رواية وصمة عار الفصل الثانى عشر 12 بقلم خديجة السيد

رواية وصمة عار الفصل الثانى عشر بقلم خديجة السيد


بعد مرور اسبوع.. .

بداخل غرفه صغيره كانت اليزابيث تتقلب على جانبيها وهي تشعر بدفيء غريب تشتاقه يتسلل إليها .. ونعومة تلفها كالبلسم فتقلل من ذلك الألم الذي تشعر به في كل أنحائها من آثار تعذبها من قبل .. وهواء كنسيم الربيع يتطاير من حولها أثار دهشتها .. فتحت عينيها ببطيء ترمش قليلا منزعجة من اشاعه الشمس التي تصل لوجهه ذلك النور الذي يداعب جفنيها فيجبرها على الاستيقاظ قادم من النافذة.. اصطدمت عيناها ما أن فتحتهما بسقف خشبي بلون الخشب البني الدافئ تتدلى منه رسومات صغيرة بشكل جميل .. لتعقد حاجبيها غير مستوعبة بعد .. ما هذا !! وعندما نظرت جانبها دون حركه لتفهم علي الفور اين هي؟ ولم يكن غير منزل آدم؟ ذلك الشخص الذي لا تعرفه الذي انقذها من الجحيم منذ اسبوع واستضافها الى بيته حتي يبعدها عن رجال شويكار ويساعدها تضل بأمان.. 

توقف عقلها عن إسترجاع ما مضى من سبع ايام عاشت بها مرتاحه ، طاهرة ، ذات شرف دون أن يجبرها أحد علي شئ لا تريده ، حتى ترتيبات المنزل اصبحت تتولى شؤون المطبخ فقط ليست عكس ما توقعت أنها سوف تتولى شؤون الجميع هنا والمنزل مثل اول يوم لها هنا؟ عندما طلب منها زين ذلك.. لكن تفاجات في اليوم التالي بان آدم أمرها بأن تهتم بالطبخ فقط.. حتى لم يزعجها ولا أجبرها علي شئ ما كانت تخشية والاهم انها ابتعدت عن شويكار 

لكنها تعلم أنها سيئة الحظ و راحه البال هذه لم تستمر طويلاً ، فما هي تنام على ما يسمى فراش من قدم بتلك الغرفة الرديئة البناية التي تقطن بها الآن ، لكن فلا وجود للسعادة بحياتها ، وكانت لابد أن لا تسعد وتعيش الوهم من البداية ، فالجميع يعلم أن الوهم يتلاشى فجأة كالسراب ، وهذا الوهم كسر قلبها ، كسرها.. أكثر من رحيلها عن شويكار !! 

أما زين هذا البغيض فمزال يضايقها كل حين عندما تاتي الفرصه لم يفوتها دون ان يجرحها ويذكرها بماضيها فالسبب انه واثق انها فتاه سيئه وتريد اذيه صديقه و يريد يبعدها عنه، فهذا دائما الطابع الاول الذي ياخذوا عنها الجميع لأجل عاملها كـعاهره حتي إذا كانت هي مجبره ولا تريد هذا؟؟ ولم تسعي إلي تلك الحياة مطلقاً ..لكن في النهاية تسمه فتاه سيئه السمعه ويجب ان يبتعد عنها الجميع حتى لا يتلوث و كأنها مثل الوباء الضار! ومثل الشيطان وهم الملائكه! 

تعيش في مهانة الكرامة ومكسورة القلب دون علم أحد ، ومن وقتها وهي تقيم هنا .. معهم و تطبخ إليهم لكن لا يهم الحياه هنا افضل من حياه شويكار بكثير، بعد فترة نهضت وخرجت اليزابيث من الغرفة التي تطل على ممر واسع لتقترب من السور الحديدي الأسود تنظر للسماء الصافية أمامها و الشمس كالماس المغري للعين تلمع بأشعة صافية وكأنها تشعر و اخيرا بالحريه وليست مسجونة ..

أغمضت عينيها ترتجف برهبة وهي تستعيد تلك اللحظات التي كانت في جحيم شويكار.. اغتصابها عده مرات.. و عذابها.. وضربها..فهل يوجد ما هو أسوأ لحظات من تلك التي تكون فيها يائسا .. متأكدا ألف بالمئة من دنو الموت منك .. فيقبض روحك بأكثر الطرق ألما وعذابا !. عادت لفتح عينيها تزفر نافضة الذكرى الأليمة .. وشعرها القصير يتطاير للخلف تسحب عدة أنفاس من الهواء المنعش تهدئ من روع قلبها الذي انفعلت ضرباته وكأن مجرد تذكر الأمر يُعيده لهلع اللحظات المجنونه ..لتتحرك بخطوات سريعة بنشاط حتي تبدا يومها في منزل أدم!. 

❈-❈-❈

عندما انتهت اليزابيث من تحضير الفطور و غسلت الصحون خرجت لخارج الحديقه تسير ثم تقدمت لطرف حوض الزهور لتلمح تلك الزهور التي كانت تعرفها جيد وكان يحضرها اليها والدها من البلاد الاوروبيه بالخارج مخصوص اليها.. ضحكت بخفوت حزين ودمعة تدحرجت من بحرها الأسود وهي تتذكر تلك السنوات التي لم تدوم، ليت لم يموت والدها وظل بجانبها ليحميها من غدر البشر.. على الرغم من إنها لحد الأن بخير .. لكن لا تعلم إلى أين ستصل.. لتقترب اكثر تقطع احدى الزهور وهي شارده بحزن في ذكرياتها مع والدها

ليظهر أمامها فجاه زين وظهرت خطوط حمراء من الغضب في عينيه ثم نظر من زاوية عينه إلى إليزابيث ليتحدث بنبرة صارمة تشبه الصراخ

= ماذا فعلتي أيتها الحمقاء ، كيف تجرائي على الاقتراب من ورودي ، هل تعرفي قيمتها قبل أن تأخذها هكذا دون إذني حتى ..

شهقت اليزابيث بخضه ثم زفرت نفسا طويلًا قبل أن تهتف بغضب شديد

= كفى صراخًا ، لقد أصابتني بصداع ، لا أصدق كل هذه تلك الصرخة من أجل زهرة واحدة أخذتها دون علمك 

ضغط زين على يده في غضب مكتوم بينما نظر زين إلى اليزابيث باشمئزاز وقال بحدة

= هذه الأزهار تخصني فقط ، وقد زرعتها هنا ، وأنا أعتني بها منذ شهور للاستمتاع بمظهرها الجميل.. وتأتي فتاه مثلك غبيه لا تعرف قيمتهم تقطعها بذلك الطريقه 

ابتسمت اليزابيث ببرود لتقول متحدثًه بسرعة بثقه

= مخطئ ، أنا أعرف قيمتها جيد ، هذه الزهور تسمي أزهار الزعفران ومن أغلى أنواع الزهور في العالم. تستخدم كأحد أنواع البهارات ، وهي باهظة الثمن ، حيث يصل سعر نصف كيلو الزعفران إلى 1500 دولار. هل تعلم أن هذه الكمية الصغيرة من الزعفران يتم حصادها عن طريق حصاد ما يوجد أكثر من 80 ألف زهرة زعفران؟؟ .. هل تريدني أن أشرح لكٍ المزيد عن زهور الزعفران .. فكان لديه نفس الشيء في حديقتي القديمة والعديد من أنواعه 

اتسعت عينا زين بصدمه بأنها عرفت نوع هذه الزهور فهي من النوع النادر و باهظة الثمن، ثم ابتسم زين وقال ساخرًا 

= بالطبع ، كنتي تعملي خادمة لهم في تلك الحديقة .. اسمعيني جيد اخر تحذير اليكٍ لا تقتربي من هذه الازهار و إلا ستجدين رد فعل مني صعب للغاية 

