رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل السابع عشر
فكم مرة تستطيعين أن تولدي في منامي؟!
وكم مرة تستطيعي أن تقتليني لأصرخ!!
أحبيني إن إستطعتي…
طرقت جُلنار باب غُرفة شقيقها ثم دلفت بـ إبتسامتها الرائعة تُخفي خلفها ماحد حدث مُنذ ساعات فقدت بها حرفيًا روحها.. وحاولت قدر الإمكان إخفاء وجهها المكدوم بـ خُصلاتهِا لتُقول بعدها بـ مُداعبة
-جيمس بوند زمانه عامل إيه دلوقتي!
-إبتسم جواد ثم قال بـ عتاب رقيق:يا أهلًا بـ اللي ناسيني…
إقتربت منه جُلنار حتى وصلت إلى الفراش وجلست فوق حافتهِ ثم أمسكت كفه ليقبض جواد عليها وأردفت بـ خفوت مُبتسم
-وهو أنا أقدر أنساك برضو!.. أنا بس كُنت تعبت وكمان چيلان تعبانة من ساعة اللي حصل فـ أنا بفضل كتير معاها
-سألها:طب عيني فـ عينك كدا!...
إن كان جواد قد ورث شيئًا عن أبيهِ من صفاتهِ فـ لن يكون سوى جهاز كشف الكذب الخاص به.. و بـ كل سهولة و يُسر إكتشف كذبها فـ أخفصت جُلنار وجهها.. تُخفي إنفعالات وجهها ثم رفعته وقالت بـ هدوء كاذب
-مش مصدق أختك الكبيرة!
-رد عليها بـ بساطة:لما تكون أختي بتكدب…
رفع جواد يده السليمة وأبعد خُصلاتهِا ثم تساءل بـ خشونة مُفرطة لا تتلاءم مع حالتهِ المرضية
-مين اللي مدّ إيده عليكِ!...
إتساع عيناها لولهة أَكدَ له صدق سؤاله ليعود ويتساءل بـ خشونة أكبر وقد ظهر بريق الغضب بـ عسليتهِ
-مين اللي عمل كدا يا جُلنار!!...
أخذت جُلنار نفسًا عميق ثم قالت بـ هدوء نسبي تُحاول إمتصاص غضبه
-مفيش حاجة يا جواد صدقني.. مجرد سوء تفاهم
-شدد على قبضتها وقال بـ صرامة:سامعك…
كانت ملامحه الصارم تُنذرها بـ سوء إن لم تتحدث.. كله يُشبه جاسر.. تنهدت بـ قنوط وقالت
-هو أنت قلبت على بابتي كدا ليه!
-هدر بـ قوة:جُلناااار متحوريش…
أخفضت وجهها بـ يأس ثم قالت وهي تحك جبينها دون أن ترفع وجهها وتُواجه شقيقها
-بابا كان بيتخانق مع چيلان بسبب اللي حصل ولسه كان هيضربها وقفت أنا وإنضربت بدلها…
ساد الصمت لثوان جعلها ترفع رأسها وتنظر إلى جواد والذي ظهر من ملامحهِ أنه لا يُصدقها وإعترفت بـ غباء ما نطقت به عندما أردف هو بـ هدوء وكأنه يقر واقع بل أنه يقر واقع بـ الفعل
-أبوكِ عمره ما مدّ إيده علينا وإحنا صُغيرين هيعملها وإحنا كبار!.. حتى يوم غلطك الكبير أبوكِ مرفعش شماعة عليكِ.. جاية تقولي بسببي أنا كان هيضرب چيلان فـ جت فيكِ
-همست بـ تردد:جو….
أوقفها عن الحديث بـ حركوٍ من عينيهِ ثم قال بـ صوتٍ خفيض ولكنه أوصل الرسالة التي يُريد
-مش معنى إني فـ المُستشفى يبقى معرفش حاجة عن إخواتي.. ومش معنى إني أصغر منك يبقى أنتِ مسئولة عني لا يا جُلنار.. فـ أي وقت و فـ أي مكان وحتى أي عُمر.. أنا أخوكِ وسندك وضهرك.. واللي يفكر يأذي حد منكوا يبقى مش هشوف نور باقي عُمره…
إبتسمت وإنحنت إليه تُقبّل وجنته ثم قالت بـ شقاوة وهي تنظر إلى عينيهِ
-والله وكبرت يا اللي كُنت بتجري تستخبى فـ حُضني لما كُنت بتتفرج على فيلم التعويذة…
إلا أنه لم يستجب لحديثها بل نطق بـ صرامة وهو يزرع عينيه بـ خاصتها بـ قوة جعلت قواها هي تضُعف
-برضو معرفتش إيه اللي حصل!
