رواية حرية مقيدة الفصل السابع العشرون
عادت من جامعتها بالثالثة ظهرًا وهى مُثقله بالهموم، أستسلمت للنوم بصعوبه شديد ليلة أمس بعد أن أشرقت الشمس، وجهها يبدو عليه الحزن الذي أنهكه.
دلفت لغرفة الجلوس أولًا لتجد سيده وسهر جالستان على الأريكه وقد أستغربت تلك الأبتسامه الجانبيه التي ألتمعت على وجه سيده..أبتسامه رأت بها الأنتصار.
ألقت التحيه على جليله التي لم تجيبها وقد شعرت بوجود خطبًا ما لهذا الهدوء الطاغي وهذه النظرات الموجهه نحوها، نظرت نحو تولين بأبتسامة جاهدت لرسمها وفتحت ذراعيها تتقدم منها وهي جالسه على قدم سندس:
_حبيبتي وحشتيني.
لكن ما جعل خطاها تتوقف تولين التي أختبئت منها بأحضان سندس وكأنها وحشًا سيلتهمها.
شعرت بألم بقلبها ونظرت لسندس بتساؤل لتتحدث سندس بجفاء وهى تضم تولين لأحضانها:
_لو سمحتٌ ملكيش دعوه بيها تاني أو بأي حد.
نظرت لهم بتيهه وصدمه من أفعالهم ونظرت نحو جليله:
_فى أي ياماما جليله..ازاي مليش دعوه بيكم وتولين..تولين مالها.
أجابتها جليله بحده وقوه ظهرت بحديثها:
_زي ما سمعتي ووجودك هنا عشان انتِ مرات يزيد وبس وملكيش أي دخل بأي حد ف البيت دا عاوزه تعرفي فى أي أطلعي لجوزك.
شعرت بداخلها ينزف من فرط القسوه التي تتعرض لها بنظراتهم وحديثهم..ألتمعت الدموع بأعينها وغادرت تاركه لهم الغرفة وصعدت الدرج باحثه عنه لتجده يخرج من غرفتهم بكامل هيبته مرتديًا ملابس العمل.
وقفت أمامه ورفعت يدها تزيل دموعها قبل أن تهبط:
_انتَ رايح فين إحنا أتفقنا..
تلقت الصاعقه الأكبر عندما هدر بها بصوت حاد قوي أخافها وجعلها ترتد للخلف:
_مش شغلك..مسمعلكيش صوت نهائي.
تحشرجت نبرتها بالبكاء وهى تتسائل بجهل:
_فى أي انتَ بتعاملني كدا ليه.
نظر لها بأشمئزاز وتقدم منها بخطوره يقبض على معصم يدها يجذبها نحوه بقوه وتحدث بحده:
_كفايه كدب ودموع تماسيح خلاص كل حاجه أتكشفت.
لم يدع لها مجال التساؤل وأخرج صور من جيب سترته يليقها عليها، نظرت لما وقع أرضًا لتجد صور تجمعها بأبيها وبشخص آخر ويامن، شهقت بصدمه ووضعت يديها فوق فمها وقد سالت دموعها ونظرت نحوه بصدمه ظهرت بأعينها تحرك رأسها بالنفي وبصوت واهن تحدثت:
_مش أنا..صدقني مش أنا.
لم يظهر عليه سوي البرود والقسوه مما جعلها تصرخ برفض وضربته بصدره بقوه صارخه:
_دي مش أنا مش انااا.
وجدته أرتد خطوه للخلف ووضع يده على كتفه المصاب التي كانت ضربتها قريبه منه مما جعلها تتقدم منه بأسف وندم:
_أنا آسفه مش قصدي.
أبعد يدها عنه بحده وعنف..رجعت خطوه للخلف ونظرت جواراها لتجد الجميع واقفين أمام غرفة الجلوس يشاهدوا بصمت، لتدخل سيده بالحديث تشعل الأجواء أكثر:
_اللي متعرفهوش بقي يا يزيد اني من بعد ما واجهتها إني شوفها وانها تبعد عن اللى بتعمله دا قالتلي أنها هتأذيني ف حفيدتي وانتَ عارف تولين غاليه عندي أزاي، تصور كانت بتضربها.!