ضغطت اليزابيث على أسنانها بعنف من أسلوبه في الحديث معها وحاولت ان تتملك اعصابها، بينما كانت عروق رقبة زين بارزة بشكل غاضب وعادت اليزابيث ببطء بخطوات بتوتر وهي تراه يتنفس بعنف وأنفاس مسموعة وصدره يرتفع ويهبط بشدة وظهرت حبات من العرق على جبهته من شدة غضبه فنظر إليها بعيون حادة مليئه بالكره ويقول بصوت خفيض بابتسامة مشـ.ـبوهة

= فتاه عديمه الفائده 

ليرحل من امامها بخطوات سريعه حتى انه تجاهل ادم الذي جاء على الأصوات وقد استمع الى نصف الحديث وشرح اليزابيث عن الزهور، عقد حاجبيه باستغراب قائلا متسائلا باستفسار

= ماذا حدث هنا ..لماذا كأن يصرخ زين 

نظرت إليه اليزابيث بتوتر شديد و تأففت بحنق مرادفة بصوت مكتوم

= كل ذلك لاني قطفت زهره من زهوره الزعفران الباهظة الثمن...

❈-❈-❈

في مكتب آدم، اقتربت اليزابيث تضع فنجان القهوه فوق المكتب بينما كان يراقبها آدم بتركيز وهو يفكر في حديثها من قبل، عندما كانت تشرح الي زين اهميه هذه الزهور الباهظ وقد ذكرت ايضا انها كانت تمتلك حديقه تجمع كل هذه الانواع النادره.. فهو أحياناً يشعر بالغموض نحو تلك الفتاه ولا يعرف عنها شئ.. وعندما راها سترحل من الغرفه حاول فتح أي حديث معها لعله يعرف عنها شيء!. 

نظر لها آدم سائلا إياها فجأة بإقتضاب 

= من أين أنتِ .. لا تبدين أوربية الملامح 

رفعت اليزابيث مقلتيها ونظرت إلية و امتقع وجهها لترد بهدوء وهي تشعر بعدم إرتياح

= بلا أنا اوروبيه من دولة ... 

كانت ملامحها جميله بالفعل وتشبه الاوروبيين لكنه قال ذلك بقصد حتي يفتح احاديث معها ليصل الى ما يريده، هز آدم برأسه علي مضض ثم سألها آخر مكملا التحقيق بفضول

= و كم عمرك تبدين كشابه صغيره 

شعرت بالضيق الشديد من ذلك التحقيق لكنها أجابته تلزم نفسها الأدب

= ثالثة وعشرون عاماً

تنهد آدم بضيق ويأس فهي ترد باختصار جدا ليفكر أن يسألها باستفسار مباشره افضل، 
تدلى فك آدم وتساءل بانشداه

= لكن لحظة ، من أين تعرفي كل هذه المعلومات عن الزهور؟ فهذه الورود من النوع النادر ولا يشتريها إلا الأغنياء

هزت اليزابيث راسها مبتسمه وهي تشرد في حياتها السابقه مع والدها ولمعت عينا اليزابيث وهي تقول بصوتٍ رخيم

= نعم ، صحيح أنه أبي قبل وفاته ، كان يحضرها دائمًا إلى القصر لان يعرفني احب هذا النوع من الزهور و ...

صمتت قليلاً عندما انتبهت إلي ما تقوله لتصمت بارتباك شديد، بينما عقد ادم حاجبيه باستغراب قائلا متسائلا بدهشة

= هل كنتي تعيشي في قصر من قبل؟ أعتقد أنك كنتي هنا في المنزل معنا لأكثر من 7 أيام ، ولم يخرج منا أي شيء سيء ، أليس كذلك؟ لماذا لا تتحدثي عن حياتك السابقة وكيف أتيتي إلى منزل شويكار .. أم إنكٍ ما زلتٍ غير واثقٍ بنا؟

سرعان ما انقلبت ملامح وجه اليزابيث إلي حسرة على نفسها ووجدت نفسها تكمم فاهها بيدها لتمنع رغبة بكاء تتصاعد من اختناق نفس متألمة قبل أن ترفع وجهها إلي آدم الذي كان يراقب حالتها بصدمه وأشفق على حالها رغم أنه لا يعرف ما حدث لها بالتفصيل.. فهناك في داخلها وحدها هي من تكتم أسرارها وبئرًا لدموع ذرفتها عيون بكت مرار لنفوس لا يعلم مآلها إلا الرب.. إبتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهي تغمغم بصوت حاولت أن تجلي حلقها أولا ثم تجيب عليه

= ليس الأمر كذلك ، لكن .. لن يفيد شيء اذا تحدثت. حتى أنك قلت أيضًا إن سبب إنقاذك لي هو أن تعبير وجهي تذكرك بشيء من الماضي ولم تشرح لي ما قصدته .. هل هي صديقتك؟ اقصد ام حبيبتك؟ 

نظر آدم إليها وهز رأسه برفض وما تجلى الإحباط والبؤس على وجهه! وتمتم بوهن 

= لا ، ليس الأمر كذلك ، لكني أيضًا لا أريد أن أقول ، وعندما قلت ذلك ، كان مجرد سؤال وليس اجبار .. لديكٍ الحرية المطلقة إذا كنتي لا تريدي أن تخبرني بما حدث معكٍ.

ساد الصمت لينظر ادم إليها في إنتظار حديثها ليعرف ما حدث لها ؟ واذا كان والدها يمتلك قصر صحيح ما الذي حدث ودفعها لتصبح هنا الآن؟ ملأت اليزابيث رئتيها بالهواء وزفرته سريعًا في محاولة يائسة للسيطرة على مشاعرها وانفعالات جسدها ثم همست بألم

= كنت أعيش في رفاهية من قبل ، وكان والدي رجل أعمال مشهور و رجلاً ثريًا وكان يحبني بشدة .. قبل أن يصاب بنوبة قلبية عندما أفلس وخسر كل المال في البورصة .. بعد ذلك انتقلت إلى منزل عمي وزوجته وابنته. لم تكن الحياة هناك مريحة ، لكنها لم تكن سيئة ايضا. مرت الأشهر والليالي ، وكان عمي أركون يعتني به جيدًا ، لكن عندما بدأت الدراسة ، لم يستطع دفع مصروفات جامعتي وعندما علمت بالصدفة ، طلبت مني ابنته أن أعمل من أجل تخفيف العبء عنه ، وبالفعل توظفت لم يكن العمل سهل علي وانا في تلك الظروف لكني حاولت.. وواجهت صعوبات كثيره .. وكانت الامور تسير بهدوء حتى 

بدأ آدم يفهم ما الذي حدث معها اعتصر حزنها قلبه فغمغم بعد أن صمتت وعيناها امتلات بالدموع بمرارة 

= حتى ما؟ ماذا حدث بعد ذلك!