-وأجابت هي بـ تصميم:وبرضو هقولك مفيش حاجة…
نظر إليها مُطولًا قبل أن تتحول ملامحه إلى أُخرى رُخامية ثم أردف بـ برود وهو يستدير بـ رأسهِ عنها
-تمام وأنا هعرف بـ طريقتي.. وساعتها محدش هيقدر يحوشك من تحت إيدي.. ويلا إطلعي عاوز أنام…
تنهدت جُلنار بـ تعب ثم نهضت دون حديث بعد أن دثرته جيدًا وقبل أن تخرج رمقته مُطولًا بـ أسى لتخرج بعدها مُغلفة الباب بـ خفة خلفها
************************************
دلف جاسر إلى الغُرفة التي تُقيم بها روجيدا فـ لم يجدها ليتجه بعدها إلى غُرفة جواد ليجدها نائمة فوق الأريكة و ابنه هو الآخر نائمًا بـ عُمق.. تنهد بـ تعب ثم تقدم وهو يضغط على منحدر أنفه عله يُخفف الصُداع الذي أصابه
ربت على ظهرها بـ خفة ثم أردف بـ همسٍ وهو يُقبل وجنتها
-روجيدا!.. قومي يا حبيبتي نامي فـ أوضتك…
تململت روجيدا بـ تعب ثم فتحت عيناها قائلة وهي تبتسم إليه فـ إبتسم
-لأ يا حبيبي أنا هفضل مع جواد الليلة دي…
جذبها جاسر لتنهض ثم قال بـ جزم وهو يدفعها إلى الخارج
-يلا أنتِ شكلك تعبان وهو زي القرد نايم قدامك أهو
-زفرت روجيدا بـ يأس وقالت:إفرص إحتاج حاجة؟
-أجابها بـ سُخرية :وهو أنا جالي كُساح!...
ضحكت روجيدا ثم إقتربت منه وعدلت ثيابه قائلة بـ إبتسامة رزينة
-يا حبيبي مش قصدي.. بس مش هتعرف تتعامل معاه لوحدك
-أمسك يدها وقال:أتعامل معاه!.. هو سيستم واقع يا روجيدا دا إبني.. روحي روحي نامي ربنا يكرمك…
لثم ظهر يدها ثم توجه إلى الأريكة وجلس عليها بعدما نزع عنه سُترته لتقترب منه روجيدا و وقفت أمامه ثم أردف وهي تضع يدها على وجنتهِ
-مالك يا جاسر؟.. شكلك بيقول فيه حاجة…
أمسك جاسر يدهِ ثم قَبّلها وقال بـ إبتسامتهِ العابثة
-وشكلي بيقول محتاج حاجة!
-ضربت كتفه وقالت بـ مُزاح:مش اللي فـ دماغك يا جاسر.. وإتلم إبنك معانا فـ الأوضة…
جذبها على حين غُرة لتجلس على ساقيهِ فـ شهقت بـ توتر قائلة وهي تُحاول النهوض
-جاسر!!.. جواد يصحى.. إوعى الله يكرمك عشان خاطري…
كان يُحدق بها بـ عبث ليلف يداه حول خصرها يمنعها النهوض ثم أردف
-إبنك نايم فـ العسل.. يعني نعبث براحتنا…
كادت أن ترد روجيدا ولكن صوت جواد سبقها وهو يقول بـ مُزاح عابث
-إعبثوا براحتكوا وأنا هعمل نفسي مش واخد بالي…
شهقت روجيدا بـ خجل لتعليق جواد لتهدر من بين أسنانها توبخ جاسر لذلك الوضع المُشين الذي وضعهما به
-شوفت بقى آخر قلة أدبك!
