رواية حرية مقيدة الفصل الثامن والعشرون
شعرت برهبه شديدة من هيئته وهو يتقدم نحوها بخطوات بطيئة قاتلة وأغلق الباب من خلفه وقد أصبح لا يفصل بينه وبين سيده سوي خطوه واحده.!
ابتلعت سيده لعابها بتوتر وهي تحاول الحديث بأي تبرير كاذب:
_يزييد اا..
أنقطع حديثها بخوف وألم أصابها عندما تفاجئت بكف يده يقبض فكها بعنف شديد حتي كادت تشعر بأن عظام وجهها ستسحق بين يده وهو ينهرها بصوت قوي ها زاد من خوفها:
_أخرسي..انتِ جنس ملتك اييي مستكفتيش حوارات وكدب أنا عارف بكل مصايبك من أول ما دلقتي الشوربة على تولين وكانت المقصوده بيها تاج والسلاح اللى حطيتيه ف اوضتي واتفاقك مع راشد وغيره وغيره من حوارات وسخه حتي حفيدتك مسلمتش من شرك، سكت كتير وقولت أكرامًا للراجل اللى ربااني بس حتي لو كان هو عايش مكنش هيبقي راضي عن عمايلك، وأنا فيا طبع اللى بيدوسلي على طرف بدوس على رقبته.
أنهي حديثه وقد أزاد من ضغطة فوق فكها بقسوه شديده، خرجت تاج عن صمتها ودهشتها وأسرعت نحوه تضع يدها فوق يده تحاول الفصل بينهم:
_يزيد..يزيد اهدي عشان خاطري كفايه كدا.
لم يزيح يده حتي أحمر وجه سيده بقوه وبدأت دموعها بالهبوط وهى تحاول تهدئته حتي يتركها ليزمجر برفض وتحدث من بين أسنانه بحده قاسيه:
_وهي مقالتش لنفسها كفايه ليه وهي ماشيه زي التعبان تبخ سمها يمين وشمال.
دفعها بقوه عن مرمي بيده ليختل توازنها وكادت تسقط إلا أنها أمسكت بطرف الفراش وهى تمرر يدها على جانبي وجهها تحاول تخفيف الألام العاصف بهم إلا أنه لم يستكفي وأمسك بذراعها يسحبها بقوه للخارج ودفعها لتهبط الدرج سريعًا بقلب يركض خوفًا ورهبةً ليتقدم من سور الدرج العلوي ووقف يتحدث بصوت جهوري حاد وهو يتابع سهر التي أسرعت نحو والدتها تتسائل عما بها والجميع يقف ليشاهد:
_الناس دي أنا أكرمتهم بدل المره ألف وسكت وعديت عمايلهم لجل أحمد الشهاوي وبس..انما لحد مراتي وبنتي وكفايه، من اللحظه دي محدش فيكوا المحه أو اعرف أنه عدي من قدام البوابه عشان ديته عندي رصاصه زيه زي أي كلب أتسعر..بـــرا.
ولم يقدر أحدًا منهم على الحديث وغادروا المنزل تاركينه بلا عوده.
نظر جانبًا نحو العاملات ليشير نحو منال بحده:
_انتِ..عشر دقايق وتكوني لميتي حاجتك ومشيتي واحمدي ربنا إنك خارجه على رجلك.
نظرت منال حولها بأحراج وانصرفت سريعًا تبدل ثيابها وتغادر..أنتبهوا جميعهم عندما أصدرت سندس صفير قوي وهي تسقف بحماس وسعاده:
_فين الزعيق دا من زمان اخيررًا.
صدرت منه ضحكه صغيره قبل أن يلتفت يجذب تاج لتقف بجانبه يحيط كتفيها بحمايه يضمها لأحضانه يربت على ذراعها بهدوء ونظر نحو نادر ومن ثم سندس:
_نادر طلب إيدك مني، وأنا موافق أي ردك ياعروسة.
أختفت أبتسامة سندس وضمت شفتيها بأحراج شديد ف لم يخبرها ذلك النادر بأنه تحدث مع يزيد بأمر زواجهم لتخفض رأسها بخجل وصوت منخفض جعل والدتها تضحك على هيئتها:
_اللى تشوفه.
أبتسم بهدوء على هيئتها ونظر لنادر وتحدث بهدوء تام:
_كتب الكتاب يكون قبل سفركم.
عقدت سندس حاجبيها قليلًا ونظرت لوالدتها التي بادلتها النظره بأخري تعبر عن جهلها، رفعت تاج رأسه له تتسائل بصوت منخفض متسائل:
_سفر اي.؟
أجابها بهدوء وحزم وصوت مرتفع أستمع له الجميع:
_هتسافروا كلكم..الفتره الجايه مش هأمن عليكم هنا أربع أو خمس أيام وترجعوا تاني.
اجابته جليله بأبتسامة هادئه تعبر عن ثقتها بقراراته:
_اللى تشوفه يابني.
زفر بتروي واكمل حديثه وهو ينظر نحو نادر:
_اتصل بالمأذون واستعدوا هتسافروا كمان خمس ساعات.
وتركهم يمسك بيدها يسحبها خلفه لغرفتهم يغلق الباب من خلفهم لتقف أمامه بهدوء تام:
_ليه.
