رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الثالث عشر 13 بقلم اسراء علي


 رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الثالث عشر 


أشعر وكأني بـ سباقٍ لن ينتهي فـ متى يحين خط النهاية وأربح
بكِ!!!... 

ظلت تركض خلف أولئك الراكضون ناحية إنحراف سيارة جواد..  عيناها لا تُبصر بها من كثرة العبرات المُتجمعة.. وقلبها يصرخ بـ ضربات قاتلة توشك على الهرب من موضعها الطبيعي 

وصلت إلى حيث السيارة لتتسع عينيها بـ إرتياع كبير يوشك على إبتلاع روحها المُهشمة وهي تنظر إلى الحُطام.. السيارة كانت عالقة بـ مُنحدر على غُصن شجرة كبيرة لا أحد يعلم من أين أتت

وجدت أصدقائه يركضون بلا تردد إلى الجرف حتى وصلوا إلى السيارة

نظر أحدهم من خلال النافذة المُحطمة بـ الجهة المُقابلة ليجد جواد فاقد الوعي و جبهته و وجهه ينزفان بـ غزارة.. رفع رأسه إلى الآخرين وهدر بـ صوتٍ عال

-حد يتصل بـ الإسعاف بسرعة.. ونادوا على فرقة الإنقاذ… 

أخرج أحدهم هاتفه وإتصل بـ فرقة الإنقاذ التابعة لذلك السبق.. بينما چيلان لم تتحمل أكثر لتنزل هى الأُخرى رغم مُحاولات الجميع بـ منعها خوفًا عليها من السقوط ولكنها لم تأبه

كادت أن تزل ساقها وتقع عم الجرف ولكن أحد أصدقاء جواد إلتقط خصرها وتساءل بـ قلق

-أنتِ كويسة! 
-أومأت ثم قالت باكية:فين جواد! عاوزة أشوفه… 

أمسك كتفيها ثم قال بـ جدية وهو يُحاول إثناءها عن رؤية توأمها بـ ذلك الوضع القاتل 

-إسمعي يا أنسة.. بلاش تنزلي أكتر لتقعي.. المُنحدر خطر
-صرخت بـ إهتياج:عاوزة أشوف أخويا.. إبعد عني… 

أبعدت يده عن كتفها وإندفعت لتزل قدمها مرةً أُخرى وسقطت على رُكبتيها ولكن ذات الشخص أمسكها من يدها مانعًا سقوطها عن الجرف

زفر بـ يأس وهو يراها تُحاول إفلات يدها ولكنه شدد عليها وقال بـ قوة

-طب إهدي أنا هوصلك… 

أنهضها ثم سحبها بـ حذر خلفه حتى وصلا إلى السيارة.. لتقف أمامها مذعورة يكاد يُغشى عليها من هول المشهد.. تمسكت بـ النافذة وبقت تُحدق بـ جواد الفاقد الوعي بـ هلع وتلك الدماء لا تتوقف عن السيلان 

عضت على شِفاها السُفلى وبكت بـ قوة ثم. همست بـ إرتجاف لا تعلم إن كان جسديًا أو روحيًا ولكن كل ما تعلمه أن الإرتجاف قوي و هي على وشك السقوط ولولا يدها التي تدعمها 

-جواد!!..جواد أنت عايش و كويس صح!.. أرجوك رد عليا… 

ولكن الصمت كان حليفها.. لتبدأ بـ الصُراخ وهي تُحاول فتح باب السيارة ثم صرخت بـ غضب و خوف

-أنتوا مش بتفتحوا الباب ليه!.. سايبينه جوه ليه؟.. إفتحه الباب دا… 

أمسكها صديقه وأبعدها عن السيارة حتى لا تتسبب بـ سقوطهما معًا ثم قال بـ جدية و صوتٍ عال

-يا أنسة إهدي.. فرقة الإنقاذ جاية.. مش هنقدر نطلعه عشان يمكن يكون فيه كسور فـ يحصلها تضاعف 
-لتهمس هي بـ صوتٍ أبح:طب هما إتأخروا ليه!... 