تقوست شفتاها للأسفل وقالت بصوتٍ متحشرج ينذر بالبكاء

= لا أريد أن أتذكر ما حدث بعد ذلك ، لكن باختصار ، وقعت في حب الشخص الخطأ ، ولهذا السبب أنا هنا الآن؟ لا أعرف حتى لماذا فعل ذلك بي ، لكني أتذكر جيدًا أنه أحبني ، أو أنني كنت أتخيل ذلك ... ثم حدث ما حدث لذلك لا اريد ان اذهب الى عمي وانا بتلك الحاله

تغَّضن جبين آدم وتجهمت ملامحه لكن لم يرف له جفن، وهو يتساءل

= لا تريدي ان تذهبي الى عمك، لأنك خائفه من رده فعله ..ام انك لا تريدي ان يراكٍ بعد ما حدث لكٍ

للحظة بدأت نظراتها له غير ثابتة كأنها تتهرب لكن لسانها أنكر وهي ترد عليه

= الاثنين! لا اريد ان يعرف انني اصبحت عاهره وخائفه ايضا من رده فعله حينما يعرف فلا اتوقع ماذا سيفعل عندما يعرف.. لذلك اتمنى ان يعتقد انني ميتٍ افضل من ان يعرف كيف اصبحت الان؟ انا تغيرت كثيرًا عن سابق 

تقبضت يديه بعجز ليردف بصوتٍ مرتجف

= لا أحد يتغير فجأة ..كل ما في الأمر أننا في لحظة ما نغلق عين القلب و نفتح عين العقل،فنرى بعقولنا حقائق لم نكن نرها بقلوبنا.. وتلك هى الحقيقه التى لطالما حدثتنا عقولنا عنها ولكنا فضلنا ان نواريها تحت اقدام قدر حبنا لهم ...

صمتت قليلاً بتوتر شديد ثم رفعت وجهها نحوه ومسحت دموعها بظهر كفيها وهي تنظر إلى فنجان القهوة الذي وضعته أعلي المكتب للتو لتقول بصوتٍ متهدج 

= هل اعجبتك القهوة ؟

تفهم آدم أنها تريد تغيير الموضوع، ولم يزعجها اكثر بالتساؤلات ..مد هو كف يده وألتقط قدح القهوه من أعلي المكتب وقربة أولاً من أنفه ليشتم رائحتها العبقة، أغمض عيناه وهمهم بتلذذ تحت تلك الناظرة عليه بعيناها وأنزل القدح لمستوي فمه وأرتشف رشفته الأولي بتلذذ وأستمتاع فهو شخص عاشق للقهوه ثم فتح عيناه ونظر إلي تلك الوقفة تطلع إليه بإهتمام ليقول مبتسم

= ممتازة ، أنتٍ جيد في ذلك ... وأنتٍ تطبخي جيدًا بمهارة ايضا ، أنا اعتادت على طعامك اللذيذ وأشعر أن وزني سيزداد بسببك ... ولكن من أين تعلمتي هذه الأشياء ، أنتٍ قلتي للتو أنك كنتي تعيشي حياة الأغنياء وكان لديكٍ قصر وكان والدك رجل أعمال مشهور.. فبالتاكد كان لديكٍ خدم 

سَرَت قشعريرة في جسد اليزابيث لتقول بابتسامة متشنجة فقد تذكرت نيكولا الذي احضر لها ذلك العمل حتي تثق به 

= في وقت من حياتي ، كنت أعمل طاهياً في احد الفنادق ، وتعلمت الطبخ من شيف ماهر هناك. إذا كنت لا تريد مني شيئًا الآن ، اسمح لي بالذهاب إلى المطبخ حتي إنهاء الغداء.

تنُّهد آدم متذكر قبل أن يقول لها 

= بالمناسبه لا تنتظريني أنا و زين على الغداء ... ساتأخر اليوم

ازدادت ابتسامة اليزابيث اتساعًا وهي تقول له مقترحه

= اذا كنت تريد ان تاكل الان فالغداء جاهز

غمز لها آدم و اردف بمزاح 

= قلت لك سيزيد وزني ولم تصدقي

إبتسمت له بخفه علي مزحه ثم اردفت اليزابيث باهتمام 

= انها الواحدة ظهرا .. افضل من بقائك بلا طعام طول النهار

اومت لها آدم بالموافقة لتتحرك اليزابيث للرحيل و اغلقت الباب خلفها وتوجهت الى المطبخ لتسكب الاطباق للجميع ...

❈-❈-❈

دخلت اليزابيث لمكان أشبه بشرفة واسعة تطل على حديقة صغيرة مزينة بالورود والأضواء الدافئة .. وفي المنتصف طاولة مزينة ببعض الازهار، سحب آدم المقعد أمام الطاوله وجلس هو لتتقدم اليزابيث مقابلا له لتضع الطعام بينما كان ينظر لها بعينيه اللامعتين بصمت! وعندما لاحظ ما يوجد بالاطباق رفعت عينيه آدم بدهشة وما أن إنتهت من وضع الأطباق أمامه استاذنت منه لتسير بأدب لتنصرف فقال آدم بتذمر واستنكار 

= ما هذا! يا إلهي .. تركتي كل ما في الدنيا من طعام. وأحضرتي السمك إلى هنا لتطعمني أياه .. كيف سأأكله؟ لا أعلم كيف أخرج الأشواك منه. 

عقدت حاجبيها وهي تقول بدهشة

= حقا! آسفة ، لم أكن أعلم أنك لا تحب السمك

ظل ينظر لها للحظات صامتا ثم فتح فمه يقول بخفوت حزين 

= لم أقل إنني لا أحب وجبة السمك، على العكس من ذلك ، كان طعامي المفضل عندما كنت صغيرًا .. لكني لا أعرف كيف أتناوله عندما يكون مليئًا بالأشواك مثل هذا. فكانت والدتي هي التي تهتم بذلك قبل رحيلها 

نظرت إليه اليزابيث ببؤس ثم ساد الصمت لينظر ادم إليها مطولاً لاحظت ذلك هي و ابتسمت بتوتر له وهي تحاول البحث عن كلام مناسب للرد فرفعت يدها تتلاعب بخصلة هاربة بجانب وجهها بصمت ثم قال آدم بخفوت 

= لماذا لا تقومي بهذه المهمة بما أنك قمتي بطهيها فليس من الصعب عليكٍ إمساك السمكة وإخراج أشواكها منها

عقدت اليزابيث حاجبيها بعدم استيعاب فأكمل آدم يشرح لها ببعض الشرود من طلبه الغريب هذا

= بصراحة مظهره يثير اللعاب و اشتهيت السمك كثيرا ولفترة طويلة لم اكله و لكن لا اعرف كيف ازيل اشواكه .. اذا كان ليس لديكٍ مانع قومي انتٍ بذلك المهمه

ضغطت اليزابيث على يدها بقوه بغضب مكتوم من طلبه لتفكر داخلها هل اعتقد نفسه اشتراها بالفعل ليطلب منها ما يشتهيه ويريد، حاولت الضغط على نفسها لتنظر إليه مبتسمة بخفوت ثم صمتت لا تعلم ماذا تقول، فبدأ آدم بالكلام قائلا مره أخري بحذر

= اين شردتي ..اليزابيث! 

لمعت عينا اليزابيث ببعض الإرتباك وابتسمت بسخرية مُرة داخلها وهي تخبره مبتسمة بغيظ 

= معك.. حسنا كما تريد سافعل

ابتسم آدم بامتنان مرادفا يتساءل وهو يمد يده بطبقه 

= بالمناسبه اين زين؟ لماذا لم ياتي لياكل معنا 

تنهدت بقله حيله وهي تجلس أمامه واخذت الطبق أمامها فأردفت بنفاذ صبر 

= قال ان لا يريد ان ياكل طعامي ولا يريد اي شيء مني، من الواضح انه ما زال غاضب لانني قد قطفت زهورة الباهظه 

ضحك آدم بخفوت وهو ينهض من مقعده ليتحدث وهو يفتح أزرار كمي القميص ويشمر !! حتى لا تتسخ ملابس العمل وهو يأكل

= لا تنزعجي منه ، فهذه هي طريقة زين وطبيعته ، يغضب عندما يقترب أي شخص من تلك الزهور 

هزت راسها له بالايجابي دون النظر إليه ثم أمسكت بالسمك تنزع عنه أشواكه فضحك آدم بعجب وهو يتابعها بعينين لامعتين وهي كانت مستمرة في مهمتها حتي انتهت من سمكه واحده ووضعت الطبق امامه، مد آدم يده على الفور مباشرةً ليأكل باستمتاع و بحنين فهذه الوجبه اعاده ذاكرته الى الماضي... عقدت اليزابيث حاجبيها ناظرة له باستنكار فكل ذلك الاستمتاع لاجل وجبه سمك !. 

