رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التانى الفصل الثاني عشر 12 بقلم إسراء على


  رواية ملكة علي عرش الشيطان ( هزم الشيطان ) الجزء التانى الفصل الثاني عشر بقلم إسراء على

 

الحُب ليس الربيع فقط

بل هو خريف تتساقط فيه الخيبات كما تتساقط أوراق الشجر بلا حول أو قوة

و أيضًا الصيف، فيه يُدفئِ القلب بـ عذوبةٍ كـ شمسٍ صافية تُذيب جليد القلوب

و الأكيد أنه شتاءًا عاصف كـ رياحٍ هوجاء تُسقِطك في بردٍ لا نهايةِ له كـ يأس الرياح الهوجاء تكسر الوعود و تنتهك المواثيق

فـ ليسَ الحُب زهور تتفتح بل يتعاقب عليك الفصول الأربعة في شعور واحد فقط ألا و هو العشق


فتحت سديم عينيها و هي تشعر بـ ثقلٍ كبير على خصرها و أنفاس هادئة تُداعب مُؤخرة عُنقها، و الأكثر عناق القوي قادر على إذابة كُل الغضب و خمول الصباح


لتبتسم و هي تستدير إلى ذلك المُعانق فـ تجده مُستيقظًا ينظر إليها بلا تعبير مُحدد، لم تستطع من خلالهِ تحديد ما يُفكر به أو ما يشعر به، و ليست مرتها الأولى التي تفشل بها و لكنها لن تيأس أبدًا 


لترفع سديم يدها السليمة و تُملس على ذقنهِ المُشذبة فـ أغمض أرسلان عينيه فقط دون أن يكون هُناك رد فعل آخر و قالت هامسة بـ إبتسامةٍ جميلة و مُشرقة كـ يومٍ لا يُبشر بـ الإشراق على الإطلاق 


-صباح الخير 

-و إجابة جافة:ماشي… 


إختفت إبتسامة سديم و إنتفضت في شبه جلسة بما يسمح لها ذلك القيد من الحركة فـ قيودهِ كانت مُحكمة حولها و كأنها تخشى فرارها من بين يديهِ، ثم هدرت و كُل تلك الرومانسية تبخرت و ذهبت أدراج الرياح 


-هو إيه اللي طيب! 

-سخر بـ برود:أنا قُلت ماشي

-لكزته و قالت بـ غيظٍ:ما تبطل برودك دا، لا بجد التلج بدأ يغطي جلدك… 


إرتفعت شفتيه في شبه إبتسامةٍ ساحرةٍ جعلت قلبها الخائن ينبض و هي تنهره بـ عُنفٍ و لكن لا حياة لمن تنادي، لقد غرق بـ تلك الإبتسامة و إنتهى الأمر و على المُتضرر اللجوء إلى القانون 


حاولت ذم شفتيها و إظهار غضبها و لكنه خبيث يعلم أن تلك الإبتسامة جعلت منها فتاةٍ مُراهقة تُشبه حلوى المارشيملو الذائبة بـ نيرانٍ كان هو مُفتعلها، ليدنو منها ثم همس بـ نبرةٍ شرسة على الرغم من هدوء نبرتها و لكنها جاءت مُحملة بـ مشاعر غريبة جعلت من قلبها يقفز من فمها


-ما هو الصُبح طلع بس لما الدكتورة فتحت عنيها… 


يُهاجمها بـ سلاحِ ضعيف و هو كلمات، يُضني عليها بـ مشاعرهِ و لكنه حينما يتفوه بـ بضعِ كلماتٍ تجد فيها ما يتسول قلبها له، نبرته و نظراته التي تفضح مشاعره دون الحاجة إلى الإفصاح عنها كان سلوانها الوحيد


تنهدت سديم بـ تعبٍ من تلك الألعاب ما بين الشد و الجذب ليرفع أرسلان حاجبه و يقول بـ صوتٍ ساخر


-شكل مش عاجبك… 


نظرت إليه سديم بـ نصفِ عينٍ و على حين غُرة أمسكت تلابيب قميصه و الذي لم يُبدله مُنذ أمس و وضعت شفتيها فوق شفتيهِ تُقبله ثم إبتعدت و قالت واضعة جبهتها فوق جبهته و عينيها مُغمضتين


-أعمل معاك إيه!... 