دا إحنا عمر ماحد فينا مد أيده عليها.
إلا هنا وقد أشتعل يزيد بكل معاني الكلمه وامسك بذراعها يحركها بعنف صارخًا:
_توصل بيكِ تضربي طفله صغيره مأمنتش غير ليكِ، خلاص من بعد ما أنكشفت خيانتك شيلتي وش البراءه.
هي ليست بعديمة الكرامه حتي تصمت أمام تلك الأهانات ولا تعلم كيف فعلتها لكنها لن تظل صامته هكذا وهم يلقوا عليها بالتهم فـ لم تدري بنفسها سوي وكف يدها يهبط على وجهه بقوه نفضت ذراعها من يده وتحدثت بقوه ظاهريه:
_أخرس..أنا عمري ماخنتك بس انتَ اللى عمرك ما هتتغير ومن بكرا هتطلق منك.
وتركته يقف مصدومًا من فعلتها ودلفت للغرفة صافعه الباب خلفها.
بينما الجميع وكأن على رؤوسهم الطير، ينظرون له بتراقب كأنهم منتظرين لحظة أنفجار البركان.!
وبلحظه لم يجدوه وقد دلف للغرفة خلفها يغلق الباب بقوه كادت تؤدي لكسره وأوصده جيدًا من الداخل.
أمسكت سيده بذراع سهر تسحبها بالخفاء وتتحدث بصوت هامس:
_كفايه كدا عملنا اللى عاوزينه يلا نمشي.
تزمرت سهر وهي تحاول أفلات يدها:
_لأ عاوزه أتفرج..دي ضربته بالقلم انتِ متخيله.!
سحبتها سيده رغمًا عنها للخارج وهى تتحدث من بين أسنانها:
_خليه يقتلها ونخلص منها..بكرا هنعرف كل حاجه بالتفصيل.
« _____ »
بالغرفة بالأعلي...
صرخت بفزع وهى تركض فوق الفراش هربًا منه ووقفت بالمنتصف حتي تعلم من أين سيهجم عليها حتي تفر وتحدثت برجاء:
_خلاص يا يزيد عشان خاطري أنا آسفه والله.
ضغط على أسنانه بقوه وتحدث بأنفعال:
_خلاص اي دا أنا هقطعلك إيدك..بقي أنا أقولك مثلي وخلينا نعمل قدامهم اننا مصدقين اللعبه الخايبه بتاعتهم دي تضربيني بالقلم دا انتِ ليلتك سودا النهارده.
انهي حديثه وأسرع ليمسك بها إلا أنها كانت كالفار الصغير وهربت من الجهه الأخري وتوقفت أمام الشرفه تتحدث بصياح ودفاع:
_اعملك أي يعني مسكت ايدي جامد ووجعتني وسكتلك، شخطت فيا وخضتني وسكتلك، تقول عليا خاينه مش هسكتلك بقي.
أسرع نحوها ليمسك بها لكنها فرت لفوق الفراش من جديد وتحدثت بتهديد:
_أقسم بالله لو عملتلي حاجة لقول لريهام.
وقف عن مطاردتها وهو يحرك رأسه بتوعد:
_ريهاام..واضح إن قعدتك كتير معاها الأيام اللى فاتت جمدت قلبك.
راقبته بتوجس لتجد يده أمتدت لحزام بنطاله ينزعه ولفه على يده بهدوء شديد أرهبها:
_هتنزلي بالآدب ولا أنزلك بقلة الآدب.!
أبتلعت لعابها بقلق وهى تنظر لهيئته الأجراميه تلك بعدما نزع جاكيت بذلته وشمر عن ساعديه وفتح أول ثلاثة أزرار من القميص ويسمك بالحزام الجلدي بيده، هي ربما بالغت بردة فعلها لكن..لا تستحق كل هذا الترهيب منه.!
تحدثت بلطف ورجاء ومازالت واقفه فوق الفراش:
_زيزو..أنا تاج حبيبتك.!
شدد على الحزام وضغط على أسنانه يتحدث بحزم:
_انزلي ياتاج.
