رواية حرية مقيدة الفصل التاسع والعشرون
بعد مرور ثلاثة أيام..مساءً.
لم تغادر غرفة مكتبة الذي كان دائم الجلوس بها وببعض الأحيان تشاركه جلسته، عينيها أستحال لونها من البندقي للأحمر القاني من شدة بكائها طوال تلك الأيام الماضية، لأ تفعل شئ سوي أنها تدور بأعينها بأركان الغرفة وذكرياتهم معًا تتجسد من جديد أمام أعينها، حديثه الدافئ الحاني يُعاد برأسها من جديد كل شئ تشعر به حتي أحتضانه لها، سقوط جسده من بين يديها ونظراته لها سؤال واحد يحتل عقلها، أكانت قاسيه معه.؟
أغمضت أعينها عندما شعرت بحرقة بهما بعدما تجمعت الدموع بهما من جديد وكأنهما بِحار لأ تجف، شعرت بدخول أحدهم للغرفة لتظل على حلاتها نائمة على الاريكة تحتضن جسدها لصدرها وصامته لأ تتحدث نهائيًا.
علمت بهويته من رائحتة التي تقترب منها لكنها ظلت كما هي، حتي هو امتنعت عن الحديث معه.
جلس على ركبتيه ليكون بمستواها وهو يتأمل حالتها تلك بقلب متألم، يعلم بأنها ليست نائمه وما أكد شعوره تلك الدمعه التي فرت من أعينها المغلقتين، مد يده برفق شديد يزيلها وهو يمرر يده على وجنتها بهدوء ولطف وتحدث بحنيه وأشتياق بالغ لأبتسامتها ومشاغبتها وصوتها الرقيق:
_وحشتيني.
لم يتلقي منها رد أو حركه ليبعد خصلات شعرها عن وجهها ورقبتها للخلف وهو يتابع حديثه وكأنه تلقي اجابتها:
_تولين بتسأل عليكِ دايمًا وبتتصل فيديو عشان تكلمك بس بكدب عليها واقولها إنك نايمه أو بتذاكري ولما تفضي هتكلميها.
أحتوي يديها المرتعشه البارده بين يديه يرفعها لشفتيه يقبلها برقه وهو يتحدث بأبتسامة:
_مبروك نتيجتك طلعت.
لم يتلقي منها ردة فعل تدل عن سعادتها أو أهتمامها، زفر بتروي وحزن يخيم على قلبه لحالتها التي ترفض الخروج منها، ملامح وجهها التي أصبحت منطفئه وباهته، أبتسامتها التي فارقتها ولم يعد يراها أو حتي توهج أعينها.
ظل صامتًا لدقائق وأعاد الحديث بهدوء:
_مش هتروحي معايا طيب.؟
انتِ وحشتيني ومش عارف أقعد من غيرك.
حركت أهدابها ببطئ قبل أن تفتح أعينها التي زينتها لمعة من الدموع الحزينه يحاوطها أحمرار شديد وهى تحرك رأسها بالرفض ببطئ شديد وخرج صوتها هامسًا مبحوحًا يكاد يسمع:
_هفضل هنا.
رغم صوتًا الباكي المتألم الذي ضاعف ألمه على حالتها إلا أنه كان يشتاق سماعه، أعادت أغماض أعينها فـ لم تدري بنفسها سوي وهى جالسه بأحضانه يضمها لصدره بقوه، أبتعاده عنها الأيام الماضيه جعلها كـ الغارقه دون طوق نجاه وسط بحور أفكارها الهائجه، شعرت ببراكين من الدموع تثور بداخلها لتحيط برقبته تخبئ وجهها بأحضانه وتنفتح ببكاء هستيري تصحبه شهقات متقطعه وحديث غير مترابط:
_مكنتش عاوزاه يمـمشي..لو لو كان أتغير كـكنت هرجعله بس هو لأ متغيرش وراح وسابني..أنا بحبه اوووي أنا عمري ما ماكرهته..سابني يا يزيد.
شدد من أحتوائه لها بين ذراعيه يحاول تهدئتها وطمئنتها بشتي الطرق الممكنه حتي بدأ بكائها بالأنخفاض حتي غفت بين ذراعيه بعدما جفاها النوم وصاحبها الأرق لعدة أيام.