لعق أرسلان شفتيه في حركةٍ إكثر أغواءً و إغراءً من عبوة شيكولاتة ثم بدأ في نزع قميصه و هو يهتف مُتخابثًا بـ مكرٍ تعرف توابعه جيدًا و ربُما كانت تهدف إلى ذلك مُنذ البداية


-ولا أي حاجة، أنا اللي هعمل… 


نزع قميصه و ألقاه أرضًا ثم وضع ظهرها فوق الفراش و مال إليها، لتضحك سديم قائلة من بين أنفاسها الذاهبة


-أنا مُصابة على فكرة… 


داعب أرسلان خُصلاتهِا و حافة كنزتها البيضاء ثم قال هامسًا و هو يميل إلى أُذنها 


-و أنا ههتم بـ الإصابة دي… 


عادت تضحك سديم بـ صوتٍ عال فـ وضع أرسلان يده على فمها و قال بـ مكرٍ و نبرةٍ ذات مغزى 


-لو عايزة أبوكِ يطلعلنا و يشوفنا، علي صوتك كمان… 


عضت سديم يده ثم قَبّلت باطنها ليميل هو و يُقبل ذقنها بـ نعومةٍ تتلمسها دائمًا حينما يقترب منها أرسلان و كأنه يُحافظ عليها، و كأنه يخشى خدشها لتهمس بٓ تنهيدة خرجت مُعبرة عما تشعر به من تخبط و قلق و هي تُحيط وجهه بين كفيها دون الإلتفات إلى أصابتها 


-أنا خايفة من تفكيرك يا أرسلان… 


وجدت جسده يتصلب و تعابير وجهه تتجمد و كأن ما تخشاه تجسد أمامها فيه الآن إلا أن أرسلان قَبّل جبينها و داعب إصعبه الإبهام منطقة إصابتها


-متشغليش بالك بـ تفاهات

-همست مُعترضة:أرسلان!!... 


وضع أرسلان إصعبه على شفتيها الشهيتين ثم مال يُقبل موضع الإصابة ليقول بعدها بـ صوتٍ على الرغم ما بث بها من الإطمئنان زادها ضعفًا من الرُعب


-أنا بعرف أوعد، و زي ما بوعد زي ما بخلف وعد مكنش عاجبني من الأول… 


توسعت عيناها بـ صدمةٍ و أرادت الإعتراض و الصُراخ إلا أن أرسلان دحض كُل ذلك و وضع رأسه في تجويف عُنقها و همس بـ نبرةٍ يعلم أنها لن تستطيع مقاومتها و تأثيرها الفتّاك عليها


-كُنا ناويين على إيه فكريني!... 


و إثر تلك النبرة ذابت سديم، لتنسى أو تتناسى ما ينتويه أرسلان و خلف نبرته التي جعلت سديم تُبحر في عالمٍ آخر، كانت هُناك نظرة سوداء قاتمة بـ شدةٍ و شديدة القسوة و الرُعب


و هذا يعني أن أرسلان الهاشمي و لأول مرة سيخلف وعده


*****


إرتعش بدنها و كادت أن تتوقف ضربات قلبها عن النبض كما أن ساقيها تعاونتا و خذلتاها كُلما حاولت النهوض فـ سقطت أرضًا من جديد و عينيها تُحدقان بـ الصور تأبى الإستماع إليها للهروب، تنفسها يضيق و كأن حجرًا جاثمًا على صدرها يمنعها من مليء رئتيها بـ الهواء


رأسها ينبض و أُذنيها تطن كـ النحل حتى إستفاقت من تلك الحالة التي تُشبه الغيبوبة على صوت عانقها يصدح، شهقت رُعبًا و تنبيه لتستعيد ذاتها فـ نهضت مُسرعة تركض لهاتفها 


وجدت قُصي يُهاتفها فـ إلتقطت الإتصال سريعًا و سألته صارخة مع أنفاس مسلوبة على إثرها أثارت دهشة و حفيظة زوجها


-أنت كويس! 

