البارت الخامس والعشرين "_حرية مقيدة_"
نظر بساعة يده ليجدها تشير للثالثه عصرًا ولم يستيقظ أحدًا منهم بعد، زفر بضيق وهو يتقدم من العامله التي تضع الفطور بعدما أمرها بذلك وتحدثت بأقتضاب:
_خلصي اللى بتعمليه وصحي سهر.
أومأت بالموافقه ووضعت الصحون التي بيدها وانصرفت للأعلي تنفذ ماطلبه.
وجد سيده تهبط الدرج وتتقدم نحوه والقت تحية الصباح وجلست بجواره وهى ترتشف من كوب العصير الموضوع فوق الطاوله:
_مالك مكشر ليه ع الصبح.؟
نظر لها سمير وتحدث ببعض الحده:
_مش عاجبني الحال.
تصنعت الجهل وهى تتصنع الأنشغال بالطعام:
_حال اي.
ضرب سمير على الطاوله بقوه وتحدث بحده أشد:
_حالك انتِ وبنتك، تقدري تقوليلي بيتك دا بتدخليه امتي.!!
مبتدخليهوش اصلًا وبرضوا رغم إني رجعت مكنتيش عاوزه تيجي وقاعده مقيمه عندهم انتِ وبنتك قولتي هتجوزيهاله وهتقدري ومش هيلفت من إيدك واديه أتجوز واحده غير بنتك نظراتكم ومعاملتكم مع البنت مش عجباني وهى شكلها غلبانه وكفايه بقى قلة قيمه من نفسكم لحد كدا.
نظرت له سيده وتحدثت بأنفعال حاقد:
_وانتَ عاوزني أشوف كل الفلوس دي حتة العيله دي بتتمتع بيها وبكرا تحمل وتجيب عيل يكوش على كل حاجه واقف أتفرج، أنا ليا كلام مع جليله وبكرا تشوف إني هجوزه سهر واخليه يطلق العيله دي.
نهض سمير بنفاذ صبر وتحدث بوعيد وحزم شديد تخلله الأصرار والصدق:
_قسمًا بالله ياسيده لو عرفت أنك السبب ف أي مشاكل ومؤمرات لكون مطلقك ومستريح منك ومن قرقك جتك البلا ست نكديه.
وتركها يغادر المنزل بضجر شديد مغلقًا الباب خلفه بحده، زفرت سيده بعصبيه من حديث زوجها ومن تصرفاته وحاولت الهدوء حتي تخطط جيدًا للقادم.
« _____ »
ضربتها ريهام للمره الواحده بعد الخمسين بأغتياظ شديد مخرجه بها أنفعالها التي كتمته ليلة أمس:
_بقي أنا أبو قردان دا يشخط فيا ويقفل فـ وشي وانتِ متعمليش حاجه.
تأوت تاج وهي تضحك رغمًا عنها وتمرر يدها على ذراعها بمكان ضربة ريهام:
_اعملك أي يعني، من أول مافوقت ف المستشفى وانتِ حرقاله دمه ومسكتاه عليكِ ركبنا العربيه ومبطلتيش رغي وعماله تقوليله أنا ليا اوضة فـ بيتكم أكيد وهاجي أبات فيها بعد ما نخلص امتحانات ورحب بيكِ ومتكلمش تتصلي بيا الساعه اتنين بليل ومش عاوزاه يشخط فيكِ.!!!
أحمدي ربنا أنه ممدش ايده ف التليفون خرجك منه، ووالله لو ضربتيني تاني لقول ليزيد كفايه بقي.
أنهت حديثها بتزمر وهى تطالع ذراعها الذي تركت عليه يد ريهام أثرًا تلون باللون الأحمر، عقدت ريهام يدها بضيق وهى تنظر للناحيه الأخري:
_خلي يزيد ينفعك يابتاعت يزيد ماهو الأهتمام مبيطلبش أصلًا أنا اللى هصوت عليكِ مش هو.!!!
ضحكت تاج بقلة حيلة وهى تخبئ وجهها بين يديها لكن ماجعلها تنتبه صوت أشعار هاتفها، أمسكت الهاتف بأبتسامه دامت أثر ضحكها وفتحت لتتفقد ما أُرسل لها لتجدها رساله من رقم غير مسجل.
"أنا بابا ياتاج..وحشتيني أوي ياحبيبتي ونفسي أشوفك لو خمس دقايق بس واوعدك مش هدايقك أنا مستنيكِ ف الكافيه اللى جمب الجامعه"
أختفت الأبتسامه من على وجهها ولايظهر تعبير مُفسر على وجهها ماذا يريد.!