نهض وهو يحملها بين يديه وتحرك بها للخارج ليجد الصمت هو السائد لا يوجد سوي صوت القرآن الذي يصدر من أحدي السماعات الموضوعه، وجد نسرين تخرج من غرفة الضيوف وشملتهم بنظره ظهر بها بعض الضيق:
_واخدها ورايح بيها فين.
ظهر البرود التام عليه وهو يتجاهلها مكملًا سيره للخارج:
_هترجع بيتها.
زفرت نسرين وهى تتقدم لتقف أمامه تمنعه من أكمال سيره:
_استني..المحامي جوه ووصية راشد لازم تتفتح ف وجود تاج.
ضغط على أسنانه وهو يلعنها بداخله، من المفترض الآن أن تكون حزينه على فراق زوجها لكنها لأ تهتم سوي للوصيه والميراث.!
تحدث بحده وأستهزاء:
_وتاج تعبانه دلوقتي أبقي افتحي الوصيه وقت تاني مش هتطير.
أنفعلت نسرين وهي تلوح بيدها بعصبيه وصوت مرتفع بعض الشئ:
_وفيها أي يعني لما نصحيها ونفتحها دلوقتي عشان نحط النقط ع الحروف وكل واحد يعرف اللى له.!
هدر بها بحده قاتله جعلتها ترتد للخلف:
_صوتك..صوتك ميعلاش ف كلامك معايا.
أخترق شجارهم الحاد هدوء نومها لتحرك رأسها ببطئ ونعاس بين أحضانه وهي تحاول فتح أعينها التي كأنهما ألتصقتان ببعضهما بعدما هرب النوم منهم الأيام الماضيه، جاهدت لتفتحهم وهي تشعر وكأن أحدهم يضربها على رأسها بمطرقه حديديّه من شدة الألم الذي تشعر به، فتحت أعينها اخيرًا بتشوش لتقترب والدتها وهي تحمحم بهدوء متحدثه:
_تاج..فوقي ياحبيبتي معلش عشان المحامي عاوزك.
خرج صوتها هامسًا مبحوحًا بين الوعي واللاوعي:
_محامي أي.
رتبت نسرين على ذراعيها تحاول أيقاظها:
_محامي بابا ياحبيبتي عشان نفتح الوصيه بتاعته.
أنكمشت ملامحها التي كانت مسترخيه لتحل أخري متألمه وهي تحرك رأسها بالنفي تحاول الأمتناع عن البكاء، زفرت نسرين بنفاذ صبر:
_يلا ياتاج فوقي.
تمسكت أكثر بيزيد وهي تتحدث بصوت شبه باكي تحرك رأسها بالرفض:
_لأ لأ مش عاوزه حاجة مش هحضر حاجه.
أمسكت نسرين بذراعها تتحدث بضيق ونفاذ صبر:
_تاج خلاص راشد مات ودا حقنا ملوش لازمه التأجيل ف فتح الوصيه يلا كفايه دلع وتعالي.
ظهر على وجهها بوادر البكاء وهي تطلب من يزيد أن يضعها أرضًا لتمسك نسرين بيدها تسحبها خلفها لغرفة الجلوس لتجد يزيد يوقفها ويبعد يدها عن يد تاج واشار لها نحو غرفة الجلوس زفرت نسرين ودلفت للداخل بأنتظارهم، رفع وجهها لتلتقي أعينه بخاصتها الباكيه مسح دموعها بلطف وهو يتحدث بهدوء:
_كل واحد مكتوب نهايته من يوم ولادته، ودا قضاء ربنا هو مش محتاج دلوقتي غير أنك تدعيله، لو اللى راح بيرجع بالدموع كان زمان كل واحد عزيز علينا رجع من تاني، البكا مش هيفيدك بحاجه إن لله وأن إليه راجعون.
أستطاع التهوين عليها بحديثه وأخذت نفس عميق قبل أن تمسك بيده وتوجهوا سويًا للداخل وجدت والدتها ورجل أخر يرتدي بذله رماديه اللون يظهر عليه تقدم العمر ورجل أخر بجسد بدين بعض الشئ يرتدي قميص فضي وبنطال أسود ابتسم لها أبتسامه لم تشعر بالأرتياح نحوها، ولجواره شاب أخر بأخر العشرينات.