نظر إلى أعلى ليجد فرقة الإنقاذ قادمة بـ زيهم المُميز ثم عاد ينظر إليها قائلًا 

-هما هنا خلاص.. متقلقيش… 

نظرت إلى الأشخاص الذين يركضون بـ زيٍ برتقالي مائل إلى الأحمر متوجهين ناحية السيارة.. ليبدأ جسدها بـ التراخي وجفنيها يثقلان دون إرادةً منها رغم مُحالاوتها المُضنية للبقاء واعية ولكن الظلام هزمها لتستسلم لفُقدان الوعي مُرحبة

***********************************

فتحت جفنيها الثقيلين وأصوات بعيدة تداخل مع صوتٍ واحد تخشى أن تسمعه يهدر بـ قوة أيقظتها

نظرت إلى وجوه المُحيطين بها بدءًا من روجيدا التي تبدو ملامحها وكأنها رأت شبحًا مُخيف إلى جاسر الصياد.. وحينما إلتقت أعينهم أغلقت خاصتها سريعًا 

سمعت صوت والدها يهدر بـ حدة أفزعتها فـ جعلتها تُغمض عيناها أكثر حتى تجعد جفنيها

-فتحي عينك متعمليش نفسك مُغمى عليكِ…

فتحت جفنيها بـ صعوبة ويد والدتها تربت على خُصلاتهِا المُتهدلة جوارها وحدقت بـ والدها وملامحه الشرسة كانت قادرة على إرداءها قتيلة 

إبتلعت ريقها الجاف بـ صعوبة ثم همست بـ صوتٍ خافت وعينين بدأت تدمع بـ قوة ما أن إستعاد عقلها أحداث اليوم

-جواد فين!.. هو كويس مش كدا؟!... 

إنحنت روجيدا تُقبل جبينها ثم همست بـ حنان وهي لا تزال تربت على خُصلاتهِا 

-كويس يا حبيبتي وطلع من العمليات من ساعتين 
-قالت وهي تُحاول النهوض:عاوزة أشوفه… 

وحين حاولت النهوض دفعها جاسر بـ قسوة لتعود على الفراش مُرتمية ثم هدر بـ فحيح أفعى مُبعدًا روجيدا عنها فـ إنكمشت چيلان بـ خوفٍ

-و إيه اللي وداكِ مع جواد السبق دا!.. مش السباقات دي غير قانونية برضو ولا أنا بيتهيقلي!! 
-إندفعت روجيدا إلى إبنتها وقالت بـ حدة:براحة يا جاسر مش كدا.. بالهدوء هنفهم
-ولكن جاسر صرخ بـ غضب:إبعدي أنتِ يا روجيدا دلوقتي… 

ثم إقترب منها ورفع رُكبته اليُسرى على طرف الفراش ثم دنى منها 

-أجي ألاقي بنتي شايلها عيل ميسواش جنيه!.. ما شاء الله بنت جاسر الصياد يشيلها عيل ويلمس جسمها براحته مش كدا!
-أنا آآآ… 

ضرب جاسر طرف الفراش بـ قوة ثم هدر وهو يُمسك ذراعيها

-إنطقي روحتي ليه مع جواد! 
-همست بـ نشيج خائف:روحت عشان.. عشان اللي أنت عملته
-رفع حاجبه وقال بـ إستهجان:بتعاقبيني يعني؟!... 

