رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الرابع عشر
لم أدُرك أن خلف ذلك الخوف أن هُناك روح تخشى فُقدانك
وأخشى أن هذا ما لا أتحمله…
بعدما صعد سيارته وضع يده على جيب بنطاله فـ وجد ما كان ينوي إعطاءها إياه لا يزال معه.. ضرب جبينه وقال بـ يأس ونفاذ صبر
-لما أنت رايح أصلًا عشان تديها اللي جاي عشانه وتمشي من غير أما تديه ليها يبقى اسمه إيه غير إنك…
صمت وهو لا يجد الوصف المُناسب لما يُريد إصاله.. لذلك زفر بـ قوة ثم عاد يترجل من السيارة وصفق بابها بـ عُنف ثم عاد من حيث أتى
كانت خطواته أشبه بـ الركض حتى يلحقها ولكن حين وصل لم يجدها.. وضع يده بـ خُصلاتهِ بـ إمتعاض ثم إستدار لكي يرحل ولكنه وجد شئيًا ما يلمع أسفل قدميه تحت الإضاءة الخافتة لأعمدة الإنارة المُتباعدة
عقد حاجبه بـ تعجب ثم إنحنى ليلتقطه فـ وجدها قلادة ليست بـ غريبة الشكل عنه.. نهض و رفعها أمام ناظريه وهو يُحدق بها بـ تدقيق حتى إتسعت عيناه وهو يكتشف أنا تخص جُلنار!!!
نظر حوله عله يجدها ولكن لا شئ.. لم تكن لتسقط من جيدها إلا عند حدوث مجهود عنيف.. إتسعت عيناه بـ إرتياع وتصاعدت ضربات قلبه وداخله حَدس يُنبئه بـ حدوث شئٍ سئ لها
عاد ينظر حوله بـ جنون إلا أن الصمت والخلاء كان ما يجده.. ركض كـ المجنون وهو يصرخ بـ صوتهِ كله فـ خرج جهوريًا، مُرعبًا
-جُلناااار.. جُلناااار!!...
ركض إلى البوابة الخلفية الاي دلف منها للتو ولكن لم يجد.. توقف بـ ذهول وكيف لم يفطن غياب حرس جاسر!.. كيف لم يفهم أن دلوفه ومُقابلة جُلنار ليست بـ تلك السهولة واليُسر ليجد والدها قد نسى وضع حريه حول المشفى بـ أكملها!
نهج صدره بـ أنفاس قاتلة تكاد تحرق أحشاءه.. قبض على القلادة التي بـ يدهِ ثم تمتم بـ ذهول
-معقول يكون عمي عملها!!...
لم ينتظر دقيقة أو حتى ثانية بل ركض إلى سيارتهِ و كانت وجهته.. كاريمان!!!!
********************************
إستيقظت على صوت طرقات قوية كاد أن يتحطم الباب من فرط قوتها.. لتنهض مذعورة ثم إرتدت مئزرها الحريري وركضت إلى الخارج ومن خلف الباب تساءلت بـ إهتزاز
-مين!...
ساد الصمت لثانية قبل أن تنتفض على صوتهِ الجهوري، المُفزع وهو يضرب الباب بـ قبضتهِ بـ كُل عُنف
-إفتحي يا كاريمان
-هدرت كاريمان بـ خوف:أنت مجنون!.. جايلي الوقت دا وبتقولي أفتح!...
ضرب الباب بـ قدمهِ بـ قوة إهتز لها ثم عاد يهدر دون أن يأبه لصوتهِ العالي أو خروج بعد الجيران لمُشاهدة ما يحدث بـ فضول
-بقولك إفتحي يا إما هكسره قبل ما أكسر دماغك…
تقدمت بـ ساق ترتعش ثم فتحت الباب وقبل أن تهرب كان صُهيب قد قبض على عُنقها وأغلق الباب خلفه بـ ساقهِ ثم دفعها إلى الأريكة لتتمدد عليها وهو فوقها هادرًا دون أن يأبه لصرخاتها
-عملتيها أنتِ وسليمان!
-حاولت التمصل صارخة:عملنا إيه!
-شدد على عُنقها وجأر بـ زمجرة:جُلنار فين!!