بخطوات بطيئة متردده هبطت من فوق الفراش لكنها لم تتقدم منه ورفعت يدها تتحدث بتماسك مصتنع:
_أنا نزلت عشان عارفه إني مش ههون عليكِ ومش..
أنقطع حديثها عندما هوت فوق الفراش وهو يعتليها يرفع يديها الأثنتين فوق رأسها ويثبتهم بيد واحده وتحدث بهمس خطير ويده الأخري تمر على وجنتها:
_عملتي أي بقي ياشاطره.!
حاولت أبتلاع لعابها الذي جف وبللت شفتيها وضغطت على شفتيها وأسبلت أعينها ببراءة تحرك رأسها يمينًا ويسارًا بالنفي.
إلا أنها وجدت اهتمامه متعلق على شئ واحد..شفتيها.!
نظرت له بتراقب وتوجس بادلها هو بنظره لم تستطيع فهمها قبل أن تشعر به يطبق على شفتيها بـ قبله رقيقه عميقه، أغمضت أعينها بقوه كـ من ضربتها صاعقه ولم تبدي أي ردة فعل حتي شعرت بقبلته تحولت لأخري عنيفة بعض الشئ وهو يضغط بأسنانه على شفتيها مما جعلها تتأوه بألم وهي تحاول الأفلات منه حتي أطلق هو صراحها.
وضعت يدها على شفتيها المنتفختين بعدما أعتدلت تجلس على الفراش ولم تجد ما تقوله ليتحدث هو:
_اعتبريه عقاب للي عملتيه مع أنه ميساويش عملتك السودا دي.
لم تجيبه وتركها هو يدلف للمرحاض لتستمع لصوت المياه المنهمره بالداخل، أمسكت الوساده تكتم بها صراخها حتي أفرغت طاقتها وتحدثت بصوت أقرب للبكاء:
_والله لخلي ريهام تضربك.!
دقات صغيره على باب الغرفة جعلتها تعرف من الطارق، نهضت سريعًا تفتح الباب وأختطفت تولين بعناق قوي حنون، تذكرت مظهر تولين وهى تختبئ منها بأحضان سندس لتضمها أكثر لأحضانها لكنها أبعدتها بقلق عندما خرجت من تولين شهقات بكاء، مسحت تاج دموع تولين تتسأل بقلق:
_فى اي ياحبيبتي بتعيطي ليه.
نظرت لها تولين بندم وهي تشعر بأنها أرتكبت خطأ لا يغفر بأنها لم تلقي بنفسها داخل أحضانها عندما عادت للمنزل، لتتحدث من بين بكائها:
_عشـشان انتِ زعـعلانه مني.
جذبتها لأحضانها من جديد تربت على ظهرها وتقبل رأسها تحاول تهدئتها برقه وحنان:
_مقدرش أزعل منك، أنا عارفه أن بابا هو اللى قالك تعملي كدا بس إحنا كنا بنلعب مش انتِ شوفتي أمبارح ف الكارتون انهم كانوا بيتخانقوا وبعدين اتصالحوا.؟
إحنا بقي كنا بنلعب كأننا بنتخانق.
أنهت حديثها وأبعدتها قليلًا عن أحضانها وهى تمسح دموعها بلطف وحمدت ربها على أن صفا قد أصتحبت تولين للحديقه حين أشتد الشجار بينهم ولم تري صفعتها ليزيد.
أبتسمت تولين بسعاده وهى تقبل تاج على وجنتها، ليقطعهم باب المرحاض الذي أنفتح وخرج منه يزيد يرتدي بنطال رمادي فقط وبيده منشفه صغيره يجفف بها قطرات المياه التي تتساقطه من خصلات شعره المبتله على جزعه العضلي.
أغمضت تاج أعينها بقوه وبحركه تلقائية وقد توردت وجنتيها بخجل من مظهره رغم رؤيتها له بهذه الهيئه بالأوقات الأخيره حين كانت تقوم بتبديل الضماده فوق جرحه إلا أنها..تخجل.!
نهضت بتهرب تختفي داخل غرفة تبديل الملابس، لتبتسم تولين وصعدت تجلس على طرف الفراش وهى تتحدث بأبتسامة وتحرك يدها مع حديثها بحركات عفويه:
_مـمشيوا خـخالص.