حركت رأسها نافية بـ شدة ولكنه لم يأبه بل نفض يده عنها ثم همهم بـ غضب أسود

-وليا حساب مع الباشا لما يفوق… 

إرتمت چيلان على الفراش وبكت بـ قوة لتُعانقها روجيدا مُربتة على ظهرها.. ثم نظرت إلى جاسر بـ عتاب فـ أدار وجهه بعيدًا عنها زافرًا بـ تعب

لن ينسى تلك اللحظة حينما أخبره أحد أصدقائه أن جواد قد وقع عن مُنحدر وهم الآن بـ المشفى و إبنه داخل غُرفة الجراحة.. حينها شعر بـ أن روحه تُغادر جسده وأن قلبه توقف عن ضرباته بل أصبح مُجرد عضو بائس يُشاركه الألم

وحين أتى إلى المشفى ساد الهرج وهو يتوعد ويضرب.. لم يسلم منه أحد حتى أفراد الأمن لم يفلحوا بـ إبعاده.. بل و لم يقتصر على ذلك وهو يتهجم على أحد الأطباء القائمين بـ الجراحة بـ السباب والتوعد إذا لم يفق جواد

وبقى مُرابطًا أمام غُرفة الجراحة ما يقرب الساعات دون أن يتعب حتى حينما أخبروه أن چيلان تُعاني من صدمة وأنها تصرخ لم يذهب بل يكفي ما رآه وهو يدلف إلى المشفى.. إبنته بين يدي شاب لن يستطيع وصف ما شعر به ولكن ما حدده وقتها أن دماءه تغلي وبـ شدة حتى إحمر وجهه وبـ كلمة خافتة ولكنها خروجها بـ تلك الطريقة المُذيبة للعظام والنظرة النارية بـ نيران سوداء حتى إستحال عسلها المتوهج إلى بنزين مُشتعل جعلت الشاب يتركها سريعًا بين يدي إحدى المُمرضات

بعد خروج الطبيب والذي أخبره سريعًا خوفًا من بطشه الذي لم يسلم منه أحد

-إبن حضرتك كويس.. مجرد كسور ركبنلها شريحة فـ رُكبته اليمين و عضم الجمجمة في شرخ وإن شاء الله نتأكد مفيش مُضاعفات أو نزيف داخلي.. وبـ النسبة لدراعه اليمين فـ هو مكسور كسر بسيط شهر واحد وهنشيل الجبس.. بـ النسبة لرجله ممكن يعاني بعدين من عرج نقدر تنفاداه بـ العلاج الطبيعي بس مقدرش أجزم إنه يروح… 

شرح طويل إختصره بـ كلمات سريعة حتى يهرب من أمامه.. أخبره أحد أصدقاءه أن جزع الشجرة العالق بـ المُنحدر قد خفف من وطأة السقوط

ولكنه قابل كُل ذلك بـ هدوء.. هدوء تخشاه روجيدا وتعلم أن ما بعده عاصفة لن تبقِ ولا تذر

عادت من ذكرياتها على صوت جاسر وهو يقول بـ خشونة

-قومي شوفي جُلنار 
-ردت بـ إعتراض:لأ روح أنت
-روجيداااا!!... 

تحذيره جمدها أرضًا لتجد نفسها تنهض بعد فترة ليجلس بـ جوار چيلان التي إنكمشت على نفسها خوفًا ولكنه جذبها إلى صدرهِ وهمهم

-قلقتوني وموتوني خوف عليكوا.. أنا مش حِمل خسارة حد فيكوا… 

قَبّل رأسها ثم ضمها أكثر إليه.. لتتشبث بـ سترتهِ فـ أكمل حديثه وهو يبتسم بـ شرود

-چيلان بُصيلي… 

رفعت رأسها بـ تردد ليُزيل عبراتها بـ يدهِ ثم قال بـ حنان به خشونة 

-عارفة لو حصلك حاجة كُنت هموتك أنا بـ إيديها 
-أنا أسفة يا بابتي… 

همست بها بـ خفوت ليعود ويضمها جاسر إلى صدرهِ مُجددًا مُتكئ بـذقنهِ إلى قمة رأسها ويده تتحرك على ظهرها بـ روية حتى نامت

أبعدها عنه ثم مددها على الفراش ودثرها جيدًا.. مال يُقبل جبينها وخرج مُناديًا إحدى المُمرضات قائلًا

