![]() |
رواية عشق الذئاب الفصل الخامس و العشرون
التأخر في الإنتقام..يجعل الضربة أشد قساوة
جون فورد....
يجلس بلذة منتصر..جالس على إحدى المقاعد الوثيرة التي بيدو عليها الثراء..يضع قدم فوق أختها..ويداه الإثنتين تستندان على مسندي المقعد وبيده مسدس كاتم للصوت....
تلك الجلسة المُخيفة..ناهيك عن الملامح الشيطانية المُرتمسة على وجهه..جعلت رائف مُتبيس مكانه..وفجأة نهض أحمد عن مجلسه وقام بـ إحتضان رائف بخبث..ثم قال له بمكر
-أقعد يا راجل ليك وحشة..إقعد عندنا كلام كتير..إعتبرها حكاوي قهاوي..
لم يستمع له بل إتجه بناظريه تجاة الخائفة..إنحنى قليلاً..حاوط وجهها بيديه وقال بقلق
-عملك حاجة
هزت رأسها بالنفي..ليأتيه صوت قهقهات أحمد المستمتعة ليقول بنبرة شيطانية
-تؤتؤتؤ..مأذيتهاش يا رأووف....إمتعضت ملامح وجهه وأظلمت بشر ليقول....مش هأذيها إلا قدامك...
إلتفت له رائف وقال برجاء:حسابك معايا أنا بلاش هى..هى ملهاش ذنب
-صرخ به أحمد بشدة وقال:ونهلة كان ذنبها إيه
تحرك قليلاً..وأشار بمسدسه لرائف كي بيتعد عنها..فرفض رائف..مما أدى لإطلاق رصاصة عشوائية..أصابت ذراعها..صوت صراخها المكتوم مزق قلب رائف بشدة..حاول رائف الإنقضاض عليه..لتتبعها رصاصة أخرى مرت بجانب أذنها..صرخت بألم..قبل وجعها..أما رائف فتيبس مكانه وصرخ بتوسل
-خلاص..خلاص..أنا هبعد..بس سيبها تروح..خليني أوديها المستشفى بس وإعمل بعدها اللي عاوزه فيا
-أتاه صوت أحمد القاتم والمصر وبشدة على الإنتقام:مش عاوزك أنت يا سي رائف..أشار بمسدسه تجاهها وقال...عاوزها هى..ويلا يا شاطر إبعد عنها...
إمتثل رائف لكلامه مضطر..وهو يعصر عقله لإيجاد حل لتلك المعضلة..ظل يرسل لها نظرات مطمأنة..وهو يلاحظ علامات الإجهاد التي وضحت جلية على وجهها..وقف أحمد بجوارها..وأخرج شريط لاصق مُثبت بطرف مقعدها..ثم حل قيدها..وقال لها بفحيح أفاعي مخيف
-يلا يا قلبي روحي إربطي جوزك..ربطة محترمة..
لاحظ هو ترنحها..وخفوت حركتها..فضغط على جرحها بقوة..صرخت متألمة على إثرها..وكاد رائف يتحرك تجاهه وعلى وجهه علامات نذير شؤم..ليوقفه أحمد وهو يوجه فوهه المسدس ناحية رأسها..ثم قال بتحذير
-ها..ها..لو مستغني عن السنيورة قرب خطوة واحدة..
جز رائف على أسنانه..وكور قبضتيه..وقلبه يعتصر ألما على محبوبته..فـ أخطاء الماضي تتحملها هى..وهى لم تُخطئ. سوى كونها بريئة..
نهضت إسراء بخطوات مترنحة..وجسدها يرتعش بشدة..ودموعها تتسابق في النزول..وصلت امامه فـ إستقبلها بـ إبتسامة مُشجعة..وصلت ليأخذ منها الشريط اللاصق وبدأ في تقييد نفسه بقوة..بدأ بقدمه ثم تبعها يده..طلب منها تقييد يده الأخرى
-تعالي إربطي إيدي التانية
تقدمت ونظرات أحمد تلتهمها إلتهاماً..ونظراً لضعفها لم تستطع تقييد يده بقوة..وهذا ما تمناه رائف..جذبها أحمد من ذراعها وقال لرائف بشر
-نبدأ بقى برد الدين يا صديقي............
