رواية انت لي والا الفصل الخامس 5 بقلم نجلاء فتحي


 رواية انت لي والا الفصل الخامس 

تتبدل أقدارنا بين ليلة وضحاها، تدور بنا الحياة كدوامة في عرض البحر، تدور وتلقي بنا في قاعٍ سحيق، لا نعلم له بداية ولا نهاية، أين مستقرنا وملاذنا،
كانت قابعة بين أحضانها، تشعر بالحزن الشديد نحوها وكأنها خلقت من رحمها، تذكرت صباحا، عندنا هبطت ابنتها سريعا، تخبرها بما حدث ووفاة والد صديقتها، انتابتها صدمة شديدة، فكأن ما دار بخلدها طوال الليلة الماضية ذهب أدراج الرياح، عندما قرأت اسمه في أوراق المشفى، قررت إخبار زوجها بالأمر; لكنها لم ترد أن بتبني أمالًا واهية، فمنذ فقدانهم لأطفالهم وهي تبحث عن خيط يوصلها لأي معلومة، ليحدث ما لم تتوقعه
هبطت الدرج سريعا لتجدهم مجتمعين حول مائدة الإفطار،
روح: بابا أنا بعد إذنك هروح ل "حور" صاحبتي والدها اتوفى ولازم اكون معاها
نهضت بصدمة تعجب لها الجميع لتسألها بهلع 
حياة: انتِ بتقولي ايه يا "روح" ازاي ده حصل وامتى؟!
أجابت والدتها سريعًا ولم تنتبه لردة فعلها، 
روح: أنا مش عارفة حاجة يا ماما، "رهف" اللي لسة مكلماني دلوقت حالا، وقالت إن عموا "كارم" اتوفي ولازم نكون جنب "حور" عشان حالتها صعبة جدا
هنا توقفت حواس الجميع عند سماع اسمه، وكأنه كان كالتعويذة التي ألقيت عليهم، لترى زوجة عمها يدها ترتعش بكوب الشاي الذي تحمله في يدها، ليبادر عمها بحديثه، الذي أجابته به بصدق تام
محمود: "روح" قولي لي يا حبيبتي هي صاحبتك اسمها ايه بالكامل؟ 
نظرت تخبره باسمها كاملا
روح:  اسمها " حور كارم زيدان" 
ازدادت الصدمات أكثر فهل من الممكن أن يكون هو، هل سيكون هذا قدره بعد كل هذه السنوات، ليزيد من أسئلته لها عن هوية هذه الفتاة
محمود: طب انت عارفة والدتها اسمها ايه؟ 
نظرت لهم جميعا وجدتهم ينتظرون إجابتها على أحر من الجمر، وكأن كلماتها القادمة توشك أن تحييهم، لتشعر بشيء خفي يدور حولها
روح: اللي اعرفه إن اسمها" مديحة"; لكنها متوفية من فترة طويلة جدا
هنا سقطت أمالهم في وادٍ سحيق، أيعقل أن يكونا هم، أيعقل أن بعد كل هذه السنوات يكونوا بهذا القرب منهم، 
تحدثت زوجة عمها بعيون مغرورقه بالدموع، وكأنها تناجيها أمرا بقلبها
ناهد: انت عارفاهم من زمان يا "روح" يعني عارفة عيلتهم مين وكدة ولا ..