نزع ساعة يده وهو يتجنب النظر لها متصنع الأنشغال بتبديل ملابسه:
_هغيب كتير الفتره الجايه ومش هبقي مأمن عليكم هنا وانتوا لوحدكم.
أمسكت بذراعه تمنعه من أن يذهب من أمامها ووقفت أمامه بنظره ظهر بها الأحتياج والرجاء اللذين أمتزجوا بالضعف الملتمع بأعينها:
_وهتسبني.!!، أنا مببقاش حاسه إني بخير غير وانتَ جمبي يا يزيد، مببقاش حاسه إن حد غيرك بيحبني وبيخاف عليا وبيحميني حتي من نفسه غيرك..أنا مليش غيرك.
كلماتها الضعيفه كانت ذات أثر قوي عليه وعلى قلبه الذي شعر بغصه مؤلمه تكاد تقتله من فرط الأختناق، جذبها برفق يحتويها بين ذراعيه يطبع قبله حانيه على رأسها يمسد على خصلات شعرها هبوطًا وصعودًا بظهرها يتحدث برفق ونبره حنونه هادئه:
_وأنا معاكِ دايمًا يا روح قلب يزيد..أنا هسفرك معاهم عشان أبقي مطمن عليكِ وأعرف أخلص اللى بدأت فيه وأنا مرتاح انكم بخير واعتبريها فُسحه بمناسبة إنك خلصتي أمتحاناتك.
تمسحت بصدره كـ قطه وديعه تتمسك بصاحبها ويديها متمسكتان بقميصه تقبض عليه بقوه تتحدث برفض شديد:
_مش عاوزه أتفسح أنا عاوزه أفضل معاك..أنا ف أمان طول ما أنا معاك.
رفعت رأسها تكمل حديثها وهى تترجاه بنظراتها المستعطفه:
_عشان خاطري خليني معاك واللى تقولي عليه هعمله حتي لو مش هخرج من البيت خالص أو حتي مطلعش بره الأوضة بس خليني معاك.
ويلاااااه من أفعالها ونظراتها وحديثها..هو ليس بقديسًا حتي يظل صامتًا أمام تلك الفتنه المتحركه أمامه، زفر بقوه قرار رحيلها ليس بالهين عليه لكنه يضطر لذلك ماهو قادم خطير وهو لن يغامر بها، حرك رأسه بالرفض بقوه وهو يبعد يدها عنه رافضًا أستسلامه لفكرة بقائها:
_لأ لأ مش هينفع.
ظهرت بوادر البكاء على وجهها وهي تعقد حاجبيها قليلًا وبعدها رفعت يدها تضعها فوق وجهها تنفتح فـ بكاء مرير كأنها طفله صرخ عليها أحدهم وأنتشل دميتها أو الحلوي خاصتها.
نظر لها ولبكائها وهو يلعن نفسه لأنه تسبب ببكائها هذا أقترب منها ينوي مراضتها ليصدح هاتفها بنغمة الرنين أمسكه ليجد صورة تلك الكائنه المستفزه المسماه"ريهام" كان ينوي كتم صوت الهاتف ووضعه جانبًا إلا أن تاج أمسكته من يده تجيب ممسكه الهاتف بيد وباليد الأخري تمسح دموعها من فوق وجهها الذي طغي عليه اللون الأحمر من بكائها تجيبها بصوت متحشرج ظهر به البكاء:
_ايوه يا ريهام.
همت ريهام أن تتحدث كـ الراديو بدون توقف إلا أن نبرتها الباكيه أستوقفتها وهى تتسأل:
_انتِ كنتِ بتعيطي.!!، مين زعلك.؟
قوست شفتيها وكأنها طفله تشكو لوالدتها من أفعال شقيقها:
_يزيد زعلني.
كان يقف أمامها وهو ينظر لأفعالها تلك بقلة حيله ليستمع لصوت كائن البغبغان تتحدث بصوت مرتفع وصل إليه حتي أنه سبب لتاج أنزعاج وأبعدت الهاتف عن أذنها بسبب صراخ ريهام:
_هي حصلت يزعلك ويخليكِ تعيطي.!!
هو فاكر أي فاكر إن ملكيش أهل يقفولك فاكرك هتسكتيله وانتِ إزاي تسكتيله أصلًا أنا علمتك كدا ولا هو فاكرك هبله يعني وملكيش حد يقفلك..لأ يامحمود وسع.
تحدثت ريهام بضيق ورفض عندما حاول محمود أن ينتشل الهاتف منها حتي نجح وسط أعتراضتها ليفتح مكبر الصوت وتحدث:
_لأ ياتاج اياكِ تسمعي لحاجه من اللى بتعلمهالك.
صدرت من تاج ضحكه لم تستطيع أخفائها وهى تنظر له وهو يستمع معها لصوت شجار محمود وريهام واكملت ريهام حديثها بصياح:
_أي متسمعش اللى بعلمهولها دي إن شاء الله قصدك أن كلامي غلط واني...
قاطعها محمود قبل أن تبدأ فقرة النكد اليوميه:
_باااس حقك عليا أنا آسف ممكن نعدي اليوم بقي لو مفيهاش أساءت آدب.؟
أقترب يزيد من تاج وامسك الهاتف منها يتحدث بجديه شديده ظهرت بحديثه وعلى ملامح وجهه:
_محمود.
