![]() |
رواية عشق الذئاب الفصل السابع والعشرون
بين الماضي والحاضر والمستقبل ليس هناك سوى وهم في تفكير العقل البشري..
إذا لاحظتم إن الأوقات الحزينة نشعر بها أنها طويلة بينما الأيام الفرحة تمر كالدقيقة وهذه هي النسبية.....
تسمر رائف في مكانه لحظات وهو يستمع لهمهماتها الغير مفهومة..إستدار ببطئ..ثم نظر لها مطولاً..وهى عيناها لا تتزحزح عن عيناه وكأنها جُمدت عليه..إقترب منها بخطوات مُتمهلة..ثم جثى قريباً من فمها عله يستمع لما يُقال..فجاءه صوتها الضعيف وهى تقول
-سامحني يا بني..معرفتش أحميك منهم..
تجهمت تعابير وجهه وتقصلت عضلاته بشدة..وظل جامد كالجبل..لتعود وتتحدث بدموع وصوت مُنتحب
-مكنتش أعرف إنهم هيأذوك كدا..
-نظر لها بمعالم خالية من الحياة وقال:هناديلك الدكتور..
ورحل بخطوات متعجلة وهى تبكي بشدة..خرج من غرفتها وتنفس الصعداء..وكأن هناك شيئاً ما يجثم على صدره يمنعه من التنفس..إستند برأسه على الباب وأغلق عيناه لمحاربة تلك العواصف الرعدية بداخله..فتح عيناه ليجد ممرضة تتحرك في الرواق..نادى عليها بصوت جاف
-تعالي
-نظرت له الممرضة ببلاهة وقالت:أنا!!
-قال لها بضيق:أيوة..قولي لدكتور محي..إن المريضة اللي فـ الأوضة دي فاقت
قالها ثم رحل..لتقف الممرضة ثوان حتى إستوعبت ما قيل مُنذ قليل..حتى هرولت إلى مكتب محي......
**************
دلف رائف إلى غرفة زوجته..ليجدها ما زالت نائمة..جلس بجوارها.
وأمسك يدها ثم رفعها إلى ثغره وقبلها بهدوء وحب..قائلاً
-والله أنتي اللي مصبراني ع دا كله..
ظل ينظر لمعالم وجهها الهادئة..يكره سكونها هذا..يُحب إنفعلاتها..صوتها العالي دائماً..حدتها في الحديث..ولسانها السليط..وسبة الدائمة "أنت قليل الأدب" وعند ذكرها إبتسم بعذوبة وقال بمزاح وكأنها تسمعه
-طول عمري قليل الأدب..
تنهد بحرارة..ثم تمدد جوارها أعلى الفراش وسحب رأسها بهدوء ليضعها بالقرب من قلبه..وأخذ يُملس على خصلاتها الغجرية بحنان..ويده الأخرى مُطبقة على خصرها بتملك..إشتم عبقها المُسكر ومن ثم إستند بذقنه على رأسها وقال بتمني
-ربنا يقدرني وطلعك من القرف دا ونبعد سوا...
ونام..ولكن دقات قلبه لم تنم وظلت تنبض بعشقها الذي تخلل جميع خلايا جسده..وأصبح عشقها يسري في دمه..ليُصبح مُدمن لعشقها......
***************
إستيقظ أحمد في صباح اليوم التالي وهو في أحضان سوزي النائمة..تلك المرأة التي تجمع بين مزيج عجيب ما بين الحنان والقسوة..الهدوء والعنفوان..إمرأة عجوز بملامح فتاه في العشرون من عمرها..
رأسها المُلقى على الصدره العاري وخصلاته الذهبية..جعلت يداه تمتد لا إرادياً..وتمُلس عليه..بيدو أن بذور العشق بدأت في الإنبات داخل قلبه..وفي ظل شروده رن هاتفها بنغمته الضاخبة..إمتدت يديه سريعاً ليلتقطه حتى لا تستيقظ..وضعه على الوضع الصامت..ثم نظر لها ليجدها تتململ بنعاس على صدره ولم تستيقظ..ليعود الهاتف ويُصدح من جديد..
