رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الثامن بقلم دينا جمال
نزلت من منزلها ، تفكر لا تجدا حلا منذ ثلاث سنوات وهي على ذلك الحال لا حل لا مفر منذ أن خطت رغما عنها على ذلك الشيك الذي يرغمها أن تظل رغما عن أنفها تحت ظل زوجة والدها تعمل راقصة بشرط الا تتأذي شقيقتها ، تعمل راقصة حتى تتلقى شقيقتها العلاج ، تعمل راقصة لأجل ألا ترمى في غياهب السجون هي لا تخشى السجون قدر خوفها مما سيحدث لشقيقتها إن ابتعدت عنها ، تلك الحية لن تتوانى عن تدميرها ويكفي ما هي فيه .. استقلت سيارة أجرة تتحرك إلى حيث ينتظرها رعد عند كورنيش النيل وصلت لهناك لتراه يقف هناك ابتسم ما أن رآها لتقترب منه تلوح له ترسم له ابتسامة كبيرة على شفتيها ، اقتربت منه تغمغم سعيدة :
-أنا قولت هتطنش ولا هتنسى ، أنا بجد مبسوطة أوي تعرف أنا ما روحتش دريم من سنين كتير أوي
ابتسم حزينا بالطبع لم تفعل فكيف يمكنها أن تذهب وهي كانت تعيش في كنف أب قاسي مريض اشبعها عنفا ، مسكينة طرب ... ابتسم لها مترفقا يغمغم متحمسا :
- النهاردة هننبسط على قد ما نقدر ، يلا بينا .. استنئ هوقف تاكسي
ابتسمت تومأ برأسها أوقف سيارة أجرة ليفتح لها الباب الخلفي وجلس هو جوار السائق تحركت بهما السيارة فلم يرا أيا منهما ذلك الواقف هناك يلتقط لهما الصور
______________
على صعيد آخر في منزل علي وإيمان
تحديدا في غرفة شريف لم يذق للنوم طعما منذ الأمس يفكر فيما فعله ، وردة فعل خاله ..ومرام يشعر بالقلق عليها بالطبع يعرف جيدا مرام تعشق تلك المواقع لحد الإدمان وقرار عمرو على الرغم من أنه صائب إلا أنه سيؤذيها هو غاضب ولكنه لا يرغب في أن يؤذيها شئ ، نفض الغطاء عنه ليهب واقفا ، توسعت حدقتيه حين تذكر مرام كان لديها هاتف صغير قديم لازال يحتفظ بالرقم ، التقط هاتفه يطلب رقمها القديم بعد بحث بسيط وجده ليطلب رقمها سريعا ، مرة واثنتين وثلاثة يسمع صوت رنين الهاتف دون رد ، إلى أن فُتح الخط أخيرا ليردف متلهفا :
-مرام أنتِ كويسة ، مرام ردي عليا ... عشان خاطري يا مرام ، أنا آسف والله ما أعرف أنا عملت كدة إزاي ، مرام ردي عليا
لم يسمع منها سوى شهقة بكاء عالية قبل أن تغلق الخط في وجهه ، ليزفر بعنف يلقي الهاتف جانبا .. لا يعلم على من يُلقي اللوم ، على مرام وما فعلت أو على كونه غضب للغاية حتى لم يعد يعرف ماذا يفعل ، أم على النور كانت السبب من البداية هي من ألقت بنفسها أمام سيارته وهو لأجل شهامته التي توقعه في المصائب دوما أحضرها معه للمنزل ومن هنا بدأت المشكلة ... تحرك صوب المرحاض بالخارج ليمر في طريقه على غرفة نور ، سمع صوت أنين يأتي من داخل الغرفة ... وقف مرتبكا لما تبكي ما الذي يحدث بالداخل وقف أمام باب الغرفة يدق الباب لمدة دقيقة لا رد ، صفع جبينه براحة يده وكأنه يتذكر كيف سترد من الأساس ... فتح مقبض الباب بهدوء ، جزء صغير يطل منه لداخل الغرفة ليجد نور تجلس على سطح الفراش تبكي .. حمحم يجذب انتباهها ، التفتت له رفعت يدها تمسح دموعها سريعا حين رآها .. ليدخل هو إلى الغرفة اقترب منها بحذر حمحم يحادثها :
-مالك يا نور بتعيطي ليه ، في حاجة ضايقتك
حركت رأسها للجانبين بعنف التقطت ورقة من الدفتر جوارها اغرقت دموعها سطح الورقة وهي تكتب له :
-أنا عايزة امشي من هنا
قطب جبينه ينظر لها متعجبا رفع وجهه إليه يسألها :
-ليه عايزة تمشي ، حد زعلك
حركت رأسها للجانبين بعنف من جديد تكتب :
- أنا آسفة أنا عملتلك مشكلة أنا آسفة
تنهد بعمق جذب مقعد جانبي يجلس جوار فراشها
استند بمرفقيه إلى ركبيته ينظر إليها ليرسم ابتسامة بسيطة على شفتيه يحادثها مترفقا :
- أنتِ مالكيش ذنب يا نور ، كفاية اللي أنتِ فيه
دلوقتي ، بس قوليلي أنتِ لسه فعلا متمسكة بقصة أنك هربتي من أهلك عشان عاوزين يجوزوكي والحوار دا
ابتلعت لعابها قلقا تتحاشى النظر إليه تومأ برأسها بالإيجاب مرة بعد أخرى تخط على سطح الورقة :
- أنت ليه مش مصدقني
قرأ ما كتبت فابتسم ولم يجيب تحرك ليخرج ليلتفت يسألها :
- أنا جعان تفطري ، ماما قالتلي أنك ما رضتيش تاكلي حاجة إمبارح
اخفضت رأسها خجلا، ماذا تقول معدتها تموء جوعا ولكنها تخجل من أن تقول ... أمسكت القلم تخط على سطح الورقة :
- أنا عاوزة ادخل الحمام
نظر لسطح الورقة ليحمحم مرتبكا ماذا يفعل ، حمحم يغمغم سريعا :
- ثواني هنديلك ماما
خرج من الغرفة ليجد والدته تقف في المطبخ ليقترب منها يغمغم مرتبكا :
-ماما ، نور عايزة تدخل الحمام
التفتت له وابتسمت تومأ له :
-ماشي يا حبيبي أنا هروحلها ، البت دي شكلها غلبان أوي يا شريف .... هو مين أخوها حد نعرفه
حمحم يغمغم سريعا:
- لاء دا واحد صاحبي لسه منقول قريب من بلد ريفي مش فاكر اسمها ايه
وقف في المطبخ يأكل قطع الخيار حين سمع صوت والدته تصيح باسمه ، ليتحرك إليها دخل إلى الغرفة لتبادر والدته قائلة :
-شريف معلش شيل نور لأنها مش قادرة تقف خالص ، وأنا مش هقدر اسندها لحد الحمام
حمحم محرجا ليتحرك لداخل الغرفة أقترب منها يهمس لها:
-معلش انا عارف إن الموضوع محرج ، بس هلاقيلها حل