-أجاب جاسر بـ بساطة:زي الفل أهو
-أتاه صوت جواد وهو يغمزه بـ خُبث:ما هو لازم يكون زي الفُل وأنت متدلع كدا…
دفنت روجيدا وجهها بـ كتف زوجها تضرب رأسها به.. بينما جاسر أردف بـ إزدراء وهو ينظر إلى جواد بـ نظرة أكثر إزدراءًا
-مشوفتش فـ تربيتكوا اللي تفتح النفس والله
-ضحك جواد قائلًا:تربيتك يا معلم…
ربت جاسر على رأس روجيدا المُلقى على كتفهِ وأردف بـ يأس وهو ينظر إلى جواد
-اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكنِ أسألك اللُطف فيه…
إزدادت ضحكات جواد حتى تألم ليُكمل جاسر حديثه ولكن هذه المرة بـ. نبرةٍ مُحذرة
-لو مبطلتش ضحكك المِرئ دا هدخلك العمليات تاني.. وساعتها هخلي الدكاترة محتارين يعالجوا فيك إيه الأول…
وضع جواد يده على صدرهِ ثم قال مُتظاهرًا بـ الألم
-وأهون عليك يا بوس
-أومأ جاسر قائلًا بـ قوة:وتهون على أبويا طالما تربيتي منفعتش…
وجواد لا يجد ما يفعله سوى الضحك حتى قرر إغماض عينه ومعاودة النوم بينما همست روجيدا بـ تهكم
-وعايز تجيب الخامس!
-أجابها جاسر بـ تفكير:جايز دا اللي يطمر فيه التربية…
**************************************
صفّ حمزة السيارة أمام المنزل ثم أطفأ مُحركها ليردف وهو يستدير إلى الفتاتيتن الجالستين بـ الخلف
-ريتاچ!!.. جويرية!!.. إصحوا يلا وصلنا…
كانت جويرية أول من إستجابت لتفتح جفنيها بـ نُعاس قائلة بـ خفوت
-وصلنا أمتى!
-إبتسم حمزة وقال بـ لُطفٍ بالغ:لسه حالًا.. يلا عشان تطلعوا أوضكوا وتناموا…
نظرت جويرية إلى ريتاچ النائمة ثم قالت وهي تعود بـ رأسها إلى حمزة الذي. بـ دورهِ يُحدق بها بـ إهتمام وعطف لتلك الأحداث المروعة التي عايشتها الليلة
-طب وريتاچ!.. هي مش هتصحى طالما نامت
-وأجاب بـ هدوء وهو يومئ:عارف وعشان كدا هنزل أشيلها وأطلعها فوق
-بس كدا هيبقى تعب عليك…
حلّ حمزة حزام الأمان خاصته ثم قال وهو يفتح باب السيارة ويترجل منه
-يا ستي أختي ومن واجبي أدلعها…
همهمت جويرية بـ تنهيدة وهي تُتابع تقدمه من الباب الخلفي للسيارة
-يارتني كُنت أُختك…
ولسوء حظها أو من حُسنهِ لا تدري قد سمعها ليقول بـ عبث وهو يغمزها بـ عينهِ
-على فكرة أنتِ بتتمتعي بـ مزايا هي مش بتتمتع بيها…
تضرجت وجنتها بـ خجل وعضت على شِفاها السُفلى ثم قالت بـ خفوت ولكنه وصله
-بس مش منها إنك هتطلعي أوضتي…
خفوتها الخجِل قد وصله بـ وضوح وكيف لها وكُل حواسه جهاز إستشعار لكل حركة أو كلمة تصدر عنها.. فـ إبتسم ثم قال وهو يحمل ريتاچ بين ذراعيهِ المفتولتين
-لو عوزاني أطلعك أوضتك معنديش مانع بس إستحملي عواقب طلبك
-لتهتف هي بـ جزع:لأ لأ.. هنزل معاك بـ أدبي
-ضحك حمزة وقال:ما كان من الأول…
أخفضت رأسها بـ خجل ليتنهد هو لصعوبة وقسوة ما يوضع به.. اليوم سينام أسفل سقف واحد معها ولأول مرة.. ولكن لقسوة القدر لن يستطيع الإقتراب منها، إحتضانها،مواستها، والأكثر إيلامًا أنه لن يستطيع تقبيلها
تحرك وهي خلفه يشعر قُرب جسدها المؤلم لجسدهِ.. يدعو الله في سرهِ أن يُلهمه الصبر ولم يدري أنها خرجت كـ رجاء من بين شفتيهِ فـ وصل إليها
-يارب إلهمني الصبر والسلوان
-أتاه صوتها البرئ:ليه يا حمزة!.. هو فيه حاجة حصلت تاني؟!...