أشارت بيدها سريعا تخبرها بما تعرفه عن رفيقتها
روح: لا يا طنط أنا مش عارفة حد من عيلتها، هي دايما كانت بتقول إن هي ملهاش حد غير باباها وأخرها، وكانت والدتها الله يرحمها، أنا شفت "محمد" اخوها لما كان بيوصلها الجامعة، بس معرفش والدها خالص
نظر لها يخرجها من دائرة الأسئلة التي التفت حولها فهو يعلم فحواها وكأنها كطوق النجاة لهم جميعا
مصطفى: طيب يا "روح" تعالي أنا جاي معاك انت وماما، وعموا هيروح يطمن هو وطنط "ناهد" على "نور" مراد معاها من امبارح مجاش، 
وأشار لولده الحبيب يخبره بالقدوم ليوصله لمدرسته أولا
- وانت يا "حمزة" يلا عشان اوصلك معايا
نهض الجميع وبداخل كلا منهم الكثير والكثير من الأحاديث والأفكار التي تدور في فلك واحد; لكنهم اثروا الصمت جميعا
 جفلت عندما وجدت يدها تتمسك بها بقوة وكأنها تناشدها الأمان، ضمتها لأحضانها تبثها الأمان، تعجبت من حالتها، لتفق من شرودها على طرقات خفيفة على باب الغرفة، كان زوجها الذي ما إن علم قرر الحضور معهما، لغرض في نفسه،
أذنت " رهف" له بالدخول، لتقع عيناه على الشابة القابعة في أحضان زوجته، توجه نحوها لا يدري ما ألمّ َبه منذ أن رفعت عيناها البريئة تنظر نحوه بضعف كان كنصل حاد غرس في قلبه، 
وجه "مصطفى" حديثه نحوها بعاطفة أب
-"حور" البقاء لله يا بنتِ، أنا والد "روح" شوفي أنا مش هقول لك إن دي أعمار لأن انتِ مؤمنة بربنا وعارفة دن كويس، أنا عاوزك تعرفي إن من النهاردة انتِ زي "روح" انتِ بنتِ التانية، يمكن ربنا أراد يحرمني من بنت عشان تحلي محلها، رفعت عيناها نحوه بدموع طاغية عليها وعند سماع كلماته هطلت دموعها بغذارة، حاولت "حياة" تهدئتها
-"حور" خلاص يا حبيبتي إهدي عشان خاطري، إحنا كلنا معاك، وكلنا أهلك ومش هنسيبك بس إهدي عشان خاطري
اقتربت منها تربت على قدمها بحنية
روح: خلص يا "حور" اهدي وانا معاك والله انتِ مش عارفة اننا اخوات ولا ايه احنا صداقتنا أكتر من الاخوات، أنا معاكِ و"رهف" معاكِ، وبابا وماما كمان، وانتِ نسيت "محمد" حالته صعبة ولوحده لازم تقوي عشان خاطره
كانت تقف في الخلف صامتة عيناها تذرف الدموع منذ أن رأتها، لا تستطيع مواستها ففقدان الأب يؤلم ويدمي القلب، 
كان قد أتى ليطمئن عليها ليفاجأ بهم جميعا حولها
"حور" انت كوي..
نظر خلفه على صوت قد استمع له سابقا، وعندما التفت نحوه وجده هو ضيق عيناه بصدمة
مصطفى: بشمهندس " محمد"
هنا كانت الصدمة من نصيبه فرب عمله هنا بغرفة شقيقته أي صدفة هذه
محمد: مصطفى بيه، حضرتك هنا
أشار نحوه بيده وعاد الإشارة تجاهها، لتتحدث "رهف" بتوضيح
رهف: عموا ده "محمد" أخوا "حور" وابن عموا "كارم" الله يرحمه
توجه نحوه بخطوات ثقيلة، مد يده بواجب العزاء، يعرفه بذاته
مصطفى: البقاء لله أنا كنت جاي مع "روح" بنتِ، مكنتش اعرف إنه والدك
تقبل عزاءه برحابة صدر، 
محمد: الدوام لله، معلش تعبناكم معانا بس "حور" منهارة وانا مش عارف اسيبها عشان أخلص إجراءات الدفن
رفع يده بالأوراق، نظر نحوهم بوميض في عقله، ليقرر مساعدته
مصطفى: خليك معاها تطمن عليها هي محتاجة لك، وانا هخلص لك الإجراءات
أنهى حديثه يمد يده إليه لأخذ الأوراق منه، شعر أنه سيثقل عليه،
محمد: بس هتعب حضرتك
أخذهم منه سريعا وهو يخبره
-مفيش تعب ولا حاجة، أنا هنزل اخلص لك كل حاجة متقلقش
وغادر بالأوراق بين يديه، علَّ الله يريه طريقا يقينا، يتأكد من حقيقة كونه هو أم لا، وتركهم بالغرفة وهبط درجات السلم بخطوات مسرعة، راجية منها المراد.
