رواية عشق الذئاب الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم إسراء على

رواية عشق الذئاب الفصل الثالث والثلاثون بقلم إسراء على


أغار عليك من الحياة الرائعة التي نقدرأنْ نعيش،


من ورق الخريف الذي قد يسقط عليكِ،

من الماء الذي يَتوقع أنْ تشربيه

نظرات خاوية نظر لها بها دون حديث..أما هى دفنت رأسها في صدره حتى تحتمي من نظراته الغاضبة..ناداها بصوت أجش

-إسراء

لم ترد عليه..فناداها مرة أخرى بصوت حاد قليلاً

-إسرااء..ردي عليا

-ردت وما زالت تُخفي وجهها في صدره : نعم

-بُصيلي

-هزت رأسها بنفي : لأ

-فسألها بـ إقتضاب : ليه؟!

-أجابته بصوت مُرتجف : خايفة..

ضحك رائف ولكنه كتمها..لكي يُحافظ على جديته..فـ إستأنف حديثه

-وطالما خايفة من رد فعلي..فتحتي بوقك ليه!!

رفعت رأسها سريعاً..ضيقت نظراتها وهى تحدق بخرزتيه..لتلمح بها نظرات الخبث..فشهقت بعنف وقالت بغضب

-بتوقع قلبي يا رائف!!..أنا فكرتك هتضربني

قهقه رائف بشدة..فوكزته في صدره وقالت بحنق

-حرام عليك..والله بارد

جذبها في أحضانه مرة أخرى..ولكنه هذه المرة تحدث بجدية

-حقك عليا..بس فهميني عاوزة تروحيلهم ليه!!..بعد كل اللي عملوه..

-ترقرقت العبارات بمُقلتيها وقالت بحزن : مهما عملوا برضوا يفضلوا أهلي و أنا بحبهم..

-بس..آآآ..

-قاطعته : مفيش بس..بقولك أهلي..

ثم تساقطت الدموع..ليشعر بدفئها على صدره..فزاد بضمته لها..وطمأنها قائلاً

-أنا معاكي وجمبك فـ أي وقت..وفـ أي حاجة

-ردت عليه بسعادة : يعني موافق أروح

-هز رأسه لأعلى وأسفل قائلاً : أه يا حبيبتي..

-إحتضنته بشدة وقالت بسعادة : بحبك أوي يا رائف

-قبل جبينها بحب وقال : وأنا بموت فيكي يا روح قلب رائف..

ثم غطا في ثُبات عميق..ولكن عقل رائف ظل يعمل بشدة وسؤال تأرجح في عقله..أهما أهلها حقاً!!...

******

تململت على صدره العاري إثر مُداعبة أشعة الشمس البُرتقالية جفنيها..فتحت عيناها ثم أغلقتهما ثانية حت تعتاد على ذلك الضوء..تذكرت ما حدث بينهما أمس لتعُض على شفتيها بخجل..لتجد صوته العذب يقول

-صباحية مباركة يا عروسة

-ردت بخجل : صباح النور..

-داعب وجنتها قائلاً : إنتي إحلوتي أوي النهاردة..في حد يصحى ع الحلويات دي

-نظرت له بحب قائلة : هاخد ع الدلع دا..

-ضمها بحنان : ومن حق الجميل يدلع..

نهض عن الفراش..ثم توجه ناحية الخزانة وأخرج له ملابس وقال بجدية

-بصي هاخد شاور وأطلع..وأنتي كمان..وبعد كدا نطلع ندور ع بيت لينا

-نظرت له بدهشة وقالت : بيت!!..إحنا هنقعد بعيد عن أهلك
إقترب منها ثم قبلها على شفاها..وغمزها بوقاحة قائلاً بخبث

-عشان نبقى ع راحتنا

-أخفت وجهها أسفل الغطاء خجلاً..ثم تمتمت : وقح
-ضحك وقال : سمعتك ع فكرة..

عضت على شفتيها ونهرت نفسها..بينما أكمل هو وصلة الضحك على زوجته المصون..أبعدت الغطاء عنها عندما سمعت باب المرحاض يُغلق..نهضت لتقفز فرحاً..فهى سعيدة بشدة..ليُخرج طارق رأسه من الداخل وقال بمزاح
-حبيبتي إنتي إتهبلتي!!

وما كان ردها سوى أنه تلقى بوجهه وسادة..ليضحك..ويقول بوعيد

-أطلعلك!!