أبتسم لها بحنو وجلس جوارها يمسد على ظهرها برفق يحثها على الحديث:
_أحكيلي بقي تيتا سيده قالتلك أي قبل ما نبدأ اللعبه.
صمتت تولين للحظات وقد أختفت أبتسامتها وأخفضت بصرها ليديها تتحدث بحزن طفولي أستشعره:
_قـقالتلـلي أن مـماما تــاج وحشـشه وومش بتـتحبني ووأن لـو مـمـم...
ربت فوق ظهرها بدعم يشجعها على الأكمل لتكمل بخوف وهى تنظر له:
_لو مـقولتش أن مـماما تــاج بتـتضربني هتـتقولك إني بعـعمل شـقاوه وأنك هـهتضربني وووتحبـبسني.
قبض على يده الأخري وهو يشعر بنيران حارقه تجاه سيده قد أشتعلت به، حتي وأن كانت طامعه وحاقده يصل بها الأمر إلي تهديد حفيدتها وترهيبها.!
صبرًا سينال كلًا منكم جزاء أعماله..أبتسم بهدوء وهو يعاتب صغيرته بحنو:
_كدا ياتولين تصدقي كلامها، أنا عمري ضربتك أو حبستك.؟
حركت رأسها بالنفي وتحدثت بندم:
_آسـسفه يا بــابي.
طبع قبله حانيه على رأسها ليُفتح باب غرفة تبديل الملابس وخرجت تاج ترتدي منامه منزليه باللون الأسود عاكست بشرتها البيضاء وقد شابه ملمس خامتها الناعمه بشرتها الرقيقه وقد حررت خصلات شعرها السوداء المنسابه لتكتمل اللوحه، مزيج خاص بين الأنوثه والطفوله يجعله شغوفًا بها.
أمسكت بُعلبة المستحضرات الطبيه وتقدمت تجلس جواره من الجهه الأخري حيث ذراعه المصابه وبدأت بنزع الضماده برفق بالغ لتغمض أعينها بأسي وألم تشعر به كلما أبصرت ذلك الجرح.
نهضت تولين بحماس تناولها ما تطلبه بسعاده ونظرت نحو يزيد:
_لما أااكبر يا بــبابي هشـشتغل ددكتوره رسـسامه.
ضحك على تلك المهنه الذي لم يستمع عنها من قبل وحرك رأسه بالموافقه وهو يتابع حديث أثنتيهم المندمجين بما يفعلوه بتركيز وتدقيق تام، وعندما أنتهت تاج ونهضت تضع الأشياء بمكانها وقفت تولين على أطراف أصابعها تطبع قبله لطيفه على وجنته:
_سلامـمتك.
عادت تاج من جديد لكن هذه المره تبحث عن قلمها بدرج الكومود لتتوقف عندما تحدثت تولين بتلقائيه:
_بووسي بـبابي.
رفعت تاج رأسها تنظر لها ببلاهه وعدم أستيعاب:
_هاه.!!!
تحدثت تولين تشرح لها بجديه:
_تيـيتا جليلـله قـقالتلـلي إني أبـبوس بـبابي واقووله سـسلامتك أنتِ كمان بوسـسيه عشـشان هو بابـباكِ.
شبه أبتسامه ظهرت على وجه تاج وهى تجيبها بهدوء تام:
_بس هو مش بابايا هو جوزي أنا وباباكِ انتِ.
أستفسرت تولين بتلقائيه وعفويه:
_مش أنتِ بابـباكِ مـمش عـعاوزك يبقي بابـبي بابـباكِ.
أغمضت تاج أعينها لدقيقه وقد أصابتها تلك الكلمات العفويه بصميم قلبها جاعله من أحزانها تتضاخم.
ظهر الضيق على وجه يزيد ونظر نحو تولين يسألها ببعض الصرامه:
_مين قالك كدا.
شعرت الصغيره بأنها أرتكبت خطأ فادح وأجابته بتراقب:
_خـخالتو سـسهر قاالت أن بابـبها مـمش عـعاوزها عشـشان هي ووحشه.
اللعنه على الجميع.!!