ابتسم وهو يمد يده ياكل من جديد وانقبض قلبه على نفسه حزنا بينما وهو يردف بشرود بملامح بهتت

= أتذكر هذه الوجبة ، كانت والدتي تدللني وتخرج الأشواك لي وتأكلني بفمي .. ولكن بعد رحيلها توقفت عن أكل السمك لأنني افتقدتها كثيرًا .. ولكن بينما كنت اتناول الآن شعرت كأنها أمامي ومعي .. أتمنى لو لم أتوقف عن أكل السمك من قبل لأشعر بالحنين ذلك .. يا للحظ.. اتمنى أن تعود أمي إليه من جديد 

أغمضت اليزابيث عينيها و اردفت بنبرة خرجت دونا عنها بالفعل مثيرة للشفقة عليها وعليه

= أحلام صعبة جدا حد الوجع ! .. فالاموات لا تعود مهما فعلنا.

ضغطت اليزابيث على شفتيها بندم وكاد أن
تدمع عيناه وهو ينظر لها بواقعيه فتنحنح يحاول تغيير الموضوع فقال لها متسائلا بتوتر

= من علمك نزع الأشواك من السمك 

ودونا قصد هو الاخر فتح امر الفراق لديها.. أومأت وهي تحاول التفاعل معه في محي الحزن مؤقتا وقالت وهي مستمرة في نزع الأشواك من السمك بصوت مخنوق

= أبي كان دائما يحب هذه الوجبه.. وأنا تعلمتها لأجله 

❈-❈-❈

غربت الشمس وأسدل الليل ستاره الأسود المزين بنجوم بدت كماسات تلمع من بعيد متوهجه، قد ذهب الجميع للنوم ما عدا اليزابيث لم تتمكن من النوم ، فالليلة البدر مكتمل وهي تجد سلوتها في مناجاة البدر حين يكتمل.. تقف بمفردها تحت الشجرة وتلف حول جذعها بحركات دائريه كما كانت تفعل عندما كانت صغيرة تستمتع بهدوء الطبيعه وقد سكنت العصافير ونامت المخلوقات فلم يبقي إلا هي وزوار الليل .

ظلت اليزابيث واقفة تنظر لذلك الستار الجميل الشكل رغم ظلامه، تتذكر كلام أبيها وهي تبتسم بحنان واشتياق ! لطالما كان يخبرها دائما أنها لامعة مثل النجوم بشخصيتها الأنثوية المختلفة التي تحمل قوة خفية تظهرها وقت الحاجة وبعد علمها ما مرت به من مسافة طويلة وحدها بتلك الحياة تدرك عن أي قوة خفية كان يتحدث أبوها فالأمر أشبه بالمستحيل .. إنها تكاد تتجمد رعبا وتخمد انهيارها داخلها من مجرد الذكرى .. لكن على ما يبدو أن الإنسان عندما يوضع في موقف لا يحسد عليه فإنه يحاول اجتيازه بأي طريقة ممكنة آملا الهروب من مصير مخيف !..

صحيح انها لا تنكر بان بدات تشعر بالامان في ذلك المنزل نوعا ما ! حتى اذا كان يزعجها الجميع هنا فهي راضيه... طالما انها بعيدا عن شويكار !! 

تثاءبت اليزابيث وهي تحتضن خصرها بذراعيها تبعث بعض الدفيء في نفسها وبدات تشعر بالنعاس لتحرك قدمها لتذهب للنوم لكن.. مهلاً لحظه توقفت مكانها بعد أن شعرت بحركة غير مألوفة تشعر بها قرب باب البيت الرئيسي ماذا عليها ان تفعل ؟ انه من الواضح لص تشاهد رأسه الان وهو يراقب البيت وهو يمد يده اسفل الباب يحاول فتحه تحفزت كل ذرة وخلية في جسدها بخوف شديد لتفكر سريعه كيف تمنع ذلك اللص من سرقه بيت آدم ، ولا يهم ما الذي سيحدث لها . المهم ان تحمي هذه الدار الذي سكنت تحت سقفه وحماتها جدرانها .. 

❈-❈-❈

دخلت لارا من بوابه المنزل وهي متخفيه بالبلطه الطويل من اعلى راسها الى قدمها وأتجهت للدرج كي تصعد إلي الداخل... فلمحت ظل أحدٍ يتحرك أمامها تحت الدرج توجست من هذا الظل معتقدًة أنه لص هي الأخري ، فأخذت تهبط منه متجهة لهذا الظل فرأيت أمامها فتاة تحمل بيديها خشبه سميكه وتلوحها بيديها كانها تهددها بها شهقت لارا بقلق وبسرعه مخرجًا سلاحه من " حقيبتها " فـ شقيقها انطون قد دربها عليه لاجل عملهم الخطير لتحمي نفسها اذا تعرضت لاي هجوم من الغرباء وما إن رفعت السلاح بوجهها نحو رأسها، شعرت اليزابيث بالذهول وتفاجات بالسلاح يرفع بوجهها، فما كان منها إلا أن سقوط الخشبيه من بين كفيها بصدمة وذعر مما حدث و حاولت أن تتحدث ولكنها لم تستطع من الخوف.. 

فكانت الا ثواني وسوف تصوب بالسلاح عليها بالفعل لولا انزلت السلاح بخضة عندما أستمعت لصوت آدم يصرخ بها بتحذير

= لارا ماذا ستفعلي؟ أخفضي سلاحك أيتها المجنون بسرعه

التفتت لارا إليه باستغراب و أبتعدت اليزابيث للخلف بذعر وهي تتنفس الصعد بصعوبه باللغة، بينما نظرت لارا إلي آدم وقالت بغيظ شديد 

= من تلك الفتاة يا ادم ،ماذا تفعل هنا هل تعرفها؟!.. قد ظننتها لصة

نظر لها آدم بضيق شديد وقال لها بغضب أشد

= هل انتٍ غبيه يا لارا دون ان تعرفي هويه الفتاه حتي، اخرجتي سلاحك نحوها وتريدي ان تقتليها. لم تفكري لحظه من الممكن ان تكون هذه الفتاه تسكن هنا؟ التي كانت ستكون جثة هامدة بسبب تسرعك.. 

تعجبت لارا من عصبيته لكن احمر وجهها من الغضب وهتفت بحده 

= مهلا لحظه ما الذي قلته للتو ! تسكن هنا؟؟ في المنزل معك! من تلك الفتاه يا ادم اريد ان اعرف وماذا تفعل هنا 

أردف آدم معلق على حديثها يعنفها بصوت خفيض بحزم

= أخفضي صوتك هذا لارا، و ما الذي كنتي تفعليه انتٍ ايضا بذلك الوقت؟ لماذا جئتي إلي هنا الآن

كانت إليزابيث تقف بينهم ولا تفهم شيء وصامته من القلق و التوجس.. بينما تأفف آدم منها وكاد يزجرها مرة أخرى لكن سبقته لارا تهتف غاضبة بشده

= ليس هذا الجواب الذي كنت أنتظره.. اريد حالا اعرف من تكون هذه الفتاه وباي حق تجلس معك، وانا لم ارفع عليها السلاح عمد قلت لك لقد ظننتها لصة وهي ايضا كانت تمسك بيدها لوح خشب سميك وكانت تريد ان تضربني به ،فطبيعي ان ادافع عن نفسي 

عقد ادم حاجبيه بدهشة لينظر إليها متعجب، لتسرع اليزابيث قائلة بتبرير 

= لم اقصد أن اؤذيها... لكن عندما رايتها تدخل من باب المنزل متخفيه في ذلك الوقت ظننت في الحقيقه انها لصه! 