تأوه بـ صوتٍ مكتوم لبراءة صوتها السالبة لأنفاسهِ ثم هتف بـ صوتٍ أجش ونبرةٍ حارة
-هـ.. هـ هتحصل يا جويرية.. بس أنتِ قدمي المشيئة
-رفعت كتفيها وقالت بـ بساطة:يارب….
وكادت أن تُكمل ولكنه قاطعها وهو يقول بـ قوة
-متحصلش.. يارب متحصلش…
دق جرس البوابة الداخلية للمنزل ثم قال بـ أسى وهو ينظر إليها
-عشان لو حصل أبوكِ هيخلي إبليس بـ نفسه يترحم عليا…
فُتح الباب ليدلف منه وتبعته جويرية التي كانت تقطب جبينها بـ عدم إستيعاب.. المنزل كان فارغ من قاطنيه لتواجدهم بـ القُرب من المشفى لتقديم المُساعدة إذا تطلب الأمر
تحرك بهما حتى وصل إلى غُرفةِ شقيقتهِ ليوجه حديثه إلى جويرية
-إفتحي باب الأوضة
-تمتمت قائلة:حاضر…
تقدمت لأمر بـ جوارهِ فـ أغمضت عينيه وهو يستنشق عبيرها الآثم كاتمًا بـ داخلهِ حسرة وإحباط لتفتح جويرية الباب و وقفت أمامه تنتظر مروره فـ هتف هو بـ خشونة وصوتٍ أجش
-أوعي…
الماكرة تعلم ما يتخلج في نفسنِ لتبتسم بـ مراوغة ثم إبتعدت بـ بُطء فـ ضيق هو عيناه منها بـ حذر ودلف
وضع شقيقتهِ فوق الفراش ونزع عنها حذائها ثم دثرها ليقول وهو يتسدير إلى جويرية التي تقف مُتكئة إلى الباب
-دولاب ريتاچ عندك مليان هدوم.. غيري ونامي عشان هنروح بكرة ليهم بدري…
أومأت بـ إبتسامة ليبتسم هو الآخر ثم تقدم منها حتى وقف أمامها وقال بـ تنهيدة تحمل الكثير
-تصبحي على خير
-وردت هي بـ عذوبة:وأنت من أهل الخير يا رب…
ظل يُحدق بها مُطولًا يُشبع عيناه منها حتى لا تخونه عزيمته ويتلصص عليها في مُنتصف الليل يروي ظمأ ليل لن يهنى بـ نومٍ فيه مُطلقًا
وهي بـ المُقابل تُحدق به دون أن تحيد بـ عينيها عنه حتى تنحنح هو ثم ترجل خارج الغُرفة ولكن ما كاد أن يخطو خطوة حتى أحش بها تُمسك طرف قميصه وتشده إليها.. ليضع هو إصبعيه السبابة والإبهام على عينيه يُدلكهما بـ تعب ثم إستدار وهو يستغفر بـ صوتٍ عال
-إستغفر الله العظيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. اللهم أجعل كلامنا خفيف عليهم…
أبعد إصبعاه ثم نظر إليها فـ وجدها تبتسم ليقول بـ غيظ
-عاوزة إيه يا بت أنتِ.. إتقي شر مشاعري دلوقتي…
ضحكت بـ عذوبة ثم قالت وهي تضع قبضتيها خلف ظهرها وتمايلت إلى الأمام والخلف بـ نبرةٍ ساحرة لما تحمله من مشاعر
-بحبك…
تابعت إتساع عيناه تدريجيًا مع صوت تنفسهِ العال وإلتواء حلقه بـ صعوبة ماثلت إلتواء عضلة فكه فـ عضت على شِفاها السُفلى لتهورها فيما قالته
بينما هو بـ وادٍ آخر على الرغم من أنه يعلم أنها تعشقه ولكن تلك المرة الأولى التُصرح بـ مشاعرها تجاهه.. وكان هو شاكرًا مُمتنًا لها لأنه يعلم تمام العلم أنه لن يثق بـ رد فعلهِ ولن يتحكم به كما الآن تمامًا.. لذلك وقبل أن يفقد عقله همس بـ صوتٍ أجش، مُحذر بـ صرامة
-خُشي يا جويرية.. وخُشي وإقفلي الباب بـ المُفتاح وحُطي الكنبة وراه عشان أنا مش ضامن نفسي بعد اللي قولتيه…
ضحكت تلك الجنية الصغيرة ثم أغلقت الباب سريعًا وفعلت ما أمرهُ به تمامًا.. بينما حمزة قد إتكئ بـ رأسهِ إلى الباب وهمس بـ صوتٍ مُتعب
-يارب هوّن الليلة دي ومتطرش فيها رقاب…
**************************************
خرج صُهيب من المرحاض مُتكئًا إلى سُفيان الذي يسنده بـ كامل قوتهِ حتى أوصله إلى الفراش ليقول الأول بـ خفوت
-شكرًا يا سيدي.. نجاملك فـ الأفراح
-قطب سُفيان وتساءل:صُهيب!!.. أنت كويس!.. يعني أنت بشر زيينا وبتشكرني عادي.؟!...