أسرع محمود بوضع يده فوق فم ريهام التي كادت أن تصرخ بيزيد ما إن أستمعت لصوته وهو يجيبه:
_ايوه.
أكمل حديثه بنفس جديته:
_طلقها يامحمود.
أرتفعت همهمات ريهام أكثر وهى تحاول أبعاد يد محمود عنها الذي حاول أحكام وضع يده يكمل حديثه مع يزيد:
_بس إحنا لسه متجوزناش.!
زفر يزيد بنفاذ صبر يجيبه:
_أفسح الخطوبه وانتَ الكسبان دا لو عندك مراره حديد مش هتستحملها كل دا ربنا يكون ف عونك.
أنهي حديثه يغلق المكالمه ينظر نحو تلك التي أنفجرت ضاحكه، نظر نحوها ولأبتسامتها الصافيه وأصوات ضحكها المرتفعه وكأنها شئ هام لأ يجب أن يفوت منه ثانية واحده، هدأت ضحكاتها تدريجيًا تبادله النظر وأقتربت منه بلطافه شديد ترفع نفسها قليلًا تطبع قبله رقيقه وطويله على وجنته تحديدًا موضع غمازته.
أبتعدت تبادله الأبتسامه الهادئه وتحدثت برقه طاغيه:
_هفضل معاك صح.؟
أخذ قدر كبير من الهواء قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب بهدوء ليجدها قفزت بحركه مفاجأة ترتمي عليه تتعلق بعنقه تصيح بسعاده وكأن والدها وافق على ذهابها لرحلة تابعه للمدرسه وليس كأنها ستظل بالمنزل لعدة أيام لأ يعلم مدتها.!
بالاخير رفع يده يحيطها يضمها لأحضانه بأبتسامة على سعادتها يشعر بفخر عظيم كونه سبب حدوث تلك الظاهرة الكونية التب يتوقف بسببها العالم من حوله متسائلًا كيف لأحدهم أن يكون بتلك اللطافه والجمال، الرقه والمشاغبه.
هبطت من أحضانه تشير نحو العصافير بسعاده وأبتسامه مُشعه:
_حلوين جدًا حبيتهم أوي.
تسائل بنبرة ماكره حاول اخفائها بالبراءه:
_طب وأنا.؟
حركت رأسها بعدم فهم لتمتد يده تحيط بخصرها حتي وقفت أمامه ولا يفصل بينهم شئ وانحني قليلًا للأمام حتي يكون بمقابلتها وتسائل بعبث:
_حبيتي العصافير..طب واللى جاب العصافير ملوش من الحب جانب.؟
تشعر بالوعي وللاوعي من أقتربه وأعينه التي تحتضن أعينها بنظره دافئه رمشت لتستعيد وعيها وهي تبتعد عنه وأتجهت نحو العصافير بتهرب وهي تحاول ضبط الحديث:
_هتعلق..قـقصدي هعلق العصافير فـفى البلكونة وهلبس عشان كتب كتاب سندس.
وتركته واقفًا وهربت لغرفة تبديل الملابس تختفي بداخلها.
« _____ »
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير."
نطق بها المأذون لتسفق تاج بسعاده بالغه وهى تحتضن سندس وتهنئها تليها جليله التي كادت تبكي من فرط سعادتها لأبنتها واخيرًا توجهت سندس نحو يزيد تحتضنه بأخويه وأمتنان شديد ليربت على ظهرها بحنو وهدوء متحدثًا:
_مبروك ياعروسه.
وقفت لجواره تتابع حديثه التحذيري لنادر:
_أياك تزعلها ولا تشتكيلي منك هكسر رقبتك.
رفع نادر يده بأستسلام قبل أن يجذبها من جوار يزيد يقبل رأسها بحب يحيط كتفيها يضمها له مجيبًا بثقه:
_ف قلبي قبل عنيا.
مضي ما يقارب الساعتين وسط تجهيزات الجميع للمغادره، زفر نادر بضيق ورفض ظاهر على وجهه:
_إحنا نقدر نسيبهم هنا ونأمنهم كويس نقدر ننقلهم أي مكان تاني ليه نسافر وليه اسيبك لوحدك وسط شوية كلاب زي دول.!
ألقي يزيد سيجارته بعدما انهاها يدعسها بقدمه وهو يزفر بتروي مكونًا سحابه رماديه حوله يجيبه بهدوء:
_مش هخاطر بيهم ولو واحد ف الميه، هبقي مطمن عليهم وهما معاك ولو حصلي حاجه..
قاطعه نادر بأنفعال طفيف لحديثه:
_على أساس لو حصلك حاجه أمك هتستحمل.!!
بنتك دي مين هيربيها ومراتك اللى مبقاش ليها غيرك، لازم تحط ف دماغك كويس أوي إنك لو روحت فـ كتير حياتهم متعلقه بيك.
أشار له بالصمت عندما اقتربت تولين منه ليحملها وهي تتسأل:
_مـمامي مـمش هتـتيجي معااايا ليـيه.؟
أبتسم لها بهدوء وهو يجيبها:
_عشان انتِ خلاص اخدتي الاجازة انما مامي لسه بتروح الامتحانات بتاعتها أول ما تخلص امتحاناتها هجيبها ونجيلكم اتفقنا.؟
أومأت تولين وهى تضع رأسها على كتفه تحيط عنقه بصمت تام وكأنها تحاول أخذ قدر كافي من اقترابه منها وحنانه عليها.
