رواية عشقتها فغلبت قسوتي الجزء الخامس (نصال الهوى) الفصل الثامن عشر
القوة عند الضرورة
والحُب في جميع الأحوال…
حدق جاسر بـ الهاتف بـ عينين تُطلق لهيب مُشتعل ولكنه آثر الهدوء وإتجه إلى حيث إختفت إبنته.. تلك الفتاة التي لا يعلم كيف يكبح جماحها
دلف الغُرفة ليجدها تقف خلف زوجتهِ التي يظهر أنها إستيقظت توًا وقبل أن يتحدث بادرته روجيدا قائلة بـ رجاء
-إمسحها فيا يا جاسر المرادي عشان خاطري…
إتكئ إلى الباب خلفه وحدق بـ جُلنار التي ما أن إلتقت أعينهما حتى سارعت بـ إخفاءها خلف ظهر روجيدا ثم وجه حديثه الأخيرة هاتفًا بـ سُخرية
-هي ملوخية عشان أمسحها فيكِ…
ثم وجه بصره إلى جُلنار التي تنظر إليه بـ عينٍ حذرة وأردف بـ صرامة
-إطلعي من ورا أمك
-ردت نافية:لأ هتضربني
-تقدم ثم أردف بـ تهكم:هو لا شتيمة نافعة ولا ضرب نافع ولاتعذيب بيحوق فـ بصراحة مش عارف أدخلك من أي إتجاه
-أجابت بـ بساطة:بالحب
-أردف هو بـ دهشة مصحوبة بـ السُخرية:الله أكبر.. اللهم صلي على النبي…
أومأت مُؤكدة على حديثها بينما روجيدا تُحرك رأسها يائسة ثم قالت لجاسر وهي تتوسله بـ تعب
-جاسر عشان خاطري عديها المرادي
-هدر جاسر بـ قوة:أعدي إيه يا روجيدا.. بنتك مقرطاساني ومصاحبة ابن جابر…
خرجت من خلف والدتها ثم قالت بـ حنق وهي تضع يدها بـ خصرها
-على فكرة اسمه صُهيب
-بس يا بنت الـ***...
صاحب قوله قذفها بـ ما طالته يده فـ صرخت مُجفلة وإبتعدت لترتطم بـ صدر روجيدا التي إنحنت مُتأوهة فإقترب منها جاسر مُجفلًا وقال
-حصلك حاجة يا حبيبتي!
-حركت رأسها نافية ثم قالت بـ خفوت:لأ أنا كويسة ممكن تبطلوا خناق؟…
بينما كانت جُلنار تحتضنها من الجهه الأُخرى رفعت رأسها إلى والدها ثم قالت بـ حنق تُلقي اللوم عليه عسى أن ينسى فعلتها
-شوفت بقى اللي حصل دا بسببك…
لم تتوقع تلك الصفعة التي هبطت على ذراعها فـ صرخت بـ ألم بينما أردف جاسر بـ غضب
-أنتِ تخرسي خالص.. ولما أضربك بـ. حاجة تقفي عشان تيجي فيكِ.. مش فـ أمك الغلبانة
-ردت وهي تُدلك ذراعها بـ إستنكار:يا صلاة العيد!!...
بعدما تأكد أن روجيدا بـخير أبعدها ثم أمسك جُلنار على. حين غُرة فـ شهقت صارخة بـ أستنجاد
-مامي إلحقيني
-تحدث جاسر من بين أسنانهِ:تحلقك!.. يا معدومة التربية حد يكلم أبوه كدا لأ وما شاء الله بتبجح فـ وشي…
أيقنت جُلنار أنها بين براثن ذئب وأنها هالكة لا محالة لذلك قررت إنتهاج أسلوب ينجح دائمًا في الهروب
لذلك إرتفعت على أطراف أصابعها ثم قَبّلت وجنته هاتفة بـ أعين قطط بريئة جعلت جاسر يرفع حاجبه بـ ريبة
-يا بابتي إعتبرني عيلة وغلطت.. ثم إني كُنت بطمن عليه مش كل اللي حصل دا بسببي!
-ضغط. على ذراعيها وقال بـ هسيس مُرعب:بتطمني عليه وبيقولك يا بنت المفضوح! جبها منين دي!.. إيه مكشوف عنه الحجاب!!...