اخفضت رأسها أرضا تكاد تبكي من الخجل حملها شريف إلى باب المرحاض أوقفها خارجا يستند جسدها بين أحضانه حرفيا ! ، رفعت وجهها إليه لتتلاقى أعينهم في لحظة تضاربت مقلتيها بمقلتيه ، ابتلع لعابه متوترا لتقترب والدته منهم تسندها لداخل المرحاض تغلق الباب في حين ظل هو خارجا حتى يُعيدها إلى فراشها ... شرد يفكر في تلك الفتاة الغريبة التي أوقع نفسه فيها .... لو كان فقط تركها لما كانت هناك مشكلة من الأساس ... أجفل على باب المرحاض يُفتح ووالدته تحاول جاهدة إسنادها ليقترب منهم سريعا حملها بين ذراعيه يعيدها للفراش ، خرج لوالدته التي تقف خارجا لتبادر إيمان تسأله :
- صحيح يا شريف ، هي أخوها عارف بموضوع الحادثة دا
حمحم مرتبكا لا يعرف ما يقول فلم يجد سوى الحقيقة المعدلة :
- لا يا أمي ، الذنب عندي أنا كنت رايح اخدها من على الطريق جنب بيتهم وببص يمين وشمال فما خدتش بالي منها وهي بتعدي وخبطتها
شهقت ايمان بعنف لتتسع حدقتيها تردف مذعورة :
- يا نهارك أبيض أنت اللي خبطتها يا شريف ، طب دا الحمد لله أنها جت على قد كدة وإلا كنت روحت في ستين داهية ، وهتقول لأخوها ايه لما يجي
والدته الطيبة صدقت ما قالت دون شك ، تنهد يغمغم يطمئنها :
- هقوله اللي حصل ، أنا وهو أصحاب جداا وبإذن الله مش هيحصل بينا مشاكل ، المهم أنتِ خلي بالك منها ، هي مكسوفة أوي دي ما كلتش حاجة من إمبارح
غمغمت إيمان سريعا تدافع عن نفسها قبل أن يظن ولدها أنها أهملت في ضيفته المريضة:
- والله يا ابني وأسأل أختك أنا اتحايلت عليها قد ايه ، بس أنت عارف أنا بعد كدة هزق عليها البت ليان تقعد معاها وياكلوا يمكن مكسوفة مني
ابتسم يومأ برأسه تحرك ليعود لغرفته لتمسك والدته بذراعه تردف سريعا :
-صحيح يا شريف قبل ما أنسى ، ابقى هاتلها الكرسي المتحرك دا يساعدها ، بدل ما تفضل شايلها وافرض أنت مش موجود هنعمل ايه
فكرة سديدة للغاية كان يبحث عن حل لتلك المعضلة وقدمته والدته ابتسم يوافقها الرأي ، قبل أن يدخل لغرفته يحاول الاتصال بمرام من جديد
______________
على صعيد آخر في منزل جاسر مهران لن تسمع سوى الزحام من هنا وهناك العدد كبير اليوم أسرة عاصم شقيق رؤى وزوجته وولديه ( حسين ومراد ) ، وأسرة ياسر ونرمين شقيقة جاسر ومعهم أولادهم الاثنين (أريج وجاسر )
بالإضافة لأولاد جاسر الخمس لأن رعد غير موجود ، هو الوحيد المتغيب عن ذلك الجمع الكبير
أمام الشاشة الكبيرة جلس كل من مراد ويوسف يمسك بأذرع التحكم الخاصة بتلك اللعبة الإلكترونية ... تعلوا صيحاتهم المتحمسة ، لكز مراد يوسف في ذراعه يغمغم ضاحكا :
- اخيرا يوسف الدحيح عمل حاجة غير المذاكرة وبتلعب كورة حلو ياض وغالبني أهو
ضحك يوسف ينظر لمراد ساخرا ، في حين تحركت عيني مراد يبحث عنها ولا أثر لتلك الجميلة البائسة منذ أن جاءوا وكأنها تتعمد الاختباء عن عينيه ..
أما هناك على طاولة الطعام الكبيرة فرد حسين التصميم ليبدأ هو وچوري العمل عليه ...
اجتمع عاصم وجاسر وياسر يتحدثون عن أحوال العمل ، واجتمعت رؤى ونرمين وحلم يثرثرون حول ما حدث في الايام الماضية من أكبر الأحداث لأصغرها
وخرجت اريج الى الحديقة حيث الارجوحة الكبيرة تلتقط هناك الصور ، وانزوت مريم في غرفتها كعادتها
عند السيدات ... اللاتي اجتمعن في غرفة المعيشة أمام التلفاز الصامت كل منهن تدلي بدلوها تنهدت رؤى يملئ قلبها الحسرة والألم خاصة حين فتحت غرفة رعد صباحا ولم تجده ، رعد كان يحب تلك التجمعات كثيرا وها هو الآن ليس بهنا من الأساس ، ربطت حلم على كف يدها برفق تسألها :
-مالك يا رؤى من ساعة ما شوفتك وأنتِ شكلك حزينة ومهمومة
وافقتها نرمين لتتنهد رؤى بحرقة تدمع عينيها تخرج لهم كل ما يجثم على قلبها من قلق :
-أنا مش عارفة أعمل إيه ... كل اللي في البيت حاله مش عاجبني ، رعد وجاسر وعلاقتهم بقت زي الزفت ورعد ساب شركة جاسر وبقى ما بيرضاش يتكلم معاه حتى والصبح دخلت أوضته ما لقتوش وبتصل بيه ما بيردش ، ومريم صعبان عليا قلة ثقتها في نفسها وأنها شايفة نفسها دايما أقل من غيرها ... مهما حاولت أتكلم معاها هي مش مقتنعة بكلامي
قاطعتها حلم تردف ضاحكة تحاول التخفيف عنها قليلا :
-والبت چوري بنتك مدوخة الواد ابني وراها لما شعره هيشيب وهو في عز شبابه
ضحكت رؤى لترفع يدها تمسح قطرات دموعها
تغمغم قلقة :
-ويوسف كل ما اشوفه الاقيه سرحان مش عارفة ماله هو كمان وبقى بردوا هو كمان بيقعد لوحده أغلب الوقت دا حتى ما بقاش بيقعد يذاكر مع أخته .. نكدت عليكوا معلش بس أنا مش عارفة أعمل ايه
في اللحظة التالية انفجرت تبكي لتهرع حلم تجذبها لأحضانها تهدئها ... قامت نرمين سريعا خرجت من الغرفة اقتربت من حيث يجلس شقيقها وقفت بعيدا قليلا تشير له ، ليستأذن منهم تحرك إليها يسألها قلقا :
-في أي يا نرمين مالك يا حبيبتي
تنهدت نرمين حزينة لتردف تعاتبه :
-جاسر أنا عارفة أن فضل عندك هاجس من اللي حصلنا زمان أن رعد يبقى نسخة منك ، بس أسلوبك القاسي عليه جه بالعكس دلوقتي ... وعليه يا جاسر أنت لازم تصلح اللي حصل وتلم على ولادك وتصالح رعد ، تعالا بسرعة شوف رؤى عشان منهارة من العياط