-هتفت بـ خوفٍ في المقابل:معرفش…
إهتزاز حدقتيها لجُزء من الثانية أخبرته أنها كاذبة وكان هذا كفيل بإطلاق مارده الشيطاني ودون مُقدمات صفعها بـ قسوة ثم جذبها من خُصلاتهِا بـ قوة آلمتها وعاد يهدر بـ فحيح قوي
-قُدامك خمس ثواني تقوليلي فيهم يا إما أنا مش مسئول عن اللي هعمله…
إبتلعت ريقها بـ صعوبة الذي إمتزج بـ دماءها إثر صفعته ثم أومأت بـ هستيرية خوفًا من بطش صُهيب الهواري.. بـ تلك اللحظة تحديدًا لم تخف أحد كما خافته الآن.. فـ ملامحهِ تحولت من هادئة إلى أُخرى شيطانية، مُخيف بشكل يُذيب العظام
**********************************
إصطكت أسنانها خوفًا من ذلك البريق الشهواني بـ عينيهِ وكاد أن يُغشى عليها ولكنها تماسكت حتى لا يعتدي عليها أثناء غيابها عن الوعي
لذلك جمعت قواها المُنهكة إثر الدوار تُحاول تخليص يديها من أسر يديه حتى نجحت ثم صرخت خادشة إياه بـ أظافرها الطويلة بـ عُنقهِ ليتأوه دون أن يبتعد عنها فـ صفعها هادرًا بـ قسوة
-جُلناااار!.. متخلنيش أفقد أعصابي وأتهور
-ضربت صدره بـ قوة وصرخت بـ شراسة:إبعد عني يا مجنون.. إبعد يا حقير…
كانت تضربه بـ قوة وتُقاوم بـ شراسة خيل جامح ولكنه نجح في تقييدها بـ يدٍ والأُخرى هبطت على وجنتها تصفعها بـ قوة أكبر أدت إلى سيلان الدماء ثم جأر بـ صوتٍ مقيت
-كُل اللي بتعمليه دا بيزيد من إصراري يا جُلنار.. بيزي وبيخيلكِ شهية أكتر فـ عيني…
ثم مال يشتم عُنقها لتشهق بـ رُعب.. هو مريض نفسي.. لا تفهم كيف أصبح هكذا!.. صرخت بـ ذُعر وجسدها ينتفض بين يديه حينما إستبدل أنفه بـ شفتيهِ يتذوق ما تطاله
تصلب جسدها ولكن ظلت إنتفاضته الداخلية مُستمرة.. تأكدت أن النهاية قادمة لا محالة وعليها الإستلام لمصيرها المُظلم
وفي غمرة مشاعره بها ضعفت قيد يداه عن يدها لجزء من الثانية مْكّنها من تحرير يدها ثم وبـ أول ما طالته يدها من الخلف ضربته بـ جبهته ولم يكن سوى أحد مُعدات تصليح السيارة
كانت حديدية ثقيلة أدت إلى إنبثاق الدماء وسقوطه مُترنحًا جوارها.. حاولت فتح الباب بـ رُعب ولكنه كان مُغلق بـ القفل الإلكتروني فـ صرخت بـ غضب
وجهت ما بـ يدها إلى النافذة وحطتها ثم ألقت بـ جذعها العلوي خارجها وقبل أن تتحرر وجدته يُمسك خصرها بـ ضعف يمنعها من الخروج.. إلا أنها ضربته بـ ساقها بـ وجههِ فـ تركها وأكملت هي هروبها وسقطت خارج السيارة
تأوهت بـ ألم ولكنها لم تأبه بل نهضت وعلى الرغم من الدوار وأثر المُخدر الذي لم يذهب بعد إلا أنها تمكنت من الركض بـ سُرعة بطيئة ولكنها كفيلة بـ تقليل مستوى الرُعب لديها
وضع يده على جبهته النازفة ليتأوه بـ عُنف ثم إنطلقت سبة نابية من بين شفتيه بـ ضعف ثم نهض بـ بُطء وقام بـ فتح الباب وإتكئ إليه حتى يستعيد إتزانه
مهما بلغت قوتها لن تؤثر عليه ضربة كـ تلك خاصةً بعد كُل تلك السنوات التي قضاها بـ التدريب القاسي حتى أصبح ما عليه الآن
إستعاد وعيه وخف الدوار ليعتدل من إتكاءهِ وظل يُحدق يمينًا ويسارًا ليرى أي إتجاه سلكت ولكنه فشل.. شد خُصلاتهِ بـ قوة ولكنه زمجر بـ تصميم
-مهما عملتي مش هتهربي مني يا جُلنار…
تحرك في إتجاه الجنوب من حيث أتى وهو يُخمن إنها ستعود لتبحث عن مُساعدة وركض خلفها ولكن صوت هاتفه جعله يتوقف ثم أخرجه ليجدها كاريمان.. زفر بـ نفاذ صبر لُيغلق بـ وجهها وأكمل ركضه إلا أن الرنين عاود ليهدر صارخًا بـ سبة ثم أجاب صارخًا بـ غضب
-عاوزة إيه!