عضت شِفاها السُفلى تلعن غباءهما معًا ولكنها إبتلعت ريقها قائلة بـ تردد وإبتسامة بلهاء
-بُص هو مش بـ الظبط يعني.. وطالما مش مكشوف عنه الحجاب فـ مفيش غير حاجة واحدة
-إنك قولتيله
-حركت رأسها نافية وقالت:لأ شاطر وعرفها لوحده…
عند ذلك الحد لم يتحمل جاسر ليجأر بـ حدة أفزعتها جعلتها تبتلع ما كانت تنوي قوله
-جُلناااار!.. متسوقيش العوء عليا…
إرتفع صدرها وإنخفض بـ سُرعة كبيرة ولم تستطع الرد لتأتي روجيدا وتُخلصها من بين يديه ثم قالت وهي تضمها إلى صدرها
-جاسر خلاص أنا هتكلم معاها
-ولكنه لم يأبه وأكمل:قسمًا بالله يا جُلنار إما إتعدلتي لتشوفي مني وش تاني.. أنا فيا اللي مكفيني ومش عاوز أطلع جزء من اللي فيا عليكِ وساعتها هتكرهيني…
تملصت جُلنار من عناق والدتها ثم إتجهت إلى جاسر وعانقته بٓ قوة هامسة بـ حُزن ونبرةٍ أوشكت على البُكاء
-أنا آسفة يا بابتي…
لم يُبادلها جاسر العناق وبقى جامدًا ولكنه أردف بـ جمود ونبرةٍ صلبة
-آسفك كتر أوي
-شددت عناقه وهمست:بس أنت طيب وهتسامحني…
إبتسم جاسر بـ حنو ليُحيطها بـ يديهِ وشدد على عناقها ثم مال بـ فكهِ إلى قمة رأسها وتساءل بـ عتاب
-ليه عملتي كدا يا زهرة الرُمان!...
ما كان منها سوى أن تُجيب بـ كلمة واحدة جمدته وجمدتها أرضًا.. تلك الكلمة التي لم تجرؤ على الإعتراف بها أمام من ضحى بـ حياتهِ من أجلها وها هي تعترف أمام والدها
-بحبه…
*************************************
صمت عم المكان بعد سقوط يزن المدوي بـ الماء..الفتيات صامتات خوفًا من ذلك المعتوه والذي قتل صديقه دون أن يرف جفنه
وهو ظلت يده ممدودة أمامه وسلاحه بـ يدهِ حتى إرتسمت إبتسامة على وجههِ وقرب يده من فمه يمسح عليه مُطلقًا صوتًا مُستهجنًا ثم إستدار إليهن فـ إنكمشن بـ خوفٍ ليقول بـ سُخرية وثمالة
-أعتذر عن ذلك العرض الدامي.. ولكنه أغضبني حقًا
-أردفت الشقراء من بينهم:أنت مُختل…
إنكمشت تعابير وجهه بـ عتاب وحُزن مُصطنع ثم أردف بـ إبتسامة
-كلا.. كلا.. كلا يا عزيزتي.. أنتِ حقًا لا تُردين جعلي غاضبًا…
صمتت بـ يأس ليُشير إلى هاتف يزن ثم أردف بـ صرامة
-هيا أعطني هاتفه الخلوي…
إنحنت بـ حقد تلتقط هاتف يزن وتقدمت منه ثم أعطته إياه.. وما كادت أن تبتعد حتى أمسك كفها وجذبها ليواجها ظهرها صدره فـ صرخت بـ فزع.. همس هو بـ أُذنها بـ خُبث
-تستطيعين اللحاق به…
إتسعت عيناها بـ فزع حقيقي وهي تراه يتقدم من الحاجز المعدني ليُلقي بها إلى الماء وسط مقاومتها المُستميتة
إستدار إلى الفتيات الصارخات ثم هتف وهو يضع سبابته أمام فمه بـ إبتسامة
-أن لم تُردن نفس المصير.. أصمتن رجاءًا حتى نصل إلى اليابسة…
أومأن بـ خوف وقررن النزول إلى الأسفل والإختباء بـ الغُرفة.. بينما هو ظل يتفحص الهاتف ولكنه لم يستطع فتحه لوجود كلمة السر تمنعه من فتحه.. إبتسم بـ شر وقال