ظلت متمسكه بيزيد حتي جلسوا على الأريكه الصغيره المقابله للرجل والشاب ووالدتها تجلس على مقعد يجاورها الرجل الذي خمنت بأنه المحامي من الحقيبه السوداء الجلديه التي يمسكها.
أبتسم لها المحامي يتسأل:
_أنتِ تاج.؟
أومأت بحركه بطيئه ليبتسم لها الرجل بألفه:
_أنا عبد الحميد محامي أستاذ راشد الله يرحمه.
ظهر على وجهها أبتسامه جانبيه حزينه وهي تمتم:
_الله يرحمه.
أمسك الرجل الحقيبه يفتحها ويخرج منها بعض الأوراق وهو يتابع حديثه:
_كان له حق راشد يتكلم عنك وكلامه كان على حق، وزي ما قال انك جميله قلبًا وقالبًا.
زفر يزيد ببطئ وتمهل من ذلك الحديث السخيف وهو ينظر نحوه بضيق، أخرج الرجل الورقه لكنه رفع رأسه على صوت يزيد الذي تحدث وهو ينظر نحو الرجل والشاب من ثم لنسرين:
_مين دول.!
حمحمت نسرين تعرفهم بهدوء:
_رجب البنداري أبن عم راشد الله يرحمه والى معاه دا مهند أبنه.
همهم وهو يسحب نفس عميق من سيجارته التي أشعلها وينظر نحو ذلك المهند بنظره حاده قاتله وتحدث بحده جعلت الأخر يرتبك:
_طب لو خايف على عينك متجبهاش هنا تاني بدل ما أحزنك عليها.
أعتدل مهند بجلسته ونظر نحو والده ومن ثم ثبت نظره نحو المحامي، نظر يزيد بطرف عينه نحوها ليظهر شبح الأبتسامه على وجهها وهي تحرك رأسها بقلة حيله على ما فعله، عم الصمت الغرفه وهم يستمعون لعبد الحميد قبل أن يلقي بقنبلته التي جعلت نسرين تكاد تصاب بأزمه قلبيه:
_راشد بيه ف وصيته وصي بـ 200 ألف جنيه نصيب حرمه نسرين مغاوري أما باقي باقي أمواله فـ هي لبنته الوحيده تاج راشد البنداري.
توسعت أعين نسرين وهي تنظر نحو تاج التي لم تقل صدمتها عن والدتها بينما تابع عبد الحميد:
_ودا ورق موثق بيثبت أن راشد بيه قبل ما يموت نقل كل أملاكه من شركات حتي البيت دا بأسم مدام تاج برضوا.
عند هذا الحد وهبت نسرين صارخه بشراسه:
_كدب..الورق دا مزور أزاي يعني أنا كدا طلعت من المولد بلا حمص.!!
بعد كل السنين اللى عشتها معاه دي ولما يموت يكتبلي 200 ألف.!!
أعمل بيهم أي دول بعد كل القرف اللى كنت مستحملاه.
نهضت تاج بأهتزاز لذلك الحديث الذي يهبط عليها كـ صاعق كهربي:
_أي الكلام اللى بتقوليه دا ياماما حتي لو دي وصية بابا فـ أنا مش عاوزه حاجة خدي كل حاجة.
صاحت نسرين بوجهها وهي تقترب منها بغضب أعماها:
_عاوزه تفهميني إنك مكنتيش عارفه طول عمرك بتكرهيني وبتحبيه انتِ اللى لعبتي ف دماغه..
وقف يزيد كـ الحائط يمنع وصولها لصغيرته لترتد للخلف لكن لم تهدأ ثورتها بل تضاعفت وهي تكمل صياحها:
_وسع متدخلش بيني وبين بنتي.
ضغط على أسنانه بنظره شرسه وكأنه ذئب على وشك الفتك بمن يقترب منها أو يسئ إليها بكلمه واحده:
_أياكِ تقربيلها لو لسه باقيه على عمرك.