رفع صُهيب ساقه ليُمددها فوق الفراش ثم قال وهو ينظر إلى سُفيان المشدوه
-والله مش عارف.. الدوا اللي باخده أكيد فيه حاجة
-عاونه سُفيان قائلًا:أنا برضو قولت كدا.. أصل دي يستحيل تكون طبيعتك
-سُبحانه مُغير الأحوال…
زفر صُهيب بـ نفاذ صبر لذلك الحديث العقيم ثم قال بـ تأوه
-تعالى إرفعلي رجلي التانية.. يخربيتك فرهدت…
ضحك سُفيان ثم تقدم منه يُعاونه إلا أن صوت كريه جعل كِلاهما يتسمر بـ ملامح رُخامية، مُتجهمة
-تحب أساعدك أنا!.. إيدي حنينة
-همس سُفيان بـ غيظ:ألمظ هانم وصلت…
إعتدل صُهيب بـ جلستهِ وظل يُحدق بها وهي تتقدم منه بـ خُطاها المعهودة في غنجها المُثير لغثيانهِ حتى وصلت إليه وجلست فوق طرف الفراش ثم لامست يده بـ أطراف أناملها فـ أزاح يده بعيد لتُكمل هي دون أن تأبه لما فعل
-حمد لله على السلامة.. زعلت أوي لما عرفت اللي حصلك…
توجه سُفيان ليجلس فوق الأريكة بـ آخر الغُرفة ثم قال وهو يعقد ذراعيهِ أمام صدرهِ
-متجيلناش فـ حاجة وحشة يا ست ألمظ…
نظرت إليه كاريمان بـ غضب ولكنها أجادت رسم قناع البرود وعادت تنظر إلى صُهيب ثم أردف بـ نبرةٍ ذات مغزى
-عمك فرحان منك عشان قدرت تخلي جاسر الصياد مادلية في مفاتيحك…
أرعدها تلك النظرة التي سحقها بها على الرغم من جمود ملامحهِ وصلابتها.. وحينما نطق خرجت نبرته كـ هسيس مُرعب
-لحد أعراض الناس والوساخة اللي أنتوا بتفكروا فيها يبقى تشيلون من دماغكوا.. بس من حساباتكم لأ…
إقترب منها بـ رأسهِ فـ عادت بـ خوفٍ حين أكمل بـ همسٍ قاتل
-لأني مش هرحمكوا…
حاولت إخفاء خوفها خلف نبرة صوتها العالية و جسدها المُتشنج
-إيه هو جاسر الصياد حطك فـ جيبوا ورضا عنك ولا إيه!
-هدر صُهيب بـ صوتٍ مُخيف:كلمة زيادة وهرقدك مكاني.. فوقي يا كاريمان وإعرفي أنتِ بتكلمي مين.. أنا صُهيب الهواري…
إنتفضت ناهضة بـ غضب وهي تصرخ مُشيرة إليه بـ سبابتها
-ولما أنت صُهيب الهواري واقف مع جاسر الصياد ليه!...