-وماله.. نُصبر شوية…
توجه إلى حيث تقبع الدفة ليُتحرك بـ اليخت إلى اليابسة وفي ذلك الحين دار بـ رأسهِ ذلك اللقاء مع تلك المرأة
"عودة إلى وقتٍ سابق"
عاد إلى منزله غاضبًا لتلك الإهانة التي تعرض لها ولكن لا بأس.. ها قد تحقق مُبتغاه.. حك فكه المكدوم لتلك الكلمة التي أصابته بـ قسوة وهو يتوعد.. يتوعد بـ أغلظ الإيمان أن عقاب جاسر الصياد سيُبكيه
وأمام باب منزلهِ إلتقى بها وهي تبتسم له فـ بادلها الإبتسامة وفتح باب الشقة ليدلفا
قدم لها مشروبًا باردًا وجلس أمامها ثم أردف بـ خمول
-عملت اللي إتقفنا عليه
-ردت هي بـ مكر:وجه وقت الإنتقام…
أومأ بـ إبتسامة موافقة لكنها قررت إشعال النيران بـ قولها
-تعرف إن صاحبك بيخونك!
-عقد حاجبيه بـ تفاجؤ وتساءل:إزاي يعني!...
لم تُكلف نفسها عناء الرد بل أخرجت مظروف أبيض يحتوي على صور ليزن و چيلان وهو يُمسك يدها فـ أشتعلت عيناه بـ. غضب ثم هدر بـ صوتٍ جهوري غاضب
-يابن الـ*****.. هقتله الـ*** هشرب من دمه رد السجون…
هدأته كاريمان وهي تنهض جالسة جواره قائلة بـ. خُبث بـ وضعها الزيت جوار النيران
-هتقتله بس فـ الوقت المُناسب.. متخليش غضبك يعميك زي أبوك…
تنفس شهاب بـ حدة لتمسح هي على خُصلاتهِ بـ نعومة ثم أردفت بـ فحيح خبيث
-إستغله.. إستغله وإقتله بعدها.. بس حاليًا إسمع كلامي…
نظر إليها بعينين سوداويتين لتتسع إبتسامتها وها هي قد وصلت إلى مُبتغاه.. الكُره اللامُتناهي
"عودة إلى الوقت الحالي"
إبتسم شهاب بـ غضب ثم نظر إلى الخلف قائلًا بـ حُزن مُصطنع بـ بُغض
-أنت اللي حفرت نهايتك يا يزن الحداد…
************************************
-إقفل الباب بـ المُفتاح يا سُفيان…
أردف بها صُهيب ما أن دلف سُفيان إلى الغُرفة ليعقد حاجبيه بـ تساؤل
-في إيه يا صُهيب!.. أنت عليك طار؟…
ولكن الآوان قد فات وهو يجد جاسر الصياد يفتح الباب ويدلف بـ هدوء غامض.. نظر إلى سُفيان وقال بـ هدوء مُخيف
-إطلع بره.. محتاج أتكلم أنا وهو على إنفراد…
تقدم جاسر من صُهيب القلِقْ بينما نظر إليه سُفيان من خلف كتف الأول بـ تساؤل فـ أشار له بـ الرحيل.. ليومئ بـ قلة حيلة ثم رحل.. وبقيا هما بـ مُفردهما
وقبل أن يتحدث كان جاسر قد سبقه وهو يردف بـ قوة
-والله لولا حالتك واللي عملته مع بنتي كُنت عملتك بوفتيك
-أومأ موافقًا:حقك…
إقتربت منه جاسر ثم سحبه من تلابيب ثياب المشفى وهدر بـ صوتٍ حاد
-أنت عاوز إيه من بنتي يا ابن جابر!...
تأوه صُهيب لألم جانبه ولكنه تحامل على نفسهِ ثم أردف بـ صوتٍ مُجهد، خافت
-صدقني مش ناوي شر…
دفعه جاسر بـ حدة ليضع صُهيب يده مكان الألم ثم أردف بـ جفاء
-يكون أحسنلك…
تنفس صُهيب بـ عُمق حتى هدأ الألم ثم قال بـ هدوء ناظرًا إلى جاسر الذي يُحدق به بـ دورهِ بـ قساوة
-هو أنت مش عاوز تثق فيا ليه؟!