-تمتم بـ حيرة:أنا المفروض اللي أسألك لأنك قفلتِ فجأة 

-صرخت بـ صوتٍ أعلى:رُد عليا!... 


صوتها جعله ينهض من مكانهِ بـ عُنفٍ و جسده ينتفض، زوجته تُعاني من خطبٍ ما خاصةً مع ما تفعله من غرابة لم تفعل هذا سابقًا، ليهدر و هو يمسح على وجههِ بـ نفاذ صبر و يهتف 


-أنا كويس، فيه إيه! 

-هتفت بـ جنون:متجيش البيت… 


سقطت يده عن وجههِ و تصلبت ملامحهِ مع حديثها الغريب حتى قال بـ نبرةٍ على وشك إنفلات زمام تحكمها


-رحمة أنتِ إتجننتِ!! 

-هدرت صارخة:بقولك متجيش… 


دون رد أغلق الهاتف و إلتقطه متعلقاته الشخصية و ترك العمل دون سابق إنذار، بل و ركض دون أن يُعير أحد إهتمام و لتلك النداءات التي تتبعه، بل جُل إهتمام إنصب لتلك التي تُعاني من حالة جنون أصابته بـ الرُعب، لم تكن رحمة لتسكُب تلك الكلمات المجنونة إلا و عانت من أمر شديد الخطورة 


صعد سيارته و قادها إلى المنزل و آلاف المشاهد و الأفكار الشيطانية تحوم داخل عقله و تهمس له بـ بشاعةٍ


"زوجها السابق عاد، و رحمة بين يديهِ" 


تلك الفكرة القذرة جعلته يقبض على المقوّد بـ قوةٍ شديدةٍ حتى كاد أن يتمزق جلده لشدة الضغط، توقف أمام البناية و ترجل مُلقي المفاتيح لحارس آخر لعقاره القاطن به 


-ظبط العربية و طلعلي المفتاح… 


و أثناء ركضه على الدرج حاول الحارس الآخر إيقافه هاتفًا


-يا قُصي باشا آ… 


أشار له قُصي و هو يصعد عدة درجات معًا في قفزةٍ واحدةٍ


-بعدين بعدين… 


وقف الحارس خلفه و حدق بـ إثرهِ بـ قنوط و همهم 


-كُنت عاوز أبلغه بـ اللي حصل… 


بينما قُصي الذي فعليًا يُسابق رياحًا عاتية يصعد ناسيًا أمر المصعد الكهربائي، حتى وصل إلى شقتهِ و أخرج مفتاحه و حاول أن يفتح الباب و لكنه لم يستطع


أعاد المحاولة و لكن أيضًا باءت بـ الفشل و أفكاره السوداوية تهمس من جديد و كأنها روح شريرة تحتضنه


"مش قولتلك! جوزها معاها" 


ضرب الباب بـ قوةٍ و هدر دون أن يأبه لصوته أو تجمع الجيران على إثره و الفضيحة التي يفتعلها 


-إفتحي الباب يا رحمة… 


طرق بـ يدٍ و دق الجرس بـ يدٍ أُخرى و هدر بـ صوتٍ جهوري مُفزع


-لو مفتحتيش الزفت دا حالًا هكسره على دماغك… 


ثوان حتى سمع صوتها رغم طرقاته العنيفة التي لم تهدأ، صوتها كان ضعيف باهت


-مش قولتلك متجيش! 

-متجننينيش

-هتفت بـ عنادٍ:مش هفتح… 


حاول أحد الجيران تهدأته و لكن قُصي كان أقرب مثالًا لثورٍ فُقِدَ السيطرة عليه، و لن يستطيع أحد إيقافه أبدًا، ليتراجع عدة خطوات ثم ألقى بـ جسدهِ على الباب ليكسره، إستمع صوت صُراخ رحمة و هدرت


-قولتلك إمشي… 


لم يأبه و تراجع من جديد و حاول دفعه مرةً أُخرى و قد نسى أن باب الشقة قد تغير بُناءًا على أمرٍ منه إلى آخر مُصفح يُصعب فتحه، و صرخة أُخرى حتى فتحت الباب في نفس الوقت الذي هجم به قُصي للمرة الثالثة فـ كاد أن يسقط و لكن رحمة أمسكته


حدق بها بـ نظراتٍ مجنونة يتفحصها جيدًا حتى صرخ و هو يُمسك ذراعيها يهزها بين يديه و كأنها خرقة لا حول لها و لا قوة 


-أنتِ مجنونة و لا غبية و لا بتختبري صبري!... 