-خلي بالك منها.. أربعة وعشرين ساعة جنبها وحسابك عندي… 

أومأت بـ رأسها ودلفت بينما هو أكمل طريقه إلى حيث روجيدا وجُلنار التي ظهر عليها إمارات التعب.. ربت على وجنتها وقال بـ جدية

-روحي أنتِ يا جُلنار شكلك تعبان 
-قالت نافية:مش همشي غير لما أطمن على جواد وچيلان… 

كاد أن يعترض ولكن أحد رجاله أتى مُهرولًا يُخبره بـ خفوت

-العربية كان ملعوب فـ الفرامل بتاعها يا جاسر باشا… 

***********************************

في صباح اليوم التالي

فتح جواد جفنيه بـ تأوه ولكن سُرعان ما إتسعت عيناه ثم قال بـ صدمة وهو يُبصر ذلك الوجه القريب من وجههِ كثيرًا كـ الدُب

-يامة… 

إبتعدت جويرية تقول مُبتسمة بـ سماجة وهي تنظر إلى جاسر

-لسه عايش يا بابتي متخافش… 

إبتلع جواد ريقه بـ صعوبة ثم إستدار بـ رأسهِ ليرى جاسر جالسًا فوق المقعد أمام فراشهِ يتكئ بـ يدهِ إلى ذقنهِ ويُحدق به بـ هدوء.. حينها عاد بـ رأسهِ سريعًا إلى جويرية وقال بـ تحشرج

-جويرية نادي الدكتور بـ. سُرعة حاسس بدوخة
-أتاه صوت جاسر هادئًا:والله ولو وزير الصحة مش هيرحمك مني
-رد جواد بـ حسرة:يعني أتشاهد! 
-أجاب جاسر بـ بساطة:أحسن حاجة تعملها فـ دقايقك الأخيرة… 

ضحكت جويرية بـ خفة لينظر إليها جواد بـ توعد و رحلت بعدها لتُخبر والدتها بـإستيقاظ شقيقها ثم تساءل بـ إهتمام

-چيلان كويسة! 
-تساءل جاسر بـ سُخرية:تهمك أختك دلوقتي!! 
-أجاب جواد بـ تأكيد قوي:طبعًا تهمني.. هي كويسة؟ 
-تساءل جاسر مرةً أُخرى بـ هدوء ظاهري:ولما هي تهمك بتاخدها معاك سباقات زي دي ليه!... 

ضم جواد شفتيه بـ حرج لا يجد ما يقوله فـ والده معه كل الحق.. ما كان يجب إقحام چيلان إلى تلك السباقات الغير مشروعة.. تطلع إلى جاسر وهو ينهض مُتجهًا إليه ثم دنى وهمس بـ قوة 

-كويس إن الحادثة مخلصتش عليك عشان أنا ناوي أعملها
-همس جواد بـ تردد:آسف يا بوس
-هدر جاسر:وأعمل إيه بـآسف وأنا شايف أختك شايلها عيل ***من صحابك! .. ولا وأنا واقف زي الشحاتين قُدام أوضة العمليات عشان أطمن عليك سيادتك!..ولا قهرة قلب أمك اللي كانت هتروح فيها وأنا جايبها هنا! قولي يا مُحترم… 

حمحم جواد ثم قال وهو يُحاول النهوض فـ ساعده جاسر بـ ذات الوجه المُتجهم

-عارف إني غلطت بس چيلان كانت محتاجة تفصل عن اللي حصل
-يا أخي عنها ما فصلت… 

وضع جاسر يده بـ خصرهِ ثم قال وهو يتفحص جواد بـ نظراتٍ مُدققة

-ثم مين اللي بيحبك أوي كدا عشان يلعب فـ فرامل عربية الفول اللي كُنت راكبها!... 