-أجاب جاسر بـ حدة:مزاجي
-أومأ صُهيب قائلًا:أقنعتني…
نظر إليه جاسر بـ سُخرية دون حديث فـ أكمل صُهيب بـ جدية و قوة
-أتمنى متكنش أذيت جُلنار.. هي ملهاش ذنب…
زمجر جاسر بـ حدة مُرعبة.. ثم جأر بـ صوتٍ حاد كـ السيف وهو يكور قبضته على وشك الإعتداء على الآخر
-أنت عاوز تموت يالا!.. فهمني لو بتفكر تنهي حياتك قولي وهكون مبسوط وأنا بكسر عضمك…
ضحك صُهيب دون أن يلحظه جاسر حينما أخفض وجهه ثم عاد يرفعه قائلًا بـ إبتسامة رزينة لا تتناسب مع الموقف كله
-هقولك لو حبيت أموت متقلقش
-تشنج فك جاسر وهو يهدر:سُبحان مين صبرني عليك
-تنهد صُهيب وطلب بـ أدب:ممكن تقعد شوية بس نتفاهم!...
إقترب منه جاسر ثم دنى بـ وجههِ قريبًا منه وهمس بـ هسيس مُرعب
-إبعد عن بنتي لو عاوز تحافظ على اللي باقي من عُمرك…
لم يسمح له جاسر بـ الرد فـ إبتعد عنه وسحب قلادة إبنته ليهدر صُهيب بـ إعتراض يائس
-أنت قولت إني اللي هرجعها
-نظر إليه جاسر بـ إزدراء وقال:غيرت رأيي…
قالها ثم رحل صافقًا الباب خلفه ليتأفف صُهيب بـ قوة ليردف بـ حنق وهو يُغمض عيناه، رافعًا رأسه إلى أعلى
-لأ عارف أخليك صاحبي ولا عارف أخليك عدوي.. أعمل إيه!...
تفاجأ لصوت سُفيان وهو يقول بـ مرح بعدما دلف
-خير الأمور الوسط
-يا بني حِل عن سمايا بقى.. أنت عامل زي المطلقة اللي مورهاش غيري ليه!...
إصطنع سُفيان الإنكسار وهو يضع يده على قلبهِ وكأنه مطعون ثم قال بـ صوتٍ حزين
-مكنش العشم إني خايف عليك
-عشم مات محروق.. زيك قُريب كدا…
ثم ضم سُفيان يده و رفعها فوق رأسهِ ليُحركها في دوائر قائلًا بـ إبتسامة
-بعد الشر عليا.. إن شالله اللي يكرهني يارب.. أنا لسه صغير
-تأفف صُهيب :ولا ولا حِل عني يالا مش ناقصك
-تمتم سُفيان وهو يضع يده أسفل ذقنهِ:مش عارف أنا إيه اللي جابرني أستحمل الإهانة دي!!
-أتاه إجابة صُهيب المُتهكمة:معدوم الكرامة بعيد عنك…
نظر إليه سُفيان بـ إزدراء ثم قال بـ نبرةٍ عابثة
-هردلك الإهانة فـ وقتها بس أُصبر عليا.. أنا محترم حالتك المتدهوره دي
-ماشي يا شهم.. أبوك مش جاي ولا إيه!
-بكرة متخافش يا شقيق.. جايلك
-أومأ صُهيب قائلًا :عرفه إن لازم يدبرلي مُقابلة مع عمي
-إعتبره حصل…
أغمض صُهيب عيناه ليتجه تفكيره من فوره إليها.. تُرى هل تعرض إليها جاسر!.. هل هي بـخير؟.. هل تشتاق رؤيته كما هو الآن؟.. دارت هذه الأسئلة بـ عقلهِ وهو يتخيلها الآن أمامه تبتسم
فتح جفنيه ليرى سُفيان أمامه والذي قال بـ مكر
-دا أنت حالتك صعبة أوي
-أردف صُهيب بـ ضيق:أنت عاوز إيه يا سُفيان؟!...