نهض من جوارها بهدوء وخرج من الغرفة وضع الهاتف على أُذنه دون أن يرى المُتصل..ليسمع رد الطرف الأخر يقول بغضب
-ساعة عشان تردي يا سوزي
يده..وعيناه..وأطرافه..جميع أعضاء جسده قد تيبست عند سماع ذلك الصوت الأنثوي المميز لقلبه وعقله..الصدمة جعلت لسانه قد شُل عن الحديث..بل حتى الصُراخ..وكأن أحدهم قد إنتزع أحباله الصوتية ليجعل صوته يهرب منه..ليعود ويسمع صوتها من جديد عله يتأكد مما سمعه
-سوزي أنتي معايا!!
وبعدها أغلق الهاتف..ويده تعتصره بشدة حتى كاد أن يتهشم..سار بخطوات غاضبة ليزعق بصوته الشرس
-سوزي!!!!
فُزعت المسكينة على إثر صوتها..وإنتفضت من نومها..لتجده يدلف الغرفة كالإعصار..وملامحه تُنذر بشر دفين..إتجه ناحيتها وأمسك ذراعها بغلظة وسألها بعنف
-أنتي تعرفي نهلة منين
عقدت ما بين حاجبيها بتعجب..وسألته ببلاهة
-نهلة مين!!
-هزها بعنف وقال بغضب جامح:أنتي هتستعبطي
تأوهت بشدة من يده التي تعتصر ذراعها..لتقول بألم واضح على معالم وجهها
-اااه..طب سيب دراعي عشان أعرف أفهم في إيه
أبعد يده بحدة عنها..وظل يزفر بضيق وغضب..أنفاس مُلتهبة..وشرر عيناه كفيلة بـ إحراق مدينة كاملة..دلكت سوزي بيدها علها تُهدئ من ألم ذراعها..ثم قالت بهدوء حذر
-نهلة..دي تبقى صاحبتي..إتعرفت عليها من شغلنا
-إسترعى لفظها الأخير إهتمامه كله ثم سألها بجدية:شغلنا إزاي
-أجابته بجدية:شغلنا يا أحمد
-ليقول بضيق بالغ:أيوة اللي هو إزاي!!
-أخذت نفس عميق ثم قالت:نهلة كانت بنت من البنات اللي بنجبها عشان الشغل..فتاه ليل يعني يا أحمد.......
**********************
وقف محي أمام رحمة يتفحصها بعدما تأكد من تمام صحتها..وتحسنها..ليقول اليوم بـ إبتسامة سعيدة
-أنتي كدا بقيتي تمام يا رحمة..هسيبك بس كام يوم تحت المراقبة عشان أطمن أكتر
-نظرت له بنظرات فارغة وقالت:ماشي
تنهد محي من ذلك الجفاف ليجلس بمقعد جانب فراشها وبدأ حديثه بهدوء ورزانة
-إسمعي يا رحمة..كل حاجة هتتحل بس محتاجين وقت..رائف مش هيستوعب كل اللي حصل دا فيومين أو تلاتة
-إستدارت برأسها سريعاً وقالت بحدة:يستوعب!!..إبني مش متقبلني..بعد كل السنين دي معتقدش إنه هيسامحني..أو يسامحكوا..
-زفر محي أنفاس حارة وقال بحزن:عارف..غلطة سنين مش هتتكرر تاني..أنا هصلح كل حاجة..وهرجعلك
نظرت له بـ إستهجان ومرارة..ثم قالت بسخرية
-ترجعلي!!..هو أنت كنت مسافر الخليج وراجع..لا يا محي معتش ينفع..حتى إبنك معرفتش تحميه من سعاد هانم..أبوك الله لا يرحمه..رماني فـ السجن زي ما سعاد هانم عملت..وكل دا عشان إتحديته..كنت فين وإبننا بيضيع
بكت بمرارة وهى تنطق بما مضى..زُجت بالسجن لمُجرد أنها قررت التمسك بولدها..قطعة من روحها..قررت مواجه من لا يعفوا..أو يرحموا..وإبتعدت عن ولدها قصراً..
دمعة تحمل كل معاني الألم أخذت مجرها على وجنته..ثم قال وهو يحني رأسه حزناً
-أنا كان عندي سرطان فـ الدم يا رحمة....