لما يتذكرها من الأساس، أصبحت تشعر بالأشمئزاز لكونه والدها، وبضيق شديد وضعت الرقم بقائمة الحظر وتركت هاتفها وعقدت يدها فوق الطاوله تضع رأسها عليها بصمت شديد.
أستغربت ريهام حالها وتقدمت بمقعدها تربت على ظهرها برفق:
_مالك ياتاج انتِ تعبانه.!!
طب الواد يزيد دا زعلك ف حاجه.؟
قوليلي وأنا أضربه وأنا متغاظه منه أصلًا.
رفعت تاج رأسها وهى تمرر يدها على وجهها تحاول حبس أنفعالاتها وهى تحرك رأسها بالرفض:
_معمليش حاجه.
مدت ريهام يدها تبعد خصلات وجهها خلف أذنها بلطف وتساؤل:
_الموكوس أبوكِ عمل حاجه.؟؟
رغمًا عنها ضحكت لتتابع ريهام:
_يبقي هو، هبب أي تاني اللى تجيله بلوه دا.؟
لم تتحدث وانما فتحت هاتفها تعطيه لها لحظات وتحدثت ريهام بأنفعال طفيف:
_نعم نعم.!
وانتِ هتروحي وتصدقي الكلمتين دول صح، طلاق تلاته...
قاطعتها تاج بأنزعاج وهى تعقد يدها:
_شششش بس مش هروح وفري كلامك.
زفرت ريهام براحه وتسائلت:
_هتقولي ليزيد.؟
أطلقت تاج تنهيده تخرج بها حيرتها وضيقها وتحدثت بصوت منخفض بعض الشئ:
_مش عارفه ياريهام..مش عارفه حاجه خالص.
لم تجد ريهام طريقه للمواساه سوي بأنها رتبت على ظهرها وذراعها، ظلوا صامتين لبعض الوقت ليصدح هاتف تاج بالرنين، أمسكته ريهام ونظرت به ثم أعطته لها بأمتعاض:
_القرد بتاعك.
أمسكت تاج بالهاتف ونظرت به وقبل أن تجيب ضربتها بحده:
_لو هو قرد انتِ تبقي أي!
أشاحت لها ريهام بلامبالاه ونظرت للدفتر الموضوع أمامها تحاول التركيز بالمدون به.
نهضت تاج تبتعد عنها وأجابت علي أتصاله بنبره حاولت جعلها هادئه قدر الأمكان حتي لأ يظهر بها ضيقها:
_حبيبي اللى وحشني.
وكأنها تري أبتسامته الهادئه أمامها وهو يجيبها:
_ انتِ وحشتيني أكتر، فاضلك قد أي وتخلصي.
أبعدت الهاتف تنظر بالساعه وأعادته على أذنها من جديد:
_ممكن ساعه.
-تمام ساعه بالظبط وهكون عندك أروحك خلي بالك من نفسك.
_وانتَ مش هتروح.؟
-لأ لسه عندي شغل ومعاد مع واحد جايلي كمان شويه وكام مشوار مهمين.
زفرت بتروي واجابته بأبتسامة هادئه:
_ترجع بالسلامة، ريهام هتيجي تتغدي معايا وتقعد معايا شويه بعد الجامعه.
أجابها بمقط:
_الحمدلله إني مش هكون موجود تجنبًا لقتلها.
استمعت لصوت السكرتيره تتحدث معه لتتحدث هي بعدوء:
_هقفل أنا وانتَ كمل شغلك وإحنا هنرجع مع الحرس ملوش لزوم تعطل نفسك سلام.
أنهت الحديث معه وعادت من جديد للطاوله بجوار ريهام وفتحت دفترها وبدأت بالأنشغال به لكن عاد رنين هاتفها من جديد برقمه، تعجبت قليلًا وأجابته ليأتيها صوته الذي ظهر به القلق عليها:
_انتِ كويسه.!!
خرجتي من الجامعه.؟
أستغربت حديثه لكنها أجابته بهدوء وعدم فهم:
_لأ مخرجتش هخرج أروح فين قاعده مع ريهام.
أستمعت لصوت تنهيده عميقه قبل أن يتحدث بهدوء بعض الشئ:
_قومي امشي حالًا.
أستنكرت حديثه وهي منذ لحظات أخبرته بأنها ستجلس ساعه أخري لتتحدث بتوضيح ونفي:
_لسه مخلصتش و..
قاطعها بحده وقوه أرهبتها:
_تــاج بدون جدال تخرجي حالًا من الجامعه كملي اللى بتعمليه ف البيت.