إضجع سُفيان فوق المقعد و وضع ساق فوق أُخرى ثم قال بـ إبتسامة عابثة
-لو عاوز تشوفها قولي وأنا أجيبهالك
-قطب صُهيب جبينه وتساءل:أشوف مين وإزاي!...
أشار إلى العُلبة الموضوعة جواره بـ رأسهِ ثم قال بـ عبث
-صاحبة العلبة دي
-تهللت أسارير صُهيب وقال:لو عملتها هعاملك بـ إحترام أسبوع
-حك سُفيان ذقنه بـ تفكير وقال:عرض مُغري لا يُقاوم…
نهض ليتجه إلى الأريكة وتمدد عليها ثم قال وهو يغمزه بـ شقاوة
-إستناني بكرة وبعون الله التوفيق…
*************************************
إستيقظ على ربتات خفيفة و صوت طفولي يُهمهم بـ خوفٍ
-سيدي!.. هل أنت بخير!...
فتح يزن جفنيه الثقيلين ثم تأوه وهو ينهض ليُساعده الطفل قائلًا بـ إجهاج
-لأ تقلق صغيري أنا بخير.. ولكن من أنت وكيف جئتُ أنا إلى هُنا؟
-أشار الطفل خلفه وقال:اُدعى إد.. وتلك من أحضرتك…
نظر بـ إتجاه إشارة الطفل ليجج تلك الفتاة الشقراء تجلس أمام البحر تضع رأسها أعلى رُكبتيها وتنظر إلى الأُفق.. تنهد يزن ثم نظر إلى مكان إصابته فـ وجد أنها بـ الكتف الأيسر
تلمسها فـ خرج منه تأوه صغير قبل أن يقوم بـ شق قميصه الأبيض وتضميد الجرح حتى يتوقف النزيف ثم عاد بـ نظرهِ إلى الطفل وقال بـ جدية عكس إبتسامته اللطيفة
-حسنًا أيُها البطل.. أحتاج إلى هاتف لكي أُحادث صديقًا لي
-أومأ الطفل قائلًا وهو ينهض بـ حماس:بـ التأكيد.. سأجلب هاتف وأبي أيضًا…
بادله يزن الأيماءة ثم نهض بـ تأوه وإتجه إلى الفتاة وتساءل جالسًا
-إذًا هل قفزتي لإنقاذي…
رفعت الفتاة رأسها سريعًا ما أن سمعت صوت يزن لتزفر بـ راحة ثم إرتمت إلى كتفهِ السليم قائلة بـ سُخرية
-بل صديقك المُختل ألقى بي إلى الماء.. ثم صادفت جُثمانك فـ جذبتك معي إلى اليابسة…
حاوطها يزن لتقترب منه أكثر ثم هتف وهو يضحك بـ سُخرية مريرة
-جُثماني!!.. ظننتك أكثر ثقة بي لعدم موتي بـ هذه السهولة
-أجابت مُبررة:أثق بـ التأكيد ولكن ذلك الشخص كان على أتم الإستعداد لقتل الجميع…
رفعت رأسها إليه وتساءلت بـ جدية رغم حالتهم المزرية
-أخبرني هل أُعجبت بي لإنقاذ لك!
