أعمق..إبتعد أخيراً..وقال بهدوء

-مع السلامة..متفتحيش الباب لحد..تمام!
-أجابته بخجل وهى تخفض رأسها أرضاً:تمام

وتحرك خارج المنزل وتركها..متجه لأكثر مكان يكرهه........

******************

إرتدى ملابسه على عجالة وهو يسمع الطرف الأخر يُجيبه

-لسه نازل يا باشا
-أجابه بسعادة:تمام..نص ساعة وجاي
-أؤمر ياباشا..أنا هراقب الجو....

وأغلق الهاتف..ليجد سوزي تقف أمام باب الغرفة وتسأله

-خير رايح فين!!
-أجابها بغموض:رايح أصفي حساب وراجع
-عقدت ما بين حاجبيها وتساءلت:حساب إيه

أقترب منها وطبع قُبلة سريعة على شفتيها وقال

-لما أجي هفهمك..أنتي معندكيش شغل
-أجابته بدهشة:بعد اللي رائف عمله..الشغل واقف
-أجابها بـ إقتضاب:أحسن..سلام

خطى خطوتين..ثم رجع مرة أخرى وقال بغموض مخيف

-لما أرجع..هقولك ع حاجة هتعجبك..يلا سلا
-أجابته بشرود:سلام

وإنطلق أحمد سريعاً..وهو يُمني نفسه بالإنتقام..إنتقام حلم به لمدة عشر سنوات..حان وقت العقاب..والمذنب سيُعاقب..وكذلك البرئ سيُعاقب..لا إستثناء..لا شفقة أو رحمة..

ركب أحمد سيارته..وأدار المحرك..إنطلق بالسيارة..وهو يضغط على المقود بقوة نابعة من إصراره..ليقول بتوعد

-العين بالعين..ونهلة بـ إسراء والبادي أظلم..وأنت اللي أبتديت يا رائف..ولازم تدفع التمن..........

***************
وصل رائف بوقت قياسي إلى القصر..ما أن وصل إلى البوابة السمراء الضخمة حتى أطلق أبواق سيارته..فإندفع أحد الحرس وهو يؤدي تحية ودية

-رائف باشا..يا أهلاً...

أشار لأحد أصحابه وقال بصوت عالي

-أفتح يا عطية..نظر لرائف مرة أخرى...منور القصر يا باشا

أماء رائف برأسه ولم يتحدث..ما إن إنفتحت الأبواب حتى إنطلق بالسيارة سريعاً..وصل لباب القصر..ليجد إحدى الخادمات بـ إنتظاره..سألها رائف بـ إقتضاب

-محي بيه فين!
أجابته الخادمة بدبلوماسية:مستني حضرتك في الصالون

وتحرك من أمامها..ودلف إلى الداخل...ليجد كم صحفيون هائل..لمحته سعاد فـ إتجهت ناحيته قائلة

-أخيراً..جيت..كنا مستنينك
-أجابها بجفاف:فين دكتور محي
-مش هتسلم عليا
-نظر لها بلا ملامح وقال بجمود:مش فاضي للكلام الفاضي دا..فين محي بيه
-أتاه صوت محي:هنا أهو

نظر له رائف..ثم قال 

-فهمني إيه دا!!
-أجابه بجدية:دا اللي هينقذ سمعة مراتك

نظر له بـ إستهجان ثم قال بسخرية

-كتر خيرك يا دكتور محي
-تجاهل سخريته وقال:مش وقتك..أنا بعمل كدا عشان خاطر رحمة..قبل خاطرك

ومع ذكر رحمة..إنتفضت خلايا رائف..وإرتعشت أطارفه..إلا أنه تمالك نفسه وقال بجمود

-أنا لو هعمل كدا فهيبقى عشان خاطر مراتي..مش حد تاني
-ربت على كتفه وقال:وأنا مش عاوز غير كدا

ودلف الثلاثة إلى غرفة الصالون..ليجتمع الصحفيون..وجلسوة في أماكنهم المخصصة..وجلسا الثلاثة في أماكنهم..ليبدأ المؤتمر بكلمة محي الجدية

-دلوقتي المؤتمر دا بخصوص سوء الفهم اللي حصل مع زوجة ابني..رائف الأسيوطي..
-ليسأله أحد الصحفيون وهو يُمسك بيده مُفكرة:رد حضرتك إيه عن الكلام اللي إتقال ع زوجة حضرتك يا رائف بيه؟!!