-وضعت يدها بخصرها وقالت بعناد : متقدرش

وعندما خطى أولى خطواته صرخت بفزع وقالت برجاء

-لالالالا..سوري..مش تطلعلي بليز

-رد عليها بسخرية : ما كان من الأول..

ثم دلف مرة أخرى..وإرتسمت على شفتيه إبتسامة عذبة..سعيد بشدة لأنه حظى بتلك الحياه..زوجته التي لطالما عشقها..و عمله الذي سيبدأ به غداً مع أخيه..دربه الذي بدأ في الصلاح..ماذا يُريد بعد؟!...

******

نهض أحمد عن فراشه ليجد زوجته تقوم بتحضير الطعام..إستتد بظهره على الحائط دون أن يُحدث صوت..إرتسمت إبتسامة هادئة وهو يراها تتحرك بخفة..ليقول بمر

-من أمتى النشاط دا يا سو؟!
شهقت سوزي فزعة..وضعت يدها على صدرها وقالت بعتا

-حرام عليك يا أحمد خضتني..

توجه إلى الطاولة الموضوعة في منتصف المطبخ..سحب أحد المقاعد وتساءل

-وهتفطرينا إيه!!

-إستنى وهتشوف

قالتها بثقة..ثم غمزته بخفة..ضحك ليقول بمرح

-يا واد يا واثق..

-طبعاً

إنتهت من إعداد الطعام..ثم رصت الصحون على الطاولة..وهو يشتم تلك الرائحة الشهية..ليقول مستلذاً

-الله..الريحة تحفة..أنتي عاملة إيه

-ردت : بيض بالبسطرمة..وأومليت..وتوست..وآآآ..
-قاطعها ضاحكاً : إيه كل د

-إبتسمت بهدوء : يلا يا سيدي..عشان تفتكرني إني كنت بدلعك
-نظر لها بنصف عين وقال : لما نشوف يا ست سوزي
ثم شرعا في تناول الفطور..وسط همهمات أحمد المستلذة بالطعام..وضحكات سوزي النابعة ولأول مرة من قلبها..تحسد نفسها على تلك الحياه..التي تخاف وبشدة أن تزول سريعاً..لا تعلم لما ذلك الهاجس الذي يزورها من آن لأخر..تعلم أن الأوقات السعيدة لا تدوم..دعت الله في نفسها أن تدوم تلك الحياه..وإصلاح ما تبقى منها

******

وكعادة النساء المصرية..لا يبدأ الصباح سوى بالفطور..

وقفت تُقطع قطع الخضراوات..لتجده شيئاً ما يقبض على خصرها بعنف..شقهت بفزع..ولكن أتاها صوته الناعس..وهو يقول بمزاح

-دا أنا يا سلوى

-ضحكت بخفة وقالت برقة : صباح الخير
-قبل نحرها وقال : صباح الورد والفل والياسمين ع أحلى زهرة..
إبتسمت بخجل..ليتساءل بجدية وهو لا يزال يحتضنها

-هو ليه صحيح سميتي نفسك زهرة لما عرفتيني

-نطقت بشرود : جدو الله يرحمه كان عاوز يسميني زهرة..بس بابا وماما مروضوش..فجدي مكنش بيناديلي غير زهرة..وكان بيقولي دايماً أنه مش بيشوفني غير زهرة فـ حياته..وأنا بحب الاسم دا..

-زاد في ضمته وتساءل : كنتي بتحبي جدك!!

ضحكت وقالت : جداً

-قبل وجنتها بحب وقال : إعتبريني جدك..وأبوكي وأمك..حبيبك..أخوكي..ثم تابع بمزاح...وأهم حاجة جوزك..

ضحكت بدلال..فأثارت غريزته ناحيتها..إمتدت يداه..لتُزيل حمالة كنزتها..ليظهر من أسفلها منكبها..أما هى شعرت برجفة قوية إجتاحت جسدها..ضربات قلبها المتسارعة وكأنها خرجت من سباق عدو..ليزيد الطين بلة..عندما شعرت برطوبة شفتيه تسير ببطئ على منكبها..صعوداً لنحرها..ليهمس بجانب أذنها بنبرة ساحرة
-بحبك يا زهرة..

أبعد خصلاتها الغجرية ليستمتع أكثر بمذاق وجنتيها..شعر بـ إرتجافة جسدها بين يديه..فدفن رأسه بين عنقها ومنكبها..زرع قُبلة أخيرة قبل أن يُديرها إليه..حاوط خصرها وسألها بهدوء

-مالك يا زهرة؟!..لسه بتخافي مني!!
هزت رأسها بالنفي..ليعود ويسألها بنفس النبرة الهادئة

-طب مالك!!