تبدلت ملامح وجهها مئه وثمانين درجه حتي شارفت على البكاء لكنها حاولت التماسك:
_حاضر.
أغلق المكالمه لتنظر للهاتف وهى تشعر بألم من حدته معها وطريقة تعامله تلك لبعض السوء أنها شخصية تتأثر بشده من طريقة الحديث والمعامله وبدون أن تتحدث بدأت بلملمة أشيائها لتغادر لتنظر ريهام لها بأستغراب:
_فى أي بتلمي حاجتك ليه.؟
أجابتها بصوت متحشرج دون أن تنظر نحوها:
_يزيد قالى أرجع البيت.
رفعت ريهام حاجبها ومدت يدها ترفع وجه تاج وهى تري أعينها الملتمعه بالدموع لتهتف بعصبيه:
_زعلك!!
أبعدت تاج وجهها عن يد ريهام ونهضت وهى تحمل حقيبتها على ذراعها الأيسر وامسكت هاتفها:
_هتروحي معايا ولا هتفضلي.
لملمت ريهام اشيائها وتحدثت بتوعد وهى تنهض لاحقه بها:
_هروح وهخليها ليله سودا على دماغه هو فاكر نفسه مين دا عشان يزعلك.
« _____ »
أنهي أتصاله مع الحراس الذين ينتظرونها بالخارج مشددًا عليهم ببعض التعليمات لحمايتها واغلق ليدق هاتف مكتبه لتخبره السكرتيره بزيارة سمير الصايغ له، اخبرها بأن تدعه يدخل وبعدها أمسك بتلك الصور يضعها بأحد أدراج مكتبه ليدق الباب ودلف سمير.
نهض يزيد عن مقعده يصافحه مرحبًا به بهدوء وجلس يطلب له فنجال من القهوه واغلق ونظر له بهدوء تام:
_أي سر الزيارة دي.
أبتسم سمير بهدوء وتحدث بجدية:
_زيارة شغل، كان فيه صندوق بضاعه جايلي من استراليا وعاوزه يجي عن طريق شركتك انتَ ليك معارف كتير ف المينا فـ مش هتغلب بأنك تعديها من غير تفتيش.
نظر له بنظره ساكنه تمامًا وصمت طاغي جعل سمير يشعر ببعض التوتر، فـ حين دلفت السكرتيره تضع القهوه وغادرت دون أضافة حرف واحد، تحدث يزيد بهدوء مريب:
_فى أي بقي الصندوق اللى عاوز يعدي من غير تفتيش دا.
أبتلع سمير لعابه ببعض التوتر واجابه بشفافيه تامه:
_الماظ..تلاتين فص، هيبقوا محطوطين فـ تحف وانتيكات.
همهم للحظات وتقدم بجلسته من سطح مكتبه يفتح أحد الملفات الموضوعه أمامه وتحدث بهدوء أقرب للبرود:
_شوف غيري..أنا شغلي بقي قانوني.
تجهمت ملامح وجه سمير من طريقته ورفضه فـ هو من الصعب عليه الحصول على الصندوق المرسل له دون مساعدة يزيد:
_فـ أي يا يزيد هي أول مره..
قاطعه يزيد بحده ضاربًا المكتب بقوه ينظر له بنظره سوداويه قاتله:
_اللى عندي قولته يا سمير، الزياره أنتهت.
أنهي حديثه وأعاد النظر بالأوراق التي أمامه لينهض سمير بأقتضاب وهو يأخذ متعلقاته مغادرًا المكتب بعصبيه.
مضي ساعتين وكان يغادر الشركه ومن خلفه حراسته يسير بأحد الطرقات الصحراوي ومن بعدها توقف بأحد المناطق الموجود بها الكثير من المخازن ومن حولها بعض الخردوات وما يقارب ثمانيّ سيارات مصفوفه بأنتظام خلف بعضهم، توقف هو أمام باب المخزن مباشرةً ومن خلفه سيارات حراسته وهبط منها وهو ينظر نحو الطريق ولم يُمضي خمس دقائق حتي وجد سيارة نادر تقترب منهم وتوقفت وهبط هو يتقدم منه ووقف أمامه يلقي بسيجارته وتحدث :
_ كدا متبقاش ولا حتة سلاح ف أي مخزن كله بقي نضيف وبدون شوشره ومن غير، ماحد ياخد علم.
أومأ يزيد وفتح باب سيارته يفتح عُلبة السياره الأماميه واخرج الصور يعطيها لنادر متابعًا تعبيرات وجهه، نظر نادر بها وهو يتفحصها أبتسم ببساطة متحدثًا:
_فوتوشوب بربع جنية.