جز رائف على أسنانه وكور قبضته..في محاولة لكبح غضبه..ليقول بحدة

-مسمحش لحد يتكلم عن مراتي كلمة..مراتي أشرف من أي كلب فيكو يقول عليها كلمة..
-مال عليه محي يقول له بهمس:إهدى شوية

نظر له رائف بطرف عينيه ولم يرد..بينما باغته أخر بسؤال

-طب ليه مأعلنتش عن الزواج ومعملتش فرح
-أجابه رائف بجمود:حاجة شخصية متخصش حد
-سألته أخرى:طب هى فعلاً..مش فتاه ليل زي ما بيقولو

هنا وأنفجر صائحاً كثور هائج..ليقول بصوت هادر إهتزت له جدران القصر

-إسمعوني كويس عشان مش هعيد كلامي مرتين..مراتي محدش يفكر بس..مجرد تفكير يسئ ليها بكلمة عشان نهايته مش هتكون حلوة..واللي نشر الكلام القذر دا مش هسيبه وهيتحاسب..وكلام تاني فـ الموضوع دا أخرته مش هتعجبكوا...ثم قال بـ إقتضاب:المؤتمر إنتهى...

وسار وسط الهمهمات التي إنتشرت بين الجالسين..ونظرات محي وسعاد الحائرة..نتهد محي بيأس ثم قال بـ إبتسامة مصطنعة

-المؤتمر إنتهى..تقدروا تتفضلوا
-أتاه صوت أنثوي يقول:وبالنسبة للموضوع التاني يا دكتور محي
-أجابت سعاد بحنكة وهدوء:إن شاء الله..فوقت تاني..بعد إذنكوا..

وتحرك كلاهما خارج الصالون..لتقول سعاد براحة صغيرة

-كدا خلصنا من أول حاجة..الحاجة التانية إمتى!!
-أجابها بجدية:لما رحمة تفوق..عشان ميتفتحش تاني........

****************

يتألم هو بخفوت..وصوت أنينه المُزعج يتردد صداه في المكان..ليقول بصوت ضعيف مُتألم

-ميه..عاوز ميه يا ناس

وأتى على صوته الخفيض أحد الحرس ليقول له بحدة

-عاوز إيه
-عبدالله بصوت مُنهك:ميه..هموت من العطش

تأفأف الحارس من ذلك الرجل..ولكن الأوامر تقضي بعدم موته ليقول له بضيق

-طيب يا خويا..لولا إنك محسوب علينا روح..كنت سبتك تموت..دا غير رائف بيه واللي عاوزه منك

وتحرك الحارس..وبعد قليل عاد بكوب الماء..حرك الحارس جسد عبدالله بقدمه وقال بعنف

-خد مايه أهيه

ومد يده..وأخذها عبدالله ليرتشفها..ومن ثم إرتمى بجسده على الأرضية الإسمنتية الصلبة..رحل الحارس ليقول عبدالله بندم ودموع

-دا ذنبك يا إسراء..إتذليت زي ما عملت معاكي..دا ذنبك يا بنتي..ربنا يسامحني ع اللي عملته فيكي...

*************

قاد سيارته بسرعة فقد أكله الشوق ليرى زهرته..تذكر مُنذ قليل إرتمائها في أحضانه..وحثه على النهوض والمقاومة..تذكر برائتها وخجلها وهو يُقبلها..ليبتسم بحب وقال 

-ياااااه..ياااه يا زهرة..متتخيليش أنا بموت فيكي قد إيه..

أوقف سيارته أمام محل يبيع الشيكولاه..دلف إلى المحل وجاب بعينيه حتى عثر على مُبتغاه..هى تعشق الشيكولاه البلجيكية وبشدة..تذكر عندما أحضرها لها أول مرة وكم حازت على إعجابها لتُصبح عادة..يأتي بالشيكولاه ليحصل مقابلها على قُبلة طفولية بريئة على وجنته..إبتاعها ثم خرج..وقاد سيارته عائداً لها..

وصل بسيارته أسفل المبنى..وقلبه يُسابقه لكي يصل إليها..وبالفعل وصل..وإبتسامته تكاد تشق وجهه..دلف ليجد السكون يعم المكان..فرجح أنها نائمة..فتوجه لغرفتها كي يطمأن عليها..طرق على الباب بهدوء وقال بصوت هادئ

-إسراء!!

وعندما لم يجد رد..دلف..دلف ليهالة ما رأه..

مقيدة هى على مقعد..يديها وقدميها وفمها..مُقيدون بالأشرطة اللاصقة..ودموعها تزين وجهها الملطخ بالدماء..وأنفها يسيل منه الدماء المـجلطة..عيناها جاحظة خوفاً..وألماً..وركض مسرعاً..ناحيتها ليفك أسرها..ليتجمد مكانه عندما سمع صوت آلفه قبلاً..وهو يقول بنبرة شيطانية

-ليك واحشة يا رائف يا راجل والله.............

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1