عقد صُهيب يديه أمام صدرهِ مُتجاهل الألم الذي أفتك به نتيجة إنفعال ثم هدر بـ جفاء
-ثم تعالي هنا.. مالك محموقة أوي كدا لعيلة أنتِ مش منها أصلًا!...
صمتت قليلًا أمام سؤاله المُفاجئ لتجفل ثم إستعادت ثباتها وقالت بـ هدوء
-عمك وعدني بـ فلوس كتير
-وكان رده باتر:كدابة...
صمتت أمام قوة نبرتهِ وتراجعت ليُكمل صُهيب بـ بديهية وهو يُقيمها جيدًا
-جاسر الصياد يقدر يديكِ ثروة أكبر من عمي لو إشتغلتي معاه و جبتيله سليمان على طبق من دهب.. مُشكلتك مش فلوس لأ أنتِ عاوزة تدمري جاسر الصياد نفسه…
فغرت شفتيها بـ ذهول لحديثه وإرتعش جسدها بـ قوة ولكنها قالت نافية بـ توتر وقد ظهر توترها في إختلاج حنجرتها بـ غِصة
-كل اللي بتقوله مش صح.. وعندك عمك إسأله
-أردفت بـ تأكيد:منا هسأله متقلقيش…
تماسكت كاريمان وإستعادت ذاتها القديمة دون أن تتأثر لما قاله أو أنه أوشك على إكتشاف ما تُخفيه ثم أردفت بـ مكر حية
-عمومًا مش هنختلف.. هات رقبة جُلنار الصياد فـ إيدك وإكسر قلب جاسر الصياد زي ما شردك أنت وأمك وأخواتك زمان يا عمري…
إلتقطت حقيقتها ثم سارت بـ هدوء إلى الخارج
بينما سُفيان يُتابع المشهد أمامه بـ صمت حتى إذا ما رحلت نهض هو ليتقدم من صُهيب ويُعاونه على الإستلقاء وتعديل وضعيته ثم تساءل بـ خُبث
-مرتاح كدا ولا لأ يا عمري!
-نظر إليه صُهيب شزرًا ثم قال بـ إزدراء:يا أخي ينقطع عُمرك…
جلس سُفيان أمامه ثم تساءل وهو يُحدق بـ صُهيب بـ تدقيق
-قصدك. إيه إن مُشكلتها مع جاسر الصياد نفسه!
-أجاب صُهيب شاردًا:مش عارف أنا قولت كدا من باب التهديد بس من حركات جسمها والصدمة اللي على وشها أكدتلي اللي هلفطت بيه من شوية
-طب هتعمل إيه؟
-رد صُهيب بـ تصميم:أخرج من هنا الأول وبعدين أبدأ أتحرك…
*************************************
دثرت جُلنار چيلان بـ الغطاء جيدًا ثم مالت تُقبلها وإتجهت بعدها إلى والدتها الجالسة مُتساءلة
-هي چيلان مش روحت مع جويرية وحمزة ليه!
-أجابت روجيدا:مش راضية يا ستي إلا لما جواد يطلع
-طيب…
حاطتها روجيدا بـ قوة ثم لثمت جبينها قائلة بـ لوعة
-الحمد لله إنه رجعك لينا بـ السلامة يا حبيبتي.. كُنت حاسة إن روحي راحت مني…
أراحت جُلنار رأسها على صدر والدتها ثم قالت مُبتسمة
-أنا بنت جاسر الصياد يا مامي.. يعني مش سهل حد يأذيني.. كمان صُهيب أنقذني ومخلاش الحيوان دا يلمسني
-الحمد لله يا حبيبتي.. الحمد لله.. طلع راجل وكُنت واثقة منه…
ظلتا هكذا حتى راحت روجيدا في ثُباتٍ عميق لتنهض. جُلنار بـ حذر ودثرت والدتها بـ وشاح خاص بها ثم سحبت هاتفها. إتجهت خارج الغُرفة
هاتفت صُهيب الذي أجاب بعد لحظات بسيطة وأتاها نبرته المازحة
-إزيك يا مراتي يا حبيبتي اللي أحرجتني قدام الدكتور!