تمالك ادم نفسه بصعوبه حتي لا يضحك علي حديثها بينما نظرت لها لارا بغضب وكادت تعنفها لكنها أستمعت لصوت زين يخرج من باب المنزل ويتقدم اليهم ، رمى زين نظره واحدة عليهم بدهشة فسأل بصوت متوترة

= هل حدث شيء ؟ ما مصدر هذا الصراخ ، من الذي كأن يتشاجر.. 

نظرت إليه لارا بملامح صارمة و أردفت بصوت حاد 

= زين قول لي أنت من هذه الفتاه.. أنا لم أعلم بعد من هي؟ وماذا تفعل هنا بينكما؟ 

تعجب زين من حديثها وقال بنبرة هادئة 

= إنها آنسة اليزابيث الطباخه الجديدة هنا

ظهر الإستنكار على ملامح وجه لارا لتهتف بسخط وغيره 

= طباخه جديدة!. لم اعرف انك احضرت عامله جديده ولماذا لا تقول لي آدم؟ ولما هي تسكن معكم؟ 

نظرت لهم اليزابيث ببعض الخجل و التوتر ولم تتحدث بينما انسحبت اليزابيث من بينهم قائلة بتلعثم

= من بعد أذنكم.. 

ثم ذهبت تصعد الدرچ تاركة لارا ناظرة لها وعقلها يكاد يتوقف من وجودها هنا بمفردها مع آدم، ثم تطلعت لارا إلي آدم بسخط وقالت له بانفعال شديد

= تحدث آدم لما تلك الفتاه هنا؟ 

بدا يستوعب زين ما يحدث وفضل الصمت، بينما هتف آدم بنبرة جفاء وهو يبتسم ببرود

= لا علاقة لكٍ بي ، أليس هذا منزلي؟ يحق لي افعل بة ما أريد

اتسعت عينا لارا بنيران تشتعل داخل صدرها من الانفعال وكادت تصرخ به لكن سبقها آدم بالرحيل وهو ينظر لها بضيق وصعد الدرج بعدم اهتمام، نظرت إليه بذهول وصاحت بعصبية وبسخط 

= آدم أنا لم انتهي من الحديث معك... و كنت قادمه اليك بالاساس لنجلس سوا.. آدم توقف

رحل آدم ولم يعود إليها بينما حمحم زين ليرحل هو الأخري دون أن يقول شيئا واكتفي بالنظر إليها، أومأت لارا له دون أنتباه له وذهب وتركها ليصعد الدرچ هو الآخر وكانت عيناها تلمعان بوميض عاصف نحوه تلك الفتاه!.. 

❈-❈-❈

في اليوم التالي، فتحت اليزابيث عينيها ببطيء وأشعة الشمس تتسلل للغرفة من الشباك بستائره البيضاء الخفيفة المتطايرة والتي لا تقلل من نور الشمس بل تُدخله كاملا فتنزعها من نومها المليء ..تمطت بجسدها قليلا براحة ثم انقلبت على جانبها الآخر لتفيق بهدوء شاردة في ذكرياتها لكن سرعان ما اتسعت عيناها بصدمه عندما إصطدمت نظراتها ما أن فتحت عينيها بوجوده زين واقفا بجوار الباب عاقدا ذراعيه العضليين أمام صدره ينظر إليها ، وكأنه ينتظرها ! شهقت بإجفال وهي تهب بجذعها جالسة تضم الغطاء لصدرها بحركة عفوية ثم همست بحنق وهي تستوعب وجوده 

= يا الهي تبا .. ماذا تفعل هنا ارعبتني في ظهورك فجأة بالغرفة

وجدت صامت ثم سحبت نفسا هادئا تهدئ من إنفعالاتها كالعادة لتقول بعدها وهي ترسم ابتسامه غيظ 

= اقصد صباح الخير سيد زين .. كيف حالك اليوم ولماذا جاءت إلي الغرفه فجاه هل تريد شئ؟ 

لوي زين شفتيه ليرد عليها بهدوء بارد متجاهلا تحيتها الصباحية بتعمد 

= ظننتك ميتة لن تستيقظي أبدا الساعه قد تجاوزت الثانيه عشر.. ما كل هذه الراحة والنوم بحرية وكأنك في فندق سياحي! أم أنك غير معتاده على النوم فوق الفراش 

جزت اليزابيث علي أسنانها بضيق منه واعتدلت من فوق الفراش لتقف وهو لاحظ غضبها المسلي له وفك ذراعيه ليضع يديه في جيبي بنطاله قائلا باستفزاز متمعن 

= هيا اغسلي وجهك أولا ثم انزلي الى الاسفل واحضري الفطور فالسيده لارا خطيبه السيد ادم بالاسفل! 

قالها معتمد حتى اذا كانت ترسم في عقلها بعض خيالات حتى يقع ادم لها تبتعد عنه وتفقد الامل، عقدت حاجبيها بدهشة وهتفت باستغراب بعفوية

= هل السيد آدم خاطب لما اكون اعرف ومن هي ؟ 

ابتسم زين وقال بابتسامه عريضه بانتصار

= تلك السيده التي اعتقدتي انها لصه وكنتي ستضربيها بالأمس 

فتحت فمها ببلاهه ثم احمرت بحرج وهي لا تصدق أنها تلك الفتاه خطيبه آدم، الرجل الذي فتح منزله اليها ليحميها ، ثم همست بنبرة متوتره

= حقا لم اكن اعرف ..حسنا سوف اتي

هز زين رأسه وأكمل بنبرة ذات مغزى 

= اسرعي حتى لا تنزعج السيده لارا من الانتظار، واي شيء تطلبه منك نفذيه.. ولا تنسي انها صاحبه هذا المنزل الذي تجلسين به لفتره محدوده !. 

❈-❈-❈

أخذت اليزابيث صحون الطعام الزجاجية وخرجت من المطبخ متجهة لغرفة للخارج حيث الحديقة ، فقد قررت لارا أن يكون الإفطار بالحديقة حيث الهواء النقي علي الضوء الشمس.. فقد جاءت لارا منذ الصباح
ولم تتوقف لحظه واحده عن الاوامر إلي اليزابيث بسخط

وبينما هي تضع الصحون على الطاولة الخشبية نظرت لارا إلي آدم الذي يشرب القهوة ويقرا الجريده دون أي اهتمام بمن حوله... ثم تركزت نظراتها الي اليزابيث وهي تضع الطعام بتركيز وعيناها لا تجروء على النظر لمن حولها، جزت لارا علي أسنانها بغيظ منها وهي تراقب ملامح وجهها حيث رأتها فتاه جميله جدا تسكن مع خطيبها وحبيبها الذي لم يهتم اليها ولا مره في حياته.. في وجود هذه الفتاه أمامها قد يشكل خطر في حياتها.. 

حمحمت لارا بغرور وامسكت الشوكه لتتذوق الطعام لتتحول ملامح وجهها الى اشمئزاز و نظرت إلي اليزابيث الذي مزالت منشغله في وضع الطاعه لتهتف بحده

= ما هذا القرف الذي تقدمي الينا، هل تسمي ذلك طعام 

وضعت اليزابيث اخر صحن على المائدة ، وكادت تذهب لكن أوقفها صوت لارا، كسى الإستنكار معالم وجهها تسألها بدهشة

= ماذا، ما بي الطعام ؟. 