توسعت حدقتيه فزعا ما أم سمع ما تقول ليهرع إلى الغرفة حيث رآها هناك تبكي بين أحضان زوجة أخيها أقترب منها متلهفا يسألها قلقا :
-مالك يا رؤى بتعيطي ليه يا حبيبتي ، في اي
استأذنت حلم وخرجت وتركتهم ليجلس جاسر مكانها يأخذها بين أحضانه يمسح على حجابها يغمغم قلقا :
-طب بتعيطي ليه ؟ ... حصل ايه يا حبيبتي عشان رعد يعني ... يا ستي هعتذرله وابوس راسه واراضيه قدام الدنيا كلها ، ما تعيطيش أنتِ بس عشان خاطري ، طب عشان خاطر سليم وياسين ... شايفة واقفين هناك بيبصولك إزاي
رفعت رأسها من بين أحضان جاسر لترى الصغيرين يقفان هناك ينظران اليهما خائفين يبكيان فتحت ذراعيها لهما ليهرعا إليها ، أخذتهم بين أحضانها ، ليتحدث سليم :
-ماما أنتِ عيطي ليه ، ما تعيطيش
لينظر ياسين إلى جاسر يقطب جبينه يتحدث غاضبا :
- بابا زعلها زي ما زعل رعد حبيبي .. بابا وحش الفتاة الدعسوقة هتيجي تحبسه
توسعت حدقتي جاسر ذهولا لتضحك رؤى تقبل الصغيرين :
- لا يا حبايبي بابا ما زعلنيش ، أنا كويسة يلا روحوا العبوا مع أريج على المرجيحة على ما اخلص الأكل
وخرجا يركضان ، أمسك جاسر بيد رؤى برفق يجذبها عن الأرض ، وقفت أمامه ليبسط كفه يمسح دموعها عن وجهها يردف :
- أنتِ ما تعرفيش أنا حصلي ايه لما نرمين قالتلي أنك بتعيطي ، اوعي تعيطي تاني يا رؤى
عشان خاطري
اومأت برأسها بالإيجاب تطرق رأسها أرضا ليبسط كفه أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه يحادثها :
-بعد ما الناس تمشي ، لينا قاعدة طويلة مع بعض عشان أعرف كنتي بتعيطي ليه .. ماشي
وإن لم توافق سيفعل في جميع الأحوال ، قبل جبينها يمسح على رأسها برفق يغمغم مبتسما :
-كل حاجة هتبقى تمام ما تشيليش هم حاجة وأنا جنبك
تركها وخرج من الغرفة لتلتقط أنفاسها تحاول أن تهدئ لا تعرف لما انهارت بتلك الطريقة ، رأت نرمين تدخل بصحبة حلم لتحادثهم بما يشبه ابتسامة :
- تعالوا نروح المطبخ نشوف الأكل خلص ولا لسه ، هتلاقيهم واقعين من الجوع
أما هناك عند جاسر وعاصم وياسر ... نظر ياسر صوب ولده الجالس بعيدا منعزلا منذ أن جاءوا يضع سماعات أذنيه يوجه أنظاره لشاشة هاتفه ليغمغم يجذب انتباهه:
-جاسر ما تيجي تقعد معانا قاعد لوحدك ليه
رفع جاسر وجهه عن شاشة هاتفه يزيح احدى سماعات أذنيه ليعتذر منه :
-معلش يا بابا معايا حالة
تنهد ياسر يومأ له ليلتفت لهم يغمغم يائسا :
- الواد دا هيجنني على طول منعزل ، أنا ما انكرش أنه دكتور شاطر وناجح بس ليه طقوس غريبة كدة ... أنا أحيانا بقلق من طريقته في العلاج وبقلق أكتر ليكون ... لا أكيد ما عندوش حاجة هي مجرد هواجس مش أكتر
ضحك عاصم يصدم كتفه بكتف ياسر يغمغم ضاحكا :
-يا عم ما تأفورش ما الواد زي الفل أهو ، ولا هو عشان كل منك السوق ، تعالا شوف العاهات اللي عندي ... واحد بيجري ورا بنت الراجل دا ولا قيس وليلى وطول الليل مشغل عبدالحليم .. والتاني ساقط وهيشلني ومش عايز يتعلم ولو ما نجحش السنة دي هبيعه قطع غيار في السوق السودا
ابتسم جاسر يحاول الاندماج معهما في الحديث وعقله هناك عند رعد ، يفتقد وجوده بينهم الآن .. وفي الأغلب كان سيكن هناك يجلس مع جاسر ابن شقيقته يتحدثان ، أجفل مرتبكا حين نظر جاسر ابن شقيقته إليه لا يعرف لما ولكنه شعر في لحظة أنه رأى شيطان قديم يعرفه جيدا يتقد داخل مقلتيه وربما هو فقط يتوهم ، بالطبع يتوهم زفر أنفاسه بعنف يعلو بصوته :
- ايه يا أهل الدار ما فيش غدا ولا ايه الواحد وقع من الجوع
سمع صوت نرمين من المطبخ :
-عشر دقايق وهيبقى جاهز ... قول لچوري وحسين يشيلوا ورقهم من على السفرة
تحرك جاسر ليقوم ليمسك عاصم بيده يردف :
-هقوم اشوفهم عملوا إيه
هناك عند طاولة الطعام الكبيرة وقفت چوري أمام التصميم لتحرك رأسها للجانبين تغمغم :
- لاء الممر الخارجي عالي أوي من الجنبين وهما عايزين تصميم تقليدي بسيط ... صحيح بنحاول نضيفله روح جديدة بس كدة قلب ممر شرفي ، ممكن أعرف وجهه نظرك من الجنبين دول
ابتسم حسين هو الآخر كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا :
- ملحوظة بس أنتِ اللي راسمة تصميم الجنبين وأنا قولت هعدله قبل ما نديله للحج اللي ساحلنا
توسعت حدقتي چوري في ذهول متى رسمته ، ربما بالأمس حين كانت شبه نائمة ، حمحمت تشعر بالحرج لتلتقط الممحاة تشرع في مسح تلك الخطوط حين دق هاتفها ، أخرجته من جيب سترتها لتقطب جبينها حين رأت رقم غريب غير مدون لديها ... نظر حسين لها يغمغم :
- مين ؟
رفعت كتفيها علامة على أنها لا تعلم ، ليمد حسين كفه صوبها يغمغم:
-تحبي أرد أنا
لم تعجبها الفكرة إطلاقا ، لما يجيب على هاتفها من الأساس وقبل أن تعترض جذب الهاتف من يدها يفتح الخط يرد :
- ايوة مين معايا
ليمسع الطرف الآخر يغمغم متوترا :
-هو مش دا رقم باشمهندسة چوري أنا زين زميلها في الشركة
احتدت مقلتي حسين غضبا ، نظر لچوري ليراها تقف تشتعل غضبا مما فعل الأحمق اعطى لنفسه الحق بأن يفعل ما لا حق له ..