                              ★—————★
يقف بهدوء وصمت ضاما يديه لبعضهما، ينظر لصغيرته التي بين الزجاج نائمة كالملاك، القلق ينهش قلبه على زوجته التي لم تتجاوز مرحلة الخطر بعد، ساءت حالتها ولا يوجد بها أي تحسن، شعر بالحزن الشديد يجسم على قلبه، فزوجته قررت أن تلد مولودا رغم تحذير الأطباء، لضعف قلبها الذي لن يحتمل الحمل والولادة، وهاقد حدث ما لم يحمد عقباه، 
عاد من شروده على يد والده يربت على كتفه بخفة، يبثه الدعم ويطمئن قلبه
محمود: "مراد" إجمد كدة وشد حيلك، بنتك محتاجة لك و "نور" كمان، متستسلمش كدة انت أقوى من كل ده
نظر لوالده وكأنه كان في انتظار أن يجده ليلقي بهمومه وأحزانه في أحضانه
مراد: مبقتش قوي يا بابا، حاسس إني متكتف ومش قادر اعمل حاجة
محمود: عارف إنه صعب عليك يا حبيبي، بس أنا عاوزك تتماسك، وربنا كريم
أماء برأسه بإيجاب، نظر نحو والدته التي لم تتفوه بحرف منذ قدومها، شعر بالقلق على والدته، ليتجه نحوها يسألها بقلق،
مراد: مالك يا ماما، انت تعبانة، وفين عمي 
نظرت لزوجها الذي لمح إليها ألا تخبره الآن فوضعه لا يسمح; لكنها لم تستطع لتهطل دموعها وهي تخبره بما حدث
نظر لوالده يلتمس منه صدق الحديث
مراد: بابا الكلام ده صح، هما دول اللي انتَ شاكك فيهم
تنهد وهو يخبره بثقل كان يحمله منذ أعوام وأعوام
محمود: أيوة هما بس هيفيد بإيه يا ابني مهما ماتوا هما الاتنين، أنا خلاص مش عارف افكر 
هنا عادت حاسة المخابرات إليه ليعمل عقله بكل كفاءة، ليخرج هاتفه يعبث به
مراد: حتى لو ماتوا يا بابا، انا عاوز أسماءهم وكل اللي انت كنت تعرفه عنهم وسيب الباقي ليا
أخبره والده بكل ما حدث في الماضي وأسماءوهم بالتفصيل
مراد: كدة تمام، متقلقش يا بابا، بس كان لازم تعرفني من زمان، دلوقت بس اعرف إن ليا أخ مخطوف من وهو صغير، لا وكمان هو الكبير
قطع حديثهم صوت الطبيب يخبره أن زوجته قد عادت لوعيها وتريد لقاءه، تركهم وغادر ليراها، ليصدم من حالتها الرثة، نظرت نحوه بابتسامة زينت وجهها، ليقترب منها 
مراد: حمدلله على سلامتك يا حبيبتي
تحدثت بثقل وبطئ 
نور: "مراد" كان نفسي اشوفك قبل ما ام..
وضع يده على فمها يمنعها من تكملة حديثها، 
مراد: بعد الشر عليك يا حبيبتي، ليه بتقولي كدة انت هتخفي وهتكوني كويسة وهتشيلي بنتنا، وهتفرحي بيها كمان
لمعت عيناها بالدموع، عندما ذكر صغيرتها التي لم ترها بعد
نور: بنتنا، هي حلوة يا "مراد" صح شبهك
مراد: شبهك انتِ عيونها حلوين وهي حلوة زيك
رفعت رأسها للأعلى تأخذ أنفاسها بصعوبة، جعلته يشعر بالقلق عليها،
نور: "مراد" أنا عاوزة اسميها "نوران" عشان خاطري 
قبل يدها برجاء ينهاها عن هذا الحديث
مراد: هنسمسها أنا وانت وهنربيها مع بعض
نور: نفسي بس خلاص يا نور عيني، الفراق قرب من..