رفعت رحمة بصرها فـ بهت ملامح وجه قُصي و هو يرى علامات الرُعب محفورة بـ قوةٍ في ملامحها حتى كادت أن تظهر عظامها، و شكه يزداد يقينًا حتى جأر و يده تشتد حول ذراعيها الهشين


-حد عملك حاجة! جوزك الأولاني جه هنا!... 


حركت رأسها نافية على الرغم من تعجبها من سؤاله الغريب و الذي لا يخرج سوى من إنسان فَقَدَ عقله، ليزداد جنون قُصي و هتف بـ حيرةٍ مجنونة خرجت غاضبة بـ شدةٍ 


-متكدبيش… 


فقط ضغط بسيط من يديها على ساعديه ثم همسة بـ الكاد إستطاع سماعها


-مش بكدب، محدش عملي حاجة… 


مسح على وجههِ و نظر إلى الوراء ليجد الجيران يُشاهدون بـ فضولٍ مقيت ما يحدث، فـ تحرك و أغلق الباب بـ فظاظةٍ و عاد إليها، رغم الغضب الذي يحترق بـ داخلهِ و جسده المُتيبس و جنونه الذي بلغ عنان السماء إلا أنه أمسك كتفيها بـ رقة و تحدث بـ أقصى قدرٍ يملكه من الهدوء


-طب ممكن أفهم اللي حصل!... 


نظرت إليه رحمة بـ تيهٍ و لسانها يأبى الحديث و كأنه لم يتعلم يومًا كيف يتحرك، فـ ربت على وجنتها و جذبها إلى صدرهِ ثم تحكم في نبرةِ صوتهِ لذلك السؤال الذي يخرج من فمهِ و كأنه طلقات نارية تخترقه


-الحيوان الأولاني دا جه و عملك حاجة!... 


وجدها تدفن نفسها أكثر في صدرهِ و ذلك أشعل النيران بـ جسدهِ أكثر و زاد تنفسه، و كاد أن يتحدث بـ صوتٍ يُشبه الحُمم البركانية في قوتها إلا أنها هتفت 


-والله محدش جه ولا قربلي… 


و كأن تلك الحُمم الحارقة ذهب بأسها بـ جليدٍ سكبته هي عبارتها ثم أبعدها و رفع ذقتها يسألها بـ حيرةٍ أكلت قلبه


-طب فهميني يا رحمة!... 


نظرت إليه مُطولًا و تحفز جسده حينما فتحت فمها و هتفت بـ صوتٍ جامد 


-أنا عايزة أسيب البيت… 


*****


وضعت سُمية إبريق الشاي و جلست جوار مُحرم تنظر إلى سديم ثم إلى أرسلان و تبتسم بـ خجل و تضع وجهها بـ الطعام ليسألها مُحرم بـ تعجب


-مالك يا سُمية! بتبصيلهم و تضحكِ ليه! 

-ضحكت و قالت بـ خُبثٍ:لا ولا حاجة يا سي مُحرم

-إلا أن مُحرم لم يصمت و قال:لأ قولي… 


بينما سديم تنظر إليهما بـ بلاهة و هي لا تفهم سبب ضحك سُمية إلا أن أرسلان الذي لا يُعير خباثتها و تطفل حماه عليهما إنتباه بل أكمل طعامه دون أن يسمح لسماجة سُمية بـ إفساد أجواءه 


و لكن تلك المرة بادرت سديم بـ سؤالها و هي تُطعم الصغيرة 


-لأ بجد فيه إيه يا سُمية!... 