رسم ابتسامة صفراء على شفتيه يغمغم من بين أسنانه :
- سوري يا باشمهندس زين ، چوري مش فاضية ترد عليك
توسعت حدقتي چوري الوقح ماذا يقول وفي اللحظة التالية أغلق الخط في وجهه لتنفجر تصرخ في وجهه :
-أنت مين أداك الحق أنك تاخد من الموبايل وترد عليه ، أنا عايزة ايه التناكة اللي أنت فيها دي عشان هو موظف عندك يعني وأنت ابن صاحب الشركة ، آخر مرة يا حسين تتعدى على حاجة تخصني من غير إذني ... ال
وصمتت مجبرة حين اقترب عاصم والده منهم يغمغم مستنكرا :
- في اي يا أولاد ، انتوا بتزعقوا ولا بتشتغلوا وروني عملتوا ايه في التصميم
ابتلعت چوري صوتها مرغمة في حين أقترب عاصم منهم نظر للتصميم أمامه يعطيهم بعض الملاحظات ... قبل ان ينظر إلي كليهما كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا :
- كنتوا بتتخانقوا ليه بقى ما الشغل زي الفل اهو
اشاحت چوري بوجهها بعيدا ترفض الرد لينظر عاصم إلى حسين رفع حاجبيه يتهكم منه ليقترب منه يتمتم ساخرا :
-أنا قولتلك أنك جلنف ما صدقتنيش
حمحم بصوت عالي يحادثهما معا :
- لموا الورق يلا وتشيلوه كويس بعيد والمرة على الله يقع عليه محشي ولا بشاميل هروح فيكوا في داهية
- جووووووووووون يا معلم يا معلم يا معلم والله وعملوها الرجالة اخيرا جبت فيك جون دا أنت ساحلني أجوان من الصبح
صرخ بها مراد عاليا ليصل صوته لجميع من في البيت زفر عاصم يائسا يصدم جبينه براحة يده من ذلك الأحمق
بعد قليل التف الجميع حول طاولة الطعام وأخيرا نزلت مريم من غرفتها جلست جوار والدتها لتبتسم الأخيرة لها تربت على كف يدها تهمس لها :
-على فكرة أنا زعلانة منك عشان ما نزلتيش تقعدي معانا وطول النهار حابسة نفسك في أوضتك
ارتبكت مريم تتحاشي نظرات مراد المخترقة لها لتهمس لوالدتها :
-كنت بذاكر يا ماما
واخيرا دخلت أريج من الحديقة نظرت مريم إليها لتبتلع غصة مؤلمة تخنقها ، أريج الجميلة الرشيقة صاحبة الغمازات والأعين الواسعة ذات اللون الجذاب ، جميع فتيات العائلة يتيمزن بالجمال عداها هي ، اخفضت رأسها إلى الطبق أمامها ... ليزفر مراد حانقا هو الوحيد تقريبا الذي فهم نظراته صوب أريج ... الغبية دوما ما تقنع نفسها أن جميع الفتيات أجمل منها وأنها اقبحهن ... مال جاسر صوب مراد يهمس له :
-عينيك فضحاك على فكرة خد بالك عشان خالك ما ياخدش باله
وعلى العكس لم يرتبك مراد بل هم لجاسر حانقا :
- يا سيدي ياريت ياخد باله ، دي هتشلني ... واخدة مفك ابن لذينة في ثقتها في نفسها ، دا أنا لمحتلها من بعيد أن أنا معجب بيها ، افتكرتني بتريق عليها وقال ايه في بنات كتير أحلى منها هحبها هي على ايييه ، نفسي اقوم امسكها من قفاها والزق وشها في المراية واقولها بصي يا عامية
ضحك جاسر رغما عنه ... مراد العاشق الوله في الصف الثالث الثانوي ... حمحم يهمس له :
- تحب أكلم خالك يجيبها عندي العيادة شهر واحد وهخليها ماشية في الشارع متأكدة أنها انجلينا چولي
توسعت حدقتي مراد يحرك رأسه للجانبين بعنف يهمس في حدة :
- لا يا عم أنت وجلساتك المجنونة دي ، وبعدين أنا سمعت أن معظم البنات اللي بتعالجهم بيوقعوا في حبك بعد ما بتخلص العلاج ، اجبهالك تعالجهالي ، تخلص علاجها الاقيها بتقولي سوري يا مراد أنا بحب جاسر وابقى كلاون
تلك المرة انفجر جاسر في الضحك لينظر له الجميع متعجيب منه ، جاسر دوما هادئ بشكله يجعله مستحيل أن يضحك في تجمع عائلي
وقبل أن يبرر هو سبب ما يحدث دق هاتفه التقطه يستمع إلى الطرف الآخر لتتسع حدقتيه هب من مكانه يغمغم سريعا :
- أنا جاي حالا
وأغلق الخط وهرع يركض خارج المنزل خلفه مئة صوت يهتف باسمه يسأله عما يحدث
________________
- يالهوي نزلوني والنبي ، والنبي نزلوني ... إحنا بندفع فلوس عشان نعمل في نفسنا كدة ليه ... يا رعد والنبي قوله يوقفها وينزلي قلبي هيقف والله
صرخت طرب تنتحب وهي تجلس على مقعد اللعبة التي ترتفع بها إلى عنان السماء ورعد يجلس على المقعد على جواره يضحك على ما تفعل يحاول تهدئتها :
-بس يا طرب ، يا بنتي بس فضحتنيا
- نزلني والنبي يا رعد ، يا عم يا بتاع اللعبة وقفها وحياة أمك ... حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا رعد منك لله
توسعت حدقتي الأخير ذهولا ليغمغم :
-دا على أساس أن أنا اللي قولت نلعب دي ، دا أنا قولتلك بدل المرة ألف بلاش شكلها صعبة وأنتِ اللي اصريتي
- عشاااان غبية أنا غبية والله غبية ، نزلوني بقى
واخيرا توقفت اللعبة ، نزع رعد حزام الامان من حوله ليقفز من على المقعد أقترب منها سريعا ليراها تميل برأسها على أحد جانبي المقعد تمد يديها إليها تغمغم :
-خد بإيدي يا إبني يسترك ربنا ، ركبي مش حاسة بيها ، مالها سفينة نوح ركبناها تسع مرات ولعبة زي الفل دي ليفل الوحش عندي في الشجاعة
ضحك رعد يفك الحزام لها يساعدها على النزول لترتعش قدميها تشبثت بذراعه كي لا تسقط ابتعد بها عن اللعبة قليلا ليجدها تقف فجاءة استندت على جزع إحدى الأشجار المجاورة أقترب منها قلقا يسألها:
- مالك يا طرب أنتِ كويسة
حاسة إني هجيب كل اللي في بطني
غمغمت بها متعبة قبل أن تميل جوار الشجرة تتقئ بالفعل ... انتفض قلقا لا يعرف ما يفعل ليقترب منه عامل تلك اللعبة يعطيه زجاجة مياه يغمغم قلقا :
- اوعى تكون المدام حامل وركبت اللعبة دي يا أستاذ
توتر من جملة الحارس ليحرك رأسه نفيا سريعا ليربت الأخير على كتفه يغمغم :
-يبقى ما تقلقش ناس كتير بتنزل من اللعبة حالها كدة
وتركه وغادر ، مد جاسر يده لها بالمياه يفتحها لتأخذ القليل في كفها تنظف فمها وملابسها ... وقفت لتشعر بالدوار من جديد لترتمي على صدره قبل أن تسقط ، انتفض من حركتها يغمغم مرتبكا :
- طرب ما ينفعش كدة ، أنا عارف أنك دايخة تعالي اقعدي
اسندها إلى أقرب مقعد جلس جوارها هناك حتى تحسنت ، نظرت إليه تتمتم خجلة :
- أنا آسفة والله ما كنش قصدي أنا فعلا كنت دايخة
ابتسم كي لا يحرجها يغمغم سريعا:
- طب يلا نروح ناكل ونرجع نركب سفينة نوح للمرة الخمسمية
ضحكت تقف تتحرك معه إلى أقرب مطعم لينظر رعد إليها يغمغم ساخرا :
- اللي يشوفك قبل ما تطلعي وأنتي بتقولي دي لعبة تافهة خالص هما بيصوتوا ، ما يشوفكيش لما قلبتي بطة بلدي بتدبح فوق ...