***************
تململت في فراشها بألم طفيف..وخرجت منها أنين خافت..وشعرت بذلك الجسد الصلب أسفل رأسها..وذلك الشئ الذي يقبض على خصرها ويُقيد حركتها الضعيفة..جعلت رأسها تتحرك لا إرادياً لتجده نائم وهى بأحضانه..توردت وجنتها خجلاً وقررت الإبتعاد..إلا أنها شعرت بيده تضغط أكثر على خصرها ثم قال بعبث
-رايحة فين يا ست البنات!!
-أجابته بتلعثم وخجل:كنت..كنت..عـ..عاوزة..يعني..أشرب
فتح عينه اليسرى دون الأخرى ونظر لها بـ إبتسامة طفيفة ليقول بحب
-حمد الله ع السلامة
-طأطأت برأسها خجلاً وقالت:الله يسلمك..ثم أكملت....ممكن أقوم
فتح كِلتا عينيه..ثم جلس نصف جلسة وما زالت يده لا تتزحزح عن خصرها ليقول بمزاح
-أه أوي أوي
-نظرت ليده وقالت بضيق:طب شيل إيديك..
-نظر لهل بخبث وقال:تؤ
-تأفأفت بضيق لتتحدث بضيق:شيل إيديك بقى..عاوزة أشرب بجد والله
إمتدت يده وأخذت كوب الماء بجانب الطاولة الصغيرة الموضوعة بجانب الفراش وأعطاها إياها ليقول
-إتفضلي يا ستي..
نظرت له شزراً فكانت تُريد التحرر من حصاره المُخجل ذاك..والذي يجعل كل إنش في جسدها يرتعش..ويُصاب بالقشعريرة..تناولت كوب الماء بحدة..فجعلت بضع من قطرات الماء تهرب من الكوب لتجد مستقرها فوق قميصه..الملوث بدماءها..إرتشفت ما في الكوب لتقول بـ إقتضاب
-شكراً
-عفواً..ثم سألها بجدية...عاملة إيه دلوقتي!!
رفعت ديها اليُسرى المصابة وقالت بسخرية
-هكون عاملة إية..إيدي بتوجعني طبعاً
جذبها في أحضانه بحنو وقال بأسف
-انا أسف..بدخلك فـ مشاكل ملكيش ذنب فيها
-ردت عليه بحزن:أنت فعلاً نار وبتحرق الكل
-ضمها بشدة وقال بندم:سامحيني...
-ردت عليه بحذر:متعتذرش عن حاجة مش هتعرف تغيرها
ثم لفت ذراعها الغير مصابة حول خصره..فشدد أكثر في إحتضانه..كلماتها جعلت نفسه تتوق لـ الصلاح..تحدث بخفوت
-هصلح كل حاجة..وهبدأ معاكي من جديد..هفتح صفحة بيضة مفيهاش ماضيا..ولا ماضيكي..هنبدأ من الصفر
-أخفت رأسها في صدره وقالت بصوت عذب:ربنا يقدرك..وتثبت اللي بتقوله..
أبعدها عنه ثم حاوط وجهها بين راحتيه..وقال بحنان
-كله عشان خاطر عنيكي الحلوين دول
زادت حمرتها الخجلة..ليضحك عليها قائلاً
-يا أخواتي على الناس اللي بتتكسف
تحولت نظراتها لـ الغضب..فقهقه قائلاً
-طب خلاص متتحوليش كدا..بخاف والله
فضحكت هى الأخرى..ليشرد في ضحكتها..معالمها التي تتغير إلى السعادة بلا سبب عند الضحك..عيناها المغلقتان..تضحك الزهرة بلمئ فاها..لتتوقف عن الضحك فجأة عند سماع كلماته المُتغزلة
-بعشق تفاصيل وشك وأنتي بتضحكي..ضحكتك عالم تاني..يا زهرتي
توردت وجنتاها مرة أخرى بحمرة قانية..جعلت منها لوحة فنية إغريقية..جعلت ضربات قلبه تتسارع..لتُشعل حواسه تجاهها..مال برأسه لينهل من عسلها قليلاً..لتتجمد هى فى مكانها..وإرتعشت شافها وجسدها..رافضاً ذلك الهجوم المُباغت..لتراه يقترب أكثر..ليهمس أمام شفتيها بحب
-قلبي معرفش الحب إلا بيكي يا زهرة..