قبل أن ترد سُمية و أثناء ضحكها، هتف أرسلان ساخرًا


-ما خلاص يا دكتورة، متنخربيش ورا حاجة هتزعلك

-قطبت حاجبيها و سألت بـ عدم فهم:مش فاهمة… 


إرتشف من كوب شايه و نظر إليها و صمت فـ هتفت سُمية مُتوترة رغم الخُبث الظاهر بـ عينيها 


-خلاص يا ست سديم بقى، هبقى أقولـ

-قاطعها أرسلان بـ برود و قال:شكلها سمعت… 


لم تستطع سديم الفهم أيضًا، رغم إحمرار وجنتي سُمية الغير معنية بـ الأمر ثم قالت بـ حيرة أكثر 


-أنا مش فاهمة حاجة، سمعت إيـ

-احم… 


حمحمة من مُحرم و نظرة خجلة من سُمية و حركة يد خبيثة تتحرك على فخذها مُذكرة إياها بما حدث مُنذ قليل، جعلها تشهق و تسعل مُسببة دخول الطعام قصبتها الهوائية، ليربت أرسلان على ظهرها و هتف مُناولًا إياها الماء


-هتموتِ نفسك عشان حاجة طبيعية بتحصل بين أي إتنين متجوزين

-ضرب مُحرم طاولة الطعام و هدر:أنت معندكش حاجة اسمها إحترام! متعرفش عنها!... 


رمق أرسلان مُحرم بـ نظرةٍ باردةٍ ثم أكمل تربيته على ظهر سديم التي طفرت العبرات من عينيها خجلًا و إختناقًا ثم قال مُكملًا


-مقولتش حاجة غلط، ثم إني موضحتش… 


كاد أن يُكمل حديثه و لكن قرصة من سديم لفخذة جعلته يصمت فـ أكمل طعامه و قال بـ سُخريةٍ


-أهي بنتك سكتتني… 


تركت سديم الملعقة فً أصدرت صوتًا إثر إصطدامها بـ الطبق و قالت بـ إبتسامةٍ صفراء


-يلا قوم روح شُغلك

-خرجت ضحكة هازئة و هو يقول:والله و جه اليوم اللي أتطرد فيه من بيتي

-هتف مُحرم بـ بلادة:دا بيت بنتي مش بيتك

-ناطحة أرسلان بً نبرةٍ جليدية:لسه بيتي، لما أموت هيبقى بيتها

-صرت سديم على أسنانها و هتفت:أرسلان! 

-متبصليش كدا أحسن بخاف… 


دفع مقعده و نهض إلى الأعلى ليرتدي ثيابهِ ثم هتف و هو يصعد مُحذرًا سُمية


-لما تكوني فـ بيت مش بيتك، متتصنطيش على حد كدا غلط… 


سمع مُحرم يسُبه و لكنه كان أكثر كسلًا لأن يرد، و لكن حديثه أصاب سُمية بـ الخجل و إنكمشت ثم تمتمت بـ توضيح


-والله كُنت جاية أصحيكوا عشان الفطار

-هتفت سديم تُلطف الأجواء:هو بيهزر معاكِ يا سُمية أنتِ عارفة أرسلان

-غمغم مُحرم:و دا بيعرف يهزر! دا بومة

-بابا!! 

-قطع الخُبز و قال بـ قنوط:هسكت… 


حكت سديم جبهتها و مالت تنظر إلى سيلا التي تلهو في عالمها الخاص لتهمس و هي تُداعب وجنتها 


-يا بختك ملكيش فـ الحوارات دي… 


إلا أن سديم نهضت سريعًا تُسارع بـ اللحاق بـ زوجها ليقول مُحرم من خلفها 


-إجري ياختي إجري

-عاتبته سُمية:يا سي مُحرم مينفعش كدا… 


صعدت سديم إلى الغُرفة و دلفت لتجد أرسلان يرتدي بِنطاله و يلتقط قميصه فـ نظر إليها و قال بعدما عاود النظر إلى ثيابهِ التي بـ يدهِ 


-فكرتك هتطلعي لما أنزل… 


تنهدت سديم و إقتربت منه قائلة و هي تُغلق الأزرار بـ يدٍ واحدة، الأصح تُعافر لغلقها


-هو أنت متعديش قعدة مع بابا إلا و دابب خناقة معاه!... 