ضيقت طرب حدقتيها تنظر إليه حانقة لتفتح زجاجة المياه التي معها ترش عليه القليل تغمغم حانقة :
- أنت بتتريق عليا يا رعد طب أهو
ضحك الأخير عاليا يحاول تفادي ما تفعل ، ليدخلا إلى المطعم سريعا قبل أن يخرج أحدهم هاتفه ويصور ما يحدث ويرفعه على أحد مواقع التواصل الإجتماعي تحت عنوان ( مجانين العشق ) عنوان مبتذل لمقطع فيديو سيحصد ملايين المشاهدات من الجيد أن كل ذلك لم يحدث
جلسا سويا على إحدى الطاولات يلتقط رعد منديل يمسح المياه عن ثيابه ألقاه عليها يغمغم حانقا :
-يا مجنونة غرقتيني
ضحكت تلاعب حاجبيها عابثة ليضحك على ما تفعل تلك المجنونة ، التقط قائمة الطعام يختاران منها حين سمع كلاهما صوت يأتي من خلفهما لأحد الشباب يحادث صديقه:
-مش دي الرقاصة ياض اللي شوفناها في الكبارية إمبارح ، دي عليها تقسيمة توقف شارع بحاله !!!!!
_______________
في سيارته ضغط على المكابح بعنف ، أوقف السيارة وقفز خارجها ، دخل إلى المستشفى يركض يهرول إلى غرفة سامر ... قبل قليل أخبرته المستشفى أن سامر دخل في حالة هياج شديدة ، كان على أتم ثقة أن ذلك سيحدث ولكن ليس بتلك السرعة ... سيبدأ الصراع بين النفس الخاملة الراكدة المستسلمة وشغلة الحياة التي بثها في العقل ... العقل المهيمن بات مشتت جزء رافض الحياة والآخر يستيقظ لها والنفس الراكدة تحاول جذبه للنوم من جديد ، والمسكين بينهما لا يعرف ما يفعل يحاول ويستسلم ويحاول ويستسلم ، هرع يركض إلى غرفة سامر ، رأى أحد الأطباء من القسم يعرفه وجواره ممرض والطبيب يحادث الممرض :
- أول ما ندخل تكتفه وأنا هديله المهدئ
توسعت حدقتيه ليتنفض يهدر محتدا :
-ايه يا جماعة جو الأفلام العربي دا ، هو اللي جوا مدمن ، لو سمحتوا ابعدوا عن الأوضة أنا هتصرف ، لو سمحت يا دكتور سمير اتفضل
نظر الطبيب له حانقا ذلك المتحذلق يظن أنه أفضل منهم لأنه ابن مدير المستشفى فقط ، التفت له يحادثه غاضبا:
- أنت مش من حقك تقولي اتفضل يا جاسر ، أنت لسه دكتور صغير ما عندكش الخبرة اللي عندي وعندنا كلنا
تأفف جاسر حانقا الوقت ليس بالمناسب إطلاقا مع صوت صرخات سامر ... ابتسم جاسر يغمغم بهدوء تام :
- لو على الخبرة ، فالخبرة اللي عندي تتعمل كتب ومراجع وابقى اقراها عشان تتعلم منها ، وأنت عارف أنها مش بالسن يا دكتور سمير .. اللي جوا دا مش مدمن عشان تكتفه وتديله مهدئ وكل ما نفوق نكتفه ونديله مهدئ إحنا كدة بندمره مش بنساعده ، لو سمحت دي الحالة بتاعتي بقرار من الدكتور ياسر نفسه وبعد إذنك اتفضل
ونظرة حادة غاضبة تتأجج حقدا ألقاها سمير على جاسر قبل أن يتركه ويغادر ، ابتسم الأخير ساخرا .... أخرج المفتاح من جيبه يفتح باب غرفة سامر ليراه يجلس في أحد أركان الغرفة يضم ركبيته لصدره يتحرك للأمام وللخلف يحادث نفسه مشتتا ، وقف بالقرب منه يحادثه بنبرة مترفقة :
- سامر ، مالك يا صاحبي
رفع سامر وجهه ينظر لجاسر وكلمة صديقي تدق في أذنيه بعنف لتزيده تشتتا ، قام من مكانه وقف أمام جاسر يحرك رأسه للجانبين بعنف ارتعشت شفتيه يصرخ فيه :
-إحنا مش أصحاب ، ابعد عني أنت عايز مني ايييه ، سيبني في حالي .. أنا كنت كويس قبل ما اشوفك
لم يبتسم حتى رسم التأثر جيدا على قسمات وجهه يغمغم حزينا متأثرا :
- ليه ، أنا زيك ماليش أصحاب ... دا أنا قولت أخيرا لقيت صديق ، ليه عايزني أبعد يا سامر
اهتزت حالة الهياج تلك لتتراجع وتراجع معها سامر خطوتين للخلف وبدا حقا متوترا ليبتسم جاسر في نفسه وبدا حزينا متأثرا ولم ينطق بحرف ، تخبط سامر حول نفسه يبدو أنه يفكر وربما يصارع شئ ما بداخله ، إلى أن التفت صوب جاسر يصرخ فيه بحرقة :
-ابعد عني ، أنا مش عايز أعرف حد ، أنا عايز أموت ... أنا لازم أموت زي ما هي ماتت ... هي مش مسمحاني أكيد ، أنا السبب في موتها ، أنا اللي قتلتها ....أنا عايز اروحلها ... وحشتني ، وحشتني أنا اللي قتلتها ، بأيديا
رفع ذراعيه أمام وجهه ينظر لهما ليجهش في البكاء بعنف ، في اللحظة التالية دون سابق إنذار قبض بيديه على عنقه ، انتفض جاسر يهرع إليه يحاول أن يزيح يديه من على عنق سامر الذي يبدو أنه أقسم على أن يزهق روحه بيديه ، يديه كانت تشتد أكثر وأكثر لدرجة أن جاسر عجز عن فك يديه ، ليمسك بكتفيه يهزه بعنف يحادثه منفعلا :
- سامر اسمعني يا سامر اللي أنت بتعمله غلط ، أنت كدا مش هترتاح ، موتك مش هيرجع اللي فات ، أنا وأنت عارفين كويس أنك مالكش ذنب في موتها فك أيدك يا إبني هتمووووت
لا حل مع ذلك الأحمق الذي يعتصر رقبته بيديه سوى ما فعل جاسر كور قبضته يصدم في معدته بعنف ليزفر الأخير الهواء بقوة ينحني متألما ... قبل أن يرفع وجهه لجاسر وبعنف كان يلكمه في وجهه ارتد جاسر عدة خطوات للخلف ليشعر بخط ضئيل من الدماء ينزل من جانب شفتيه ، مسحه بأصابعه يغمغم ساخرا :
- حلوة الضربة دي بتردهالي ، اترمي بقى اقعد
لم يعيره سامر انتباها فقط أشاح بوجهه بعيدا ، ليقترب جاسر منه يدفعه محتدا إلى الفراش خلفه ليسقط الأخير جالسا عليه ينظر لجاسر غاضبا ، جذب الأخير مقعدا يجلس أمام سامر حاول سامر أن يبتعد من جديد ليقبض جاسر على ذراعه يجذبه بعنف ليعود مكانه يغمغم يحادثه مترفقا:
- بقولك ايه اقعد ، أنت ما تعرفش أنا انقذتك من ايه ، كان هيدخلك ممرض شبه الدولاب قدي 5 مرات يكتفك وتاخد مهدئ وتفضل مرمي زي الميت على السرير ، ولو مالقوش منك نتيجة احتمال الدكتور سمير الغريب دا يخليك تاخد جلسات كهربا ، صحيح الجلسات الكهربا مش مرعبة زي أفلام الرعب وفي الأغلب مش هتحس بيها أصلا ، بس ليه كل دا ، ليه تاخد جلسات كهربا اصلا ليه تعيش على المهدئات وأنت في أيدك تعيش حياة طبيعية ليه تختار العذاب وأنت في أيدك الراحة ، سامر أنت ليه بتعمل في نفسك كدة ، أنا واثق أنك من جواك عارف أنك مالكش ذنب في حادثة والدتك ... بس في جزء مضلم جوا بيحاول يشدك عشان يغرقك جواه ، أنت لسه ما غرقتش رجليك بس اللي دخلت جوا شدها وخرجها
وصمت يراقب رد فعل سامر على ما قال ليرى حدقتيه تهتز ، وملامح وجهه تتبدل تارة حزين على وشك البكاء وتارة هادئة وأخرى خاوية
ضغط جاسر على جرس استدعاء احدي الممرضات الموجود جوار فراش سامر ، مرت عدة لحظات قبل أن تدخل إحدى الممرضات التفت جاسر لها يردف :
- هاتيلي ( .........) من الصيدلية اللي في مكتبي
اومأت الممرضة سريعا لتخرج من الغرفة لينظر سامر ساخرا إلى جاسر يردف متهكما :
-طب ما أنت كمان جايبلي مهدئ أهو ، اختلفت ايه بقى عنهم
ضحك جاسر يحرك رأسه موافقا قبل أن يردف يتهكم منه :
-يا دكتور يا بتاع صيدلة أعتقد أنك أكيد مذاكر وعارف أن في أكتر من نوع مهدئ ، يعني مثلا اللي دكتور سمير كان هيدهولك كان هينيمك سطيحة
قام من مكانه حين جاءت الممرضة يأخذ منها المصل يعبئه يردف مكملا :
- إنما دا كل اللي هيعمله أنه هيرخي أعصابك شوية بدل ما تقوم تحدفني بكرسي ولا حاجة
أشاح سامر بوجهه حتى لا يراه جاسر وابتسم ، ليرى جاسر يقترب يجلس على المقعد أمامه من جديد يطلب منه إزاحه كم قميصه لأعلى ، ليجد نفسه يفعل ذلك دون مقاومة أو اعتراض ، وشعر بوخزة سن المحقن حين ضربت ذراعه ليقطب جبينه متألما وقبل أن يردف محتدا ساحظا أردف جاسر ساخرا :
-هو أنت خطيبتي ياض لما تعوز تضحك تلف وشك الناحية التانية عشان مكسوف تضحك قدامي ، أسد يلا في إيه
ابتسم سامر ساخرا يشعر بأعصابه تُرخى شيئا فشئ ببطء يمنحه القليل من الهدوء ، امتدت يد جاسر إلى جهاز التحكم يفتح إحدى القنوات ليجد مسرحية قديمة يحبها تخطت المنتصف تقريبا لينظر لسامر يغمغم حانقا :
-عجبك كدة ضيعتها عليا ، بقالها كتير ما جاتش دي ...وأنا ما بحبش اشوفها على اللاب ، رمضان بطيخة بقى مونامور
ونظر جاسر صوب التلفاز وكأنه يوجه تركيزه بالكامل إليه ، لما حتى يظن سامر حين يستيقظ أنه نام وهما يشاهدان المسرحية ليس بفعل المهدئ الذي حقنه به قبل قليل ، كم يحب ذلك المهدئ هادئ مثله يعمل بتروٍ وكأنه يسقط في نوم طبيعي وسيستيقظ منه بعد ساعات ، لمحت عينيه عيني سامر وهي تُغلق ليعاود فتحها سريعا يتابع المسرحية ، إلى أن انغلقت عينيه ونام أخيرا دون جدال ... قام جاسر يتحرك لخارج الغرفة يغلق بابها بالمفتاح الذي بحوزته ... ليتحرك إلى مكتبه ارتمى على مقعد مكتبه يلتقط أنفاسه ، فتح هاتفه ينظر للمحادثة الأخيرة بينه وبين مليكة ليشعر بالغضب يعتريه تلك الحية لن يتركها عليه إيجاد فكرة أخرى أن لم يسافر هو لها ستأتي هي له ولكن كيف ؟! ، نفض انتقامه من مليكة جانبا مؤقتا يبحث عن رقم صديقة رقية التي كانت تدعي هالة تقريبا أخيرا وجده ليطلب الرقم لحظات واجابت ليغمغم هو مبادرا :
-مساء الخير يا آنسة هالة أنا آسف على الإزعاج ، في إمكانية أنك تجيبي رقية وتقبليني في كافية (.....) في المهندسين
بعد ساعتين بالظبط
واقفن ولم تعترض ليبتسم يكمل :
- تمام جداا ، بعد ساعتين بإذن الله ، مع السلامة
أغلق الخط وتوجه إلى شرفة مكتبه التي تطل على الحديقة لتقع عينيه على السيدة كاميليا ، تلك السيدة العجوز هنا منذ أعوام طويلة ، لم تتحدث مع أحد سوى مع شقيقته أريچ المجنونة... هو على أتم ثقة أن تلك السيدة تحمل سرا ما ، خرج من غرفة مكتبه ينزل لأسفل ، رآها تجلس على مقعد جوار طاولة صغيرة في بقعة فارغة نائية من الحديقة .. توجه إليها تلك السيدة من النظرة دون الحاجة لاستخدام الذكاء ستكتشف أنها سيدة ارستقراطية من الطبقة المخملية الراقية لذلك حين أقترب منها انحنى أمامها قليلا يحيها بطريقة مسرحية ليجذب كف يدها يقبله كما كان يفعل النبلاء
يغمغم مبتسما:
-مساء الخير يا كاميلا هانم ، اسم حضرتك الأصلي كاميلا مش كاميليا ، اسم إيطالي مميز لبرنسيس
جاسر ماهر للغاية في جذب انتباه العقل ، نظرت السيدة له بريبة ليردف مبتسما:
-أنا جاسر أخو أريج ، أريج موصياني إني أوصلك سلامها وبتقولك أن حضرتك وحشتيها جداا هي بس عندها إمتحانات ومش عارفة تيجي تشوفك ، عن إذن حضرتك
وتحرك ليغادر وراقبته كاميلا بأعين ترتجف تدمع ، ذلك الفتى ذكرها بكاميلا الجميلة التي كان ينحي الرجال احتراما لجمالها الخلاب
ذكرها بزوجها الذي لم تحب في حياتها أحدًا بقدره وكان جزاء الحب الخيانة والغدر وموت ابنتيها الصغيرتين ، سالت دموعها تغمض عينيها ، فتحت كف يدها لتظهر صورة لفتاتين ابنتيها وتحت الصورة كُتب اسم كل منهن ( طرب وملاك ) !!!!