وقبل أن يُكبل شفتيها بشفتيه..سمع صوت طرقات أجفلت كلاهما عن تلك اللحظة المُلغمة بالمشاعر..ليبتعد رائف بغضب وهو يتمتم ويسب ويلعن أيضاً..عن صاحب تلك الطرقات اللعينة..ليقول لها بغضب مكبوت
-غطي شعرك يا إسراء..
لتعود الطرقات من جديد..فأجاب بحنق
-لحظة واحدة يا حيوان..ثم عاد بـ أنظاره لها...إتصرفي
-أجابته بضيق:أتصرف إزاي
بحث بعينيه فلم يجد ما يُساعده على سترها..فجذب الغطاء ورماه علة جسدها ورأسها ثم قال بضيق
-إداري ياختي هنا..إداري..
ثم نهض وقال بتمتمة غاضبة
-أنا عارف إني محسود فـ البوسة دي
ثم فتح الباب بعنف لتنتفض الممرضة..قائلة برعب
-معاد الدوا بتاع المدام
جز على أسنانه وقال بغضب:إتفضلي
وكل هذا وتلك الخبيثة تكتم ضحكاتها حتى لا ينفجر بها غاضباً..وكذلك حمدت الله كثيراً..أن تلك القُبلة لم تتم..دلفت الممرضة وعيناها تنطقان برعب..بسبب نظرات رائف الحارقة..
بدأت الممرضة عملها..في تطهير الجرح وإعادة تضميده ثم هرولت سريعاً..دون مساعدتها في إعادة غلق ثوبها..أوقفها رائف بحدة ثم أمرها بصرامة
-إتصرفيلي فـ هدوم محجبات للمدام من تحت الأرض..وليا كمان
-لتقول الممرضة بتساؤل عجيب:هو حضرتك هتلبس هدوم محجبات!!
وإنطلقت ضحكة خافتة من إسراء..وسط نظرات رائف النارية للممرضة..ليقول لها بغضب دون أن يحيد بنظره عنها
-أمشي من قدامي عشان مطلعش روحك فـ إيدي..ثم صرخ بها..إمشي
ركضت الممرضة خوفاً من ذلك الوحش الكاسر أمامها..فأغلق رائف الباب بحدة..ثم حول نظره لها ليجدها تكتم ضحكاتها بصعوبة..ليقول لها بحدة
-بطلي أحسنلك
-وضعت يدها على فاها وقالت:أهو..
ثم ضغطت أكثر..تقدم منها..ثم جلس بجانبها على الفراش. ليجد ثوبها مفتوح فظهر من أسفله منكبها..لاحظت نظراته المسلطة على بقعة ما..فنظرت تجاه ما ينظر له..لتجد منكبها عاري..وصلها نبرته الخبيثة وهو يقول بتشفي
-ليلتنا فُل.....
******************
نظر لها أحمد بصدمة..ليقول بنبرة مشدوهه
-إزاي يعني
-رفعت منكبها وقالت بنبرة عادية:زي الناس
نهض أحمد عن موضعه وهو لا يزال في حالة من الإستنكار مخلوطة بدهشة لتلك الواقائع المُفجعة..إذاً ما قاله رائف حقيقة مؤكدة..ولكن لا يزال قلبه الأحمق رافضاً لتلك الحقيقة..نهضت سوزي و وضعت يدها على كتفه وسألته بتوجس
-في إيه يا أحمد!!
-نظر لها بشرود وقال:مفيش..مفيش
-سألته بـ إستنكار:مفيش إزاي!!
تجاهل سؤالها وكأنه لم يسمعه من الأساس..ليقول بجدية
-أنتو بيبقى عندكوا فـ البيت دا..حاجات خاصة بكل بنت دخلته
-سألته بتعجب:ليه!!
-أجابها بضيق:مش وقت ليه..بيبقى عندكوا
-أجابته بنبرة عادية ولكن ملامح التعجب والتساؤل على وجهها:مفيش بنت بتدخل البيت إلا لما يكون عندنا ليها بيانات
-رد عليها سريعاً:طب أنا عاوز البيانات دي
-ردت عليه بقلة حيلة:طيب..بس عاوزة أفهم في إيه
-نظر لها بغموض وقال:هتفهمي كل حاجة فـ وقتها......