أبعد أرسلان يدها بعدما يئس من إغلاقها الأزرار و قال ساخرًا بـ برود


-أبوكِ اللي بيجر شكّلي

-دافعت عن والدها قائلة:عشان أنت بتستفزه

-إلا أنه قال بـ بساطة:عشان مش طايقني… 


همّت بـ النفي إلا أنها لم تستطع فـ أرسلان مُحق، والدها لم يُحب أرسلان أبدًا، بـ الأحرى يمقته و لكنه يتغاضى فقط لأجلها 


مشط أرسلان خُصلاته و ضحك بـ سُخريةٍ ثم قال و هو يتكئ إلى طاولة الزينة 


-أديكِ مش قادرة تنكري

-أرسلان! 

-مش اسم شركة هو، مش كل ما تتنزقي تقولي أرسلان 

-هتفت بـ غضب:أرسلان!! 

-رفع حاجبه و قال:يعني لما تغيري النبرة كدا هيختلف المعنى… 


ضحكت و إقتربت منه تُعانقه ثم قالت و هي تضع ذقتها على صدرهِ و تهمس بـ إغواء


-مش كفاية إني بحبك عشان تستحمل بابا!... 


ربُما سديم بطيئة الفهم و أحيانًا كثيرة يُغادرها ذكاءها، و لكن حينما يأتي الأمر لأرسلان فـ هي الأكثر فهمًا على الإطلاق، تكفي لين نظراته و عُمقها الذي يحتويها من رأسها حتى أخمص قدميها، و الأمان الذي يبُثه بها رغم قتامة النظرات التي يرمقها بها، الدفء الذي يصل إلى الإشتعال و الحرارة التي تكتنفها في أكثر لحظاتهم خصوصية 


لذلك لم تستطع ألا تفهم تلك النظرة التي إحتوت روحها فـ تبسمت سديم و كأنها إمتلكت العالم أجمع، رغم ثقتها أن أرسلان يُحبها إلا أنها في بعض الأحيان تحتاج إلى الإستماع إليها و تأكيد الحُب


هي ملكة، و الملكات لا ترضى بـ الفُتات


*****


همهمات تنتشر كـ النار في الهشيم كما يُريد تمامًا، النيران المُشتعلة من الصباح و التي تعمد إشعالها قبل أن يأتي تزداد و تُنير فـ ينعكس بريقها المؤذي داخل مُقلتيه


قبل صعود سديم إلى غُرفتهِ


أمسك أرسلان هاتفه و أجرى إتصالًا سريع، و الإجابة كانت أسرع ليقول بـ نبرةٍ جامدة شديدة البرود و الهيمنة


-بلغ مراتك تقوم بـ دورها

-إعتبره حصل يا باشا… 


ثم أغلق الهاتف و ألقاه لتدلف بعدها سديم، رغم إتساع عينيه الطفيف إلا أنه تم الأمر و إنتهى، كل وعوده كاذبة لها و كلماته التي بلا معنى في طمأنتها كانت فاشلة، لن يعود مُجددًا لنقطة الصفر لن يتخاذل ليخسر كما خسر سابقًا 


ضمها بين ذراعيهِ و إعترافها الذي أدلت به للمرة التي فَقَدَ عدها إلا أنها في كُل مرة تتفوه بها، تُضفي رونقها الخاص، و مذاقها المُنعش الذي يتخلل خلاياه و يملأه غرور، إلا أنه لن يستطع الوفاء بـ عهدٍ تلقى درسه سابقًا و كانت خسارته فادحة


و أما خسارتها فـ هي الخسارة القاتلة


إهتز هاتفه و نظر إلى الرسالة النصية ليجدها من الشخص المطلوب و محتوى الرسالة ينص


"تم يا باشا، و الدايرة ضاقت" 


و كان عليه الرحيل ليصطاد الفأر كما يُحب


"العودة إلى الوقت الحالي" 