-أتاه صوت كاريمان هادئ ولكنه مُذبذب بعض الشئ:أنت فين!
-هتف بـ حدة جهورية:أنتِ بتتصلي عشان تسأليني أنا فين دلوقتي؟
-صرخت بـ المُقابل وقالت:جاسر الصياد عرف إنك خطفت بنته وبيدور عليك.. وكلها خمس دقايق ويلاقيك وأنت عارفه.. فـ عرفني أنت فين يمكن أقدر أساعدك…
مسح على جبهته لتتلوث يداه بـ الدماء ثم أخبرها بـ مكانهِ وهو يُعاود الركض وقال بعدها بـ صوتٍ قاتم
-حاولي تدبريلي بيت أستخبى فيه عما أكمل اللي أنا عاوزه…
وعلى الجانب الآخر إشتعلت عيني صُهيب بـ نيران سوداء، شرسة وهو يستمع إلى تصريحهِ.. زمجرة داخلية كانت تصرخ للخروج من فمهِ ولكنه كبحها حتى يتأكد ويُريح قلبه أن لا أذى طالها
لكز كاريمان بـ ذراعيها بـ قوة لتتأوه بـ صوتٍ مكتوم وعرفت إلى ماذا يرمي لذلك سألت و بـ وضوح
-أنت عملتلها حاجة!...
توقفت أنفاس صُهيب وهو ينتظر الإجابة بـ قلبٍ يرتجف حتى رحمه عبد الرحمن وأجاب بـ صوتٍ قاتم
-لأ…
زفر بـإرتياح وأحس أن أنفاسه المسلوبة قد عادت إليه فـ أشار إليها أن تُنهي الحديث فـ قالت وهي تنظر إلى صُهيب بـ هيئته الهمجية والمُخيفة كـ شيطان أُطلق سراحه
-بعد أتنين كيلو من المكان اللي أنت فيه هتلاقي بيت مهجور هناك تبعنا.. هكلم راجلنا يوضبلك الدنيا هناك ويأمنها…
أغلقت بعدما رد عليها بـ كلماتٍ مُختصرة ثم نظرت إلى صُهيب بـ وجهها المُتورم إثر ضرباته وخُصلاتها المُشعثة وأردفت بـ وجوم
-أديك عرفت هي فين.. روحلها بقى وسبني
-أشار بـ سبابتهِ بـ تحذير قاسي:حسابك معايا تقيل أوي أُصبري…
ثم تركها ورحل لتنتفض على صوت صفع الباب بـ قوة جعلتها ترتعش.. صُهيب لم يعد ملكهم.. لقد إمتلكه جاسر الصياد.. لقد أصبح بطاقة هاوية لا تحوي على رصيد لإستغلاله وعليهم البحث عن آخر يُكمل الطريق
***********************************
-تمام.. لما جواد يقوم بـ السلامة هو اللي هيتصرف معاه.. إعم حاجة يكون تحت عينيك أربعة وعشرين ساعة…
أغلق جاسر الهاتف بعدما أنهى إتصاله مع أحد رجاله ثم كاد أن يعود لغُرفةِ إبنته چيلان ولكنه رأى أحد رجاله يهرول إليه ثم همس لاهثًا
-يا جاسر باشا.. تلاتة من حُراسنا على البوابة الورانية إتقتلوا…
إلتفت إليه جاسر بـ نظرة نارية كادت أن تُرديه قتيلًا إلا أن صوته خرج جامدًا كـ الصخر
-إتقتلوا إزاي!