لوت لارا شفتيها بسخرية لاذعة لتصيح بصوت عالية بعنف

= وما زالت تتساءل هذا لا يسمى طعام بالاصل ،الملح زائد فيه ومنظره على السفر يثير الاشمئزاز اذا كنتي لا تعرفي تطبخي جيدًا ، لما انتٍ هنا الان ارحلي من هنا افضل فمن الواضح انك ليس لكٍ فائده هنا في شيء 

عقدت اليزابيث حاجبيها بدهشة من كلماتها ولم تعرف بماذا تجيب بينما، نظر لها آدم بضيق ظهر واضحًا على وجهه قائلاً بنبرة حازمة

= الطعام جيد جدا يا اليزابيث.. اذهبي انتٍ الان واكملي عملك 

نظرت إليه مترددة ليهز رأسه بالايجابي لترحل بالفعل، ثم نظر إلي لارا بغضب مكتوم

= سؤال واحد فقط ،لماذا تاتي إلى هنا كثيرًا؟ كل ليلة أجدك هنا ، مرة بالأمس والآن في الصباح. ما الذي تريدي الوصول إليه من وراء أفعالك هذه؟

جـزت لارا على أسنانها بغيظ وهي تقول عده تساؤلات باستفسار 

= قل أنت بالأول أين قابلت هذه الفتاة؟ و من اين تعرفت عليها ولما تسكن معك ، ولما هي بالذات يا آدم اريحني ساجن كلما رأيتها تسير امامك

نظـر لها نظرة مغلفة بجميع معانى الكره والاستحقار ليغمغم 

= على الرغم من أنه شيء لا يهمك ، ولكن إذا كانت هذه الإجابة ستنقذني من زياراتك اليومية ، حسنًا ، كانت تبحث عن وظيفة بالقرب من هنا ، وبالصدفة ، قبلها زين وطلبت منه أن يجد لها وظيفة ، لأنها كانت بحاجة إلي المال وليس لديها أحد هنا ، وقالت إنها ماهرة في الطبخ. جربتها ببعض الوصفات وقد اعجبني ومن هنا تم تعينها .. هل يريح فضولك الآن؟ هيا غادري 

رفعت حاجبها متهكما ثم لوت شفتيها بتقزز واضح فقالت هي بوقاحة

= واو طعمها اعجبك ممم.. وهل طعمها فقط الذي اعجبك ام شيء اخر قد اعجبك فيها ايضا

أغمـض آدم عينيه وكأنه يحـاول منع وصول العصبية لعقله حتي لا ينقض علي تلك البائسـة الذي أمامه ثم فتح عيناه وأشـار إليها وأجاب بصوت حاول إخراجه حازم

= تعلمي حتي الشرح والتبرير خساره معكٍ.. ظلي تسبحي باوهامكٍ داخل عقلك حتى تجني افضل 

❈-❈-❈

كانت اليزابيث بالمطبخ ، كانت تقف أمام الموقد وتطهي طعام الغداء عليه ، ليدلف آدم غرفة المطبخ وأغلق الباب خلفه يخطي خطوة نحوها ، رفعت اليزابيث وجهها وطلت برأسها لترى آدم أمامها عقدت حاجبيها بتعجب عندما أغلق الباب عليهم فتركت ما كانت تفعله بارتباك، وظنت انه قادم هنا حتى يبوخ إياها على ما فعلته في خطيبته بالامس ، فنظرت للأسفل بخجل لتقول بأسف 

= اعرف لما انت هنا سيد ادم.. أسفة لسوء ظني بي خطيبتك آنسة لارا ، ولكن ملابسها و البالطو الاسود جعلاني أظن هذا.. اعتذر مره ثانيه

نظر آدم لها بدهشة للحظات ثم هتف بعصبية حادة 

= هذه الفتاه ليست خطيبتي، من اين جئتي بهذا الحديث ولا تقولي هذا الكلام مره ثانيه فليس لي علاقه بها ، ولم اكن قادم لأجل ذلك بالاساس

رفعت مقلتيها بعينان لامعة من التعجب فقد قال لها زين عكس ذلك للتو، فقالت بخفوت 

= اعتذر! لكن السيد زين قال لي عكس ذلك وان تلك الفتاه إسمها لارا وتكون خطيبتك 

عقد ادم حاجبيه باستغراب لم يفهم لما قال لها زين هذا الحديث لكن لم يهتم كثيرا وقال لها بصوت حازم 

= قد يكون اختلط الامر عليكٍ ولم تفهمي حديث زين جيد، لكن هذه الفتاه ليس لي علاقه بها.. علي أي حال ليس مهم الان، انا كنت هنا لاجل شيء اخر 

نظرت اليزابيث إليه بهدوء وصمتت ثم تنهد هو بعمق يسترد حديثه بصوت أجش 

= جئت إلي هنا حتى اعتذر على ما فعلته لارا لكٍ حينما ظنت انكٍ لصه ، هي تكون صديقه مقربه للعائله واحيانا تاتي الى هنا، لذلك هي تفاجات بكٍ بالأمس، لا تنزعجي منها ومن حديثها اللاذعة 

اتسعت عينا اليزابيث ببلاهه لم تصدق ما سمعته هل يعتذر اليها الى شيء ليست له علاقة به! هل هذا الشخص مهذب لهذه الدرجة، نظرت له بعينان لامعة من الخجل وقالت بصوت منخفض 

= آه ! حصل خير ، لم يحدث شيء.. 

وما أن أنهت حديثها حتى طالعها بنظرة أخيرة ثم هتف بخفه وقال 

= جيد، اكملي عملك الان بالاذن 

وقد ذهب آدم لحال سبيله ، بينما تحولت بسمتها المحرجة إلى بسمة جانبية سارحة بتلك النبرة الرقية ، ومازالت تقف تشاهده وهو يرحل وبسمتها مازالت على شفتيها وذلك الوميض مازال يتراقص بعينيها لتهمس بصوت غير مسموعة 

= هل يعيش في عالم اخر ذلك آدم !! 

❈-❈-❈

بداخل غرفه زين، كان يقف في منتصف الغرفه و الباب كان مفتوح! وهو يقف ينظر الى تلك العلبه الذي بين أيديه باهتمام المليئه بالتربه المصنوعه الصالحه للزراعه، ثم تقدمت اليزابيث بخطوات مترددة لتطرق الباب وهي تقول بتوتر شديد

= سيد زين ، هل انت متاح الآن؟ هل يمكنني الدخول؟

نظر زين لها ومـط شفتيـه ثم رد عليها بما ليس له علاقة بسؤالها 

= ما بك يا فتاة؟ هل أخذتي درسا في اللطف والذوق؟ لكن من الجيد أنكٍ أتيتي إلى هنا حتي أسألك .. ما هذا؟

ابتسمت اليزابيث بحماس وهي تقول بصوت هادئ 

= هذه تربة صالحة للزراعة، فأنت غضبت مني في المرة السابقة عندما قطفت زهورك دون استأذن منك ، وأنت على حق .. لذلك فكرت أن أحضر لك هذا كاعتذار

ضحك زين فجاه بصوت عالية بقوة لتعقد اليزابيث حاجبيها بدهشة ثم رفع زين كتفيه ولم يتخلي عن بروده لحظة وقال بجفاء

= من النادر أن تجدي شخصًا مثل آدم ، لكن هناك الكثير من أمثالك

دارت كلمات زين في علقها بعدم فهم، فابتسمت اليزابيث نصف أبتسامة صفراء متسائلة باستفسار

= عفواً ، أنا لا أفهم ما الذي تتحدث عنه

تطلع فيها باستفزاز معتمد وكان يقف والأبتسامة الخبيثة تعلـو ثغـره قائلا

= أقول أنك عندما رأيتي أن السيد آدم غير متاح واكتشفتي أن هناك امرأة في حياته .. فكرتي أن تغيري خطتك وتركزي معي أنا، حتى أخضع لكٍ وتسيطري عليه .. أليس كذلك؟