نهض رجب يمسك بنسرين يبعدها يحاول تهدئتها بينما نهض عبد الحميد ووضع بعض الأوراق على الطاوله واخري ليزيد:
_دي نسخ من الورق اللى بيثبت كلامي تقدروا تتأكدوا منها بأنكم تسألوا ف الشهر العقاري وأنا معاكم لو احتاجتوا حاجه ولو حابيين تروحوا لخبير خطوط معنديش مشاكل عن أذنكم.
قبل أن يغادر ألتفت لتاج بأبتسامة هادئه:
_البقاء لله شدي حيلك يابنتي..شده وتزول.
نظرت حولها بتيهه ولم حتي تستطيع الرد عليه واكتفت بإيماءه بسيطه، أخذت نفس عميق تحاول السيطره على أنفعالاتها وتحدثت بصوت متماسك قدر الأمكان:
_سيبوني معاها شويه من فضلكم.
رفعت نظرها ليزيد وكأنها ترجوه بنظراتها ليغادر، زفر بضيق شديد وتحدث ببعض الأنفعال لرجب ومهند الذين مازالوا واقفين:
_مش قالت سيبونا..واقفين ليه.!!
تلجلج الأثنين وغادروا الغرفة ولحق هو بهم، تقدمت تاج خطوتين من والدتها تتحدث بألم تزامنًا مع أمتلاء أعينها بالدموع:
_أنا عمري ماكرهتك رغم أهمالك ليا حتي ف أشدّ أوقات أحتياجي ليكِ وف أكتر وقت كنت محتاجه أحتواء فيه ومكنتيش موجوده مكرهتكيش، تقليلك الدايم مني مع إني مكنتش زي ما بتقولي، خلتيني محتاجه لأي حنان ومعامله حلوه من أي حد أحمدي ربنا إن بابا الله يرحمه هو اللى اداني الحنان والمعامله دي بدل ما كنت أدور عليهم برا ومش كل الناس كويسه وكان ألف واحد هيضرني، رغم دا مكرهتكيش وعمري ماكرهتك ولا هقدر أكرهك، خدي الفلوس وخدي الشركه وخدي كل حاجه مفيش جنيه واحد ف الفلوس دي يلزمني ولا يعوضني عن أبويا يا مدام نسرين.
أنهت حديثها ورفعت يدها تمسح دموعها وهى تنظر لنسرين بعتاب وألم صارخ، توترت نظرات نسرين وهى تفرك يديها وتحدثت بتبرير:
_ وانتِ كان ناقصك أي يعني بتلبسي حلو وبتتعلمي ف أحسن المدارس وبتاكلي وتشربي كويس..
قاطعتها تاج صارخه بوجهها وهي تضع يديها على أذنيها رافضه سماع المزيد:
_كان ناقصني أمـــي.
خبئت وجهها بين يديها وهي تبكي بغزاره فـ لم يكن بيد نسرين سوي أنها حاولت تهدئتها وهي تحتضنها لكن قاطعهم أقتحام يزيد للغرفة يضمها لأحضانه بقلق وهو يحاول تهدئتها إلا أنه فشل فـ صرخ بنسرين:
_انتِ عملتلها أي.
وصله صوتها المتقطع من بين بكائها:
_عاوززه أمشي.
رمق نسرين بنظره قاتله قبل أن يحملها بين يديه ويغادر بها المنزل بأكمله، هوت نسرين على الأريكه تضع وجهها بين يديه، هي ظنت أن لأبنتها كل شئ متوفر لكنها لم تكن تعلم أن وجودها بحياتها هو أكبر شئ مفقود، فور ان شعرت بهم يدلفوا للغرفة انتفضت صائحه بشراسه شديده:
_أسمع أنتَ وهو أنا مش هكمل ف اللعبه القذره دي ملعونه أم الفلوس اللى تخسرني بنتي أكتر من كدا، مش فارق معايا موتي..
قاطعها رجب بحده وخشونه:
_هو لعب عيال ولا أي لو فكرك انتِ كدا بتخلعي نفسك لأ ف انتِ كدا بتورطيها مع يزيد وانتِ عارفه جوز بنتك نابه أزرق ومبيرحمش، واللى باعتنا ليكِ مبيرحمش برضوا أعقلي كدا يا حلوه.