دفنت رأسها في صدره..ولم تُعطيه إجابة..فضمها له ولم يتحدث هو الأخر يعلم أنها تحتاج إلى وقت..أبعدها عنه ثم إبتسم وقال بحب

-يلا نفطر عشان نروح لأهلك

-إبتسمت له بـ إمتنان وقالت : طيب

خطف قُبلة سريعة قبل أن يبتعد عنها..وضعت الصحون أمامهم وشرعا في تناول الطعام..ظل يختطف النظرات لها ليجدها شاردة..تنهد بحرارة وقال في نفسه

-الصبر يا رائف..هى قالت بتحبك وأنت لازم تُصبر..كفاية إنها بتنام فـ حضنك...

******

نزلا طارق وهايدي لكي يتناولوا الإفطار مع العائلة..متشابكي الأيدي..مُتعانقين بالقلوب..نظرت لهم منال بسعادة..بينما نظرات سعاد تحمل السخط..دنى منهم طارق ولم يهتم بنظرات جدته..ليقول طارق بهدوء
-صباح الخير

-منال بسعادة : صباح النور يا حبيبي

-محي بنبرة عادية : صباح الخير.

جلس طارق ومعه هايدي..وتناولو الإفطار بصمت حتى قطعه محي بسؤاله

-هايدي..أهلك عرفوا إنك إتجوزتي

تركت هايدي ما بيدها ثم نظرت له بصدمة..ولكن ردت بهدوء عكس ما بداخلها

-متقلقش يا أنكل..هما لو عرفوا مش هيحصل حاجة

-ليه!!

-ردت بحزن : أنا لما إتكلمت معاهم وافقوا..بس لما حصلت الظروف..هما سافروا وبلغوني أقولكم إنهم موافقين..ولما نحدد معاد الفرح هينزلوا

وهنا تساقطت دموعها..شعر طارق بالإشفاق عليها..ولكنه ربت على يدها بحنو وقبلها بهدوء..بينما أكمل محي حديثه بجدية

-اللي عملتوه دا غلط..وأنتو مأخدوش رأي حد..دا جواز

-رد عليه طارق بغيظ : أظن أنا كبرت كفاية وأعرف أخد قراراتي بنفسي

-حدثه والده بحدة : أحترم نفسك يا طارق أنت بتكلم أبوك..وقرارك لما يكون متعلق بيك لوحدك
-طارق بسخرية : وهو حد كان هيتجوز معايا

-نهرته والدته بحدة : طااارق..إتكلم كويس

-يا ماما..آآ...

-قاطعه محي : مش عاوز كلام كتير..هتعملوا فرح عشان الناس تعرف إنك إتجوزت وخاف ع سمعة مراتك..
نظر له طارق بتهكم ولم يرد..بينما أكمل محي حديثه
-كلم رائف أخوك يجي بكرة عشان في موضوع مهم لازم نتكلم فيه

-تفتكر هيوافق!!

-إرتشف محي من فنجان الشاي الخاص به : عشان كدا بقولك كلمه..وإتصرف
-حاضر يا بابا..
تابعت سعاد الحوار الدائر في صمت و قررت تفجير سرها في نفس الوقت..راسلت نهلة بهاتفها بأن تأتي غداً في موعد ستتصل هى بها وتخبرها به..إرتشفت من كوب العصير الخاص بها..وهى تفكر في عواقب ذلك السر.......
******
إنتهى من تبديل ملابسه..وجلس ينتظرها..مُنذ ساعة أخبرته أنها على وشك الإنتهاء..نفخ بضيق..ونهض وهو يسب ويلعن في عادة النساء..طرق بابها ثم قال بضيق
-إسراء..مش ناوية تطلعي

ولكنها لم ترد..فأعاد الطرق وقال بعدها

-أنا هدخل

وعندما لم يجد رد..دلف..وجدها تقف و تُدير له ظهرها..ويسمع صوت بكاءها..تملكه القلق وقال
-حبيبتي مالك!!

وما زادها سؤاله غير البكاء..نهش القلق قلبه..وإتجه نحوها بخطوات سريعة..أدارها إليه ونظر لها بخوف وقال
-مالك؟..متخضنيش عليكي

-أجابته بصوت متحشرج : مش عارفة أقفل زرار الشميز...