ضغط على أسنانه يحاول السيطرة على أنفعاله وتحدث بحزم:
_مش أي حاجه تسمعيها تعيديها ياتولين كدا غلط مسمعكيش بتقولي كدا تاني على تاج حتي لو حد قال كدا انتِ متقوليش كدا، تاج أنضف منهم كلهم.
أومأت الصغيره بفهم لحديثه وأنصرفت بعدما قبلت تاج واعتذرت منها، مد يزيد يده يمسك بها يسحبها لتجلس جواره وأبعد خصلاتها خلف أذنها ورفع وجهها نحوه لتخبره نظراتها بأنها حزينه وتتألم.!
أمسك بيدها يرفعها لشفتيه يطبع قبله رقيقه دافئه بباطن يدها وظل ممسكًا بيدها وتحدث بأبتسامة هادئة مُحبه:
_ولا أكنك سمعتي حاجة، وبعدين بتتبري مني وبتقولي عليا مش أبوكِ هي حصلت.!
أبتسمت بخفه على حديثه ليتابع:
_ولا عشان تساهلت معاكِ ومقطعتش أيدكِ الحلوه دي هتفتكريني طيب.؟
نظرة بعينه بنظرة رأي بها الكثير وتحدثت بهدوء وصوت منخفض بعض الشئ:
_مش ههون عليك تعملها.
أبتسم ومال نحوها يطبع قبله رقيقه ناعمه على وجنتها، بادلته الأبتسامه ودارت بأعينها بالغرفة لا تعرف كيف تخبره لكن..بالأخير هو والدها، مهما فعل وكان سيئًا لكن..لن تستطيع مقاومة قلبها الذي مازال يحبه.
ربت على ظهرها بدعم ويده الأخري ممسكه بيدها يحثها على الحديث عالمًا بالحرب الدائره داخلها:
_قولي اللى عاوزاه.
نظرت نحوه وصمتت لدقيقتين ليخرج صوتها ضعيف متحشرج بتلك الغصه المؤلمه التي تعتصر قلبها الصغير:
_عاوزه أروحله.
كان يعلم بطلبها هذا ويعلم أيضًا بأنها منذ الأمس تفكر به، لم ليكن ليحرمها من رؤيته او يمنعها عنه كونها معه ولن تبتعد جعله يؤمي بالإيجاب وهو يجيبها بهدوء:
_هوديكِ..حاليًا بقي ممكن تنامي عشان تصحي فايقه لأمتحان بكرا وانتِ منمتيش كويس أساسًا.!
أبتسمت له بأمتنان ظهر بريقه بأعينها، لن تجد كلمة شكر توفي ما يفعله معها رغم علمها التام بمحاولات والدها بأن يضره إلا أنها أستمعت له صباحًا قبل ذهابها لجامعتها يتحدث مع نادر بأن يوكل محامي متمكن لوالدها وكم كانت فعلته تلك كبيره بالنسبة لها جعلتها تعلم بأنها وبالمعني التام أحبت رجلًا يستحق حبها.
أرتسمت على وجهها تلك الأبتسامة المشرقه التي يعشقها وتهون عليه الكثير وأقتربت منه برقة طاغية تطبع قبله لطيفه على وجنته وهي مُبتسمه.
نهضت وعادت من جديد وبيدها تيشيرت خاص به تعطيه له كي يرتديه، نظر نحو الضماده الموضوعه على كتفه وأعاد النظر لها يخبرها بنظراته بأنه لأ يستطيع بأن يرتديه وحده، هي تعلم بأنه يقدر إلا أنه منذ مرضه وهو يتدلل عليها كي تساعده كأنه طفل صغير يستغل مرضه بعدم ذهابه للمدرسة.!
ولم يمر الكثير وكانت قد ذهبت لعالم الأحلام بعمق وأرهاق، طبع قبله حانيه على رأسها ونهض من جوارها ودلف للمرحاض يتوضئ وخرج يقيم الليل بخشوع وراحة قلب، فـ هو أصبح ملتزمًا بصلاته إلا جانب الوِرد اليومي الذي يقرأه بعد قيام الليل والذي شجعته تاج عليه وبحماس أخبرته بأنهم سيقومون بختم القرآن الكريم لأول مره معًا، تلك الكاذبه الصغيره الذي سمعها تخبر تولين بأنها ختمت القرآن ما يقارب أربع مرات من قبل إلا وأنها كي تشجعه أخبرته بأنها لم تفعل وستفعلها معه.