ظل أرسلان يُراقب آلات المراقبة و العاملين من غُرفتهِ حتى أتى وقت إستراحة الغداء، ليُغلق الحاسوب ثم خرج و ترك الغُرفة ليأكل، إلا أنه كان يُتم خطوة من خطتهِ


مرت دقائق و إختفى جميع العاملين، ثم ظهر الجرذ ليبتسم أرسلان و من ثم قرر الذهاب حقًا ليأكل


في موعد الرحيل أو ربُما بعده بـ قليل


كان يتلفت حوله بـ ترقب و تحفز، لقد وقع بـ فخ الشيطان و الذي لم يكن يتوقعه أبدًا، إشاعة تفريغ آلات المُراقبة كانت خدعة و وقع بها كـ الأحمق، لم تكن الآلات تعمل لأنه إستطاع تعطيلها بـ نفسهِ لفترة زمنية قصيرة تُمكنه من تنفيذ مُخططه


أسرع ليصل إلى سيارته و لكن قبل أن يصعدها أتاه إتصالًا و كان يعلم هوية المُتصل فـ أجاب


-وقعت فـ فخ أهبل، بعد كُل اللي عملته دا

-أتاه الصوت ذو اللغة الغريبة:عشان غبي و مُتسرع، قولتلك إنه أذكى منك بـ مراحل

-تمتم بـ غيظٍ:مكنتش مفكر كدا، و بعدين إتعمدت إني أفضل مجهول فـ الشركة

-و أديك مش هتعرف تعمل حاجة… 


زفر الآخر بً ضيق ثم هتف بـ عصبية مُفرطة


-طب هعمل إيه! 

-سأله الآخر:حد بيراقبك! 

-لأ 

-حد شك فيك، أو نظراته كانت عليك! 

-أجاب نافيًا:برضو لأ 

-تنهد و قال:يبقى خليك فـ الشركة لحد ما تعرف أخره إيه و إستنى نشوف رد فعله… 


هدر بـ غضبٍ و جسدهِ ينتفض دون أن يجد القُدرة على السيطرة على عُلو نبرته لربُما يسمعه أحدهم إلا أنه لم يأبه


-بقولك تقريبًا عرفني، أستنى إزاي!... 


فتح سيارته ذات الطراز القديم ثم صعد بها و إنتظر حتى أتاه رد الطرف الآخر و الذي أتى باردًا شديد البرودة و الغيظ


-أنا عارف أرسلان الهاشمي، مش هيقرب منك غير لما يوصل لـ اللي فـ دماغه

-جأر الآخر بـ حدة و غضب:أنا أعرفه أكتر منك…


زفر بـ قوةٍ و برزت عروق نحره بعدما إستمع لضحكات الآخر المُستفزة ثم قال قبل أن يُغلق


-بقولك إيه! إقفل و بكرة تنزل القاهرة عشان نتكلم و إلا أرسلان الهاشمي هيكون عنده كُل حاجة تخصك… 


سكنت ضحكات الطرف الآخر و عَلِمَ أنه وصل لمُبتغاه فـ استطرد بـ خُبثٍ 


-و بما إنك عارف أرسلان الهاشمي، فـ أنت عارف هيعمل إيه… 


أغلق الهاتف ثم ألقاه جواره و قام بـ تشغيل المُحرك و تحرك بـ السيارة القديمة، ما أن خرجت السيارة من إصطفافها حتى ضغط على المكابح فجأة و هو يجد ظل يعرفه جيدًا يقف مُعيقًا حركة السيارة


أضواء السيارة التي ألقت بـ ضوءها على ذلك الوحش الواقف جعلت أسنانه تصطك و بدنه يرتعش، كان يقف واضعًا يده بـ جيبي سُترته الشتوية و يقف بـ هيمنة تتحدى أي شخصٍ على أن يجرؤ و يتقدم خطوة


ساعدت تلك الأضواء أن يرى عيني أرسلان و التي تكاد تبتلع الوسط من فرط قتامتها و دوامتها التي تهوى بـ الجميع في هوه بُركانية تُشبه جحيم ناري، تقدم أرسلان خطوة و أُخرى ثم وقف من جديد و هتف بـ صوتٍ أسود يخرج من وحشٍ و هديره يجعل الزُجاج على وشك التهشم 