مضي القليل وكان يقف يتابع أبتعادهم عن المنزل بحزن طغي على مشاعره زفر بتمهل وهو يضع وجهه بين يديه ماهو قادم سيأتي كـ أعصار دامي مدمرًا تلك الدائره السوداء، شعر بها تقف بجانبه تربت على ظهره بدعم:
_هتعدي، متشلش هم حاجه.
رفع وجهه من بين يديه يزفر مطولًا وهو ينظر للسماء يطلب العون من الله.
« _____ »
فور دلوفهم للمنزل وجدوا سمير يقف أمامهم وصاح بحده:
_كنتوا فين.
نظروا لبعضهم البعض قبل إن يتقدم سمير وهو ينظر لسهر بحده وأمر:
_نص ساعة وتكوني جاهزه عشان هترجعي الأمارات معايا.
نظرت له سهر بأعتراض شديد وضيق:
_أي الجنان دا استحاله...اااه.
صرخت بألم عندما فاجأها سمير بصفعه قاسيه هبطت على وجهها:
_لو أمك مكانتش ربتك ف أنا واخوكِ هنعيد تربيتك وكلمه كمان ومش هتكفي بقلم واحد امشي غوري على اوضتك.
اندفعت سيده تضربه بصدره بشراسه وغضب:
_انتَ اتجننت إزاي تمد إيدك عليها..
قبض على ذراعيها الاثنتين بصيح بوجهها بغضب أعماه:
_انتِ تخرسي خاالص لو حد اتجنن ف هو انتِ وأنا صبرت عليكِ وحذرتك بدل المره ألف بس المره دي خلاص.
انهي حديثه يدفعها للخلف يشهر سبابته بوجهها:
_أنا هاخد عيالي وارجع كفايه البت اللى بوظتيها بس ملحوقه هعرف اعدلها..أما انتِ ف انتِ طالق ياسيده طالق بالتلاته.
أتسعت أعين سيده بصدمه بالغه، لم تكن ان تتوقعها منه وظنتها مجرد تهديد.!
لكنه الآن يصدق بحديثه ويوفي بما قاله.
وقفت تشاهدهم وهم يرحلون عنها وهو يأخذ منها ابنتها، أنهار عالمها بأكمله جزاء أفعالها لم يتبقي لها أحد ولا شئ سوي هذا المنزل وبعض الاموال، أصبحت وحيده هي وافكارها السوداء التي اوصلتها لهذه المرحله.
« _____ »
طرقات صارمه من تلك المطرقه الخشبيه ليعم الهدوء قاعة المحكمه، لم تبتعد أعينها عن ذلك القفص الحديدي الذي يقف بداخله والدها ليقبض على تلك الأعمده الحديديّة ينظر لها بألم ونظراته تعتذر، لكن ماذا يفيد الأعتذار الآن.!
تحدثت النيابه أولًا وسط الاجواء المشحونه وأستماع لما يقال وسط ترافع المحامي الذي جلبه يزيد وهو يبذل قصاري جهده حتي لأ تكون عقوبته هي الإعدام.
صمت القاضي لدقيقتين وكانوا بمثابة سنوات مرت عليها وهي تجاهد حتى لأ تهبط دموعها كسيل من الأمطار وأعينها معلقه فوقه وكف يدها ممسك بيد يزيد كأنها تستمد منه القوي حتي تتماسك.
واخيرًا تحدث القاضي وكان كل حرفًا يصدر منه تقابله ألاف الدموع من أعينها:
_حكمت المحكمه حضوريًا على المتهم راشد عمران البنداري بالسجن المؤبد رُفعت الجلسة.
أنهي حديثه ونهض يغادر قاعة المحكمة بينما هي وبكل ما تحمل الكلمه من معني أنهارت تمامًا تشعر بأنسحاب الهواء من رئتيها حتي كادت أن تغادر روحها الحياه.
اخرجه العسكري من القفص الحديدي ليشعر بألم حاد يعتصر قلبه قد فاق طاقته وهو يتابع حالتها تلك لتهبط دموعه ندمًا وألمًا ونطق بأسمها بألم شديد:
_تـاج.
أسرعت نحوه ترتمي بأحضانه تشدد من تمسكها به وهي تتحدث بصوت ضعيف متألم:
_جنيت أي غير بعدك عني..الفلوس دلوقتي مفادتكش ودمرتك.
جاهد لخروج الحديث وهو يشعر بأزدياد الألم العاصف بصدره:
_س.سامح.يني يا بنـتي
أنهي حديثه لترتخي يده من حولها وارتخي جسده كليًا لتتسع أعينها بصدمه جمدتها وهي تشعر بثقل جسده بين يديها وخرج ندائها ضعيف هامس:
_بابا.
سقط جسده ارضًا وهي تحيطه لتنطلق منها صرخه داميه جعلت القلوب تنفطر عليها:
_بـابــا.
ضمته لأحضانها ترجوه بضعف شديد وهي تتمسك به رافضه محاولات يزيد بأبعادها عنه:
_قوووم قوم يابابا قوم عشان خاطري لااا قوم يابابا مسمحاااك قوم.