نظرت إليه عده لحظات بجمود بينما هو يتطلع فيها باستفزاز .. لتتحرك بغضب شديد واخذت منه التربه وهي تسقطها بالأرض من يدها وتهشمـت و سقطت التربه بالأرض بقصد منها، وظلت هي تنظر له بغضب هادر... بينما صرخ بها زين وشرارات غاضبة تتطايـر من عينيه السوداء 

= هل انتٍ مجنونة ماذا فعلتي؟ 

نظرت له نظـرة من كثرة المشاعر التى تملؤوها يعجز زين عن تفسيرهـا، لم يعرف أهي حزن .. كسرة .. غضب أم خبث.. ثم قـالت اليزابيث بصوت هادئ أشبه لهدوء ما قبل العاصفة 

= ماذا؟ ليس علاقة لك به، فهذه التربه انا من صنعتها وانا من افسدتها الان؟ وانتهى الأمر! حتى لا يفكر عقلك القذر الدنيء في هذه الأفكار مرة ثانية نحوي ، لكنك على حق ، فأنا المخطئ عندما فكرت في محاولة الاقتراب منك بنية إيجاد عائلة لحمايتي وإصلاح الأمور بيننا 

أدمعت عينيها بيأس ! جـرح أخـر يُضـاف لقائمة جروحها السوداء، اما يكفيها الألم لها ليأتى هو ويزيدها!! نظـرت له بجزع وقالت بين دموعها بصوت صارم بشده

= ولكن إذا كانت هذه هي أفكارك تجاهي ولم تتغير ، بغض النظر عن ما تفعله أنت الأخر نحوي ليس جيدًا .. لكن لن أقترب منك من الآن فصاعدًا

جحـظت عينـا زين بصدمة وشعر بالتوتر لا يعرف لماذا لكن حقا هو خائف على صديقه منها ولا يثق بها مطلقاً فهي مهما فعلت ستظل في نظره عاهره !! ويشعر دائما بالقلق منها وانها تخطط الي شيء ولم ستذهـب دون أن تنجح خطتها .. بينما استـدارت اليزابيث متجهة للخارج بخطوات سريعة وهي تبكي وتتألم بصمت ليشعر زين بالاختناق و التردد !! 

❈-❈-❈

في منتصف الليل.. .

في منزل أدم، دلـف آدم الي المنـزل بخطـوات هادئـة، لكن ليتوقف عندما وجد اليزابيث تجلس أعلي المقعد بالخارج في الحديقه وحدها ليغير مسار خطواته وكأنه تذكـر تلك المسكينة التي أصبحت واحدة من افراد المنزل، تقدم منها فقـال لها متسائلا بجدية

= ماذا تفعلي في الخارج 

رفعت مقلتيها ونظرت إليه بتوتر ثم هزت رأسها وهي ترد بهدوء حذر

= ولا شيء.. وجدت نفسي لم افعل شيء بالداخل قلت اخرج الى هنا استنشق الهواء وحسب

هز ادم رأسه بتفهم ثم سأل اليزابيث بصوته الأجش مستفهمًا 

= هل لديكٍ مانع لو جلست معك؟

عقدت حاجبيها بتعجب عده لحظات لكنها اعتدلت بسرعه وهي تقول بارتباك

= لا بالطبع تفضل هذا منزلك بالاساس ولست بحاجة إلى إذن

هز رأسه وجلس بهدوء مقابلها! صمت احاط بكلاهما يتبادلان النظرات دون حديث فيما بينهما ليحمحم بعدها آدم معيداً جسده للخلف بظهره ليتحدث بنبرة مزحه 

= انتٍ صامته للغايه تحدثي الي اعدك انني لن اعضك ولا اشتهي الى اكل لحم النساء الجميلات 

هزت كتفها بعدم معرفه ثم شعرت بالتوتر والخجل وهي تتحدث بتلعثم

= ماذا سأقول بعد .. حسنًا ، يجب أن أشكرك كثيرًا على كل ما فعلته من أجلي ومساعدتك لي ، لقد فعلت الكثير من أجلي وأبعدتني عن تلك السيدة .. حقًا أنا مدينا لك كثيرا

ابتسم آدم بخفه وقال بصوت منخفض

= أنا لم أفعل أي شيء ، هذا واجبي. إذا وجدت شخصًا يحتاج إلى مساعدة ، يجب أن أساعده طالما كانت لدي هذه الفرصة .. المهم أن تكوني سعيدة الآن.

ليجد صمتها طال تطالع بهيئتهـا المرزية، والصدمة باتت حاجز بين هدوءها و توجسة، بينما سألها مقتضبًا

= ماذا؟ أليس سعيده فقد ابتعدتي عن شويكار مثل ما كنتي تريدي من قبل.. لماذا لست سعيده الآن

رددت بحسرة تشربت ملامحها فهمست دون وعي 

= السعاده هي شيء لا أجده كثيرا في حياتي..اتعلم ما هو شعور ان تتألم وتكون مضطر في العيش؟ وكانما لا شيء يذوب في قلبك .. هذا ما اشعر به بالضبط الآن! 

إستكـات تلك الدقـات التي تزعجهـا وتشعرها بالقهـر، دموعهـا تود الإنزلاق أسفل لؤلؤتيهـا ولكنها تشد لجامهـا لتقـف حتى لا تنهار، ملامحها شاردة وواجمـة كالجثة الهامدة خالية من أى روح لتهتف بصوت اجفله

= ومع ذلك لا زلت أومن بأن الرب لم ينساني وبالتاكيد سيجعلني اعيش دون الام واوجاع أخري.. رغم أنني لا الجا الى الرب الا عندما اكون حزينه، اعرف ان هذا يجعلني منافقه 

نظـر لها بنظراته اللتان تلمعـان دائمًا ببريق لم تستطع فهمه حتى الان ثم صمت لدقيقة ورد كأنه يجمع كلماته ليهتف بجدية 

= اكثر المؤمنين منا منافقين لان لا احد مننا يعيش لدرجه الايمان المطلوبه.. لكن اذا كنتي لازلتي تؤمنين فمن ثم لديكٍ امل ولا تياسي من رحمه الله

بدء يستوعـب موقفها الضعيف الذى انحـدرت فيه لتحاول الخروج سريعًا ،هـز رأسه نافيًا بسرعة وقال بحكمة لم يعرف من أين جلبها

= دائما تقولي انك تغيرتي لذلك تفضلي الابتعاد عن اسرتك ، وانا ارى هذا التغيير طبيعي الي شخص مثلك قد مر بظروف صعبه للغايه.. ومن منا لم يتغير الظروف تغيرنا انفصال الأصدقاء عنا يغيرنا الأيام الذي نقضيها بمفردنا تغيّرنا الوحدة تغيرنا تحمل المسؤولية تغيرنا نقاط الضعف تتغير مع تقدمنا ​​في السن و نتفهم وضعنا والعالم والناس أن الابتعاد عن أولئك الذين يرهقوننا ويؤذوننا افضل ،لذلك نحن نتغير ونعطي الأولوية في كل مرة ،لذلك نتغير... فالتغيير حتمي ، ولكن نتمنى أن نتغير إلى النضج ، للأقوى ، وللأرحم ، وليس للأسوأ والأبشع. أكبر خطأ نرتكبه هو عندما نكون مثل كتاب مفتوح ، لذلك يقرأنا كل من يقترب منا البعض يستخف بهذه السطور ، والبعض يسيء الفهم ، والبعض الآخر لا يفهم على الإطلاق. لا تغضبي عندما يمزقك شخص لا يقرأك جيدًا ،أنتٍ من اتحتي اليه الفرصه