-ضحك يزن وقال:أنا مُعجب بك منذُ زمن عزيزتي.. ولكن ألن تسألي لما فعل هذا؟
-رفعت كتفها بـ بساطة قائلة:ليس من شأني.. إن أردت أجب وإن لم تُرد فلا تجب
-هذا أكثر راحة…
عادت تستند إلى كتفهِ ليضمها يزن إليه أكثر بينما عيناه ولأول مرة مُنذ عدة سنوات تسود بـ حقد لتلك الدرجة.. الآن ظهر ما كان يُخفيه شهاب خلف شخصيته تلك.. يعلم أنه يُعاني من مرضًا ما.. شهاب ليس مُتزن.. أفعاله، حقده تجاه الجميع يجعل منه شخصًا قد عانى الأمرين أو هي نشأته الفاسدة
إستدار لصوتٍ رخيم يأتي مُهرولًا وهو يتفحص حالة يزن
-أخبرني بُني أنك مُصاب وتحتاج إلى المُساعدة…
إبتعدت الفتاة لينهض يزن مُصافحًا الرُجل بـ إحترام ثم قال بـ هدوء ونبرة لا تنم عن شئ
-أجل.. أحتاج إلى هاتف
-ولكن يجب الذهاب إلى المشفى.. حالتك ليست جيدة…
إقترب منه الرجل وتفحص إصابته بـ تدقيق ثم قال بـ قلق
-لقد إخترقت الرصاصة كتفك.. يجب الذهاب إلى المشفى
-تنهد يزن وقال:تبدو من هيئتك أنك طبيب
-أجاب الآخر:أجل.. ولكني طبيب بيطري.. كما أنني أقضي إجازتي.. لذلك هيا بنا إلى المشفى.. رجاءًا…
حك يزن جبهته ثم إلتفت إلى الفتاة التي نظرت إليه رافعة كتفيها بـ معنى لا شأن لي ليتنهد قائلًا بـ هدوء وعناد
-سأُخبرك عن مكان تواجد صيدلية وجلب مُستلزمات ستحتاجها.. لن أذهب إلى المشفى.. هُنا أشخاص ستتأذى إن ذهبت.. ولا تقلق لن أورطك بـ أي مُشكلة
-تحدث الآخر بـ توتر:الأمر ليس كذلك.. أنا طبيب بيطري لن أستطيع مُعالجتك
-لأ تقلق ستُقطب الجرح وإنتهينا.. ثق بي…
نظر إليه الطبيب بـ قلة حيلة وتردد لعدة لحظات قبل أن يومئ فـ إبتسم يزن وأملاه مكان تواجد الصيدلية ثم تتبع الصغير إلى حيث يُقيما بـ منزل زُجاجي مُنعزل قليلًا بـ القُرب من الشاطئ
إستدار الطفل وقال بـ ضحكة صغيرة
-والدتي ستفقد وعيها ما أن تراك
-أهي بـ المنزل؟
-حرك رأسه نافيًا:كلا ولكن حين تأتي
-ربت يزن على خُصلاتهِ وقال:إذًا سنرحل قبل أن تأتي والدتك حتى لا نُزعجها…
أومأ الطفل ليدلف إلى المنزل تبعته الفتاة بينما ظل يزن واقفًا ينظر إلى البحر خلفه بـ نظراتٍ غامضة وتوعد دفين بـ الكثير
-لمَ تقف هُنا!.. هيا إلى الداخل…
إستدار إليها ثم أومأ موافقًا وتبعها إلى الداخل
************************************
في صباح اليوم التالي
تثاءبت بـ خمول وهي تسير بـ الممر حتى إصطدمت بـ والدها لتتسع عيناها بـ صدمة.. مُنذ إعترافها أمس أمامه وهو لم يتحدث معها بل نظر إليها بـ نظراتٍ مُبهمة ثم رحل دون حديث ولم تره لباقي اليوم
وهاهي تصطدم به وهو يُحدق بها بـ هدوء صيادي مُرعب قبل أن تتحدث بـ إهتزاز وإبتسامة مُتوترة
-صباح الخير يا بابتي…
أومأ جاسر دون حديث لتبتلع ريقها ثم نوت الرحيل حينما أوقفها سؤال والدها المُفاجئ
-أنتِ واثقة من اللي قولتيه إمبارح!...
إستدارت إليه بـ ملامح شاحبة قبل أن ترد بعد لحظات من السكون المُرعب بـ توتر ظهر في تشنج حلقها وتلعثم حديثها
-يعني.. آآ.. والله.. هو على حسب يعني…
كاد أن يتحدث ولكن قاطعه صوت أنثوي بغيض وهي تقول بـ لكنتها الأجنبية المُدللة
-أوووه.. سيد جاسر لم أُصدق ما أخبروني به.. حقًا أشعر بـ الأسف و الحُزن الشديد…
تفحص جاسر ثيابها المُبتذلة وغنجها الزائد عن الحد بـ تهكم واضح قبل أن يقول بـ إستهجان
-لأ واضح ما شاء الله
-تساءلت بـ عدم فهم:ماذا تقول!...