رغب باللطم كالنسوة..أو إصابتها بكلمة في وجهها..أو حتى وأدها حية..

ظل يأخذ أنفاساً ثم يزفرها حتى تتلاشى نوبة الغضب التي تملكته..فهى تبكي من أجل عدم قدرتها على إغلاق زر قميصها اللعين..وهو الذي ظن أنها أُصيبت بمكروه..ضربها على مقدمة رأسها وقال بغضب مكتوم

-إسراء..عشان بس مقتلكيش حالاً..بطلي عياط وأنا هساعدك..

-نظرت له بحنق : منا مش عارفة أقفله عشان دراعي..

ثم أشارت إلى حذائها الرياضي..وقالت بغضب مماثل

-ولا حتى الكوتش..ليا حق أعيط ولا لأ..

تحركت إلى الأمام وأعطته ظهرها..ظل يصفق أمام وجهه حتى لا يضربها..تمتم مع نفسه بحنق

-أنا عارف إنه يوم مش فايت..هو مش بدأ بأهلك

تقدم ناحيتها ثم جذبها من مؤخرة رقبتها..شهقت هى برعب وقالت بتلعثم

-را..رائف..آآ..أنت بتعمل إيه!!
أدارها ناحيته ثم ثبتها..وأخذ يعبث في زر قميصها وقال بلا مبالاه

-بعملك الزفت..

ولا تعلم أنها أصابته بصاعق كهربي حينما تلامست أصابعه مع جسدها.إقشعر جسده لتلك اللمسة..وأغمض عيناه إستمتاعاً بها..حتى إنتهى..قال بسخرية

-وأدي الزفت اللي مزعلك

ثم جثى على ركبتيه وحمل قدمها على فخذه..فشهقت بخجل وقالت

-لأ..مينفعش كدا..
وحاولت إفلات قدمها منه إلا أن صوته الصارم أسكتها

-إثبتي يا بت..
ثبتت..فربط لها حذائها..نهض وقال لها
-خلاص يا ست العيوطة

-زمت شفتيها بعبوس وقالت بحنق : أنا مش عيوطة..الحاجة هى اللي عيطتني

ضحك رائف وحاوط وجهها قائلاً بحنان

-أي حاجة تزعلك..أو تضايق أنا موجود..أومال أنا إتخلقت ليه
ضحكت ذات العيون البنية..ثم عضت على شفتيها بخجل..فأشعلته رغبة بها..فمال يلتهم شفتيها في قُبلة شغوفة..وكأنه يُعاقبها لتلك الفعلة التي تذهب بعقله وتجعله حُطاماً..إبتعد عنها ليقتله الظمأ..فيعود ويُعانق الشفاه الكرزية بقُبلات أشد قوة وقسوة عن ذي قبل..يعود ويلتهم عسلها الذي لا إرتواء ولا ظمأ منه..

إبتعد عنها بـ أنفاس لاهثة..وهى تكاد يُغشى عليها من هجومه ذاك..وصدرها الذي يعلو ويهبط بشدة..فيقول بصوت أجش

-عشان تبطلي تعملي الحركة دي....

وقبل أن تستفسر شابك أصابعها بـ أصابعه ثم جذبها خلفه..وعلى وجهه إبتسامة عذبة..عاشقة..مُتيمة بها..لازال يشعر بطعم شفاها بفمه..أخذ يلعن نفسه لأنه يستطيع أن يبتعد عن جاذبية شفاها..فمن يبتعد عن طعم العسل بعد أن ذاقه........

*******

دلفت صفاء لكي تُطعم زوجها..فوجدته لا يزال نائماً..لوت فمها بضيق..ثم نادته بحدة

-قوم يا راجل..عشان أفطرك

-تأفأف عبدالله وقال بضيق : إصطبحنا يا صفاء..

-قوم يا خويا..قوم..

إتجهت ناحيته..ثم بدأ في تناول الطعام وصفاء تنظر له..نظر لها بطرف عينيه وقال

-لو في حاجة واقفة فـ زورك قوليها!
-ردت عليه بغضب : يوووه..بتتكلم كدا ليه

كاد أن يرد..ولكنه سمع صوت الباب..فقال لها وهو يلوك قطعه الخيار بفمه

-قومي شوفي مين اللي بيخبط..

ضربت على فخذيها وهى ترمقه بنظرات نارية..ثم نهضت..وضعت الحجاب على رأسها بعشوائية ثم قالت بصوت عالي

-أيوة مين اللي بيخبط!!