لم يتصنع جواد عدم الفهم بل قال بـ شرود غاضب

-معرفش.. بس شاكك فـ واحد كدا
-ضحك جاسر وقال:عريس الغفلة يا دُغف
-زم جواد فمه وقال:كُنت مُتأكد
-رفع جاسر حاجبه وقال بـ إستنكار:مش كُنت شاكك من شوية؟! 
-لأ منا بتأكد فـ نفس الثانية اللي بشك فيها… 

نظر إليه جاسر بـ يأس ثم قال وهو يعود إلى مقعدهِ قبل أن تستيقظ روجيدا

-ناوي على إيه يا باشا!... 

إبتسم جواد إبتسامة شبية لإبتسامة أبيه عندما يحيك لشئٍ ما ثم قال بـ بساطة أعجبت جاسر

-رجالة الصياد مبتسبش حقها… 

بعد عدة دقائق

كانت روجيدا وتتبعها جُلنار وشقيقتيه والجميع.. وقعت عيناه على عيني إيلاف الباكي فـ إبتسمت عيناه المجهدتين لها فـ إبتسمت له

تقدم منه سامح ثم قال وهو ينظر إلى حالهِ بـ شفقة

-ألف سلامة يا جواد.. أنت إتكحرت يابني...

رد عليه جواد دون أن يحيد بـ عينيهِ عن إيلاف الخائفة بـ مُزاح

-أبدًا يا عمي أنا حبيت أعمل نيولوك يمكن أعجب
-ضحك صابر وقال بـ مُزاح:بس لايق عليك أوي يابن جاسر.. لأ منوع يعني
-رد عليه جواد بـ إبتسامة سمجة:شوف اللي يعجبك وأنا أثبته
-عاد سامح يقول:يعجبني فيك إنك متكحرت أه بس مفقدش روح الظُرف اللي جواك
-ضحكت جُلنار قائلة:موهبة لا يمتلكها الكثير يا أنكل… 

ضحك الجميع لتقترب جويرية من شقيقها قائلة بـ مُزاح

-مش عشان واحدة مش بتحبك تقوم تنتحر.. يعني لا فالح فـ حُب فـ الدنيا.. ولا هتدخل الجنة فـ الآخرة
-صرخ جواد بـ غضب:جُلناااار خُديها من هنا دي هتموتني
-همهمت جويرية بـ إعتراض:إذا كانت الحادثة معملتهاش.. هعملها أنا! 
-زم شفتيه بـ إمتعاض:إن في ذلك حكم يا قصيرة… 

مضت فترة تبادل بها الجميع الحديث والمرح بينما جواد عيناه لم تبتعد عن إيلاف التي همست عندما وقعت عينيها أسيرة خاصتهِ ثم نهضت إليه بـ إبتسامة

-حمد لله على السلامة
-رد عليها بـ شرود:بحبك… 

إرتفع حاجبي إيلاف بـ ذهول ثم قالت بـ صدمة وهي تبتعد عنه خطوة واحدة

-أفندم! 
-تدارك جواد نفسه قائلًا:إيه.. لأ أبدًا.. دا أنا كان قصدي أقول الله يسلمك بس إتربطوا بـ بعض وطلعت كدا… 

عقدت ذراعيها أما صدرها وقالت بـ نبرةٍ ذات مغزى

-الله يسلمك طلعت بحبك
-شوف يا أخي لا سحر ولا شعوذة.. كله ماشي بـ أمره
-ضحكت إيلاف ثم قالت بـ عدم تصديق:أنت مش مُمكن
-رد عليها بـ بساطة:مش مُمكن ليه ما أبويا عملها فـ بقيت مُمكن… 

تضرجت وجنتها بـ خجل ثم قالت بـ إرتباك وهي تحيد بـ نظرها عنه

-جواد كدا عيب
-وبـ ذات البساطة قال:ما هو عشان عيب قولته
-رمقته بـ خجل أكبر وقالت بـ إستنكار:تؤ بقى… 

حرك يده بـ مسرحية ثم قال بـ إبتسامة عابثة كـ نظراتهِ 

-أه بقى.. أمتى الغزال يحن! 
-عضت على شِفاها السُفلى وقالت بـ نبرةٍ خافتة:يا جواد بس بقى الله
-غمزها بـ مكر وقال:صبرك عليا.. أخف وأبقى زي الحُصان وهوريكِ جواد الصياد هيعمل هيبس ولا مش هيبس… 