سألت دموعها و ترقرقت في عينيها لتلك الذكريات الجميلة التي عاشتها مع أسرتها !!! لكنها لم تعود، لتنظـر له ولم ترمش حتى، هي ليسـت واعية من الأساس لترد !! هي اصبحت مجرد جزء عاتم ليس له فائدة ابدًا !! تحدث مرة أخـرى بحروف كانت مخارجها غريبة عليها وهو يقولها 

= السعاده ممكنه لكٍ يا اليزابيث أيضا، ليس هناك شيء مستحيل على الرب 

بدأت دموعها تهطـل بصورة مُقلقـة، وجسدهـا يرتعش بهيسترية مسيطرة عليها، روحهـا داخليًا تفتت لقطـع متناثـرة .. مهشمة ويرتكـز العنوان الوحيد فوق كل هذا والسبب الرئيسي وصمتها العاريه ! تنطبق عليها لتكن هي المذنبه وليست الضحيه ..اصبحـت تتشنج وهي تتذكـر إستسلامها القهرى الي شويكار لتقول بخجل من نفسها 

= لكن أنا ارتكبت خطيئه تستحق الموت، لا اعلم اذا كنت في يوم سوف يسامحني الرب على كل ما فعلته في حياتي اما لأ

الوضع كان صعب جدا عليها و حاول التخفيف عنها لانها تشعر بالتأنيب الضمير ... وهذا ما يزيد عذابها ليردف بصوتٍ أجش ثقيل 

= هناك فارق بين الحق والخطا اليزابيث.. المعرفه بالذنب ليست المشكله.. بل المشكله هي الفعل نفسه، ان تظلي تستمري بالخطا دونه المحاوله عن التوقف ولا الشعور بالذنب، هذا اكبر خطأ ترتكبي حقا 

كانت وكأنها لوحًا من الثلـج جسـد بدون روح، إستسلمت إلي وقعها و لم تتجاوب معه رغم انها حاربت بمفردها كثيرا لكن دائما انتهت بالفشل، قالت بنبرة مقهورة

= وحده من يملك روحي يعرف الحق بين الخطا والصواب لكن انا لا املك روحي سيد ادم.. كنت بالنسبه لي الجميع مثل عروسه بخيط يحركونها كما يشاء من يمتلكها 

ظـل ينظـر لها عدة مرات ويحاول قراءة سطـور عينيها ليفهم ما تفكـر به، ولكنها كانت كاللغز الغامض يصعب فكـه..ولأول مرة وجـد نفسـه يتنحنح باشفاق لم يعرفه ابدًا

= انتٍ ترتكبٍ الاخطاء ولكنك تشعري بالندم، وهذا يعني انكٍ مازلتٍ تمتلكي روحك ولديكٍ فرصه للاخلاص والتوبة.. لان من الصعب أن شخص يمنع شخص اخر من الشعور بالندم

هتفـت بنعومة أكتسبتها من بكاءهـا المفاجئ

= مازِلت أتعافى مِنْ أشياء لَمْ أُخبر أحدًا عنها ..

لم يعـرف لما أهتز جبله الشامـخ لتلك الدمـوع ، لما تأثر ولو قليلاً ؟! ليردف برزانة

= وانا مثلك أعيش الألم بصمت، لم ادعي احد يؤذيكٍ بعد الآن.. اقلهم انا 

اختلست اليزابيث النظر له بطرف عينيها وهي تمسح دموعها بطرف كم القميص الذي ترتدي وقد ابتسم آدم بخفة يجد تصرف اليزابيث ظريفاً وقد اطالت هي النظر بوجهها لاتصدق حقاً ان هذا الشخص الذي اعتقدت و ظنت انه حقير وشرير ليس سوى بشخص عانى مثلها تماماً لرغبته بالدفاع عن الألم ليعيش.. لكن كانت لا تفهم كلماته ذلك هل اهتمام ام مجرد عطف لكن في كل الحالات!! حتـى ولـو أمطـرت سـبعـون عامـاً مـن الفـرح .. قـلبـها أصـبح رمـاداً لا يبـالـي . 

أما في الاعلي كان زين ينظر إليهم من خارج النافذة، وهو يراقب كيف يتحدث معها ادم بلطف وهي تبكي بشده حتي تثير عطفه نحوها !! فقد اعتقد انها تجلس هنا بالاساس معتمده حتي يأتي و يجلس معها و تبدأ تقترب منه، ابتسم زين بعنف وبسخرية لـ يهمس 

= فتاه خبيثة، وانا كنت افكر في الاعتذار منها عما صدر مني في الصبح.. حسنا اليزابيث ، لنرى كيف ستنجح خطتك وانا موجود ؟!.. 

❈-❈-❈

اتجهت لارا إلي مكتب نيشان بالمنزل ثم فتـحت البـاب عليه دون استئذان ليُصـدم من تواجدها وفي هذا القصر !!! فقد انتهت كل محاولاتها للصبر مع وصل حد غلي الدم بعروقها وهي تصرخ فيه بجزع 

= أخبرتني في البدايه أن أتحمل آدم ومع الوقت سيحبني أيضًا ، وفعلت ذلك وكنت اتجاهل دائما اسلوبه الغليظ معي واحيانا اتجاهل كرامتي ايضا .. وكل ذلك علي أمل ان يبادلني نفس الحب ، لكن يخوني وتريد مني ان اصمت الى هنا لم اتحمل يكفي

تفاجئ بها نيشان بصدمة لينهض وخـرج صوتـه حادًا صارمًا 

= اهدئي لارا ، لم أفهم شيئًا منك، عما تتحدثي عنه وما فعله بك آدم حتى تغضبي منه بهذا الشكل.

تنحنحت بضيق وكأن الهواء انقطع من الغرفـة، وهى تبتلع تلك الغصة المريرة في حلقهـا ثم تحدثت وقد ترقرت الدموع في عينيها بلمعة الغيرة 

= كنت اليوم في منزل آدم ورايت فتاة جميلة جدا تسكن معه ولا أعرف من أين التقى بها ويقول إنها الطاهية الجديدة، لكنني متأكدة أن هناك شيء بينهما

رفـع حاجبـه الأيسر بدهشة ثم هتف يسألها بعدم تصديق

= توجد فتاة في منزله !! ، منذ متى يقيم آدم علاقات كهذه؟ استمعي لي جيدًا ، أنا لا أدافع عنه ، لكن آدم ليس كذلك ، ومن المحتمل أنها مجرد خادمة في المنزل بالفعل لا شيء أكثر من ذلك فآدم لا يكذب ، وإن كان بينه وبين هذه الفتاة شيء سيقولها صراحة

عقد نيشان حاجبيه بحده يفكر في ظهـور تلك الفتاه المفاجئ الذى سيقلب كل الموازيـن في حياته رأسًا على عقب !!! لتزيـد الصدمة ألونًا صادمة عندما قالت لارا و صراخها بغل المصعوق مستمر

= نعم صحيح لا يكذب.. لكن هذه المره يكذب ، لأني سالت زين اذا كانت هذه الفتاه هو من اخذها الى المنزل لتعمل؟ قال انه لا يعرف عنها شيء وادم قال عكس ذلك ان زين هو من تعرف عليها بالصدفه وكانت بحاجه الى المال لذلك وظيفها عنده !. اذا لماذا يكذب علي الآن !؟. 

صمت نيشان لحظه ليتذكر اخر مقابله بينهم عندما رفض آدم بشده الارتباط بي لارا؟ ليربط نيشان الاحداث ببعضها وانه تمرد علي بسبب تلك الفتاه !! لتجده يقتـرب ليجلس و اشاره بجواره وهو يقول باهتمام بالغ

= اجلسي لارا حتى نتحدث بهدوء .. وافهم من هي هذه الفتاة وما طبيعة العلاقة بينها وبين آدم !!

تعليقات



×