ضحكت نسرين بأستهزاء وسخريه تجيبه:
_انتَ تبقي غبي لو مفكرني كنت هفضل مخدوعه أكتر من كدا ف الكدبه الخايبه اللى كدبتوها عليا، وديني اللى هيقرب لبنتي هكون وكلاه بسناني.
أنهت حديثها بشراسه وتوعد شديد لكن رجب ومهند تبادلوا النظرات المستهزئه على حديثها وتابع رجب بتحذير:
_زي ماخلصوا من جوزك وهيخلصوا على بنتك قادرين يخلصوا عليكِ انتِ كمان وف غمضة عين..أعقلي يا نسرين.
وتركوها رغم صياحها وغادروا، هوت على الأرض وهى تجهش بالبكاء وهي تشعر بمدي السوء الذي جعلت أبنتها تعانيه تحاول التفكير ف شئ يخرجها من ذلك المأزق دون ضرر لها أو لأبنتها، فـ لم يكن أمامها سواه..يزيد.!!!
« _____ »
تأفئفت ريهام ووضعت كوب العصير من يدها وهى تنظر لتاج الصامته منذ ساعتين لم تتحدث بجمله مكونة من خمس كلمات حتي.!!
سخرت ريهام وهي تضحك علها تنسيها حزنها قليلًا:
_يابنتي هو إحنا بنلعب تماثيل أسكندريه.!
زفرت تاج بتروي ولم تزيح أعينها عن النافذه تتابع الماره بشرود وصمت:
_سبيني فـ حالي ياريهام.
أومأت ريهام بهدوء وصمتت، لكنها ضحكت بخفه عندما تذكرت تاج وهى تخبرها بأن يزيد هو من أصر على قدومها، أستمعت ريهام لصياح والدتها بأسمها لتدلف لتلبي ندائها بينما تاج ظلت صامته تتابع الماره.
هى لم تكن تريد القدوم من الأساس ولا تريد البقاء، دلفت للغرفة تمسك حقيبتها وهاتفها وبحثت عن ريهام لتخبرها أبنة شقيقتها بأن ريهام صعدت لوالدتها بالأعلي لتوصيها تاج بأن تخبرها بأنها ذهبت وودعت الصغيره وغادرت.
هبطت الدرج المظلم بذلك المبني وأقتربت من بوابة الخروج لتجد يد قوية أحاطت بفمها تسحبها للداخل من جديد، توسعت أعينها بشده وهي تقاوم بكل ما بها من طاقه قبل أن تشعر بخدر تام بجسدها أثر تلك الأبره التي غرزها مهاجمها بعنقها.
بالخارج....
وقف الحراس بعضهم أمام السيارات والبعض الأخر بالداخل قبل أن يصتدم أحد سائقي العربات الخشبيه الخاصه بتجميع الخردوات بخلفية السياره ليقتربوا منه وتحدث أحدهم:
_انتَ أعمي ياعم ما تفتح.!
هبط السائق من فوق العربه وأقترب منه بحده:
_مين دا اللى أعمي ياعم انتَ انتَ متعرفش أنا مين.!
أستهزء أحد الحراس بحديثه يجيب:
_محصلناش القرف.
وجدوا ثلاثة رجال يقتربوا واحدهم يتحدث:
_دا انتَ ليلتك سودا، ف منطقتنا وبتغلط دا انتَ مش هتخرج من هنا على رجلك.
وعقب كسر أحد الرجال لزجاجه ملقاه أرضًا نشب العراك بينهم منشغلين عن ذلك الرجل الذي خرج من المنزل يحمل شوال قماشي ووضعه بأحد سيارات الأجره وغادر مسرعًا وهو يجيب على هاتفه متحدثًا بثقه:
_كل حاجه تمت ياكبير البت معانا.
« _____ »
هبطت ريهام سريعًا تبحث عن تاج فور أن رأت ذلك العراك الدائر لتخبرها أبنة شقيقتها بأنها غادرت، هبطت الدرج سريعًا تبحث عنها لكنها لم تخطوا خارج بوابة المنزل بسبب شقيقها الذي منعها لخوفه عليها من أن يصيبها ضرر، ألتفتت عندما أستمعت لنغمة رنين هاتف، أقتربت من مصدر الصوت لتجد حقيبة تاج وهاتفها ملقيين أرضًا توسعت أعينها برعب وهي تصيح بـ رابح شقيقها:
_ولع النور بسرعه.