************************************

في المساء

توجهت جُلنار إلى الحديقة الخلفية للمشفى لتجد صُهيب ينتظرها كما أخبرها بـ رسالة نصية مُنذ ساعة تقريبًا.. إبتسمت ثم تقدمت منه وهو جالس يكاد يحرق المكان من حولهِ

-متأخرتش زي ما قولتلك… 

نطقت بها وهي تُحدق به بـ براءة فـ إلتفت إليها سريعًا ثم نهض بـ بُطئ فـ تراجعت بـ توجس ليقول وهو يُحدق بها بـ نظرات نارية

-متأخرتيش ها! 
-أكملت بـ نفس البراءة:زي ما قولتلك… 

ظلت تتراجع وهو يتقدم منها حتى إلتصقت بـ شجرة ٍ خلفها ليُحاصرها بينه وبينها

إتكئ بـ مرفقهِ فوق رأسها وأشرف عليها من عليّ ثم قال بـ خفوت خطير

-ساعة ومتأخرتيش.. هو دا مفهومك عن عدم التأخير!... 

أومأت بـ بُطئ وهي تبتسم فـ أكمل مُتساءلًا وهو يُحدق بها بـ عُمق
-المفروض كُنت أستنى كام ساعة عشان تكوني إتأخرتي! 
-ضحكت قائلة بـمُزاح:بتعرف تعد لحد كام! 
-رفع حاجبه وقال بـ مكر:لحد أما تتعبي أنتِ… 

ضمت شفتيها بـ أسف ثم قالت وهي تُحدق بـ وجههِ بـ عينيها الجامحة

-خُسارة..يبقى هتستنى كتير
-أمسك ذقنها وهمس:وأنا صبري أطول… 

وضعت يدها على يدهِ الموضوعة على ذقنها وتساءلت بـ همسٍ ساحر

-يعني مش هتزهق! 
-أجاب بـ نفس الهمس:تؤ.. مقدرش أصلًا… 

ضحكت بـ  رقة سلبت لُبه دون أن تُبعد يده أو تُبعده عنها.. بل ظلت زارعة عيناها بـ خاصتهِ ليتنحنح هو بعد مُدة يطرد تأثيرها الخبيث عليه

-جواد عامل إيه! 
-قالت بـ إبتسامة رائعة:الحمد لله بقى كويس.. حتى الأشعة طلعت سليمة 
-إبتسم لإبتسامتها وقال:الحمد لله… 

ظلت صامتة لمدة طويلة قبل أن تسأله ما يُؤرقها مُذ أن عَلِمت بـ حادث شقيقها بـ تردد ظهر جليًا على ملامحها فـ إلتقط ترددها وكذلك سؤالها ولكنه آثر الصمت وإنتظارها لتسأله فـ يُجيب بـ صراحة 

-عمك له علاقة بـ الحادثة دي!... 

لم تنمحي إبتسامته بل قال بـ نبرةٍ هادئة مُتوقعة لسؤالها الذي إنتظره مُنذ قدومه 

-أكدب عليكِ لو قولتلك مشكتش إن هو ولا لأ.. خصوصًا إني بماطله فـ موضوع الطار دا… 

إتسعت عيناها لصراحته لكنها لم تتوقع أنه يعلم سؤالها ولم يغضب لشكها به أو عمه ولكن أليس لها الحق!.. وصُهيب إلتقط كُل تلك التعبيرات منها وتقبلها بـ رحابة صدر ثم أكمل حديثه بـ رقة

-وعشان أقطع الشك بـ اليقين فضلت أدور وأفهم إيه اللي حصل بحد أما عرفت إن دا ملوش علاقة بـ عيلة الهواري… 

أومأت بـ خفوت ثم قالت بعد عدة لحظات وهي تنظر بعيدًا بما تسمح لها يده القابضة على ذقنها

-بتلومني علي شكي!... 