*****************
نظرت له إسراء بهلع عقب جملته تلك..مدت يدها تُخفي ما تلتهمه عيناه..ثم قالت بذعر
-إيه في إيه؟!
-إرتسمت على وجهه إبتسامة عابثة:مفيش حاجة..تعالي أما أقفلك البتاع دا
إنتفضت عن الفراش كمن لدغتها أفعى وقالت بخوف يتاقفز من عينيها
-آآ..أنا هقفلها
-نهض خلفها وقال بعبث:وربنا ما يحصل..أنا جوزك وأولى بيكي
-وضعت يده في وجهه وقالت بتحذير:خليك مكانك..
ولكنه لم يستمع..ثم إلتهم خطواته تجاهها..وهى تركض ناحية الباب..حاولت فتحه ولكنه لم يُفتح..حاولت أكثر من مرة ولكنه لا يُفتح..لا تتذكر أنه أغلق الباب..لتجد يده تحول دون فتحه..إلتفت بذعر وقالت برجاء
-والنبي..سبني هقفله أنا
-نظر لها بخبث وقال:تؤ..أنا اللي هقفله
حاصرها بيديه لمنعها من الهروب..فحاولت دفعه بيدها ولكنه لم يتراجع إنش واحد..أمسك كِلتا يديها بيده..وإزاحها خلف ظهرها بحنان..حتى لا تتألم..ثم همس أمام وجهها
-متخافيش يا إسراء مني..
ولكنها لم تجبه..أغلقت جفنيها بشدة..فـ إبتسم على مظهرها ذاك..أقترب من منكبها العاري..ولثمه بقُبلة هادئة..وقُبلة..أتت بغيرها..وغيرها علها تروي ظمأ ذلك العطِش في تلك الصحراء المُفقرة..إبتعد عنها بعد تلك العاصفة التي زلزلت كيانه..إبتعد حتى لا يُخيفها أكثر..ليجدها تعتصر جفنيها..وشعر بكفيها اللذان شددا في قبضتيها..أنفاسها المسموعة وصدرها الذي يعلو ويهبط بشدة..لتعود تلك الإبتسامة على وجهه..
حرر يديها..ثم إستخدم كِلتا يديه في غلق أزرار ثوبها..وما أن إنتهى حتى همس في أذنها بنبرة ساحرة
-بعشقكِ فريستي..روضتي الذئب..وإصرارك على النجاة..هزمتي الذئب..عندما يعشق الذئب فريسته..أصبحت مولاته..
***************
نظرت له رحمة بدهشة..ممزوجة بصدمة لتقول بصوت مرتعش
-سرطان!!إزاي
-أجابها بثبات إنفعالي:من عند ربنا يا رحمة
-عاتبته بهدوء:طب ليه معرفتنيش
-نظر لها وقال:فكرك كنتي هتقبلي تتكلمي معايا
-وفكرك كان ينفع!!
رد بسرعة:أكيد لأ
-نتهدت وقالت:طب وبعدين
-رد عليها:سافرت عشان أعمل عملية من غير ما حد يعرف..بس فترة العلاج طولت..الكانسر كان إنتشر وكان من الصعب عملية تتعمل دلوقتي..سكت قليلاً ثم أكمل...رحلة العلاج كانت فـ ألمانيا وأخدت حوالي أربع سنين..
-إستنكرت قوله وقالت:أربع سنين ليه!!
-ضحك بمرارة وتحدث:بعد العملية قعدت شهرين فـ المستشفى..وقبل م أرجع مصر..تعبت ولما رحت المستشفى..قالولي إن الكانسر لسه موجود والتحاليل بتاعك كلها كانت غلط..وإضطريت أكمل علاجي..وكنت باخد كميات مضاعفة..معرفتش باللي حصل لرائف إلا بعد رجوعي بشهر...
سكنت رحمة ولم تجد ما تقوله..لاحظ هو سكونها وقال بهدوء
-سكتي ليه
-دلكت جبهتها وقالت:مش لاقية كلام أقوله..
-كل حاجة هتتحل يا رحمة
أنهى حديثه فسمع طرقات على الباب فقال وهو ينهض
-إتفضل
-دلفت ممرضة وقالت بعملية:سعاد هانم وصلت وقالتلي أوصلك خبر
-رد عليها بجدية:طب هاتيهم هنا..وكمان خلي رائف بيه والمدام بتاعه يجوا
-حاضر يا دكتور
وإتصرفت الممرضة بـ إحترام بالغ..ثم نظر لرحمة التي عقدت ما بين حاجبيها بتساؤل..أجابها بجدية
-شوية وهتعرفي.....