أنصاع لطلبها وهو يضيئ الأنوار لكنها لم تجد لها أثر أو صوت يصدر رغم صياحها بأسمها وجدت أبره ملقاه أرضـا ليدق قلبها رعبًا وهي تهمس بأسمها تزامنًا مع هبوط دموعها، أسرعت بالإجابه على هاتف تاج عندما وجدت المتصل يزيد وهي تتحدث برعب وخوف:
_أنا مش لاقيه تاج.!!
« _____ »
عم الهرج والمرج والجميع يبحث عن تلك الفتاه التي تبخرت ولا يجدها أحد وزاد البحث بعد أن صاح أحد الرجال بأن من يجدها سيحصل على مكافأة ماليه ضخمه.!
التفت كبير الحرس المتواجدين عندما أستمع لصوت بوق سياره يكاد يصم الأذن مصاحبًا لصوت سرعتها، فر الصغار يمينًا ويسارًا خوفًا من أن يصتدم بأحدهم، توقفت السياره بعنف مكونه سحابه رمليه حولها، فتح باب السياره وهبط يزيد بهيئته الأصليه.!
التي تليق بما يعمله، هيئة أجراميه على وشك الفتك بمن يقابلها متواعدًا بالهلاك لصاحب تلك الفعله، تابعه الحارس بقلق وهو بتأمل هيئته الشيطانيه التي توحي بأنه سيقوم بقتل كل من يعترض طريقة للعثور على زوجته، عروق رقبته ووجهه البارزه وصدره المنتفخ بغضب الذي أنعكس على أعينه بملعة توحي بهلاك قاتل.
أقترب الحارس منه ينوي الحديث لكن أبتلع حديثه عندما فاجئه يزيد بلكمه قويه بوجهه وهو يلصقه بالسياره يقبض على عنقه بقسوه شديده مزمجرًا:
_أزاي تتخطف وانتوا معاها، باعت معاها شوية نسوان.!!
حاول الحارس التحدث بأختناق رغم أحمرار وجهه أثر قلة الاكسجين:
_مشـ وفنهـ ـاش..
_يزيد باشا.
نطق بها أحد الحراس رغم تردده لما رأه يحدث مع زميله، وقبل أن يعني يصدر من يزيد رد فعل سارع بالحديث:
_دا صاحب المكتبة اللى ف وش البيت وفيه كاميرات برا المكتبه كاشفه الشارع كله وبوابة البيت.
نظر يزيد نحو ذلك الرجل الذي ظهر عليه تقدم العمر ليتحدث الرجل بهدوء:
_أتفضل معايا يا أستاذ أن شاء الله ترجعلك على خير.
بالفعل أتبع يزيد الرجل حتي توقف أمام الشاشة التي تعرض ما يحدث بالمكتبه وخارجها، جلس أحد العاملين وهو يعيد تسجيل الكاميرا ويزيد يتابع كل ما يحدث بأعين ثاقبه وتحدث بحده تنم عن حالته:
_رجع خمس ثواني وقرب الصوره.
وبالفعل أنصاع الشاب لحديثه ليراها تخرج من البوابه لكن عادت من جديد للداخل بلحظة، أمسك هو بجهاز التحكم يدقق أكثر حتي وضح وجود شخص خلفها، سب بداخله الفاعل وأعاد تشغيل تسجيل الكاميرا فـ لم يمضي سوي دقيقتين وخرج رجل يحمل شوال قماشي وضعه بسياره الأجره المصفوفه وانطلق سريعًا، أخبره صاحب المكتبه بأنه لم يري هذا الشخص هنا من قبل وبأنه ليس من سكان الحي.
قرأ الرقم المدون على لائحة السياره وخرج وهو يتحدث بالهاتف بأمر وحده:
_بعتلك رقم عربيه فـ رساله تروح حالًا تبلغ عن العربية دي ف أقرب قسم.
أغلق الهاتف وأشار لحراسه بالتحرك وهم ليصعد لسيارته ليجد ريهام توقفه ولأول مره يراها باكيه منهاره بهذا الشكل لطالما كانت متبجحه سليطه اللسان:
_طمني عليها..قولي إنك لقيتها.