أجاب مُبتسمًا وهو يُعيد وجهها وخاصةً عينيها إليه وحدث بها بـ عُمق سبر أغوارها

-ولا للحظة واحدة.. بالعكس أنا معاكِ فـ شكك.. كُل حاجة هتحصل لعيلتك هفهم إتهامك لعيلة الهواري… 

إلتوى حلقها بـ تشنج ليربت على خُصلاتهِا ثم قال بـ رجاء مُبتسم ولا تزال عيناه تُحدق بـ فيروزها

-بس إوعي فـ يوم تتهميني.. تتهمي صُهيب اللي عمره ما كان من الهواري.. مأخدش منهم غير اسمي.. اللي هيفضل واصمة عار ليا
-تساءلت بـ خفوت:أنت مش غيرت اسمك! 
-أجابها بـ وضوح:حتى لو غيرته فـ البطاقة.. بس الحقيقة مش هقدر أغيره.. وأبوكِ هيفضل يقولي يا بن الهواري
-أردفت بـ سُرعة:بس أنت مش منهم… 

ضحك صُهيب ثم قال وهو يدنو أكثر منها مُستغل ذلك الظلام في حجب الأعين عنهم

-بس على الأقل مش بمفهوم جاسر باشا الصياد 
-رفعت كتفيها وقالت بـ بساطة:فـ إيدك تغير فكرته… 

مال بـ رأسهِ قليلًا ثم تساءل وهو يقطب جبينه بـ شك

-هتساعديني! 
-أجابت بـ نبرةٍ ذات مغزى : لو نويت… 

إبتسم بـ إشراق.. إبتسامة مُذهلة، رائعة بـ رجوليتها.. لذلك السبب الذي جعله يبتسم من الأساس ثم هتف بـ تأوه وهو يضع جبينه على جبينها

-أسيبك إزاي وأمشي دلوقتي!... 

تلاعبت يدها الماكرة كـ نظراتها بـ ياقة قميصه الأزرق الفاتح ثم قالت وهي تسبل جفنيها

-لازم تمشي قبل ما تتهور
-ضحك وقال:فعلًا لازم أمشي قبل أما أتهور… 

ظل عدة لحظات دون أن يتحرك أو يبتعد عنها كما من المُفترض لأن يحدث فـ ضحكت جُلنار وقالت بـ خفوت

-مش هتمشي! 
-تساءل بـ إمتعاض:لازم يعني!!... 

أومأت قليلًا نظرًا لذلك الأسر الذي تُعاني منه.. ليزفر بـ حرارة أرسلت رجفة قوية بـ جسدها وأشعلت به الحرارة ثم أبتعد عنها سريعًا وكان على وشك الإفلات

شعرت جُلنار بـ البرد بعد ذلك الدفئ الذي أحاط بها.. لتشعر بـ حزن صغير بـ زوايةٍ ما بـ قلبها ولكن لم يظهر ذلك الحُزن على وجهها بل ظلت تنظر أليه بـ إبتسامة مُهلكة كـ عينيها تمامًا

وعلى حين غُرة إقترب منها وقَبّل جبينها بـ عُمق جعلها تشهق من المُفاجأة ولكنه لم يسمح لها بـ الحديث إذ قال وهو يستدير راحلًا وكأنه يكبح جماح مشاعره تجاهها

-وصلي دي لجواد وقولي له حمدلله على السلامة… 

**********************************

إنتظر رحيله بـ قلبٍ يشتعل بـ غضب ناري ولكنه أحجم نفسه قدر الإمكان حتى يحصل عليها أخيرًا.. إقترب منها في ذلك الظلام وخلو الحديقة من البشر وعيناه ترسمان قدها وخُصلاتِها المُتطايرة بـ نعومة تسبي الأعين