كان حديثها صارخًا متألمًا نابعًا من أعماق قلبها وهى تهز جسده قوه تاره وتجذب خصلات شعرها بقسوه وتلطم وجهها تاره اخري ولم تتوقف عن رجائه بأن يستيقظ.
ابتلعت سيده لعابها بتوتر وهي تحاول الحديث بأي تبرير كاذب:
_يزييد اا..
أنقطع حديثها بخوف وألم أصابها عندما تفاجئت بكف يده يقبض فكها بعنف شديد حتي كادت تشعر بأن عظام وجهها ستسحق بين يده وهو ينهرها بصوت قوي ها زاد من خوفها:
_أخرسي..انتِ جنس ملتك اييي مستكفتيش حوارات وكدب أنا عارف بكل مصايبك من أول ما دلقتي الشوربة على تولين وكانت المقصوده بيها تاج والسلاح اللى حطيتيه ف اوضتي واتفاقك مع راشد وغيره وغيره من حوارات وسخه حتي حفيدتك مسلمتش من شرك، سكت كتير وقولت أكرامًا للراجل اللى ربااني بس حتي لو كان هو عايش مكنش هيبقي راضي عن عمايلك، وأنا فيا طبع اللى بيدوسلي على طرف بدوس على رقبته.
أنهي حديثه وقد أزاد من ضغطة فوق فكها بقسوه شديده، خرجت تاج عن صمتها ودهشتها وأسرعت نحوه تضع يدها فوق يده تحاول الفصل بينهم:
_يزيد..يزيد اهدي عشان خاطري كفايه كدا.
لم يزيح يده حتي أحمر وجه سيده بقوه وبدأت دموعها بالهبوط وهى تحاول تهدئته حتي يتركها ليزمجر برفض وتحدث من بين أسنانه بحده قاسيه:
_وهي مقالتش لنفسها كفايه ليه وهي ماشيه زي التعبان تبخ سمها يمين وشمال.
دفعها بقوه عن مرمي بيده ليختل توازنها وكادت تسقط إلا أنها أمسكت بطرف الفراش وهى تمرر يدها على جانبي وجهها تحاول تخفيف الألام العاصف بهم إلا أنه لم يستكفي وأمسك بذراعها يسحبها بقوه للخارج ودفعها لتهبط الدرج سريعًا بقلب يركض خوفًا ورهبةً ليتقدم من سور الدرج العلوي ووقف يتحدث بصوت جهوري حاد وهو يتابع سهر التي أسرعت نحو والدتها تتسائل عما بها والجميع يقف ليشاهد:
_الناس دي أنا أكرمتهم بدل المره ألف وسكت وعديت عمايلهم لجل أحمد الشهاوي وبس..انما لحد مراتي وبنتي وكفايه، من اللحظه دي محدش فيكوا المحه أو اعرف أنه عدي من قدام البوابه عشان ديته عندي رصاصه زيه زي أي كلب أتسعر..بـــرا.
ولم يقدر أحدًا منهم على الحديث وغادروا المنزل تاركينه بلا عوده.
نظر جانبًا نحو العاملات ليشير نحو منال بحده:
_انتِ..عشر دقايق وتكوني لميتي حاجتك ومشيتي واحمدي ربنا إنك خارجه على رجلك.
نظرت منال حولها بأحراج وانصرفت سريعًا تبدل ثيابها وتغادر..أنتبهوا جميعهم عندما أصدرت سندس صفير قوي وهي تسقف بحماس وسعاده:
_فين الزعيق دا من زمان اخيررًا.
صدرت منه ضحكه صغيره قبل أن يلتفت يجذب تاج لتقف بجانبه يحيط كتفيها بحمايه يضمها لأحضانه يربت على ذراعها بهدوء ونظر نحو نادر ومن ثم سندس:
_نادر طلب إيدك مني، وأنا موافق أي ردك ياعروسة.
أختفت أبتسامة سندس وضمت شفتيها بأحراج شديد ف لم يخبرها ذلك النادر بأنه تحدث مع يزيد بأمر زواجهم لتخفض رأسها بخجل وصوت منخفض جعل والدتها تضحك على هيئتها:
_اللى تشوفه.
أبتسم بهدوء على هيئتها ونظر لنادر وتحدث بهدوء تام:
_كتب الكتاب يكون قبل سفركم.
عقدت سندس حاجبيها قليلًا ونظرت لوالدتها التي بادلتها النظره بأخري تعبر عن جهلها، رفعت تاج رأسه له تتسائل بصوت منخفض متسائل:
_سفر اي.؟
أجابها بهدوء وحزم وصوت مرتفع أستمع له الجميع:
_هتسافروا كلكم..الفتره الجايه مش هأمن عليكم هنا أربع أو خمس أيام وترجعوا تاني.
اجابته جليله بأبتسامة هادئه تعبر عن ثقتها بقراراته:
_اللى تشوفه يابني.
زفر بتروي واكمل حديثه وهو ينظر نحو نادر:
_اتصل بالمأذون واستعدوا هتسافروا كمان خمس ساعات.
وتركهم يمسك بيدها يسحبها خلفه لغرفتهم يغلق الباب من خلفهم لتقف أمامه بهدوء تام:
_ليه.
نزع ساعة يده وهو يتجنب النظر لها متصنع الأنشغال بتبديل ملابسه:
_هغيب كتير الفتره الجايه ومش هبقي مأمن عليكم هنا وانتوا لوحدكم.
