رواية احكي يا ميرنا زاد الفصل الحادي عشر
رمضان والقدرة الخارقة على أكل ما لا يُؤكل!
✦✦✦
هل سبق لك أن رأيت رجلًا يتحول إلى وحش كاسر أمام سفرة الإفطار؟ أو شاهدت فتاة هادئة، رقيقة، تتحوّل فجأة إلى مقاتلة ساموراي في مواجهة طبق المحشي؟ هل جربت يومًا أن تشعر بأن معدتك أصبحت ثقبًا أسود يبتلع كل شيء، ثم بعد لقمتين فقط تكتشف أنك وقعت في الفخ؟
حسنًا، يا عزيزي، إن كنت لم تمر بهذه التجربة، فأنت لم تعش رمضان الحقيقي بعد!
هذا الشهر الفضيل ليس فقط شهر الصيام والعبادة، بل هو أيضًا الشهر الوحيد اللي فيه الإنسان بيختبر قدرته الخارقة على أكل ما لا يُؤكل، وشرب ما لا يُشرب، ثم النوم على أمل أن تحدث معجزة وتتمكن معدته من استيعاب كل ما ابتلعه، دعونا نغوص معًا في أعماق هذه التجربة الرمضانية العجيبة، حيث السفرة هي الملعب، والبطون هي الضحايا!
✦✦✦
قبل الأذان بـ 10 دقائق، تقف أمام السفرة، تتأملها بعينين لامعتين، تشعر أنك صياد ماهر أمام فريسته، تبدأ بتجهيز طبقك بحماسة وكأنك ناجٍ وحيد في عالم ما بعد الكارثة، والطعام هو طريقك للبقاء:
5 قطع سمبوسة (لأنها قانون مقدس، ولو قلت عن كده هتحس إن في حاجة ناقصة في الكون!)
3 أصناف من المحشي (عشان التنوع الغذائي اللي مفيش أي حد في العالم مقتنع بيه غير المصريين)
2 كوب عصير (واحد للكبدة والتاني للروقان، ولو في ثالث يبقى لزوم الـ VIP Experience)
1 كيلو فتة (لأن الفتة ليست مجرد وجبة.. الفتة عقيدة!)
ثم يأتي صوت الأذان.. اللحظة التي انتظرتها طويلًا، ترفع كوب العصير، تأخذ أول رشفة.. ثم أول لقمة.. ثم تأتي الصدمة:
أنا شبعان؟!!!
✦✦✦
لكن لا، لا يمكنك التراجع الآن، الحرب بدأت، والمحيطين بك لن يسمحوا لك بالانسحاب بسهولة، فجأة تبدأ الضغوط العائلية تنهال عليك وكأنك في محاكمة مصيرية:
• إنت صايم طول اليوم، حرام عليك تسيب الأكل! (وكأن الهدف من الصيام هو أن ننتقم من المعدة)
• ده الأكل معمول مخصوص ليك! (وأنا كنت طالب فتة بالكريمة مخصوص؟!)
• مش هتاكل كمان؟ طب خلاص، عمرك ما هتدوق أكلي تاني! (وهنا تبدأ مرحلة الأكل الإجباري تحت تهديد العاطفة والابتزاز العائلي)
تحاول التراجع، لكنك محاصر.. تأكل لقمة، ثم أخرى، ثم تجد نفسك تدخل في صراع وجودي مع طبق الكنافة اللي بيبصلك من بعيد وبيقولك: الدور عليّا!
✦✦✦
المعركة انتهت.. أو هكذا تظن، تنظر حولك، ترى الجميع مستلقين في أماكنهم، وكأنهم ناجون من معركة ملحمية.. تحاول النهوض، لكنك تشعر أن الجاذبية زادت فجأة، خطواتك بطيئة، نفسك ثقيل، تحس إنك بقيت نسخة رمضانية من كائن الكوالا، كائن لا يتحرك إلا للضرورة القصوى!
ثم، وفي لحظة درامية قاتلة، تسمع الصوت الرهيب:
• يلا، قوموا عشان الحلو!
وهنا تدرك الحقيقة المرعبة.. في رمضان، معدتك مش ليها كلمة، السفرة هي اللي بتحكم!
✦✦✦
وهنا، وبعد كل هذا الصراع الملحمي، يقسم الجميع أنهم "مش هيعملوا كده تاني"، وأنه غدًا ستكون السفرة متوازنة، والأكل بحساب…
ولكن الحقيقة المُرّة، والتي يعرفها الجميع، أننا غدًا سنقف أمام نفس السفرة، بنفس الحماس، بنفس الأطباق الممتلئة، وبنفس الصدمة بعد أول لقمة!
لأنها ببساطة… لعنة السفرة الرمضانية!
وهكذا، يا صديقي، نستمر في هذه الدوامة الرمضانية يومًا بعد يوم، نكرر نفس الأخطاء، نقع في نفس الفخاخ، ونقسم كل ليلة أننا سنتعلم الدرس غدًا.. ثم يأتي الغد، وتقف أمام السفرة من جديد، بعينين يملؤهما الجوع، وبطن واهمة بأن اليوم سيكون مختلفًا.
فأخبرني بصدق.. هل أنت مستعد لتحدي الإفطار القادم؟!