كانت تحتضن نفسها وهي تُحدق بـ إثر رحيل الآخر وهو يتوعد بـ داخلهِ أنه سيقتله.. سيقتله حتى وإن كان آخر ما سيفعله.. ولكن الآن سيحصل عليها بـ القوة.. فـ مُمتلكات جاسر الصياد لا يتم الحصول عليها إلا بـ القوة

خرج من جيب بنطالهِ قطعة قُماشية بيضاء و بـ خُطىٍ حثيثة إقترب من الخلف حتى وصل إليها

حاوط خصرها سريعًا وبـ يدهِ الأُخرى كممت فاها بـ القطعة القُماشية.. بينما جُلنار كانت تصرخ وتركل ما أن حطت تلك اليد الغريبة على جسدها

وما زاد هلعها تلك اليد التي تُكمم فاها والراحة الغريبة التي تستنشقها و وعيها الذي يغيب عنها رويدًا رويدًا حتى شعرت أن العالم يغيب عنها تمامًا فـ تراخى جسدها بين يديهِ

ما أن شعر بـ مقاومتها تخفت تدريجيًا حتى سكنت تمامًا.. وضع القطعة القُماشية بـ جيب بنطالهِ ثم وضع يد أسفل رُكبتيها ورفعها بين يديهِ 

كانت خُصلاتهِا تتراقص على يدهِ فـ ضمها إلى صدرهِ وهمس بـ نبرةٍ ليست كـ الفحيح.. بل زمجرة أسد نجح بـ إصطياد فريسته

إتجه بها إلى السيارة ثم وضعها بـ رققٍ وقبل أن يبتعد.. سار بـ إصبعهِ على ملامحها بدءًا من جفنيها المُنغلقين بـ إستلام أعجبه حتى أنفها و وجنتها ثم وصل إلى شفتيها فـ توقف قليلًا هُناك وظل إصبعه يرسم حدودها بـ إشتهاء مُخيف قبل أن يُكمل رحلة هبوطه إلى عُنقها و عظمتي الترقوة البارزتين بـ تحدي ألا يلمسهم ولكنه فعل

ومال إليهم يُقبلهم بـ شغف عنيف ثم إبتعد لاهثًا ينظر حوله يتأكد أن لا أحد يراه.. وعاد ينظر إليها ليهمس وهو يجذب خُصلة يشتمها بـ عُمق

-شوية بس وتكوني ملكي.. ملكي أنا وبس.. وبعدين هفضاله… 

أغلق بابها بـ قوة ثم توجه راكضًا إلى مقعدهِ وقاد السيارة بـ سُرعة رهيبة 

بعد عدة ساعات

فتحت جُلنار جفنيها بـ تعب وهي تشعر بـ ثقل يجثم فوقها يكبح أنفاسها.. لتتسع عيناها بـ هلع وهي تجد ذلك الوجه المألوف يُحدق بها بـ جوع أفزعها

شهقت وهي تُحاول تُبعده ولكنه ضحك فـ صرخت ضاربة إياه بـ يدها الحُرة

-إبعد عني يا عبد الرحمن وبلاش شُغل جنان… 

ولكن لم يبدُ عليه التأثر بل ظل يُحدق بها بـ ذات الجوع ثم قيد يديها فوق رأسها وهمس بـ إشتياق مريض 

-وحشتيني يا جُلنار
-صرخت بـ هلع وهي تُحاول التملص:أنت مجنون!.. إزي تختطفنـ…

وضع يده على شفتيها يمنعها من الحديث فـ أكمل هو بـ شغف

-هششش.. أنا عملت كدا عشان بحبك.. ودي الطريقة الوحيدة عشان تبقي ملكي…

سكنت لتتساءل بـ توجس وقلبها ينبض بـ جنون لاهث أوجع عظام صدرها بينما جسدها يرتجف مُترقبًا لإجابتهِ

-طريقة إيه! 
-همس بـ أُذنها بـ فحيح مُفزع:اللي جاسر الصياد أخده مني بالقوة مش هسترده إلا بـ القوة برضو.. وقوتي دي هتكون ضاربة قاضية ليه…

تعليقات



×