أمسكت بذراعه تمنعه من أن يذهب من أمامها ووقفت أمامه بنظره ظهر بها الأحتياج والرجاء اللذين أمتزجوا بالضعف الملتمع بأعينها:
_وهتسبني.!!، أنا مببقاش حاسه إني بخير غير وانتَ جمبي يا يزيد، مببقاش حاسه إن حد غيرك بيحبني وبيخاف عليا وبيحميني حتي من نفسه غيرك..أنا مليش غيرك.
كلماتها الضعيفه كانت ذات أثر قوي عليه وعلى قلبه الذي شعر بغصه مؤلمه تكاد تقتله من فرط الأختناق، جذبها برفق يحتويها بين ذراعيه يطبع قبله حانيه على رأسها يمسد على خصلات شعرها هبوطًا وصعودًا بظهرها يتحدث برفق ونبره حنونه هادئه:
_وأنا معاكِ دايمًا يا روح قلب يزيد..أنا هسفرك معاهم عشان أبقي مطمن عليكِ وأعرف أخلص اللى بدأت فيه وأنا مرتاح انكم بخير واعتبريها فُسحه بمناسبة إنك خلصتي أمتحاناتك.
تمسحت بصدره كـ قطه وديعه تتمسك بصاحبها ويديها متمسكتان بقميصه تقبض عليه بقوه تتحدث برفض شديد:
_مش عاوزه أتفسح أنا عاوزه أفضل معاك..أنا ف أمان طول ما أنا معاك.
رفعت رأسها تكمل حديثها وهى تترجاه بنظراتها المستعطفه:
_عشان خاطري خليني معاك واللى تقولي عليه هعمله حتي لو مش هخرج من البيت خالص أو حتي مطلعش بره الأوضة بس خليني معاك.
ويلاااااه من أفعالها ونظراتها وحديثها..هو ليس بقديسًا حتي يظل صامتًا أمام تلك الفتنه المتحركه أمامه، زفر بقوه قرار رحيلها ليس بالهين عليه لكنه يضطر لذلك ماهو قادم خطير وهو لن يغامر بها، حرك رأسه بالرفض بقوه وهو يبعد يدها عنه رافضًا أستسلامه لفكرة بقائها:
_لأ لأ مش هينفع.
ظهرت بوادر البكاء على وجهها وهي تعقد حاجبيها قليلًا وبعدها رفعت يدها تضعها فوق وجهها تنفتح فـ بكاء مرير كأنها طفله صرخ عليها أحدهم وأنتشل دميتها أو الحلوي خاصتها.
نظر لها ولبكائها وهو يلعن نفسه لأنه تسبب ببكائها هذا أقترب منها ينوي مراضتها ليصدح هاتفها بنغمة الرنين أمسكه ليجد صورة تلك الكائنه المستفزه المسماه"ريهام" كان ينوي كتم صوت الهاتف ووضعه جانبًا إلا أن تاج أمسكته من يده تجيب ممسكه الهاتف بيد وباليد الأخري تمسح دموعها من فوق وجهها الذي طغي عليه اللون الأحمر من بكائها تجيبها بصوت متحشرج ظهر به البكاء:
_ايوه يا ريهام.
همت ريهام أن تتحدث كـ الراديو بدون توقف إلا أن نبرتها الباكيه أستوقفتها وهى تتسأل:
_انتِ كنتِ بتعيطي.!!، مين زعلك.؟
قوست شفتيها وكأنها طفله تشكو لوالدتها من أفعال شقيقها:
_يزيد زعلني.
كان يقف أمامها وهو ينظر لأفعالها تلك بقلة حيله ليستمع لصوت كائن البغبغان تتحدث بصوت مرتفع وصل إليه حتي أنه سبب لتاج أنزعاج وأبعدت الهاتف عن أذنها بسبب صراخ ريهام:
_هي حصلت يزعلك ويخليكِ تعيطي.!!
هو فاكر أي فاكر إن ملكيش أهل يقفولك فاكرك هتسكتيله وانتِ إزاي تسكتيله أصلًا أنا علمتك كدا ولا هو فاكرك هبله يعني وملكيش حد يقفلك..لأ يامحمود وسع.
تحدثت ريهام بضيق ورفض عندما حاول محمود أن ينتشل الهاتف منها حتي نجح وسط أعتراضتها ليفتح مكبر الصوت وتحدث:
_لأ ياتاج اياكِ تسمعي لحاجه من اللى بتعلمهالك.
صدرت من تاج ضحكه لم تستطيع أخفائها وهى تنظر له وهو يستمع معها لصوت شجار محمود وريهام واكملت ريهام حديثها بصياح:
_أي متسمعش اللى بعلمهولها دي إن شاء الله قصدك أن كلامي غلط واني...
قاطعها محمود قبل أن تبدأ فقرة النكد اليوميه:
_باااس حقك عليا أنا آسف ممكن نعدي اليوم بقي لو مفيهاش أساءت آدب.؟
أقترب يزيد من تاج وامسك الهاتف منها يتحدث بجديه شديده ظهرت بحديثه وعلى ملامح وجهه:
_محمود.
أسرع محمود بوضع يده فوق فم ريهام التي كادت أن تصرخ بيزيد ما إن أستمعت لصوته وهو يجيبه:
_ايوه.