توقفت عن الحديث تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة، لتشهق محاولة الحديث جعلته يهرول ينادي بعلو صوته على الطبيب الذي حضر محاولا إنعاشها مرارا لنطلق صافرة جهاز القلب معلنة عن توقفه، ليقف مذهولا ينظر إلى جسدها الذي سكنت الروح منه 
                               ★————★
الحياة القاسية تفرق بيننا وبين أحباءنا، ألم الفراق أشد من ألام الحروق، نضل حاد يغرز داخل قلوبنا عند الفراق، عندما نوقن أننا لن نرى من نحب،
جثمانان واراهما التراب، أحدهما أبا ترك وراء أطفاله دون حماية، والآخر لأم لم ترى طفلتها التي حملتها تسعة أشهر وهن على وهن، أي ألم وأي وجع هذا،
أخذ شقيقته بعدما دفن والده وعاد بها لمنزله بعدما غادر الجميع، صدم عندما أخبره رب عمله عن وفاة زوجة ابن شقيقه الأكبر "محمود" ، ليتركوهم مضطرين فقد أصابهم ما أصابهم، ووعده بالحضور لتقديم واجب العزاء،
 دخلا لمنزلهما الذي شعرا به كقبر مظلم ترك مفتوحا في ليلة خسف قمرها، فبالأمس كان صوته يشدوا بالنداء عليهما لأداء صلاة الفجر، كان كلاهما ينظر وبداخله الكثير والكثير، فهو كان بداخله ألم شديد لحقيقة مزقت قلبه، كذبة عاشها هو وشقيقته في كنف من هم ليسوا بأهله، أي ألم هذا، نظر لشقيقته وجدها تضم يدها إلى قلبها وكأنها تربت عليه بحزن، عيناها تزرف الدموع كالشلال، تنظر في كل ركن في المنزل وكأن الذكريات تتوارد أمامها تباعا، أخذها بين أحضانه يدعمها، يعلم أنها لن تتحمل وستنهار، لتسقط أرضا بين أحضانه باكية، تشد على يديه بألم،
حور: ءاه مش قادرة يا "محمد" حاسة إن روحي هتطلع، كدة كلهة راحوا ومبقاش لينا حد
لا يعلم بما يخبرها، أيخبرها أنهم ليسوا عائلتهم الحقيقية، وإن لديه عائلة أخرى، انتبه لحديث نفسه ليتذكر حديث والده عن الصندوق، أخرجها ببطء من بين أحضانه يحاول تهدئتها حتى يتمكن من رؤية الحقيقة قبل أن يخبرها بها
محمد: " حور" انت قوية وانا مش عاوز اشوف ضعفك ده، لازم تخلي إيمانك بربنا كبير، قومي اتوضي وصلي وربنا هيريح قلبك، انتِ عارفةيمكن اللي حصل يكون سبب لحاجة أحسن، ربنا غفور رحيم
ساعدها في النهوض وتركها تتوضأ وعندما تأكد من وجودها على سجادة الصلاة هرول نحو غرفة والده يبحث عن الصندوق، ظل يبحث عنن حتى وجده أسفل التخت، حمله بعناية ووضعه على الفراش، فتحه بيد مرتعشة خوفا من الحقيقة التي سيراها، أخذ يتفحص محتوياته الواحدة تلو الأخرى، وكلما تفحص إحداها ازداد اتساع عينيه صدمة، أي صدمة هذه
محمد: مش ممكن يكونوا هما
ليعلوا صوت شقيقته بالتحميد وهي لا زالت في صلاتها
حور: اللهم لك الحمد والشكر يا رب العالمين

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1