-ضحكت وقالت:الله يسلمك يا جوزي المُزيف…
ضحك صُهيب ثم أردف وهو يتعدل بـ جلستهِ بعدما ألقى نظرة على سُفيان النائم بـ عُمق
-بس ليه الفضايح دي ها!.. أنا خُوفت على سُمعتك قدام الدكتور يعني
-ردت عليه بـ مرح:أصل أنا مش بيتبل فـ بوقي فولة على رأي بابي.. هو حتى كان بيقولي يا بنت المفضوح ومتسألنيش ليه…
وصلها صوت ضحكاته المُجلجلة فـ إبتسمت هي الأُخرى وإنتظرت رده حتى جاء بعد نوبة ضحك طويلة
-متقلقيش وصلني الرد من كام ساعة وعرفت ليه
-طب الحمد لله وفرت عليا شرح طويل…
ظلا يتبادل أطراف الحوار حتى سألته جُلنار فجأة حينما تذكرت
-هي مين الست اللي خرجت من أوضتك دي!...
لم يصلها رد سوى صوت أنفاسه الهادرة فـ عقدت حاجبها بـ. ريبة ولكنه تكلم بعد قليل بـ نبرةٍ مجوفة
-حد مش مهم
-هتفت جُلنار بـ المُقابل:مش مهم إزاي؟.. على فكرة باين عليها إنها ست مش كويسة
-قولتلك حد مش مهم يا جُلنار
-لتهتف هي بـ تصميم:وأنا من حقي أعرف…
ساد الصمت لعدة لحظات ظنت فيها أن الإتصال قد قُطع فـ أبعدت الهاتف تتأكد لتجد أنه لا يزال معها وحين كادت أن تُعيد عبارتها إلا أنه هتف بـ صوتٍ غريب
-من حقك!.. من حقك ليه؟…
تلعثمت بحديثهِ المُباغت ولم تعرف كيف تنطق.. لثاني مرة يضعها غباءها اليوم في مواقف لا تعرف كيف تخرج منها وحينما أعادت سؤاله هتفت هي بـ
-ها!!!!
-ضحك صُهيب وقال:ها ليه!.. من حقي أنا كمان أعرف أنه حقك تعرفي ليه!!...
ساد الصمت من ناحيتها فـ ظن أنه أحرجها ولكن الذي حدث لا يمكن تخيله
وعلى جانب جُلنار
حين أعاد حديثه لم تجد ما تقوله وحينما قررت التحلي بـ الشجاعة. إجابته.. إستدارت وهي تفتح فمها ولكنها عادت تغلقه بـ صدمة و خوف عندما وجدت جاسر خلفها يُحدق بها بـ نظرات جحيمية كادت أن تُذيبها حية فـ حبست أنفاسها رُعبًا من القادم
ولكن جاسر مدّ يده بـ هدوء دون حديث وسحب الهاتف عن أُذنها وأشار لها بـ الرحيل فـ أذعنت بـ قلبٍ وجل.. ليضع هو الهاتف على أُذنهِ ينتظر رد الآخر
زفر صُهيب عندما طال صمتها ليتساءل بـ صوتٍ مُتذمر
-روحتي فين يا بنت المفضوح ؟!...
أتاه صوت جاسر هادئ ولكن يحمل في طياته إعصار صيادي غير متوقع توابعه
-معاك المفضوح شخصيًا…
أيمكن أن يتجسد الموت على هيئة إنسان!