________________
أما هناك حيث رعد وطرب ، جلست طرب على المقعد ترتجف تنهمر دموع عينيها تحتضن جسدها بذراعيها ، كل ذرة بها تنتفض لا تصدق ما حدث قبل قليل ... انتفضت حين امتدت يده بزجاجة مياه وعلبة عصير أمام وجهها أعطاهم لها يغمغم مترفقا :
-خدي اشربي شوية ماية واهدي ، دول عيال زبالة ما شافوش رباية
لفت طرب رأسها إليه تنظر له حزينة تدمع عينيها قهرا لو فقط يعلم الحقيقة ! ، تذكرت ما حدث قبل قليل
Flash back
-مش دي الرقاصة ياض اللي شوفناها في الكبارية إمبارح ، دي عليها تقسيمة توقف شارع بحاله
أصفر وجهها لتهرب الدماء من جسدها ، تجمعت الدموع في حدقتيها تحرك رأسها للجانبين تحاول أن تخبر رعد أنهم كاذبون ، حتى وإن كانوا غير ذلك ... كور رعد قبضته غضبا خاصة حين أردف الشاب الآخر :
-لا يا عم مش هي التانية كانت أوكرانية
التفت الشاب إلى صديقه كاد أن يخبره أنه هو من جاء متأخرا ولم يرى عرضها الذي سبق عرض الراقصة الأوكرانية حين هب رعد واقفا ليتجه إليهم قبض على ثياب أقربهم إليه يجذبه إليه يصرخ في وجهه :
- قسما برب الكون لو لمحت خلقة واحد فيكوا بعد ثانية هسمح بيه الأرض ، هي مين دي اللي رقاصة يا زبالة
ودفعه بعنف ليسقطه أرضا ، ليجذب الشاب. الآخر صديقه يتحركان سريعا لخارج المطعم ، التفت صوب طرب ليراها تبكي بعنف ، اقترب منها خطوة واحدة لتهرع إلى خارج المطعم هي الأخرى جلست على مقعد جانبي ترفع كفيها إلى وجهها تبكي وهو يقف بالقرب منها ينظر لها مشفقا حزينا على حالها تحرك إلى أحد المتاجر القريبة يشتري لها زجاجة ماء وعلبة عصير وعاد إليها
Back
هدأت قليلا تشرب المياه مرة بعد أخرى ، قبل أن تلتفت لرعد الذي يجلس جوارها ينظر لها حزينا تنهد يهمس :
-طرب لو عايزة نروح ، أنا بجد آسف على الكلام السخيف اللي قالوه عنك دا
يعتذر منها لو فقط يعلم أن ما سمعه حقيقة لن ينظر إليها من جديد مسكين رعد ، رفعت يديها تمسح دموعها لترسم ابتسامه صغيرة على شفتيها:
-أنا خلاص بقيت كويسة ، تعرف أنت لما قومت عشان تتخانق معاهم وزعقلتهم بجد حسيت أن ليا ضهر
ابتسم محرجا يرفع يده يضعها على رقبته ، في حين هبت هي تمسك بكف يده ، ليجذب يده من يدها يتنحنح ، لتردف هي متحمسة:
- يلا نروح نكمل لعب اليوم دا مش هيتعوض تاني
____________
وصل إلى المقهى الذي أخبرهم عن عنوانه متعمدا أن يصل مبكرا قبلهم توجه إلى أحدي الطاولات جلس هناك يطلب من النادل فنجان قهوة ، نظر لساعة يده الساعة الآن السادسة مساء مر اليوم سريعا دون حتى أن يلاحظ ، تنهد بعنف يضطجع إلى ظهر مقعده ينقل عينيه بين هنا وهناك إلى أن لفت انتباهه مشهد قد يبدو لمن يراه عاديا إلا أنه أثار داخله الكثير ، مشهد حين تنظر إليه من الخارج ستجد رجل وفتاة ، أما هو فكان يدقق النظر في التفاصيل
الرجل في منتصف الأربعينات تقريبا يمتزج شعره الأشيب بما تبقى من سواد الشباب ، يبتسم للجالسة أمامه تبدو ابتسامة لطيفة ولكن صفي أسنانه مغلقين يشدد عليهما إذا هي ابتسامة غاضبة محتدة يديه تقبض بعنف على الشوكة والسكينة ، المفاتيح والمحفظة والهاتف جميعهم جواره بنظام محدد ، حين وضع الشوكة من يده حرص على وضعها بدقة على الطبق ، مد يده يمسح بقايا الحساء الملتصقة جوار ثغر الفتاة ، تحركت عينيه إلى الفتاة الجالسة أمامه ، على أغلب تقدير من سيراها سيظنها ابنته ، ولكنه حين دقق النظر إلى التفاصيل رأى خاتم زواج يلمع في يدها اليسرى ! ، رفع عينيه إلى وجهها ملامح وجه الفتاة لا تدل أنها تزيد عن السابعة عشر ... نظرات عينيها مضطربة يغلب عليها الخوف خاصة حين امتدت يد الرجل إلى وجهها رأى كيف عادت للخلف سريعا ، مما يعني أنها تتعرض للتعنيف كثيرا وتلك ردة فعل تلقائية ملابسها المغلقة ربما تُخفي خلفها الكثير من علامات الضرب ، حين أبعد الرجل يديه عن وجهها حركها على شفتيها السفلى أولا لتبصر عينيه شق جرح في منتصف شفتيها ... والصورة اتضحت فتاة صغيرة لا يعرف أكان الأمر بإرادتها أم رغما عنها تزوجت من ذلك الرجل الذي يزيد عن عمرها الضعفين تقريبا ، والأخير على الأغلب مريض يعاني من الشك المفرط ، تزوج من فتاة صغيرة لم تتفتح براعمها بعد حتى يضمن أن تكن تحت سيطرته الكاملة ، مسكينة الفتاة الصغيرة دُفنت حية دون أن حتى أن تلاحظ ، تحركت عينيه إلى باب المقهى وأخيرا رآهما يدخلان ، رقية تمسك بيد صديقتها تقبض عليها خوفا قام من مكانه ، يبتسم اقترب منهما يصافح هالة ، مد يده ليصافح رقية لاحظ أن رجفة يدها زادت عما قبل ، في الأغلب لأنهم بين جمع كبير من الناس ، وفي الأغلب عقلها الآن يتلاعب بها يحذرها من أن زوجها سيظهر فجاءة ليُعيدها إليه ، عينيها الخائفة تتحرك في كل مكان توجه ثلاثتهم إلى الطاولة وكما حدث المرة الماضية بدأ جاسر يتحدث عن اشياء عدة من الحياة مثل أسعار الخضار والفواكه، أحدث الأفلام والمسلسلات ، طرائف اختلقها في حياته ، عينيه تراقب ردات فعل رقية دون أن تلاحظ الأخيرة ، رأى كيف أنها لم تنفك لحظة تنظر حولها هنا وهناك خاصة صوب الباب كلما فُتح ارتجفت .... أرادها أن تظل أطول وقت ممكن يحاول أن يخبر ذلك الجزء المرتعب داخلها أن الماضي لن يعود ، في خضم ما يحدث سمع صوت حمحمة غاضبة تأتي من صديقتها لتبتسم له تغمغم :