أنهي صلاته وقراءة القرآن وجلس على الأريكه يمسك بحاسوبه وبدأ بأنجاز بعض الأعمال المتراكمه عليه لأن تاج لأ تسمح له بالخروج للعمل بسبب أصابته.
« _____ »
باليوم التالي تحديدًا الثانية ظهرًا..
خرجت بصحبة ريهام من المدرج وهى تأخذ نفسًا عميقًا تشعر بالسعاده والراحه وتحدثت:
_رسميًا بقيت البشمهندسة تاج البنداري.
وعلى عكسها أجابت ريهام وهى تزفر براحه:
_ياااه أخيرًا أتخرجت عشان أتجوز بقي.
تسألت تاج ببعض التعجب:
_مش هتشتغلي.؟
لوحت ريهام بلامبالاه وهى تفتح هاتفها:
_أنا حاليًا مش عاوزه غير أني أروح أنام حوار الشغل دا مش دلوقتي خاالص هاخد هدنه كدا سبع تمن شهور أجازه وبعدين أفكر ف الشغل.
ضحكت تاج عليها بيأس وقد خرجوا من بوابة الجامعه حيث يقف محمود خطيب ريهام الذي جاء ليصتحبها للغدا والتنزهه معًا أحتفالًا بأنتهاء أختباراتها.
ودعتها تاج حتي أبتعدت سيارة محمود عن أعينها والتفتت لتصعد بالسياره المخصصه لها لتجده أمامها بطلته الرجوليه الأنيقة وملابسه السوداء التي تزيده أناقة وهيبة خاصه.
أتسعت أعينها قليلًا وضحكت بعدم تصديق وهى تتحدث بأندهاش:
_بتعمل أي هنا.
أبتسم يزيد على تفاجؤها وسعادتها التي أسعدته وهو يجيبها ببساطه وأبتسامه زادت من وسامته:
_ هو ممنوع أجي أخد مراتي من الجامعه.؟
أجابته بجديه وحزم مصتنع:
_أيوه ممنوع لأنك مريض والمفروض دلوقتي تكون ف البيت مرتاح.
همهم بهدوء وهو يوافقها الرأي ببساطة:
_عندك حق أنا مريض فعلًا.
أكمل حديثه ببعض العبث وقد أقترب منها خطوه أخري وأنحني لمستوي طولها مكملًا بغمز:
_بس مريض بيكِ.
تبخرت جديتها تلك ولم تستطيع منع أبتسامتها لتغمض أعينها بقلة حيله وأعادت فتحها ومازالت مُبتسمه:
_بتكلم بجد.!
أبتسم لأبتسامتها وأجابها بهدوء:
_وأنا كمان.
نفخت بيأس وهى تضرب الأرض بقدمها بقلة حيله لكنه لم يترك لها فرصه للحديث أكثر من ذلك وأمسك بيدها يسحبها لتسير معه وفتح لها باب السياره المجاور له لتصعد هي أولًا والتفت هو يصعد بمقعد السائق وأدار السياره ينطلق بها ومن خلفه سيارات حراسته ولم يعيطها أجابه مفيده عن وجهتهم.
« _____ »
أستمعوا الأثنين بأنصات شديد لحديث نوال احدي العاملات بقصر الشهاوي وهى تقص عليهم ماحدث:
_وبعد ما مشيتي حضرتك سمعت صوت زعيق يزيد بيه وصريخها هي وهي بتستسمحه تقريبًا كدا كان بيضربها بس مكملتش ونزلت لأن أخته كانت طالعه..والصبح بدري تاج نزلت من غير ما تتكلم مع حد حتي محتكتش بـتولين نهائي وبعد كدا يزيد بيه خرج قرب العصر وولا هي رجعت ولا هو.
همهمت سيده وهي تطالع وجه سهر الذي بدي عليه السعادة الشديده لما تسمعه بعدما تأكدوا من دمار علاقة يزيد وتاج.