أخرج يزيد سيجارته من فمه وقذفها أرضًا يدعسها بقدمه متمتمًا بهدوء:
_عارف..بس دا يدل على أنهم بدأو يلعبوها كلهم من كل ناحيه.
أبتسم نادر بثقة مجيبًا:
_وهيقعوا كلهم مره واحده، بس لازم نظهر إن كل حاجه ماشيه زي ماهما عاوزين مؤقتًا..صح راشد داخل ف صفقة أثار العيون كلها عليها هتتسلم الأسبوع الجاي وكان ف زيارة من يومين عند جماعة مطاريد شغلهم ف الأفيون.
شبه أبتسامه سوداديه ساخره تشكلت على فم يزيد وهو يجيبه:
_دا راشد دا وقعته هتبقي بحجم عمايله السودا، يتقل كله بأوانه.
أومأ نادر موافقًا وصمت يمرر يده على عنقه وحمحم يجذب أنتباه يزيد وتحدث:
_عاوز ابقي أقولك علي حاجه لما نرجع.
حرك يزيد رأسه بالإيجاب وأشار له بـ اللحاق به ليختفوا سويًا داخل أحد المخازن الكبيره.
« _____ »
دلفت تاج للغرفة التي كانت تقيم بها سابقًا عندما أتت لهذا المنزل بأول مره ولحقت بها ريهام التي لم تكف عن الحديث:
_قوليلي بس حصل أي ولا زعلك ف أي.
وضعت تاج الحقيبه وبدأت بنزع حذائها الرياضي تجيبها بهدوء مصتنع:
_ريهاام..كفايه.
وتركتها تتجه لباب الغرفة للبحث عن تولين لكنها فور ان فتحت باب الغرفه وجدت تولين تندفع لأحضانها تتحدث بصياح سعيد:
_مااامي.
أبتسمت تاج لرؤيتها وحملتها وهى تحتضنها ودلفت للغرفة مجددًا تغلق الباب بقدمها تقبلها على وجنتها الممتلئه قليلًا:
_نور عين مامي اللى وحشتها أوي.
أبعدت تولين رأسها عن احضان تاج وهى تبتسم بحماس:
_جبـبتيلي أي.
تقدمت تاج وجلست على المقعد الملحق بالأريكه الموضوعه بجوار الشرفه ومدت يدها تمسك بحقيبتها وفتحتها وهى تخرج منها الحلوي:
_مصاصه ومارشميلو وآيس كريم و ممم شوكلاته حلوه زيك كدا.
أمسكتهم تولين منها تضمهم لأحضانها بيديها الأثنتين وهى تبتسم بسعاده لا مثيل لها لتجد يد توضع أمامها وريهام تتحدث ببعض البراءة:
_عاوزه حته.
تجهمت ملامح وجه تولين وهى تعقد حاجبيها وتنظر نحوها كأنها ستأخذ منه أحد الجواهر لتضربها ريهام على رأسها بخفه وهى تتحدث بضيق:
_جتك البلا يزيد الصغير ااااه.
صاحت بألم عندما ضربتها تاج بقوه شديده على ذراعها وتحدثت بحده:
_متمديش إيدك عليها.
ضربت ريهام الارض بقدمها بقوه وهى تتحدث بصياح مرتفع:
_جتكوا البلا انتوا الأتنين.
وتركتهم ترتمي على الأريكه وامسكت بحقيبة تاج تعبث بها باحثه عن أي حلوي أخري.
لم يمضي الكثير وقد تأقلمت تولين مع ريهام وهم يشاهدوا أحد الأفلام الكارتونيه التي تُعرض على التلفاز بتسليه، نفخت ريهام بضجر وتحدثت بصوت مرتفع:
_أنا جعاااانه.
أشارت تولين نحو صحن البوشار الفارغ وهى تتحدث بعبوس:
_انتِ خلـلصتي الفشـشار كله وجعـعانه بطنك كـكبيره اووي.
ضحكت تاج على حديث تولين وهى تحضتنها بقوه وتقبلها وهى تجاريها بالحديث:
_طنط ريهام دي بتاكل أتناشر مره ف اليوم.
نظرت تولين نحو ريهام تطالعها من رأسها لأخمص قدمها وأومأت برأسها وهى تتحدث بأقتناع وجديه:
_عشـشان كدا تخـخينه.
أتسعت أعين ريهام بشده وهبت من مكانها صارخه:
_نهار ابوكِ أسود مين دي اللى تخينه يابت دا أنا هفطسك النهارده.