-جدي زمان الله يرحمه قالي لو عايز تصطاد فار، حُطله مصيدة… 


إرتسمت إبتسامة تحمل شر العالم و جنونه و ملامحه التي وزات إبتسامته جنونًا فـ جعلت منه قاتل على وشك نحر عُنق مَنْ يُصادفه بـ طريقهِ فقط ليُشبع جنونه، ثم استطرد حديثه بـ هسهسة أفعى سامة، خبيثة كـ معاني كلماته


-بس عشان تجذبه لازم تغريه، فـ حُطله أكتر حاجة بيفضلها، بتخلي لُعابه يسيل فـ يجري على المصيدة من غير ما يفكر إذا كان فخ أو لأ… 


قبض على المقوّد و أراد فجأة لينتهي من ذلك الكابوس أن يتحرك بـ السيارةِ و يدهس أرسلان إلا أنه لم يُنهِ لعبته بعد، و إستمتاعه قد بدأ يصل إلى ذروته لذلك عليه الإنتظار و فقط سيجعل ذلك الشيطان يعود كما كان و أكثر 


أخرج أرسلان يده من جيب سُترتهِ و معها عُملة معدنية ثم أكمل حديثه دون أن يتحرك خطوة واحدة 


-و لو طلع ذكي و مراحش المصيدة، جدي قالي رُش دقيق فـ المكان عشان تعرف بيدخل و يُخرج منين… 


تلاعب بـ العُملةِ بين أصابعهِ و الآخر بدأ يتعرق و جسده ينتفض، فـ أكمل أرسلان حديثه و بـ نبرةٍ مجنونة، شرسة تحمل الرُعب ما يجعله قادر على إذابة عظام ذلك الجالس داخل سيارته


-و لما بتوصله، بيكون قدامك إختيار من إتنين، يا تسربه… 


ألقى أرسلان بـ العُملةِ في الهواء و تركها تسقط أرضًا ثم نظر إليها ليجدها إستقرت على الصورة فـ إبتسم، و إبتسامته تعني العبث، و العبث في مفهوم الشيطان تعني إصطياد و الصيد هُنا يعني تعذيب، و هُنا أرسلان الهاشمي عاد شيطانًا كما كان يرجو 


ليُهسهس أرسلان بـ نبرةٍ ساحقة تكاد تُهشم سقف السيارة عليه و حينها توقف قلبه عن النبض، لم يكن يعلم أن الشيطان قد يصل إلى تلك المرحلة من الجنون و ما سمعه و شاهده لم يكن يفي حق ذلك الشيطان حقًا و هو يعيش مكان إحدى ضحاياه


-يا إما تقتله… 


بهتت ملامحه و حاول التحرك بـ السيارة إلا أنها لم تعمل، ليُخرج أرسلان قطعة صغيرة و قهقه ساخرًا، و السُخرية سوداء كـ نظرته المُخيفة


-يا أخي الحتة الصُغيرة دي بتعمل عمايل فـ العربية، يوضع سره فـ أضعف خلقه 

-سأل بـ نبرةٍ ترتجف:عرفتني منين! 

-مال أرسلان بـ رأسهِ و هتف:مهما بلغ ذكاء الشخص، بيجي يقع فـ حفرة صغيرة و دا عشان هو مبيتوقعش إن لعبة صغيرة زي دي خصمه يقدر يستخدمها… 


فجأة إبتسم الآخر بـ جنون و هتف بـ نبرةٍ فحيحة 


-بس دايمًا بتقع فـ غلطة متعملش حسابها… 


إصطدمت عصا غليظة خرجت من العدم بـ رأس أرسلان ليسقط أرضًا فاقدًا للوعي، ليترجل من السيارة و يدنو من أرسلان الذي تسيل الدماء من رأسهِ و هسهس


-كدا نلعب على نور يا شيطان… 


ربت على كتفهِ و رحل مع صاحب العصا و الذي جاء لتنفيذ مُهمة ليست بـ نافذة

الفصل الثالث عشر من هنا

تعليقات



×