فـ جاسر الصياد قد فعلها وعن جدارة حينما أتاه صوت صُهيب مُتلعثم، متوتر بـ قلق حقيقي
-آسف النمرة غلط…
وأغلق بـ وجه جاسر الهاتف.. ليُلقي بعده الهاتف بعيدًا عنه هاتفًا بـ حسرة
-تُهمتين يا صُهيب بتشقط بنته وبتقفل الخط فـ وشه.. أنت لو بتفكر تنتحر كُنت دورت على وسيلة أسهل من جاسر الصياد…
***************************************
وعلى ذلك اليخت والمجون الذي يشتعل فوقه.. كان قلب يزن ينبض بـ جنون قلِقْ لتعابير وجه شهاب صديقه وذلك الجنون والشيطنة التي تعتلي ملامحه يكفي ليؤكد له أنه ينوي كارثة
بينما يزن يجلس بـ توتر يُدخن لُفافة تبغ بـ شراهه.. ولأول مرة لم يعبأ بـ الأجواء التي حوله ولم يندمج بها بل كان يبتعد لأقصى الحدود ويُراقب صديقه من بعيد
وعلى جانب شهاب
كان يرقص مع تلك ويُقبل تلك بـ أكثر الطُرق قذارة ولأول مرة بـ حياتهِ.. وتلك التي تُنزعهُ ثيابه تدعوه لإحتساء الشراب بـ كل أنواعه
صوت ضحكاته يشق عنان السماء ويتكلم بـ همهمة لا تفقه منها تلك الأجنبية شئ ولكنها تُسايره و تومئ بـ رأسها فـ ينقض عليها يُقبلها بـ جنون
وحين تجرأت أفعاله إلى أكثر عُنفًا صرخت الفتاة مُستغيثة بـ يزن صارخة بـ جزع
-يزن!.. ساعدني.. صديقك فقد السيطرة على أفعالهِ…
حين وصله صوت صرخات بعض الفتيات نهض وقد علم أن الوحش قد أفلت عن معقلهِ.. ثم ركض لمكان تواجد شهاب فـ إرتاع لما رآه
كان صديقه حرفيًا يعتدي على تلك الفتاة.. يشق كنزتها بـ قوة فـ لم تأخذه الصدمة سوى لثوان حتى أفاق وركض يُخلصها من بين يدي صديقهِ.. ثم صرخ بـ إنفعال قوي
-شهااااااااب!.. فوق أنت بتعمل إيه!!...
دفعه شهاب ورد بـ جنون صارخًا بـ ضحكات مُخيفة
-بتدرب…
لم يفهم ما قاله ولكنه لم يجد بدًا سوى ضربه حتى يبتعد ثم عاون الفتاة لتنهض بعيدًا ونظرًا لأنهم وسط البحر أردف بـ قلة حيلة
إذهبن إلى الغُرفة السُفلية وإغلقن الباب جيدًا
-تساءلت إحداهن:وماذا عنك!
-صرخ بـ غضب:لا وقت لذلك.. هيا إذهبن ولا تفتحن الباب إلا عندما تسمعن صوتي لا غير…
وقبل أن يُنفذن ما قال كانت لكمة شهاب تُطيح بـ يزن ليصرخن الفتيات بـ هلع فـ سقط أرضًا ليهدر صارخًا بـ غضب
-يا *** بتضربني أنا يا خريج السجون يا واطي!...
مسح يزن على كتفهِ ونهض ثم هدر بـ صوتٍ جهوري مُرعب
-شهاب أنت إتجننت؟!...
إندفع إليه شهاب يُمسكه من تلابيبه ثم دفعه إلى حاف اليخت صارخًا
-اااه إتجننت.. طالما طلعت *** وبتلف عليها من ورايا يبقى متزعلش من رد فعلي
-إتسعت عيني يزن بـ ذهول وتمتم:بلف عليها!.. بلف على مين؟…
عاجله شهاب بـ لكمة لم يستطع يزن تداركها ثم أكمل بـ فحيح
-لو عاوزها لفة قولي مش هبخل عليك.. إنما تلف وتدور من ورايا يبقى لأ يا حبيبي مش أنا اللي أتقرطس…
بصق يزن الدماء ثم دفعه بـ كل قوته بعيدًا عنه وهدر بـ عُنف
-أنت أكيد جرى لمُخك حاجة
-بالعكس يا كازانوڤا أنا فايق.. وفايق أوي…
أخرج مُسدس كان مُندس خاف قميصه الذي لم تنجح الفتاه في تجريده منه تمامًا فـ تراجع يزن بـ حذر ثم أردف شهاب بـ فحيح
-تنكر إنك قابلتها!...
ضم يزن شفتيه وكاد أن ينفي ما قاله ولكن. تردده قد أثبت صحة حديث شهاب الذي أردف بـ ضحكة مُخيفة
-شوفت بقى إنك واطي و *** ومكنش لازم أقف جنبك؟
-شهاب إعقل وبلاش جنان
-جأر شهاب بـ غلظة:الجنان دا هتشوفه لما آخد حقي منك ومنها يا ****...
ودون تردد أطلق شهاب الرصاصة وسط صرخاتهن فـ سقط يزن بـ الماء مُحدثًا ضجيج وسط السكون المُهيب إثر إندافعه لقوة الضربة