ترجم المُصاحب لها وعيناه تأكل جُلنار حية
-إنه يشكرك سيدتي
-ردت بـ إبتسامة واسعة:أووه حقًا لا داعي.. أُريد أن أرى الشبل الصغير.. أتمنى أن يكون على ما يُرام
-تمتمت جُلنار بـ سُخرية:متقلقيش لما يشوفك هيبقى زي الحُصان…
تأوهت عندما لكزها جاسر فـ نظرت إليه بـ حنق لتجده ينظر إليها بـ تحذير فـ صمتت
إتسعت عيني جُلنار وهي تجد تلك العروس الباربي تسحبه إلى غُرفةِ جواد قائلة بـ حماس
-هيا لنطمئن على جواد…
إرتفع حاجبي جُلنار بـ صدمة وهي ترى جاسر يسير معها بـ هدوء دون أن يُكلف نفسه عبء إبعاد يدها عنه.. لتُتمتم بـ دهشة
-دا إيه السهولة دي!.. وراح معاها من غير مُقاومة.. لأ أنا لازم أبلغ روجيدا هانم تاخد موقف.. جوزها بيضيع منها…
وحين إلتفتت أصطدمت بـ صدرٍ عريض لتشهق بـ تفاجؤ ثم تراجعت ليردف المُترجم بـ إبتسامة
-مكنش قصدي أخضك
-رفعت حاجبها الأنيق وقالت:ولما تقف ورايا لازق كدا.. يبقى غرضك إيه!
-رفع كتفيه بـ براءة وقال:نية بريئة لتعارف الجاد…
عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم أردفت بـ سُخرية
-عندك مواقع التعارف على النت.. إخترلك ثري عربي…
أتت لترحل فـ إعترض طريقها لتُحدق به بـ شراسة فـ أكمل بسرعة
-آسف بجد مكنش قصدي أضايقك
-تساءلت بـ هجومية:أنت عاوز إيه!
-أجاب بـ إبتسامة:ممكن نبدأ من الأول…
زفرت جُلنار بً ضيق ولكنها إبتسمت بـ مُجاملة وبدأ هو الحديث دون أن يأبه لعلامات الضجر التي ظهرت على وجهها ولكن سُرعان ما إختفت وتفاعلت معه بـ الحديث والإبتسامات وهذا زاد من حماسه ليسترسل بـ الحديث المُسهب عن أي شئ وكل شئ
وعلى الجانب الآخر
حينما شعر بـ الضجر قرر النهوض والسير قليلًا بـ الحديقة حتى إنه إستغل غياب سُفيان وخرج
ولكن ما كاد أن يخرج حتى إتسعت عيناه بـ شدة وهو يرى جُلنار تقف مع أحدهم وعلى ما يبدو تبتسم بـ روعة نظرًا لتلك الإبتسامة البلهاء المُرتمسة على وجه ذلك الأرعن الذي يُحادثها بـ أعين تكاد بل تلتهمها بـ وضوح أصابه بـ الغضب الأسود.. ليتكئ إلى الجدار خلفه ينتظر آخر ذلك الحديث وحينما نفذ صبره تقدم منهما دون أن يلحظه أحدهما و وقف بـ القُرب مُنهما دون صوت ليرى ما القادم
كان يُتابع حديثهم بـ أعين تتقد شررًا قادر على حرق كليهما حيًا ولكنها كانت أكثر حُمقًا من أن تفهم.. ولذلك و بـ دون مقدمات حينما وجد ذلك السمج يضع كفه على كتفها لكمه بـ قوة أردته أرضًا ثم صاح بـ غضب وصوتٍ جهوري مُفزع
-متقربش منها بروح أُمك…
تراجعت جُلنار وهي تشهق بـ فزع ثم حاولت تهدئة ذلك الغاضب
-صُهيب!.. محصلش حاجة
-إستدار إليها وهدر بـ غضب:إخرسي أنتِ خالص دلوقتي…
تأففت بـ قوة وما فعلت ذلك إلا لتسترعي إنتباهه ولكن كُل تركيزه مُنصب على ذلك السمج والذي نهض ثم قال بـ حدة وهو يمسح أنفه النازف
-أنت مجنون!...