**************
نزلت صفاء من قوقعتها..وقررت شراء بعض الأشياء الضرورية..عسى يأتي زوجها..وقفت أمام بائع الخضراوات والفاكهه بعباءتها القديمة وجحابها الملفوف بعشوائية...لتقول بنبرة عادية
-سلامو عليكوا يا حج لطفي
-رد عليها لطفي بـ إبتسامة:وعليكوا يا ست صفاء..أأمريني
-صفاء بـ إمتنان:الأمر لله..كنت عاوزة كيلو طماطم..وكيلو خيار..
-تحرك الحاج لطفي في المحل وهو يقول:حاجة تانية يا ست عواطف
-أجابته بـ إقتضاب:لأ..شكراً يا حاج
أنتهى الحاج لطفي من تعبئة ما طلبته وأعطاها إياها..لتسأله وهى تعبث بمحتويات حقيبتها المهترئة
-حسابك كام يا حاج
-أجابها بعملية:خمسة وعشرين جنية
-شهقت فزعة وقالت بصراخ طفيف:ليه كدا يا حج
-رد عليها بلامبالاه:الحاجة غليت
مصمصت شفتيها بغيظ طفيف..ثم أخرجت النقود وأعطتها له..فسألها بتودد
-أومال فين الحج عبدالله..مختفي كدا بقاله فترة
-أجابته بتوتر وتراكمت حبات العرق فوق جبينها:دا..دا..فـمأمورية تبع الشغل..
-أماء برأسه بتفهم وقال:ربنا يديله الصحة..
وبدى على وجهه أنه يريد قول شيئاً ما..فسألته صفاء بتوجس
-خير يا حج لطفي..كنت عاوزة ليه
سعل الحاج لطفي..لكي يُنظف حلقه..وقال بصوت رخيم
-كنت عاوزه فـ موضوع يخص بنتكوا
-ضربت صدرها بيدها وقالت بفزع:مالها بنتي!!
-أسرع في إجابته:لالالا..مفيش حاجة متقلقيش كدا..بس..كنت عاوز أتكلم مع الحج عبدالله وطالما هو مش موجود..وأنتي يا ست صفاء موجودة..و زي ما يهم الحج عبدالله..بردك الموضوع يهمك..وآآآ..
-قاطعته بضيق:قصرو يا حج
-أجابها بثبات:كنت طالب إيد الأنسة بنتكوا..
-شهقت مصدومة:بنتي أنا..لمين!!
-بدى الإرتباك جلياً على وجهه وقال بتوتر:ليا..ليا يا ست صفاء.......
***********************
صرخ رائف بحدة وخوف قائلاً
-أحمد..سبها هى ملهاش ذنب..
-صرخ أحمد به بغلظة:أخرس..يا ***..هى هتتدفع تمن عمايلك..لازم حد يتحاسب
-ليقول رائف بـ إندفاع:نهلة لسة عايشة
تجمدت خلايا أحمد وهو يشعر بدوار عقله..رمش بعينيه عله يستوعب ما حدث..صدمته كبيرة..من أحبها قلبه لا زالت على قيد الحياه..ليقول بغضب
-كدااااب..أنا شوفت جثتها فـ المشرحة..مش هتقدر توقفني عن إنتقامي..
ثم صفع إسراء على وجهها ودفعها بحدة فوق الفراش..وسط صرخات رائف دموعه التي تتوسله بالتوقف
-أحمد..بلاش إبعد عنها..هتندم
ولم يستمع جثى فوقها..وكبل يدها..وهى تصرخ وتستنجد برائف..دموعها تنهمر بلا توقف..ورائف يصرخ بحدة وتهديد
-والله هقتلك..سبها وإبعد..خد حقك مني أنا بلاش هى
-أجابه أحمد وهو يُحكم قبضته عليها:هى اللي هتدفع التمن..ومصيرها أنت اللي كتبته زمان يا ***
نظر لها وبدأ في تمزيق ملابسها..وهى تصرخ بشدة..وجسدها يرتجف خوفاً..وهلعاً..صرخاتها تصم الأذان..وتُمزق قلب رائف..الذي زمجر غضباً..وبدأ يتحرك بـ إنفعال عن كرسيه..يحرك قدميه ويديه بعصبية..ليسمع صوت صُراخها المكتوم..ليجد أحمد قد كمم فاها بشفتيه القذرتين..وينهال بقُبلاته القذرة عليها..وعلى وجهها..شفتيها..ما ظهر من جسدها..يداه التي تُتحدد منحنيات جسدها ط..ليصرخ رائف بألم...