-أجاب الحارس بـ توتر:مش دي المُشكلة يا جاسر باشا…
صمت غير قادر على إكمال حديثه فـ إشتعلت عيني جاسر بـ غضب ليقبض على تلابيب الحارس وهدر بـ صوتٍ جهوري جعل العاملين بـ المشفى يتنفضوا خوفًا
-أومال إيه المُشكلة إنطق!
-ردد الآخر بـ خوف وتوتر :جُلنار هانم إختفت…
إستغرق الأمر منه ثوان قبل أن يشتعل عسل عيناه بـ جحيم يستعر نيران سوداء.. لم يشعر الحارس إلا والصفات تنهال عليه بـ قسوة وجاسر يجأر بـ صوتهِ القوي الذي إهتزت له حوائط المشفى
-يا بهايم.. بنتي تتخطف من قدام عنيكوا.. دا أنا هوريكوا جهنم على الأرض…
خرجت روجيدا و جويرية مرعوبتين لصوت جاسر الذي إتتشر صداه عبر أروقة المبنى لتتجه روجيدا إليه ثم سألته بـ إهتزاز وهي ترمق الحارس بـ نظراتٍ مُرتعبة
-في إيه يا جاسر؟.. وفين جُلنار بنتي…
ضغط جاسر على جفنيهِ ثم إستدار إلى روجيدا وأردف بـ صوتٍ جاهد أن يخرج مُتزن، هادئ ولكنه فشل فـ خرج قاتم، مُتحشرج
-مفيش حاجة يا روجيدا.. خدي جويرية وخشي لچيلان…
ولكن روجيدا لم تستمع وإقترب تقبض على تلابيبهِ صارخة بـ ذُعر غلف حدقتيها المُهتزتين
-بنتي فين يا جاسر؟.. جُلنار فين!!...
قيد جاسر يديها ثم أبعدهم عنه وقال بـ قوة ناظرً بـ عينيها الباكيتين
-إهدي يا روجيدا جُلنار كويسة…
هزت رأسها نافية لينظر إلى جويرية المُنكمشة على نفسها باكية بـ رُعب ظهر بـ إرتجاف جسدها وهي تنظر إليه بـ عينين واسعتين بـ رهبة ليزفر بـ غضب ثم قال وهو يعود بـ نظرهِ إلى روجيدا
-روجيدا أمسكِ نفسك شوية عشان الولاد.. جواد مش لازم يعرف حاجة لا هو ولا چيلان
-همست بـ نشيج باكي:بنتي يا جاسر
-ضمها إلى صدرهِ ثم همس بـ فحيح:هرجعها يا روجيدا.. هرجعها زي ما رجعتها قبل كدا حتى لو كان آخر حاجة هعملها فـ حياتي…
قَبّل جبينها ثم أبعدها مُحاوطًا وجهها وهتف بـ رجاء
-دلوقتي تروحي تهدي جويرية ومتخليش حد يحس بحاجة.. جُلنار هتبات فـ حُضنك النهاردة يا حبيبتي.. خليكِ واثقة فـ كدا…
إبتعد عنها قليلًا قبل أن يسمع صوتها من خلفهِ يقول بـ رجاء مُتوسل
-إرجعلي أنت وبنتي يا جاسر.. مش عاوزة أخسر حد فيكوا.. مش هستحمل…
إستدار إليها ليبتسم ثم عاد إلى السير بـ خُطىٍ أشبه بـ الركض ومن خلفهِ حرسه يبتعونه صاغرين
صعد جاسر الصياد سيارته دون حديث فـ ملامحهِ تحكي الكثير مما قد يرتكبه إذا خرج عن صمته.. ولكن صمته أكثر رُعبًا من حديثه فـ شخصية كـ جاسر تُسيره غضبه وإنفعالاته يكون صمته مُخبئًا خلفه جحيم يحرق الأخضر واليابس.. بل العالم أجمع
صدح صوت هاتفه ف أخرجه وأجاب دون أن ينظر إلى المُتصل وقبل أن يتحدث كان صوت صُهيب يصدح صارخًا
-بدل أما تضيع وقت تعالى على العنوان دا عشان نلحق جُلنار…