****************
زلزال قد أطاح بمشاعرها..زلزال قد ضرب كيانها..هو يعلم كيف يجعلها مُذبذبة..فتحت عيناها ببطئ..لتواجه زرقة عيناه..التي فضحت مشاعره..عيناه أحتوتها..فضمها بيده إلى صدره دون كلمة..يكفي ما تبيحه عيناه..وهى رفعت رايتها البيضاء..وأسلمت تلك العاصية عن حب الذئب..
لحظات جعلت كلاهما يُحلقان في سماء العشق..ينعم هو بقربها الدافئ لمشاعره..أغمض عيناه ليستمتع بها يعلم أن القدر سيسلبه تلك اللحظات عاجلاً..وصدق حدثه عندما إستجاب القدر لرجاؤه المُستتر..لتعود تلك الطرقات اللعينة مرة أخرى..أجبرته على مضض إلابتعاد عنها..ليقول من بين أسنانه
-والله حد قر عليا..
ثم هتف بصوت عال مغلول
-نعم!!
-جاءه صوت الممرضة من الخارج وهى تقول:دكتور محي مستني حضرتك في أوضة المدام رحمة
-أجابها بشراسة:قوليله مش جاي
-الممرضة بـ إصرار:بس هو أكد عليا..إن حضرتك تيجي أنت والمدام
-فهمست إسراء بخفوت:يبقى فيه حاجة
-مسح رائف على وجهه بغضب وقال:قوليله جاي
-تنحنحت الممرضة وقالت:أنا جبت اللي حضرتك طلبته
إبتعدت إسراء عن الباب..ورائف يشتعل رأسه غيظاً..فتح رائف الباب بعنف وقال بحدة
-هاتي
مدت يدها ليجذبه بعنف من يدها وأغلق الباب بوجهها..عاد ناحية الفراش مش أخرج محتويات الحقيبة البلاستيكية..أمسك ملابسها ثم أعطاها إياها وأمرها بأن ترتديهم..أماءت برأسها ثم تحركت ناحية المرحاض فجاءها صوته وهو يقول بخبث
-أجي أساعدك
-تمتمت بحنق بعد أن تلطخت وجنتها بحمرة قانية:قليل الأدب..
وقهقه رائف بشدة على تلك السبة التي يعشقها من بين شفتيها..وأخرج من الحقيبة أيضاً قميص أبيض له..إرتداه سريعاً..ثم جلس أعلى الفراش منتظراً إياها..بعد دقائق خرجت وهى ترتدي ثوب طويل يصل إلى ما بعد ركبتيها بقليل ذو لون قرمزي..وسروال جينز من اللون الكُحلي..وحجاب رقيق يجمع بين اللونين..نهض و وقف أمامها ليقول بـ إبتسامة
-إيه القمر دا
-أجابته بخفوت:شكراً
أمسك كفها وسار معها إلى الخارج..شعرت بـ إرتجافة يده التي حاول قصراً إخفاءها ولكنه فشل..فشدد قبضتها لتوصل له رسالة مضمونها أنها معه..نظر لها بحب..ثم أكملا طريقهما..فتح باب الغرفة ليجد الجميع مجتمع..ليقول بسخرية وهو يغلق الباب
-إيه اللي لم الشامي ع المغربي
-أتاه صوت محي:أقعد وبلاش تريقة
لاحظت إسراء نظرات رحمة التي تلتهم رائف إلتهاماً..لتقول بـ إبتسامة عذبة
-حمد الله ع السلامة يا دادة
-نظرت لها بحنو وقالت بحب:الله يسلمك يا بنتي..
ثم جلسا..تنحنح محي وبدأ كلامه بهدوء
-أحم..أنا كنت عاوز أقول حاجة قدام الكل..بما إن الموضوع يهم الكل..
صمت محي يُتابع ملامح الجميع المُتنبهه لما يقوله..أخذ نفس عميق..حبسه في صدره ثم زفره دفعة واحدة وقال
-رحمة..لسة على ذمتي...............