أكمل حديثه بنفس جديته:
_طلقها يامحمود.
أرتفعت همهمات ريهام أكثر وهى تحاول أبعاد يد محمود عنها الذي حاول أحكام وضع يده يكمل حديثه مع يزيد:
_بس إحنا لسه متجوزناش.!
زفر يزيد بنفاذ صبر يجيبه:
_أفسح الخطوبه وانتَ الكسبان دا لو عندك مراره حديد مش هتستحملها كل دا ربنا يكون ف عونك.
أنهي حديثه يغلق المكالمه ينظر نحو تلك التي أنفجرت ضاحكه، نظر نحوها ولأبتسامتها الصافيه وأصوات ضحكها المرتفعه وكأنها شئ هام لأ يجب أن يفوت منه ثانية واحده، هدأت ضحكاتها تدريجيًا تبادله النظر وأقتربت منه بلطافه شديد ترفع نفسها قليلًا تطبع قبله رقيقه وطويله على وجنته تحديدًا موضع غمازته.
أبتعدت تبادله الأبتسامه الهادئه وتحدثت برقه طاغيه:
_هفضل معاك صح.؟
أخذ قدر كبير من الهواء قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب بهدوء ليجدها قفزت بحركه مفاجأة ترتمي عليه تتعلق بعنقه تصيح بسعاده وكأن والدها وافق على ذهابها لرحلة تابعه للمدرسه وليس كأنها ستظل بالمنزل لعدة أيام لأ يعلم مدتها.!
بالاخير رفع يده يحيطها يضمها لأحضانه بأبتسامة على سعادتها يشعر بفخر عظيم كونه سبب حدوث تلك الظاهرة الكونية التب يتوقف بسببها العالم من حوله متسائلًا كيف لأحدهم أن يكون بتلك اللطافه والجمال، الرقه والمشاغبه.
هبطت من أحضانه تشير نحو العصافير بسعاده وأبتسامه مُشعه:
_حلوين جدًا حبيتهم أوي.
تسائل بنبرة ماكره حاول اخفائها بالبراءه:
_طب وأنا.؟
حركت رأسها بعدم فهم لتمتد يده تحيط بخصرها حتي وقفت أمامه ولا يفصل بينهم شئ وانحني قليلًا للأمام حتي يكون بمقابلتها وتسائل بعبث:
_حبيتي العصافير..طب واللى جاب العصافير ملوش من الحب جانب.؟
تشعر بالوعي وللاوعي من أقتربه وأعينه التي تحتضن أعينها بنظره دافئه رمشت لتستعيد وعيها وهي تبتعد عنه وأتجهت نحو العصافير بتهرب وهي تحاول ضبط الحديث:
_هتعلق..قـقصدي هعلق العصافير فـفى البلكونة وهلبس عشان كتب كتاب سندس.
وتركته واقفًا وهربت لغرفة تبديل الملابس تختفي بداخلها.
« _____ »
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فى خير."
نطق بها المأذون لتسفق تاج بسعاده بالغه وهى تحتضن سندس وتهنئها تليها جليله التي كادت تبكي من فرط سعادتها لأبنتها واخيرًا توجهت سندس نحو يزيد تحتضنه بأخويه وأمتنان شديد ليربت على ظهرها بحنو وهدوء متحدثًا:
_مبروك ياعروسه.
وقفت لجواره تتابع حديثه التحذيري لنادر:
_أياك تزعلها ولا تشتكيلي منك هكسر رقبتك.
رفع نادر يده بأستسلام قبل أن يجذبها من جوار يزيد يقبل رأسها بحب يحيط كتفيها يضمها له مجيبًا بثقه:
_ف قلبي قبل عنيا.
مضي ما يقارب الساعتين وسط تجهيزات الجميع للمغادره، زفر نادر بضيق ورفض ظاهر على وجهه:
_إحنا نقدر نسيبهم هنا ونأمنهم كويس نقدر ننقلهم أي مكان تاني ليه نسافر وليه اسيبك لوحدك وسط شوية كلاب زي دول.!
ألقي يزيد سيجارته بعدما انهاها يدعسها بقدمه وهو يزفر بتروي مكونًا سحابه رماديه حوله يجيبه بهدوء:
_مش هخاطر بيهم ولو واحد ف الميه، هبقي مطمن عليهم وهما معاك ولو حصلي حاجه..
قاطعه نادر بأنفعال طفيف لحديثه:
_على أساس لو حصلك حاجه أمك هتستحمل.!!
بنتك دي مين هيربيها ومراتك اللى مبقاش ليها غيرك، لازم تحط ف دماغك كويس أوي إنك لو روحت فـ كتير حياتهم متعلقه بيك.
أشار له بالصمت عندما اقتربت تولين منه ليحملها وهي تتسأل:
_مـمامي مـمش هتـتيجي معااايا ليـيه.؟
أبتسم لها بهدوء وهو يجيبها:
_عشان انتِ خلاص اخدتي الاجازة انما مامي لسه بتروح الامتحانات بتاعتها أول ما تخلص امتحاناتها هجيبها ونجيلكم اتفقنا.؟
أومأت تولين وهى تضع رأسها على كتفه تحيط عنقه بصمت تام وكأنها تحاول أخذ قدر كافي من اقترابه منها وحنانه عليها.