وأملاه إحداثيات المكان وقبل أن يُكمل حديثه كان جاسر قد أغلق الهاتف ثم أمر سائقه كي يذهب إلى المكان الذي أخبره إياه صُهيب توًا
*************************************
ضرب صُهيب على المقوّد بـ غضب عدة مرات ثم قذف هاتفه جواره.. بعدها رفع يده ليُحدق بـ قلادتها الذهبية، الرقيقة كما هي تمامًا
كانت على هيئة ألماسة صغيرة يتدلى منها اسمها بـ زخارف عربية رائعة وقد أيقن أنها هدية من والدها.. عاد يقبض عليها ثم قَبّلها بـ قوة وأقسم قائلًا
-هرجع صاحبتك.. هرجعها ليا قبل أما أرجعها لأبوها…
زاد من سُرعتهِ حتى وصل إلى سيارةٍ ما مصفوفة بـ إهمال على قارعة الطريق فـ هبط من سيارته بعدما ضغط المكابح بـ قوة أصدرت صريرًا وركض إلى السيارة
وجدها خالية و زُجاج النافذة الخلفية مُحطم.. ضرب على سطح السيارة مُزمجرًا بـ غضب ثم تحرك إلى المقعد الأمامي
بحث بـ السيارة عله يجد ما يساعده على إيجادها ولكنه لم يجد سوى هاتفها.. أخذه معه ثم دار حول السيارة ولكنه توقف حينما لمح على الأرض الأسفلتية قطرات دماء
هوى قلبه وكأنه شعر بـ صفعة أردته أرضًا.. خوفًا أن يكون دماءها.. جثى على رُكبتهِ ولامس الدماء ليجدها لا تزال دافئة، لزجة.. وهذا يعني أن تلك الدماء حديثة ولم يمر على الإصابة وقتًا طويل
تتبع بـ بصرهِ مسار القطرات ليجدها تتجه جنوبًا في إتجاه مُعاكس لإتجاه قدومه.. كانت قطرتين أو ثلاث لا أكثر ولكنه إستطاع تحديد إتجاه صاحبها
لذلك نهض وركض بـ كل قوته يبحث كـ المجنون عنها وآثر الصمت دون أن يُناديه حتى إذا كانت مُختبئة لا يعثر عليها ذلك الحقير
كانت الصحراء مُمتدة على جانبي الطريق المُظلم عدا من إنارات خفيفة تُرشد السائقين ليلًا.. وأصوات عواء الذئاب هو كُل ما يكسر الصمت القاتل الذي كاد أن يُصيب أُذنيه بـ الطنين
*************************************
كانت تركض بـ لا هوادة حتى آلمتها ساقيها فـ إنحنت إلى الأمام تتكئ بـ يديها إلى رُكبتيها تلهث بـ تعب.. وحين حاولت الركض مُجددًا علها تجد من يُساعدها ولكن. ذراع إعتقلت خصرها فـ صرخت مُلوحة بـ يدها ولكنه أمسك يدها وهمس بـ فخيح
-مسكتك…
رفعها عن الأرض فـ أصبحت تركل الهواء عله يتركها ولكنه لم يفعل.. وحين يأست ضربت أنفه بـ رأسها فـ ترنح ساقطًا وكانت هي معه
نهضت تركض ولكنه أمسك ساقها فـ حاولت التملص إلا أنه جذبها فـ سقطت أرضًا ثم صرخ بـ حدة
-جُلناااار أسكتِ بقى.. صدقني مش هخليكِ تحسي بـ وجع
-هدرت جُلنار بـ جنون:أنت واحد مريض نفسي.. أنا بكرهك عارف يعني إيه بكرهك…
قالت كلمتها الأخيرة وهي تركل بـ ساقها يده حتى تركها.. فـ نهضت سريعًا تركض لاهثة وهو تبعها تنحرف ناحية الرمال نحو الظلام
سمعت صوته يهدر من خلفها فـ يُزيدها إصرارًا للهرب
-محدش هيمنعني عنك النهاردة.. سامعة!!...