فتحت الباب لتتسمر أمامه..يقف أمامها بطوله الفارع وعيناه تنتطقان بشر..وتحذير..لتقول صفاء بتلعثم

-آآآ..بـ..باشا..آآ..و..والله ما عملنا حاجة

-أتاها صوتها العذب من خلفه يقول بعذوبة : متخافيش يا ماما

لُجمت صفاء عن الحديث وعن الحركة..إبتعد رائف بضيق. لتظهر لها..وهى تبتسم..ما زالت تلك الإبتسامة رفيقتها..لتقول بصوت عذب يحمل إشتياق
-وحشتيني يا ماما..

لم تتحرك أو تتحدث..إستنكر عبدالله تأخر زوجته..فأزاح الطعام ونهض ليقول بصوت عالي
-مين يا صفاء..

خرج ليصمت هو الأخر..وكأنه وباء إنتشر بالمنزا..وأصاب قانطيه بهذا المنزل..نظرت إسراء لوالدها المُتيبس كالصنم..لتقول بـ إشتياق

-بنتك موحشتكش يا حج عبدالله

وبلا أي مُقدمات..ركضت في أحضان والدها..الذي دُهش فوق دهشته من موقفها ذاك..بعدما فعل بها..ما لا يفعله الأباء..إلا أنها إرتمت بأحضانه...
بينما تابع هو المشهد بهدوء ذئب..منتظر الإنقضاض على فريسته..وبالرغم من أنه والدها إلا أنه كره أن يتلمسها رجل غيره..إحتقنت عيناه بشدة..وقبض على يده حتى لا ينفجر بها..تلك الصغيرة التي تذهب بعقله إلى وادٍ أخر..ترتمي بطفولة بـ أحضان والدها..ألا تعلم تلك الحمقاء أن ذلك العناق هو حق حصري له!!..سيُعاقبها فيما بعد على ذلك الخطأ..ولكن الآن لا يُريد أن يُفسد أجواءها السعيدة
-أنا أسف يا بنتي
جحظت عيناها وأرخت يديها بعد تلك الكلمة..نظرت لوالدها بدهشة الذي طالعها بحنان..وكانت تلك أول مرة يُطالعها..إبتسم بحنو أبوي وقال وهو يبكي
-سامحينا يا بنتي..غلطنا فـ حقك..كان الشيطان عمينا..بس فوقت والله فوقت..

ثم أجهش بالبكاء..لترتمي هى الأخرى في أحضانه وشاركته البكاء..تحركت صفاء و ربتت على ظهر إبنتها وقالت بهدوء عكس الثورات بداخلها
-تعالي إقعدي يا بنتي..

نظرت إسراء إلى والدها وعيناها..مُمتلأتان بالدموع..لتقول بصدق

-أنا مزعلتش منكوا عشان أسامحكوا..
وهنا شعرت صفاء بدونيتها أمام إبنتها..تلك القطعة منها والتي باعتها من أجل المال..حقاً أيوجد هكذا!!..أهى بشر أم ماذا..إرتمت صفاء على الأرضية الصلبة..و وضعت يدها على وجهها..وظلت تبكي..جلست إسراء بجانبها..وربتت على فخذها قائلة بحنان
-متعيطيش يا أمي..والله أنا بحبكوا ومش زعلانة..بالعكس لولا اللي حصل..مكنتش حبيت رائف ولا إتجوزته دلوقتي..

نظرت له لتجده يبتسم بسعادة..غمزت له..فضحك المسكين..أعادت نظراتها لها و لوالدها الذي جلس بجانبهم وقالت بحب

-ننسى اللي فات ونبدأ..مش عاوزة أشوف دمعكوا تاني

-جذبتها صفاء في أحضانها وقالت بندم : سامحيني يا بنتي..والله بحبك..بس الطع عماني
-إبتسمت وقالت : خلاص بقى ولا أنتي عاوزاني أزعل بجد..
ضحكت وسط دموعها..وعبدالله الذي نظر إلى رائف بنظرات ذات مغزى الذي فهمها الأخير..تلك النقطة الفاصلة التي حولت حياه عبدالله من رجل لا يهمه سوى المال..وإن كانت إبنته هى الثمن..إلى رجل حنون..رجل لا يهمه سوى أن ينول مسامحة إبنته....
*******

في الأسفل

حدق لطفي في تلك السيارة الفارهه التي تصتطف أسفل منزل عبدالله..ترك الأرجيلة من يده..ثم نادا الصبي الذي يعمل عنده..وسأله

-ولا يا فتحي
-هرول فتحي..وهو يلهث : أيوة يا معلم لطفي

-سأله بصوت خشن : عربية مين دي ياض

-رفع منكبيه وقال : معرفش والله يا معلم..