مضي القليل وكان يقف يتابع أبتعادهم عن المنزل بحزن طغي على مشاعره زفر بتمهل وهو يضع وجهه بين يديه ماهو قادم سيأتي كـ أعصار دامي مدمرًا تلك الدائره السوداء، شعر بها تقف بجانبه تربت على ظهره بدعم:
_هتعدي، متشلش هم حاجه.
رفع وجهه من بين يديه يزفر مطولًا وهو ينظر للسماء يطلب العون من الله.
« _____ »
فور دلوفهم للمنزل وجدوا سمير يقف أمامهم وصاح بحده:
_كنتوا فين.
نظروا لبعضهم البعض قبل إن يتقدم سمير وهو ينظر لسهر بحده وأمر:
_نص ساعة وتكوني جاهزه عشان هترجعي الأمارات معايا.
نظرت له سهر بأعتراض شديد وضيق:
_أي الجنان دا استحاله...اااه.
صرخت بألم عندما فاجأها سمير بصفعه قاسيه هبطت على وجهها:
_لو أمك مكانتش ربتك ف أنا واخوكِ هنعيد تربيتك وكلمه كمان ومش هتكفي بقلم واحد امشي غوري على اوضتك.
اندفعت سيده تضربه بصدره بشراسه وغضب:
_انتَ اتجننت إزاي تمد إيدك عليها..
قبض على ذراعيها الاثنتين بصيح بوجهها بغضب أعماه:
_انتِ تخرسي خاالص لو حد اتجنن ف هو انتِ وأنا صبرت عليكِ وحذرتك بدل المره ألف بس المره دي خلاص.
انهي حديثه يدفعها للخلف يشهر سبابته بوجهها:
_أنا هاخد عيالي وارجع كفايه البت اللى بوظتيها بس ملحوقه هعرف اعدلها..أما انتِ ف انتِ طالق ياسيده طالق بالتلاته.
أتسعت أعين سيده بصدمه بالغه، لم تكن ان تتوقعها منه وظنتها مجرد تهديد.!
لكنه الآن يصدق بحديثه ويوفي بما قاله.
وقفت تشاهدهم وهم يرحلون عنها وهو يأخذ منها ابنتها، أنهار عالمها بأكمله جزاء أفعالها لم يتبقي لها أحد ولا شئ سوي هذا المنزل وبعض الاموال، أصبحت وحيده هي وافكارها السوداء التي اوصلتها لهذه المرحله.
« _____ »
طرقات صارمه من تلك المطرقه الخشبيه ليعم الهدوء قاعة المحكمه، لم تبتعد أعينها عن ذلك القفص الحديدي الذي يقف بداخله والدها ليقبض على تلك الأعمده الحديديّة ينظر لها بألم ونظراته تعتذر، لكن ماذا يفيد الأعتذار الآن.!
تحدثت النيابه أولًا وسط الاجواء المشحونه وأستماع لما يقال وسط ترافع المحامي الذي جلبه يزيد وهو يبذل قصاري جهده حتي لأ تكون عقوبته هي الإعدام.
صمت القاضي لدقيقتين وكانوا بمثابة سنوات مرت عليها وهي تجاهد حتى لأ تهبط دموعها كسيل من الأمطار وأعينها معلقه فوقه وكف يدها ممسك بيد يزيد كأنها تستمد منه القوي حتي تتماسك.
واخيرًا تحدث القاضي وكان كل حرفًا يصدر منه تقابله ألاف الدموع من أعينها:
_حكمت المحكمه حضوريًا على المتهم راشد عمران البنداري بالسجن المؤبد رُفعت الجلسة.
أنهي حديثه ونهض يغادر قاعة المحكمة بينما هي وبكل ما تحمل الكلمه من معني أنهارت تمامًا تشعر بأنسحاب الهواء من رئتيها حتي كادت أن تغادر روحها الحياه.
اخرجه العسكري من القفص الحديدي ليشعر بألم حاد يعتصر قلبه قد فاق طاقته وهو يتابع حالتها تلك لتهبط دموعه ندمًا وألمًا ونطق بأسمها بألم شديد:
_تـاج.
أسرعت نحوه ترتمي بأحضانه تشدد من تمسكها به وهي تتحدث بصوت ضعيف متألم:
_جنيت أي غير بعدك عني..الفلوس دلوقتي مفادتكش ودمرتك.
جاهد لخروج الحديث وهو يشعر بأزدياد الألم العاصف بصدره:
_س.سامح.يني يا بنـتي
أنهي حديثه لترتخي يده من حولها وارتخي جسده كليًا لتتسع أعينها بصدمه جمدتها وهي تشعر بثقل جسده بين يديها وخرج ندائها ضعيف هامس:
_بابا.
سقط جسده ارضًا وهي تحيطه لتنطلق منها صرخه داميه جعلت القلوب تنفطر عليها:
_بـابــا.
ضمته لأحضانها ترجوه بضعف شديد وهي تتمسك به رافضه محاولات يزيد بأبعادها عنه:
_قوووم قوم يابابا قوم عشان خاطري لااا قوم يابابا مسمحاااك قوم.
كان حديثها صارخًا متألمًا نابعًا من أعماق قلبها وهى تهز جسده قوه تاره وتجذب خصلات شعرها بقسوه وتلطم وجهها تاره اخري ولم تتوقف عن رجائه بأن يستيقظ.