كانت ضربات قلبها على الوشك الإنفجار من فرط سُرعتها.. تعثرت خطواتها فـ سمحت له بـ اللحاق بها ليُمسك يدها.. صرخت جُلنار بـ هلع وإستدارت تنوي ضربه بما بيدها إلا أنه توقع ذلك وأسمك يدها الأُخرى ثم أدارها فـ صرخت بـ ألم وسقط ما بـ يدها
وضع يده خلف ظهرها ثم قربها منه حتى إلتصقت به ليهمس وهو يقترب بـ رأسهِ منها حتى أصبحت أنفاسه الكريهة تلفح وجنتها فـ تزيدها نفورًا
-هتكونِ ملكِ.. ملكِ زي ما كان نفسنا زمان
صرخت وهي تُحاول التملص منه بـ حدة تأبى إظهار هلعها أمامه
-كُنت صُغيرة ومش فاهمة حاجة.. دلوقتي لأ بقيت بكرهك يا عبد الرحمن.. فاهم!.. بكرهك
-ضحك عاليًا وقال:بكرة ترجعي تحبيني تاني يا حبيبتي.. أصلًا مش محتاجك تحبيني.. كفاية إني أحبك…
إتسعت عيناها بـ ذهول مُضطرب.. لقد جُن تمامًا.. تسارعت أنفاسها ثم قالت لاهثة
-إبعد عني.. لو لسه بتحبني إبعد عني…
تحسس وجنتها فً أبعدت وجهها بـ نفور ثم قال وهو يضع أنفه على وجنتها بـ إنتشاء
-هُششش.. قولتلك مش هوجعك أبدًا…
حاولت الرجوع إلى الخلف ولكنه عركلها فـ سقطت وهو فوقها.. وبـ حركة خاطفة شق كنزتها فـ صرخت صرخة مذبوحة ومُقاومتها لم تهدأ أبدًا
قيد عبد الرحمن يدها فوق رأسها ومال إليها هامسُا بـ صوتهِ المُنفر
-متصعبيش الموضوع يا حبيبتي.. خليكِ هادية عشان منزعلش منك…
أدارت يدها في وضع مُتعاكس لتتملص من بين يديه ثم إلتطقت حفنة من الرمال ثم قذفتها بـ وجههِ ليتأوه واضعًا يده على عينيهِ.. ثم رفعت رُكبتيها حتى صدره ودفعته بكل قوتها ليتراجع إلى الخلف
جمعت جُلنار المُتبقي من قوتها المُتهاوية ثم نهضت تركض بـ تعثر.. كُلما تنهض تتعثر وتقسط.. حتى إستطاعت الركض بـ ترنح
كانت تنظر خلفها طوال الوقت وحينما إستدارت إصطدمت بـ صدرٍ قوي.. فـ صرخت بـ هلع ولكن صوت صُهيب طمأنها وهو يضمها إلى صدرهِ بـ تأوه وكأن روحه المسلوبة قد عادت
-جُلناااار!!.. إهدي أنا صُهيب
-همست مُلتاعة وهي تُعانقه بـ قوة:صُهيب!...