ضغط على أسنانه بقوه وهو يجيبها بعزم وأصرار حاد:
_هجيبها..وحياتها عندي ما تبات برا البيت النهارده.!
« _____ »
حركت قدمها بعنف تحاول فك قيدها وهي تهتم بصوت مرتفع تحاول أخراج الحديث رغم تلك اللاصقه الحمقاء الموضوعه على فمها تمنعها من الحديث وأعينها التي توضع عليها قماشه تمنعها من الرؤية ويدها المكبله خلف ظهرها، هبطت دموعها بحرقه شديده وقلبها يصرخ مستنجدًا به شاعرًا بالخوف والضياع، أين هو الآن وهى وحيده خائفه ألم يخبرها سابقًا أنه سيبقي معها دائمًا.!
دعت الله بأن يعثر عليها بأسرع وقت، أنخفضت ضربات قلبها وهى تشعر بخطوات تدلف للغرفة عقب أغلاق الباب، همهمت وهى تتلوي عل أن يفك قيدها أحد إلا أنها لم تشعر سوي بشخص يحوم حولها كـ وحش ضار وهي عصفور ضعيف وقعت فريسة له.!
شعرت بأنفاس ساخنه تقترب من وجهها لتعود للخلف بخوف شديد جعل البروده تسري بجسدها وهى تحرك رأسها بالنفي بعنف عندما لامست بشرتها الناعمه يد خشنه، همهمت بالرفض قبل أن تصدر منها صرخه مكتومه عندما هوت تلك اليد بصفعه قاسيه على وجهها لتصتدم رأسها بالحائط بقوه، تأوت بألم شديد وحرقه لم تشعر بمثلها من قبل وتحدثت بصوت مكتوم مستنجد من بين بكائها وألمها:
_يزيد.
شعرت بتلك اليد تتغلغل بخصلات شعرها وتقبض عليها بقسوه وعنف يجذب رأسها حتي شعرت بأقتراب وجهه منها وقلبها الصغير يكاد يتوقف من شدة خوفه وهى تسمع لصوت هامس خبيث أثار قشعريرة من الخوف والنفور بجسدها وهو يتحدث بالقرب من أذها:
_كان له حق يفضل مخبيكِ عننا..وعد ولازم أوفيه هحسره عليكِ..هخليه يلعن اليوم اللى قرر يتحداني فيه ويخرب شغلي.
حرك رأسها بعنف وهو يصرخ بأخر حديثه حتي شعرت بتخدر رأسها من شدة الألم، أعاد تقريب رأسها منه وهو يتابع بهسيس مختل:
_هخليكِ تتمني الموت من اللى هعمله فيكِ..هخلي كرباجي يعلم على كل حته ف جسمك.
أنتفض جسدها خوفًا وأزاد بكائها وهى تحاول تحرك رأسها بالنفي والحديث ليتابع شعلان حديثه بأبتسامة منتشيه مريضه:
_عيطي..كل ما تعيطي أكتر بتبسطيني أكتر وهتعيطي وتصرخي أكتر من اللى هعمله فيكِ.
دفع رأسها لتصتدم بالأرض وهى تتكور على نفسها تخبئ وجهها بالأرض الصلبه تجهش ببكاء مرير خائف وجسدها وقلبها يرتعدوا خوفًا..بينما طالعها شعلان بأنتشاء وغل وهو يتخيل جسدها لوحة من الدماء بفضل يديه.!
شعرت به يغادر الغرفة لتصرخ بداخلها بخوف شديد وقهر مستنجده بأخر شخص تبقي لها:
_يزيد..أنا خايفه يا يزيد أنا محتاجاك.
ظلت تستنجد به وتدعوا الله كثيرًا بأن يأتي سريعًا، لم يتبقي لها غيره هو الوحيد الذي تثق به تشعر به سيأتي وينتشلها قبل أن يصيبها مكروه، أن يحميها من كل سوء وشر أن يُنهي على هذا العالم الأسود كما وعدها سابقًا وكما يسعي أن يفعل، تدعوا الله أن يأتي سريعًا وأن تعود له سالمه وتبدأ حياه جديده معه..لكن ليس كل شئ نريده يمكن أن يتحقق.!