أنتهت المكالمة لتزفر سهر بأرتياح وهى تستند بظهرها بأريحه لظهر المقعد ووجهها يبدو عليه السعاده:
_ياااه ياماما أخيرًا.
صمتت للحظات ونظرت لسيده بضيق:
_بس المفروض كان طردها سايبها لحد دلوقتي ليه ولا هي لو كان عندها كرامه اصلًا كانت مشيت بعد اللى حصل.
أبتسمت سيده أبتسامه ماكره تجيبها:
_سيبيها عليا هقوم ألبس واروح ومش هرجع غير ما اتأكد أنها غارت واهو بالمره أفاتح جليله ف موضوع جوازك انتِ ويزيد خلينا ندق على الحديد وهو سخن.
أتسعت أبتسامه سهر وهي تزفر بحالميه شديده تتخيل نفسها زوجة يزيد لتتمتع بكل شئ لم تستغله تلك الحمقاء أو شقيقتها البلهاء فـ يزيد لديه من الأموال ما يكفي ويفيض لتقم بصرفها وأول خطواتها..أن تضع تولين بمدرسة داخلية.
فتحت أعينها بأستفسار وتساؤل:
_وراشد.؟
مش ممكن يكلم يزيد ويقوله على اللى بينا وبينه.؟
وضعت سيده قدم فوق الأخري وهى تجيبها بثقه تامه:
_راشد طماع ومبيحبش قد الفلوس آه انما بيحب بنته وهو عارف كويس إني ممكن أضره فيها فـ دا شئ كفيل يخرسه.
نهضت سهر وهى تبتسم بسعاده تقبل رأس والدتها:
_دماغك دي ألماااظ..وعد أول ما أبقي مرات يزيد لازم أجيبلك أغلي هديه جاتلك طول حياتك.
« _____ »
ظلوا يسيروا بجوار بعضهم فوق الرمال والبحر بأمواجه المتلاطمه أضاف على نفوسهم راحه من نوعًا مختلف..تزمرت للمره الألف عندما تذكرت ووقفت أمامه تمنعه من أكمال سيره وتحدثت بعبوس متجاهله خصلات شعرها التي بدأت بالتطاير من جديد بفعل الرياح:
_انتَ كدا ممكن حالتك تسوء وتتعب انتَ لسه مخفتش تمامًا.
ظهرت على وجهه أبتسامة دافئة وامتدت يده يبعد خصلات وجهها بلطف خلف أذنها وزفر بتمهل قبل أن يجيبها بذات أبتسامته:
_لو عاوزه حالتي متسؤش أكتر كفايه كلام واحضنيني.
ضحكت بقلة حيلة وهى تراه يفتح لها ذراعيه ومن دون تردد أقتربت تحتضنه مستكينه بدفئ أحضانه المختلط برائحته، مستمتعه بالأمان بينهما، والأستماع لدقات قلبه، شعورًا يخبرها بأن لو نشبت حرب الآن لن يمسها سوء مادامت بأحضانه، هو الآن أصبح لها كل شيء ولم يتبقي لها سواه، أغمضت أعينها وشعور ألم داهم قلبها عندما تذكرت محاولة قتله..لو لم تلاحظ بأنها ليست الممرضه المسؤله عن حالته وشعرت بعدم راحه نحوها لكان يزيد الآن بخبر كان.!
لم يكن يحتاج أحدًا منهم للمزيد من الحديث يحتاجوا للأطمئنان وفقط..وأن وسط كل ما يحدث هم مازالوا سويًا.
شدد من ضمها لأحضانه أكثر، يراها نورًا ونعمه كبيره هي بها الكثير من الصفات التي تميزها بنظره عن غيرها، ذكائها رغم بعض تصرفاتها الطفوليه بالجانب طريقة حديثها، لطافتها، وهشاشتها، ورقتها، ونعومتها، وأنوثتها وحكمتها، وطفولتها جعلت منها أنثي فريده للغايه بنظره لأنها ولرغم تقيدها نجحت بالحريه، نجحت بجعله يتراجع عما هو كان به ولم يختاره بأرادته، حتي هبه زوجته الراحله لم تحاول ولو حتي بالحديث بجعله يترك عمله بالسلاح، هي كنز ثمين أعطاه له الله ليكون أحد أسباب هدايته.