-لاااااااااا
****************
جلست سوزي بتوتر على الأريكة البيضاء..وهى تهز قدميها بعصبية شديدة..ورأسها يشتعل من كثرة تفكيرها..ماذا يقصده بما قاله!!..وما الشئ الذي سيفرحها بشدة!!..ولم يخرجها من إعصار تفكيرها إلا صوت الباب..وأحدهم يطرق عليه بعنف...
تقدمت بخطوات متعجلة ظناً منها أنه أحمد..ولكن خاب ظنها عندما وجدتها صديقتها..رحبت بها كثيراً..ثم دلفت..لتقول صديقتها
-جوزك هنا!!
-أغلقت سوزي الباب وقالت:لأ يا حبيبتي إتفضلي..
دلفا كلاهما ليجلسا على الأريكة..لتبدأ سوزي الكلام متسائلة بجدية
-أنتي ليه بتختاري الأوقات اللي جوزي مش هنا فيها وتيجي!!
-إبتسمت بتوتر وقالت بنبرة مرتبكة:هاااه..لا أبداً..بس عشان ميبقاش فيه إحراج..المهم كنتي عاوزاني فـ إيه!!
-أجابتها سوزي بشرود:أحمد بقاله مدة متغير..مش عارفة ماله..والنهاردة قالي حاجة غريبة..
عقدت حاجبيها بتساؤل وقالت:إيه هى؟!...
نظرت لها بقوة..ومن ثم قالت بنبرة حزينة يشوبها الخوف
-قالي إنه رايح يصفي حساب..ولما يرجع في حاجة هتفرحني
-إبتسمت صديقتها وقالت بهدوء:وخايفة ليه؟!!...
-أجابتها بتردد:لأن..أحمد..عمري ما شوفته كدا..مبسوط وإنبساطه دا..وراه حاجة مش كويسة
-طب وليه مفترضيش إنه حاجة كويسة
-ردت عليها بيأس:مش عارفة..بس خايفة
أمسكت رفيقتها يدها وقالت بهدوء
-متفكريش كتير عشان متتعبيش..سيبي الأمور تمشي بسلاسة..وكل حاجة هتوضح...
-أجابتها بشرود:تفتكري يا نهلة..
-نهلة بثقة:أفتكر جداً.......
**************
كان كالثور الهائج وعيناه محتقنتان..غضبه وخوفه هو ما دفع الإدرنالين لكي يتدفق بشدة في جميع خلايا جسده..لتجعله يحطم المقعد الخشبي..بقوة..وهو يسمع صوتها يستنجد به...
وفي ظل ثورة أحمد وقد أعماه غضبه..لم يسمع صوت تحطم المقعد ولا صوت أقدام رائف التي تلتهم الأرض سريعاً بغضب وقوة..ليجد يد تمتد إليه وتجذبه بعنف واضح..ليسدد رائف لكمة قوية أسجته أرضاً..
توجه رائف ناحيتها ليجدها منكمشة على نفسها وتبكي بشدة..صوت شهقاتها مُفزع حد الموت..خلع عنه قميصه وألبسها إياه..ثم أنهضها وقال بقلق
-أنتي كويسة!!
أماءت برأسها..ثم إتسعت عيناها هلعاً.لتقول بفزع ورعب حقيقي
-حاسب
إلتفت رائف ليجد أحمد موجه مسدسه ناحيته........