رغم ضحك تاج الشديد إلا أنها حملت تولين سريعًا وهى تركض بالغرفه تحاول الأبتعاد عن يد ريهام التي تتواعد لهم بالضرب المبرح وتولين تضحك بصخب وهى تزيد بأستفزاز ريهام:
_ريهام التخـخينه ريهام الفـفيله
لم يتبقي الكثير ويحل الليل كليًا ورغم هذا ورغم معارضة نادر ذهب وحيدًا بدون إن يتبعه أحد، بهذا المكان بالأخص يحب أن يكون وحيدًا حتي وإن كانت الأجواء تشكل خطرًا عليه وهو وحيد هكذا كـ لقمه صائغه.
ولضيق المقابر أوقف سيارته وهبط ليكمل طريقة سيرًا، شعر بصوت أقدام تركض لتصدر فروع الأشجار الملقاه أرضًا صوتًا.
ألتفت ينظر حوله بأعين متفحصه ودقيقه لكنه لم يجد شيئًا فـ أكمل طريقة حتي وصل لمكان قبرها.
طالع القبر بنظرة ملئها الأشتياق والحنين قبل أن يبدأ بقراءة الفاتحة لها وزفر مطولًا وتحدث بصوتًا هامس بعض الشئ:
_وحشتيني يانور.
ظل صامتًا لمده لأ يعلمها وبعدها تحدث بكل ما يدور بداخله:
_حبيتها..يمكن أول حد أصارحه باللى جوايا أنا حتي لحد دلوقتي مصارحتش نفسي بحبها..بس أنا حبيتها، حبيتها من أول ماكان ف إيدي أذيها ومأذتهاش، كان دايمًا جوايا أحساس بأنها غير وأنها متستحقش تضر بسبب أبوها وعمايله..بحسها شبهك فـ هدوئها ونقائها وحنيها وبرائتها..بحسها تستاهل الأفضل رغم إني مش الأفضل ليها بس بحاول أكون..عشانها.
صمت بعدها وهو يمرر يده على وجهه ومن ثم خصلات شعره محاولًا ترتيب أفكاره وبعد أن خطط جيدًا لما سيفعله نهض وهو يضئ "كشاف" الهاتف وهو يتجه للخارج ليري طيف ركض من أمامه بسرعه خياليه، صوب الضوء نحو اليمين وأنتظر حتي رأها تقف بهيئتها الشاحبه وثوبها الأبيض الواسع وخصلاتها المُنسابه وأعينها الخضراء الداميه لكنها ترفع يد تمسح بها دموعها واليد الأخري تلوح له بالوداع.
أبتسامه بطيئه رُسمت على وجهه وهو يتابعها بحنو تخلله الألم لهيئتها ليستمع لصوتها الذي وكأنه يأتي من على أرتفاع جبل شاهق:
_أحذر.
قالت ما قالته وركضت مجددًا تختفي عن أعينه ليكمل طريقة نحو سيارته وصعد لها حتي يعود للمنزل وعقله شارد بعض الشئ وهو يتذكر حديثه معها أمس بعدما هدء بكائها وما اخبرها به متمنيًا عدم حزنها منه.
نظر جانبه عندما رأي بالمرأه الأماميه تلك السياره المسرعه حتي جاورته بسيرة وبحكم ما رأي علم بأن شئ ما على وشك الحدوث ومن الممكن أنها نهايته.!!
مد يده يخرج سلاحه من خلف ظهره وأعده جيدًا وهو يحاول عدم التشتت عن الطريق وانه السياره الوحيده التي تسير بالأتجاه المعاكس لجميع تلك السيارات المقابله له، وهو يتابع نافذة السياره التي هبطت لكنه لم يكمل النظر حيث صدح صوت بوق سيارة مرتفع كادت بالأصتدام معه وقبل أن يلتفت لينظر نحو السياره صدح صوت طلق ناري توجه نحوه ليصيبه بكتفه من الأعلي.
تأوه بألم شديد وهو يحاول تفادي الأصتدام بالسيارات وبيده الغير مصابه مازال متمسكًا بالمقود رافضًا النهايه وتركها وترك أبنته وحيدتان بتلك الحياه القاسيه وهو خير مايعلم تلك الحياه ومصاعبها.
لم يكن أمامه خيار أخر سوي أنه أدار المحرك لليسار لتنحرف السياره لجانب الطريق مصتدمه بشجره ضخمه لتُصتدم رأسه بالمقود بقوه مؤلمه جعلته يترنح وهو يشعر بدوار حاد يهاجمه ولم تمر سوي لحظات وأستسلم لدواره وفقد وعيه بالكامل غير شاعرًا بألم ذراعه المصابه ورأسه النازفه وأحتمالية عودتهم له من جديد.