مسح على ظهرها يُهدئ من إرتجاف جسدها لدرجة تُثير الشفقة ثم أبعدها عنه ولكن أظلمت عيناه بـ غضب أشعل الجحيم وهمية رجل يُخفيها خلف مهنته المرموقة وهو يرى كنزتها مشقوقة ويظهر جسدها من أسفله
وقعت نظراته على ذلك الذي ينهض ويتقدم منهما بـ نظرات شيطانية فـ أبعدها صُهيب خلفه ثم نزع قميص و وضعه عليها ثم همس بـ إبتسامة
-خليكِ هنا
-أمسكت يده وقالت بـ رجاء:لأ متسبنيش
-متخافيش…
همسها بـ أمر ثم ترك يدها وإستدار حينها غابت الإبتسامة وعلا وجهه تعبير غامض ولكنه شرس، مُخيف، قاتل بـ درجة مُرعبة و دون مُقدمات كان قد إقترب من عبد الرحمن وهبطت على فكهِ لكمة أطرحته أرضًا
إنحنى صُهيب يجذبه من تلابيبهِ ثم دفع بـ رأسهِ إلى الخلف وعاد بها يضرب الذي أمامه بـ كل قوته.. ترنح عبد الرحمن ولكنه لم يفقد الوعي أو يسقط فـ قوة بنيته ساعدته على تدارك الوضع
قربه صُهيب منه وهمس بـ فحيح أفعى مُرعب يُذيب العظام من فرط الحرارة المُنبعثة منه
-إيدك الـ**** دي هقطعهالك.. عقابًا على لمسها
-ضحك عبد الرحمن ثم قال وهو بيثق الدماء:مهما عملت.. جُلنار ليا…
زمجر صُهيب بـ قسوة ثم مال يلكمه مرةً أُخرى ولكن هذه المرة كان عبد الرحمن مُتهيئ لها فـ أمسك قبضته وبـ يدهِ الأُخرى أخرج مديته وجرح صُهيب بـ فكهِ مرورًا بـ جزء بسيط من عنقهِ فـ إنبثقت الدماء
تأوه صُهيب بـ وحشية.. تأوه إمتزج بـ صرخة جُلنار التي خرجت بـ اسمهِ
-صُهيب!!!...
عاود عبد الرحمن الهجوم ولكن صُهيب تصدى له على الرغم من تشوش الرؤية أمامه إلا أنه إستطاع لكمه.. بينما الآخر أبدل المدية من يده اليُمنى إلى اليُسرى ثم وبحركةٍ مُباغتة طعنه بـ جانبهِ ثم أدارها داخل جسده
شهق صُهيب مُتألمًا ثم أبتعد خطوتين عن عبد الرحمن ولا تزال المدية مغروسة بـ جسدهِ.. نظر إليه لاهثًا ثم سقط على رُكبتيهِ
صرخت جُلنار وهي ترى تهاوي صُهيب أرضًا والماء تنبثق من جسده و وجهه.. وقبل أن يسقط كانت هي تجلس خلفه فـ تهاوى جسده على ساقيها
كانت تبكي بـ نشيج قوي وهي تنظر إليه وهو بلا حول أو قوة ينظر إليها بـ صمت بينما الآخر كان يقترب إلا أن جُلنار صرخت وهي تضم. جسده إلى صدرها
-إبعد أوعى تقرب أو تأذيه
-صرخ عبد الرحمن بـ المُقابل:أنتِ ليا أنا وبس.. أنتِ حقي أنا…
تصاعد من بعيد صوت طلقات نارية فـ إلتفت كُلًا من جُلنار وعبد الرحمن إلى إتجاه الذي صدر عنه الصوت ولم يحتج لأن يتهكن هوية القادم بل زمجر بـ هزيمة جعلت جسدها يرتجف ولكنه قال بـ وعيد
-هرجعلك تاني وساعتها محدش هيعرف ينقذك مني…
ثم ركض مُبتعدًا عنهما
بينما جُلنار عادت بـ نظرها إلى صُهيب الذي حدق بـ كنزتها المشقوقة والملوثة بـ الدماء ثم هتف بـ ضعف
-أذاكِ!.. دمك دا!!
-حركت رأسها نافية ثم قالت بـ نشيج باكي:لأ دا دمه هو.. ومأذنيش لأ…
أومأ بـ راحة ثم همس ما بين الصحوة والغفوة
-آسف إني كُنت سبب من ضمن الأسباب فـ أذيتك
-هتفت بـ تشنح:هُششش.. بابا هيجي دلوقتي وهتكون كويس…
أومأ بـ ضعف ولكنه أغمض عيناه بـ تعب لتتسع عيني جُلنار بـ هلع ثم صرخت بـ اسمه وهي تُحركه بـ يدها
-صُهيب!!.. صُهيب!!...
إلا أنه قد ذهب وعيه بعيدًا وها هو المشهد يُعاد بـ إختلاف التفاصيل والشخصيات ولكن تبقى النتيجة واحدة