**************
دلفت سعاد غرفة رحمة التي لا زالت في سكونها..مُمدة..ساكنة..بشرتها شاحبة كالموتى...تقدمت سعاد من فراشها وهى تستند على عصاها الخشبية..ثم جلست بجانبها وبدأت في الحديث بـ إسترسال
-رحمة..أنا عارفة إني أخر واحدة يحقلها يتكلم معاكي..مش هقولك إني مغلطش وإني عملت كدا لمصلحة أبني..
سكتت قليلاً لكي تستعيد أنفاسها وقالت بخفوت
-محي كان بيحبك بجنون..ولسه ما زال..ولسه باقيكي ع ذمته..وبرضو منال ع ذمته..مش هقولك إني مظلمتش..لأ أنا ظلمت كتير وأولهم رائف اللي إتظلم من غير ذنب..غير إنه إبنك..
دلكت جبينها قليلاً..لتعاود الحديث برجاء وهى مُمسكة يدها
-قومي يا رحمة..كل حاجة متوقفة عليكي..أنتي اللي هتحلي البازل دا..ورائف مش هيسامحني إلا بيكي..رائف ميعرفش إنه بيحبك..قومي و فوقي وخليه يحبك..وأنا هصلح غلطي معاكوا..وهسيبلكوا كل الدنيا بعدها..لأني تعبت من الماضي وتعبت من ظلمي اللي ظلمني وظلمكوا معايا
نهضت عن مقعدها ثم توجهت إلى الخارج..ولكنها إلتفت مرة أخرى قائلة بقوة
-حاربي يا رحمة..زي ما حاربتيني وحاربتي أبو جوزك زمان......
****************
وقف أمامها..وخبأها خلفه..أمسكت هى بظهره العاري من الخلف تحتمي به..خبأت رأسها وظلت تبكي بخفوت ليقول أحمد وهو يمسح دمائه
-متخبهاش عشان دورها جاي
-أجابه رائف بغضب عارم:أنا مش هسمحلك تأذيها يا واطي..قولتلك إبعد عنها ملهاش ذنب..وآآآ
-قاطعه أحمد بصوت جهوري:ونهلة مكانش ليها ذنب
-رد عليه رائف بصوت حاد:ونهلة واحدة ****..كان غرضها توقع بينا
أغمض أحمد عيناه وهو يجز على أسنانه بشراسة وهو يقول بغضب مكتوم
-أخرس
بينما أصر رائف على إكمال حديثه
-لا مش هخرس..نهلة لسه عايشة..كان غرضها زي غرض سعاد هانم..إنتقمت مني ووقعت بيني وبينك..بنهلة..ونهلة كانت واحدة رخيصة
أطبق أحمد على جفونه حتى لا تسيل دموعه وقال بشراسة
-بقولك إخرس..متجبش سيرة نهلة على لسانك
وبدى رائف أنه لا يسمعه فأكمل بـ إصرار
-دور عليها هتلاقيها..هتلاقيها قريبة من حياتك أنت وسوزي مراتك..دخلت طريق غلط يا أحمد ولازم تنضف منه..ونهلة هى اللي وصلتك لكدا..
سكت عله يستشف ردة فعله..ولكنه كان جامد الملامح..ليردف رائف قائلاً
-نهلة فتاه ليل يا أحمد..حتى اليوم المشؤوم اللي حصل دا..مكنتش عذراء..عارف يعني إيه..عارف يعني إيه سعاد هانم أجرتها وإستخدمتها ضدي وضدك..نهلة واحدة *****
وضع أحمد يديه على أُذنيه..حتى لا يسمع ذلك الهراء عن محبوبته الخجولة..ليفتح عيناه فجأة وهو يصوب سلاحه ناحية صدر رائف وقال بجمود
-كداب
ومن ثم ضغطه بسيطة على السلاح..تبعها خروج رصاصة تعرف وجهتها جيداً..لتستقر في صدر رائف..الذي إستقبلها بشموخ ذئب..يليق به..ليهوى جسده على الأرضية..لتفتح إسراء عيناها على إثر الإصطدام وشعورها ببرودة في وجهها عقب سخونة جسده التي إحتوتها..لترى جسده مسجي على الأرضية والدماء تنسال بغزارة..لتصرخ مُتألمة..وكأنها فقدت روحها
-رااااااااائف.......