تقدم منه صُهيب على الرغم من تألمه ثم هدر بـ فحيح من بين أسنانهِ
-أه مجنون.. تحب تشوف جزء منه!
-ليصرخ الآخر بـ جنون:وأنت بتدخل بـ صفتك إيه!
-جأر صُهيب بـ قوة:خطيبها…
إتسعت عيني جُلنار بـ صدمة بينما صُهيب قد تحولت أنظاره إلى جاسر الذي خرج من غُرفةٍ ما بـ المشفى ونظر إليه بـ عيني تحول العسل بهما إلى نيران.. ليُحمحم ويقول
-مجازيًا يعني…
تقدم جاسر ثم سحب جُلنار من يدها وهدر بـ الشابين
-عالله أشوف لطخ منكم قُريب منها…
ثم نظر إلى جُلنار التي نفت بـ رأسها سريعًا تنفي التُهمة عنها قائلة بـ رُعب
-والله مليش دعوة.. دا هما مش أنا
-دفعها أمامه هادرًا:قدامي ياللي قاصفة عُمري.. قُدامي يا غلطة بتحاسب عليها لحد دلوقتي…
لا تعلم أهي لحظة غباء أم ماذا ولكنها إستدارت إلى صُهيب تبتسم له وتُشير لها بـ يدهِ فـ بادلها هو الآخر ولكنها إنتفضت مذعورة على صوت جاسر الجهوري والذي أفزع المُحيطين به
-جُلناااار.!!!!...
صرخت قبل أن تطالها يد والدها وهربت إلى داخل غُرفة جواد بينما إستدار جاسر إلى صُهيب الذي مَثَلَ التعب والإصابة بـ الدوار ليقول الأول بـ حدة
-دا أنت لو بتموت مش هينجدوك مني
-تراجع صُهيب قائلًا بـ قلق:إعقل يا جاسر باشا.. هتضيع نفسك عشان واحد زيي…
أشار جاسر بـ رأسهِ وملامحهِ نذير شر ثم أردف بـ صوتٍ كـ الفحيح
-غور من قُدامي
-زفر صُهيب قائلًا بـ حنق:طب متزقش…
إستدار صُهيب بـ ضيق ثم تمتم مع نفسه بـ إمتعاض
-طب ودي الواحد يوصلها إزاي وأبوها عامل زي عفريت العلبة.. كل ما نهرب من حتة يقولنا بخ…
**************************************
عند مُنتصف النهار
كان جاسر يجلس بـ مكتبهِ يُباشر أعماله المُتراكمة حتى قاطعه صوت طرقات تبعه صوت السكرتيرة تردف
-في حد طالب يقابل حضرتك برة…
نزع جاسر نظارته الطبية ثم نظر إليه وتساءل بـ جمود
-واحد مين!
-قالي إنك طالبه عشان معلومات عن حد…
إستنتج جاسر هوية القادم ليردف بـ صرامة وتحذير
-طب دخليه ومفيش حد يدخل علينا مهما كان الظرف غير لما أقولك…
أومأت بـ طاعة ثم خرجت ليدلف بعدها ذلك الشخص الذي صافح جاسر وقال له بـ إبتسامة واثقة
-جبتلك معلومات هتعجبك يا باشا
-الأول.. عملت إيه فـ اللي قولتلك عليه!
-أجابه بـ جدية:حصل.. ورجالتنا حاطين عنيهم على سليمان أربعة وعشرين ساعة
-حلو أوي.. والـ ****اللي معاه…
أخرج الشاب مظروف و فتحه ثم عاد ينظر إلى جاسر وقال بما لديه من معلومات
-مش مراته يا باشا.. كان متجوزها عُرفي.. بس طلقها لما دخل السجن عشان ميبقاش عليها شُبهة وهي بتنفذله مُخططاته
-تمام…
تشاعل جاسر بـ ملف أمامه ثم تساءل بـ جدية دون النظر إليه
-والظابط!!...
أغلق المُستند الخاص بـ كاريمان وفتح مُستند آخر لتظهر صورة شهاب.. قرأ قليلًا ثم قال وهو ينظر إلى جاسر الذي لم يرفع رأسهِ بعد
-المعلومات اللي عندي بتقول إن مفيش ظابط اسمه شهاب فـ المباحث العامة…