- دكتور لو سمحت عيزاك دقيقة
وقامت من مقعدها ، قام هو الآخر يلحق بها إلى جزء بعيد نائي عن الأنظار ، التفت هالة له تحادثه حانقة :
-جرى ايه يا دكتور دي تاني مرة ما تعملش حاجة وتفضل ترغي في اي كلام ، حضرتك ما بتاخدش شوية عشان تضيع الجلسات في كلام مالوش لازمة ، رقية حالتها ما اتحسنتش يمكن ، بدأت تثق فيك بسيط ، بس ما اتحسنتش ، اعذرني على عصبيتي بس دي صديقة عمري وأنا نفسي بقى ترجع تاني زي ما كانت
ابتسم جاسر يكتف ذراعيه يغمغم بهدوء لا يتغير :
- بصي أول هالة أنا مقدر خوفك على صاحبتك ، بس أنا عارف أنا بعمل إيه كويس ومش مضطر أبدا ابرره أو حتى أشرحه ، حضرتك ليكِ نتيجة واعتبري جلسة النهاردة هدية منى والغدا على حسابي ، اتفضلي نرجعلها ما ينفعش تفضل لوحدها أكتر من كدة
______________________
الساعة الآن الثامنة تقريبا حين دخلت أسرة عاصم إلى منزلهم ، عاصم لم يكن بالشخص المتباهي ، رغم أنه بات يملك المال الوافر ولكنه لم يحب المكوث في منزل كبير فاره كمنزل جاسر زوج شقيقته ، لديه شقة كبيرة الآن تكفي لهم في منطقة راقية ، ارتمى مراد على الأريكة ما أن دخلوا ، وتحرك حسين بهدوء إلى غرفته لتنظر حلم لعاصم تسأله متعجبة :
- ماله حسين شكله متضايق من ساعة ما كنا عند رؤى
تنهد عاصم يحرك رأسه يائسا يغمغم ساخرا :
- ابنك جلنف كل ما يصلحها مع چوري يرجع يهببها أكتر من الأول
قام مراد من مكانه يتوجه صوب غرفة أخيه يسمع صوت والده خلفه يصيح فيه :
-مراد ذاكرلك ساعتين قبل ما تنام ، أنت من الصبح بتلعب
دون حتى أن يدق الباب ، أدار المقبض ودخل ليجد حسين يضطع إلى فراشه ينظر للفراغ شاردا ، أقترب مراد منه يجلس على مقعد مكتبه الصغير يغمغم ساخرا :
- هتفضل عامل زي عبدالحليم في الوسادة الخالية كدة ، بص يا سحس يا أخويا ، أنا أخوك الصغير والمثل بيقولك أصغر منك بيوم يعرف عنك بمليون ... الشغل اللي أنت بتعمله مع چوري دا عشان تلفت انتباهها قديم قدم شرايط الكاست
زفر حسين غاضبا ليلقي الوسادة جواره على مراد بعنف ضحك الأخير يبعد الوسادة يلقيها جانبا يردف وكأن شيئا لم يكن :
- أنت عملت ايه قولتلها انا بحبك وعايز اتجوزك ومقضيها غتاتة عليها عشان تستفزها وتتكلم معاها ، فاكس يا بابا الحوار دا كله بقى قديم ومالوش لازمة ، اسمع الجديد بقى
ابتسم حسين ساخرا كتف ذراعيه أمامه يقلب عينيه متهكما :
- قول يا فليسوف عصرك ايه الجديد
ابتسم مراد في زهو يغمغم :
- بس يا سيدي بدل ما الفرهدة اللي أنت عاملاها دي كلها ، أول حاجة تروح تعملها أنك تقولها أنك خلاص قعدت مع نفسك وفكرت ولقيت أنك ما بتحبهاش وإنك نفسك ترجعوا أصدقاء تاني
قطب حسين جبينه مستنكرا ما يقول شقيقه ليكمل مراد :
- تاني حاجة موضوع المهندس اللي اسمه زين دا ، شكله واد سُهن كدة وماشي في سكة المحرج المرتبك الطيب الغلبان عشان يكسبها ، بيصيع من الآخر ، أنت بقى صيع أكتر منه ... اوعى تتعصب عليه ولا تعامله وحش ، عامله كأنه ابنك اللي كان تايه من عشرين سنة ولسه شايفة ، وفي نفس الوقت وطد علاقتك بيها بس إحنا أصحاب وأخوات خليك دايما حواليها حتى وأنت مش موجود ، أوعى تعبر عن حبك بأي شكل يا حسين ، إحنا أصحاب وأخوات لف دايرة الاهتمام والحب والحنية بس إحنا اخواااط اخواااط ، فاهمني ولا لاء
ضحك حسين لتشرد عينيه مراد محق ، يراها فكرة سديدة للغاية .. رفع وجه ينظر لشقيقه يغمغم مدهوشا :
- أفلاطون العاشق في 3 ثانوي ، أنا موافق وهعمل
اللي قولت ، على الله بس بنت عمتك تحس ، قولي بقى يا عم روميو ... عينيك ما اتشالتش من على مريم ليه .. أنت بتحبها ؟
لم ينكر مراد حرك رأسه بالإيجاب سريعا تنهد ليخفض صوته حد الهمس يحادث شقيقه :
- أقولك حاجة بس تحلف ما تجبش سيرة لحد خصوصا بابا وماما
أقسم حسين أنه لن يفعل ليتنهد مراد يغمغم مرتبكا :
-أنا اتعمدت أسقط السنة اللي فاتت في الامتحانات عشان ابقى معاها السنة دي ، بحجة إني أروح معاهم الدروس
توسعت حدقتي حسين ليهب من مكانه توجه صوب شقيقه يجذب المقعد المجاور جلس جواره يهمس له غاضبا :
- أنت متخلف يلا ، دي عاملة تعملها ... أنت ما شوفتش بابا وماما زعلوا إزاي لما سقطت ، وبعدين معلش يعني مريم أصلا منطوية وما بتكلمش حد ، أنا واثق أنها ما اتكلمتش معاك كلمتين على بعض
تنهد مراد بعمق يحرك رأسه بالإيجاب يغمغم حانقا :
- أنت بتقول فيها ، غيظاني أوي يا حسين ، شايفة نفسها وحشة وأقل من غيرها والناس كلها أحسن منها ، مش فاهم ليه ، أنا عارف المناهج كلها يا حسين ومذاكرها كويس أوي وواثق إني هجيب هندسة بترول كمان
تنهد حسين يائسا يبدو أنه ليس العاشق الوحيد هنا ، جاسر لو عرف أنهما يحبان ابنتيه لدفنهما أحياء
______________
في منزل ياسر ونرمين
جلست أريج على الأريكة الكبيرة في منتصف الصالة تربع ساقيها تعبث في هاتفها ، رفعت وجهها تصيح بصوت عالٍ :
-ماما اعملي لي ساندويتش ونسكافية
التفت ياسر لها أغلق التلفاز يغمغم محتدا :
-أريج ، كفاية طلبات من ماما قومي اعملي لنفسك واعلمي لي معاك فنجان قهوة
قطبت جبينها تتذمر حانقة ، قامت من مكانها حين دُق الباب ، ظنت أنه جاسر تحركت صوب الباب تفتحه لتتسع حدقتيها حين رأت سما شقيقتها وطفليها ومصطفي زوج شقيقتها !!