وضع لطفي يده أسفل ذقنه ثم حدث نفسه قائلاً

-وبتعمل إيه تحت بيت الحج عبدالله..أما أروح أشوف جايز يكون فيه حاجة..وبالمرة أفاتحه فـ الموضوع..
نهض عن مكانه وتحدث مع الصبي بصرامة

-خد بالك من المحل عما أرجع
-رد فتحي : عنيا يا معل

تحرك لطفي في إتجاه المنزل..صعد درجات السلم المهترئة..ثم طرق الباب...
*****
في ذلك الوقت كانت إسراء تستمتع بوقتها مع عائلتها..ورائف يُراقبها بحب..حتى سمعوا صوت طرق الباب..فقالت إسراء بحماس

-أنا اللي هفتح..

وركضت ناحية الباب وفتحته لتجده الحاج لطفي رحبت به بود

-إزيك يا عم لطفي

-إبتسم لطفي وقال بود هو الأخر : إزيك يا ست الحسن..غبتي عنا فين..

تابع رائف الحديث الدائر بين زوجته وذلك الشخص الغريب..الحديث الودي وتلك الإبتسامة المُرتسمة على وجه ذلك الرجل لا تُشعره بالراحة..كاد أن يتكلم فسبقه عبدالله قائلاً بترحاب

-تعالى إتفضل يا حج لطفي..البيت نور
-فرد عليه لطفي بود : منور بصحابه..

إبتعدت إسراء كي تترك المجال له ليدلف..وقعت نظراته على ذلك الشخص الغريب والذي يرمقه بغضب..ونظراته النارية تكاد تحرقه..تحركت إسراء ناحية رائف و جلست بجانبه..ليهمس في أُذنها بتحذير

-أنا فوّتلك كتير النهاردة..حسابنا لما نروح
-رمقته بغضب وهتفت من بين أسنانها : أنا عملت إيه!!

-ضيق عينيه لتزداد شراسة : لما نروح هعرفك

-أوووووف..

جلس الحاج لطفي بجانب عبدالله ليسأله

-عامل إيه دلوقتي يا حج عبدالله؟

-رد عليه وهو يضع يده على صدره : الحمد لله..تشكر يا حج

-ربت على فخذه : متقولش كدا عيب

-حدثه عبدالله بود : ودا العشم بردك

أتت صفاء ثم وزعت كؤوس الشاي عليهم..ليتنحنح الحاج لطفي وتحولت نبرته إلى الجدية
-كنت عاوزك فـ موضوع كدا يا حج
-سأله عبدالله بتوجس بعد تغير نبرته إلى الجدية : خير يا حج!!

-كل خير..بس ينفع أتكلم عادي
نظر إلى رائف..التي لم تتغير نظراته النارية..ففهم عبدالله وقال بنبرة جدية

-دا الأستاذ رائف..من أهلنا

-أهلاً يا بيه..

لم تتغير ملامح رائف..وظلت نظراته مُسلطة على الأخير..لم يفهم الحاج لطفي مغزى عبارة عبدالله بأنه "من أهلنا" ففكر أنه أحد أقاربه التي كانت تقطن عندهم إسراء..تنحنح لكي يُنظف حلقه..ثم نظر بقوة إلى عبدالله وقال بجدية مُفرطة

-أحم..أنا كنت فاتحت الست صفاء فـ موضوع قبل كدا..بس الظاهر مقلتلكش عشان الظروف اللي حصلت..

نظر عبدالله إلى صفاء..التي تحولت نظراتها إلى الرعب..وشحب وجهها كالموتى..فلم يفهم..حاولت صفاء تشتيت الحاج لطفي عن ذلك الأمر الذي سيقوده إلى التهلُكة..فنطقت بـ إرتباك واضح

-معلش يا حج..أديك شايف الوضع..وآآآ..

-قاطعها عبدالله بجدية : أستني يا صفاء...

حاولت منعه من الكلام..ولكن نظرات عبدالله أسكتتها..فصمتو تدعوا الله أن يمر ذلك الخبر على خير..نظر عبدالله مجدداً إلى الحاج لطفي وسأله بهدوء

-خير ياحج لطفي موضوع إيه!!

-أجابه بصوت أجش : أنا طالب إيد الأنسة إسراء منك......

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1