أفاق من دوامة شروده على سؤالها الهادئ:
_انتَ الولد اللى كنت ف الحدوته واختك ماتت صح.؟
أستغرق بعض الثواني قبل إن يجيبها بسكون وهدوء ونبره تخللها حزن قلبه:
_أيوه.
رفعت رأسها فقط من أحضانه ومازلت يدها تُعقد حوله وتسألت بشبه أبتسامه هادئه:
_باباك كان بيشتغل أي.؟
زفر بتمهل وهو يجيبها بشفافيه وهدوء تام:
_كان بيوزع حشيش.
رتبت على كتفه بلطف وأبتسامه رقيقه:
_محدش بيختار أهله ولا مصيره..أنا فخوره بيك لأنك لأخر جهد فيك كافحت عشان متستسلمش له..الظروف كانت أقوي منك وانتَ وحيد، بس حاليًا أنا معاك وانتَ أقوي من الظروف.
أنهت حديثها برقه ووقفت على أطراف أصابعها تطبع قبله لطيفه على وجنته.
« _____ »
دلفت لغرفتهم تقذف بحقيبتها أعلي الفراش بتزمر وضيق شديد بعدما فعل ما يريد وذهب للشركه لأمر هام، أطمئنت على تولين اولًا برفقة متخصص التخاطب الذي جلبه لها يزيد، رأت غطاء أبيض موضوع فوق شئ بيضاوي أعلي الطاوله لتقترب منه بأستغراب وفضول تزيح الغطاء لتجد ما جعل أعينها تتسع بأنبهار ودهشه تخللهم السعاده وهي تري قفص عصافير غاية بالجمال بداخله عفورين صغيرين أحدهم أصفر فاتح والأخر أبيض.
مررت أصبع يدها من بين فتحات القفص تتلمس العصفورين برقه ولطف وسعادة لم تشعر بها منذ مده، بفعلته تلك كان قادرًا بجعلها أن تنسى حزنها وتسعد فقط.
ظلت للدقائق تداعب العصفورين قبل أن تلحظ تلك الورقه الصغيره التي كُتب بداخلها بخط منمق
"بمناسبة نجاح تاجي"
صدرت منها ضحكه صغيره سعيده وكأنها طفلة حصلت على أعلي درجات الأختبار قبل تتبخر سعادتها تلك عندما فتح باب الغرفة وتفاجئت بسيده تدلف للداخل بوجه متهكم تغلق الباب خلفها، وسريعًا أخفت الورقه بكف يدها تضغط عليها وتحدثت ببعض الحده:
_خير فى حاجه.؟
طالعتها سيده بنظره ساخره وهي تدور بعينيها بالغرفه:
_بعاين اوضة بنتي.
نظرت لها تاج بعدم فهم لتتصنع سيده الدهشه وهي تكمل حديثها السام:
_آه صح محدش طايقك ف أكيد محدش حكالك..أصل اللى انتِ واقفه فيها دي اوضة بنتي سهر اللى بعد ما يزيد يطردك هيتجوزها وتبقي ست البيت دا كله.
أنهت حديثها بتأكيد صارم قبل أن تشير بسبابة يدها بحركات عشوائية:
_وانتِ تلمي كراكيبك دي وتغوري على الأقل يبقي فاضل عندك حبة كرامه..آه أبقي سلميلي على أبوكِ لما تزوريه دا لو لحقتي قبل ما ياخد أعدام ونرتاح منه زي ما هنرتاح منك قدامك نص ساعه ودا كرم مني والاقيكِ غورتي غير كدا متلوميش غير نفسك لما تلاقي الأوان فات واحنا بنتفرج عليكِ ويزيد ساحبك من شعرك وراميكِ زي الكلبه برا.
وعقب أنتهاء حديثها وجدت باب الغرفة فُتح بقوه شديد حتي كاد أن ينكسر، ألتفتت سيده بفزع لتري يزيد واقفًا بهيئه أجراميه لم تراها من قبل وأعينه تنبعث منها شرارات الغضب الذي صاحبتها نظره ناريه متوعده وكأن أعينه تخبرها بأن وقت الحساب قد حان.!